تفكر
التفكر تصرف القلب في معاني الأشياء لدرك المطلوب. وقيل: هو إحضار ما في القلب من معرفة الأشياء. وقيل: هو العبارة عن الشيء بأسهل وأيسر من لفظ الأصل.[1]
التفكر أو التدبر أو إمعان الفكر أو الاستبصار هو إطلاق الفكر والعقل في أمر أو شيء ما. وهو وفق مفاهيم التصوف تصرّف القلب بالنظر في الدلائل.[2]
يعد التدبر وفق المفهوم الديني أحد أنواع الصلوات والتأمل في الكون.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
التعريف
لغًة
الفِكر : إعمالُ الخاطِر في الشيء . قال الجوهري : التفكر : التّأمُّلُ ، والاسمُ الفِكْرُ ، والمصدر الفَكْرُ ، بالفتح[3] .
اصطلاحًا
قال ابن القيم في تعريف الفكرة في ( منزلة الفِكرة ) : (( تحديق القلب إلى جهة المطلوب التماسًا له ))[4] ،وقال الشرباصي : (( التفكر بالمعنى الأخلاقي الإسلامي القرآني : هو أن ينظر الإنسان في الشيء على وجه العبرة والعظة ، لتقوية جوانب الخير والصلاح ، ومقاومة دواعي الشر والفساد ))[5] ،قال القرطبي في تفسير قولـه تعالى : ﴿وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾(( التفكر في قدرة الله تعالى ومخلوقاته والعِبر الذي بث ، ليكون ذلك أزيد في بصائرهم : وفي كل شــيءٍ له آيةٌ تدُلُّ على أنَه واحـدُ ))[6] .وقال ابن عثيمين : (( التفكُر هو أن الإنسان يُعمل فكره في الأمر حتى يصل فيه إلى نتيجة ))[7] .
المصطلحات والألفاظ المقاربةاااا
التدبر - التذكر - الاعتبار - النظر - التأمل - البصر .
قال الغزالي في الإحياء : ((أماالتدبر والتأمل والتفكر : فعبارات مترادفة على معنى واحد ليس تحتها معانٍ ، وأما اسم التذكر والاعتبار والنظر ، فهي مختلفةالمعاني وإن كان أصل المسمى واحد ))[8].ومع وجود الاختلاف في معنى الاعتبار والنظر إلا أن النظر قد يطلق - أحيانًا - ويُراد به الاعتبار .قال الدامغاني :(( في الوجه الثالث لمعنى النظر في كتاب الله ] النظر : الاعتبار ، وقولـه تعالى في سورة الغاشية:﴿أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى الإِبْلِ كَيْفَ خُلِقَتْ﴾ أي ((أفلا يعتبرون ))[9] .ولعل هذا هو المعنى المشترك الذي تتضمنه كل كلمة منها ، والذي أشار إليه ابن القيم[10] فذكر أن التفكر والتذكر والنظر والتأمل والاعتبار والتدبر والاستبصار معانٍ متقاربة تجتمع في شيء وتفترق في آخر .[11]
حكم التفكر ومشروعيته[12]
قد أمر الله - عز وجل - بالتفكر في مخلوقاته والتأمل في بديع صنعه والنظر في آياته الشاهدة على وجوده ووحدانيته . قال - عز وجل :﴿أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى الإِبْلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ * فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ﴾ ، قال القرطبي - رحمه الله تعالى - :(( استدل بهذه الآية - وما كان مثلها من قوله تعالى : ﴿قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ وقوله تعالى : ﴿أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا﴾،من قال بوجوب النظر في آياته والاعتبار بمخلوقاته . قالوا : وقد ذم الله - تعالى - من لم ينظر ، وسلبهم الانتفاع بحواسهم فقال تعالى : ﴿لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا﴾ [13] .وسواء قيل بالوجوب أم بالاستحباب فإن الإعراض عن هذه العبادة - بلا شك - مصيبة ، إذ إنها إشارة إلى غفلة القلب وإعراضه عن ربه ، وقد جعل اللهُ - عز وجل - الإعراض عن التفكر عقوبة من العقوبات التي تلحق المتكبرين والحائدين عن طريق الحق ، قال تعالى : ﴿سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾. قال الإمام الطبري : (( سأمنع فهم الحجج والأدلة الدالة على عظمتي ، قلوب المتكبرين عن طاعتي ، عقوبة لهم على تكبرهم ، فهم عن الاعتبار والادِّكار مصروفون ))[14]
انظر أيضا
مراجع
- ^ تعريفات الجرجاني
- ^ تدبر في قاموس المعاني
- ^ لسان العرب ، لابن منظور ، ج 5 ، ص 3451 ، دار المعارف
- ^ تهذيب مدارج السالكين ، ص 105 ، ابن القيم ، دار السوادي
- ^ موسوعة أخلاق القرآن ، للشرباصي ج 2 ، ص 226
- ^ الجامع لأحكام القرآن ، للقرطبي ، ج4 ، ص 313 .
- ^ شرح رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين ، ج2 ، ص 536 .
- ^ الإحياء ، للغزالي ، ج 4 ، ص 426 ، ، للتوسع انظر الفروق التي أوردها بين معاني التذكير والاعتبار والنظر
- ^ قاموس القرآن أو إصلاح الوجوه والنظائر في القرآن الكريم ، الدامغاني ، ص 459 ، دار العلم للملايين ، ط3
- ^ مفتاح دار السعادة ، ج1 ، ص 182 ، دار الفكر(العبارة بتصرف)
- ^ كتاب الرائد ،ج1 ص 206
- ^ كتاب الرائد دروس في التربية والدعوة ،ج1 ،ص205
- ^ الجامع لأحكام القرآن ، للقرطبي ، ج 7 ، ص 2310 - 331
- ^ مختصر تفسير الطبري ، للصابوني ، ج 1 ، ص 283 ، دار القرآن الكريم ، ط 1 .