تاريخ العلوم
تاريخ العلوم هو العلم الذي يبجث في السجل التاريخي لمنجزات العلم ة تطوراته التي أسهمت في تطور السياق التاريخي و الحضاري للتاريخ الإنساني إضافة لتطور الأفكار التي أدت للثورات العلمية و الصناعية التي شهدها التاريخ الإنساني .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تاريخ موجز لتطور العلوم
لقد تطور العلم من البداية المبكرة للإنسانية . لأن الإنسان فضولي بطبعه ولديه القدرة علي تدوين وتسجيل الأشياء .فلقد بدأ الإنسان يزرع ويحصد ويربي الدواجن ويرعي الحيوانات منذ 10 آلاف سنة . فتولدت لديه التجارب واكتشف قوانين الكون والحياة. فالإنسان رغم ما بلغه من علم إلا أنه مازال يلهث وراءه ببلا نهاية .فبينما نجده توصل لمعرفة الأعداد منذ الحضاراات القديمة نجده منذ نصف قرن قد إكتشف الجينات المسببة للسرطان والكواركات التي هي أصغر بكثير من الذرة والبروتونات.وقد اتبع التنبؤ العلمي ليصف أشياء أو يتوقع أحداثا لم تقع بعد . كما يتوقع الفلكيون ظاهرة الخسوف والكسوف أو كما توقع الكيميائي الروسي مندليف عام 1869في جدوله الدوري لترتيب العناصرفوصف فيه الخواص الكيميائية واالطبعية لعناصر لم تكتشف بعد.
وكان للعلم تطبيقات عملية محدودة .حتي مجيء الثورة الصناعية في القرن 18.فلقد دخلت التكنولوجيا حياتنا واصبحت جزءا اساسيا لانستغي عنه من خلال تكنولوجيات متعددة .واكتشف الإنسان الميكروسكوبات وأطلع من خلالها علي عالم الميكروبات والخلايا الحية ومكوناتها من الجينات بتقنية متطورة من الميكروسكوبات الإلكترونية . واكتشف التلسكوبات ولاسيما التلسكوبات العملاقة فتوغل من خلالها لأعماق الكون. قرأي ما لم يره بشر من قبل من مجرات عملاقة وبلايين النجوم . واستطاع من خلال تقنياته المتطورة إرسال مركبات ومسابر فضائية جهزت بأحدث ماتوصل العلم الحديث .
وتطورت أساليب المواصلات من عربات يجرها الخيول إلي طائرات أسرع من الصوت تطوي المسافات طيا.وقضي الإنسان علي الأوبئة التي كانت تحصده بالملايين من خلال الطعوم والأمصال لتوقيها أو من خلال الأدوية ، مما أطال أعمار البشر . فالعلم في تنام لايعرف مداه . وأصبحت عصوره قد قصرت من قرون إلي عقود .ومن عقود إلي سنوات .ودخلت الثورة الصناعية منذ القرن 18 عصر البخار والكهرباء والميكنة .حتي جاء القرن العشرون فدخلنا فيه عدة عصور متلاحقة ومتتابعة .فشهدنا فيه الإنفجار العلمي والحضاري مما غير وجه الحياة فوق الأرض في كل المجالات .ووصل في نصفه الثاني الإنسان للقمر وتجاوز فيه إسار جوه المحيط بالأرض لينطلق في عصر الفضاء لأول مرة في تاريخ البشرية .وعلي صعيد آخر دخلنا عصر الإستنساخ بما له وعليه . ولوث الإنسان بيئته حيث مشربه ومأكله وهوائه . وأصبح يعاني من آثار هذه الملوثات القاتلة التي طالت البحر والبر والهواء. مما جعل كوكبنا كوكبا عليلا .
وبإختراعه الكتابة منذ 6000 سنة ظهر نظام مرن من تسجيل المعرفة . وكان الكتاب الأوائل الذين عاشوا في بلاد مابين الرافدين بالعراق. قد نقشوا فوق ألواح الصلصال (الطين) برموز تطورت إلي اللغة المسمارية.وعرفنا من خلال هذه المخطوطات الطينية أن أهل بلاد مابين الرافدين كانوا علي علم بمباديء الحساب والفلك والكيمياء . وكانوا يشخصون الأمراض العامة من أعراضها. و تطورت لديهم الرياضيات والعلوم. وفي سنة 1000ق.م. أصبحت المعارف متراكمة وظهرت المكتبات الخاصة .وفي مصر القديمة كان المصريون قد طوروا شكلا من الكتابة التصويرية.فمنذ سنة 1500 ق. م. ظهرت الكتابة فوق الصخور وورق البردي حيث ظهرت النصوص المدونة ببراعة مذهلة ، أظهرت عظمة حضارتهم ولاسيما في الطب والفلك والرياضيات والتناظر في بناء الأهرامات وغيرها من البنايات الضخمة التي مازالت قائمة حتي الآن . وفي مصرالقديمة وبلاد الرافدين كانت المعارف قد دونت للحاجة العملية لها. فالرصد الفلكي أدي لظهور التقويم لتنظيم مواسم الزراعة والحصاد .
وبلاد اليونان كانت حضارتهم نظرية ومنقولة عن حضارات قدماء المصريين وبلاد الرافدين حيث جاب فلاسفتهم بالعالم القديم ليطلعوا علي علومه وحضاراته والنظر إلي طبيعة مادة الأرض . وسمة الحضارة الإغريقية الفلسفة التأملية فيما وراء الطبيعة (ميتافزيقيا).والفليسوف الإغريقي طاليس Thales وتابعوه قالوا أن الأرض قرص يطفو فوق الماء وتدور في دائرة ولاتدور حول الشمس ولكن تدور حول كرة نار مركزية . وهي مركز الكون . وقال بعده الفليسوف الإغريقي فيثاغورث Pythagoras أن الأرض كروية. ومنذ 2000سنة قال القليسوف الإغريقي لوسيباس Leucippus وتلميذه ديموقريطيس Democritus قالا أن كل المواد مصنوعة من ذرات لاتنقسم . واتبع فلاسفة الإغريق أسلوب العقلانية في التفكير والسببية المنطقية لتعليل وتفسير كل شيء.وبعد قرنين من وفاة الفليسوف الإغريقي أرسطو عام 322ٌق.م. تم التطور في مجال الأعداد حيث قام العالم الإغريقي إيراتوستينيس Eratosthenes بقياس محيط الأرض بما لاتخطيء حساباته عن قياسها حاليا سوي في1% .ووضع الرياضي الإغريقي أرشميدس Archimedes أسس الميكانيكا. وكان من رواد علم ميكانيكا السوائل Fluid Mechanics وعلم الهيدروستاتيكا Hydrostatics حيث إهتم بدراسة السوائل في حالة السكون . واسس العالم الإغريقي ثيوفراستس Theophrastus علم النبات واهتم فيه بوصف النباتات وأنواعها وفحص عملية الإنبات بالبذور. ولما تصاعدت قوة الرومان بالقرن الأول ق.م. لم يكونوا مهتمين كثيرا بالعوم الأساسية . لكن في الإسكندرية ، قام الفلكي المصري بطليموس بوضع خريطة للسماء وقع عليها مواقع الكواكب والنجوم المعروفة وقتها . ووضع الأرض كمركز للكون . ووضع الطبيب جالينوس Galen أبحاثه في التشريح ووظائف الأعضاء (فسيولوجيا ) . وبصفة عامة لم تتقدم العلوم في الإمبراطورية الرومانية . وأفلت المدارس الإغريقة وأغلقت عام 529م. بسبب إنتشار المسيحية التي فرضتها روما علي معظم بلدان العالم القديم التابعة لها في مصر واليونان وآسيا الصغري والشام وأجزاء من جنوب أوربا . ومنذ عام 500م. ولمدة تسعة قرون حتي عام 1400م. ظهرت خلالها الحضارتان الإسلامية والصينية. وخلال هذه الفترة لم يكن غرب أوربا يهتم بالفكر العلمي ولجأ للخيال والخرافات العلمية وكيفية تحويل المعادن الخسيسة للذهب . وهذا ماعرف بعلم السيمياء . وهاتان الحضارتان كانتا حضارتين متفردتين ومنعزلتين عن الغرب. فالصينيون القدماء حولوا الإكتشافات إلي نهايات عملية من التنظير للتجريب والإختراع عكس الإغريق . فلقد إخترعوا البوصلة عام 270 م. والطباعة بحفر الخشب حوالي سنة 700م. واخترعوا البارود سنة 1000م. وبرعوا في الفلك. فرصدوا مستعرا أعظم (إنفجار نجم ) بسديم العقرب سنة 1054م. كما برعوا في الرياضيات وتوصلوا لقيمة piسنة 600 م.وفي الصين رسموا أقدم خريطة للنجوم عام 940 م. وفي العالم الإسلامي إنتشرت الحضارة الإسلامية حتي بلغت أسبانيا بالعصور الوسطي. فنجد من الرياضيين العرب محمد الخوارزمي الذي أدخل الأعداد العربية لأوربا بما فيها الصفر. ووضع علم الجبر والمقابلة وظل إسمه يطلق علي اللوغاريثمات (الخوارزميات ) والتي مفاهيمها تطبق علي الكومبيوتر حاليا . وفي الفلك نجد العرب قد رصدوا النجوم الساطعة ووضعوها علي الخرائط الفلكية وأطلقوا عليها الأسماء العربية التي مازالت تستعمل حتي اليوم كنجوم الدبران والطاسر والدنيب . وفي الكيمياء إخترعوا طرقا لصنع الفلزات من المعادن واختبروا جودتها ونقاوتها. وأطلقوا مصطلحات منها كلمة الكيمياء والقلوي alkali . وطوروا في الفيزياء ومن أشهر الفيزيائيين العرب إبن الهيثم وهو مصري نشر كتاب المناظر في البصريات والعدسات والمرايا وغيرها من الأجهزة التي تستخدم في البصريات . ورفض فكرة إنبعاث الضوء من العين، لكنه أقر بأن العين تبصره عندما يقع أشعة الضوء من الوسط الخارجي عليها. وهذا مانعرفه حاليا . وبعدما ترجم التراث العربي لللغات الأوربية ولاسيما بعد إختراع جوهانزبرج الطباعة . فطبعت النسخ من هذا التراث وشاعت العلوم العربية وأمكن الحصول عليها هناك بسهولة ويسر.
وبعد ظهور وباء الطاعون (الموت الأسود) سنة 1347م. تأخر التقدم العلمي في أوربا زهاء قرنين حتي سنة 1543م. عندما نشر كتاب العالم البلجيكي أندرياس فازليس بعنوان ( في تركيب الجسم البشري )( De Corporis Humani Fabrica) . حيث صحح فيه أفكار جالينوس منذ 1300 سنة عن تشريح جسم.والكتاب الثاني في هذه السنة عام 1543 وكان له دلالة كبري كان بعنوان (في ثورات الكرات السماوية )( De Revolutionibus Orbium Coelestium) للفلكي البولندي نيكولاس كوبرنيكس حيث رفض فيه فكرة الأرض مركز الكون كما وضعها بطليموس في القرن الأول ق.م. في كتابه( المجسطي) والذي ترجمه العرب . كما بين كوبرنيكس – أيضا- أن الأرض والكواكب الأخري تدور حول الشمس . ومنعت الكنيسة الكاثوليكية كتابه من التداول لمدة قرنين بل كفرته رغم صحة ماقاله. لكن في العقد الأول من القرن 17 ثبت صحة كوبرنيكس ولاسيما بعد إختراع التلسكوب حيث إستخدمه جاليليو ليكون أول شخص يري أقمارا تدور حول كوكب المشتري ورأي وجه القمر ورسمه بالتفصيل. كما رأي كوكب الزهرة يتضاءل وهو يدور حول الشمس . واتهم جاليليو وكوبرنيكس اللذان صححا كثيرا من المفاهيم الفلكية بالهرطقة . وهذا ماجعل جاليليو يتراجع عن أفكاره . لكنه بحث القوانين التي تتحكم في سقوط الأشياء واكتشف أن تأرجح البندول ثابت في أي الإتجاهين . وهذه الحركة البندولية إكتشفت إمكانية إستخدامها في ضبط الساعات. وقد طبقها إبنه عام 1641م. وبعد عامين إكتشف تورشيللي البارومتر لقياس الضغط الجوي. وفي سنة 1650 إكتشف الفيزيائي الألماني جويرك المضخة الهوائية. فأحضر نصفي كرة برونزية .وفرغهما من الهواء للدلالة علي قوة الضغط الجوي. ثم أحضر مجموعتين من الأحصنة وكل مجموعة من ثمانية وحاولوا شد نصفي الكرة المفرغة من الجانبين المتقابلين . فظلت الكرة ملتصقة تماما .لأن الكرة مفرغة ولايوجد بها ضغط هوائي والضغط الجوي الخارجي الواقع عليها أعلي . ولما ضخ الهواء بها إنفصلا عن بعضهما ..لأن الضغط الجوي بداخلها وبالخارج متعادل. وخلال القرن 17 حدث تقدم كبير في علوم الحياة حيث إكتشف الإنجليزي وليام هارفي الدورة الدموية واكتشف العالم الهولندي أنطوني فان ليوفينهوك الكائنات الدقيقة من خلال ميكرو سكوبه الذي إخترعه. وفي إنجلتلرا وضع روبرت بويل ألكيمياء الحديثة . وفي فرنسا إكتشف رينيه ديكارت عدة رياضيات ووضع المذهب العقلي في العلم .
لكن كان أعظم إنجازات العلم في القرن 17. عندما إستطاع الفيزيائي والرياضي الإنجليزي إسحق نيوتن عام 1665م ، وضع نظريات عن طبيعة الضوء والجاذبيةالكونية التي إعتبرها تمتد في كل الكون. وكل الأشياء تجتذب لبعضها بقوة معروفة . والقمر مشدود في مداره بسبب الجاذبية التي تؤثر علي حركة المد والجزر بالمحيطات فوق الأرض .وفي عصر التنوير The Age of Enlightenment . كان نيوتن قد بين بالقرن 18 ان الطبيعة( الوجود ) محكومة بقوانبن أساسية تجعلنا ننهج المنهج العلمي . وهذا ماحرر علماء هذا القرن وجعلهم يقتربون من الطبيعة لأن الإكتشافات حررتهم من أسار السلطة الدينية وأفكار وحكمة الكتابات القديمة والتي لم تخضع للتجارب . وهذا التوجه العقلاني والعلمي أدخل العلم في عصر السببية (الأسباب) Age of Reason أو مايقال بعصر التنوير Age of Enlightenment حيث طبق علماء القرن 18بشدة الفكر العقلي والملاحظة الواعية والتجارب لحل المسائل المختلفة. فظهر تصنيف وتقسيم الأحياء حيث صنف العالم الطبيعي السويدي كارلوس لينويز 12 ألف نبات وحيوان حسب الترتيب للصفات . وفي سنة 1700 م. صنعت أول آلة بالبخار وتطور التلسكوب ليكتشف به الفلكي الإنجليزي وليام هيرسكل الكوكب أورانوس عام 1781 م. وخلال القرن 18 لعب العلم دورا بارزا في الحياة اليومية . فلقد ظهرت ثورة الآلة في مضاعفة الإنتاج الصناعي ومنذ القرن 19 إنتهج العلم طريق المعرفة في شتي فروعه . ففي الكيمياء إعتبرت المادة مكونة من الذرات . ووضع الإنجليزي جون دالتون النظريةالذرية Atomic theoryعام 1803 حيث إكتشف أن كل ذرة لها كتلة. وهذه الذرات تظل بلا تغيير حتي لو إتحدت مع ذرات أخري لتكوين المركبات. كما بين أن المواد دائما تتحد معا بنسب ثابتة .واستطاع ديمتري ماندليف Dmitry Mendeleyev إستخدام إكتشافات دالتون للذرات وسلوكها في رسم جدوله الدوري الشهير الذي رتب فيه العناصرعام 1869 . كما شهد القرن 19 في الكيمياء تخليق الأسمدة الصناعية(المخلقة) synthetic fertilizer عام 1842بإنجلترا . وفي عام 1846الكيميائي الألماني كريستيان شونباين Christian Schoenbein المادة المتفجرة نيترو سيلليلوز من خليط حامضي الكبرتيك والنيتريك وغمسه بقطع من القطن وقام بتجفيفها . وتوصل إلي أن السيلليلوزبالقطن يتحول لمادة سريعة الإشتعال و شديدة الإنفجار. وبنهاية القرن 19أمكن تصنيع مئات المركبات العضوية بتخليقها من مواد غير عضوية . فصنعت الأصباغ والأسبرين .
والفيزياء خلال القرن 19كانت الأبحاث في الكهرباء والمغناطيسية التي قام بها مايكل فراداي Michael Faraday وجيمس كلارك ماكسويل James Clerk Maxwell في بريطانيا . فلقد أثبت فراداي عام 1821أن المغناطيس المتحرك يولد كهرباء في الموصلات (الأسلاك) . ومكسويل بين أن الضوء طاقة من موجات كهرومغناطيسية . وفي عام 1888إكتشف الفيزيائي الألماني هينريش هرتز Heinrich Hertz موجات الراديو. والفيزيائي الألماني وليهيلم رونتجن إكتشف أشعة (X ) عام 1895 . . وفي سنة 1897 إكتشف الفيزيائي البريطاني جوزيف طمسون Joseph J. Thomson الإلكترون واعتبره جسيما دون ذري. واخترعتوماس إديسون Thomas Edisonبوق( ميكروفون ) التليفون من حبيبات الكربون (الفحم) عام 1877. كما إخترع الفونوجراف واللمبات الكهروبائية .
وفي علوم الأرض نجد القرن 19 قد شهد تطورا كبيرا حيث قدر عمر الأرض مابين 100000سنة ومئات الملايين من السنين. وفي الفلك مع التطور الهائل في الأجهزة البصرية ، تحققت إكتشافات هامة . ففي عام 1801لوحظت المذنبات ومدار كوكب أورانوس الشاذ. فلقد توقع لفلكي الفرنسي جيان جوزيف ليفرييه Jean Joseph Leverrier أن كوكبا مجاورا لأورانوس يؤثر علي مداره . وفد إستخدم الحسابات الرياضية . وقد قام العالم الفلكي الألمانيجوهام جال Johann Galle في عام 1846بمساعدة العالم ليفرييه بإكتشاف كوكب نبتون . وكان الفلكي الإيرلندي وليام بارسونز William Parsons اول من شاهد شكل المجرات الحلزونية فيما وراء نظامنا الشمسي ، عن طريق التلسكوب العاكس العملاق (وقتها)عام 1840 .
كما شهد القرن 19 تقدما في علوم الحياة بدراسة الكائنات الدقيقة ولاسيما بعد ما حقق العالم الفرنسي لويس باستير Louis Pasteur ثورته في الطب الوقائي عام 1880 عندما بين أن بعض الأمراض سببها الجراثيم فصنع الطعوم الواقية منها لأول مرة في التاريخ ولاسيما ضد مرض السعار (الكلب) .واخترع طريقة البسترة لمنع إنتشار الجراثيم باللبن وتعقيم الأطعمة لمنع فسادها ونقلها للجراثيم المعدية . وفي سنة 1866 إكتشف الراهب النمساوي جريجور مندل Gregor Mendel الوراثة . وأعقبه العالم الإنجليزي تشارلز داروين Charles Darwin بإكتشافه نظرية التطور، عندما نشر كتابه (أصل الأنواع (On (Origin of Species عام1859. وفيه بين نظرية الإختيارالطبيعي natural selection للانواع . وأن البشر أسلافهم من أشباه القرود . وقد تطوروا من خلال عمليات بيلوجية .وقد قوبلت نظريته بالمعارضة الدينية الشديدة إلا أن العلماء قبلوها وأقروا بأن التطور قد وقع فعلا رغم نكران البعض لآلية التطور .وفي القرن العشرين ظهر العلم الحديث حيث كانت الإكتشافات والإنجازات العلمية المذهلة ولاسيما في مجالات الوراثة والطب والعلوم الإجتماعية . ففي مطلع هذا القرن دخل علم الأحياء فترة تطور سريع في الهندسة الوراثية حيث أعيد إكتشاف نظرية مندل عام 1900 .وأعقبها أصبح علماء الأحياء مقتنعين بوجود الجينات الوراثية بالكروموسومات بالخلايا الحية . والتي هي عبارة عن خيوط تحتوي علي البروتينات والحامض النووي (جزيء دنا) (deoxyribonucleic acid (DNA) ) . وفي عام 1940 أكتشف أن دنا مأخوذا من بكتريا يمكن أن يغير الصفات الوراثية لبكتريا أخري . فعرف أن الدنا هو المركب الكيميائي الذي يصنع الجينات وهو مفتاح الوراثة . وبعد أن قام العالمان الأمريكي جيمس واتسون James Watson والبريطانيفرانسيس كريك Francis Crick عام 1953 بوضع هيكل لجزيء دنا . بعده أمكن للهندسة الوراثية فهم الوراثة من خلال مفاهيم كيميائية . فوضع الجينوم genomeوهو الخريطة الجينية التي من خلالها تعرف علماء الأحياء علي الجينات البشرية ودورها في الحياة والأمراض البشرية. مما جعل التعرف علي الجينات المسببة للأمراض وسيلة لعلاجها عن طريق الجينات .ونقلها من كائن حي لآخر لتغيير بعض صفاته الوراثية والقيام بعملية التهجين الجيني .
وفي الطب شهد القرن العشرين تطورا غير مسبوق وإكتشافات كبري. فلقد إكتشف الطبيب الهولندي كريستيان إيجكمان Christiaan Eijkman أن الأمراض لاتسببها الجراثيم فقط ولن يمكن أن تكون بسبب نقص بعض المواد في الغذاء . فتوصل العلماء للفيتامينات . وفي عام 1909 توصل البكتريولوجي الألماني بولوس إيرلخ Paul Ehrlich لأول قاتل كيماوي (مركب السلفانيلاميد ) للجراثيم بدون قتل خلايا المريض . ثم أكتشف البكتريولوجي الريطاني ألكسندر فليمنج Alexander Fleming عام 1928 البنسلين المضاد الحيوي .ثم أعقبه المضادات الحيوية الأخري والتي تقتل البكتريا وليس لها تأثير علي قتل الفيروسات التي مازالت تكافح أمراضها الفيروسية القاتلة بالأمصال والطعوم الحيوية حتي الآن . كما في مرض الجدري ومرض شلل الأطفال اللذين إنتهيا من فوق الخريطة الصحية العالمية تقريبا في أواخر القرن العشرين . وتوقع العلماء إمكانية القضاء أو السيطرة علي الأوبئة عام 1980 . إلا أنهم صدموا بظهور سلالات جديدة من الجراثيم المعدية مقاومة للمضادات الحيوية كجراثيم السل (الدرن) والفيروسات المسببة لحمي النزيف الدموي أو نقص المناعة كالإيدز. وفي مجال تشخيص الأمراض شهد الطب طفرة في تقنية التصوير التشخيصي كالتصوير بالرنين المغناطيسي magnetic resonance والمسح الطبقي (computed tomography). كما أن العلماء في طريقهم للعلاج الجيني gene therapy لبعض الأمراض كمرض السكر . وظهر التشخيص وإجراء العمليات بالمناظير وزراعة الأعضاء و تغيير صمامات القلب وتوسيع الشرايين . وكلها كان من المستحيل إجراؤها .وظهرت ممارسة الطب عن بعد telemedicine بفضل التقدم في توصيلات الألياف البصرية السريعة high-speed fiber-optic عن طريق إستخدام الإنسان الآلي وقيامه بالعملية الجراحية بغرفة العمليات. والجراح في هذه الحالة يقوم بتوجيهه في حجرة مجاورة . ويمكن عن طريق الإنترنت يقوم جراح في بلد آخر بالقيام بهذه العملية. لكن الإنسان الآلي يقوم بالمهمة أدق من الجراح البشري .
وفي التكنولوجيا نجد أن مهندس الكهرباء الإيطالي جوليميو ماركوني Guglielmo Marconi قد أرسل أول إشارات راديو عبر محيط الأطلنطي عام 1901. وكان المخترع الأمريكي لي دي فورست Lee De Forest قد إخترع عام 1906الأنبوب(الصمام ) المفرغ مفتاح تشغيل نظم الراديو والتلفزيون والكومبيوتر. وبين سنتي 1920-1930 أخترع الأمريكي فلاديمير كوزما زوركين Vladimir Kosma Zworykin التلفزيون بالصوت والصورة . وفي سنة 1935قام عالم الفيزياء البريطاني روبرت واتسون Robert Watson بإستخدام موجات الراديو المنعكسة (المرتدة ) لتحديد موقع طائرة في حالة الطيران . وإرتداد الإشارات الرادارية من القمر والكواكب والنجوم لتحديد بعدها من الأرض وتتبع مساراتها . وفي سنة 1947إخترع علماء أمريكان الترانسستورالذي يكبر التيار الكهروبائي ويوفر الطاقة . وجعل الأجهزة الكهربائية أصغر حجما. وما بين عامي 1950 و1960 ظهرت الكومبيوترات الصغيرة باستعنال الترانسستورات. فصغر حجمها ووفرت الطاقة . كما ظهرت الدوائر الإلكترونية المضغوطة .وفي سنة 1971 ظهر الكومبيوتر الشخصي المحمول والشرائح المدمجة التخصصية specialized chips مما جعلها رخيصة ومنتشرة. ومما ساعد علي إنتشاره وجود شبكة الإنترنت .ومنذ سنة 1950 انهالت الإكتشافات والأحداث الفضائية والأقمار الصناعية .وأرسلت روسيا سبوتنيك أول قمر صناعي عام 1957 للفضاء . وفي نفس العام كان يوري جاجارين الروسي أول من يدور به حول الأرض . وفي سنة 1969 هبط أول إنسان أمريكي فوق القمر. وأرسلت أمريكا ما بين سنتي 1960 و1970مسابر مارينر الفضائية لإستكشاف كواكب عطارد والزهرة والمريخ . وقد نجحت هذه المسابر في التمهيد للوصول لبقية الكواكب بالمجموعة الشمسية . واستخدمت أمريكا مكوك الفضاء . وفي سنة 1900 توصل الفيزيائي الألماني ماكس بلانك Max Planck للنظرية الكمومية quantum theory التي بينت كيف أن الجسيمات الدون ذرية تكون الذرات وكيف أن الذرات تتفاعل معا لتكوين المركبات الكيميائية . وبعده جاء البرت إينشتين Albert Einstein وأعلن نظريتي النسبية العامة والخاصة. وفي سنة 1934 توصل العالم الفيزيائي الإيطالي – الأمريكي إنريكو فيرمي Enrico Fermi لكيفية إرتطام نيترون بذرات العناصر بما فيها عنصر اليورانيوم .و بدون تدخل أي شحنات كهروبائية . ففي هذه التجارب إتحدت النيترونات مع أنوية اليورانيوم . وهذا أحدث إنشطارا نوويا أسفر عنه طاقة نووية هائلة.والعلماء في الفيزياء عرفوا أن الذرات تتكون من 12جسيم أساسي كالكواركات quarks واللبتونات leptons .وهذه الجسيمات الأساسية تتحد معا بطرق مختلفة مكونة مختلف المواد المعروفة لنا . فالتطور في فيزياء الجسيمات particle physics له صلة بالتقدم العلمي في علم الكون . حيث بين عام 1920 عالم الفيزياء المريكي إدوين هبل Edwin Hubble أن الكون يتمدد . وحاليا العلماء يعتقدون في نظرية الإنفجار الكبير Big Bang Theory منذ 10 –20 بليون سنة في تولد الكون من إنفجار كبير . ونهايته مثار جدل حتي الآن . من هنا نجد أن العلوم لم تكن من صنع أمة واحدة ، ولا شعب معين ، ولم يكن التقدم حصيلة حضارة معاصرة ، وإنما حصيلة حضارات متعاقبة على مرّ العصور وتعاقب الأزمان ، ونتيجة خبرات وتجارب خلال مسيرة تأريخية طويلة .
مراجع
موسوعة حضارة العالم . وضعها أحمد محمد عوف