حادثة المحمل المصري
في مطلع موسم الحج صيف عام 1926 وصل مكة المحمل المصري تصحبه الموسيقى، وعند اقترابه سمع إخوان من طاع الله الذين كانوا بدون سلاح ويرتدون ملابس الإحرام، الموسيقى لأول مرة فاعتبروا ذلك ضربا من الزندقة واستبد بهم الغضب فهبوا ليمنعوا تقدم الجمل الذي يقل المحمل. وهنا أعطى ضابط مصري أمرا بإطلاق النار فقتل زهاء 25 شخصا. وعلى الفور أرسل عبد العزيز الذي كان قريبا من المكان ولديه فيصل وسعود لتهدئة ثائرة الإخوان. وأمر الملك باحتجاز الضابط المصري ومنعه من مرافقة الحجاج علاوة على منع المحمل من دخول مكة، ولكنه لم يقدم على إيقاع عقوبة شديدة نظرا لانعقاد المؤتمر الإسلامي في مكة آنذاك. وقد انقطعت العلاقات مع مصر إثر ذلك. غير أن الإخوان ظلوا أمدا طويلا يلومون عبد العزيز لأنه لم يعاقب (المشركين) المصريين على قتلهم 25 من الإخوان، وفيما بعد تذرع كل من فيصل الدويش وسلطان بن بجاد بهذا الحادث معتبرينه السبب الأول للخلاف مع الملك، وأكدا على أن ابن سعود لم يسمح للإخوان بهدم المحمل بل وبسط حمايته على (الصنم).
شرع الملك بتطبيق مايدعو إليه المذهب الوهابي بصرامة، وذلك لغرضين أولهما كسب رضا الإخوان وثانيهما تعزيز هيبته وسلطته. فإن المنقطع عن الصلاة يعاقب بالحبس مدة تتراوح 24 ساعة إلى عشرة أيام وبغرامة، وإذا ماعادوها فيحبس لمدة قد تصل إلى سنتين. والعقاب الصارم يطال كل من يصنع الخمر أو يبيعها. وقد حظر التدخين ولكن لم يرد ذكر للمتاجرة به.
واقترن هذا التقيد الصارم بالوهابية بممارسة العنف والتنكيل بالخصوم السياسيين لآل سعود. ويتعرض كل من يشارك في اجتماع الغرض منه نشر الأفكار المنكرة والأخبار الكاذبة والأراجيف وكل من يشارك في اجتماعات مناوئة لسياسة الحكومة، لعقوبة الحبس لمدة تتراوح بين سنتين وخمس سنوات، أو الطرد من مملكة الحجاز. وكان ينبغي استحصال رخصة من السلطات لعقد أي اجتماع حتى وإن كان لأغراض حيرية. غير أن التقيد الشديد بالأحكام الشرعية لم يدم أمدا طويلا. فبعد مغادرة الإخوان الحجاز خففت القيود المفروضة على المدخنين وصار بوسع الراغبين الحصول حتى على الخمر، ولم يعد أحد يهتم بطول الشارب.