تل أبو حامد
تل أبو حامد موقع أثري، في غور الأردن من العصر الحجري النحاسي، في منتصف الطريق بين بحيرة طبرية شمالاً والبحر الميت جنوباً، على الضفة اليمنى لنهر الأردن. يتألف من مجموعة من التلال التي تكونت على امتداد منطقة مساحتها نحو 6.5 هكتار، وقد أزالت العوامل الطبيعية الجزء الأكبر منها ولم يبق إلا التل الرئيس ومساحته نحو 2.5 هكتار وارتفاعه بضعة أمتار.
بدأ التنقيب في الموقع عام 1986 من قبل بعثة أردنية -فرنسية مشتركة بإدارة كل من جنڤييڤ دولفوس G. Dollfus وزيدان كفافي واستمر حتى عام 1992، وتم الكشف عن مستوطنة مهمة، عاشت مدة قصيرة لم تتجاوز القرنين، بين نهاية الألف الخامس وبداية الألف الرابع قبل الميلاد، منازلها متعددة الحجرات مبنية من اللبن، على أساسات حجرية، بعمق 30-40 سم، جدرانها سميكة، وهي ذات أشكال متنوعة معظمها مستطيل وبعضها مربع، وأكثرها كبير الحجم، تراوح مساحة المنزل بين 20-25م2، وهي تلتف حول ساحات واسعة عموماً وتفصل بينها شوارع وأزقة مختلفة. وكشف في المستوطنة عن حفر المواقد والتنانير وأحواض للتخزين.
ومن الآثار المنقولة هناك الأدوات الحجرية ولاسيما المناجل والبلطات والمثاقب ورؤوس النبال والشفرات والسكاكين والمكاشط، كما وجدت الأدوات البازلتية كالرحى والأجران والمدقات والبلطات والمثاقب العظمية، والأواني الحجرية -وبعضها من البازلت - وقد صنعت بدقة ومهارة كالمزهريات والأقداح ورؤوس الدبابيس، وأكثرها من الحجر الكلسي وبعضها من الهيماتيت. ومعظم الأواني الفخارية صنع باليد وبعضها يدل على استخدام الدولاب، وهي مزخرفة بخطوط حمراء أو متعرجة لها شكل هندسي أو أشكال أفاع وبعضها يحمل زخرفة بالحز أو بالتلوين أو باللصق، أهمها الصحون و"الزبادي" والكؤوس.
وتجدر الإشارة إلى الجرار الضخمة التي استخدمت في تخزين مواد الطعام والشراب وإلى الأواني الفخارية على هيئة حيوانات (أوان جنائزية) والتماثيل الطينية والحجرية المختلفة التي مثلت المعز والضأن والبقر أو البشر والطيور. وهناك الخرز والحلي من الصدف والأحجار النادرة، ورسوم جدارية ذات خطوط ملونة متقاطعة. كما كشفت في الموقع أدلة الصناعات النسيجية وصناعة السلال. وتبين أن السكان قد دجنوا الضأن والمعز والبقر والخنازير والخيول والكلاب والحمير، كما استفادوا من الحيوانات والطرائد البرية ولاسيما الغزلان والأرانب والطيور والقواقع والأسماك.
ومن مزروعاتهم القمح والشعير والحمص والعدس والجلبان والكتان، وهناك أشجار الزيتون والتين والبلوط. وهكذا فقد قامت الزراعة من جهة والرعي من جهة أخرى بالدور الأساسي في حياة السكان الاقتصادية، ولا توجد معلومات كافية عن واقعهم الاجتماعي والروحي.
تأتي أهمية هذه المستوطنة من كونها تمثل المرحلة الأخيرة من عصور ما قبل التاريخ، وهي تمثل حلقة في سلسلة حضارية واحدة سادت جنوبي سورية وفلسطين على امتداد ذلك العصر وتنسب إلى ما أصبح يعرف بالحضارة الغَسُّولية Ghassulian التي كشفت أول مرة في تليلات الغَسُّول شمال شرق البحر الميت، كما وجدت آثارها في منطقة الجولان والنقب، فقد ظهرت على امتداد تلك المنطقة المستوطنات المتطورة التي مهدت لنشوء المجتمعات التاريخية الباكرة في مطلع الألف الثالث قبل الميلاد.
سلطان محيسن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
للاستزادة
- أبو حامد": قرية من الألف الرابع في وادي الأردن (منشورات دائرة الآثار العامة الأردنية والمركز الثقافي الفرنسي، عمان 1988).