تصنيف:مسرح بحريني
لا يوجد ما يشير إلى أن الحضارات الكبرى التي مرت بها جزر البحرين قد عرفت شيئاً من المسرح أو أي عنصر من عناصر الفرجة الجماهيرية، بدءاً من العصر الدلموني وانتهاء ببدايات القرن العشرين.
إن أول إشارة إلى قيام عروض مسرحية في دراسات بعض الباحثين البحرينيين في النصف الثاني من القرن العشرين واللذين اتفقوا على أن هذا العرض كان في 1925م وكان عرضاً مدرسياً قدمته مدرسة الهداية الخليفية بالمحرق وهي أول مدرسة نظامية رسمية افتتحت في البحرين عام 1919م، وكان عنوان المسرحية "القاضي بأمر الله" ولقد صوبه الأستاذ والمؤرخ البحريني (مبارك الخاطر) في كتابه (المسرح التاريخي في البحرين) إلى "قاض بأمر الله".
بدأ المسرح في البحرين مدرسياً، ولهذا أسبابه المنطقية، التي فرضتها الظروف الموضوعية للتعليم في البحرين. عندما بدأ التعليم في البحرين لم تكن البلاد مكتفية ذاتياً من المعلمين من أبنائها، إن لم تكن تفتقر تماماً للمعلمين والمربين في ذلك الوقت. ولهذا استعانت حكومة البحرين بالمعلمين العرب اللذين استقدمتهم من سوريا ومصر ولبنان وفلسطين. ولا شك أن هؤلاء المربين كانوا قد تعرفوا على المسرح في بلدانهم، باعتبار أن المسرح العربي عرف بداياته في لبنان وسوريا ومصر. ولا شك أن هؤلاء المدرسين فكروا في الطريقة المثلى لإيصال معاني التاريخ الإسلامي إلى طلابهم لحثهم على التمسك بالإسلام وقيمه، ووجدوا أن أقرب الطرق إلى ذلك هو المسرح، فكان أن غرسوا البذرة الأولى وعملوا على رعايتها والإهتمام بها.
بدأ المسرح ينشط في مدرسة الهداية الخليفية بالمحرق ثم تبعتها مدرسة الهداية الخليفية بالمنامة مدرسة الهداية الخليفية (للبنات) بالمحرق، واستمر حتى عام 1943م، ولم يقتصر النشاط المسرحي على المدارس الحكومية ولكنه تعداه إلى المدارس الأهلية. لقد شاركت في ذلك المدرسة الأهلية التي أسسها الأديب والشاعر البحريني (إبراهيم العريض)، وكذلك مدرسة الإصلاح الأهلية التي أسسها الشاعر البحريني (عبد الرحمن المعاودة).
لكن هذا المسرح المدرسي توقف نشاطه عند العام 1943م ولم يبدأ إلا عندما أنشأت وزارة التربية والتعليم قسماً للمسرح المدرسي وبدأ نشاطه ابتداءً من العام الدراسي 76/77 وتواصل بعد ذلك نشاطه ضمن فعاليات مهرجان المسرح المدرسي السنوي.
انتقل المسرح بعد ذلك إلى مجال أرحب وأوسع من المجال المدرسي ألا وهو الأندية. وبعد أن كانت مواضيع المسرح تتناول التاريخ الإسلامي والعربي القديم والحيث والتي كان المعلمون يعدونها من خلال المناهج الدراسية التي كانوا يدرسونها للطلاب.
انتقل القائمون على المسرح في الأندية إلى النصوص الشعرية التي كتبها شعراء عرب مثل (أحمد شوقي) و(عزيز أباظة) أو شعراء بحرينيون مثل ( إبراهيم العريض) و(عبد الرحمن المعاودة)، وكذلك مؤلفون آخرون مثل (توفيق الحكيم) و (سعيد تقي الدين) وغيرهم. ومن الأندية التي ساهمت في تفعيل النشاط المدرسي نادي البحرين الذي بدأ نشاطة المسرحي عام 1941م بمسرحية (مجنون ليلى) للشاعر (أحمد شوقي)، والنادي الأهلي وكذلك نادي العروبة. أماالآن فإن هناك مهرجاناً للمسرح في الأندية تنظمه المؤسسة العامة للشباب والرياضة كل عامين وتشارك فيه مجموعة كبيرة من الأندية البحرينية.
إذا كانت المدارس قد حركت النشاط المسرحي وأوصلته إلى الأندية فإنه قد خرج من الأندية إلى الفرق المسرحية التي تعنى بالنشاط المسرحي دون غيره. كانت الأندية تمارس أنشطة كثيرة (أدبية، رياضية، اجتماعية، تعليمية وغيرها) وكان المسرح جزءاً صغيراً من تلك الأنشطة. وبدأ الشباب يكونون فرقاً تعنى بالمسرح لا غير، وأول هذه الفرق (الفرقة التمثيلية المتنقلة) ومن الإسم يتضح لنا الهدف من تأسيسها وهو نقل النشاط المسرحي إلى أماكن مختلفة من مدن وقرى البحرين. ولكن هذه الفرقة توقفت بعد أن قدمت ثلاث مسرحيات قصيرة في عرض واحد وكان ذلك في عام 1955م. ومن خلال بعض أعضاء (الفرقة التمثيلية المتنقلة) تكونت فرقة جديدة بإسم (أسرة هواة الفن) والتي تأسست عام 1956م، وتغير اسمها بعد ذلك إلى (أسرة فناني البحرين) وكانت الأسرة في بداية أمرها تعنى بالمسرح والمسيقى والفن التشكيلي حتى انتهت إلى الإهتمام بالمسرح فقط، وقدمت خلال مسيرتها من عام 1957م وحتى 1975م مجموعة كبيرة من المسرحيات. وتوقفت الأندية عن النشاط المسرحي واقتصر نشاطها في هذا الجانب على تقديم الفواصل التمثيلية (الإسكتشات) وذلك من خلال الحفلات الغنائية والموسيقية التي كانت تقيمها دعماً لميزانيتها. وبقى الحال على ماهو عليه حتى بادر (نادي اتحاد الشباب) بدعوة مجموعة كبيرة من الشباب المهتم بالمسرح والثقافة بشكل عام إلى تكوين فرقة مسرحية تحت اسم (مسرح الإتحاد الشعبي).
ولكن نظراً للعدد الكبير من الأعضاء وتباين الأفكار واختلاف النظرة للمسرح ورسالته، انفصلت مجموعة من أعضاء هذه الفرقة وكونوا فرقة جديدة باسم (المسرح البحريني) الذي تغير بعد ذلك إلى مسرح "أوال" وكان ذلك عام 1970م.
ومنذ ذلك الوقت وحتى اليوم - وقد مر على تأسيس المسرح ثلاثون عاماً- قدم فيها عشرات المسرحيات توزعت بين المحلية والعربية والعالمية، وشارك في أغلب المهرجانات العربية والإقليمية.
أما مسرح الإتحاد الشعبي فقد توقف عن النشاط المسرحي وانحل في عام 1975م بعد أن قدم مجموعة بسيطة من المسرحيات.
في عام 1964م تأسست فرقة مسرحية جديدة تحت اسم (مسرح الجزيرة) والتي قدمت مجموعة كبيرة من المسرحيات توزعت بين المحلية والعربية والعالمية، وشاركت في العديد من المهرجانات العربية والإقليمية.
في عام 1992م تأسست فرقة مسرحية جديدة تحت اسم (مسرح الصواري) وهذه الفرقة رغم عمرها القصير إلا أن شبابها يواصلون عطاءاتهم بشكل مستمر محاولين الخروج عن المستهلك والمعتاد، وقد توجوا جهودهم بحصول مسرحية (الكمامة) التي أخرجها (عبدالله السعداوي) على جائزة الإخراج من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي عام 1994م.
وفي عام 1998م تم إشهار فرقة جديدة تحت اسم (مسرح جلجامش) وهذه الأخيرة تعنى بالمسرح الإستعراضي. وفي عام 2005 تم إشهار فرقتين مسرحيتين جديدتين هما ( مسرح الريف ) و ( مسرح البيادر ) وبذلك يصل عدد الفرق المسرحية في البحرين إلى ستة فرق مسرحية.
المقالات في التصنيف "مسرح بحريني"
الصفحة التالية مصنّفة بهذا التصنيف، من إجمالي 1.