ثلاثة أمنيات على بوابة السنة الجديدة
ثلاثة أمنياء على بوابة السنة الجديدة، هي قصيدة للشاعر مظفر النواب.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
خلفية
يتعلق مضمون القصيدة حول امنيات الشاعر في بداية العام الجديد بعد نوات من الغربة والحنين لبلاده العراق، كما ان الصور الشعرية فيها تتنقل من حاضره الى طفولته الى امله في عودته لبلاده. كما ان الشاعر كان في بعض الامسيات يضيف تقديم للقصيدة. وكما حال اغلب قصائد مظفر النواب هنالك اختلافات طفيفة (حذف مقاطع واضافة اخرى) بين الامسيات المختلفة ويعتبرها البعض تأثير طبيعي لتطور التجربة الذاتية للشاعر والظروف المحيطة.
تقديم القصيدة
قدم الشاعر القصيدة بأمستياته بتقديمن مختلفين، التقديم الأول:
"إذا خَمِرَت الروحُ بالعِشق .. سَكرَ الجسدُ بالماءِ القُراح .. و انزاحَ معنى الحانة إلى معنى الوجود .. كُلٌّ حَسْبَ طريقَتِهِ في العِشقِ يُصَلِّي .. و يَعتكر اللفظُ فيحجبُ الكثيرَ من المَعنى .. و الإبداعُ تركيبُ الألفاظ لتَشُفَّ أكثرَ عن المُراد .. أو لتَشُفَّ أكثرَ مِنَ المُراد .. أو أقَلَّ عَن قَصدٍ لتوفيرِ الظُلمة للنجومِ البعيدة .. فلا بدّ لكي تُرى النَجمة أن يكونَ هنالك ليل .. هنا المُشكل أن تَشُفُّ الروحُ بالكلمة أو تَشُفَّ الكلمةُ بالروح .. هذا عِشقٌ و هذا عِشق .. أن تُلازمَ الخَلوةَ بمحبوبِكَ لتلازمَ الخَلوةَ بالناس .. و هُنا مُشكلٌ آخر .. أَيُدِلُّكَ المحبوبُ على الناس ؟؟ أم يُدُلُّكَ الناسُ على المحبوب ؟؟ و تتزاحمُ أوتارُكَ كُلُّها لٍمَعنى الشهادة .. فَأَن تُقاتلَ و تُقْتَل دٍفاعاً عن الأرضِ شهادة .. و أن تُقاتِلَ و تُقْتَل دِفاعاً عَن كرامةِ الإنسانِ شهادة .. و أن تُقاتِلَ و تُقْتَل دِفاعاً عَن أُغنِيَةِ قَلبِكَ شَهادة .. قاتِلوا دِفاعاً عَن أغاني قُلوبِكُم أيُّها الشباب .. نَحْنُ في أصعبِ المُعادَلات .. و للمُخلصين يَشُفُّ مُجهولُ المُعادَلة .. لا أَتَنَصَّلُ مِن كَلِمَةٍ دَفَعَها قَلبي إلى شَفَتَيَّ .. لا أَزالُ على : جِسْرِ المَباهِجِ القَديم و لا أزالُ في : أَيَّها القبطان و لا أزالُ في الفَجرِ الذي حَلَّقَ فيه خالد أَكَر اِبنُ حَلب الشامِخة و لا أزالُ في (حانَتي القَديمة) .. و (الأُمنيات الثلاث على بوَّابَةِ السَنَةِ الجَديدة)"
التقديم الثاني: "إغفروا لي حزني وخمري وغضبي وكلماتي القاسية، بعضك سيقول بذيء لا بأس، أروني موقفاً أكثر بذائمة مما نحن فيه"
نص القصيدة
مَرَّةً أُخرى على شُبَّاكِنا تَبكي
ولا شَيءَ سَوى الريح
وحَبَّاتٍ مِنَ الثَلجِ على القَلبِ
وحُزنٍ مِثلَ أسواقِ العِراقْ
مِرَّةً أُخرى يَنامُ القَلبُ
بالقُربِ مِنَ النَهْرِ زُقاقْ
مَرَّةً أُخرى أُوافيهِم على بُعْدٍ
وما عُدنا رِفاقْ ..
لم يَعُدْ يذكُرني مُنذُ اختلفنا
أحدٌ غيرُ الطريق
صارَ يَكفي
فَرَحُ الأجراسِِ يأتي مِن بَعيدٍ
وصَهيلُ الفتياتِ الشُقر
يَستنهضُ عَزمَ الزمنِ المُتْعَبِ
والريحُ مِنَ الرُقعةِ تغتابُ شُموعي
رُقعةٌ الشُبَّاكِ كَم تُشبهُ جُوعي
وأثينا كُلُّها في الشارعِ الشتوي
تُرخي شَعرَها للنَمَشِ الفِضِّيِ
والأشرطةِ الزرقاءِ و اللذَّةِ
هل أخرجُ للشارعِ ؟
مَنْ يَعرِفُني ؟
مَنْ تَشتريني بِقليلٍ مِنْ زوايا عَينِها ؟
تَفهَم تَنويني و ضَمِّي و دُموعي ..
أي إِلهي : إِنَّ لي أمنيةً
أَنْ يَسقُطَ القَمعُ بِداءِ القَلب
والمَنفى يعودونَ إلى أوطانِهم
ثُمَّ رُجوعي ..
كُلُّ شَيءٍ طَعمُهُ طَعمُ الفِراقْ
حينما ترتفعُ القاماتُ لَحناً أُمَمِياً
ثُمَّ لا يأتي العِراقْ
كانَ قَلبي يَضْطَرب
كنتُ أستفهمُ عَمَّن وَجَّهَ الدعوةَ
عَمَّن وَضَعَ اللحنَ
ومَن قادَ و مَن أَنشَدَ
أَستفهِمُ حتَّى عَن مَذاقِ الحاضِرينْ
يا إِلهي : إِنَّ لي أُمنيةً ثانيةً
أن يًرجعَ اللحنُ عِراقياً و إِنْ كان حَزينْ
لم يَعُدْ يَذكُرني في الحفلَ غيرُ الإحتراقْ
كان حفلاً أممياً إِنَّما قد دُعِيَ النفطُ
ولمْ يُدْعَ العَراقْ
يا إِلهي : رغبةٌ أُخرى إِذا وافقتَ
أن تغفِرَ لي بُعديَ أُمِّي
والشُّجيراتِ التي لم أسقِها مُنذُ سِنينْ
وانشغالي بينما تَبحَثُ عَنِّي
وأنا أسلكُ في الدربِ
وإنْ كنتُ بجيشِ الضائِعينْ
وأثينا .... آآآآآه مِنْ هذي الأثينا
لم تُزَرِّر أيَّ شَيءٍ
عَرضَت فِتنَتَها
والناسُ ما زالوا على أرصفةِ الأمسِ
سُكارى مَيِّتينْ
إِيهِ يا بَحْرِّيَةَ الأثوابِ
أثوابُكِ تُعطي ضِعفَ ما عُريَكِ يُعطي
وأنا ضاعَفتُ عَينيَّ
وبعضُ النَّظرِ المُشتاقِ لمسٌ
ولقد يَهتفُ حتَّى الكُفرُ مَهزوماً أمامَ الحُسْنِ : سُبحانَكَ رَبَّ العالمينْ
قانعٌ مِنْ كُلِّ دُنيايَ بَحُبٍّ مِثلما يُفْطِرُ مَنْ صامَ
مَدى الدَّهرِ بتمراتِ كُنوزٍ مِنْ عِراقٍ و حَنينْ .[1]
مرئيات
القصيدة من أمسية مصياف 1984. |
القصيدة من أمسية حلب عام 2000. |
المصادر
- ^ تفريغ القصيدة المستخدم من التسجيل الصوتي قام به "ماجد بلالو" وهو احد الخبراء في شعر مظفر النواب