حادثة خليج تونكين

Coordinates: 19°42′N 106°46′E / 19.700°N 106.767°E / 19.700; 106.767
(تم التحويل من حادثة خليج تونكن)
حادثة خليج تونكين
Gulf of Tonkin Incident
Tonkingunboats.jpg
صورة إلتقطها يوإس‌إس مادوكس أثناء الحادث، تظهر زوارق الطوربيد الڤيتنامية الشمالية الثلاثة.
التاريخ2 أغسطس 1964 (1964-08-02)
الموقع19°42′N 106°46′E / 19.700°N 106.767°E / 19.700; 106.767
النتيجة قرار خليج تونكين، تصاعد حرب ڤيتنام
المتحاربون
 الولايات المتحدة  ڤيتنام الشمالية
القادة والزعماء
الولايات المتحدة جورج س. موريسون ڤيتنام الشمالية لي دوي خواي [1]
القوى
البحرية:
1 حاملة طائرات،
1 مدمرة
الجوية:
4 طائرات[2]
3 زوارق طوربيدية
الضحايا والخسائر
1 مدمرة أصيبت بأضرار طفيفة
1 طائرة أصيبت بأضرار طفيفة،[3]
1 زورق طوربيدي أصيب بأضرار بالغة
2 زوارق طوربيدية أصيبت بأضرار متوسطة،
4 قتيل،
6 مصاب[4]

حادثة خليج تونكين (ڤيتنامية: Sự kiện Vịnh Bắc Bộ)، وتعرف أيضاً بحادثة يوإس‌إس ماكودس، هو الاسم الذي أُطلق على مواجهتين منفصلتين بين ڤيتنام الشمالية والولايات المتحدة في مياه خليج تونكين. في 2 أغسطس 1964، المدمرة الأمريكية يوإس‌إس مادوكس، أثناء قيامها بدورية استطلاع إشارات كجزء من عمليات الديسوتو، اشتبكت مع ثلاث زوارق طوربيدية ڤيتنام ية شمالية من الفيلق الطوربيدي رقم 135.[1] أسفر الاشتباك عن وقوع معركة بحرية، أطلقت فيها مادوكس ما يزيد عن مائتي وثمانية قذيفة عيار 3 بوصة و5 بوصة، ووهاجمت المقاتلة النفاثة الأمريكية إف-28 كروسادر الزوارق الطوربيدية الثلاثة. أصيبت طائرة أمريكية بأضرار، وعانت الزوارق الطوربيدية الڤيتنامية الثلاثة من أضرار ثقيلة، وقُتل أربعة بحارة ڤيتناميين شماليين وأصيب ستة آخرين، في الوقت الذي لم يعاني فيه الجانب الأمريكي من أي خسائر.[5]

زعمت وكالة الأمن القومي أن حادثة خليج تونكين الثانية وقعت في 4 أغسطس 1864، كمعركة بحرية أخرى، لكن على ما يبدو أن من قام بها هم "أشباح تونكين"[6] (صور رادار كاذبة) وليست هجمات قوارب طوربيدية ڤيتنامية شمالية حقيقية.

نتيجة لتلك الحادثتين، مرر الكونگرس قرار خليج تونكين، والذي منح الرئيس ليندون جونسون تخويلاً، بدون اعلان حرب رسمي، لاستخدام القوة العسكرية "التقليدية'' في جنوب شرق آسيا. وتحديداً، فإن القرار يخوّل الرئيس أن يفعل كل ما هو ضروري لكي يساعد "أي دولة عضوة أو موقعة على پروتوكول حلف الدفاع الجماعي عن جنوب شرق آسيا". وقد تضمن ذلك القوات المسلحة.

في 2005، في دراسة تاريخية أفرجت عنها وكالة الأمن القومي الداخلي؛ والتي خلصت إلى أن[7] تلك المادوكس قد اشتبكت مع البحرية الڤيتنامية الشمالية في 2 أغسطس، لكن لم تكن هناك أي سفن بحرية ڤيتنامية شمالية متواجدة أثناء الحادث في 4 أغسطس. أعلن التقرير فيما يخص 2 أغسطس:

في 1500G، أمر الكاپتن هريك طاقم مدفعية اوگير بإطلاق النار إذا لم تلتزم الزوراق بمسافة عشرة آلاف ياردة. عند حوالي الساعة 1505G، أطلقت مادوكس مدفعيتها ثلاث مرات لتحذير الزوارق الشيوعية. لكن هذا التحرك الأولي لم تعلن عنه ادارة جونسون على الإطلاق، وأعلنت أن الزوارق الڤيتنامية هي التي بدأت بإطلاق النار.[7]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

خلفية

خطط يوضح تفسير البحرية الأمريكية لحادث خليج تونكين.


الحادث

زورق ڤيتنامية شمالي يتشبك مع يوإس‌إس مادوكس.

في 4 أغسطس 1964، أرسل مركز اتصالات المعركة في السفينة مادوكس البرقية التالية: "هناك زورق حربي ذات سرعة عالية يقترب منا ويبدو أنه على وشك إطلاق طوربيد، سنطلق النار إذا كانت هناك ضرورة لذلك". الأمريكان كانوا يدعون أن خليج تونكين هي مياه دولية أما الڤيتناميون فكانوا يعتبرونها مياه اقليمية،الكابتن هيربرت اوگير قائد السفينة وبينما أصبح الزورق على مسافة عشرة ألاف يارد أصدر أوامره لضابط المدفعية ريموند كونيل: "أطلب من كورسيت أن يبدأ بإطلاق النار".

نقل كونيل الأمر عن طريق الهاتف لريتشارد كورسيت، الكامن في الجناح الرئيسي للمدفعية الذي أصدر بدوره أمر إطلاق النار تجاه الزورق الحربي وكانت الإطلاقات الأولى تحذيرية لإرغام الزورق على التراجع ولكنه لم يتراجع، الأوامر التالية من اوگير كانت الاستمرار في إطلاق النيران. بعد يومين وقعت حادثة أخرى، عرفت في التاريخ العسكري بحادثة خليج تونكين، وأعلن الرئيس ليونيد جونسون بأنها لم تكن سوى هجمات غير استفزازية ضد دورية روتينية في المياه الدولية

الرد الأمريكي

في 7 أغسطس 1964 صدر قرار خليج تونكين، كقرار مشترك مرره الكونگرس الأمريكي، رداً على حادثة خليج تونكين.

الأهمية التاريخية للقرار تكمن في أن الكونگرس منح الرئيس الأمريكي ليندون جونسون تخويلاً، بدون اعلان حرب رسمي، لاستخدام القوة العسكرية "التقليدية'' في جنوب شرق آسيا. وتحديداً، فإن القرار يخوّل الرئيس أن يفعل كل ما هو ضروري لكي يساعد "أي دولة عضوة أو موقعة على پروتوكول حلف الدفاع الجماعي عن جنوب شرق آسيا". وقد تضمن ذلك القوات المسلحة.

في 7 أغسطس 1964، منح الكونگرس، بغرفتيه، تفويضاً عقب حادثة خليج تونكين يخوله التصرف

  1. . في جنوب شرق آسيا
  2. . دون إعلان حالة الحرب
  3. .ودون الرجوع إلي الكونجرس
  4. .ودون إستعمال أسلحة نووية
  5. . وقابل للتجديد

والغريب أن الكونگرس أصدر هذا القرار بالإجماع تقريباً فلم يرفضه سوى عضوين فقط من الحزب الديموقراطي، حزب الرئيس جونسون. وقد ظل هذا التفويض قائماً حتى سحب بعد ذلك بسبع سنوات في عهد الرئيس نيكسون عام 1971. وهكذا أصبح الوجود العسكرى الأمريكى فى جنوب ڤيتنام شرعيا وله غطاء من الكونگرس.[8]

العمليات العسكرية

جدير بالذكر أنه اتُّفِق، في أروقة الإدارة الأمريكية، على خطة جديدة، سُمِّيت خطة جونسون-مكنمارا، وأُعلنت في 17 مارس 1964؛ وتضمنت الإجراءات التالية:

  • تشكيل لجنة أمريكية، على مستوى وزاري، لإدارة الحرب. وتكون القيادة الأمريكية في سايجون تابعة للپنتاگون مباشرة، وليس لقيادة المحيط الهادي.
  • تشكيل لجنة مركزية أمريكية-ڤيتنامية مشتركة. ويتوزع المستشارون الأمريكيون في كلّ وحدة ڤيتنامية عسكرية.
  • جعْل وحدات الميليشيا القروية قوات نظامية، ليرتفع عدد الجيش من مائتَي ألْف إلى ثلاثمائة ألْف جندي، وإدماج قوات الحرس المدني والشباب المقاتل، ليصبح عددهم 250 ألْفاً.
  • دعم القوات المسلحة المحلية، لڤيتنام الجنوبية، بالتجهيزات العسكرية: الجوية والنهرية، والمتحركة. وزيادة مرتبات الجيش بنسبة 20 بالمائة.
  • زيادة عدد القرى الإستراتيجية، وتحويلها إلى قرى "الحياة الجديدة". ورصد مبالغ مالية، لِتأَلُّف المترددين، في المناطق المهدَّأة.
  • رفع معنويات الحكومة والجيش الجنوبي، بشن عمليات استفزاز وتخريب على فيتنام الشمالية.

ومن ثَم، تكونت قوة جوية في لاوس، قوامها قاذفات قنابل مقاتلة، T –28، تراوح بين 25 و40 طائرة لتنفيذ عمليات سِرية ضد فيتنام الشمالية. وكانت تُوْسَم برموز السلاح الجوي اللاوسي. أمّا باقي الطائرات، فكان يقودها طيارون من إير أمريكا Air America ، وهو خط جوي خاص، تديره الاستخبارات المركزية، وطيارون من تايلاند، بإشراف السفير ليونارد أنگر Leonard Unger.

بدأت، في فبراير 1964، سلسلة من العمليات الساحلية، في ڤيتنام الشمالية، في إطار برنامج الخطة 34 أ. فاستخدم الجنوبيون، من رجال الضفادع البشرية، والأطقم البحرية، زوارق الدوريات السريعة PTFs. وأشرف الخبراء الأمريكيون على تدريب رجال البحرية الجنوبيين، في ميناء دانانج. وحرصت القيادة الأمريكية، بدءاً من مايو 1964، على نشر الجزء الأكبر من الأسطول السابع الأمريكي، في سواحل فيتنام الجنوبية؛ لإظهار تصميم الولايات المتحدة الأمريكية علي حماية كل من فيتنام الجنوبية والحكومة اللاوسية الجديدة، الموالية لها، بزعامة سوفانا فوما. وخلال الأشهر الباقية من 1964، تمركزت ثلاث جماعات حاملات في منطقة عمليات، حملت اسم محطة يانكي Yankee Station، بين 16° شمالاً و110° شرقاً.

أمّا صور الغارات، التي تنفذها طائرات T- 28، على قوات فيتنام الشمالية، والباثيت لاو، في لاوس، فقد جمعتها طلعات الاستطلاع، التي نفذتها الطائرات النفاثة، التابعة للسلاح الجوي الأمريكي وللبحرية الأمريكية، من نوع Chance-Voyght RF-8A Crusader ، من حاملة الطائرات كيتي هوك Kitty Hawk. وقد اتخذت القوات البحرية، المشاركة في هذه العمليات، الاسم السِّري "فريق اليانكي Yankee Team".

وصعَّدت حكومة جونسون هذه العمليات الجوية، تدريجاً، في لاوس، خلال ربيع وصيف 1964، في شكل قصف مستمر للشمال؛ رداً على النجاحات البرية، التي حققها الفيتناميون الشماليون، والباثيت لاو؛ ورغبة من الحكومة في ممارسة ضغط عسكري أكبر على فيتنام الشمالية. ومع تزايد كثافة قصف طائرات T-28، زحفت قوات فيتنام الجنوبية، قريباً من حدود نظيرتها الشمالية. وتولت الطائرات النفاثة لفريق اليانكي الأمريكي عمليات الاستكشاف، من ارتفاع عالٍ، في بداية العام، ثم من ارتفاع منخفض، في مايو.

في أوائل مايو 1964، أبرقت واشنطن إلى فينتين وسايجون بضرورة إجراء عملية جمع معلومات استخباراتية محدودة، من دون دعم مباشر من واشنطن. سرعان ما جهزت القيادة العسكرية المساعدة الفيتنامية MACV خمس فرق دوريات تفتيش، كل منها من ثمانية رجال، من قبائل المونتانيار Montagnard الجنوبية، مع قادة من القوات الخاصة الفيتنامية VNSP. واختارت عدة مناطق للهبوط، إما بالمظلات، أو سيراً على الأقدام، أو من طائرات عمودية، بطول الطريق 9، في اللسان الصخري، عند التقاء منطقتَي مونج فين ـ تخبون. وأطلقت على المرحلة الأولى من الخطة اسم Leaping Lena، وتضمنت انزل جماعات مظلات مزودة بأجهزة اللاسلكي؛ تبقى في الأراضي المذكورة، تراقب نهاراً، وتتحرك ليلاً، وترسل ملاحظاتها، أولاً بأول عبر اللاسلكي، وبعد ثلاثين يوماً تعود بالطائرات العمودية. عقب ذلك، تبدأ المرحلة الثانية من عملية Leaping Lena؛ بهدف قطع خطوط الاتصالات والإمدادات للفيت منه والباثيت لاو.

جدير بالذكر أنه في السادس من يونيه 1964، وقع أول طيار أمريكي أسيراً، في أيدي الباثيت لاو، وهو الملازم تشارلز كلوسمان Charles F.klusman. الذي قصفت طائرته، فوق شرق لاوس، وظل في الأسر 86 يوماً، ثم نجح في الفرار. وفي اليوم التالي، أسقطت مدافع الباثيت لاو، طائرة أمريكية أخرى، من نوع F-8D، ونجا قائدها دويل لينّْ Doyle W. Lynn؛ عندما عثرت عليه بعثة تفتيش وإنقاذ، في اليوم التالي. وفي 9 يونيه، قصفت الطائرات الأمريكية منشآت في كسينج خوانج Xieng Khouang.

صعدت الحكومة الأمريكية، في منتصف يونيه، عملياتها الجوية، علناً، في لاوس. وفي أواخر يونيه، دُعم السلاح الجوي الملكي اللاوسي، سراً، بعدد من طائرات T-28. وبدأت الطائرات الأمريكية بالاستطلاع الليلي، ونقل الجنود؛ تمهيداً لهجوم مضادّ ناجح، يشنه جيش لاوس؛ ليحمي المراكز المهمة في مونج سوي.

وفي 24 يونيو، أنزلت الطائرات الجماعة الأولى، ثم أنزلت ثلاث جماعات أخرى، في اليوم التالي. ثم أنزلت الجماعة الخامسة، في 2 يوليه. وقد منيت العملية بالفشل الذريع؛ إذ فقدت جماعة كاملة، وانقطع كل اتصال بها. ووقعت جماعة ثانية في الأسر في قرية يسيطر عليها الفيت منه. وانقطع كل اتصال بالجماعات الثلاثة الأخرى، من 9 يوليه عقب ذلك، أضيفت نفاثات الحراسة إلى طلعات الاستكشاف. وبدأت قصف قوات الفيتناميين الشماليين، والباثيت لاو، ومنشآتهم.

كانت دوريات المدمرات في خليج تونكين، التي أطلق عليها الاسم السِّرِّي "دوريات ديسوتو Desoto Patrol"، هي العامل الثالث في الضغوط العسكرية السِّرية على فيتنام الشمالية. وبينما كان الهدف الأساسي من الدوريات نفسياً، في المقام الأول، استعراضاً للقوة، تولت المدمرات جمع المعلومات عن أجهزة رادار فيتنام الشمالية، ووسائل الدفاع الساحلي، لتقديم المساعدة لبرنامج 34 أ. واضطلعت المدمرة جون كريج John R. Craig (DD 885) بدورياتها، بطول الساحل، من 25 فبراير إلى 6 مارس 1964، أيّ في الأيام الأولى لعملية 34 أ> جدير بالذكر أنه قبل حادثة خليج تونكين، في أغسطس 1964، لم تكن هناك محاولة لإقحام المدمرات في هجمات تلك العملية، أو استخدام السفن طعماً لأعمال انتقامية ضد فيتنام الشمالية، وكانت الدوريات بإشراف قيادة بحْرية مستقلة.

ولم يكن ثمة ظن، أن الفيتناميين الشماليين، سيجرؤون على الهجوم على السفن. وبعد الضربات الجوية الانتقامية مباشرةً، تقدمت هيئة رؤساء الأركان، ومساعد وزير الخارجية، جون ماكنوتون John Mcnaughton، "بإستراتيجية استفزازية"؛ مقترحين تكرار الصدام؛ ذريعة لقصف الشمال.

في مايو: شنت قوات الفيت كونج هجمات على أهداف بحْرية، نجحت في: إغراق السفينة الأمريكية كارد Card (T-AKV 40)، (التي كانت قد وصلت إلى خليج سوبيك Subic، في أواخر يناير 1962، وعلى متنها سرية طائرات عمودية). وإصابة ثمانية أمريكان في ميناء سايجون، وابادة جماعة من القوات السايجونية.

أما في النصف الثاني من العام:

10-12 يوليو: شن الفيت كونج هجمات مضادة، في منطقة خون نوم، أسفرت عن سقوط ثلاثمائة جندي، بين قتيل وجريح؛ وتدمير طائرة حربية؛ وإغراق ثلاث سفن، وخمسة قوارب؛ وتدمير ناقلتَين.

ولم تكشف حكومة الرئيس ليندون جونسون عن تلك الهجمات السِّرية. ودفعت القرار المعَد سلفاً إلى الكونجرس، في 7 أغسطس 1964؛ وخلال 72 ساعة، أرسلت، سِراً، وعلى أساس خطة أُعدت سلفاً، مبعوثاً كندياً إلى هانوي؛ لتحذير رئيس الوزراء، فام فان دونج، بضرورة وقف حكومة فيتنام الشمالية أعمال العصيان، التي يقودها الشيوعيون، في فيتنام الجنوبية ولاوس، وإلا فعليهم أن "يتحملوا ما يترتب على ذلك من نتائج".

وكان الرئيس ليندون جونسون، خلال تلك الفترة، أكثر ميلاً إلى خطوات، تظل بعيدة عن التورط في القتال. غير أن الضعف في فيتنام الجنوبية، والمكاسب التي حققها الشيوعيون، دفعاه، بالضرورة، إلى مطالبة حكومة سايجون، والمسؤولين الأمريكيين في المدينة، بالمزيد من العمل.

13-18 أغسطس: شنت القوات الأمريكية ـ السايجونية عملية كبرى، تسمى بن سوك، في مثلث الصلب، شمال غرب سايجون، حيث أنزلت 14 كتيبة، باستخدام مائة طائرة عمودية. ومسحت المنطقة مسحاً كاملاً، ولم تعثر على فدائي واحد من الفيتكونج. ولمّا تراجعت، خرج الفدائيون من المكامن، وواصلوا عملياتهم.

14 أكتوبر: شنت أربع طائرات، من نوع ت-28، حكومية لاوسية، بقيادة الجنرال ثاو ما نفسه، هجوماً على مخازن عسكرية لقوات الباثيت لاو والفيت منه، على بعد ستة أميال جنوب محطة مو جيا Mu Gia، المتاخمة لحدود فيتنام الشمالية. تبعها هجوم ثان بثلاث طائرات أخرى، قصفت المنشآت داخل المحطة، ثم تبعه هجوم ثالث بأربع طائرات استكملت قصف المباني. ثم تتابعت الهجمات الجوية؛ حتى دمرت 95 بالمائة من تلك المنشآت.

14 أكتوبر- 2 نوفمبر: بدأ الجنرال بونپونه ماكثيفاراك Bounpone Makthepharak، قائد القوات العسكرية الملكية اللاوسيةForces Armées du Royaume (FAR)، في المنطقة العسكرية الثالثة بلاوس، تنفيذ عملية هجومية، أطلق عليها اسم السهم الظافر Victorious Arrow، ضد قوات الباثيت لاو والفيت منه، في المنطقة الآنفة. وكانت خطته الاستيلاء على كل من مونگ فينه Muong Phine وتخبون، متزامناً مع زحف قوات فيتنامية شمالية من الجنوب، غرباً إلى المنطقتين الآنفتين. وانتهت تلك العملية بالفشل؛ بسبب رفض الفريق الأول وليم وستمورلاند أي عمليات كماشة، مثل هذه، قبل أوائل 1965.

- نفذ الطيران الملكي اللاوسي RLAF عمليات قصف أهداف في شبكة هوشي منه Ho Chi Minh، ضمت مخازن إمدادات وإسناد، ومناطق عسكرية، ومنشآت، وجسوراً، بلغ عديدها 15 هدفاً،، واقعة في الممرات الرئيسية، لتسلل الفيت منه، في جنوب لاوس.

وسرعان ما استحث كل من وليم وستمورلاند والأدميرال أوليسيس جرانت شارب Ulysses S. Grant Sharp، ورؤساء الأركان، حكومتهم؛ لتوجيه ضربات جوية عنيفة إلى فيتنام الشمالية، متزامنة مع ضربات أخرى لأهداف مختارة، بالقرب من تخبون، وبان ثاي، وجسرين أساسيين، في جنوب لاوس. ولكن الرئيس جونسون رفض الاستجابة لذلك؛ قبل أن تستقر الأوضاع السياسية تماماً، في سايجون.

الأول من نوفمبر: شنت قوات الفيت كونج هجماتها على مطار بين هوا Bien Hoa، على بعد 12 ميلا شمال سايجون، وهو أهم المطارات الثلاثة في الجنوب. وعلى الرغم من القرى الإستراتيجية، والتحصينات المحيطة، نجحت الهجمات في تدمير 59 طائرة؛ وتدمير مخزنَي ذخيرة، ومخزن نفط؛ وإصابة 293 أمريكياً، بين قتيل وجريح.

8- 19 نوفمبر: أعادت القوات الأمريكية ـ السايجونية قصف مثلث الصلب، مستخدمة الآليات السريعة، ورشت الغابات بالقنابل الفوسفورية؛ لكنها لم تعثر على أحد. وعندما تهيأت للتراجع، خرج الفيتكونج من مكامنهم، واشتبكوا معها، في قتال شرس، يومَي 20 و21 نوفمبر، وكبدوها خسائر فادحة.

3 ديسمبر: معركة آن لاو: هجم الفيتكونج على مواقع القوات الأمريكية ـ السايجونية الحصينة، في وادي آن لاو An Lao، في محافظة بنه دنه؛ فنجحوا في تدميرها، وإزالة 15 قرية إستراتيجية. فأرسلت القوات الأمريكية ـ السايجونية تعزيزات، قوامها ألْف جندي، مع ناقلات برمائية وطائرات. ودارت اشتباكات ضارية، أسفرت عن إخراج 680 جندياً من المعركة، والاستيلاء على 310 قطع سلاح، والسيطرة على الوادي، وأسْر عدد كبير من الجنود: الأمريكيين والسايجونيين.

وتَعَدّ معركة آن لاو أول معركة في نوعها، في المنطقة الوسطى، خاضت القوات الشمالية والفيتكونج فيها قتالاً، طوال ستة أيام، وحققت نصراً ساحقاً، بعيداً عن قواعدها؛ ولذا، اعتزت القيادة الفيتنامية بهذه المعركة كثيراً.

أواخر نوفمبر: قصفت الطائرات الملكية اللاوسية ت-28، تساندها طائرات أمريكية، جسر ناب Nape، على الطريق الرقم 8، في جنوب لاوس، والمناطق العسكرية في بان ثاي Ban Thay وسقط نصف الجسر المذكور في المياه. وطاول الهجوم أهدافاً أخرى في نطاق محطة مو جيا Mu Gia.

اقترح ماكسويل تايلور على الرئيس جونسون ومستشاريه، الموافقة على برنامج عسكري، من مرحلتين؛ لإيقاف تقدم الشيوعيين في المعارك:

الأولى: تستغرق 30 يوماً، وتتركز فيها الضربات الجوية العنيفة، ولا مانع من استخدام قذائف النابالم، بطائرات أمريكية وفيتنامية جنوبية؛ ما يعني إرسال رسالة تحذير شديدة إلى هانوي. ويمكن تكثيف الضربات، وتوسيع نطاقها إلى المنطقة المنزوعة السلاح.

الثانية: إذا لم تستجب هانوي لمغزى الرسالة، تبدأ عمليات المرحلة الثانية، في صورة ضربات جوية أعنف، بطائرات أمريكية وفيتنامية جنوبية، تركز على القطاع الجنوبي من فيتنام الشمالية. تستمر من شهرين إلى ستة أشهر، وتقصف جميع الأهداف الواضحة في المنطقة. إضافة إلى ذلك، يمكن تلغيم الساحل الشمالي كله؛ حتى تذعن هانوي، وتطلب التفاوض.

ما أن وافق الرئيس جونسون على المرحلة الأولى، حتى أعد رؤساء الأركان خطة إرسال بعثتي استطلاع بطول الطرق: 8 و12 و121، في وسط لاوس؛ لرصد الأهداف والنقاط الحصينة المعادية. وسُمح للبعثتين باستخدام الطائرات، وقذائف النابالم، مع الابتعاد عن ساحل فيتنام الشمالية، بمقدار ميلين، وعدم توجيه ضربات من قاعدة ثاي Thai الجوية. وقد وجَّه سايروس ڤانس Cyrus R. Vance، وزير الخارجية الأمريكي، بضرورة إشراف "لجنة مبادئ مجلس الأمن القومي Committee of NSC Principals" الأمريكية على تفاصيل تنفيذ برنامج ضربات جوية، تحت اسم Barrel Roll، في 12 ديسمبر.

14 ديسمبر؛ بدأ القصف الجوي من أربع طائرات أمريكية من نوع F- 105، بقذائف زنة 750 رطلاً، وصواريخ من نوع CBU – 2A وAGM – 12. تبعها قصف من أربع طائرات أخرى، من نوع F- 100، وأخرى من نوع RF- 101، من قاعدة تان سون نهوت Tan San Nhut، ثم طائرتين F- 105 من قاعدة كورات Korat، ومعهما طائرتان تزويد وقود، من نوع KC- 135. وشمل القصف مواقع على الطريق الرقم 8، وجسر ناب Nape، الذي سبق قصفه في 21 نوفمبر، وسفينة كانت تُستخدم معبراً بديلاً عن الجسر.

ليلة 5 ديسمبر: أغارت القوات الثورية على قرية بنه جيا Binh Gia، الإستراتيجية، الواقعة على الطريق الرقم 2، بين باريا وسوان لوك، على بعد 60 كم من سايجون. وبعد تدميرها، زحف الثوار إلى قطاع دوك ثانه Doc Thanh، أحد القطاعات العسكرية الثلاثة في المنطقة. وأثناء محاصرته، قصفت الطائرات الأمريكية كتيبة معززة برتل مدرعات، على الطريق2، فدارت معركة ضارية، استمرت عدة أيام؛ استعانت القوات الأمريكية ـ السايجونية، خلالها، بوحدات خاصة على إنقاذ الموقف، الذي تطور إلى معارك مواجهة واسعة، شملت قطاعَي دوك ثانه ودات داو، والطريق 2، والطريق 15. وبعد عشرة أيام، دفعت بتعزيزات جديدة، من القوات البحرية والطائرات: الحربية والعمودية؛ فامتدت المواجهة حتى بداية العام الجديد. وشنت غارات جوية كثيفة، استخدمت فيها مائة طائرة. كما أنزلت قوات مظلية؛ ما زاد عدد الوحدات الموجودة في ساحة المعركة إلى سبع كتائب. تكبدت، حتى نهاية العام، نحو ألفَي إصابة، و37 طائرة أسقطت أو أعطبت، وعدداً من الناقلات.

وقد عَدّت القيادة الفيتنامية معركة بنه جيا أطول معركة، خاضتها قوات الثورة، ضد مشروع الحرب الخاصة؛ فضلاً عن تنفيذها في جبهة عسكرية معقدة، من شبكة طرق، وقواعد: بحرية وجوية، في منطقة مغلقة من مناطق تمركز القوات الأمريكية ـ السايجونية، حيث تصلها التعزيزات المتواصلة. وتميزت تكتيكات القوات الثورية العسكرية، بمناوشات وإزعاجات، ثم هجمات على الصفوف الخلفية، وغارات مفاجئة، ومعارك التحام.

أسفرت المعارك، التي دارت في المناطق المحيطة بسايجون، عن إحكام سيطرة الفيت كونج على نحو 80 بالمائة من سكان الضواحي؛ لتقتصر سيطرة حكومة سايجون على عاصمتَي محافظتَي لونج آن ودنه تونج، و 14 عاصمة إقليمية. وأشارت البيانات الإجمالية لمعارك الجنوب كاملة، عام 1964، إلى وقوع نحو أربعين ألْف اشتباك ومعركة، أسفرت عن إخراج 135 ألْف جندي من المعركة، بينهم 2110 أمريكيين؛ وإسقاط وإعطاب 542 طائرة و992 آلية و292 مركبة؛ وتدمير 139 موقعاً ومعسكراً وقطاعاً؛ والاستيلاء على 17500 قطعة سلاح. وبهذه النتائج، تكون معركة بنه جيا هي آخر المعارك في مرحلة الحرب الخاصة، التي لم تحقق للقيادة الأمريكية ما كانت ترمي إليه، بل عززت وضع الثورة.

لقد تضافرت جماعة من العوامل الرئيسية على مواجهة الإستراتيجية الأمريكية الخاصة وإحباطها، أهمها:

  • تعزيز الوضع العسكري للجبهة، بإعادة تنظيم الوحدات الجنوبية وتسليحها وتجهيزها وخَضْرَمَتِها.
  • التنسيق بين الكفاح المسلح، وحرب العصابات الريفية، والعمل السياسي بين الجماهير.
  • دور الجماهير في الإمداد والتموين وإخلاء المناطق البعيدة عن قواعد الفيتكونج من الجرحى.
  • الاهتمام أهمية خاصة ببرامج الدعاية والتحريض، بين الجنود السايجونيين وعائلاتهم.
  • انقسامات حكومة سايجون وإدارتها وتصادمهما، وعدم نجاح واشنطن في ترتيب أوضاعهما.
  • تعزيز الوضع الداخلي للجبهة، بعد عقد المؤتمر الثاني، وتوسيع أُطُر الوحدة الوطنية.
  • نجاح الفيت كونج في الوصول إلى قلب العاصمة، من خلال العمليات الخاصة وآثارها النفسية.

في منتصف ليلة 30 يوليه 1964، شنّت بحْرية فيتنام الجنوبية، يقودها الفريق الأول وليام وستمورلاند، غارات برمائية على جزيرتَي هون مي، وهون نيو، في خليج تونكين؛ وذلك ضمن مخطط عملية 34 أ . ثم لاذت بالفرار. وفي الوقت نفسه، كانت المدمرة الأمريكية، مادوكس Maddox، تقف على مقربة، في شمال الخليج، تبعاً لدورية ديسوتو Desoto Patrol السِّرِّية للاستخبارات، بهدف جمع معلومات عن أجهزة رادار فيتنام الشمالية ووسائل دفاعها الساحلي. وكانت الأوامر، التي تلقتها، تتلخص في ألا تقترب أقلّ من ثمانية أميال بحْرية من شاطئ فيتنام الشمالية، وأربعة أميال بحْرية من الجزر الفيتنامية الشمالية في الخليج.

وفي 2 أغسطس، غيرت مادوكس اتجاهها، مرتَين، لتتجنب ثلاثة زوارق طوربيد فيتنامية شمالية، وأسطولاً من السفن، ظلت تمسح المياه حول الجزر، بحثاً عن المغيرين؛ ولكن بعد ما صارت المدمرة على بعد 23 ميلاً من الشاطئ، وهي تتوغل في المياه الدولية، فظنتها إحدى سفن الحراسة، التابعة لفيتنام الجنوبية، فاشتبكت معها. عندئذٍ، انطلقت الطائرات من حاملتها، تيكوندروجا، الواقفة إلى الجنوب؛ ودمرت اثنَين من زوارق الطوربيد، وأُغرق ثالث بقذيفة مباشرة، من مدافع المدمرة مادوكس، عيار خمس بوصات.

وفي اليوم التالي، 3 أغسطس، أمر الرئيس جونسون بأن تدخل المدمرة مادوكس، تدعمها المدمرة تيرنر جوي S. Turner Joy، ثانيةً، إلى الخليج؛ وألاّ تقتربا، هذه المرة، من شاطئ فيتنام الشمالية لأقلّ من 11 ميلاً بحرياً. كما أمر حاملة طائرات ثانية، تعرف باسم، "كونستلليشن" Constellation، كانت في زيارة هونج كونج، بأن تنضم إلى تيكوندروجا، بسرعة قدر المستطاع.

وفي ليلة 4 أغسطس 1964، أغارت زوارق الطوربيد، التابعة لفيتنام الشمالية، على كلٍّ من مادوكس وتيرنر جوي، في خليج تونكين. التقف الرئيس جونسون الغارة، ليتخذها ذريعة لشن هجمات جوية علنية على فيتنام الشمالية؛ ليضغط بها على الكونجرس، كي يفوض إليه استخدام القوات المسلحة الأمريكية، مباشرة، في القتال. وبعد اجتماعَين لمجلس الأمن القومي، عقدهما الرئيس جونسون مع مستشاريه، أمر بتنفيذ الأعمال الانتقامية "من الأهداف، التي تضم 94 هدفاً، التي أعدت، أول مرة، في أواخر مايو 1964". كما تداولوا سرعة إرسال القوات الضاربة، المتمركزة في جنوب شرقي آسيا، التي كانت محددة في خطة العملية 37 – 64 للضربات الأولى، في حملة قصف محتملة على الشمال.

وعاد وزير الدفاع، روبرت مكنمارا، بعد انفضاض المجتمعين، إلى البنتاجون، الساعة 3 بعد الظهر، ليوافق على تفاصيل الضربات الانتقامية، التي أعطيت الاسم السِّرِّي "السهم الثاقب". ثم انتقل ورؤساء الأركان لمناقشة نقْل القوات الجوية الضاربة، التابعة لخطة العملية 37–64.

وفي سعت 1845 من 4 أغسطس 1964، التقى الرئيس جونسون ستة عشر من زعماء الكونجرس، من كِلاَ الحزبَين: الديموقراطي والجمهوري، كان قد دعاهم إلى البيت الأبيض. وأبلغهم أن الهجوم الثاني على المدمرتَين الأمريكيتَين، لا تفسير له؛ ولذلك، قرر أن يشن ضربات جوية انتقامية على الشمال؛ وطلب موافقة الكونجرس عليها. إلا أن وثائق البنتاجون، لم تشِر إلى أنه قد أبلغ زعماء الكونجرس مسؤولية الولايات المتحدة الأمريكية وقيادتها للغارات السِّرِّية 34 أ، في 30 يوليه، و3 أغسطس 1964.

ومساء 4 أغسطس، عقد الوزير روبرت مكنمارا اجتماعاً، في البنتاجون. وعلم، بعد عدة اتصالات هاتفية مع الأدميرال أوليسيس جرانت شارب ، أن حاملة الطائرات تيكوندروجا، قد أطلقت قاذفاتها، في سعت 2243، والتي ستطاول أهدافها بعد نحو ساعة وخمسين دقيقة.

وبعَيد آخر اتصال هاتفي بين روبرت ماكنمارا والأدميرال أوليسيس جرانت شارب ، القائد الجديد لقوات المحيط الهادي، بادر الرئيس جونسون إلى عقد اجتماع لمجلس الأمن القومي، أقر الرد الفوري على الاعتداء الفيتنامي؛ وأمر طائرات الأسطول الأمريكي السابع بقصف الأهداف الفيتنامية، في هون جيا، ولو تشاو، وكوانج خي، ومستودع النفط في فنه. وظهر الرئيس في صفحة التليفزيون، ليخبر الشعب الأمريكي بالضربات الانتقامية؛ واصفاً خطواته بأنها "رد فعل محدود، وملائم". ثم قال: "إننا لن نسعى إلى توسيع الحرب".

وفي صباح 5 أغسطس، كانت عمليات إرسال القوات الجوية، قد بدأت، وفقاً لخطة العملية 37–64. وكانت أولى الطائرات المقاتلة، F-102 دلتا داجر، قد هبطت مطار سايجون، في وقت كان وزير الدفاع، روبرت مكنمارا، يشرح تلك العمليات، في مؤتمر صحفي، ليوضح فكرة الضربات الانتقامية. وقال إن 25 سفينة حراسة لفيتنام الشمالية، قد دمرت أو خربت؛ إضافة إلى 90 بالمائة من خزانات النفط، بالقرب من فنه. أردف قائلاً: "في الليلة الماضية، أعلنت أن هناك تحركات، لدعم قواتنا في منطقة المحيط الهادي:

أولاً: نقلت جماعة من القوات المغيرة، من الأسطول الأول، من ساحل المحيط الهادي إلى غربيه.

ثانياً: نقلت قاذفات مقاتلة، وطائرات اعتراضية، إلى فيتنام الجنوبية.

ثالثاً: نقلت قاذفات مقاتلة إلى تايلاند.

رابعاً: نقلت أسراب من القاذفات المقاتلة، والطائرات الاعتراضية، من الولايات المتحدة الأمريكية إلى قواعد متقدمة في المحيط الهادي.

خامساً: تحركت قوة خاصة، مضادّة للغواصات، في بحر الصين الجنوبي.

وأخيراً: استنفرت قوات خاصة، من الجيش والبحرية، وأُعدَّت للتحرك".

وقدمت الحكومة الأمريكية، من الفور، "مشروع قرار، يعلن الحرب" إلى الكونجرس، فوافق عليه، بمجلسَيْه، في 7 أغسطس 1964 بأغلبية كبيرة. وكانت صياغته:

Cquote2.png "قرر مجلس الشيوخ والنواب، في الولايات المتحدة الأمريكية، في اجتماع الكونجرس، أن يوافق الرئيس، ويؤيد عزمه، لكونه قائداً أعلى، على اتخاذ الإجراءات كافة، المتعلقة بالتصدي لأيّ هجوم مسلح على قوات الولايات المتحدة الأمريكية، ومنع استمرار العدوان. وتَعُدّ الولايات المتحدة الأمريكية المحافظة على السلام والأمن الدوليَّين، في جنوب شرقي آسيا، مسألة حيوية لمصالحها القومية. وتمشياً مع دستورها ومع ميثاق الأمم المتحدة؛ ووفقاً لالتزاماتها في معاهدة الدفاع الجماعي، في جنوب شرقي آسيا، فإن الولايات المتحدة الأمريكية على استعداد، كما يحدِّد الرئيس، لاتخاذ كلّ الخطوات اللازمة، بما في ذلك استخدام القوات المسلحة، لمساعدة أيّ عضو، أو دولة، وقعت تلك المعاهدة، وتطلب المساعدة، دفاعاً عن حريتها". Cquote1.png

وصدر قرار الكونجرس، في 7 أغسطس 1964، بموافقة 88 صوتاً، ومعارضة اثنَين، في مجلس الشيوخ؛ وحاز 416 صوتاً، دون أيِّ معارض، في مجلس النواب.

وكان كلٌّ من وزير الدفاع، مكنمارا؛ ووزير الخارجية، رسك، قد دافع عن القرار، في 6 أغسطس 1964، في جلستَين سِريتَين للجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب والشيوخ. وأنكر كِلاَ الوزيرَين عِلم الولايات المتحدة الأمريكية بأيِّ شيء عن هجوم البحارة الفيتناميين الجنوبيين على الجزيرتَين الفيتناميتَين الشماليتَين، في 30 يوليه 1964. كما أنكرا مشاركة الأسطول الأمريكي فيه.[9]

إلا أن وثائق البنتاجون، كشفت حقائق العمليات السِّرِّية، التي نفذتها القوات الأمريكية، قبْل حادث خليج تونكين. فوزير الدفاع، روبرت مكنمارا، كان على علم كامل بكلِّ الأعمال الهجومية، التي نفذتها القوات الأمريكية، ضد فيتنام الشمالية؛ إذ رُفِع إليه تقرير رؤساء الأركان، في 19 مايو 1964، في شأن تقدّم عمليات 34 أ؛ فضلاً عن تلقيه، في 13 يونيه، والأول والثامن والعشرين من يوليه 1964، مذكرات أخرى بالهجمات السِّرِّية، من الجنرال أنتيس، المساعد الخاص لرؤساء الأركان، والذي كان يحددها قبْل شهر من مواعيدها؛ حتى يوافقه عليها وليم بوندي وماكنتون. كما كشفت الوثائق، أن وزير الخارجية، دين راسك، كان يحاط علماً بما يخصه.

وهكذا، في خلال ثلاثة أيام، كانت الحكومة الأمريكية، قد أنجزت عاملَين أساسيَّين في برنامج 23 مايو، هما إرسال قوات جوية ضاربة، وافرة العدد؛ وتفويض الكونجرس إلى الرئيس أعمالاً أبعد مدى.

ومن الفور، أرسل المبعوث الكندي، بلير سيبورن، في 10 أغسطس 1964، رسالة ثانية إلى رئيس وزراء فيتنام الشمالية، فام فان دونج، جاء في ختامها:

  1. . أن أحداث الأيام القليلة الماضية، تدعم الثقة الأكيدة بالبيان السابق، أن صبر الرأي العام الأمريكي: الشعبي والحكومي، على عدوان فيتنام الشمالية، كاد ينفد.
  2. . أن قرار الكونجرس الأمريكي، قد صدر بما يشبه الإجماع؛ مؤكداً، بشدة، وحدة الحكومة والشعب الأمريكيَّين، في شأن أيّ هجمات جديدة على القوات العسكرية الأمريكية؛ وتصميمها على الاستمرار في الوقوف، بحزم، وبكلّ الوسائل اللازمة، ضد محاولات جمهورية فيتنام الديموقراطية للتخريب والغزو، في فيتنام الجنوبية ولاوس.
  3. . أن الولايات المتحدة الأمريكية، باتت مقتنعة بخطر الدور، الذي تضطلع به جمهورية فيتنام الديموقراطية، في فيتنام الجنوبية ولاوس. وإذا ما أصرت على خطها الحالي، فعليها أن تستمر في تحمّل نتائجه.
  4. . أن جمهورية فيتنام الديموقراطية، تعرف ما يجب عليها عمله، إذا ما أرادت إعادة السلام.
  5. . أن لدى الولايات المتحدة الأمريكية، من الوسائل والأساليب، ما يمكِّنها من تحديد مدى مشاركة جمهورية فيتنام الديموقراطية وتوجيهها وسيطرتها على الحرب في جنوبي فيتنام ولاوس. وسوف تراقب، عن كثب، رد فعلها إزاء ما أبلغها إياه باريل سيبورن.

وكان رد فام ڤان دونگ هادئاً، بارداً؛ إذ أعلن إصرار بلاده على متابعة المضيّ في سياستها، واثقة كلَّ الثقة بعدالتها ونجاحها.

في 10 أغسطس، وبعد ثلاثةٍ أيام على صدور قرار الكونجرس، أبلغ السفير ماكسويل تايلور الرئيس جونسون تقريراً، يتناول الموقف في فيتنام الجنوبية. وقال إن لدى نظام الجنرال نجوين خانه "فرصة، لا تزيد على 50 بالمائة، للاستمرار حتى نهاية العام". ولذلك، فإن أحد الأهداف الرئيسية لبعثة الولايات المتحدة الأمريكية، في سايجون، أن تكون في أقصى درجة من الاستعداد، في الأول من يناير 1965 لتنفيذ خطط الطوارئ ضد فيتنام الشمالية.

وفي 11 أغسطس 1964، قدّم وليم بوندي مذكرة إلى اجتماع عالي المستوى، في وزارة الدفاع؛ حددت الخطوات التدريجية، التي يجب أن تتخذ في الاتجاه نحو حرب جوية شاملة على فيتنام الشمالية، في الأول من يناير 1965، وهو تاريخ الطوارئ نفسه، الذي حدده السفير ماكسويل تايلور. واقترح بوندي، أن تكون هناك مرحلة توقّف قصيرة، في نهاية أغسطس، لتجنّب أيّ عمل يزيح عن الجانب الشيوعي مسؤولية تصعيد الحرب.

هكذا، بدأت الحرب الجوية الأمريكية على فيتنام الشمالية. وقد ظهر، فيما بعد، أن الضابط المراقب لأجهزة الرادار في المدمرة "مادوكس"، لم يكتشف أيّ إصابة أو هجوم: بحري أو جوي، على المدمرة؛ وأنه أبلغ قائدها ذلك، في حينه.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بيانات لاحقة عن الحادث

خلال الخمسة والأربعين عاماً التي تلت الحادثة شارك مئات من الباحثين والمؤرخين بدراسة وفحص الوثائق الخاصة بمادوكس بجهد يرتقي إلى مستوى الجهد المبذول لتشخيص مرض غامض، في صيف عام 1964 عرضت آلاف الصفحات كانت تعكس وجهة نظر واشنطن ومعظم هذه الصفحات لا تكرس سوى صفحة واحدة أو اثنتان حول الحادثة نفسها، ومن حسن حظ القراء أن يعرفوا ما وراء أسماء الملاحين والضباط الذين عاشوا تلك اللحظة الحاسمة من الرحلة للعبور من السلام إلى الحرب، عملية السهم المخترق بدأت صباح 6 أغسطس وبدأت الطائرات من حاملات الطائرات بمهاجمة القواعد البحرية لڤيتنام الشمالية وخزانات الوقود مسببة أضراراً جسيمة، اثنان من قاصفات القنابل تم اسقاطهما الليفتنانت ريتشارد ساثير قتل بعد اسقاط طائرته أما الليفتنانت أيفريت ألفاريز فقد أمضى ثمانية سنوات في سجون ڤيتنام الشمالية،[10] البلاغات الدعائية لڤيتنام الشمالية والصين ملئت وسائل الإعلام (دعاة الحرب في أمريكا الأمبريالية وعملائهم في فيتنام الجنوبية، أوغير مع قراصنته سيتعرضون لأقسى أنواع العقوبات) وتوالت التهديدات ليس فقط ضد اليانگيز بل أيضا ضد أوغيروضد مادوكس، هذا النوع من الأخبار لا يبقى قيد الكتمان، كل رجل على متن مادوكس فهم مغزى هذه التهديدات، التقارير بدأت ترد عن اقتراب الزوارق الحربية لفيتنام الشمالية والسفن الحربية الصينية تقترب من الخطوط المبهمة ولكنها سرعان ما تبدأ بخفض سرعتها ثم تقفل عائدة إلى قواعدها، في احدى الليالي استدعى الكومودور طبيب السفينة هالبيرن وطلب منه معاينة أحد البحارة واسمه هيريك وأخبره بأنه يبدو شاحبا مثل ميت لأنه كان قلقا جدا من نشوب الحرب العالمية الثالثة وكان يخشى أن تكون حادثة الخليج مقدمة لتلك الحرب، ويقول هالبيرن ( بينما كنت على وشك المغادرة قال لي الكومودور، دكتور أريدك أن تخرج كل ما لديك من مورفين على السفينة وأريدك أن تعطي كل فرد على ظهر السفينة محقنة للأبر وعندما سألته لماذا أجابني بأننا سنتعرض لهجوم غدا) ولكن الهجوم لم يحدث على الإطلاق، ولم يكن هناك ما يهدئ من روعهم طالما كانوا يتوقعون في كل ثانية يمضونها في الخليج بأنها فرصة للهجوم عليهم وأخيرا أنتهت مهمتهم في الثامن من أب وحلت المدمرتان أديسون وهوبارد محل مادوكس التي غادرت الخليج للمرة الأخيرة، الكومودور هيريك مع أثنان من زملائه أنتقلوا إلى حاملة الطائرات التي تقل الأدميرال مور قائد الأسطول السابع لتقديم آخر التقارير والذي كان متعبا ومنفعلا بسبب عدم حصوله على تقارير جديدة ولم يكن لدى هيريك أخبار جديدة ولم يكن بوسعه تقديم أدلة مقنعة ترضي البيت الأبيض والبنتاغون والكونكرس وجاءت تعليمات ل مور بنقل هيريك وزملائه إلى خليج سوباي في الفلبين حيث قام مسئولون من وزارتي الخارجية والدفاع بالاستماع إلى روايتهم عن حادثة الخليج بحثا عن أدلة تثبت عنصر الاستفزاز لتقديمه إلى الأمم المتحدة ولما لم يتم العثور على مثل هذه الأدلة أعيد هيريك مع زملائه إلى سفينتهم، في عام 1975 وهي السنة التي شهدت نهاية حرب فيتنام نشر الطبيب هالبيرن كتابا حول مهمة مادوكس جاء فيه (الشعب الأمريكي شعر بغضب له ما يبرره لأن السياسيين ولأنه كان عام الانتخابات أنتهزوا الفرصة ليسكروا العالم بكمية أكبر من الغاز لحجب الحقيقة ، طالب الرئيس ومع كل المعلومات المتوفرة وتأييد الشعب والكونكرس الذي أصبح يشتهر بأنهم صبية الرئيس، بما يرغب به والكونكرس يصادق على طلباته ، وهكذا فأن حادثة خليج تونكين زادت من تورط الولايات المتحدة في فيتنام ) وفي السنوات التالية أصبح من الأمور التقليدية ألقاء المسؤولية على عاتق الجيش لشنه حربا لم يكن بإمكانه تحقيق الإنتصار فيها، ويبقى السؤال المطروح دائما فيما إذا كانت فيتنام الشمالية فعلا هاجمت في يوم الرابع من أغسطس عام 1964 وأثار السؤال عاصفة من الأجوبة والتحقيقات دمرت سيرالعديد من السياسيين وصعدت أخرين ولكن يبقى الجواب الأخير في النهاية وهو (من يدري)، ويمكن القول بأن زوارق فيتنام الشمالية هاجمت بعد الساعة الثامنة، الظلام الكثيف والأجواء العاصفة بالتأكيد خدمت الفيتناميين ، بالنسبة لأعداد الطوربيدات لم يتفق ملاحوا مادوكس في أي يوم من ألأيام وهناك أثنان من الضباط لم يتفقا على ما يمكن تمييزه من ضجة لمحركات السفينة وبين ما هي ضجة من مصدر أخر ويقل أحد الملاحين (في عملنا نحن نميز بوضوح ضجة المحرك لأننا نجري اختبارات روتينية لفحص المحركات) وضابط أخر كتب (إن خبرتي خلال سنوات عديدة كمشرف على جهاز السونار أثبت لي بأن جهاز السونار يصبح عديم الفائدة عندما تبلغ سرعة السفينة 25 عقدةوأنا أراهن على أخر دولار بأنك لن تسمع صوتا أخر سوى صوت المحركات عندما تبلغ سرعة السفينة ثلاثين عقدة)، هناك أيضا الشكوك غير المريحة حول اقلاع مادوكس وبأن الرئيس جونسون كان بحاجة لخسارة سفينة حربية ليهيأ الشعب الأمريكي لقبول القضية وهناك بعض الملاحين يقسمون على صحة هذه الحجة والبعض الأخر ينكرها أما البقية، رغم شكوكهم فأنهم يميلون للرأى الأول ولكن ما هو واض أن القيادات العليا دفعت بسفينة حربية في منطقة يتبادل فيها الفيتناميون، الشماليون والجنوبيون النار بكثافة، الكوكودور هيريك توفي عام 1999 كابتن أوگير والأدميرال توفيا في ربيع عام 2002 التفاصيل الخاصة بالرسائل الراديوية لمادوكس بقيت سرية حتى الأن، فيتنام الشمالية أعترفت بهجوم الثاني من أب ولكنها أنكرت أي دور لها في أحداث ليلتي الرابع والخامس من أغسطس، مادوكس عادت إلى فيتنام عدة مرات لتشارك في القصف المدفعي من على الساحل وفي عام 1972 أخرجت من الخدمة وبيعت إلى بحرية تايوان.


تقرير نيويورك تايمز

انظر أيضاً

الهوامش

المصادر

  • Doyle, Edward; Lipsman, Samuel; Weiss, Stephen (1981). Passing the Torch. Boston: Boston Publishing Company. ISBN 0-939526-01-8. {{cite book}}: Invalid |ref=harv (help); Unknown parameter |lastauthoramp= ignored (|name-list-style= suggested) (help)
  • Ellsberg, Daniel (2002). Secrets: A Memoir of Vietnam and the Pentagon Papers. New York: Viking. ISBN 0-670-03030-9. {{cite book}}: Invalid |ref=harv (help)
  • Fletcher, Martin (November 7, 2001). "LBJ tape 'confirms Vietnam war error'". The Times. {{cite news}}: Invalid |ref=harv (help)
  • Hanyok, Robert J. (2002). Spartans In Darkness: American SIGINT and the Indochina War, 1945–1975. Center for Cryptologic History, National Security Agency. {{cite book}}: External link in |title= (help); Invalid |ref=harv (help)
  • Moïse, Edwin E. (1996). Tonkin Gulf and the Escalation of the Vietnam War. Chapel Hill: University of North Carolina Press. ISBN 0-8078-2300-7. {{cite book}}: Invalid |ref=harv (help)

وصلات خارجية


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وثائق مفرج عنها