محاولة انقلاب الصخيرات 1971
1971 Moroccan coup d'état attempt | |||||||
---|---|---|---|---|---|---|---|
| |||||||
المتحاربون | |||||||
Rebel cadets from Ahermoumou military school
Libya (alleged)[1][2] | |||||||
القادة والزعماء | |||||||
|
| ||||||
الضحايا والخسائر | |||||||
|
| ||||||
|
محاولة انقلاب الصخيرات 1971، وتعرف باسم "انقلاب الصخيرات"، كانت محاولة فاشلة من قبل عدد من القادة العسكريين المتمردين للإطاحة بالملك الحسن الثاني بن محمد ملك المغرب، وجرت المحاولة في 10 يوليو 1971، أثناء حفل عيد ميلاده الثاني والأربعين. وكانت هذه المحاولة الأولى من محاولتين للانقلاب في عهد الحسن، وخطط لها فصيل متمرد من القوات المسلحة الملكية بقيادة المقدم أمحمد أعبابو والجنرال محمد المذبوح.
هاجم الفصيل القصر الصيفي للملك في الصخيرات ومقر إذاعة المغرب ومقار وزارة الداخلية في الرباط. وهرب الملك الحسن والمقربين منه، واختبأوا في حمام بالقرب من مسبح القصر، لحين أن تمكن الحرس الملكي المغربي من قتل المتمردين وأسرى من تبقى منهم. دفعت محاولة الانقلاب الملك الحسن، للقيام بإصلاح القوات المسلحة الملكية، وتنصيب محمد أوفقير وزيراً للدفاع، إلا أن أوفقير، شارك في محاولة الانقلاب الثانية ضد الملك في عام 1972.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الخلفية
محمد المذبوح
كان اللواء محمد مدبوح المفتش العام للحرس الملكي المغربي،[3] ورئيس الديوان العسكري الملكي.[3][4]وسبق أن تورط في محاولة اغتيال الملك التي جرت عام 1963.[5] في أبريل 1971[6] زار المذبوح الولايات المتحدة لتلقي العلاج الطبي بعد إصابته بنوبة قلبية خفيفة.[4][7][8] وخلال زيارته، وبناءً على طلب الملك منه الاستفسار عن سبب تخلي شركة الطيران الأمريكية بان أمريكان عن خططها لبناء فندق إنتركونتيننتال في الدار البيضاء،[4][9]اكتشف مدبوح أن رجل الأعمال المغربي، عمر بن مسعود، طلب من شركة بان آم رشوة، والتي وصفها بـ"عمولة كبيرة" مقابل تحصيله على إذن من الحكومة لبناء الفندق.[10][7][11] وكان بن مسعود قد زعم أن له صلات وثيقة بالملك واقترح أن تدفع الشركة للعاهل 600 ألف دولار أمريكي (تعادل 3.5 مليون دولار في 2023) بالإضافة إلى "عمولته" الخاصة.[9][10]وأبلغت شركة بان آم وزير خارجية الولايات المتحدة عن الأمر، مما أدى إلى تدرهو العلاقات الأمريكية المغربية.[9][7]وأثناء استجوابه لبن مسعود، علم المذبوح بخمس قضايا فساد أخرى، بما في ذلك حلقة لتهريب الفوسفات في الناظور.[9][12][11] وأدت نتائج التقرير، بقيام الملك حسن بإقالة أربعة وزراء.[7][4] إلا ان المذبوح اعتبر أن هذا الرد غير كاف، ورأى أن الوزراء يجب أن توجه لهم تهماً جنائية.[4] وبستلهام من تجربة جمال عبد الناصر والثورة المصرية عام 1952، بدأ المذبوح في وضع خطط للاستيلاء على السلطة بالقوة، وقام بتجنيد كبار الضباط من القوات المسلحة الملكية ليتخصلوا من الملك[13][4] ولإنشاء "مجلس ثوري" لتخليص البلاد من الفساد.[6][11]
أمحمد أعبابو
كان المقدم محمد أعبابو، رئيس المدرسة العسكرية في أهرمومو، يخطط للإطاحة بالملك منذ 1968.[14][15][16] إذ عُرف عنه أنه ناصري، وكان أعبابو قد أعرب في السابق عن إحباطه من الفساد الحكومي والمخالفات.[4][17] وخطط للانقلاب في 14 مايو، في نفس يوم العرض العسكري.[18][17]إذ كان شقيقه محمد أعبابو شريكاً له في المخطط، إلا أن مدى تورطه لا يزال غير واضح.[14][19] كان كل من أعبابو والمذبوح ينحدران من الريف، من قبيلة جزناية.[12] وأقنعا خمسة من الجنرالات الأربعة عشر في القوات المسلحة الملكية، معظمهم من التقليديين غير السياسيين، بالمشاركة في المخطط، ووعدواهم بأنهم سيصبحون جزءاً من "المجلس الثوري" فور نجاح الانقلاب.[12][11][20]
الهجوم
هجوم الصخيرات
في 10 يوليو 1971، الساعة 14:08 بتوقيت غرنتش،[21][22] وخلال الاحتفال بعيد ميلاد الملك الحسن، الثاني والأربعين في قصره في الصخيرات الساحلية والتي تبعد 20 كلم جنوب الرباط. اقتحم، حوال 1400 مجند من طلاب من أكاديمية أهرمومو للتدريب العسكري بقيادة المقدم أمحمد أعبابو،[7] .[23] القصر وهاجموا الضيوف بالأسلحة الآلية والقنابل اليدوية.[12][11] إذ كان هنالك بين 400[24] و800[4]ضيف حاضرين في القصر أثناء الهجوم.[25][7] وقد أخبر الطلاب العسكريين أن الملك محتجز من قبل "المخربين والنقابيين"،[9][21][7]وأن حياته كانت مهددة ومن الضروري مواجهة المتمردين المزعومين من أجل إنقاذه.[26][27][9]كان العديد من الطلاب العسكريين تحت تأثير الأمفيتامينات، كما عثر مع الطلاب الذين تم أسرهم على بنزيدرين.[9][16] وأفاد شهود عيان أن التجمع الفاخر قد أثار حفيظة الطلاب العسكريين الذين صرخوا بألفاظ نابية في وجه الدبلوماسيين الأجانب الذين كانوا في الحفل.[26][28][7] أثناء الهجوم أُجبر العديد من الضيوف على الاستلقاء وأيديهم خلف ظهورهم.[5][29] فيما تمكن الملك الحسن وعائلته ومساعدوه من الفرار والاختباء في جناح صغير بجوار مسبح القصر، كما هرب ضيوف آخرون إلى الشاطئ القريب.[29][30][31] خلال الهجوم، اكتشف اللواء المذبوح مخبأ الملك وحاول التفاوض معه، وألقى مسؤولية الهجوم على أعبابو.[9][7] لكن الحسن رفض التحدث إليه، وأمر المذبوح أحد الجنود بالوقوف وحراسة الجناح لمنع أي شخص من الدخول أو المغادرة.[9] وبعد ساعتين، في تمام الساعة 16:45 (بتوقيت جرينتش)، ظهر الملك لمواجهة الطالب المتمرد، الذي اعتذر لعدم الاعتراف به.[29][31][11] وأمر الحسن الطالب بإحضار ثلاثة من رفاقه وتلا سورة الفاتحة.[24][9] ثم انضم الطلاب، الذين اعتقدوا أنهم يداهمون القصر لحماية الملك، وصرخوا، "يعيش الملك!"، إيذانا بنهاية الهجوم في الصخيرات.[4][13] في نفس الوقت تقريبا، حوصر أعبابو في مرمى النيران وأجبر على التراجع بعد إصابته برصاصة في كتفه.[11]
مقتل محمد المذبوح
قتل اللواء محمد المذبوح أثناء الهجوم في الصخيرات، لكن روايات متضاربة حول ظروف وفاته.[22][30] وأدعى الحسن أن مدبوح قُتل بالخطأ أثناء مشاجرة مع الدكتور فاضل بنيعيش حول سلاح رشاش.[30][9][7] وزعم اللواء محمد أوفقير، وزير الداخلية آنذاك، أن مدبوح قُتل على أيدي القوات التابعة لوزارة الداخلية في الرباط.[30]تعتبر نسخة الملك مقبولة بشكل عام، حيث يُعتقد أن المذبوح كان قد مات بالفعل حين وصول المتمردون إلى الرباط.[30] وانتشرت شائعات بأن محمد أعبابو ومساعده ضابط الصف حروش عقا،[32]أطلقوا النار على المذبوح بسب خلاف حول الأهداف النهائية للانقلاب.[26] إذ أراد المذبوح أن يُجبر الحسن بالتنازل عن العرش والاتفاق على وصي يدير البلاد، في حين أن أعبابو كان يريد جمهورية يقودها الجيش.[3][11]
الهجوم على الرباط
في الساعة 17:45 (بتوقيت جرينتش)، أمر محمد أعبابو، الجنود المتبقين في الصخيرات بالتوجه إلى الرباط بسرعة لشن سلسلة من الهجمات المنسقة على عدة مواقع استراتيجية، بما في ذلك وزارة الداخلية، ومقر القوات المسلحة الملكية ومركز الإذاعة.[33][34] و أمر أعبابو المتمردين بتوجه إلى الرباط بعد مقتل المذبوح، بهدف الإطاحة بالحكومة.[7] أولا، توجه أعبابو لمستشفى محمد الخامس العسكري، حيث رفض الجراحة وخضع للرعاية الملطفة للحد من النزيف الناتج عن طلق ناري.[11] وفي راديو المغرب احتجز المتمردون خمسة وسبعين كرهائن من بينهم المطرب المصري عبد الحليم حافظ.[34][35] وطالب أعبابو عبد الحليم حافظ بإعلان وفاة الملك، لكن حافظ رفض، الأمر الذي أغضب أعبابو.[34][36]بعدها أصدر أعبابو أوامر للمتمردين الباقين في الصخيرات، بإعدام كل من في القصر باستخدام عبارة رمزية، تقول أن "العشاء يتم تقديمه للجميع بحلول الساعة 7 مساءً".[37][38] ثم تطوع الملحن عبد السلام عامر بقراءة خطاب يزعم أن الملك قد مات وأن "جيش الشعب" قد تولى الحكم وأعلن الجمهورية.[36][39][34] إلا أن إذاعة طنجة المحلية نفت مزاعم وفاة الحسن وأكدت أن الملك على قيد الحياة ويسيطر على الأحداث.[7][40] في ذلك الوقت كانت بعض وكالات الأنباء الأجنبية تنشر نعي الحسن، فيما بثت الإذاعة الليبية برنامجاً خاصاً ابتهاجاً بنبأ وفاته.[41][7] كما احتفلت صحيفة مصر الحكومية الأهرام بوفاة الحسن.[13] لاحقاً، أدت هذه التقارير إلى أزمة دبلوماسية بين المغرب ومل من ليبيا ومصر..[7][13] بعدها حاولت القوات الموالية للملك بقيادة اللواء محمد بشير البوهالي اعتقال أعباب، واشتبك مع المتمردين في مقر قيادة القوات المسلحة الملكية، وأصيب محمد أعبابو برصاصة في رقبته خلال المواجهة.[4][15][7] وبعد إصابته، ورد أن أعبابو طلب من مساعده حروش عقا، قتله ليتجنب اعتقاله حياً.[15] [42] وامتثل عقا للطب، وأطلق النار على أعبابو في رأسه وقتله.[34] وبمجرد انتهاء الهجوم، قامت القوات الحكومية بإغلاق المباني الرسمية، واعتقلت المتمردين المستسلمين، وسيرت دوريات في شوارع الرباط بالدبابات.[23][11]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الخسائر
أدت محاولة الانقلاب إلى مقتل 278 شخصاً، بينهم 158 من الطلاب الانقلابيين، و 20 جنديا نظامياً، وضابط شرطة، و98 من الضيوف المدنيين في الصخيرات.[25][30][43] قُتل كل من محمد أعبابو ومحمد المذبوح.[34] كما أعدم عشرة ضباط رفيعي المستوى من القوات المسلحة الملكية بعد ثلاثة أيام من الانقلاب.[44] وكان من بين أعضاء الوفد المرافق للملك الذين لقوا مصرعهم أحمد وفيق المعزوز "القائم بأعمال البعثة" في الديوان الملكي.[45] وطبيبان هما فاضل بن يعيش، الذي كان الطبيب الشخصي للملك[45] و هنري دوبويس روكبيرت، طبيب العائلة المالكة الذي قتل أثناء محاولته مساعدة الجرحى.[46][7] وكان من بين القتلى محمد ابا حنيني، رئيس وزراء المغرب،[45]واللواء بالقوات المسلحة الملكية محمد بشير البوهايلي،[45] ومارسيل دوبريه، سفير بلجيكا بالمغرب.[47] وعمر غنام مدير المركز السينمائي المغربي،[48]ورجلي الأعمال، تشارلز جوتا [45]وماكس ماجنان، الرئيس التنفيذي لشركة كوسومار،[45] بالإضافة لعبد المالك فرج، وزير الصحة المغربي الأسبق، الذي أصيب برصاصة في تبادل لإطلاق النار أثناء مساعدة رجل جريح.[49]كما توفي بيير كريمر الطباخ في فندق "لاتور حسن بالاس".[45]
النتائج
انتهت محاولة الانقلاب في نفس اليوم الذي بدأت فيه، وقتل 158 متمرداً وألقي القبض على 1081.[25][50][11] وأغلق الجيش ميناء الدار البيضاء وحاصر السفارة الليبية لمنع أي عمليات هروب محتملة.[30][51] في البداية ألقى الملك الحسن باللوم على النقابات العمالية والأحزاب اليسارية، واصفاً إياها بأنها تتحدى سلطته.[7][23] كما انتقد محاولة الانقلاب ووصفها بأنها "متخلفة في أسوأ معاني المصطلح" وأنها "انقلاب على الطراز الليبي" كما وصفها بـ"الطفولية والنقص".,[51][52] كما سعى الحسن إلى توريط مصر من خلال الزعم أن 600 مغربي حاولوا تجديد جوازات سفرهم في القاهرة يوم الهجوم.[23] وقال بأن المذبوح لم يتمنى له أي أذى شخصي، وشبهه بـتشارلز مانسون، واصفا إياه بـأنه يعاني من "الفصام والذعر".[5] فيما تواردت أنباء أن حسن قال للوزير محمد بوسيطة؛ "هؤلاء الناس أذلوني؛ يجب أن يدفعوا الثمن، ليس بضربة مسدس سريعة، إنما ببطء، مثل كيس من السكر في ماء مثلج".[53] في اليوم التالي لمحاولة الانقلاب، حضر الملك الحسن جنازة رسمية مع الملك حسين بن طلال، ملك الأردن، شُيع خلالها 20 جندياً موالياً، قتلوا خلال محاولة الانقلاب.[29][30] في 13 يوليو، وبعد ثلاثة أيام من محاولة الانقلاب، أُعدم عشرة ضباط رفيعي المستوى دون محاكمة في ميدان الرماية بالرباط لتورطهم في محاولة الإنقلاب.[29][14][44]وجرى تصوير وبث عمليات الإعدام على التلفزيون الوطني، فيما هتف بعض الضباط "يعيش الملك، المجد للحسن الثاني!" أثناء إعدامهم.[29][9][44]وتجمع أفراد من القوات المسلحة الملكية للبصق على جثث الضباط المعدمين.[54] قُبض على رجل الأعمال عمر بن مسعود، المتورط في فضيحة بان أمريكان، وحُكم عليه، في عام 1972، بالسجن لمدة 12 عاما، بالإضافة لعدد من الوزراء السابقين.[55][56] كما ألقي القبض على عبد السلام عامر، الملحن الذي أعلن وفاة الملك المزعومة أثناء الانقلاب، وجرت محاكمته، ورغم تبرئته، إلا أن حياته المهنية انتهت.[57][58] إذ رفضت استوديوهات التسجيل العمل معه وتادرجت أغانيه في القائمة السوداء، رغم كل محاولاته لاستعادة مكانته عند الملك.[57] ورداً على المحاولة الإنقلابية، تعهد حسن بالقضاء على الفساد الحكومي، وتقليل الفوارق الاقتصادية، وتحسين التعليم، وضمان الإدارة العادلة وتحقيق العدالة. واستمر تكرار هذه الوعود طوال فترة السبعينيات.[20] كما أجرىتغيرات بالقوات المسلحة الملكية بعد الهجوم، وعين محمد أوفقير وزيراً للدفاع.[5][24][59] لاحقاً، اتُهم أوفقير بالتخطيط لانقلاب آخر فاشل في عام 1972 ضد الحسن، والذي شاركت فيها طائرات نورثروب إف -5 في محاولة إسقاط طائرة الملك. [24] ويقال أنه لعب دوراً سلبياً في محاولة انقلاب الصخيرات.[24][11][20] تم منح عائلات القتلى ما يصل إلى 600 درهم أي حوالي ($60 دولار أمريكي في حينها، وما يعدال $344 في 2023) من الحكومة.[48]وفي عام 2000، شكلا جمعية أهالي ضحايا أحداث الصخيرات[60] وفي عام 2004، تلقت عائلات الضحايا تعويضات من "هيئة الإنصاف والمصالحة"، وهي لجنة أنشأها ابن حسن وخليفته محمد السادس.[11][61] في عام 2010، افتتح نصب تذكاري تخليدا لذكرى ضحايا الهجوم في مقبرة الشهداء بالدار البيضاء، حيث دفن معظم الضحايا.[61]
محاكمة الانقلابين
حوكم المتمردون أمام المحكمة العسكرية الدائمة للقوات المسلحة الملكية في القنيطرة وبدأت المحاكمة في 31 يناير 1972.[62] ترأس المحكمة عبد النبي بوعشرين ومثل النيابة المقدم رمضان بن يادة.[63][64] وصد الحكم على الطلاب في 29 فبراير 1972;[62] وحصل 1008 منهم على البراءة[62]بينما صدرت أحكام بالسجن تراوحت بين سنة و20 سنة وغرامات تتراوح بين 150 و10000 درهم على 64 طالب متمرد.[65][62] حُكم على الملازم محمد رايس بالإعدام لقتله النقيب بوجمعة أصلي، الحارس الشخصي للأمير مولاي عبد الله، بأمر من محمد أعبابو.[66][65] ثم خفض الحكم فيما بعد إلى السجن مدى الحياة[66][67]وأطلق سراحه في سبتمبر 1992 بعفو ملكي.[59][68] حكم على النقيب محمد شلات وضابط الصف حروش عقا والرقيب غني عاشور بالسجن المؤبد.[65]وأطلق سراح عاشور في نوفمبر 1992.[68] كما حكم على العقيد محمد أعبابو بالسجن 20 عاما، بينما حكم على الضابط المتدرب أحمد مزيرق بالسجن 15 عاما.[69]في 12 يوليو 1975، فر أربعة متمردين، بمن فيهم محمد أعبابو، من سجن سري في الرباط، يحمل الاسم الرمزي PF3، مع مجموعة من السجناء الآخرين.[15][70] وأعاد أفراد الدرك الملكي القبض عليهم وانقعت اخبارهم بعد ذلك بوقت قصير.[71] في عام 1976 صدرت شهادة وفاة لمحمد أعبابو في بلدة بالقرب من الرشيدية.[72][15]كان العديد من المتمردين قد نُقلوا من سجن القنيطرة المركزي إلى سجن سري جديد في تازمامارت بالقرب من الريش، والذي بني بين عامي 1972 و1973 وأصبح رمزًا للقمع السياسي في المغرب "سنوات الرصاص ".[59][73][74][75]
See also
Further reading
- Hughes, Stephen O. (2001). Morocco under King Hassan (1st ed.). Reading, U.K.: ITHACA Press. ISBN 9780863725524.
- Braun, Frank H. (1978). "Morocco: Anatomy of a Palace Revolution That Failed". International Journal of Middle East Studies. 9 (1): 63–72. doi:10.1017/S0020743800051692. ISSN 0020-7438. JSTOR 162625. S2CID 162315032 – via JSTOR.
- Bachir El Bouhali, Mourad (2014). Autopsie d'une trahison du putsch manqué de Skhirat (in الفرنسية). Othman Bouabid (2nd ed.). Casablanca: La Croisée des Chemins. ISBN 978-9954104255. OCLC 929615064.
- Pédron, François (1972). Échec au roi : du coup d'État de Skhirat au suicide d'Oufkir (in الفرنسية). Paris: La Table Ronde. ISBN 2710312271. OCLC 00631492.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
External links
- "Bloody Birthday", TIME Magazine, Vol. 98, No. 3, July 19, 1971
- "Slaughter at the Summer Palace", TIME Magazine, Vol. 98, No. 4, July 26, 1971
- "The Cracked Facade", TIME Magazine, Vol. 98, No. 4, July 26, 1971
- Hassan's Military Proves Untrustworthy, US State Department Intelligence Memo
- "Le rôle d'Oufkir", le Nouvel Observateur, No. 349, July 19, 1971 (in فرنسية)
References
Notes
Citations
- ^ أ ب Doublet, Pierre (2 March 2006). "Le complot de Skhirat" (in الفرنسية). L'Express. Archived from the original on 28 January 2022. Retrieved 4 June 2022.
- ^ Lamlili, Nadia (11 August 2015). "Palais de Skhirat au Maroc : Hassan II, un roi miraculé" (in الفرنسية). Jeune Afrique. Archived from the original on 28 January 2022. Retrieved 4 June 2022.
- ^ أ ب ت Dalle, Ignace (2011-03-09). "Les deux coups d'État manqués". Hassan II: Entre tradition et absolutisme (in الفرنسية). Paris: Fayard. pp. 219–221. ISBN 9782213637839. OCLC 717787482. Archived from the original on 3 September 2022. Retrieved 3 September 2022.
- ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر Howe, Marvine (2005-06-02). "Military Coup Attempts". Morocco: The Islamist Awakening and Other Challenges. Oxford University Press. pp. 109–113. ISBN 978-0-19-534698-5. Archived from the original on 18 March 2023. Retrieved 22 July 2015.
- ^ أ ب ت ث Gellner, Ernest; Micaud, Charles A. (1972). "The Coup of 10 July 1971". Arabs and Berbers: from tribe to nation in North Africa;. Lexington, Mass.: Heath. pp. 395–430. ISBN 0-669-83865-9. OCLC 690638. Archived from the original on 18 March 2023. Retrieved 14 October 2022.
- ^ أ ب "LE ROLE D'OUFKIR". Le Nouvel Observateur. No. 349. 1979-07-19. pp. 19–22. ISSN 0029-4713. Archived from the original on 23 July 2015. Retrieved 22 July 2015.
- ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ض ط ظ Hughes, Stephen O. (2001). "The Cutthroat at Skhirat". Morocco under King Hassan (1st ed.). Reading, U.K.: ITHACA Press. pp. 159–166. ISBN 9780863725524.
- ^ Tobji, Mahjoub (2006). Les officiers de sa majesté : les dérives des généraux marocains, 1956-2006. Paris: Fayard. ISBN 2-213-63015-1. OCLC 71336816. Archived from the original on 18 March 2023. Retrieved 17 August 2022.
- ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س Doublet, Pierre (2 March 2006). "Le complot de Skhirat". L'Express (in الفرنسية). ISSN 0245-9949. Archived from the original on 28 January 2022. Retrieved 22 July 2015.
- ^ أ ب "«L'affaire» Benmessaoud". Zamane (in الفرنسية). 2020-04-20. Archived from the original on 18 March 2023. Retrieved 2022-08-16.
- ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش Bachir El Bouhali, Mourad (2014). Autopsie d'une trahison du putsch manqué de Skhirat (in الفرنسية). Othman Bouabid (2nd ed.). Casablanca: La Croisée des Chemins. ISBN 978-9954104255. OCLC 929615064.
- ^ أ ب ت ث Braun, Frank H. (1978). "Morocco: Anatomy of a Palace Revolution That Failed". International Journal of Middle East Studies. 9 (1): 63–72. doi:10.1017/S0020743800051692. ISSN 0020-7438. JSTOR 162625. S2CID 162315032. Archived from the original on 11 August 2022. Retrieved 11 August 2022 – via JSTOR.
- ^ أ ب ت ث Hassan II, King of Morocco (1993). La mémoire d'un roi : entretiens avec Eric Laurent. Éric Laurent. Paris: Plon. ISBN 2-259-02596-X. OCLC 28547610. Archived from the original on 25 January 2022. Retrieved 2 September 2022.
- ^ أ ب ت El Azizi, Abdellatif (2011-11-04). "Skhirat, L'histoire du putsch revue et corrigée". Actuel. Archived from the original on 29 November 2022. Retrieved 2022-08-17.
- ^ أ ب ت ث ج Aouad, Lahcen (2009-05-22). "M'hamed Ababou : l'homme qui a voulu tuer Hassan II". TelQuel. pp. 54–61. ISSN 2731-2062. Archived from the original on 2014-02-22. Retrieved 22 July 2015.
- ^ أ ب Tingitanus (1972). "Au Maroc, l'histoire ne sonnera pas deux fois". Esprit (1940-). 411 (2): 280–290. ISSN 0014-0759. JSTOR 24261959. Archived from the original on 17 August 2022. Retrieved 17 August 2022.
- ^ أ ب "AU PROCES DE KÉNITRA UN DES PRINCIPAUX INCULPÉS ASSURE QU'IL A TENTÉ D'EMPÊCHER LE COUP D'ÉTAT DE SKHIRAT". Le Monde (in الفرنسية). 1972-02-05. ISSN 0395-2037. Archived from the original on 17 August 2022. Retrieved 2022-08-17.
- ^ EL HASSOUNI, Abdelmohsin (14 June 2005). "Il était une fois à Skhirat…". Aujourd'hui Le Maroc (in الفرنسية). ISSN 1114-4807. Archived from the original on 30 June 2016. Retrieved 2022-08-17.
- ^ Raiss, Mohammed (2002). De Skhirat à Tazmamart : retour du bout de l'enfer. Maroc: Afrique Orient. ISBN 9981-25-252-2. OCLC 53067769.
- ^ أ ب ت Nyrop, Richard F.; Nelson, Harold D. (1978). Morocco, a country study. DA pam 550 ; 49. Washington: Dept. of Defense, Dept. of the Army : for sale by the Supt. of Docs., U.S. Govt. Print. Off.
- ^ أ ب Bertoin, Jacques (5 July 2004). "Au Palais de Skhirat, l'horreur". Jeune Afrique (in الفرنسية). ISSN 0021-6089. Archived from the original on 17 August 2022. Retrieved 2022-08-17.
- ^ أ ب Abitbol, Michel (2009). "Années de plomb, années de complots". Histoire du Maroc (in الفرنسية). Paris: Perrin. pp. 510–512. ISBN 978-2262023881. OCLC 458764170. Archived from the original on 27 August 2022. Retrieved 27 August 2022.
- ^ أ ب ت ث "On this day - 1971: Death for Moroccan rebel leaders". BBC. 13 July 1971. Archived from the original on 25 January 2021. Retrieved 22 July 2015.
- ^ أ ب ت ث ج Gregory, Joseph R. (July 24, 1999). "Hassan II of Morocco Dies at 70; A Monarch Oriented to the West". The New York Times. ISSN 0362-4331. Archived from the original on 3 February 2020. Retrieved 22 July 2015.
- ^ أ ب ت Wynn, Wilton (1971-07-26). "The World: Slaughter at the Summer Palace". Time (in الإنجليزية الأمريكية). ISSN 0040-781X. Archived from the original on 17 August 2022. Retrieved 2022-08-17.
- ^ أ ب ت Sater, James N. (2009-11-30). Morocco: Challenges to Tradition and Modernity. Routledge. ISBN 978-0-203-86409-8. Archived from the original on 18 March 2023. Retrieved 22 July 2015.
- ^ Binebine, Aziz (2009). Tazmamort : récit. Paris: Denoël. ISBN 978-2-207-26058-6. OCLC 303029096. Archived from the original on 17 August 2022. Retrieved 17 August 2022.
- ^ Miller, Susan Gilson (2013-04-15). A History of Modern Morocco. Cambridge University Press. ISBN 978-0-521-81070-8. Archived from the original on 18 March 2023. Retrieved 22 July 2015.
- ^ أ ب ت ث ج ح CAU, Jean (1971-07-24). "La Tragedie Marocaine". Paris Match. No. 1159. pp. 14–30. ISSN 0031-2029.
- ^ أ ب ت ث ج ح خ د Hess, John L. (1971-07-13). "MOROCCO MUTINY STILL A MYSTERY". The New York Times (in الإنجليزية الأمريكية). ISSN 0362-4331. Archived from the original on 17 August 2022. Retrieved 2022-08-17.
- ^ أ ب Kerdoudi, Jawad. "Complot de Skhirat. Témoignage d'un rescapé". Médias 24 (in الفرنسية). Archived from the original on 17 August 2022. Retrieved 2022-08-17.
- ^ Monjib, Maâti (2012-12-04). "Ce qu'on sait du putsch de Skhirat". Zamane (in الفرنسية). Archived from the original on 17 August 2022. Retrieved 2022-08-17.
{{cite web}}
: CS1 maint: bot: original URL status unknown (link) - ^ Alves, Marcio Moreira (1973). "Review of L'Eglise des prisons". Esprit (1940-). 420 (1): 282–284. ISSN 0014-0759. JSTOR 24263700. Archived from the original on 17 August 2022. Retrieved 17 August 2022.
- ^ أ ب ت ث ج ح Ziraoui, Youssef; Sekkouri Alaoui, Mehdi; Mrabet, Ayla. "Skhirat, les minutes d'un anniversaire sanglant". TelQuel (in الفرنسية). ISSN 2731-2062. Archived from the original on 2013-12-14. Retrieved 2022-08-17.
- ^ Babas, Latifa. "Maroc : L'histoire rocambolesque d'Abdelhalim Hafez pendant le coup d'Etat de 1971". Yabiladi (in الفرنسية). Archived from the original on 17 July 2022. Retrieved 2022-08-17.
- ^ أ ب Al Bakli, Jaafar (2020-07-15). "Le coup de Skhirat, cinquante ans après. 2/2". Madaniya (in الفرنسية). Archived from the original on 30 June 2022. Retrieved 2022-08-17.
- ^ Castro-Villacanas, Javier (2019-08-04). "Juanita y Ascensión, las niñeras españolas que salvaron de la muerte al rey Mohamed VI". El Español (in الإسبانية). ISSN 2792-730X. Archived from the original on 20 September 2022. Retrieved 2022-09-16.
- ^ "Makhzen, mode d'emploi… Les confidences exclusives d'Abdelhak El Merini, porte-parole du Palais". Jeune Afrique (in الفرنسية). 27 October 2021. ISSN 0021-6089. Archived from the original on 27 January 2022. Retrieved 2022-09-16.
- ^ Damis, John (1972). "The Moroccan Political Scene". The Middle East Journal. 26 (1): 25–36. ISSN 0026-3141. JSTOR 4324873. Archived from the original on 17 August 2022. Retrieved 17 August 2022 – via JSTOR.
- ^ Kadiri, Abdeslam. "Il était une fois Radio Tanger". TelQuel (in الفرنسية). ISSN 2731-2062. Archived from the original on 3 September 2022. Retrieved 2022-09-03.
- ^ Hess, John L. (1971-07-29). "Hassan Lays Arab Strife To Failure of Leadership". The New York Times (in الإنجليزية الأمريكية). ISSN 0362-4331. Archived from the original on 27 August 2022. Retrieved 2022-08-27.
- ^ خطأ استشهاد: وسم
<ref>
غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة: 10
- ^ The Americana Annual 1972: an encyclopedia of the events of 1971. Americana Corporation. 1972. ISBN 978-0-7172-0203-4. OCLC 785740429.
- ^ أ ب ت Hess, John L. (1971-07-14). "10 ARE EXECUTED BY ARMY IN RABAT". The New York Times (in الإنجليزية الأمريكية). ISSN 0362-4331. Archived from the original on 3 September 2022. Retrieved 2022-09-03.
- ^ أ ب ت ث ج ح خ "La liste des victimes". Le Monde (in الفرنسية). 1971-07-15. ISSN 0395-2037. Archived from the original on 5 May 2022. Retrieved 2022-08-18.
- ^ "Qui est Henri Dubois-Roquebert ?". Aujourd'hui Le Maroc (in الفرنسية). 2003-11-20. ISSN 1114-4807. Archived from the original on 20 September 2022. Retrieved 2022-09-16.
- ^ Zaatit, Hassan (2021-07-12). "Plaque à la mémoire de Marcel Dupret : 3 questions à l'Ambassadeur de Belgique au Maroc". La Nouvelle Tribune (in الفرنسية). Archived from the original on 12 July 2021. Retrieved 2022-09-16.
- ^ أ ب "Saâd Ghannam : «L'Etat ne veut pas nous entendre»". Aujourd'hui le Maroc (in الفرنسية). 14 June 2005. Archived from the original on 7 November 2022. Retrieved 2022-11-07.
- ^ "Docteur Abdelmalek Faraj : Une vocation et une passion". Le Matin (in الفرنسية). 2012-04-09. ISSN 0851-9382. Archived from the original on 20 September 2022. Retrieved 2022-09-16.
- ^ "Tazmamart: official silence and impunity". Amnesty International (in الإنجليزية). 1992-11-01. Archived from the original on 3 September 2022. Retrieved 2022-09-03.
- ^ أ ب "Morocco: The Cracked Facade". TIME (in الإنجليزية الأمريكية). 1971-07-26. ISSN 0040-781X. Archived from the original on 3 September 2022. Retrieved 2022-09-03.
- ^ "Execution follows coup attempt". Golden Transcript. United Press International. 1971-07-12. ISSN 0746-6382. LCCN sn83005473. OCLC 10199885. Archived from the original on 3 September 2022. Retrieved 2022-09-03.
- ^ Dalle, Ignace (2004). Les trois rois : la monarchie marocaine, de l'indépendance à nos jours. [Paris]: Fayard. ISBN 2-213-61746-5. OCLC 56489647. Archived from the original on 16 September 2008. Retrieved 13 January 2023.
- ^ "LES RESPONSABLES DE LA TUERIE DE SKHIRAT ONT ETE PASSES PAR LES ARMES". Maghreb Arabe Presse. ISSN 0851-0229. Archived from the original on 3 September 2022. Retrieved 2022-09-03.
- ^ "La lutte contre la corruption dans tout le royaume aurait donné lieu à de nombreuses arrestations". Le Monde (in الفرنسية). 1971-11-05. ISSN 0395-2037. Archived from the original on 17 August 2022. Retrieved 2022-08-16.
- ^ "Le procureur du roi requiert des peines d'emprisonnement contre plusieurs anciens ministres". Le Monde.fr (in الفرنسية). 1972-11-29. Retrieved 2023-04-15.
- ^ أ ب "Abdeslam Amer, ombre et lumière". La Vie éco (in الفرنسية). 4 July 2008. Retrieved 2023-04-30.
- ^ "La lune rouge". Quid.ma (in الفرنسية). Retrieved 2023-04-30.
- ^ أ ب ت Smith, Stephen (1999). Oufkir: un destin marocain (in الفرنسية). Paris: Calmann-Lévy. ISBN 2-7021-2938-2. OCLC 42849861. Archived from the original on 27 August 2022. Retrieved 27 August 2022.
- ^ ALM (2003-12-11). "Le calvaire des familles des victimes de Skhirat". Aujourd'hui le Maroc (in الفرنسية). Retrieved 2023-04-30.
- ^ أ ب "Préservation de la mémoire: une stèle à la mémoire des événements de Skhirat". Conseil National des Droits de l'Homme. 2010-03-05. Retrieved 2023-05-12.
- ^ أ ب ت ث "Histoire : Les procès politique du temps de Hassan II". TelQuel (in الفرنسية). 4 July 2014. ISSN 2731-2062. Archived from the original on 3 September 2022. Retrieved 2022-09-03.
- ^ Roudan, Michel (1973). "Justice, pouvoir et politique au Maroc: des procès pour quoi faire!". L'Annuaire de l'Afrique du Nord. Vol. 11. IREMAM. Centre National de la Recherche Scientifique. pp. 253–286. doi:10.34847/nkl.b82a574z. Archived from the original on 18 March 2023. Retrieved 3 September 2022.
- ^ Kravetz, Marc (1973-08-01). "Un procès pour humilier les vaincus et semer la crainte". Le Monde diplomatique (in الفرنسية). Archived from the original on 2 September 2022. Retrieved 2022-08-31.
- ^ أ ب ت "L'attentat contre le roi du Maroc – un seul des accusés est condamné à mort". Le Soleil. Agence France-Presse. p. 60. ISSN 0319-0730. Archived from the original on 3 September 2022. Retrieved 3 September 2022.
- ^ أ ب Raïss, Mohammed (2002). De Skhirat à Tazmamart : retour du bout de l'enfer. Casablanca: Afrique Orient. ISBN 9981-25-252-2. OCLC 53067769.
- ^ Smith, Stephen. "Des vies de revenants". Libération (in الفرنسية). ISSN 0335-1793. Archived from the original on 3 September 2022. Retrieved 2022-09-03.
- ^ أ ب Country reports on human rights practices. U.S. Dept. of State. Washington, D.C.: United States Government Publishing Office. 1992. p. 1057.
{{cite book}}
: CS1 maint: others (link) - ^ "QUATRE MILITAIRES CONDAMNES APRÈS L'AFFAIRE DE SKHIRAT S'ÉVADENT – Trois sont repris". Le Monde (in الفرنسية). 1975-07-19. ISSN 0395-2037. Archived from the original on 3 September 2022. Retrieved 2022-09-03.
- ^ ALM (2006-07-10). "PF3 : A la mémoire des victimes". Aujourd'hui le Maroc (in الفرنسية). Retrieved 2023-04-30.
- ^ ""Je ne pardonnerai jamais à Hassan II"". Telquel.ma (in الفرنسية). Retrieved 2023-04-30.
- ^ "Morocco: The "disappeared" in Morocco: case studies". Amnesty International (in الإنجليزية). 1993-03-31. Archived from the original on 3 September 2022. Retrieved 2022-09-03.
- ^ Marzouki, Ahmed (2000). Tazmamart: Cellule 10. Paris & Casablanca: Tarik. ISBN 2-84272-092-X. OCLC 46470245.
- ^ "Ex-prisoners demand Morocco trials". BBC. 8 October 2000. Retrieved 12 May 2023.
- ^ Lichtig, Toby (15 May 2020). "Tazmamart by Aziz BineBine review – Life in a secret prison". The Guardian. Retrieved 12 May 2023.
كلما اتسعت دوائر التقصي أو نطق أحد الصامتين أو تم العثور على وثيقة أو معلومة جديدة كشف فيها عن تصريح، يتبين من جديد أن خبايا تاريخ المغرب المعاصر مازالت خفية، لم تعرف بعد كاملة.
ففي منتصف صيف 1971، كان المغرب الشعبي في أوج غليانه، وكانت قواه الحية التواقة إلى تغيير جذري توحدها فكرة واحدة: تنحية الملكية من المغرب وتعويضها بنظام آخر!
آنذاك، وبالضبط يوم 10 يوليوز، بعد إحياء سهرة فنية ضخمة في ليلة التاسع منه، قام بتنشيطها عمالقة الأغنية العربية وقتئذ، استقبل الملك الراحل الحسن الثاني ضيوفه بقصر الصخيرات في أجواء صيفية رائقة، قوامها المرح والمتعة وتقديم صنوف الأكل وغيرها من مظاهر البذخ.[1]
احتل المدعوون حدائق القصر، حيث كل شبر من بساطها الأخضر المؤثث بأشجار الميموزا والأوكاليبتوس المستورد من استراليا. أكثر من ألف ضيف، جلهم بزي صيفي خفيف تبعا للتعليمات الواردة في الدعوات التي توصلوا بها، بلسان العرب ولغتي موليير وشكسبير. كل الشخصيات الوازنة، المغربية والأجنبية، المتواجدة آنذاك على التراب الوطني، كانت حاضرة ذلك اليوم بقصر الصخيرات لمشاركة الحسن الثاني احتفالات عيد ميلاده 42. منهم بورقيبة الابن، لوي جوكس، جاك بونوا ميشان، الراقص المشهور وقتئذ جاك جازو، الأستاذان "تورين" و"دوجين"، تاجر المجوهرات ذائع الصيت "شومي"، الدكتور "دوبوا روكبير" وآخرون من رجال السلك الديبلوماسي ورجال الأعمال وغيرهم.
لحظتئذ، وحده الملك الحسن الثاني كان جالسا إلى مائدة الأكل بصدد تذوق "لانكوست" ضخمة اختيرت بعناية كبيرة من طرف أحد اليهود القائمين على تحضير الأطباق الرفيعة ذلك اليوم. كانت عقارب الساعة تشير إلى الثانية و8 دقائق زوالا، حسب أكثر من شاهد عيان.. من قلب أنغام قطعة موسيقية صامتة كانت تعم الأجواء، دوت طلقات الرصاص وانفجارات قنابل يدوية.. توقفت الفرقة الموسيقية عن العزف.. سقط فرنسي وتهاوى سفير بلجيكا على الأرض جثة هامدة... تناثرت القنابل في مختلف أرجاء الفضاءات الخارجية لقصر الصخيرات.. جثث "لي كادي" (مساعدو لاعبي الغولف المكلفين بلوازم اللعبة) منتشرة على البساط الأخضر هنا وهناك.. مئات الضيوف هرعوا مذعورين فوق الرمال الذهبية موَلِّين ظهورهم إلى شاطئ المحيط الأطلسي الذي كان هادئا ذلك اليوم... أكثر من ثلاث ساعات من الفوضى والهمجية أبطالها جنود أغرار، على رأسهم الليوتنان كولونيل امحمد عبابو، الذي طلب من مرافقه الأمين، العملاق عقا تخليصه مما كان ينتظره بإطلاق رصاصة الرحمة عليه بعد إصابته البليغة بالمقر العام للقوات المسلحة... ليسدل الستار على انقلاب الصخيرات.
نهاية الانقلاب جاءت بطريقة غريبة، ظل يلفها الكثير من الغموض، حيث أثار ضجيجا كبيرا لكنه لم ينجح في الوصول إلى المستهدف الأول: الملك، وذلك رغم خطة تدبيره في الخفاء من طرف 5 جنرالات، حسب المصادر البريطانية. توقف إطلاق النار بحلول الساعة الخامسة زوالا.. سلم الملك الراحل الحسن الثاني كافة السلط العسكرية والمدنية لرجل ثقته وقتئذ، الجنرال محمد أوفقير، ليبدأ مسلسل القمع الدموي وتصفية الحسابات، الظاهر منها والمستتر... كل هذه الأمور وغيرها معروفة، تناولتها جهات وطنية وأجنبية، إلا أن بعض مناطق الظل ظلت في حاجة إلى المزيد من التوضيح، ومنها الدور الذي لعبته وقفة قافلة الانقلابيين ببلدة بوقنادل والكشف على أن الأمر يتعلق بالقيام بانقلاب عسكري مع علم جهات أخرى بالتخطيط له، وعلى رأسها المخابرات الإسرائيلية (الموساد)، وغيرها من التساؤلات. يحاول ملف هذا الأسبوع الإحاطة بكل القضايا المتعلقة بهذه المسألة، معية الكاتب محمد لومة صاحب مؤلفات اعتنت بأحداث ووقائع وجَّهت تاريخ المغرب الحديث نحو الوجهة التي سار فيها.
"لحلاسة راها تقلبات.. اجمع حوايجك" ( الحصير قد تنقلب اجمع متاعك)
من بين النوازل، التي تبين بجلاء أن الجنرال محمد أوفقير كان على علم بحدوث انقلاب الصخيرات قبل وقوعه، ما حدث بسجن بولمهارز بمراكش.
يوم حصول المحاولة الانقلابية الفاشلة بالصخيرات كان كل من سعيد بونعيلات وأحمد الفرقاني بسجن بولمهارز، ممنوعين من الاتصالات المباشرة فيما بينهما، إلى جانب اليازغي وآخرين. وفي يوم 10 يوليوز 1971، كان الفورقاني يقوم بفسحته اليومية بساحة السجن، وكان كلما اقترب من زنزانة سعيد بونعيلات إلا وحاول التواصل معه خلسة لمعرفة ما لديه من أخبار ومستجدات، فقال له بونعيلات بالأمازيغية : "اليوم لحلاسة راها تقلبات"..
أكمل الفورقاني جولته قصد الاستفسار عن الأمر، فقال لبونعيلات: "أش من حلاسة تقلبات؟!"، فأجابه: "لحلاسة راها تقلبات اجمع حوايجك".
حسب محمد لومة، في ليلة 10 يوليوز 1971، اتصل أحد الذين تربطهم علاقات عائلية قوية بالجنرال أوفقير (يسمى على أوفقير، وكان يعمل بإحدى الأجهزة الأمنية وغالب الظن في "السيمي")، بأحد سجناء سجن بولمهارز، وقال له: "اجمعوا حوايجكم، غدا راه غادي توقع شي حاجة كبيرة ومهمة إن شاء الله، وراه غادي تلتحقو بديوركم". ويضيف محمد لومة، لم يكن على أوفقير هذا سيقوم بما قام به دون تعليمات صادرة عن الجنرال أوفقير. لكن في مساء يوم 10 يوليوز، لما اتضح فشل المحاولة الانقلابية، قرر الجنرال تصفية كل سجناء سجن بولمهارز الاتحاديين. آنذاك كان بلغازي، مديرا لهذه المؤسسة السجنية، وهو مقاوم سابق بارز، على علاقة ببعض المقاومين وأعضاء جيش التحرير النزلاء بسجنه، ولاحظ أن هناك فرقة من البوليس، كل عناصرها من عين الشعير (بلدة الجنرال أوفقير) مسلحين بالرشاشات، وكان قد فهم من حديثهم أنهم يخططون ذلك اليوم لكيفية تنفيذ التعليمات الرامية إلى التصفية الجماعية للمعتقلين الاتحاديين (عددهم 172)، فقام المدير المذكور برمي مفاتيح الزنازن داخل زنزانة أحد السجناء واتجه على الفور إلي مكتب وكيل الملك بمراكش فأخبره بقرب وقوع مذبحة بالسجن الذي يديره، وشرح له أن هناك عناصر مسلحة، غرباء عن المؤسسة، أرسلهم الجنرال أوفقير للقيام بقتل السجناء الاتحاديين. وحسب محمد لومة، كما خطط الجنرال أوفقير لمسح آثار الجنرالات يوم 13 يوليوز (بتصفيتهم بدون محاكمة)، أراد كذلك أن يمحو ذاكرة 172 معتقلا بسجن بولمهارز بمراكش كشهود على علمه بحدوث الانقلاب قبل وقوعه. ولولا لطف الله ومبادرة مدير السجن، لحصلت مذبحة بهذا السجن، أفظع من مذبحة قصر الصخيرات. وهذه الرواية الأخيرة تناقض الرواية القائلة بأن تلك العناصر حضرت إلى السجن لتكون على تأهب من أجل إطلاق سراح المعتقلين الاتحاديين وليس لتصفيتهم، كما تم الاعتقاد بذلك.
عبد الرحيم شجار
في اتصال بعبد الرحمان شجار أحد المعتقلين ضمن "مجموعة 172" بسجن بولمهارز، صرح للجريدة بأن خبر اندلاع انقلاب 1971 توصلوا به من طرف المرحوم محمد الحبيب الفرقاني، الذي علم به عن طريق، مدير السجن آنذاك، المقاوم بلغازي. وعليه لم يتم تنقيلهم يوم العاشر من يوليوز إلى المحاكمة التي كانت أطوارها تدور بمحكمة باب دكالة. وأكد أن التحليل الذي ساد يومها في أوساط المعتقلين إثر تواجد عدد كبير من أفراد الجيش والمخابرات والشرطة داخل السجن، رغم عدم علاقتهم بإدارة السجون، بأنها حركة يراد بها تخليص السجناء تمهيدا للاتصال بقيادتهم في الخارج، وذلك من أجل إضفاء المشروعية السياسية على واقع الانقلاب، علما أن هذه الرواية تناقض الرواية الأخرى القائلة إن فرقة الأمن التي تتكون عناصرها من منطقة عين الشعير جاءت إلى سجن بولمهارز، بأمر من الجنرال أوفقير لتصفية المعتقلين الاتحاديين، كونهم علموا بأن الجنرال المذكور كان على علم بالإعداد لانقلاب الصخيرات. وفي هذا الصدد أكد لنا محمد لومة أن اعبابو وجماعته كانوا يتخوفون من أن يسبقهم الاتحاديون بخصوص تغيير النظام بالمغرب، لذا قال لرجاله :" إن أولئك الناس يفكرون في الهجوم، علينا أن نسبقهم ونمنح للمحكومين منهم العفو بمراكش".
لماذا لم يسقط الكثير من اليهود ضحايا بالصخيرات؟
لازال البعض يتساءلون باستغراب عن عدم سقوط الكثير من الشخصيات اليهودية يوم 10 يوليوز 1971 ضمن ضحايا قصر الصخيرات، فهل كان جهاز المخابرات الإسرائيلية (الموساد) على علم مسبق بالحركة الانقلابية قبل وقوعها؟ لم يسقط بقصر الصخيرات سوى يهودي واحد، هو ماكس مانيان، مدير شركة "كوزيمار" (معمل السكر بالدار البيضاء)، كما أصيب يهوديان آخران بجروح طفيفة. علما أن أكثر من جهة أكدت مرارا أن الموساد كان على علم بكثير من الأسرار بخصوص العملية الانقلابية وغيرها من النوازل والمؤامرات، على الأقل لم يقم بإخبار اليهود المقربين من القصر الملكي والعاملين به، وهم كثر، إضافة إلى الضيوف المدعوين من اليهود، بعدم حضورهم ذلك اليوم أو على الأقل تنبيههم!!؟ فاليهود هم الذين كانوا وقتئذ يؤطرون الحفلات والمأكل والمشرب بقصر الصخيرات، ومن هؤلاء شقيق شمعون ليفي، وزير الشؤون الخارجية الإسرائيلية، وهو صاحب مرقص "أمنيزيا" الكائن بشارع علال بن عبد الله بالرباط، والذي كان ولي العهد يقضي به بعض أوقات فراغه رفقة شلته في طور الشباب المبكر.
ومن المعلوم أن ترقية الأخوين محمد وامحمد اعبابو (الأول أصغر من الثاني بثلاث سنوات)، تمت في يوم واحد (3 مارس 1971) وذلك استعدادا للانقلاب، وهي ترقية مخدومة من طرف الجنرال المذبوح، كما أمر هذا الجنرال بزيادة تسليح مدرسة اهرمومو قبيل الانقلاب. لقد تم اعتماد طريقة القيادة من فوق، فالجنرال المذبوح (الذي يعتبر قائد الانقلاب)، لم يجلس إطلاقا مع الكولونيل محمد اعبابو، وكان حواره دائما مع امحمد أخ المعني الأول. وكان القبطان الشلاط، الذي وعد بالترقية آنذاك، وتحت إمرة هذا الأخير، حسب الأقدمية، القبطان بلكبير والقبطان غلول، وهما اللذان قادا القافلتين من اهرمومو إلى فاس ثم زكوطة فسيدي قاسم، إلى سيدي سليمان وسيدي يحيى، مرورا بالقنيطرة، وصولا إلى بوقنادل (على بعد بضع كيلومترات من مدينة سلا)، وهناك (ببوقنادل) تغيرت قيادة القافلتين، آنذاك رفعت أغطية الشاحنات ولُقِّمت الأسلحة وتم إخبار الجنود بالاستعداد للدخول إلى منطقة حرب، مما يعني وضع الأصبع على الزناد والاستنفار لإطلاق النار حال صدور الأوامر.
التصريح الذي ورط كل المتهمين
من أهم التصريحات التي كبلت المتهمين بقاعة المحكمة العسكرية الدائمة بالقنيطرة، ما أدلى به محمد اعبابو، شقيق امحمد اعبابو، مدير مدرسة اهرمومو، إذ جاء في محضر استنطاقه أن الجنرال المذبوح حدد بمعية شقيقه تفاصيل خطة الهجوم على القصر الملكي بالصخيرات، وعملا معا على ضمان تنسيق تحركات المجموعتين المتدخلتين في هذه العملية، كما توافقا على تعيين الأشخاص اللازم تصفيتهم وأولئك الواجب احتجازهم إلى حين النظر في حالتهم كل واحد على حدة، واتفقا أيضا بخصوص الضباط الغرباء عن مدرسة اهرمومو، الذين سيلتحقون بالعملية وهم: - الليوتنان كولونيل القادري - الكومندار المالطي - الكومندار المنور - الكومندار البريكي - الكومندار الرياني (صهر المذبوح) - الكومندار الحرشي الكومندار مليس وذلك من أجل أن يبرز للانقلابيين أن مختلف مكونات الجيش مشاركة في العملية. وكان هؤلاء الضباط الغرباء ينتظرون القافلة ببلدة بوقنادل بلباس مدني صيفي خفيف، وبعد خلوة قصيرة مع امحمد اعبابو (داخل سيارة مدنية)، ارتدى كل واحد منهم اللباس العسكري وحملوا أسلحتهم، بما فيهم ضابط شرطة كان يرافقهم. هذا ما أنكر علمه المرزوقي (صاحب كتاب تازمامارت/ الزنزانة رقم 10) في التحقيق، لكنه لم ينكره بعد نجاته من جحيم تازمامارت. وفعلا، قلة جدا، هم الذين أقروا بأن امحمد اعبابو أخبر ضباطه ببوقنادل أن الأمر يتعلق بالقيام بانقلاب، ومن هؤلاء، إضافة إلى محمد اعبابو، عبد العزيز بين بين (نجل مؤنس الحسن الثاني) والذي أدلى في التحقيق بما يلي: [...] تجمعنا حول الليوتنان كولونيل امحمد اعبابو وقال لنا: "أيها الضباط الشباب تعرفون، حق المعرفة، وضعية الضابط بقواتنا المسلحة [..] القيادة العليا قررت القيام بانقلاب.. علينا مهاجمة قصر الصخيرات على الساعة الواحدة زوالا.. وفي نفس الساعة ستتدخل وحدات في مدن أخرى.. سنقوم بمحاصرة القصر وعليكم إطلاق النار على كل من سيحاول الفرار...". ويعترف محمد اعبابو منذ البداية أن شقيقه امحمد فاتحه مبكرا في الإعداد لمحاولة انقلاب لتغيير الوضع بالبلاد، إذ تشاور معه بخصوص الكمين الذي كان ينوي نصبه للموكب الملكي بضواحي إفران بمناسبة حضور الملك الحسن الثاني لمناورات الحاجب في غضون شهر أبريل سنة 1971، شهورا معدودة قبل انقلاب الصخيرات، وقد عمل محمد على تني أخيه عن المغامرة لعدم توفر شروط نجاحها. ومما يبين أن امحمد اقتنع بملاحظات شقيقه ما صرح به هذا الأخير، حيث قال: " [...] حال وصولنا إلى فاس، هاتف أخي مدرسة اهرمومو وقال للقبطان بلكبير بصوت مرتفع: ".. التمرين المقرر قد ألغي نظرا لظروف الطقس السيئة.. لا تغادروا المدرسة لتجنب أخطار الحوادث..". وجاء في تصريحات محمد اعبابو أيضا أن شقيقه امحمد حاول اقناعه بأنه التقى أكثر من مرة مع الجنرال المذبوح، آخرها بمدينة فاس، إذ نادى على "البلانطو" الذي كان يعمل بمنزله هناك، حيث قال محمد في المحضر: "وجدت شقيقي وحده في منزله بفاس.. تناولت معه فنجان قهوة.. ثم نادى على "البلانطو" لحسن فسأله أمامي: "من كان جالسا على هذه الأريكة البارحة؟". تردد لحسن، فأمره محمد بالإجابة، فنطق لحسن: "كان هناك الجنرال المذبوح...". أما بخصوص النظام الذي كان يرغب الانقلابيون القيام به، يقول محمد اعبابو: "من خلال الحوارات التي أجريتها مع شقيقي امحمد فيما بين 7 و10 يوليوز تبين لي أن الجنرال المذبوح كان ينوي إحداث نظام يرتكز على القوات المسلحة.. لذلك فكر في توسيع دائرة اختصاص وزارة الدفاع لتشرف على القوات المسلحة والدرك والقوات المساعدة والأمن [وكانت ستؤول إلى أخيه] [...] وكنت أنا مرشحا للاضطلاع بالقيادة العامة للجيش.. أما "مجلس الثورة"، فكان سيضم ضباطا يتم اختيارهم من الذين أثبتوا انخراطهم في قلب النظام..". ويضيف محمد اعبابو "يبدو أن اجتماعا أقيم بفيلا كان يملكها شقيقي بشاطئ "كابونيكرو" بالشمال، أسبوعا قبل الانقلاب، وربما تقرر كل شيء خلاله...". وهذا ما أشار إليه كذلك، على بوريكارت في مذكراته، حيث كتب: "لقد علمت على لسان "لاجودان شاف" عقا أن أوفقير، أسبوعا قبل الهجوم على قصر الصخيرات، زار الكولونيل اعبابو رفقة الدليمي بفيلاته بـ "كابو نيكرو" شمال البلاد. وجاء أيضا في محضر محمد اعبابو: "[..] خلال حوار شقيقي مع الجنرالات بمقر المكتب الثالث بالقيادة العامة وقع نظره على الكولونيل بنعيسى [الحرس الملكي] فالتفت إليه وقال: "موكولونيل".. مع الأسف أخبركم بموت رئيسنا، الجنرال المذبوح.." (ثم توجه إلى جميع الحاضرين) ".. نعم، الجنرال المذبوح هو رئيسنا، لكنه مع الأسف الشديد لقي حتفه..". وجوابا على سؤال القاضي قال محمد اعبابو: "[..] عندما سلم شقيقي "السلطة" للجنرالات بمقر المكتب الثالث اتصل بي بعض الضباط الشباب، أذكر منهم أخليج والفكيكي وآخرين، حيث قالوا: "لقد قام شقيقك باقتراف حماقة كبيرة.. السلطة يجب أن تعود لنا نحن..". وأضاف: "[...] آنذاك فكرت في الهروب وقررت استفسار شقيقي عن المكان الذي يخبئ فيه المال لأخذه وأغادر البلاد.. إلا أن الفرصة لم تتح لي..". وبالرجوع إلى ما قيل بخصوص المحاولة الانقلابية الفاشلة، وما تم الكشف عنه من معطيات وإلى تقاطع جملة من التصريحات، ذهب مجموعة من المحللين إلى الاعتقاد بوجود خلاف بين الجنرال المذبوح والليوتنان كولونيل امحمد اعبابو، إذ كان الأول عاقدا العزم على اقتحام القصر الملكي وتجريد الحرس الملكي من السلاح ووضع اليد على الملك لدفعه إلى التخلي عن العرش وتسليم السلطة إلى "مجلس الثورة" المكون من ضباط شباب، أي القيام بانقلاب "نظيف" دون إراقة دماء. أما امحمد اعبابو فقد عقد العزم على اغتيال الملك وتهجير العائلة الملكية والإعلان عن إقامة نظام عسكري. ويظل أحمد رامي الوحيد الذي يقر بأن محمد المذبوح تحدث مع الحسن الثاني بعد الهجوم على القصر وأخبره بأن لا مخرج إلا بالتخلي عن السلطة مع إمكانية اللجوء إلى فرنسا عبر الرباط أو الدار البيضاء.. وافق الملك ووقع كتابا بهذا الخصوص، وِجد بحوزة الجنرال المذبوح وهو جثة هامدة. وهذه النازلة لم تتم الإشارة إليها من قبل.
كيف تحرك 1400 جندي مدججين بالسلاح دون إثارة الانتباه؟
سؤال ظل يردده الكثيرون، كيف تمكن 1400 جندي من التحرك على امتداد مئات الكيلومترات دون إثارة انتباه السلطات العسكرية والمدنية ورؤساء المناطق العسكرية وعمال الأقاليم الأربعة التي اخترقوها آنذاك (1971)، كان: - امحمد باحنيني وزير الدفاع بعد أن عوض الجنرال مزيان في 5 فبراير 1971. - الجنرال المذبوح مدير الديوان الملكي. - الجنرال محمد بلعالم الكاتب العام بوزارة الداخلية. - أحمد الدليمي مدير الأمن الوطني. - الكولونيل بولحمص قائد الدرك الملكي. - الجنرال مصطفى أمحراش مدير المدارس العسكرية. وكان على رأس المناطق العسكرية التي اخترقتها قافلة الانقلابيين كل من: - الجنرال بوغرين : رئيس منطقة فاس - تازة. - الجنرال عبد الحي بلبصير : رئيس منطقة مكناس. - الجنرال حمو أمحزون : رئيس منطقة الرباط - القنيطرة. وكان على رأس عمالات الأقاليم التي مرّت عليها القافلة كل من: صلاح زمراك : تازة. عمر بنشمسي : فاس. عبد الله الشرقي : القنيطرة. عبد السلام الوزاني : الرباط. ضمن كل هؤلاء تأكد، بما فيه الكفاية، تورط كل من الجنرال المذبوح والجنرال أوفقير والجنرال بوغرين والجنرال حمو أمحزون.
ضحايا طالهم الإهمال
بعد انقلاب الصخيرات، مباشرة، أمر الملك الراحل الحسن الثاني بإحداث لجنة للقيام ببحث، بخصوص الأحداث الدامية بقصر الصخيرات، ولجنة لرعاية الضحايا وإحصاء أملاك وأموال المتمردين قصد مصادرتها لتمويل صندوق جديد يضطلع بتعويض الضحايا وذوي الحقوق. فعلا تم إحداث هذه اللجنة بعضوية كل من وزارة الداخلية ووزارة الشؤون الإدارية ووزارة الشغل والتكوين المهني، غير أن قراراتها ظلت حبرا على ورق. آنذاك كان الجنرال محمد أوفقير عضوا رئيسيا في كل اللجن المحدثة بعد فجيعة الصخيرات. يوم السبت 10 يوليوز 1971، ما بين الساعة الثانية والرابعة زوالا سقط الكثير من الضحايا من مختلف الشرائح، عسكريون ومدنيون، جنرالات، أطباء وموظفون سامون وفنانون وخدم وأناس بسطاء، كانوا يعيلون أسرا متعددة الأفراد، أغلب هذه الأسر عانت من ضيق اليد رغم أن أربابها سقطوا وهم في ضيافة الملك أو أنهم كانوا يزاولون مهامهم في القصر الملكي. وزادت حسرة هؤلاء بعد تناسل موجات الكشف عن الحقائق بخصوص المحاولة الانقلابية الأولى الفاشلة واعترافات المشاركين فيها بعد نجاتهم من جحيم تازمامارت، ويجمع ضحايا الصخيرات أن الدولة تناستهم وتخلت عنهم، وتجاهلت الحكومات المتتالية مطالبهم، بل إن حكومة عبد الرحمن اليوسفي لم تحترم مشاعرهم. كما ظلت أسر ضحايا الصخيرات تعتبر أن منح تعويضات سخية، للناجين من جحيم تازمامارت، من الأخطاء التاريخية الجسيمة، اعتبارا لكون الأموال الممنوحة، تم اغترافها من الأموال العمومية اقتطع جزء منها من مال أسر ضحايا الصخيرات وذويهم كدافعي الضرائب، علما أنها لم تتوصل سوى بتعويضات هزيلة، بالكاد غطت مصاريف العزاء والدفن، ولا وجه لمقارنتها مع ما أغدقت به الدولة والحكومة على من كانوا سببا في ترميل نساء وتيتيم أطفال، وبذلك شعرت عائلات ضحايا الصخيرات بغبن عظيم نظر تعرضها لحيف وظلم كبيرين. فأرملة كولونيل - أحد ضحايا الصخيرات - على سبيل المثال لا الحصر، لم تتوصل إلا بمعاش لا يتجاوز 1500 درهم، أما أرملة عمر غنام، مدير المركز السينمائي المغربي، فاستفادت من معاش لم يتعد 736 درهما شهريا. بسبب الإحساس بالغبن سبق لجمعية ضحايا الصخيرات أن طلبت من دار الافتاء بالديار المصرية فتوى في الموضوع، وفعلا أصدرت الدار فتوى، أكد فحواها أن من له حق العفو عن قاتل النفس المؤمنة بغير حق، هم أولياء المقتول الشرعيين.وقد استندت الجمعية إلى هذه الفتوى لدعم دعواها المدنية والمطالبة بالحق المدني، سيما وأن الفتوى المصرية أقرت بأن الدعوى في جرائم القتل العمد لا تسقط بالتقادم.
فرحة غالية الثمن
عندما تلقى صاحب حانة شهيرة بشارع محمد الخامس بالرباط، خبر انقلاب الصخيرات، بادر فورا، على مرأى الحاضرين، إلى تكسير صورة الملك الحسن الثاني التي كانت معلقة فوق "الكونطوار"، ثم أمر بتقديم كل أنواع الخمور حسب طلب الزبناء الحاضرين في البار لحظتئذ، مجانا، تعبيرا عن فرحته واستبشاره بما وقع، إلا أن فرحته لم تكتمل، إذ اضطر للفرار من قبضة الأمن شهورا بعد ذلك. وعند إحداث الهيئة الأولى لتعويض ضحايا سنوات الجمر والرصاص، قدم هذا الأخير طلبا للتعويض، بخصوص ما لحقه من خسائر وعن المدة التي قال إنه قضاها بإحدى المعتقلات السرية، إلا أن طلبه قد تم رفضه من طرف الهيئة الأولى، وكذلك من طرف هيئة الإنصاف والمصالحة، معتبرة أن هذه النازلة لا تدخل في اختصاصاتها. وقد تحول "البار" المذكور حاليا إلى متجر لبيع الحلويات والمشروبات.
سقوط 60 بالمائة من جنرالات المغرب خلال ثلاثة أيام
فيما بين 10 و 13 يوليوز 1971 لقي 9 جنرالات من أصل 15 حتفهم، إما عن طريق رصاص المتمردين أو برصاص فرقة الإعدام بمعسكر مولاي إسماعيل بالرباط. ومن بين الذين لقوا حتفهم بقصر الصخيرات، هناك الجنرال إدريس النميشي (سلاح الجو)، الذي قتله المتمردون، والجنرال الغرباوي الذي قتله اعبابو، الذي لقي هو الآخر حتفه على يد الجنرال الهواري، أما الجنرال المذبوح، فمقتله شكل حالة خاصة. عشية فشل الانقلاب، تم اعتقال، الجنرالات المشكوك بأمر مشاركتهم أو مساندة المتمردين، وخضعوا جميعهم لتحقيق سريع، أشرف عليه الجنرال محمد أوفقير بعد أن منحه الملك الحسن الثاني جميع الصلاحيات العسكرية والمدنية. في اليوم الثالث، بعد مجزرة قصر الصخيرات، رافق الجنرال أوفقير الجنرالات المعتقلين إلى ثكنة مولاي إسماعيل بالرباط للإشراف على تنفيذ إعدامهم دون محاكمة. وفي ظرف أقل من ثلاثة أيام فقد المغرب 9 جنرالات (منهم من سقط على يد المتمردين ومنهم من أعدم)، أغلبهم من أصول أمازيغية، وقد تابع المغاربة مراسيم إعدامهم على شاشة التلفزة مباشرة، كما حجت جماهير غفيرة بإيعاز من السلطات المحلية لمعاينة مراسيم إعدام 4 جنرالات، هم بوكرين وحبيبي وحمو ومصطفى و4 كولونيلات والكومندار إبراهيم المنوزي، وأغلب هؤلاء لم تكن تربطهم أدنى علاقة بالهاجس السياسي، حيث سبق أن ساهموا في قمع التحركات النضالية الجماهيرية بمختلف أرجاء المملكة.
محمد لومة / أحد قدماء مناضلي الاتحاد الوطني للقوات الشعبية
محمد لومة أحد قدامى مناضلي الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، رحل إلى الشرق العربي لتلقي تكوين عسكري متقدم، سيما في تخصص "حرب العصابات"، تخرج من الكلية الحربية السورية في شتنبر 1971، ثم التحق بالعمل الفدائي يحمل معه هاجس تغيير النظام السياسي بالمغرب عن طريق القوة المسلحة. أجرينا معه هذا الحوار للمزيد من تسليط الضوء على بعض الجوانب المعتمة من عملية الانقلاب الأولى الفاشلة، بوصفه ـ من جهة ـ كاتبا وباحثا تقصى أحداث هذه العملية واتصل بأعضائها المشاركين عن قرب، كما اطلع ـ من جهة أخرى ـ على جملة من الوثائق المتصلة بهذه النازلة.
- أين كنت يوم حدوث انقلاب 10 يوليوز 1971؟
+ مساء هذا اليوم المشؤوم كنت بأحد مرافق الكلية الحربية السورية في مدينة (حمص) حيث تلقيت دراساتي العسكرية للتخرج منها كمهندس عسكري، ففوجئت باقتحام القاعة من طرف مجموعة من الضباط السوريين الذين اتجهوا نحوي وهم يهتفون ببشاشة.. لقد كان هؤلاء القوم على مدى ثلاث سنوات قضيتها هناك، نموذجا للقسوة والصرامة تجاه كافة الطلبة الضباط، الذين سرعان ما أخرجوني إلى ساحة الكلية محمولا على الأكتاف وهم يرقصون ويغنون عاليا:
على دا العونا.. وُعَلى دَا العُونَا... إلخ.. مقطعا من الغنوة الشامية الشهيرة..
ثم أخبروني بعد ذلك بأن الوضع السياسي في المغرب قد تغير.. لم يكن بحوزتي جهاز راديو لمعرفة التفاصيل لكنهم تطوّعوا، فأحضروا الجهاز.. مؤكدين بإلحاح:
- أُولَكْ يا زلمي.. ضَبّْ أغْرَاضَك.. شُو نَاطِر..؟ (يا رجل.. تحرك.. إجمع أغراضك الشخصية)
- وُلَكْ بُكرة بعيِّنوك وزير دفاع.. أُولك خلِّصنا بقى!! (إذا سيعينونك وزيرا للدفاع.. تحرك.. تحرك).
عند الصباح الباكر لليوم الموالي، جاءت العاصفة على لسان قائد الكلية الحربية السورية المقدم ناصر الدين محمد ناصر، الذي سرعان ما أصبح لواء ثم وزيرا للداخلية في سورية.. لقد طلبني باستعجال ليوبِّخني وبعنف شديد قائلا:
- أُولَيكْ الله لا يعطيكم عافية.. أُولك لِيشْ فَشَلْتُو؟
شرحت له الأمر في حدود ما أعرف:
- سيدي.. هادول مُوجَمَاعَتْنَا.. هَادُول مرتزقة حروب في الهند الصينية والكامبودج والجزائر.. إلخ. ومو وطنيين.. ولا قوميين.. وأنا ما إلي علاقة بيهم.
- صرخ في وجهي:
أُولّكْ يا أخي بدِّي أفهم.. هَادُول مُوعَسْكَر؟
أجبت بالتأكيد عسكر.. فعقَّب غاضبا كالإعصار:
- أُولَكْ.. عَسْكَر بَطَاطَا.. أولك 1400 عسكري وبيطلعوا على الفاضي.. اشرح لي كيف صار ها الشيء؟
أمرني بالانصراف لعجزي عن تقديم ما يرغب من معلومات إضافية.. ثم عدت إلى رفاقي.. منتظرا حفل التخرج الذي أقيم تحت إشراف رئيس الجمهورية الفريق حافظ الأسد لأتخلص من هذا الكابوس.. لقد كنت المغربي الوحيد آنذاك في الكلية وكان الجميع يتوجهون لي بالأسئلة والاستنكارات والشجب، كما لو أنني كنت المسؤول الأول عن هذه الحماقة...آنذاك كانت السفارة المغربية في دمشق قد أغلقت بسبب إحراقها، بعد جريمة اغتيال الشهيد المهدي بنبركة في أكتوبر 1965... فبقينا نحن هناك ـ مناضلو الاتحاد الوطني للقوات الشعبية المتواجدون آنذاك بالديار السورية ـ وحدنا المخاطبون على كل المستويات حتى سنة 1971.
- ككاتب تقصيت كثيرا بخصوص المحاولة الانقلابية الأولى واتصلت بالعديد من الأشخاص واطلعت على جملة من الوثائق، كيف كانت الوضعية في قصر الصخيرات قبل الهجوم وبعده؟ + منذ العاشرة صباحا ليوم السبت 10 يوليوز 1971 وسيارات المدعوين تصل تباعا إلى القصر الملكي بالصخيرات، تحمل ركابا أنيقين، يرتدون حسب التعليمات (البروتوكول) ملابس صيفية خفيفة دون ربطة عنق، أغلبها، عبارة عن قمصان حريرية ذات أكمام قصيرة.
وبينما كان الكاتب والصحفي المعروف بونوا ميشان (Benoit Méchin)، الذي اعتادت مصالح التشريفات دعوته سنويا لحضور هذه المناسبة، متجها إلى قصر الصخيرات عبر الطريق الشاطئية، حيث لاحظ عددا كبيرا من الشاحنات العسكرية المليئة بالجنود تسير في نفس الاتجاه، ولعل أكثر ما استرعى انتباهه أن أغطية الشاحنات كانت مرفوعة وقد بدا كل جندي على متنها ماسكا سلاحه بحزم وهو في وضعية تأهب! وبحكم تجربة الرجل السابقة في العراق حين سقوط النظام الملكي صيف 1958 والتي عاش فصولها أولا بأول.. بدا له أن الأجواء في الرباط خلال ذاك اليوم غير اعتيادية ورأى أن عليه الإسراع بسيارته للوصول إلى القصر ولو ربع ساعة قبل وصول الشاحنات العسكرية لإنذار الملك من مغبة ما سيقع.. وقد استطاع أن يَعُدَّ لوحده ما عَدَدُهُ (63) شاحنة تحمل مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة ممتدة على حوالي كيلومتر تتحرك بسرعة (في حدود 50 كلم/ الساعة).
- هل تمكَّنَ من إخبار الحسن الثاني بذلك؟ + رغم أنه استطاع الوصول إلى القصر، لم يتمكن من الوصول إلى الملك، الذي كان يتناول غذاءه حوالي الثانية زوالا رفقة الأمير سلطان بن عبد العزيز والحبيب بورقيبة الابن والأمير مولاي عبد الله وغيرهم من كبار الشخصيات الوطنية والدولية.. كما باءت كافة محاولاته للعثور على الجنرال حفيظ العلوي مدير التشريفات الملكية بالفشل الذريع... فأسلم أمره للقدر.. حيث سيتمكن بعد ذلك في كتاب صدر له بعنوان: (Deux Etés Africains) من رصد كافة أشواط المذبحة الفظيعة التي حدثت هناك.
ذلك اليوم عبر الانقلابيون بشاحناتهم و"جيباتهم" المسلحة شارع الحسن الثاني مخترقين العاصمة، وكان اليوم يوم سبت مما زاد من درجة اكتظاظ المرور، وصولا حتى الطريق الساحلية المؤدية إلى الصخيرات، وعلى جسر وادي "نفيفيخ" قام رجال الدرك الملكي هناك بتوقيف السيارات المدنية لإفساح الطريق أمام موكب "الانقلابيين"، وهذا ما أخر "بونوا ميشان".
كانت الموائد قد مُدَّت وعليها ما طاب من مختلف صنوف الأكل، قبل ذلك استغلت، بعض الشخصيات الفرصة لممارسة السباحة أو الكولف.. والفرق الموسيقية تشنف الأسماع، علما بأن عددا هاما من نجوم الطرب العربي كانوا قد أطّروا الحفل الموسيقي الساهر ليلة قبل ذلك، من بينهم: صباح وفريد الأطرش، محمد عبد الوهاب وعفاف راضي، عبد الحليم حافظ وغيرهم (...).
كانت السحب قد بدأت في الانقشاع عن سماء الصخيرات عندما كانت أفواج الشاحنات العسكرية المسلحة تشق طريقها من بوقنادل إلى الصخيرات، إذ كانت السماء ذلك اليوم مكسوة بغيوم كثيفة منذ الساعات الصباحية الأولى. ولدى سماع أولى العيارات النارية، تهامس البعض ضاحكين: إنها واحدة أخرى من (مقالب) الأمير مولاي عبد الله.. فقد عوّدنا على مثل هذه المفاجآت؟! فردّ أحد السّفراء ناقما: إذا كان الأمر كذلك فهو أسوأ مقلب يمكن تنظيمه.. وعلى ذكر السفراء، أصيب سفير إحدى دول أمريكا اللاتينية لدى المغرب بالرعب الشديد.. وكان يحمل رتبة جنرال فلم يجد مكانا يختبئ فيه سوى برميل للنفايات (من النوع القديم)، لا يستطيع إيقاف طلقة نارية واحدة من المرور في الاتجاهين معا.. فتأكد فيما بعد لجميع الناس بأنه من نوع جنرالات (الكولف) و(كرة القدم).. وما شاكل!؟
أما عميد الشرطة بودريس، الذي كان من المكلفين بالأمن الشخصي لصاحب الجلالة فقد لجأ بدوره إلى برميل آخر للنفايات بعد أن أطلق على إحدى قدميه رصاصة من مسدسه الشخصي.. وحينما حاول الناس إخراجه بعد انتهاء هبوب "العاصفة"، وجدوا عناء كبيرا بسبب ما كان عليه الرجل من بدانة مفرطة!.. وجاء من الخدم من سيشهد طواعية بأنه هو من أطلق النار على نفسه.. وذلك تفاديا للإحراج مادام قد خاف وفضل الاختباء عوض القيام بمهمته، لكن ذلك لم ينفعه، إذ سرعان ما تم استبداله بعميد آخر بعد حوالي سنة في نازلة طائرة البوينغ الملكية (727) مساء يوم 16 غشت 1972.
شخصيا، لا أريد العودة إلى ما كتبه كثير من الذين عاينوا هذه المجزرة البشعة.. فللقارئ الكريم الراغب في الإطلاع على المزيد من تفاصيلها العودة إلى مؤلفات عبد الهادي بوطالب وعبد اللطيف الفيلالي وبينوا ميشان وغيرهم. لكنني أريد لفت الأنظار إلى الحالة "الهستيرية" التي كان عليها تلاميذ مدرسة اهرمومو، الذين أُصِيبُوا بالذهول والانبهار.. وهي المشاعر التي سرعان ما تحولت إلى سعار دموي بإطلاق النار في كل اتجاه.. جعل هذه المخلوقات تتحول إلى "قطعان" حقيقية بشعة : - منهم من انصرف إلى أكل ما لذ وطاب من مأكولات لم يتذوقوها يوما في حياتهم.. للأسف وسط الدم والشظايا والأنين!! - منهم من شرع في سلب المدعوين أموالهم وساعاتهم اليدوية وحليهم.. إلخ. ومنهم من وقف مبهورا أمام زرقة البحر، وتناسق المعمار في جنبات القصر مما لم يشهد له مثيلا من قبل، سيما هؤلاء أبناء المناطق الجبلية والصحراوية ممن لم يعاينوا بحرا من قبل... لا بل إن المساعد الأول (خرخاش) أسرع إلى تجميع أنبوب بلاستيكي ضخم يستعمل في سقي ملعب الكولف بالقصر الملكي، وهو يعتزم إحضاره إلى مدرسة اهرمومو.. كما كان يفعل دائما تحت إشراف المساعد عقا.. كما لو أنه هذه المرة جاء في نزهة بسيطة ستنتهي كما بدأت وليس بصدد محاولة انقلابية، دموية، لها ما بعدها!!؟ خلال ذلك اليوم استطاع أحمد رضا كديرة الفِكاك من الفخ، حيث غادر القصر قبل الساعة الثانية زوالا رفقة الملازم الصفريوي، وقد تسبب إطلاق النار عشوائيا في تفكيك مجموعة حلقات المخطط الذي وضعه الجنرال المذبوح، وهكذا بدل أن تنقسم القوات المهاجمة إلى ثلاثة أقسام، أولها لمهاجمة القصر، وثانيها للاستيلاء على هيئة الأركان العامة، وثالثها للسيطرة على مقرات وزارة الداخلية والإذاعة والتلفزة.. بدل ذلك اختلط الحابل بالنابل، فلم يعد ضباط الكوماندوهات يسيطرون على تلامذتهم، ليغدو السعار الدموي هو سيد الموقف. - كيف كانت نوعية تسليح "الكوماندوهات" المسلحة؟ + لقد كان التسليح قويا بل غريبا، في ضوء قواعد التدريب المعمول بها في مدارس مماثلة، ذلك أن عددا كبيرا من التلاميذ –الضباط، كانوا لا يزالون في السنة الأولى من التكوين، يجهلون استعمال السلاح جهلا تاما.. حسب تصريحات أحد قادتهم، الملازم أحمد المرزوقي (قائد الكوماندو 12).
وكانت هذه الأسلحة – حسب محضر الإدارة العامة للأمن الوطني المؤرخ في 17 يوليوز 1971، والذي حُرِّر بإشراف عميد الشرطة محمد المعزوزي والكابيتان عبد المومن من هيئة الأركان العامة للجيش - عبارة عن: أ- الأسلحة الثقيلة: 1 مدفع عيار 75 ملم – عديم الارتداء. 1 مدفع هاون عيار 120 ملم. 4 مدافع هاون من عيار 81 ملم. 8 مدافع هاون عيار 60 ملم. 7 رشاشات ثقيلة عيار (12.7 ملم). - عدد كبير من الرشاشات الثقيلة (A. A. 52) و(29/24-F.M). ب- الأسلحة الخفيفة (حوالي 1200 بندقية ورشاشة)، منها: - بنادق: MAS – 36 - بنادق: N.L.G - رشاشات (MAT -49) و(5-35 D.A).. - كمية من قاذفات الصواريخ ضد المصفحات والدبابات. - عدد كبير من مسدسات نوع "بريطا". - كمية كبيرة من القنابل الهجومية والدفاعية، كما تم استعمال أكثر من 40 شاحنة وناقلة وأكثر من 20 ألف لتر من الوقود وكميات كافية من الغذاء. - هل تم فعلا استخدام هذه الأسلحة؟ + لو استعملت هذه الأسلحة في قصر الصخيرات لأدى ذلك إلى هلاك حوالي ألف شخص، ولدُمِّّرت مرافق القصر عن آخرها بقذائف المدفعية وشظاياها.. لكن الأخطر من كل ذلك، أن المقدم امحمد عبابو، أعطى لقواته المسلحة منذ خروجها من بلدة (بوقنادل) الأمر القاطع والصارم بـ: 1- رفع أغطية الشاحنات والسيارات العسكرية استعدادا لخوض المعركة. 2- تلقيم كافة أنواع الأسلحة، ووضعها في حالة الاستعداد، باعتبار أن القوات ستدخل "منطقة معادية" عبر المرور بمدينتي سلا والرباط!!؟ فلو حصل اشتباك بين هؤلاء وأية قوة عسكرية أخرى، بين بوقنادل والصخيرات، لكان حجم الخسائر بآلاف الضحايا، سيما وأن بعض تلاميذ مدرسة أهرمومو كانوا لا يزالون "أغرارا"، بمعنى أنهم لم يستوعبوا بعد حمل السلاح والمناورة بالنيران... وهكذا سنجدهم في الصخيرات يطلقون النار على كل ما تقع عليه أعينهم، بل لقد وصلوا إلى حد التراشق بالرصاص في ما بينهم.. كما لو أنها نوع من ألاعيب (عاشوراء)، يا سبحان الله! لقد سجل المقدم امحمد عبابو على نفسه صبيحة يوم 10 يوليوز 1971 حماقات خطيرة لا تخطر على بال، عرَّض خلالها آلاف الأرواح للخطر الداهم دون أي ذنب اقترفوه.. لا لشيء.. فقط من أجل رغبته في توسيع مجال نفوذه وسلطته.. وهو لا يزال ابن الـ 32 سنة أتى من مدرسة عسكرية نائية، ما كان ليتصور أحد أن تنتقل بقوتها النارية الكبيرة إلى قلب عاصمة البلاد.. أقول.. كان ينوي ضَمِّ مساحة نفوذه من مدير مدرسة عسكرية إلى مساحة الوطن المغربي بكامله... بكل مؤسساته الدستورية والسياسية والنقابية والتربوية..؟! - بعد أن فشلت المحاولة وتم القبض على زمام الأمور بعد هذه المجزرة الدامية، كيف كانت مواقف الملك الحسن الثاني؟ + لقد حضر صديقه الملك حسين، مهرولا من عمان، مزودا بما في جعبته من نصائح صارمة.. في ضوء ما عاناه على مدى عام كامل.. بعد أحداث سبتمبر 1970 في عمان ثم اشتباكات جرش وعجلون في يوليوز 1971.. وقد حضر كالمعتاد متمنطقا بمسدسه (سميت إندونسن) وبلباسه العسكري.. ليصر أولا على إعدام كل المتورطين في أحداث الصخيرات.. ولكن الجنرال أوفقير هو من قدم الضحايا وقرر مصيرهم دون تقديمهم للمحاكمة قبل ذلك، وقد تميزت هذه المذبحة أيضا بتصفية حسابات شخصية.. فكان يشرف على إعدامهم باكيا.. كما سيفعل لاحقا صدام حسين في حق قادته من حزب البعث العربي الاشتراكي بإعدام شخص من مستوى عبد الخالق السامرائي.. كما يفعل عادة "التمساح" قبل الانقضاض على ضحيته!!؟ بعد ذلك سيسارع الحسن الثاني إلى إطلاق سراح سعيد بونعيلات وبنموسى الإبرايمي في 15 ماي 1972، ليباشر حوارا مفتوحا مع الكتلة الوطنية التي تشكلت قبل ذلك في يوليوز 1970. ... بالفعل كان المذبوح يسير في نفس الاتجاه، إذ لا خيار له، وقد سار معه الحسن الثاني مكرها، لكن بخطوات، ثقيلة وحذرة.. ستقوده إلى محاولة انقلابية ثانية، لأنه لم يسرع الخطى كما يجب، فاكتفى بالمناورة من وراء حجاب، وهو الرافض دوما لتقديم أية تنازلات من باب الضغط، فكان أن عرض نظامه السياسي بالكامل لأفدح المخاطر بعد ظهر يوم 16 غشت 1972. - ماذا يمكنك أن تقول بخصوص طريقة القيادة المعتمدة في الانقلاب وتجانسها؟ + أريد أن أسجل – بداية – بأن كلا الرجلين، المذبوح واعبابو، كانا يقفان الواحد منهما بعيدا عن الآخر على مسافة كبيرة ـ فكرا وتربية ونهجا وتجربة ونضجا كذلك ـ بحكم عدد هام من المعطيات التي تتصل بشخصيتيهما. فالمذبوح، زاول قبل ذلك مهاما مدنية وعسكرية متنوعة، كان أبرزها توليه عاملا على إقليم ورزازات بعد الاستقلال مباشرة، ثم عمل وزيرا للبريد في حكومة عبد الله إبراهيم المُشكلة في دجنبر 1958.. غير أنه سرعان ما سيقدم استقالته منها، بضغط من الحسن الثاني ولي العهد آنذاك، ضمن محاولة لإسقاط الحكومة.. وكانت الذريعة المقدمة هي الاحتجاج على مضمون البلاغ الصادر عن مؤتمر الاتحاد الوطني لطلبة المغرب المنعقد في أكادير سنة 1959، والذي فهم منه أنه تضمن قذفا في حق مؤسسة الجيش الملكي.. علما بأن المذبوح لم يكن يحمل سوى رتبة قبطان وقتها، ولم يقدم أي من الجنرالات استقالتهم سوى المذبوح! بعد ذلك شغل منصب عامل على الدار البيضاء.. وقد ارتبط اسمه بالمحاولة (الانقلابية) للحركة الاتحادية في 16 يوليوز 1963، ويقال بأنه سارع إلى الإخبار بها بعد أن سبقه إلى ذلك مصطفى العلوي، ابن شيخ الإسلام محمد بلعربي العلوي، وقد جرى التعامل معه في ضوء ذلك كشاهد إبان البت في هذه القضية. وعلى الرغم من إصدار 14 حكما بالإعدام في حق المتهمين خلال مارس 1964، ظل الفقيه البصري وعمر بنجلون – المحكوم عليهما كذلك بالإعدام في هذه القضية – يذكران المذبوح بكل خير.. وينوهان بنظافته ووطنيته.. وقد أكدا مرارا لرفاقهما في السجن بأن هذا الشخص سيقوم – يوما ما – بعمل وطني كبير!!
الأسباب التي دفعت الجنرال المذبوح إلى التخطيط للانقلاب
+ إن عددا هاما من المصادر أجمعت على أن من بين أسباب قيام المذبوح بهذه المحاولة الانقلابية اكتشافه، وهو يقوم بزيارة للولايات المتحدة الأمريكية في مطلع سنة 1971 للتحضير لزيارة الحسن الثاني المقررة آنذاك في شهر أبريل، اكتشف ضمن بعض الوثائق كيف أن أشخاصا نافذين في المحيط الملكي طلبوا رشوة قيمتها (600) مليون سنيتم لتسهيل بناء فندق (شيراطون) بالدار البيضاء، كما اكتشف أن بعضهم يمارس نشاط تهريب المعادن النفيسة.. فعاد من هناك وهو مصمم على فعل شيء لوقف الفساد المستشري في أعلى هرم الدولة. وسيكتشف الملك الحسن الثاني بعد وفاة المذبوح كيف أنه لم يكن يتصرف في الإكراميات المالية الضخمة التي كان الملك يقدمها له، إذا كان يحتفظ بها ضمن مغلفاتها الأنيقة دون أن تمتد يده إليها لمجرد معرفة المبالغ التي تتضمنها!!؟ دلالة على أن الرجل كان عصيا على قبول مثل هذه الأساليب التي درج عليها النظام لترويض رجالاته وشراء سكوتهم وتواطئهم.
وذات مرة، تلقى الملك الحسن الثاني تقريرا سريا، مضمونه أن الجنرال المذبوح يدبر انقلابا ضده.. وكان وقتها يلعب (الكولف) بملعب دار السلام بالرباط.. فما كان منه سوى أن بعث في طلب المذبوح ليقول له علنا: هل صحيح ما ينسبونه لك في هذا التقرير.. يا مذبوح؟ ثم انصرف إلى رياضته بلا مبالاة، ولم يعد إلى الحديث حول هذا الموضوع أو إثارته من جديد. أما شخص المقدم امحمد عبابو، والذي لم تمض على ترقيته من كوماندان إلى ليوتنان كولونيل سوى أقل من أربعة أشهر فقد كان رجلا عسكريا بالكامل، لم يعرف له أي نشاط سياسي أو وطني، أو حتى مجرد اتصال بالأحزاب السياسية المغربية طوال حياته، ولكن طموحاته الشخصية كانت لا تعرف أية حدودّ. فعدا تفوقه في تخصصه العسكري (المشاة) وذكائه وقوة شخصيته وحرصه الدائم على تطوير برامج التكوين العسكري في مدرسته بأهرمومو، وفي ملحقتها بمدينة صفرو، وهي كلها إيجابيات تسجل لصالحه بدون نزاع، لم يعرف عنه أي اهتمام آخر.
- كيف ترى الفرق بين الجنرال المذبوح والمقدم اعبابو؟ + بكل "موضوعية" ما يجعلنا نعتقد حقا بأن الجنرال المذبوح؛ بقوة شخصيته، واتزانه، ونظافته ووطنيته، قد أخطأ اختيار الرفيق، رفيق الدرب، في شخص امحمد عبابو، والذي تميز مساره المهني بالعديد من الخروقات الفظيعة والممارسات اللا أخلاقية، والتي يمكن إيجازها في ما يلي: أولا: للتجاوب مع طموحاته العسكرية الواسعة، سعى اعبابو، وهو لا يزال في رتبة رائد (كوماندان) إلى رفع تعداد التلاميذ في مدرسته من 300 إلى 1.000 ثم إلى 1.500 تلميذ، دون موافقة المكتب الثالث لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة، والذي كان له حق الإشراف على كافة مؤسسات التكوين العسكري في البلاد، بتخصصاتها الجوية والبرية والبحرية.
وللتغلب على المشاكل المادية الكثيرة المتعلقة برفع طاقة المؤسسة إلى أضعافها من حيث المرافق والتجهيزات والتغذية.. إلخ.. لجأ الرجل إلى تكوين (كوماندوهات)، خاصة من ضباط وضباط صف المؤسسة، تحت إشراف مساعده (عملاق الحرب العالمية الثانية) المساعد الأول أمهروش عقا.. فقد كانت هذه المجموعات تقوم – وهي بكامل أسلحتها وتجهيزاتها وشاحناتها - بالسطو ليلا على ممتلكات المواطنين من: مواد البناء وتجهيزاته ومعداته الغالية الثمن والمواد الغذائية والمواشي والأغنام ومواد التجهيز والسيارات والشاحنات والغلال.. إلخ. وبالتأكيد ساعدت أعمال "البَلْطَجَة" هذه في بناء مرافق جديدة بالمدرسة، والتزود بتجهيزات حديثة من مسابح وملاعب (...)، غير أن بعضها "صُبَّ" في حساب المدير، بحيث غدا في ظروف وجيزة مالكا لفيلا فخمة بمكناس ومؤسسة فندقية ومقهى بنفس المدينة، ولضيعة فلاحية مع عدد من القطع الأرضية، ناهيك عن سيارتين... إلخ ولم تمض على ذلك بعد خمسة عشر عاما على التحاقه بالجندية!!؟ ثانيا: أصبح الرجل عند تكوين "بطانة" من الأتباع الطيعين الذين لا يعصون له أمرا، يستغل الطابع العسكري الصرف لمؤسسته، وذلك في أفق الاستعانة بهم في تنفيذ "مشاريع" مستقبلية على مقاسه الخاص!! ثالثا: درج كذلك، رغم أنه متزوج وله أبناء، على استقبال صديقاته داخل المدرسة وعلى تنظيم الولائم الباذخة للضباط الكبار بما لم يكن يتلاءم مطلقا مع مستوى عيش وتغذية تلاميذ المؤسسة آنذاك؟! كما أن أساليبه في "البَلْطَجَة" وصلت حد الاعتداء على المقابر، فحسب روايات بعض الضباط، أمر ذات مرة بهدم قبور اليهود في مدينة صفرو، للاستفادة من أخشابها في أعمال البناء بمدرسته!! فأية روابط فكرية أو سياسية أو مسلكية يمكن أن تجمع بين كل من الجنرال المذبوح والمقدم امحمد اعبابو؟! بالتأكيد، الفروقات كانت فادحة، وقد أدت بالطبع إلى مصرعهما معا في نفس اليوم وبطريقة شاذة، كما لو كانا من لصوص المواشي (كاوبوي). أما باقي الضباط الانقلابيين ممن جرى إعدامهم يوم 13 يوليوز 1971، والذين لم يتم "إقناعهم" بالانضمام إلى الحركة الانقلابية الجديدة، سوى بعد الساعة الرابعة ظهرا من يوم 10 يوليوز 1971، فقد كانوا قبل هذه الساعات يتحدثون (بالفَمِ المليان) عن الانقلاب، وضرورة التغيير!! وكانوا يمارسون ذلك في محلات عمومية مفتوحة كبارات (كيوم تيل) و(لاكوميدي) بالرباط، وحانات مماثلة في القنيطرة ووجدة والدار البيضاء.. إلخ.. بمعرفة كافة الأجهزة الأمنية. .. هؤلاء الانقلابيون أيضا كانوا على جانب كبير من الفساد والانحلال والتهتك، وما من شيء يجمعهم بالجنرال محمد المذبوح. .. شخص واحد أعدم ظلما وعدوانا بسبب انتفاء أية علاقة له بهؤلاء، هو المناضل الكبير الكوماندان إبراهيم المانوزي، أحد قادة هيئة أركان جيش التحرير المغربي إبان الخمسينات، الذي وصلت قواته ذات يوم من سنة 1957 إلى منطقة (أطار) الموريتانية، بعد أن نجحت في دك معاقل الإسبان بكل من طاطا وفم الحسن وكولميم حتى شمال موريتانيا وتندوف... وكثيرا ما كان أخوه المرحوم سعيد المانوزي يطلعني على خرائط حربية تخص تلك المرحلة. هذا الضابط الوطني الكبير، كان الجنرال محمد أوفقير يتوعده بالتصفية قبل ذلك، ولم يستطع الزج به في معتقل دار المقري إلى جانب الهاشمي الطود وعمر غاندي والفقيه البصري وبولحية الطاطي (اعتقالات يوليوز 1963)، إذ ظل يترصده حتى قامت أحداث يوليوز 1971، فبعث في طلبه للاعتقال، وكان حينذاك بلباس النوم في بيته وبين أولاده، مع أنه لم يكن له أي اتصال بهؤلاء القوم.. لسبب بسيط هو أن معظم هؤلاء الضباط، كانوا في صفوف اللفيف الأجنبي كمرتزقة منذ الحرب العالمية الثانية، وكانوا في سلوكهم وأخلاقهم على النقيض من شخصية إبراهيم المانوزي ووطنيته العالية، مما كان يثير أحقاد أوفقير تجاهه، فظل ينتظر الفرصة، لكنها جاءت غير ملائمة هذه المرة لتصفية حساباته الإجرامية.. غير أنه سرعان ما سيقتل هو أيضا (ككلب حقير) بخمس رصاصات غادرة، على حد تعبير ابنه رؤوف أوفقير، والذي وصف الحادث رسميا على أنه انتحار تلقائي، حسب بلاغ وزارة الداخلية آنذاك (17 غشت 1972). الجنرال المذبوح إذن وضع بيضه كاملا في سلة (فاسدة) و(متهورة) فكان ما كان.. والأخطر من كل ذلك، لم يباشر اتصالاته برفاقه الاتحاديين القدامى، الذين كانوا ينتظرون منه هذه المبادرة، بل لقد كانوا يبشرون بها بين أنصارهم. فهل الاستيلاء على مقاليد الحكم في البلاد آنذاك كان لا يستحق عناء التنسيق مع اليسار وقتئذ؟ وهل مجرد إصدار التعليمات بإطلاق سراح (170) مناضلا اتحاديا من سجن بولمهارز بمراكش وتلكؤ العامل عن تنفيذ هذه التعليمات، هل كان ذلك كافيا لحماية وتطوير ودعم الحركة الانقلابية الجديدة؟
- ماذا تقول عن الموت المبكر للجنرال المذبوح؟ + لقد أخبرني بعض الضباط الذين شاركوا ضمن هذه التجربة المريرة، وأفلتوا من جحيم (تازمامرت)، بأن تأخر وصول تلامذة (أهرمومو) ومدربيهم إلى قصر الصخيرات في الوقت المحدد، قد وتر أعصاب المذبوح، وجعل الشكوك تراوده بخصوص احتمال قيام اعبابو بالوشاية به إلى الملك، لذلك سارع إلى إرسال شخصين لمقابلة اعبابو (وهو لا يزال في طريقه إلى القصر) لتبليغه أمر التأجيل، وضرورة متابعة طريقه نحو ابن سليمان لتنفيذ المناورة وكأن شيئا لم يكن، مؤكدا له: لقد تجاوزت التوقيت الزمني المتفق بشأنه ومن الأفضل تأجيل العملية إلى وقت آخر. غير أن اعبابو بدوره – والذي قضى الأيام الأخيرة بلياليها في التحضير لهذه العملية – فاض به الكأس، إذ لم تمر سوى بضعة أسابيع على تأجيل العملية السابقة ليوم 14 ماي 1971، والتي كان قد حشد لها 15 كوماندو مسلح.. قد شك بدوره في أن يكون المذبوح قد وشى به، فقرر متابعة التنفيذ مهما كلف الأمر.
- ما هي التعليمات الأصلية التي أوصلها الجنرال المذبوح إلى اعبابو قبل بعث توصيات التخلي عن المحاولة؟ + كانت تعليمات الجنرال المذبوح إلى اعبابو تنص بدقة على ما يلي: - الحرص على الوصول إلى البوابة الغربية لقصر الصخيرات على الساعة الواحدة زوالا (أي قبل الشروع في وجبة الغذاء). - الحرص على عدم إطلاق النار. - الشروع بمجرد تطويق القصر في اعتقال كافة الحاضرين، مع الاستعانة بمكبرات الصوت لدعوة الجميع إلى رفع الأيدي عاليا والاستسلام بدون قيد أو شرط. - مباشرة عملية فرز الأشخاص المعتقلين ، لتقسيمهم إلى ثلاثة مجموعات: أ- المجموعة الأولى (والتي ينبغي إعدامها فور الاتفاق في عين المكان بين المذبوح واعبابو) وتتألف من: - الملك الحسن الثاني – ولي العهد – الأمير مولاي عبد الله – الجنرال الغرباوي – الكولونيل أحمد الدليمي – إدريس السلاوي مدير الديوان الملكي – الجنرال البوهالي الماجور العام للقوات المسلحة الملكية. ب- المجموعة الثانية: وتتألف من جميع أعضاء الحكومة والجنرالات الحاضرين، وهؤلاء يتم سوقهم إلى هيئة الأركان العامة بالرباط لتحديد مصيرهم لاحقا.. واحدا.. واحدا. ج - المجموعة الثالثة: وتتألف من باقي المدعوين، مغاربة وأجانب، والذين سيجري الإفراج عنهم بعد تنفيذ ما سبق ذكره. .. وهكذا ما كاد أن يتقابل الرجلان – المذبوح واعبابو – حتى بدأ هذا الأخير يصرخ عاليا: وَافَايْن هُوّا (...) وسير خرّجُو لعندي.. وأنا راه غادي نبيع جلدي غالي.. إلخ (علامة على تدهور عنصر الثقة بين الرجلين)! وبينما كان المذبوح، يذهب ويجيء بين مكان وجود الملك واعبابو، عسى أن يحل الإشكال بطريقة أو بأخرى، كان عبابو يزداد هياجا، وسط إطلاق الرصاص والرمانات اليدوية لمجموعاته، وكان يصيح: - اقتلوا الخونة.. اقتلوا الخونة.. وعاش الملك!!؟ في هذه الأثناء، رفض الملك الخروج وطالب المذبوح بإحضار عبابو أمامه لاستفساره عما يطلب، كما رفض اعبابو التوجه لمقابلة الملك بدون رجاله وفيهم مساعده العملاق عقا.. وبينما كان الدكتور بنيعيش – الطبيب الخاص للملك – يقوم بإحضار رشاشة حربية للملك من غرف النوم، وكانت قد أهديت له قبل ذلك من طرف إحدى الشخصيات الأجنبية، شك اعبابو في الأمر وطالب بنيعيش بتسليم السلاح فورا، غير أن بنيعيش كان قد دخل في حوار مع الجنرال المذبوح، وهنا جاءت صلية من الرصاص (Rafale) على يد أحد التلاميذ ـ الضباط في اتجاه كل من المذبوح وبنيعيش ليسقطا معا.. أمام أنظار اعبابو والقبطان الشلاط والمساعد الأول عقا، وهنا توجه اعبابو نحو جثة المذبوح معلقا بالفرنسية: Oh, Mon oncle, C es dommage pour vous, général Medbouh))، ويضيف المقدم محمد عبابو في محضر استنطاقه بعد اعتقاله: (... ولقد علمت من خلال ضابط الصف الذي هرب معي بأن المذبوح مات أمام أعين الجميع، ذلك أنه لحظة قيام امحمد اعبابو بإعطاء الأمر لأحد تلاميذه بإطلاق النار على الدكتور بنيعيش، كان هذا الأخير وقتها يتناقش مع المذبوح وهو ملتصق به.. فأصيبا معا برصاصات قاتلة). وحيث أن القائد العام للعملية الانقلابية الجنرال المذبوح قد قتل منذ الساعة الأولى للانقلاب، اتجه اعبابو باحثا عن الكولونيل الشلواطي لتكليفه بقيادة الحركة الانقلابية من خلال إقناع باقي الجنرالات بالانضمام إليها.. وهو ما سيباشره فعلا لدى التحاقه بالقيادة العامة للجيش. غير أن طريقة التراشق بالنيران في القيادة العامة، ما بين الجنرال البوهالي والمقدم اعبابو كانت على شاكلة تراشق سراق المواشي (الكاوبوي) على الطريقة الأمريكية..، حيث أدى ذلك إلى مصرعهما في الحال ثم استسلام حوالي مائتين من تلامذة المدرسة، ليلا بالقرب من الإذاعة، وما أعقبه بعد ذلك من إطلاق النار عليهم بعد تسليم أسلحتهم، مما سيؤدي إلى مقتل حوالي 113 تلميذا فورا.. كل ذلك، أدخل الحركة الانقلابية في عنق الزجاجة كما يقولون وأغرقها في الدماء التي لا مبرر لها، إذ تكد تنتصف ليلة هذا اليوم الأغبر في تاريخ المغرب المعاصر، حتى كان باقي الانقلابيين الأحياء يبحثون عن التخلص من أسلحتهم وملابسهم العسكرية، بحثا عن ملاذ آمن بعد كل الذي شاهدوه من مناظر فظيعة، وما ينتظرهم من مصيرمظلم. - في ضوء تجربتك السابقة، واحتكاكك المباشر بعدد من التجارب الانقلابية في المشرق العربي، كيف تنظر لأحداث 10 يوليوز 1971؟ + في تقديري، ما حدث بالصخيرات ثم الرباط طوال يوم 10 يوليوز 1971 لا يمكن أن يرقى إلى مجرد مناورة عسكرية بسيطة من طرف أحد جيوش البلدان المتخلفة كجمهورية إفريقيا الوسطى أو النيجر على سبيل المثال.. أؤكد لكم أن ما حدث هنا لا يرقى لمجرد مناورة عسكرية بسيطة، نظرا لهمجيته، وبدائيته وتهوره وافتقاده إلى الحد الأدنى من التنظيم، بكلمة واحدة، هو عمل "رعاع" لا أقل ولا أكثر. فكما هو معلوم، تميزت الفترة التاريخية من 1965 إلى 1975 بظهور عدد من الانقلابات العسكرية، سيما في أقطار أمريكا اللاتينية وإفريقيا، حيث الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية أكثر سوءا وتأزما.. كان ذلك هو الإطار العام لهذه الانقلابات.
لكن يجب التقرير هنا بأن بعض هذه الحركات الانقلابية كان ذا طابع تقدمي، باعتبار ما حصلت عليه من دعم جماهيري عريض آنذاك.. بينما كان بعضها الآخر – وهو الأغلب – ذا طابع (أوليغارشي) عسكري ضيق، لا يروم في الحقيقة سوى الاستيلاء على السلطة بحد ذاتها.. بمنافعها..وامتيازاتها.. ولم تكن السلطة عند (ثوارها) أداة محورية لمباشرة التحولات العامة التي كان يستدعيها بإلحاح تصحيح أوضاع هذه الأقطار. فأن تلجأ حفنة من الأشخاص لا تتعدى أصابع اليد الواحدة إلى التآمر، في بلد كالمغرب، حيث النسيج السياسي والنقابي والتربوي أكثر متانة بالقياس مع كل الأقطار الإفريقية والعربية المجاورة، أن تلجأ هذه الحفنة إلى استخدام أكثر من (1400) جندي وضابط دون مصارحتهم مطلقا بطبيعة (المهمة) ولا أن يتم تأطيرهم جيدا لتنفيذها، ولا أن يضبطوا بينهم المهام تفاديا للالتباس والخلط وسوء النية.. إلخ.. أن يجري كل ذلك، بهذه الدرجة من التهور والشراسة والجهل والرعونة، لهو عمل في منتهى الحماقة والوحشية!
فحتى ساعة وصول القوات المهاجمة إلى بلدة (بوقنادل) كانت المهمة الرئيسية المحددة في أذهان الجميع هي المشاركة في مناورة بالذخيرة الحية في منطقة ابن سليمان، هذه المهمة التي كان من المفروض أن يقوم بها أحد أفضل ألوية القوات المسلحة، ولكن المقدم اعبابو (كما أكد لتلامذته وضباطه في الجمع العام التحضيري ليلة 9/07/ 1971) استطاع أن يقنع القيادة العليا للجيش بأن مدرسته تستطيع أن تقوم بذلك على نفس الدرجة من القوة والاقتدار والنجاح.. كما صرح بذلك وأكد. وعندما توقفت القوات المهاجمة في بوقنادل لاستجماع القوى، وتحديد المهام على أيدي من أسماهم المقدم اعبابو بالقيادة الميدانية (المتقدمة)، تأكد في ما بعد بأن هؤلاء الضباط الذين أحضرهم إلى بوقنادل بلباس مدني، إنما أحضرهم لمعاينة ضيعة فلاحية يعتزم شراءها هناك! وأن يطلب نصيحتهم.. على أن يتجهوا بعد ذلك لحضور حفلات القصر الملكي بالصخيرات!! خلال هذا اللقاء، سينقل المقدم اعبابو خطابه إلى السرعة القصوى في مخاطبة ضيوفه وضباط مجموعاته المسلحة، إذ لأول مرة سيستعمل عبارات جديدة ذات علاقة بالشأن السياسي والاقتصادي والاجتماعي، لم تكن لتجري على لسانه قبل ذلك على الاطلاق. لقد "تحايل" على الجميع، ليجمعهم هنا في بوقنادل وهو يخطب فيهم خطبة أشبه بخطبة طارق بن زياد، وبين أيديهم قوة نار هائلة مع خواء فكري فظيع وارتباك وفوضى قياسيين.
- ماذا قال اعبابو في بوقنادل؟ + قال : (.. لقد جرى اختياركم من طرف القيادة العليا للجيش للمشاركة في مهمة خطيرة، وقد وقع عليكم الاختيار لأنكم بالفعل تستحقونه، إنكم تعلمون جميعا الوضعية السياسية والاقتصادية والاجتماعية الحالية لبلادكم.. يجب إنقاذ هذه البلاد.. لقد آن الوقت لذلك.. يتوجب علينا جميعا الهجوم على قصر الصخيرات هذا اليوم ما بين الساعة 13 و 14 .. وستشارك قوات عسكرية أخرى في تنفيذ هذه المهمة!! وبالتالي نحن لسنا لوحدنا!! ولن نكون كذلك... إن هناك عناصر متمردة تهدد سلامة صاحب الجلالة ويتوجب علينا القضاء عليها بدون تردد...). ثم أمسك بقضيب خشبي ليرسم أمام الضباط المتحلقين حوله مخططا عاما للمعركة المقبلة، محددا بدقة بنايتين رئيسيتين داخل القصر، رسم بينهما خطوطا حربية معروفة لدى العسكريين، مؤكدا أن المعركة قد بدأت وعلى الجميع الالتحاق بوحداتهم ورفع أغطية الشاحنات وتلقيم الأسلحة بمختلف عياراتها والتحرك منذ تلك اللحظة على أساس أن القوات أصبحت ضمن وسط معاد يتوجب اتخاذ أقصى الاحتياطات تجاهه، وبالتالي فإن إطلاق النار ستصبح عملية تلقائية منذ تلك اللحظة، لا تحتاج إلى تذكير أو تجديد الأوامر.
أما بخصوص الضباط (بلباس مدني) الذين أحضرهم عبابو لبوقنادل، فقد فعل ذلك تبعا لتعليمات الجنرال المدبوح، حتى يشجع أكثر تلامذة أهرمومو وضباطهم، فقد كان هؤلاء (الضيوف) يمثلون مختلف قطاعات الجيش، وبالتالي فإن إحضارهم كان بمثابة عملية ذات مغزى كبير. وهؤلاء الضباط هم المقدم القادري والكوماندان المالطي والكوماندان المنور والكوماندان بريكي والكوماندان رياني (صهر المذبوح) والكوماندان حريشي والكوماندان ميلس. ومما تقدم، أستطيع التأكيد لكم بأن ما حدث لا يخرج عن نطاق حركة (الرعاع) التي لا يجمعها جامع، غير الرباط الحديدي الذي ربى عليه المقدم امحمد عبابو تلامذته وضباطه على حد سواء، والذي وصل حد الطاعة العمياء، فتحول الأمر خلال ساعات قلائل إلى إعصار مدمر، فتك بأرواح أكثر من مائتين وخمسين شخصا وتسبب في جرح وإصابة المئات وإلحاق أفدح الأضرار بالممتلكات الخصوصية والعمومية. فما كنت أظن أن الجنرال محمد المذبوح ستصل به السذاجة السياسية والتهور العسكري إلى هذا الحد، ومهما حصل فقد كان المسؤول الأول والأخير عن كل هذه المأساة، وكان من قبيل المستحيلات أن تمر هذه القوة الكبرى عبر تراب عدة أقاليم، بسلاحها الكامل وذخيرتها ووقودها وتغذيتها دون موافقته الشخصية، باعتباره رئيسا للديوان العسكري لصاحب الجلالة، وسيكتب له أن يكون من أول ضحايا هذا التهور لتبقى جثته ثلاثة أيام في عز الصيف بدون دفن قبل القيام بإحراقها، ثم ليحرم من مجرد قبر كباقي المسلمين.
- وماذا عن الموقف الليبي الرسمي من هذه الأحداث؟ + لقد جاءت هذه المحاولة الانقلابية الفاشلة لتؤكد طبيعة التوجه السياسي العام لنظام العقيد القدافي، والذي كثيرا ما أبلغ قادتنا في التنظيم السري للاتحاد الوطني للقوات الشعبية منذ انقلابه الشهير في فاتح سبتمبر 1969، بأنه لا يثق مطلقا في قدرة الحركة التقدمية المغربية على إسقاط النظام الملكي وإبداله بنظام جمهوري على الطريقة الناصرية، وكان ينصح قادتنا بالاعتماد على قوات الجيش النظامي المغربي إذا هم أرادوا الحصول على نتائج طيبة. والغريب أن نظام العقيد القدافي حتى بعد أن صار يدعمنا، بتخصيص برنامج إذاعي دائم، كان عبد الرحمان اليوسفي يكتب افتتاحياته بانتظام، وحتى بعد أن فتح في وجوهنا معسكرات التدريب على السلاح وبعد أن أصبح يقدم لقادتنا الأموال والأسلحة، كان دائما ينصحهم بالتعاون مع الجيش المغربي في الداخل مهما كانت عقليته وتركيبته وميوله، إن هم أرادوا نتائج إيجابية!
فمنذ الساعات الأولى للمحاولة الانقلابية الفاشلة لـ 10 يوليوز 1971 انطلقت الإذاعة الليبية في بث بلاغات التهنئة والتبريك، بل لقد أجرى العقيد القدافي - حسب ما نشرته وثائق الخارجية الأمريكية والبريطانية مؤخرا، وحسب ما ذكره الملك الحسن الثاني نفسه في كتابه (ذاكرة ملك)، أجرى القدافي اتصالا هاتفيا بالرئيس الجزائري هواري بومدين طالبا السماح لقواته الجوية والبرية باستعمال الأراضي والأجواء الجزائرية للمرور إلى المغرب لدعم الانقلابيين.. وهكذا أرسل ضابط المخابرات الليبية الرائد عوض علي حمزة، إلى الجزائر على جناح السرعة، لمتابعة تنسيق هذه العمليات، غير أن الرفض القاطع للهواري بومدين أفشل مسعى إرسال حوالي (12) ألف جندي ليبي إلى المغرب لدعم الانقلاب. ورغم إعلان فشل الانقلاب ظلت الإذاعة الليبية تواصل بث بلاغاتها الداعمة للانقلابين، بينما المغرب الرسمي من جهته رد بتطويق مقر السفارة الليبية في الرباط ثم وضع كافة العاملين بها في الإقامة الإجبارية، واضطر في وقت لاحق إلى قطع كل الاتصالات الهاتفية عن السفارة. وهذا ما كشفته وثائق الخارجية البريطانية المنشورة حديثا، بعد مرور أمد التقادم القانوني ضمن الملف رقم (FCO 39 - 884)، والذي تضمن الكثير من الوثائق الدامغة في هذا الاتجاه.
وسيقترح الجنرال محمد أوفقير من موقعه الجديد كوزير للدفاع، بعد إخماد فتنة الصخيرات، على الملك الحسن الثاني في أكادير، فكرة القيام بإسقاط طائرة العقيد القدافي انتقاما من تورطه في دعم الانقلابيين لصيف 1971.. وسيتذكر الملك هذا الاقتراح باستغراب شديد.. مباشرة بعد تورط الجنرال أوفقير في محاولة إسقاط طائرته مساء يوم 16 غشت 1972!!؟
طالع أيضاً
ملاحظات
المصادر
- ^ إدريس ولد القابلة (2008-11-28). "أسوأ أيام الملك الحسن الثاني". الحوار المتمدن. Retrieved 2008-11-29.
- CS1 الفرنسية-language sources (fr)
- CS1 الإنجليزية الأمريكية-language sources (en-us)
- CS1 maint: bot: original URL status unknown
- CS1 الإسبانية-language sources (es)
- CS1 maint: others
- Short description is different from Wikidata
- Articles with hatnote templates targeting a nonexistent page
- Articles with فرنسية-language sources (fr)
- 1970s coups d'état and coup attempts
- 1971 in Morocco
- Attempted coups in Morocco
- Failed regicides
- Republicanism in Morocco
- Military history of Morocco
- July 1971 events in Africa
- Arab rebellions
- Mass murder in 1971
- Massacres in Morocco
- تاريخ المغرب
- انقلابات سياسية
- 1971