بدر الدين الحوثي
بدر الدين بن أمير الدين بن الحسين بن محمد الحوثي (17 جمادى الأولى 1345 هـ - 25 نوفمبر 2010) عالم دين يمني زيدي توفي بعد معاناة طويلة من مرض الربو.[1]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مولده ونشأته
ولد في 17 جمادى الأولى سنة 1345هـ بمدينة ضحيان ، ونشأ في صعدة في ظل أسرة علمية كريمة وشهيرة تحب العلم وتشغف بمكارم الأخلاق ، ربته على الفضائل ، وغذته بأحسن الشمائل ، ومنذ نعومة أظافره بكر إلى طلب العلم ، فحصله بهمة عالية ، وعزيمة سامية ، ومن مشائخه والده السيد العلامة المحقق التقي أمير الدين الحوثي المتوفي سنة 1394 هـ ، وعمه العلامة الكبير الولي الحسن بن الحسين الحوثي المتوفي سنة 1388هـ ، وجل قرائته عليهما ، وأجازه عدد من العلماء ذكرهم في كتابه ( مفتاح أسانيد الزيدية ) وفي مقدمة كتابه ( شرح أمالي الإمام أحمد بن عيسى بن زيد بن علي عليه السلام ) وهو أشهر من أن يعرف أو يترجم له ، حيث يعتبر إماماً في العلم ، عكف على التدريس والتأليف ، وتتلمذ على يديه عشرات من العلماء وطلاب العلم ، وله اليد الطولى في الرد على المخالفين للزيدية ، وله العديد من المؤلفات المطبوعة والمخطوطة ، منها تفسيره للقرآن الكريم ، وله اجتهادات صائبة ، وآراء ثاقبة .
ثناء العلماء عليه
أثنى عليه علماء عصره ، وعلى رأسهم السيد العلامة المجتهد الولي مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي أيده الله ، وقال في ترجمة له : ( هو السيد العلامة رضيع العلم والدراسة ، وربيب العلم والهداية ، وهو من العلم والعمل بالمحل الأعلى ، وله من الفكر الثاقب والنظر الصائب الحظ الأوفر والقدح المعلى ) . وقال عنه في قصيدة له : نجم الكرام الفذ بدر الدين *** نجل أئمة للمهتدين نجوم لا غرو إن حاز السيادة ناشئاً *** فهو الكريم ومن نماه كريم أهذي إليه من الفرائد فكره الـ *** صافي عقوداً زانها التنظيم أهلاً بنشر من شذاها طيب *** أرج يفوح عبيرها المختوم فإليك يا بدر الهداية هذه *** عذراً فأنت بما تراه عليم لا زلت في الألطاف يكلؤك الذي *** أفضاله للعالمين عميم يحيي رسوم العلم بعد دروسها *** يجنى لك المنطوق والمفهوم وعليك ما ابتسم الطباح بضوئه *** من ربنا التكريم والتسليم
وقال السيد العلامة حسين بن حسن الحوثي : ( السيد العالم الكامل ، منبع العلم ، وخيرة الخيرة وبقية البقية ... إلى قوله : الذي امتاز بالورع والزهد وكل فضيلة ) .
وقد امتاز حفظه الله طول حياته بالورع التام ، والزهد والعبادة ، والتواضع وبذل نفسه ونفيسه في سبيل الله ، مجاهداً بماله ولسانه وقلمه ، ومدافعاً عن منهج أهل البيت الصحيح عليهم السلام على كل المستويات .
مؤلفاته :
له مؤلفات كثيرة تدل على غزارة علمه وسعة اطلاعه ، ودقة نظره ، وعظيم إنصافه ، ومنها :
- تفسير جزء تبارك وجزء عم .
- التيسير في التفسير ، تفسير رائع يدل على سعة اطلاعه وجودة نظره ، طبع منه تفسير الفاتحة والبقرة وآل عمران في مجلد .
- تحرير الأفكار عن تقليد الأشرار ، طبع سنة 1414هـ وهو في الرد على شبهات الوهابيين المتمسلفين ، وضمنه مباحث هامة في الأصول والحديث .
- الإيجاز في الرد على فتاوى الحجاز (طبع) .
- الزهري أحاديثه وسيرته (طبع) .
6- الغارة السريعة في الرد على الطليعة (طبع) . 7- شرح أمالي الإمام أحمد بن عيسى بن زيد بن علي عليهم السلام (مخطوط) . 8- طرق تفسير القرآن الكريم 9- كشف الغمة في مسألة اختلاف الأمة (مخطوط) . 10- المجموعة الوافية في الفئة الباغية (مخطوط). 11- القاضب الخافض لهامات النواصب (مخطوط) . 12- التحذير من الفرقة (طبع) . 13- أحاديث مختارة في فضائل أهل البيت عليهم السلام .
وله عشرات الرسائل والكتيبات منها : 1- إرشاد الطالب إلى أحسن المذاهب . 2- إيضاح المعالم في الرقى والتمائم . 3- بيان الرهان من القرآن على تخليد أولياء الشيطان في النيران . 4- التبيين في الضم والتمين . 5- آل محمد ليسوا كل الأمة . 6- الجواب على الحكمي . 7- الزيدية في اليمن . 8- الفرق بين السب والقول الحق . 9- من هم الرافضة . 10- من هم الوهابية . 11- المطرفية . 12- النصيحة المفيدة . وغيرها .
وله أشعار كثيرة نقتطف منها ما أجاب به على رسالة حافظ الحكمي حيث قال فيها : وبعض ما قال في ذا الباب جعجعة *** بلا طحين وتضييع لأوقات ولو تشاغل عن ذا الباب يبحث في *** باب العقائد عن أهدى الطريقات لكان أولى حذاراً أن يدين بما *** يردي ويهدي إلى نار وآفات ومنها : وقولكم كم قباب شيدت ولها *** أوقاف تجري وكم من نصب رايات ماذا على من بنى بيتاً يريد به *** ظلاً يرغب من جا للزيارات وعين الوقف قصداً للصلاح وتــــرغيـــباً لذاكر جبار السماوات لم يقصد الشرك في ورد ولا صدر *** ولا أتوه وأنى منهم ياتي وليس يرجى من الأجساد بالية *** خلق المنافع أو دفع المضرات أنى وقد عجزت عن نشر أنفسها *** وعن إغاثة أطفال وطفلات لا في ذمار ولا صنعاء يعرف ذا *** ولا بصعدة إن تقبل رواياتي ما كان أشنع هذا القول تنسبه *** إلى الزيود وهم أهدى البريات
وغير ذلك من الأشعار المفيدة ، منها ما هو موجود في ديوان الحكمة والإيمان ( ديوان السيد الإمام مجد الدين المؤيدي ) ، على شكل مراسلات بينه وبين السيد العلامة الولي مجد الدين بن محمد المؤيدي حفظه الله تعالى .
بسم الله الرحمن الرحيم لقد منّ الله سبحانه وتعالى عليّ, إذ رزقني صحبة سيدي فضيلة العلامة بدر الدين الحوثي حفظه الله لمدة تقرب من السنة والنصف, وقد كنت في تلك الفترة معه حفظه الله بعنوان طالب وخادم وحارس, تتلمذت على يديه في عدة دروس, وبعد تلك الفترة, منحني إجازة الرواية عنه, وقد رأيت من أخلاقه وعلمه وزهده وصبره وتواضعه وعبادته و..., ما أخلده في نفسي وروحي, وتيقنت أن هذا الرجل من مفاخر هذه الأمة وذخائرها, المجهولة, وأحببت هنا أن اذكر لأخواني المتابعين شيئأ يسيراً مما رأئت من عظمة ذلك الرجل, ولكي يعرف اليمنيين والعالم, من هو الرجل المطارد في بلادهم, ولكي يذكر التاريخ ولاينسى هذه الحقائق.
1- برنامجه اليومي. لما كنت في خدمته كان برنامجه كما يلي, كان يستيقظ قبل أذان الفجر بساعتين, وهو يطيل في الوضوء بأخص في القدمين, وبعد الوضوء يبدأ بصلاة الليل, فإذا جاء وقت أذان الفجر أذن وأقام الصلاة, فإذا سمعنا بذلك, دخلنا إليه في غرفته أو مصلاه وصلينا معه جماعة الفجر, وكان إذا صلى الفجر يبدأ بالإذكار المخصوصة, وهو لا يكلم أحد أبداً من بعد صلاة الفجر حتى طلوع الشمس, بل لا يتحرك من على السجادة حتى تطلع الشمس, وكانت توضع له القهوه بجواره بدون أن يكلمه من يضعها لأن الكل يعرف أنه في هذا الوقت لا يكلم أحد, فإذا طلعت الشمس وبان النهار, خرج ، وبدأ بالتدريس لمن لهم رغبة فيه, وفي حدود الساعة عشرة صباحاً يخرج, للتمرين بالمشي فيمشي مسافة طويلة, وهو حفظه مصاب بالربو, أسال الله له الشفاء, ثم يرجع ويشتري للبيت بعض ما يحتاج ونحن معه ومن ثم صلاة الظهر, والغداء ثم بعد الإستراحة ، صلاة العصر, كان يخصص في كل يوم ساعة لمراجعة القرآن الكريم عن ظهر قلب, وبعد ذلك يدرس العلوم الدينية حتى قرب المغرب, وبعدها صلاة المغرب ثم العشاء ودوس بين الفرضين وبعدها, وكان ينام مبكراً. هذه خلاصة من برنامجه اليومي, وهناك خفايا كثيرة في حياته لا يعملها إلا الله فكنت كل يوم أكتشف له فضيلة وهو لا يعرف أحد بذلك, وكان منظم إلى أعلى درجة في التنظيم.
2- علمه إذا جلست معه في أول الأمر تفكر أنه لا يعلم شيئاً أبداً, لانه لا يظهر علمه أبداً, وحتى أذا سُئل, يجيب فقط بقدر السؤال ولا يزيد عليه واذا دققت السؤال أجابك بقدر ذلك وهكذا تكتشف علمه, وقد كنت أسأله في كل شئ لم أذكر يوماً انه لم يجب على كنت أسأله في معضلات الفقه والعقائد واللغة والتاريخ والسير والتفسير و... فكان يجيب عليها بكل تواضع وكان يتحل السائلين ولا ينهر أحد أبداً, وكان يزوره علماء كبار من داخل اليمن وخارجها وكل من زاره ذهب وهو مفتون من عزارة علم السيد حفظه الله, ومن ميزاته الخاصة دقته العلمية فهو لا يمر بشئ بدون تدقيق, ذات مرة قال لي حينما تقرأ دعاء كميل لا تقل ذنباً تغفر او خظأ تستره بل قل أو غفران ذنب أو ستر خطأ, وكم له من الملاحظات التي يغفل عنها أشد العلماء دقة, فقد كان السيد كنز من العلم والفهم والدقة والورع والزهد و...
3- ورعه كانت تأتي لفضيلة السيد أموال من بعض المحبين ولكنه كان لا يصرف منها لنفسه شيئا بدا بل كان في بعض الاوقات يقترض وعنده اموال كثيرة لكن تلك الأموال يصرفها لطلاب العلم وماشابه ذلك وينتظر حتى يأتي له من منتوج ومحصول أرضه في خولان حتى يأكل ويصرف على نفسه منها, وكان لا يقبل هدايا الحكام او الملوك او غير ذلك لانه يحتمل ان يكون بينها ولو ريال واحد حرام, حتى من أناس مؤمنين أعرفهم معرفة جيدة لكن السيد لا يقبل منهم لنفسه شيئاً ابداً, ويصبر على الضغوط الداخلية لأجل ورعه, حتى قد كنا نعترض ونتعجب ولكنه لا يسمع لأحد في هذا الأمر أبداً.
4- صبره كما أشرنا إلى كيفة برنامجه مع ذلك كان مصاب بالحساسية والربو فكانت قدماه ويداه, في بعض الأوقات تؤذيانه كثيرا فكانت تتورم وتجبره على خدشها, وكان مع ذلك مصاب بالربوا و لا يفارق العلاج لحظة واحدة, وهو لا يستطيع بسبب ذلك أن يسكن في أي مكان بل لابد من جو خاص لكي يتسنى له التنفس بصورة جيدة ولذا انتخب منطقة خولان بن عامر للسكن, مع هذه الوضعية وذلك البرنامج إلا انه كان لا يتوقف عن خدمة الإسلام والمسلمين لحظة قط.
5-جهاده كما أشرنا سابقاً كل حياة السيد جهاد, ولذلك ركز عليه الوهابية وأربابهم, وفهجموا على بيته قبل التسعينيات في صعده وحاصوره بأسم الدولة, وكانت الطقوم العسكرية محيطة على بيته, لكنه بعد ذلك هاجر من صعده إلى آل الصيفي ولكن المجرمين أيضا هجموا عليه إلى بيته في آل الصيفي, وبعد ذلك هاجر إلى خولان بن عامر, وفي التسعينات أيضا أرسلت له الدولة والوهابية القملي وجماعته وضربوا بيته والغرفة التي يجلس فيها قبل المغرب بصاروخ ولكنه كان قد خرج للوضوء وهم لا يعرفون انه يطيل الوضوء وحسبوا أنه في تلك الغرفة, وتم القبض على القملي وجماعته وأعترف وقال وعدونا بوظائف واموال سعودية ونشرة صحيفة الأمة هذا الكلام وصور القملي وبعد ذلك جاء الجيش اليمني وأخذ القملي وجماعته وأطلق صراحهم, فلما رأى السيد تخاذل الناس ومكر الدولة والوهابية فكر بذهب إلى نجران ويجلس عند الزيدية هناك وكما يقال تقرب من الخوف لتأمن, ولكن الدولة السعودية لم تعطه أقامة وأخرجته من أرضها, فذهب إلى الإردن وبسبب علاقة الفندم والملك حسين ايضا لم تستقبله الاردن ثم هاجر بعد ذلك إلى الجمهورية الاسلامية في ايران وبقي حوالي سنة هناك ثم تحسن والوضع في اليمن ورجع ليواصل الدعوة والهداية للناس, وقد ألف المؤلفات الكثيرة العظيمة التي عجر الوهابية عن الرد عليها إلى اليوم منها كتاب تحرير الأفكان من الوهابية الأشرار, وهو أبو الجهاد وسيد الجهاد و سيعجز قلمي عن تبيين مقام ذلك الرجل العظيم, وسوف تعلم الدولة اليمنة من تحارب أنها تحارب بحر من بحور العلم وجبلا من جبال الصبر وقطبا من أقطاب الدين و.... وأنا بنظر أن هذه الغلطة التي ستقضي على النظام في اليمن فالعلامة بدر الدين إذا لم ينتقم له الناس فسوف ينتقم له رب الناس ويستحيل على الله جل وعلا أن لا ينتقم لمثل هذا الرجل وأن شاء الله سوف يكون ذلك قريب.
6- من خصائصه السيد العلامة بدر الدين الحوثي له خصائص كثيرة منها: أ- كان حافظ للقرآن الكريم ونهج البلاغة, ومن شدة ورعه وزهده أني لم أعرف ذلك إلا بعد عام كامل من صحبته. ب- لا يشكي لأحد من مرض أو ألم بل كان يشكي إلى الله فقط, (قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) (يوسف:86). ت- قال لي ذات مره: إذا اردت الشفاء فعليك بثلاثة أمور, الصدقة او العسل أو قراءت القرآن, فإني لم أرى أنفع منها على الإطلاق للطلب الشفاء. ث- كانت وصايا مهمة فقد اوصاني بقراءة سورة الانعام على طول اسبوع كامل وقال ان هذه مجرب مجرب مجرب لقضاء الحاجات, واوصاني بأعمال أم داوود وقال أن لديه سند خاص بذلك إلى الأمام الصادق ولا يمتلك ذلك السند غيره. ج- قال لي ذات مرة ، كل من يزورني من التجار او الشخصيات الخيرية التي تريد مساعدة الزيدية لنشر العلم, يسألوني عن بعض النشطين في الحقل الثقافي, ودأبي في ذلك تزكية جميع النشطين في هذا المجال فأنا لا أنقص من أحدا أبدا اذا كان يعمل لمذهب أهل البيت حتى لو كانت حوله تهم وغير ذلك. ح- قال لي ذات مره أنا اول من تأذى من بعض الشباب المؤمن وذكر لي بعض الأمثلة, وقال لكن لاجل خدمة المذهب ولاجل الحفاظ على الوحدة لا زلت أدافع عنهم. _________________