انجي افلاطون
انجي افلاطون ( ولدت في 16/4/1924 و توفيت في 1989 ) فنانة مصرية تنتمي الى رواد الحركة الفنية التشكيلية في مصر والعالم العربي
انجي افلاطون فنانة مصرية تنتمي إلى رواد الحركة الفنية التشكيلية في مصر والعالم العربي ولدت انجي حسن أفلاطون في قصر من قصور القاهرة وتلقت تعليمها في ( مدرسة القلب المقدس ) الفرنسية الداخلية.
بدأت طريق الابداع الفني تلقائياً قبل ان تدرس فن الرسم دراسة اكاديمية ، فقد استقدم لها والدها معلماً حين لمس شغفها بالرسم لكنها رفضت الاسلوب الإملائي في الفن ، مفاد والدها والحقها باستوديو ( جاتروس امبير ) الذي كان في شارع قصر النيل فأصبح بمثابة اكاديمية خاصة عام 1941، لكنها تركته بعد شهر واحد بحثاً عن الحرية في التعبير.
وبعد فترة التقت بأحد الفنانين الذين أثروا في الحركة الفنية آنذاك وهو كامل التلمساني الذي أخذ يشرح لها الفن ويوجهها نحو تاريخ الفنون وفلسفة الجمال وقدم لها فنون التراث واتجاهات الفن الحديث من خلال المراجع والصور فانفتحت امامها نافذة اطلت منها على عالم الفنون الحافل بالجمال وكان ذلك من عام 1942 حتى 1945.
استطاع التلمساني ان يطلق طاقتها الفنية المتدفقة ويشق امامها طريقا مثيراً ، فمضت تلتهم الكتب التهاماً ، حتى ألمت بعلوم التاريخ والاجتماع والفلسفة والاقتصاد والادب والشعر والموسيقى .
اتخذت من (السريالية) منهجاً للتعبيرعن نفسها فنياً فصورت كل ما خطر ببالها من أحلام وكوابيس بطريقة روائية ويظهر ذلك في لوحات (الوحش الطائر) 1941، (الحديقة السوداء) 1942 و(انتقام شجرة) 1943 وفي نفس الوقت تقريباً بدأت انجي افلاطون مشوارها الفني مع جماعة (الفن والحرية) التي ضمت بين اعضائها محمود سعيد و فؤاد كامل و رمسيس يونان يساندهم مجموعة من النقاد منهم البير قصيري و جورج حسين و لطف الله سليمان .
ومع هذا النشاط الفني والاجتماعي سافرت الى العديد من البلدان الأوروبية وزارت المتاحف وشاهدت روائع الفن القديم والحديث فأدركت انها لن تستطيع ان تضيف شيئاً من خلال المنهج السريالي فتوقفت عن الرسم لمدة عامين منذ 1946 حتى 1948.. حيث آثرت ان تدخل بوابة الفن من بدايتها حتى تتمكن من تجسيد مشاعرها وخيالاتها وافكارها مدركة ان الفن رسالة حياتية لا تكتمل إلا بالعمل اليومي وتحصيل المعرفة على ايدي الاساتذة الكبار، ست سنوات ترددت انجي خلالها على مراسم الفنانين ومراكز تعلم اصول الرسم من 1948 وحتى 1954.
وفي عام 1951 قدمت معرضها الخاص الاول الذي غلب عليه الطابع الواقعي الاجتماعي سواء في اللوحات التي عبرت فيها عن هيمنة الرجل على مقدرات المرأة .
وبدأت انجي تحمل ادوات الرسم وتتجول بها في القرى والنجوع في طول مصر وعرضها وكانت معظم جولاتها منفردة رغم صعوبة ذلك آنذاك، لكنها لم تعبأ بالعقبات التي قابلتها وكانت تنام في الفنادق او الاديرة تلاحق رغبتها الملحة في الرسم والتعبير عن رؤيتها للريف والفلاحين ونداءاتهم في الحقول وشقشقة العصافير ونباح الكلاب واصوات الغنم والماشية وانين السواقي وخرير الماء وسنابل القمح وكيزان الذرة في الغيطان ، فقد كان التعبير عن الصوت داخل اللوحة التشكيلية هو همها وهدفها الاول والذي نجحت في الوصول اليه وقد قالوا عنها (لو ان فلاحة لها موهبة انجي افلاطون وثقافتها الواسعة وتمكنها من اصول الصنعة لما عبرت بأجمل واصدق مما عبرت به انجي عن ريف مصر شكلاً ومضموناً) .
اتسم أسلوب إنجي في معرضها الأول بالتعبيرية التي تتجاوز النسب الطبيعة ، إعتماداً على تحوير العناصر ، من أجل تأكيد الرمز ، وإن ظلت ألوانها قاتمة ، بينما كان الإنسان هو العنصر الرئيسي في هذه اللوحات . لم تتوقف إنجي عن الرسم ، حيث توالت معارضها ، بعد ذلك حتى بلغ عددها 26 معرضاً ،
وراحت ترسم غروب الشمس وشراع المراكب الصغيرة ، من بعيد ، وهو يتحرك في النيل ، فتحول في تصورها إلى رمز للحرية ، ومنذ ذلك الحين بدأت الطبيعة تؤكد وجودها في إبداعات (إنجي أفلاطون) في معرضها الذي أقيم في ألمانيا الشرقية عام 1970 وعندما قالوا عنه (إنه معرض خاص بالمرأة قالت عنه إنجى أفلاطون بل إنه تعبير عن الواقع ، والمرأة جزء من هذا الواقع وقد تمكنت بصفتي امرأة من أن أدخل بيوت الفلاحين، وأجلس مع الفلاحات ، وأرى على الطبيعة ، كيف تعيش المرأة في الريف ، كامرأة عاملة ، تعمل في كل مكان ، الحقل ، السوق ، المنزل ، إذن المرأة تتحدى الفقر ، وترعى الأسرة . أما نساء الحضر، فقد عبرت عنهن بصورة واقعية .
حظيت انجي افلاطون بتقدير عال شرقاً وغرباً عبر مشوارها الطويل في طريق فن الرسم التصويري وقد قالو عنها في نيودلهي 1981 (انها تضفي قدراً هائلا من الحيوية على تفسيرها للطبيعة.. وتدرك قيمة العمل كجزء لا يتجزأ من المنظر الطبيعي).. وفي روما قالوا عنها (انها خرجت من قلب الحركة التشكيلية المصرية المعاصرة التي ترتبط بالواقع تصور العظمة القاسية للطبيعة المصرية في لحظات من الحياة اليومية وتكمن قوتها في قدرتها على القبض على شعور ما).
وفي عام 1951 قدمت معرضها الخاص الاول الذي غلب عليه الطابع الواقعي الاجتماعي سواء في اللوحات التي عبرت فيها عن هيمنة الرجل على مقدرات المرأة أو اللوحات التي صورت الكفاح المسلح ضد قواتالاحتلال البريطاني مثل (لن ننسى) التي عبرت عن شهداء الفدائيين في معارك قناة السويس.
حظيت انجي افلاطون بتقدير عال شرقاً وغرباً عبر مشوارها الطويل في طريق فن الرسم التصويري وقال عنها النقاد (انها تضفي قدراً هائلا من الحيوية على تفسيرها للطبيعة.. وتدرك قيمة العمل كجزء لا يتجزأ من المنظر الطبيعي).. وفي روما قالوا عنها (انها خرجت من قلب الحركة التشكيلية المصرية المعاصرة التي ترتبط بالواقع تصور العظمة القاسية للطبيعة المصرية في لحظات من الحياة اليومية وتكمن قوتها في قدرتها على القبض على شعور ما).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
المراحل الدراسية
- مدرسة القلب المقدس ( شهادة البكالوريا 1942 ) . - درست الرسم والتصوير على يد ( كامل التلمسانى ) . - تتلمذت بعد ذلك على يد الفنان حامد عبد الله ثم التحقت بالقسم الحر بالفنون الجميلة .
الوظائف و المهن
- مدرسة رسم بمدارس الليسية الفرنسية حتى عام 1948 ثم صحفية حتى عام 1952 ثم مصوره ثم حصلت على منحة تفرغ عام 1965 .
المعارض الخاصة
- أول معرض خاص مارس 1952 . - أقامت حوالى 25 معرضاً خاصاً في الداخل والخارج منها معرض روما 1967، قدم الكتالوج الفنان / تاتو جوقوزد . - معرض في مدينة دوسلدورف و برلين الشرقية وموسكو 1970 . - معرض بنيودلهى 1979 . - معرض بأكاديمية روما 1981 . - اقامت معرضاً شاملاً لأعمالها الفنية بقاعة إخناتون 1942، 1985 . - معرض بقاعة إخناتون 1987 . - معرض بالكويت 1988 . - نظم أتيليه القاهرة معرضاً لإحياء ذكرى الفنانة 1989. - تم عرض لوحتها في صالون 1990 . - افتتح معرض كبير لأعمالها ويعد المعرض الأول في واشنطن للنساء في الفنون 1994.
المعارض الجماعية المحلية
- شاركت في العديد من المعارض العامة وجماعية منها ( جماعة الفن والحرية) .
المعارض الجماعية الدولية
- شاركت في بينالى ساوباولو 1953 . - بينالى فينيسيا 1952، 1968 . - بينالى الإسكندرية لدول البحر المتوسط الدورة ( 4 ) 1961 ، الدورة ( 6 ) 1965 . - معرض الفن المعاصر ببلجراد 1974 . - صالون ( المستقليين ) بباريس رقم ( 87 ) عام 1976 ـ قوميسير . - شاركت في معرض الفن المصرى المعاصر بباريس و كانت ( قوميسير ) . - شاركت مع عدد من الفنانين المصريين في معرض ألاباما الولايات المتحدة 1988 .
الزيارات الفنية
- زارت الكثير من الدول الاوروبية وكانت قوميسير الجناح المصرى بباريس 1976 .
البعثات و المنح
- منحة تفرغ من وزارة الثقافة 1965 .
المهام الفنية التى كلف بها و الاسهامات العامة
- ساهمت في تنظيم المعرض التاريخى الكبير ( عشرة فنانات مصريات في نصف قرن ) ، والذى أقيم بقاعة اللجنة المركزية لاتحاد الاشتراكى . - كانت قوميسير المشرف على جناح الفن المصرى المعاصر ( صالون المستقبلية ) بباريس (جراند باليه ) .
المؤلفات و الأنشطة الثقافية
- صدر لها كتاب بعنوان ( 80 مليون إمرأة معنا ) 1947 . - صدر لها كتاب بعنوان ( نحن النساء المصريات ) 1949 . - صدر لها كتاب ثالث بعنوان ( السلام والجلاء ) 1951 .
الجوائز المحلية
- جائزتين من صالون القاهرة عامى 1956 ، 1957 . - الجائزة الأولى في مسابقة المناظر الطبيعية التى نظمتها وزارة الثقافة عام 1959 .
الجوائز الدولية
- وسام ( فارس للفنون والآداب ) 1985 - 1986 من وزارة الثقافة الفرنسية .
مقتنيات رسمية
- متحف الفن المصرى الحديث القاهرة . - متحف الفن الحديث بالإسكندرية . - متحف الفن الحديث في درسون بالمتحف الوطنى . - متحف الفنون الشرقية بموسكو ( متحف بوشكين ) . - مجلس النواب الإيطالى . - قاعة ( لانوفابيز ) بروما .
الأعمال الفنية الهامة في حياة الفنان
- الاعمال التى شاركت بها في المعرض الثالث لجماعة الفن والمستقبل حيث قال الناقد ( جورج حنين ) انها مفاجاة المعرض ، وكانت هذه الاعمال علامة فارقة ونقطة تحول في حياتها الفنية .
بيانات أخرى
- اعتقلت الفنانة وقد انتجت خلال فترة اعتقالها أعمالاً رائعة تصور مأساة الفقراء من الفلاحات والعاملات بالحقول كانت سببا في شهرة أعمالها التعبيرية ذات الألوان الساخنة مما أعطاها طابعا فريدا وشخصية فنية مستقلة .
حول رؤية الفنان
فى رحلة الأربعين عاما
الفن المستقل أو نقد النقد
- " وكان الاكتشاف هو أولئك التلاميذ الشبان ( للمستقلين الجدد ) . - إنجى أفلاطون ذات السبعة عشر ربيعا .. تلميذة التلمسانى منذ عامين . - رائعة هى هذه " المناظر الليلية " بخضراتها المتداخلة وكأنما هى أدغال من الأفاعى .. بمساواتها التى يتخللها الاصفرار واخضرار الزمرد .. وكأنها ساحرة ركبت فراشاتها ، فسيطر اصفرار هو أقرب إلى لون الكبريت على لوحاتها الثلاث الممتازة . - لوحة ألوانها لا تضم إلا الأزرق والأخضر والأحمر الداكن .. ولكن بأية براعة تستخدم هذه الألوان . - هل تعيد هذه اللوحات إلى الذاكرة أحدا ما ؟ ربما بعض أعمال " ماسون " الذى قد لا تعرفه قط والأمر على أية حال ليس بذى أهمية .. لأن الطابع الشخصى واضح في أعمالها . - وقد كشف التلمسانى عن مواهبه كأستاذ ممتاز .. فلم يكتف بأن جنب تلميذته تأثير انتاجه هو ، بل علمها كيف تستخدم ألوانها على نحو لم يعد هو ذاته قادرا عليه . - ولو قدر لهذا النجاح ألا يدير رأس إنجى أفلاطون ، فأنها سوف تكون رسامة من المستوى الذى نحبه " مارسيل بياجينى جريدة لاباترى 1942 - شعرت بنشوة غامرة ، خلال تلك اللحظات التى أمضيتها في معرض الصديقة العزيزة إنجى ذلك لأنى انتقلت حقا إلى الريف الذى أحببته ، وإلى الأرض الطيبة التى عشت فيها وتعلقت بها . - إنها قطع من صميم حياتنا في الريف ، وصور صادقة نابضة بالحياة والجمال ، أبدعتها ريشة الفنانة البارعة ، ويبث فيه من روحها ومن نبل مشاعرها ورقة عواطفها ، ودقة احساسها ، ما جعلها تخفق حيوية وتتدفق تعبيرا .. - ولست أتردد في الاعتراف بأن قلمى الذى حاول طويلا أن ينقل إلى المدينة صورا من حياة قومى الكادحين في القرى لست أتردد في الاعتراف بأن قلمى قد عجز حقا عما استطاعت ريشة إنجى أن تبدعه . بنت الشاطىء فلاحة 12 / 3 / 1952 - " .. إن إنجى أفلاطون تختار الأوجه والجماعات وتداعب الأيدى والحركات التى يقوم بها الرجال والنساء وهم يعملون . وتعلم إنجى أفلاطون أنه إذا أراد أن يسمع صوته فلا يجب أن يكون مصطنعا أو أن يقع فريسة ( الموضة ) السائدة لذلك فإن إنجى لا تستمع إلا لذلك الصوت المصرى الذى هو صوت أصلها العريق صوت رمال ومياه النيل والآفاق الواسعة التى تحترق بلهيب داخلى " . مقتطفات من مقدمة ( جان لورسا ) كتالوج معرض الفنانة في إخناتون مارس 1964 - اتخذت إنجى أفلاطون الطريق إلى فن اجتماعى وواقعى في نفس الوقت ، يبدأ من العزيمة القومية ويتحرك بتصميم في المجلات التشكيلية مع الكائنات ومع الحياة الكاملة للناس في وطنها .. - ولطريقة عرضها خواص البلاستيكية الطيبة سواء في الشكل أو اللون أو الملمس وهى لا ينقصها شىء مما يقود إلى الواقعية الحديثة ، الواقعية الجديدة الأكثر نطقا والأغنى من الواقعية القديمة ، الواقعية التى اتخذت الطريق نحو اكتناز كل ما أكتشف من قبل والبحث ، بالاضافة إلى ذلك ، عن اكتشافات عظمى مستقلة في نفس الاتجاه .. إنها تسير بكل ما لديها من عاطفة قوية فردية نحو فن قومى ذى أصداء عالمية .. مقتطفات من خطاب لجوزيه الفاروسيكيروس القاهرة في 18 /9/ 1956 - طفت ساعة بين جحيم دانتى والمطهر حتى وقعت على مشارف الفردوس التى أرجو أن أدخله قريبا بفن إنجى أفلاطون . فبعد مرحلة السريالية التقليدية في أوائل الأربعينيات كانت هناك تلك المجموعة الخطيرة المستوحاة من سجن النساء في القناطر وهى في نظرى من أروع ما سجلته ريشة الفنان في مصر : ملحمة مصر التقدمية في أصفاء الرجعية والعملاء وقضبان السجن انعكست على ثياب المجاهدات قاتمة حقا ولكن شرف الفن تسامى آلام الحياة ثم بدأت الخيوط والخطوط العمودية المتصلة تتقطع فازدادت مساحة الأبيض ومعها ازداد الأمل ، الأمل لهذا التطور بلغت إنجى أفلاطون مرحلتها الأخيرة بين الأبيض ليسود الخلفية والأمل يضئ الحياة ومع ذلك فنحن لا نزال مع التخيل في الواحات وبين الرمال بيضاء حيث الماء شحيح واردة الحياة تقاوم العدم . - توج كل هذا جلال الجبال في سيناء .. وبهذا التحول الجديد تشيع الغنائية الجديدة في فن إنجى أفلاطون وبعد بؤس الواحات والقناطر تبدأ تباشير الأحلام .
الكلمة التى سجلها الدكتور لويس عوض فى الكتاب الذهبى الشامل للفنانة 1942 / 1985 - منذ أقامت الفنانة إنجى أفلاطون معرضها الخاص الأول سنة 1952 وهى دائبة المشاركة في حياتنا الفنية سواء من خلال فنها أو من خلال نشاطها العام . بعد رحلة في عالم الأشكال ودراسات من أجل امتلاك سر الخطوط والألوان وجدت إنجى أفلاطون تعبيرها الخاص في هذه التكوينات الغنية باللون ينبئ فيها الخط عن حركة وحياة ويتشكل منها نسيج باهر تصبر الفنانة على صياغته بدقة وأحكام .. لا تخفى المحاور التى يدور حولها مضمون عملها حس زخرفى نلمسه في صياغتها .. وإذا كان ريفها يشغى بالحركة والعمل فإنه يحفل أيضا بالجمال الذى تلتقطه نظرتها وتحيله إلى ألوان وخطوط تهتز بتموجات النور . - لو كان لبعض أعمالها أن تتحول إلى خامة أخرى لوحدت في نسيج السجاد أو الزجاج ما يحفظ لها وضاءتها وزهو ألوانها. عبر تحولات مضى فن إنجى أفلاطون حتى انتهى إلى مرحلة تلمح خصائصها في أعمالها الأخيرة تلك التى تمثل انتاج السبعينات هى جولات معظمها في عالم الريف محاورها في الحركة والعمل ومضامين أخرى تشغل عالم الفنانة ولكنه تفضى بها إلينا بلهجتها التشكيلية المميزة . بدر الدين أبو غازى - لقد عشت مع إنجى أفلاطون منذ صباها الفنى وأحسست أنها ولدت بالحياة كلها .. بكل ما في الحياة من روعة الخضرة والألوان .. وقد تطورت إنجى كما تتطور الحياة . وعلى قدر ما أهيم في جمال كل تطوراتها على قدر ما أخشى عليها مع كل تطور .. إنها الحياة .. في انتظار التطور وأمنياته مع خشية المجهول الذى يمكن أن يحقق كل هذا التطور .. - إن إنجى أفلاطون عبقرية فنية لا تخمد أبدا بل تزداد انطلاقا وتزداد روعة . إحسان عبد القدوس 10 /12/ 1987 - كانت إنجى على الدوام جميلة رقيقة ملائكية الشكل وعلى فراش المرض كانت في شبه إغماءة ، وقد سقط الضوء الخافت على جبينها فبدت أكثر رقة وجمالا وشفافية كأنها لوحة من لوحات " رينوار " أو غيره من التأثيرين ، ليس من لوحاتها ، فهى ما رسمت إلا الفلاحين والفلاحات والمسجونين والمسجونات . - أجمل لوحاتها لوحة صغيرة رسمتها من وراء قضبان الأشجار في حديقة سجن النساء حاولت وحاول غيرى شراءها ولكنها آثرت دائما الاحتفاظ بها . لم أعرف مثلها لوحة تعبر عن الأمل المزدهر في أسوأ الظروف . - ماذا يا ترى نستطيع ـ نحن أصدقاءها الكثيرين ـ أن نفعل لتخليد ذكراها وفنها ولتعريف أوسع دائرة من الأجيال الجديدة بلوحاتها ؟ - لقد عرضت في أنحاء العالم ونالت أرفع الجوائز ، ولكن الجمهور المصرى كان دائما أعز جمهور لديها ، فقد وهبته اعز أيام حياتها .. أو حياتها كلها . أحمد بهاء الدين الأهرام 19 /4 / 1989 - وهل يمكن حقا أن نفهم فنها معزولا عن نضالها ؟ إننى لا أعنى اختيارها لموضوعات لوحاتها فحسب وإنما أعنى أسلوبها في التعبير كذلك .. هذا الوهج الذى تشى به ألوان لوحاتها الأولى ، وهذا الحزن الخفيف على الوجوه والعيون ذات النظرة المتطلعة إلى بعيد ثم هذه النمنمة التى شاعت في لوحاتها الأخيرة وكأنها نوع من الإدراك بأن الطريق طويل ، ثم هذا الاحتفال بالمرأة الشعبية المصرية في لوحاتها وكأنه جزء من وعيها بالظلم المزدوج على تلك المرأة في مجتمعنا .
- وعلى قدر اهتمامها بالرسم كانت إنجى واسعة الثقافة تقرأ كثيرا وتناقش كثيرا ، كثيرا ما طالت نقاشاتنا في مرسمها بمنزلها وعندما قامت لجنة الدفاع عن الثقافة القومية كانت إنجى واحدة من مؤسسيها وظلت مواظبة على حضور اجتماعاتها الأسبوعية والمساهمة في نشاطها وفى إصدار مجلتها " المواجهة " حتى رحيلها . - ولقد خسرنا برحيلها أعظم خسارة وكانت الخسارة مزدوجة لاصدقائها الشخصيين وأنا منهم ـ لكن إنجى أفلاطون كانت من هذا الجيل ـ جيلنا ـ الذى بدأ يجمع أوراقه استعدادا للرحيل ، ويتطلع إلى الخلف متساءلا إن كان قد أدى واجبه بما فيه الكفاية . د.عبد العظيم أنيس أغسطس 1989 - الظاهرة الملفتة في مصر أن المرأة في عالم الرسم متفوقة . وكما أن عندنا مثلث ذهبى في الأدب وفى القانون وفى الصحافة فقد ظهر مثلث ذهبى في الرسم أيضا ففى الأدب ظهر عندنا طه حسين وعباس العقاد وتوفيق الحكيم وفى القانون عبد الرازق السنهورى وعبد العزيز فهمى و عبد الحميد بدوى وفى الصحافة محمد التابعى ومصطفى أمين وإحسان عبد القدوس . - وقد بدأ زحف المرأة إلى عالم الرسم وظهر المثلث الذهبى الجديد للرسامات منذ الخمسينات ويتألق الآن برسوم إنجى أفلاطون و جاذبية سرى و تحية حليم . - ويتصادف معرضان مهمان في وقت واحد لإنجى وجاذبية ، وهما تختلفان ظاهريا ، لأن الريف هو المكان المفضل لإنجى ، والمدينة هى المكان المفضل لجاذبية ولأن إنجى تعزف بالآلات الوترية وجاذيية تعزف بالآلات النحاسية . وإنجى تعزف انغاما وترية بالكمان في حساسية شاعرية ورقيقة وصافية السريرة بينما تعزف جاذبية أنغاما نحاسية صاخبة تكشف عن قدرة ومهارة مؤكدة ، وأشجان وألحان لونية متقنة .
- وتكشف إنجى عن ريف مصر الذى أحبته بخروجها عن عالم المدينة الضيق فتقدم واقعية جديدة هى الواقعية الشعرية وتقدم الريف متألقا ومتأنقا ، في فتافيت الضوء المتساقطة وخطوطها المهمشة وألوانها الصريحة غير المركبة واستخدامها الحاذق للون الساخن البرتقالى والأحمر والبارد الأزرق والكابى وتستخدم الأبيض كما يستخدم الموسيقار الصمت في دندنة ناعمة ، فتحس حبا عميقا وتسبيحات بالضوء واللون وكأنها تعيد تنظيم ما تراه من الماء والشجر والمرأة والفلاحة . كامل زهيرى الجمهورية 24 /2 /1985 - عندما شاركت ( إنجى أفلاطون ) للمرة الأولى في المعرض الثالث لمجموعة ( الفن والحرية ) عام 1942 كانت أصغر عضو ( 17 عاما ) وقد انقضت سنتان منذ أن أكتشفها لأول مرة وعلمها ( كامل التلمسانى ) وكان هذا كافيا كى تنطلق كفنانة حرة خلال مراحلها الفنية المختلفة حتى اليوم ، وأقامت أول معرض خاص لها في القاهرة مارس 1952 ثم تبعته عدة معارض خاصة حتى عام 1985 عندما أقامت معرضها الشامل للأعمال المنفذة خلال الأربعين عاما السابقة وساهمت واشتركت في أهم بيناليات الفنون الخاصة في العالم وفى الصالون المستقل Independent في باريس 1966 بالإضافة إلى هذا أقامت معارضها الخاصة في عدة عواصم أوروبية وفى الهند .
- المعرض الثالث للفن الحر :
- المفاجأة المدهشة في هذا المعرض هو تنوع لون الخضرة ( Verdure ) والذى يتراوح بين أعلى درجات الهذيان والخطرفة ( Delire ) في أعمال ( Caneva ) لإنجى أفلاطون وهذه الفنانة الشابة أصغر الفنانات الأحرار في مصر تستفيد من التسهيلات المحدودة نسبيا والمتاحة لها بذكاء نادر إنها تحطم كثافة أشجارها وتشابك أغصانها بمساحة شفافة معبرة لكى تعمل على تهدئة عين المشاهد وهى ببراعة تصف وتحدد بؤرة عملها على الـ Canevas أحيانا ببقعة ضوء تأتى من باطن الأرض عن طريق طائر حالم يتحدى ويقاوم هدوء الفضاء أنها بمهارة ترتب كل العناصر لعالمها الخيال حول هذه البؤرة وقد يكون الخيال الفنى لانجى أفلاطون هو الخيال الأكثر تحررا وتطورا في هذا المعرض وهذا بحق نوعية ( Qualita ) غير عادية ربما يكون ما تحتفظ به في هذه الموهبة الصغيرة ضد رد الفعل لكل من العامة والنقاد . جورج حنين إن " كلمة فلاح " تعنى الشىء الكثير وهى تشمل مختلف أنواع العمل والملامح الشخصية للفلاحين Lespaysans المصريين ( وإنجى أفلاطون ) أستاذة كبيرة في فن البورترية portraits .
إن فرشتها السريعة تمسك وتلتقط في الحال بكل ما هو مهم ونمطى ( Typical ) بدون الانتباه إلى التفاصيل فالبستانى وصياد السمك حاملا شبكة الصيد وصانع الخزف يعمل بعشق وحب وراعية غنم تعتنى بعنزاتها كل هذا ما هى إلا صورة متماسكة فنية وهى في الوقت نفسه صور عامة ابدعتها واثرتها (enrchesser ) برؤية إبداعية للفنان ( تحكى قصة الجمهورية العربية المتحدة وشعبها بالألوان بعيدة عن الدراسة الفنية في أنشودة الرعاة ( idylle) إنها تكرس عملها لكفاح الشعب العزلى من أجل الحرية والاستقلال ( رعب الغزاة ) ، ( لاجىء من سيناء ) ، ( فلسطين ) . 1970 الأدب الأجنبى رقم 11 -1970 موسكو ترجمة فرنسية عن ترجمة انجليزية للغة الروسية
- ولكل فنان حقيقى فترة يولد فيها من جديد أو يعيد اكتشاف نفسه والعالم مثلما كانت الرحلة إلى الجزائر بالنسبة لديلاكروا ، وفترة العمل بمنجم الفحم بالنسبة لفان جوخ ، وفترة الحياة بجزر تاهيتى بالنسبة لجوجان ورحلة المغرب العربى بالنسبة لماتيس ورحلة الحبشة بالنسبة لمحمد ناجى .. وهكذا كانت فترة سجن النساء بالقناطر الخيرية هى إعادة اكتشاف إنجى افلاطون لموهبتها وللحياة معا وهى الخمائر الحقيقية لنضج الشخصية المتفردة لها في التصوير الزيتى .
- وكما رسمت السجينات في حالاتهن وتجلياتهن المختلفة فرادى وجماعات في طوابير الطعام وعنابر النوم أو حصص الوعظ أو مشاغل التأهيل المهنى كذلك رسمت من خلال نوافذ العنبر المطل على النيل المراكب التى تحمل بلاليص الفخار وأشرعتها المعبأة بنسائم الحرية ورسمت الصيادين والمراكبية والحمالين الذين تحملهم تلك المراكب وتلك جميعاً كانت أجنحتها الخضراء الفضة للتحليق بعيدا نحو عالم الحرية المفقود . - من حياة الترف إلى عذاب السجن :
- فبعيدا عن الأضواء والجماهير ، ومن خلال التأمل الهادىء في ليالى الصمت أدركت أن المعانى السياسية الزاعقة لا تكفى لتعطى للعمل الفنى قيمته وأن هناك جوهرا أعظم يكمن في خلاصة الإحساس بهذا المعنى وابتكار شكل جديد يحمله . - ومن خلال الحرمان الطويل من مشاهدة الطبيعة ـ إلا ما يسمح به مستطيل نافذة العنبر المحجوب بالقضبان ـ أدركت أن الطبيعة هى المعادل للحرية ، وأن جمالها سيظل الملهم الأكبر للفنان .
- وإذا كان جمال الطبيعة محورا للفن وتعبيرا عن الحرية فإن الجمال يبلغ جمال حفل العرس والزواج حين يغمر الإنسان الطبيعة بالعمل ، والعمل رمز للإنسان مثل ذلك المراكبى الذى كانت ترسمه على صارى مركب عبر نافذة العنبر . - وما دامت قد انتقلت باللوحة إلى صعيد آخر ، والتعبير عن معنى الحرية ، فقد أصبح للحركة فيها مفهوم مختلف عن مفهوم الحركة العضوية أو الخطية المباشرة .
- وقوام الحركة الجديدة هو الضوء القوى واللون الناصع واللمسات المتوهجة المتزاحمة . - وأصبحت سرعة الإيقاع في اللوحة بديلا تعبيريا مناهضا للصمت المفروض والزمن الممطوط وذلك عن طريق ضربات الفرشاة القصيرة المتلاحقة في مسطح صغير حيث تتراصف المشخصات وتتلاحم موحية بالضجيج .
- تلك القيم الخمس أصبحت أعمدة راسخة لأسلوبها الفنى الذى تميزت به منذ خروجها من السجن عام 1963 ، واتجهت إلى القرية ترسم وترسم ، تهتم بالإنسان ، بالعمل ، بالحركة ، باللون ، بالضوء ، بالملمس ، بالإيقاع ، بالإحساس الذائب في نسيج لغتها التشكيلية المبتكرة ، التى لا تعرف هل تذكرك بالانطباعيين أم بفان جوخ أم بالسجاد الفارسى أم بالزخارف الصينية واليابانية القديمة ، فنسيجها التصويرى يتألف من بقع لونية متجاورة ومتوالية وضربات ضاربة لاهثة من فرشاة لا تعرف السكينة على أرضية بيضاء ناصعة ، حرصت إنجى على أن تبقى منها ثغرات ضوئية متناثرة وسط الضجيج اللونى فتحدث وميضا بصريا كدنانير تفر من البنان على حد وصف الشاعر العربى القديم .
- أصبحت لوحاتها احتفالات طقوسية بالخصوبة والتجدد والعطاء في الطبيعة ، أغنيات مرحة للجنى والحصاد ولزهو الإنسان بسيطرته على الطبيعة التى صارت بين يديه امرأة فاتنة تسلم له ثمارها وهى مزدانه بأبهى زينه ، أما دقات الدفوف وجلجلة الزغاريد في هذا المهرجان فهى ضربات الفرشاة المحملة بالأحمر والأخضر والأصفر والأزرق والطوبى ، وكأنما أطلقت هى الأخرى من اعتقال طويل ، فصارت كل ضربة فرشاة تولد من داخلها دوامة من الضربات المتباعدة حولها في مجال فلكى خاص كعناقيد النجوم في سماء صافية ، وهى أيضا معزوفات تقترب أحيانا من ضجيج الآلات النحاسية احتفالا بالحرية المستعادة ، وأحيانا تقترب من دندنة العود ، لهذا فنحن لا نكاد نجد في هذه اللوحات فراغا أو مساحة لونية ساكنة ، على شاكلة الفنون الشرقية بوجه عام .
- على هذا الدرب سارت إنجى معظم مراحلها الفنية التالية حتى نهاية رحلتها ، وإن تضاءل الزحام في لوحاتها شيئا فشيئا وحلت محله مسحه تأملية صوفية أو حالمة ، فقد انفسح المجال للمساحات البيضاء بين عناصرها المجسمة أو لمساتها اللونية الصاخبة وتزايدت الومضات التى تتخلل غصون الأشجار وسيقان النخيل وسعفه وأبراج الحمام . إن هذا الفراغ المضىء بغير شمس ، في مجموعات لوحات سيوة والواحات وسيناء الجنوبية والعريش والأقصر .. تلك المناطق التى ظلت إنجى وفيه لها تزورها كما يزور المتيم أضرحة الأولياء .. هذا الفراغ يعطى إحساسا مخمليا دافئا وإحساسا بالشفافية في نفس الوقت .. إن اللانهائية والصفاء والوهج الأبيض الحنون الذى يضىء ولا يحرق لم يكن مستمدا من طبيعة خارجية ، بل من أعماق روحها ، وإن المرء ليشعر بأن اللوحات قد امتلأت بالهواء النقى كأنفاس هادئة تتردد بانتظام من رئة غير مرئية .
- وقد عاشت إنجى أفلاطون ستة وعشرين عاما بعد خروجها من السجن تكرس حياتها للفن والدفاع عن حق الآخرين في الحرية والحياة ، تصدر الكتب عن حقوق المرأة ، وتشارك في المنظمات الإنسانية والثقافية والسياسية ، وتتعرض للمطاردة والاعتقال ، وتستبعد من قوائم التكريم وجوائز الدولة ومقتنياتها ، حتى أن مجموعة أعمالها بمتحف الفن الحديث أقل من أعمال أحد الفنانين الشبان ، في الوقت الذى قدرت قيمتها أكبر الهيئات الدولية ومنحتها الحكومة الفرنسية أعلى وسام لديها وهو وسام الفارس كما دعيت لتعرض لوحاتها في مختلف عواصم العالم شرقا وغربا . عز الدين نجيب نقوش فوق الضوء إنجى أفلاطون ( 1924 ـ 1989 ) - إحتلت الفنانة إنجى أفلاطون مكانة رفيعة في تاريخ الفن المصرى الحديث .. لم تكن فقط واحدة من أهم فنانات الجيل الثالث الذى بدأ تألقه مع بداية الأربعينات وحتى نهاية الثمانينات .. ولكنها أصبحت واحدة من أهم فنانات الحركة التشكيلية في مصر طوال تاريخها الحديث ضمن الأسماء الكبيرة الرائدة : مرجريت نخلة ـ عفت ناجى ـتحية حليم ـ خديجة رياض ـ جاذبية سرى ـ مريم عبد العليم ـ زينب عبد الحميد وغيرهن .. معظمهن مصورات للحس الإجتماعى المصرى والروح الشعبية واضحة في أعمالهن خاصة إنجى أفلاطون التى إنشغلت بالعمل الإجتماعى وإنضمت إلى الإتحاد النسائى ومزجت حب الوطن بحب الفن في ملحمة حياتية أكسبت إبداعتها شاعرية لمناضلة تتجه بنقوشها فوق قماش الرسم إلى الضوء والحرية والحقيقة أكسبتها شهرة وتواجد وتقدير عالمى .
- ولأن إنجى أفلاطون رحالة عظيمة في ربوع الوطن .سجلت معظم ملامحه في لوحاتها فإن رحلة إبداعها المثيرة قد سجلت ثلاثة مراحل مهمة .
المرحلة الأولى سريالية الذات - في السادس عشر من شهر إبريل عام 1942 ولدت إنجى أفلاطون في قصر صغير منعزل بالقاهرة لأسرة أرستقراطية من أصول تركيا تفكر وتحلم وتتكلم بالفرنسية التى كانت تمثل روح الثقافة المصرية في ذلك الوقت .. حتى أن الطفلة إنجى المتمردة دائما إستطاعت في شبابها أن تتعلم اللغة العربية وأن تتحدث بها بلهجة مصرية خالصة وقد أضطر والدها حسن إفلاطون ( عميد كلية العلوم وعالم الحشرات الشهير ) إلى إخراجها من مدرستها الداخلية ـ القلب المقدس الفرنسية ـ وإلحاقها بمدرسة ـليسية الحرية الفرنسية ـ ليتمكن من متابعتها والحد من تمردها وشقاوتها وفى مدرسة الليسيه ظهرت أول بوادر موهبتها الفنية حين رسمت بتلقائية رسوماً مصاحبة لقصص شقيقتها والتى نشرها خالها في مجلة يصدرها في ذلك الوقت منتصف الثلاثينيات باللغة الفرنسية .
- ولعل والدتها التى تتميز بحس فنى وشخصية قوية وعقل ذكى وتعد أول مصممة أزياء في شرقنا العربى هى التى دفعتها إلى مرسم الفنان الفرنسى إمبير عام 1941 وعمرها لم يتجاوز السابعة عشر عاما لتتعلم أصول الفن .. وبعدها بعام تعرفت على الفنان كامل التلمسانى الذى زودها بثقافة فنية رفيعة .
- وقد تميزت لوحات إنجى أفلاطون في هذه المرحلة بالجو السريالى الذى كان سائدا ومنتشرا كالموضة في ذلك الوقت .. وكانت ترسم أحلامها وخواطرها وكوابيسها فوق أرضية سوداء بطريقة روائية .. ومن أهم لوحات تلك الفترة ( الوحش والطائر 1941 ) ، ( الحديقة السوداء 1942 ) ، ( إنتفاخ شجرة 1943 ) وكان من الطبيعى أن تشارك الفنانة الشابة وبدعم من التلمسانى في أنشطة جماعة الفن والحرية ( 1939 ـ 1945 ) والتى تضم فؤاد كامل ورمسيس يونان وجورج حنين والبير قصيرى وغيرهم .. وتعد هذه المرحلة التأسيسية في إبداع وثقافة الفنانة بمثابة مرحلة القلق والتوتر والبحث عن ذاتها الحقيقية .. حتى أنها نقمت على الفن والفنانين والسريالية وكوابيسها وغموضها فتوقفت عن الرسم وإتجهت بقوة إلى العمل الجماعى الاجتماعى وإلى الأنشطة النسائية والحزبية وذلك من عام 1946 وحتى عام 1948 .
- ومع إرتباطها بوكيل النيابة محمد محمود أبو العلا الذى إستقال من عمله عام 1950 ليتزوجها .. وجدت ما كانت تبحث عنه من استقرار وهدوء نفسى وسلامة للرؤية الفنية ونضج إبداعى لتبدأ سلسلة من اللوحات ذات الحس الإنسانى الاجتماعى والذى سيميز مسيرتها بعد ذلك .. - فأقامت معرضها الأول عام 1951 وعرضت فيه بعض من أهم لوحاتها ( زوج الأربعة ) ، ( روحى وإنتى طالق ) ، ( لن ننسى ) عن الكفاح المصرى المسلح ضد الإنجليز في القناة .. فمزجت بين قضايا المجتمع المصرى وقضايا الوطن . ومع وفاة والدها وزوجها في عام واحد 1956 إندفعت إنجى أفلاطون في العمل الوطنى والسياسى وتنقلت في عدة مراسم مختلفة أهمها مرسم الفنانة الكبيرة مارجو فيون وتعرفت فيما بعد على العديد من الفنانين المرموقين في ذلك الوقت كحامد عبد الله وسعد الخادم اللذين تركا أثراً كبيراً على مسيرتها الفنية بعد ذلك .. وعندما تم القبض عليها لنشاطها السياسى والحزبى بدأت إنجى أفلاطون رحلتها الثانية في الإبداع . المرحلة الثانية نافذة الواقع - في عام 1959 حصلت إنجى أفلاطون على الجائزة الأولى في مسابقة ( العمل في الحقل ) ولم يمكن تبليغها بالجائزة لأنها أودعت سجن النساء بالقناطر الخيرية قبل ذلك بيوم .. كان السجن بمثابة ضريبة إشتغالها بالقضايا الوطنية .. ولكنه كان أيضا جواز مرورها إلى عالم الفن الرحب متجاوزة إرهاصتها الأولى كهاوية .. وسرعان ما نجحت في أن يحضروا لها الألوان والفرش ومسطحات الرسم .. وقد ألهمها الضوء المنبعث من النافذة الصغيرة ذات القضبان في زنزانتها بالعالم الرحب والمشرق بالخارج .. كما ألهمها وضع السجينات وراء القضبان بقيمة الحرية ومعاناة البشر أى كانت طبيعة سجونهم مادية أو نفسية . - وبدأت مرحلة تعبيرية قوية رسمت خلالها السجينات في عنابر النوم وطوابير الطعام وحصص الوعظ ومشاغل التأهيل المهنى .. إلا أن أهم ما رسمته هو ما شهدته من وراء قضبان نافذتها .. الطبيعة الخلابة للنيل وأشرعة المراكب المنطلقة والحقول والفلاحين .. هنا بدأت لأول مرة ترسم مباشرة فوق أرضية قماش اللوحة دون تحضير وتعمل على إحلال الألوان المضيئة المشرقة محل الألوان القاتمة الصماء المعتمة .. وتتخلص من الظلال المقبضة لتسمح لبعض الضوء الساقط يحقق لمسات من الحرية المرجوة .
- وحتى خروجها عام 1963 أى قرابة خمس سنوات في المعتقل .. نضجت الفتاة المتمردة وأصبحت فنانة واعية مثقفة رفيعة .. متمكنة من أدواتها في الرسم والتصوير .. منتظرة الخروج إلى بحر النور والضوء والحركة والانطلاق لتغنى أغانيها للطبيعة المصرية وللإنسان المصرى المكافح منذ فجر التاريخ . المرحلة الثالثة ضوء الحياة - مع توهج حركة الإبداع والثقافة في حقبة الستينات من القرن الماضى خرجت إنجى أفلاطون كرحالة عظيمة إلى ربوع مصر : الريف والصحارى .. والنجوع والواحات .. الدلتا وجنوب الوادى .. حملت ألوانها إلى سيوة والواحات وسيناء وفى كل مكان في مصر .. كانت نهمة في رسم كل ما تراه وتحسه من تنوعات الطبيعة وثرائها .. فتوسعت فيما أصبح أسلوبها وشخصيتها الفنية المميزة .. لم تعد تعمل على تحضير سطح لوحاتها ..
كانت ترسم فوق القماش الأبيض مباشرة .. وبدلاً من أن تلون المساحات لتتورط في حسابات الظل والنور والتجسيم والتسطيح .. إكتفت بوضع نقط بفرشاتها الممتلئة بالألوان .. نقط متجاورة إستطالت فيما بعد إلى خطوط أشبه بالحروف الموسيقية .. فهل كان وقوفها تحت أشعة الشمس في منظر خلوى إلهاما لها لأن تتذكر الفنان الهولندى فان جوخ ووقفاته المشابهة .. وأسلوبه التنقيطى الذى تحول هو الأخر إلى خطوط كالأمواج الصاخبة .. لقد تلبستها على كل حال روح الإبداع وغمرها ضوء الحياة وأصبح أدائها هذا يضفى على كل موضوعاتها قدراً هائلاً من الحيوية في تفسيرها للطبيعة .
- وهكذا عبرت إنجى أفلاطون بأجمل وأصدق تعبير عن ريف مصر في لوحات أشبه بالمواويل الملونة فرسمت : راكبى المعدية والعاملات في الحقل وجبال الصعيد وحقول القصب والذرة والبرسيم وجنى القطن وبساتين الموالح والموز والبرتقال والخوخ ورسمت النخيل في ملاحم رائعة .. جنة أرضية هى الريف والطبيعة المصرية .. الغروب في أسوان والبيوت في الواحات وأبراج الحمام وقد تعانق كل هذا في ضوء باهر ممتلىء بالصحة والتفاؤل والحيوية عوضت بهما كل سنوات السجن والبحث الدائم عن هويتها وطموحاتها.. والتحم البشر والطبيعة في نسيج واحد خيوطه تغزل بها لوحات أشبه بالخط العربى وتنويعات الخيامية بزخارفها الإسلامية ويشع الضوء من سطح قماش اللوحة ليزغلل ويداعب عين المشاهد كالمشربيات العربية الأصلية - صنعت إنجى أفلاطون بإبداعاتها مساحات لانهائية من الفسيفساء الرائع فيه روح الشرق والانتماء إليه في بحثها عن السعادة والبهجة والحرية . - وبعد ستة وعشرون عاماً من خروجها من السجن المعتم ومعايشتها لبهجة نور الحياة .. رحلت إنجى أفلاطون سعيدة راضية مرضية إلى نور الأبدية بعد عيد ميلادها الخامس والستون بيوم واحد .. ماتت الفنانة الكبيرة في السابع عشر من إبريل 1989 تاركة ذكريات حميمة لكل من عرفها وتاركه كنوز من أعمالها التى يسلط عليها الضوء في هذا العرض المتحفى الشامل تقديراً لمكانتها الكبيرة في عالم الفن الرحب . عصمت داوستاشى
ملاحظات
- تم افتتاح متحف للفنان انجى افلاطون بمركز الفنون المعاصرة ( مجمع 15 مايو ) 2002 .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قالوا عنها
إنجى أفلاطون .. عاشقة جمال الريف
- كان التعبير عن الصوت داخل اللوحة التشكيلية هو همها وهدفها الأول ونجحت في الوصول إليه بأصدق شكل وأجمل مضمون .
- جابت ريف مصر لترسم الفلاحين وسنابل القمح وكيزان الذرة وأصوات الغنم والماشية وأنين السواقى وخرير الماء .
- دخلت بيوت الفلاحين وجلست مع الفلاحات لتعبر عن المرأة الريفية العاملة وهى ترعى الأسرة وتتحدى الفقر .
- حظيت أنجى أفلاطون بتقدير عالمى وقالوا عنها في روما أن لديها القدرة على القبض في لوحاتها على شعور ما
أشهر أعمال انجي أفلاطون لوحات : جمع الذرة ، حاملة شجرة الموز ، جمع البرتقال ، الشجرة الحمراء ، سوق الجمال ، صياد بلطيم
توفيت انجي أفلاطون في ابريل 1989.
المصادر
http://www.sis.gov.eg/Ar/Pub/egyptmagazine/412006/110403000000000013.htm http://www.sis.gov.eg/Ar/Arts&Culture/cosmaticart/famouscosmaticsarts/070802000000000009.htm http://www.fineart.gov.eg/Arb/CV/Works.asp?IDS=17 http://www.copts-united.com/herr/4/go4.php?subaction=showfull&id=1189339922&ucat=3&archive= http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=30510