ثورة غريب العفري
ثورة غُريّب العفري كانت من هذه الثورات ضد آل سعود في عقد 1940، ثورة الشهيد البطل غريب العفري الشمري الذي أعجز الطغيان السعودي وجزاره عبد العزيز بن مساعد الجلوي مدة من الزمن رغم أنه لم يكن مع هذا البطل الا شقيقه دغيليب وخمسة من ثوار شمر الاحرار، وقد وقع في كمين نصبه له عدد كبير من خدم ابن مساعد فشدوا وثاقه وساروا به ليلا حتّى شارفوا على مدينة حائل وعندها اطمأنوا فناموا وتركوا البطل الذي لم ينم، وبينما هم يغطون في نومهم لحق بهم شقيقه دغيليب العفري الذي كان يرقبهم ويتتبع خطاهم، وقطع قيد أخيه وقاما معا بتجميع سلاح خدم ابن مساعد ولما انتهيا من تجميع السلاح كله صرخ فيهم "غريب" قائلا: (أنتم تنامون لأنكم لا تذكرون لكم بلدا يحتلها آل سعود.. وتنامون لانكم خدم للمعتدين آل سعود.. أما أنا فلا أنام، وان نمت أحلم ببلادي وأفيق على هذا الحلم الذي يفزعني ولهذا أصبحت شجاعا أستطيع أخذ أسلحتكم منكم بالايمان القوي، أما أنتم فلا تستطيعون استعادة أسلحتكم مني وأنتم جمع غفير لانكم خدم الاعداء كما قلت، خدم الطغاة الذين يركضون بلا هدف خلف ثائر مثلي لتسليمه لاسيادهم مقابل أجر تافه يدفعه لهم الطغاة.
لهذا تنامون وان نمتم فلا حلم لكم الا "بالشرهة" والاجرة التي سيدفعها لكم ابن مساعد مقابل القاءكم القبض على ثائر شريف.
لكني لن أترككم تقبضون أجركم كثمن لرأسي الثمين ولن أقتلكم رغم أنكم تريدون قتلي، فاذهبوا إلى سيدكم وأخبروه. اذهبوا بلا سلاح وبلا ابل تركبونها..) بعد ذلك ساقهم بعيدا بعد أن طلب من كل واحد منهم أن يربط يدي زميله إلى ظهره وتركهم.. وراح هو وشقيقه في سبيلهما الثوري.. أما الخدم فراحوا إلى الجلاد ابن مساعد الذي حلق ذقونهم وسود وجوههم كعقاب لهم وجلدهم وأعادهم لمطاردة الثائر مرة أخرى مع عدد أكبر منهم بقيادة ناصر بن دوخي، ومع ذلك فلم يتمكنوا من اصطياد البطل، رغم أنهم طوقوه من كل جانب الا بعد أن انتهى ما معه وشقيقه من ذخيرة حيث أصيب شقيقه ذغيليب وتمكن من الهرب أما غريب فقد اقتادوه الزبانية إلى جزار حائل ابن مساعد. فأرسله مكبلا بالسلاسل إلى ساحة السوق، وكان البطل يسير بين المواطنين وهو يدرك أنه يتجه للقاء الموت، لكنه كان يبتسم بكل شجاعة وايمان فالتفت إلى الخدم الذين ضايقوه وقال: (لا تفرحوا يا خدم المجرمين فان لي جماعة سيأخذون بثأري)!… وكان يعني "بجماعته" جموع الشعب التي كانت تنظر له باعجاب بينما هو مقيد بالحديد!.
وكان ناصر السعيد آنذاك صغير السن، يقف بين ذلك الجمع الكبير الذي شاهد اطلاق الرصاص في رأس هذا البطل، لكننا ماذا نملك غير ترديد اللعنات على آل سعود بأصوات عالية مع كل رصاصة تنطلق صوب رأسه وصدره الشجاع وراح البطل غريّب العفري شهيد شعبه، هذا الشعب ـ الشهيد ـ الذي قدم الالاف من أمثال غريب العفري، ممن خلقوا في نفوسنا ثورة منذ سني الرضاع الاولى.