سبيل الحوريات (عمان)
سبيل الحوريات (أو النمفيوم) يقوم هذا البناء على جانب سيل عمّان في وسط العاصمة الأردنية. ويعود إلى الفترة الرومانية القرن الثاني الميلادي والبناء بشكل عام يعتبر بناءً جمالياً. ومن الأبنية الهامة والعامة في المدن الرومانية وتقوم دائرة الآثار الأردنية العامة باجراء التقنيات الآثرية في الموقع لاظهاره بالشكل اللائق.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
موقع سبيل الحوريات
يقع سبيل الحوريات في شارع قريش- وهو شارع سقف السيل، والذي أقيم فوق مجرى نهر عمان القديم، والسائر في هذا الشارع يستطيع ان يشاهد بقايا سبيل الحوريات، أو ما كان حماماً على قدر عظيم من الفخامة. يحتوي سبيل الحوريات في مدينة عمان على ثلاث حنايا، وضعت طاقات صغيرة نصف دائرية أيضاً، والتي رتبت في صفين يعلو أحدهما الآخر.
كانت الواجهة الداخلية لسبيل الحوريات مغطاة بألواح الرخام، بينما حوض السباحة كان واسعاً ويمتد على طول البناء وبعمق 26 قدماً، وفوق حوض السباحة أقيمت الحمامات والنوافير، والأعمدة التي تبلغ ارتفاعها عشرة أمتار. ولم يبق في هذا اليوم من سبيل الحوريات سوى برجان والآثار المتبقية بينهما.
بعد أن خبت نجم مدينة عمان قديماً، تحول سبيل الحوريات إلى خان ينزل فيه المسافرون وتأوي إليه دوابهم.
وبعد أن عادت الحياة إلى مدينة عمان، أخذ الناس يبنون المساكن بصورة عشوائية، حتى بدأت الأبنية تتداخل مع بعضها البعض في جوانب سبيل الحوريات.
الآثار المتبقية من سبيل الحوريات
في الزمن الغابر، كان مجرى السيل مسقوفاً بالقناطر، ولكن هذه القناطر أزيلت الواحدة تلو الآخر؛ وذلك خلال طفرة البناء السريعة التي شهدتها مدينة عمان منذ بداية القرن العشرين. وفي سنة 1881م، لم يتبق من سقف السيل الروماني سوى 100 متر، وكان عرضه سابقاً تسعة أمتار. ويعتبر سقف السيل الروماني من أعظم الأعمال التي قام بها المهندسون الرومان في المدينة. وكان هذا الأثر يغطي السيل من منبعه في رأس العين إلى أن يخر من أحيائها المأهولة قرب جسر رغدان الحالي.
في ذلك العهد الروماني، كان هناك أيضاً شارع مرصوف يخترق مدينة عمان، وكانت هناك ساحة تقبع أمام المدرج الروماني من جهة الشمال، وكانت محاطة بالأعمدة- وهي تشبه الساحة العامة في مدينة جرش. لم يتبق من أعمدة هذه الساحة العامة في مدينة عمان سوى ثمانية اعمدة، وترتفع كل واحدة منها ثمانية امتار، وتعلوها تيجان كورنيثية، وفوقها عتبات غنية جداً بالنقوش والزخارف، وقد كتب على إحداها بالأحرف اليونانية ما ترجمته: بُني هذا المدرج بأمر من السلطة الحاكمة ومن الأموال العامة، إكراماً للإمبراطور القيصر تبطس إيليوس هدريانوس أنطونيوس أغسطس، ولأهل بيته. ويمكن أن يُستنتج أن هذه العتبة التي تبلغ طولها متران وعرضها متر، كانت قد كتبت لتخليد ذكرى زيارة الإمبراطور هدريان إلى مدينة عمان سنة 130 ميلادية.
كان عرض شارع الأعمدة نحو ثمانية أمتار ونصف، وهو يمتد 800 متر تقريباً؛ وتبدأ من نقطة تقع على مسافة 100 متر جنوب غربي المسجد الحسيني- أي في شارع الملك طلال، وتنتهي عند النقطة التي تقع بالقرب من جسر رغدان في نفس المكان التي أقيمت فيها البوابة الشرقية.
وبما أن الساحة العامة كانت تحتل الساحة الواقعة من الناحية الشمالية للمدرج الروماني، فقد كان هناك مقابل الساحة الهامة درجاً عريضاً يتسلق سفح جبل القلعة حتى يصل إلى معبد هرقل. كان هذا الدرج يبدأ من بوابة تماثل البوابة الموجودة في جرش؛ وكان الرحالة الأجانب قد شاهدوا بقاياها سنة 1911م، وكانت تعتبر هذه البوابة آنذاك بفتحاتها الثلاث من أجمل عمائر مدينة فيلادلفيا.
بقايا أخرى لسبيل الحوريات
هناك بقايا أخرى لآثار سبيل الحوريات: وهي قاعة الموسيقى؛ أو المسرح المدرج الذي ما تزال بقاياه قابعاً في الجهة الشرقية للمدرج الروماني. وكانت هذه القاعة تستخدم كمسرح صغير لعرض المسرحيات الجديدة، وإقامة الحفلات الغنائية والموسيقية والقراءات الأدبية والشهرية التي تهم خواص الناس.
خلال الأعوام 1990- 1998م قامت دائرة الآثار الأردنية العامة بإزالة طبقات ضخمة من الركام والأتربة التي كانت تملأ قاعة هذا المدرج وجوانبه، فظهرت بمجهودهم جدران المسرح المقوسة الرائعة. وقد أعيد بناء العقود إلى جانبي المدرج وخلفه، كما تم تجديد بناء صفوف المدرج التسعة، والتي تتسع لما يقارب 500 متفرج. كما أعيد بناء المسرح الخشبي، وووضعت الأبواب الخشبية لمداخله، كما تم تبليط ركن جوقة الموسيقى بالرخام الأبيض، والمساحات إلى جانبي المسرح وخلفه.
عوامل التدهور
عوامل بشرية
تدهور هذا الموقع الأثري يعود إلى عوامل طبيعية (مثل الأمطار الحمضية، والتلوث، وما إلى ذلك). ولكن على الأكثر على أيدي السكان، بحيث أصبح لفترة طويلة ملاذ للمشردين وموقعا لرمي القمامة وقضاء الحاجة.
إننا نتساءل اليوم عن سبب هذا التدهور، هل هو بسبب جهل المواطن أو لعدم اكتراث المسؤولين؟.
وضع التدهور الحالي
- انتشار الشقوق لعدم ترميمها وصيانتها.
- انتشار الأوساخ والقمامة تحت الجدران
- اختفاء وفقدان العديد من العناصر المعمارية والأعمال الفنية بسبب الإهمال. ولعدم وجود حراس.
- عدم وجود تدابير صارمة ورادعة لأولئك الذين يسببون في تدهور الآثار.
- غياب سياسة تعليمية لرفع مستوى الوعي حول أهمية الآثار، وإشراك المنظمات غير الحكومية في رفع مستوى الوعي للتراث التاريخي والثقافي للمنطقة
اقتراحات للوقاية
- أولا : الجانب التربوي
- وضع أمام مدخل الموقع منشورات تدعو إلى حماية ورعاية الاثار.
- تنظيم جولات سياحية لعامة الناس للتعرف على تاريخ النصب التذكاري.
- إنشاء مكتبة تاريخية للثقافة, تضمن معرض للصور والوثائق التي توضح تسلسل التحولات الوظيفية والشكلية خلال الفترات الزمنية المختلفة
- تنظيم حملات تطوعية لتنظيف المواقع الأثرية من الاعشاب الضارة
- تنظيم رحلات سياحية للطلاب وتوجيهم بشأن الحاجة لرعاية المعالم.
- تشجيع الحرف والأنشطة (معارض للصور الفوتوغرافية، موسيقى، مؤتمرات) التي تساهم في الترويج للسياحة
- ثانيا، الإجراءات :
- حراسة الموقع الأثري وإصلاح السياج حوله.
- تقييم الموقع الأثري وإعداد الوثائق الفنية التي توضح حالة التردي والحلول المناسبة لها.
- إنشاء لجنة لحماية الموقع، الذي يضم متخصصين وهواة
- وضع تدابير وقائية ضد المسؤولين عن تدهور المواقع الأثرية.
- إنشاء مراكز جديدة للتدريب المتخصص الذي يهتم في ترميم وصيانة المواقع الأثرية
عوامل طبيعية
في هذا المعلم الأثري استخدمت الصخور الطبيعية والتي بمرور الوقت كانت هدفا للظواهر الطبيعية أو البشرية التي تسببت في الكثير من التغييرات السلبية.
العقود الأخيرة شهدت اقتراحات وأساليب مختلفة لتشخيص الضرر وللحفاظ على المعالم الأثرية. مثل تلك التي تم تطويرها من قبل 'المهندس الألماني برنارد فايتزنر (B. Fitzner)، التي تمثل إجراءات ودراسات موقعية لتجنب الأضرار التي تسببها عمليات التغيير. كمنهجية للتحقيق, هذة الاقتراحات تنص على تحليل ورسم خرائط للأشكال المختلفة من حالات التدهور.
المتغيرات التي تحدد عمليات التغيير والتدهور تتعلق بما يلي :
- خصائص النصب : الموقع، التوجه، التكوين، الاستخدام عبر التاريخ.
- المناخ : درجة الحرارة، الرطوبة، الاشعاع الشمسي، الرياح والأمطار.
- تلوث الهواء : الخواص الكيميائية والفيزيائية للهواء والأمطار والجزيئات في الغلاف الجوي.
- وجود النباتات والكائنات الحية : النوع والانتشار.
- خصائص المواد المستخدمة : الخصائص المعدنية، التكوينية والبنيوية.
فهم سببية ظاهرة التغيير والتدهور يساعد على تحديد الأنواع المختلفة من التدهور, التي تصنف على النحو التالي : التدهور المادي (physical degradation)، التدهور الكيميائي (chemical degradation) والتدهور البيولوجي (biological degradation)
التدهور المادي
أسباب التدهور المادي تاتي من ظواهر الإشعاع والتجميد والرياح. التأثيرات الناجمة عن وجود هذه العوامل هي ممثلة من وجود تبلور الأملاح (salt crystallization). من أهم أشكال التدهور المتعلقة بتبلور الأملاح، هي التجاويف (alveolization)، الإزهار، التآكل، الانهيار، التقشير، التفكك. ظاهرة التجاويف (alveolization): هي التدهور (degradation) الذي يحدث مع تشكيل تجاويف باحجام وشكال متغيرة. الحويصلات غالبا ما تكون مترابطة وموزعه بشكل غير منتظم.
التدهور الكيميائي
فيما يتعلق بالتدهور الكيميائي، فأسبابه تعود إلى الخصائص الكيميائية للأمطار والتلوث. الضرر الناتج عن الأمطار هو، أيضا، تبلور الأملاح، ويترتب على ذلك تشكيل نفس النوع من التدهور الفيزيائي الطبيعي. أما الضرر الناتج من جزيئات التلوث فهو تشكيل القشور، التكتلات, ورواسب سطحية وبقع.
التدهور البيولوجي
أخيرا، سبب التحلل البيولوجي هو وجود كائنات عضوية. من أهم أشكال الاضرار التي ترتبط بوجود هذة الكائنات، هي تكوين طبقة بيولوجية، التأليب (pitting)، القشور، والبقع، والشقوق من الجذور.
وصف لطريقة فايتزنر
المعالم الأثرية تمثل جزءا مهم من التراث الثقافي العالمي. إدراك أن الضرر في هذه الآثار هو في تزايد مستمر، إلى جانب الخطر في خسارة لا تعوض لهذة الاثار، أدى إلى بذل جهود كبيرة في جميع أنحاء العالم من أجل الحفاظ على المعالم الأثرية. الاستخدام المستمر للآثار، وسوء الصيانة أو الترميم غير الائق، والأنشطة الأخرى، ساهمت في إلحاق أضرار جسيمة في هذه المباني.
الأسلوب الذي اقترحه فايتزنر (Fitzner) هو مساهمة في تحسين المعرفة العلمية الحديثة في مجال تدهور المواد الحجرية، وتيسير فهم الخيارات الاقتصادية الممكنة وامناسبة من أجل الحفاظ على المعالم. وهو أسلوب يتم على ثلاث مراحل رئيسية متتالية (التاريخ، التشخيص والعلاج B. Fitzner، 2004):
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
التاريخ
هو معرفة تاريخي المعلم الأثري، من خلال البحث عن كل المعلومات السابقة أو الأخيرة عن ذلك المعلم. بوجه خاص، تعتمد على :
- تحديد موقع واسم ونوع المبنى
- الملكية والسلطات المسؤولة.
- الحجم والموقع الجغرافي للمبنى وخصائص نمو المناطق المحيطة به على مر الزمن ؛
- صورة تاريخية فنية للبناء، وتقنيات البناء، * التكوين المعماري، العناصر الفنية، نوع ومنشأ المواد المستخدمة في البناء، والأهمية التاريخية والثقافية والفنية ؛
- طبيعة الاستعمال بمرور الوقت، وتدخلات سابقة للحفاظ، كوارث طبيعية مثل الزلازل وما إلى ذلك.
- تاريخ الظروف البيئية بما في ذلك تلوث الهواء.
التشخيص
جميع المعلومات التاريخية التي حصل عليها في المرحلة الأولى، تستخدم في التشخيص، والذي هو الأساس في قرار عمل التدابير المناسبة للحفاظ. الهدف العام للتشخيص هو التوصيف الكمي، التفسير وتقدير الأضرار. النهج الاجرائي للتشخيص، يشمل أيضاً، الاختبارات المعملية والتحليلات في الموقع. الأهداف المحددة للتشخيص هي :
- مواد البناء وخصائصها : نوع وتوزيع المواد الحجرية، معالجة الحجر، والسمات العيانية, التركيب المعدني, التكوين
الكيميائي, الخصائص التكوينية والميكانيكية ؛ حالة تدهور المواد الحجرية : تغير المواد الحجرية، التفكك المادي والكيميائية، أمثال من نوع ألتشوه وشدته ؛
- العوامل والعمليات التي تؤثر على تدهور الصخور : العوامل الطبيعية أو الاصطناعية، والآثار المتزامنة من عدة عوامل
- تتالي التدهور : خصائص الصخور المتدهورة، متواليات ظواهر التدهور, معدلات وأنماط لتدهور والتكهن؛
- النسبة المئوية للضرر : مدى الضرر، وتوزيع الأضرار، التنبؤ بالمخاطر، والتدخل في حالات الضرورية.
التشخيص لا بد أن يأخذ بالاعتبار أيضا نطاق التدهور (تدهورمرئي وغير مرئي).
العلاج
وأخيرا، الخطوة الأخيرة التي اقترحها أسلوب فايتزنر هي العلاج. لأنها تمثل المرحلة التي يمكن فيها، وفقا للنتائج التي تم الحصول عليها من التشخيص، الشروع في سلسلة من الخطوات العلاجية للمبنى. التي يمكن أن تكون أعمال الصيانة ,إعادة التأهيل،، الترميم, التجديد, الاستبدال وإعادة الإعمار.