حجيرة الغزلان
تل حجيرات الغزلان هو موقع أثري خلال العصر النحاسي يقع على بعد 4 كيلومترات شمال مدينة العقبة في الأردن. يمتلك تل حجيرات الغزلان وموقع تل المجاس المجاور في العقبة أدلة كثيرة على إنتاج وتجارة النحاس بشكل كبير في المنطقة[1]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الإنتاج والتصدير
تم العثور في الموقع على بوتقات الصب والقوالب والفؤوس والازاميل النحاسية وبقايا الخبث والنحاس الخام،يشهد هذا العدد الهائل للبوتقات والقوالب على أن المكان ليس مكان سكن عادي ، بل كان مركز إنتاجي سكني وكانت الحياة مركزة ومنصبة على انتاج سبائك النحاس والسلع المتقنة الصنع..
بالقرب من الموقع وفي العقبة ككل لا يتواجد النحاس الخام،والمصدر الأكيد للنحاس الخام غير محدد،ربما أتى النحاس من المناطق الأقرب التي يتواجد فيها نحاس الخام مثل تمنة أو خربة المنيعة أو وادي فينان..
هذه القوالب تعطينا دليل غير مباشر على اتصالات واسعة النطاق مع مصر (فترة ما قبل الأسرات)فقد عُثر في حضارة المعادي وبوتو في مصر على سبائك وقوالب تتطابق في حجمها وشكلها مع قوالب وسبائك حجيرة الغزلان، كما عُثر في الموقع على إناء من الحجر الليبي وأوعية فخارية أخرى تم استيرادها أو مقايضتها مع مناطق مصرية،كما تم العثور على قطعة مهمة عبارة عن جزء خلفي لدمية أنثوية فخارية تتشابه مع الطراز المصري في تلك الفترة.
تشير عملية معالجة النحاس والدراية اللازمة بذلك وتصميم الموقع إلى وجود تقسيم واضح للعمل وهياكل هرمية وظيفية لازمة لادارة المهام الادارية والهندسية للموقع.[2][3]
التصميم والبناء والزراعة والري
ان تطوير هذه المستوطنة أمر مثير للدهشة لأنه على عكس ما كان متوقعاً لاتظهر المستوطنة على أنها كانت قرية بسيطة،وتميز الموقع بوجود وحدات مكانية كبيرة بشكل مذهل وشبه ضخمة،لقد كان تصميم بعض المباني متعدد الغرف مع طابقين،بكلمات أخرى ،حجيرة الغزلان كانت مخططة ومصممة في مكان صغير ،كانت الغرف ذات أحجام مختلفة ولها مهام وظيفية مختلفة مرتبطة بواسطة شبكة معقدة من الممرات..
كانت المستوطنة محاطة بجدار تم تجديده أكثر من مرة،كان على السكان حماية أنفسهم من شيء غير معروف،كما عُثر في الموقع على رؤوس هراوات حجرية تُستخدم كسلاح هجومي دفاعي،مما يدل على إن المكان كان عرضة لأطماع مجاورة.
بحسب العظام التي عُثر عليها في الموقع كان السكان يأكلون الماعز والأغنام بشكل رئيسي والقليل من العظام تأتي من الحيوانات البرية الأخرى،كما كان السكان يعتمدون على الزراعة بشكل كبير فقد أعتمدت الزراعة على محاصيل الكتان والشعير والقمح، والعنب والعرعر ،كما عُثر في الموقع على جرار فخارية كانت تستعمل لأغراض منزلية وللتخزين وكان بداخلها حبوب قمح متفحمة ،مياه الأمطار الشحيحة وغير الموثوقة جعلت السكان يستخدموا المياه الجوفية لري محاصيلهم إضافة إلى التحكم في تدفق هذه المياه وتطوير نظام ري معقد مكون من قنوات حجرية وجدران حجرية تشكل ما يشبه السد المائي لتوجيه المياه إلى الحقول الزراعية..
في وقت مبكر من العصر الحجري تعرض الموقع للعديد من الزلازل،ومع ذلك استمر الناس في العيش والعمل في المستوطنة،لاحقاً تعرض المكان لزلزال أدى إلى هجر المكان نهائياً..
الدين والروحانيات
تم العثور على مبنى في غرب المستوطنة جدرانه طينية تتميز برسوم جدارية فريدة ومذهلة فقد صور على جدرانه وعل (بدن)وحيوانات مفترسة وطبعات الايدي وأشكال آدمية،تم تنفيذ هذا العمل عبر الرسم باليد في الطين الرطب وبشكل تجريدي،وهذا ييشير إلى وظيفة خاصة لهذا المبنى،يعني ذلك إن المكان قد يكون معبد ومكان ديني لسكان المستوطنة الصناعية،قرن الوعل الذي ظهر في الرسومات عُثر على نسخة طبق الأصل عنه بالقرب من المكان،ربما يكون جزء من منحوتة كبيرة كانت في المكان ،وهذا له إرتباط مباشر بزخارف الجدار..
في مبنى مجاور إلى الشرق وتحت الحواف السفلية للغرفة عُثر على وعاء مختوم يحتوي عدة آلالاف من اللآلئ وأصداف مزخرفة ،هذه المجموعة من أكثر الإكتشافات إثارة في المنطقة حتى الآن،بالقرب من الوعاء وبشكل غريب عُثر على عديد من الجماجم وقرون الوعول كما تم العثور في الموقع على مجموعة من قرون الغزلان والماعز والوعول وهي تتجاوز معنى تذكارات الصيد أو الإقتناء العادي،كان لها معنى رمزي وديني وربما شيء ما متعلق بالخصب قد لا نفهم كنهه.
في طبقات المستوطنة عُثر على عظام بشرية (عظام فك بشري) ،وهنا برز التساؤل التالي :هل هذه بقايا دفن أم عادة لعبادة الأسلاف مثلاً؟!
كان المكان على طرف مصر القديمة ،لكنه مع ذلك شارك في الابتكارات التكنولوجية الحاسمة التي كانت مهمة للتاريخ الثقافي لشرق المتوسط،كان هذا المكان رابطاً مهماً في سلسلة من العوامل المتشابكة التي ساهمت معاً في الصعود السريع للحضارة المصرية..