حسن سعيد الكرمي
حسن سعيد الكرمي (1905 - 5 مايو 2007)، هو أديب وإعلامي فلسطيني أعطى الكثير في المجال الأدبي والإعلامي، فهو مذيع سابق في هيئة الإذاعة البريطانية، كما أنه أحد المهتمين باللغة العربية بل من الصواب أن نقول عنه أنه عشق اللغة العربية وكانت تحتل عنده مكانة متميزة وله الكثير من الجهود والدراسات، والمؤلفات في هذا المجال فقدم العديد من المعاجم والتي تزخر بكم هائل من المعلومات اللغوية، وتعد أرث ثقافي تركه لنا هذا المثقف العظيم.
من برامجه الشهيرة برنامج قول على قول وهو برنامج أدبي شعري عمل على تقديمه لمدة 30 عاما متصلة حيث حقق هذا البرنامج شهرة عالية بين أقطار الوطن العربي بما يتضمنه من مادة إعلامية وثقافية متميزة استفاد منها العديد من الأشخاص ولم يتمكن غيره من منافسته فيه.
يرجع لقب زيتونة فلسطين الذي تم إطلاقه عليه إلى شقيقه الشاعر عبد الكريم الكرمي "أبو سلمى".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
النشأة
ولد حسن الكرمي في مدينة طولكرم في فلسطين عام 1906م، ونشأ في بيت يذخر بالوطنية والفكر، والده هو الشيخ سعيد بن علي بن منصور، والذي كان عضوا في المجمع العلمي العربي ثم نائباً لرئيس المجمع، ثم رئيساً لمجلس المعارف، ثم قاضي القضاة في عمان، كما عرف بنضاله الوطني، والسياسي، قامت عائلته بلعب دوراً بارزاً في مجال الثقافة الفلسطينية فأنجبت هذه العائلة العديد من الشخصيات التي كان لها بالغ التأثير في نواحي الثقافة الفلسطينية ونذكر منهم الكاتب والأديب الكبير أحمد شاكر الكرمي، والشاعر، والمناضل عبد الكريم الكرمي الذي كان أحد شعراء المقاومة الفلسطينية.
شكلت عائلة الكرمي نهضة ثقافية عالية المستوى سواء من خلال الأب أو الأبناء فقامت هذه العائلة الثقافية الفلسطينية بتحقيق العديد من الإنجازات في مجال الأدب وتركت لنا إرث ضخم من الكتب والقصائد، والمعاجم وغيرها فنادراً أن نجد عائلة بأكملها تجتمع على هدف واحد بهذا الشكل المتكامل فأسسوا معا بنيان ضخم من الثقافة، والنضال.
التعليم
تلقى حسن تعليمه الابتدائي في طولكرم، ثم انتقل إلى دمشق بسوريا فتلقى تعليمه الثانوي حيث كان والده يعمل في مجمع اللغة العربية الدمشقي وشهد في هذا المكان العديد من الأحداث كما التقى بعدد من الطلاب الذين قاموا بقيادة الحركة الأدبية في سوريا مثل أنور العطار وزكي المحاسينى وغيرهم، التحق الكرمي بعد ذلك بالكلية الإنجليزية في القدس عام 1925م.
بعد أن انتهى الكرمي من دراسته عمل مدرساً للغة الإنجليزية، والرياضيات في مدينة الرملة ثم انتقل منها في عام 1934 ليدرس في الكلية العربية بالقدس، وفي عام 1938م تم إرساله في بعثة إلى بريطانيا، حيث تخصص في أصول التربية والتعليم وعلم الإحصاء التربوي بجامعة لندن، وفي عام 1945 تلقى الكرمي بعثة أخرى من المجلس البريطاني، في هذه الفترة عمل الكرمي على تدعيم ثقافته باللغة الإنجليزية فقام بالإطلاع على العديد من الكتب والمعاجم.
هيئة الإذاعة البريطانية
بعد عودة الكرمي إلى فلسطين انتقل إلى إدارة المعارف الفلسطينية بمنصب مساعد مفتش، وبعد ذلك عرض عليه مدير البنك العربي عبد الحميد شومان وظيفة للعمل بالبنك، وفي عام 1948 انتسب الكرمي للقسم العربي في هيئة الإذاعة البريطانية.
شغل الكرمي عدد من المهام في هيئة الإذاعة البريطانية فلقد كان القائم على إعداد سلسلة تعليم الإنجليزية بالإذاعة ، بالإضافة لعمله كمراقب للغة حيث كان يقوم بتسجيل الأخطاء التي يقع فيها المذيعين أثناء قراءتهم لنشرات الأخبار سواء كانت أخطاء لغوية أو أخطاء في الترجمة ، ليقوم بتوجيههم بعد ذلك وتصحيح أخطاء الترجمة قبل إذاعتها.
ومن خلال عمله في البي بي سي قام بالتنقل بين العديد من الدول العربية وذلك لتغطية الأحداث التي تجرى بها، وكان من خلال زياراته هذه يلتقي بالعديد من الشخصيات سواء سياسية أو دينية وعدد من الشخصيات القيادية وغيرها، كما تعرف على ثقافات وتقاليد جديدة، وعمل على البحث على مفردات لغوية جديدة والتعبيرات التي يستخدموها في اللغة العربية.
رجع بعد ذلك الكرمي إلى لندن حيث نقل العديد من الأحداث عن رحلته في إفريقيا، وبدأ في تقديم برنامج قول على قول هذا البرنامج الذي برع في تقديمه وكان يزخر بالعديد من المعلومات.
قول على قول
بدأت فكرة برنامج قول على قول عندما أراد الكرمي أن يقدم برنامج يوضح من خلاله معلومات عن اللغة العربية وأساليبها ومعانيها وذلك لكي يحقق استفادة لعدد كبير من الناس عامة وللطلاب خاصة، فكان البرنامج يعتمد على ذكر عدد من الأشعار والأقوال وذكر المناسبة التي صدر فيها هذا الشعر أو القول وذلك لأن ذكر المناسبة يساعد على فهم المعنى، وكان يشترط فيمن يقدم البرنامج إلمامه التام بالشعر العربي ودراسته المتعمقه به بالإضافة لامتلاكه لمكتبة شعرية شاملة تساعده على البحث والدراسة.
حقق برنامج قول على قول شهرة واسعة، كما عرف الكرمي من خلاله كموسوعة شعرية ملمة بكافة النواحي الشعرية فاستطاع أن ينال إعجاب الكثيرين في جميع أنحاء العالم العربي ، وحاول الكثيرين تقليد هذا البرنامج في عدد من الإذاعات ولكن لم يتمكنوا من ذلك، وهذا يرجع لعدم وجود من هو قادر على منافسة الكرمي في ثقافته الغزيرة وإلمامه الواسع بالشعر العربي ، ولم ينل الكرمي أعجاب العامة فقط ولكن حاز إعجاب العديد من الرؤساء والملوك كان من ضمنهم سمو الشيخ زايد بن سلطان الذي أرسل إلي الكرمي يسأله عن أحد أبيات الشعر والذي عثر عليه الكرمي وقام بإرساله له فكان أن أعطاه سمو الشيخ زايد هدية تقديراً لعلمه وثقافته.
استمر الكرمي في تقديم برنامجه الشهير حتى بعد تقاعده عن العمل في القسم العربي في هيئة الإذاعة البريطانية في أواخر الستينات، كما قام بعد ذلك بطبع كتابه قول على قول في ثلاثة عشر مجلداً وسعى الكرمي أن يجعل كتابه هذا يدرس في المدارس العربية ولكن باءت محاولاته بالفشل.[1]
اهتمامه باللغة العربية
اهتم الكرمي كثيرا باللغة العربية وسعى جاهداً من أجل تطويرها وتطوير المعاجم العربية سواء كانت المعاجم العربية الثنائية أو الأحادية، فقام باقتناء العديد من المعاجم منها العربية والإنجليزية والفرنسية، كما قام بفرز كل ترجمات القرآن الكريم باللغة الإنجليزي ، فمنذ عمل الكرمي بهيئة الإذاعة البريطانية وهو يولي اللغة العربية اهتمام كبير حيث كان ينتقد طريقة ترجمة الأخبار وأشار لعدم الدقة في ترجمة الأخبار وخاصة السياسية والاقتصادية منها.
في مشواره مع اللغة قام الكرمي بوضع سلسلة من المعاجم منها معجم المنار في عام 1970، المغني، المغني الكبير، المغني الأكبر وهو معجم إنجليزي عربي شهير، الهادي، سخر الكرمي جزء كبير من وقته من أجل إنجاز هذه المعاجم التي وضح فيها جهده واعتبر هذه المعاجم مشروعه الشخصي الذي عمل على إنجاحه في محاولة منه للحفاظ على اللغة وحمايتها وتطويرها وإضافة عدد من المفردات الجديدة عليها.
التكريم
نال الكرمي على مدار حياته التي امتدت فوق القرن من الزمان العديد من التكريمات والجوائز والتي كان أولها هو حب الناس وولعهم ببرنامجه الرائع "قول على قول".
وفي عام 1983 قام مجمع اللغة العربية الأردني بتعينه عضواً فخرياً فيه، وفي عام 1969 نال وساماً من الملكة إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا تقديراً لخدماته وإنجازاته في مجال العمل الإذاعي.
الوفاة
توفى الأديب والإذاعي الكبير حسن الكرمي بعد أن مكث في هذه الحياة قرن من الزمان، سخر معظم سنواته من أجل خدمة عشقه الأول وهي اللغة العربية فعمل على دراستها بل وتعليمها وتقديم المراجع الثرية فيها، هذا إلي جانب عمله كإذاعي متميز، توفى الكرمي عن عمر تجاوز المائة في مايو 2007 بالعاصمة الأردنية عمان، ولقد كتب حسن الكرمي مذكراته وتم نشرها في جريدة القدس العربي في عام 1990م.