حكومة ائتلافية
الحكومة الإئتلافية أو الوزارة الإئتلافية هي وزارة في حكومة برلمانية تشترك فيها عدة أحزاب. السبب الشائع لهذا الإجراء هو أن أي من الأحزاب لم يحصل على أغلبية الأصوات في البرلمان. وفي اوقات الأزمات كحالات الحرب أوالازمات السياسية أو الإقتصادية الكبرى قد تقوم الاحزاب بتشكيل حكومة وحدة وطنية او حكومة تحالف كبير. والوزارة القائمة على أساس الإئتلاف الذي يضم أغلبية برلمانيه أكثر إستقراراً و أطول عمراً من وزارة الأقلية البرلمانية. ففي الوقت الذي تكون فيه الاولى معرضة للصراعات الداخلية فإن لديها أسباباً أقل من الأخيرة للقلق من مواجهة التصويت بحجب الثقة ولكن حكومة أغلبية الحزب الواحد تعد اكثر إستقراراً طالما ان بإمكانها المحافظة على أغلبيتها.
الحكومات الإئتلافية أكثر شيوعاً في البلدان التي يقوم فيها البرلمان على التمثيل النسبي لعدد من الاحزاب. ولا وجود لهذا النوع من الحكومة في البلدان التي يتم فيها إختيار الحكومة من قبل الرئيس عوضاً عن البرلمان (كما هي الحال عليه في الولايات المتحدة الامريكية). أما في الأنظمة شبه الرئاسية كما في فرنسا - حيث يقوم رئيس الجمهورية رسمياً بتعيين رئيس الوزراء ولكن يتعين على الحكومة برغم ذلك الحصول على ثقة البرلمان- فتظهر الحكومات الأئتلافية بشكل منتظم. ومن الدول التي لديها حكومات أئتلافية تشمل الدول الإسكندنافية وفي بلجيكا و هولندا و لوكسمبورك وألمانيا و إيطاليا و تركيا و إسرائيل. وقد حكمت سويسرا حكومة إئتلافية فضفاضة مؤلفة من أقوى أربعة أحزاب في البرلمان منذ عام 1959 وتسمى حكومتها بحكومة "الوصفة السحرية". ويتم في بعض الأحيان تشكيل الحكومات الإئتلافية في اوقات المصاعب الو الازمات التي تعصف بالبلد كما في أوقات الحرب وذلك لمنح الحكومة درجة أكبر من القبول و الشرعية وكذلك لتخفيف حدة النزاع السياسي الداخلي.
وللتعامل مع الحالات التي لا يتم فيها تحقيق أغلبية واضحة تقوم الأحزاب أما بتشكيل حكومة إئتلافية تدعمها أغلبية برلمانية أو بحكومة أقلية برلمانية قد تتألف من حزب واحد أو بضعة أحزاب. ففي ألمانيا على سبيل المثال تعتبر الحكومات الإئتلافية هي القاعدة لانه يندر ان يفوز أي من الأحزاب الثلاثة الرئيسية فيها (CDU/CSU/SPD) باغلبية مقاعد البرلمان. ولها فإنها تشكل حكومات إئتلافية على الأقل مع واحد من الاحزاب الصغيرة. لقد حكم حزب المستشار هلموت كول (CDU) للفترة من 1998 لغاية 2005 في حكومة إئتلافية شكلها مع حزب (FDP)، بينما شكل حزب المستشار كيرهار شرويدر (SPD) إئتلافاً مع حزب الخضر. وإذا ما إنهارت إئتلاف ما يجرؤى حينها تصويت بالثقة على الحكومة الإئتلافية.
لقد حدثت حالة كهذه في إسرائيل التي تنشط فيها دزينة من الأحزاب. ولهذا قام حزب يمين الوسط الليكود بتشكيل حكومة إئتلافية مع جماعات اليمين المتطرف بينما تحالف حزب العمل مع أحزاب أخرى يسارية وأكثر إعتدالاً. وفي كلا البلدين الإئتلافات الكبيرة بين الحزبين الرئيسيين تحدث هي الأخرى ولكن ذلك أمر نادر الحدوث لأن الأحزاب الكبرى تفضل المشاركة مع أحزاب أصغر. ولكن في حال تعذر على أي من الأحزاب الكبيرة الحصول على أغلبية كافية فقد تلجأ إلى خيار التحالف فيما بينها. وهو ما يحصل الآن في ألمانيا: ففي الإنتخابات المبكرة في أيلول عام 2005 لم يحصل حزبا (CDU/CSU) على أغلبية كافية تتيح لهم تشكيل تحالف مع حزب (FDP)، كما لم يتمكن إئتلاف (SPD) مع حزب الخضر من الفوز بأغلبية كافية لإستمرار حكومتهم الإئتلافية. وأدى ذلك إلى ظهور إئتلاف كبير بين (CDU/ CSU) و (SPD) ولكن شراكة كهذه عادة ما تتضمن تركيبة وزارية مشكلة بعناية. وإنتهى الأمر بتحالف (CDU/CSU) للفوز بمنصب المستشارية فيما حاز تحالف SPD على معظم وزارات الحكومة الإئتلافية.
ويمكن للحكومة الإئتلافية أن تتألف من أي عدد من الأحزاب. في ألمانيا نادراً ما يتألف إئتلاف من أكثر من حزبين (بما أن حزبي CDU و CSU لا يتنافسان ضد بعض و عادة ما يشكلان قائمة إنتخابية واحدة لذا يعتبران كحزب واحد)، أما في بلجيكا حيث توجد أحزاب سياسية للناطقين بالهولندية وأخرى للناطقين بالفرنسية فإن وجود إئتلافات تتكون من ستة أحزاب أمر شائع. والإئتلاف الحاكم في الهند (التحالف التقدمي الموحد) فيتألف من 14 عشر حزباً مختلفاً. أما فنلندا فقد شهدت أكثر الحكومات إستقراراً منذ الإستقلال في ظل تحالف مؤلف من خمسة أحزاب تأسس في سنوات التسعينات.
وفي أستراليا إتحد الحزبان الليببرالي المحافظ والوطني في إئتلاف دائم. وقد حظي هذا الإئتلاف بدرجة من الإستقرار (أقله على المستوى الفدرالي) والإستمرار حتى أصبح لأستراليا نظام سياسي مكون من حزبين رئيسيين. في بريطانيا لم تتشكل الحكومات الإئتلافية (وتسمى الحكومة الوطنية) منذ عام 1915 إلا في أوقات الأزمات الوطنية، وأبرزها تلك التي حكمت للفترة من 1931-1940. وفي الحالات الأخرى وحينما يعجز أي من الأحزاب عن الفوز بالأغلبية يكون أمر تشكيل حكومات أقلية برلمانية هو القاعدة. ومع ذلك فإن حكومة إقليم أسكوتلندة هي حكومة إئتلافية بين حزب العمال والحزب الديمقراطي الليبرالي السكوتلنديين، وذلك لأن حزب العمال لا يمتلك أغلبية في البرلمان الأسكتلندي.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مؤيدو ومعارضو فكرة الحكومة الإئتلافية
غالباً ما يتم تشكيل الحكومات الإتئلافية في البلدان التي يكون نظامها الغنتخابي يعتمد مبدأ التمثيل النسبي. يقول مؤيدو التمثيل النسبي بان الحكمومة الإئتلافية تقود إلى مزيد من التوافق في السياسة، أي أن الوزارة المؤلفة من عدة أحزاب (وغالباً ما تكون ذات آيديولوجيا مختلفة) يجب عليها أن تتوافق فيما يتعلق بسياسات الحكومة الإئتلافية. والحسنة الأخرى تتمثل في أن الحكومة الإئتلافية تعكس بشكل أفضل رأي القاعدة الإنتخابية في البلد.
أما من يعاضون فكرة الحكومة الإئتلافية فيعتقدون بأن حكومات كهذه تميل لأن تكون منقسمة على نفسها ومعرضة لعدم الإنسجام. وذلك لأن الإئتلافات إنما تتشكل من أحزاب مختلفة ذات توجهات مختلفة وقد لا تتفق دائماً على الطريق الصحيحة لإدارة سياسة الحكومة. وقد تكون نتائج الإنتخابات في بعض الأحيان ذات طبيعة تجعل من الإئتلافات المحتملة رياضياً غير ممكنة آيديولوجياً كما هي الحال في فلاندرز ببلجيكا أو أيرلندا الشمالية. والمشكلة الأخرى قد تمكن في قدرة الأحزاب الصغيرة في أن تكون "صانعةَ للملوك" وخاصة عندما تكون نتائج الأحزاب في الإنتخابات متقاربة وأن تحصل على دعم أكبر مما تشير إليه أصواتها.