الورقة الفدرالية 23
الورقة الفدرالية 23، هي مقال تأليف ألكسندر هاملتون، وهي الورقة الثالثة والعشرين من الأوراق الفدرالية. الأوراق الفدرالية هي عبارة عن مجموعة من المقالات تتألف من 85 مقالاً نشرت في الأصل بدون ذكر اسم كاتبها في صحف نيويورك باسم "بوبليوس" المستعار في عام 1787 وعام 1788. وكان كتّاب مقالات الأوراق الفدرالية، الكسندر هاملتون، وجيمس ماديسون، وجون جاي من أشد المناصرين والمؤدين حماسة للدستور الأميركي الجديد وكانوا يسعون جاهدين إلى إقناع الناس في نيويورك بتأييد المصادقة على الدستور.[1]
هاملتون، الذي كتب معظم هذه المقالات، قدم المقال رقم 23 إلى صحيفة نيويورك باكيت، وهي إحدى الصحف العديدة التي نشرت هذه المقالات. يؤكد هاملتون على ضرورة وجود حكومة مركزية تتمتع بالسلطة اللازمة للدفاع عن الوطن، وتنظيم تبادل السلع بين الولايات، ومع البلدان الأخرى، وتدير العلاقات السياسية مع الدول الأجنبية.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
نص الورقة
كلمات تنادي بالحرية: الأوراق الفدرالية
المقال رقم 23، الصادر بتاريخ 18 ديسمبر 1797، بقلم ألكسندر هاملتون
مستخلصة من صحيفة نيويورك باكيت
(الكسندر هاملتون)
إلى أهالي ولاية نيويورك:
إن ضرورة وجود دستور، يكون ناشطًا على أقل تقدير بصورة مماثلة للدستور المقترح للاتحاد، يشكل نقطة الامتحان التي وصلنا إليها الآن.
سوف ينقسم هذا البحث بطبيعة الحال إلى ثلاثة فروع تتعلق بالأهداف التي يجب تأمينها للحكومة الاتحادية، ومقدار السلطة الضرورية لتحقيق هذه الأهداف، والأشخاص الذين ينبغي على تلك السلطة الاعتماد عليهم لتنفيذها. أما توزيعها وتنظيمها فسوف يستحوذان على اهتمامنا بالطريقة المناسبة تحت عناوينها المتتالية:
تتمحور الأهداف الرئيسية المطلوب من الاتحاد الإجابة عليها بما يلي: الدفاع المشترك لأعضاء الاتحاد، والمحافظة على السلم العام وكذلك ضد الاضطرابات الداخلية كما الهجمات الخارجية، وتنظيم التجارة مع الدول الأخرى وبين الولايات، والإشراف على اتصالاتنا السياسية والتجارية مع البلدان الأجنبية.
السلطات الضرورية لتأمين الدفاع المشترك هي: تكوين الجيوش، وبناء وتجهيز الأساطيل، ووضع قواعد الحكم لكليهما، وتوجيه عملياتهما، وتأمين وسائل دعمهما. وينبغي لهذه السلطات أن تتواجد بدون قيود، لأنه من المستحيل التكهن مسبقًا أو تحديد مدى وتنوع الاحتياجات القومية، أو مدى وتنوع الوسائل المترافقة معها والتي قد تكون ضرورية لتلبيتها. الظروف التي تشكل خطرًا على سلامة الدول لا نهاية لها، ولهذا السبب لا يمكن بصورة حكيمة فرض قيود دستورية على السلطة التي تتعهد برعايتها. يجب أن تكون هذه السلطة واسعة النطاق بصورة مشتركة مع مجموعة العناصر المحتملة لمثل هذه الظروف، وينبغي أن توضع تحت إدارة نفس المجالس التي يتم تعيينها للإشراف على الدفاع المشترك. إن هذه إحدى الحقائق التي تحمل دليلها معها بالنسبة لعقل سليم وغير متحيز، ومن المحتمل لها أن تُحجب، ولكنها لا يمكن جعلها أكثر وضوحًا بالحجج أو المنطق. فهي تستند إلى مسلمات بسيطة بقدر ما هي أساسية، وينبغي تنسيق الوسائل لكي تتماثل مع الأهداف النهائية، وينبغي على أولئك الذين يُتوقع منهم التوصل إلى أي هدف نهائي امتلاك الوسائل الممكن من خلالها تحقيق هذه النهاية.
هناك مسألة مفتوحة للنقاش في المقام الأول، وهي تتعلق بما إذا كان من الضروري وجود حكومة فدرالية يُعهد إليها رعاية الدفاع المشترك. ولكن في اللحظة التي يتم فيها اعتماد مثل هذا الرأي بصورة إيجابية، سوف يتبع ذلك ضرورة امتلاك الحكومة لجميع السلطات اللازمة لاستكمال تنفيذ تعهدها. وما لم يتم الإظهار أنه يمكن اختصار الظروف التي قد تؤثر على السلامة العامة ووضعها ضمن حدود معينة ومحددة، وإذا لم يكن ممكنًا مناقشة نقيض هذا الموقف بصورة منصفة ومنطقية فعندئذٍ ينبغي الاعتراف، كنتيجة ضرورية، بأنه لا يجوز وجود أية قيود على تلك السلطة التي تؤمن وسائل الدفاع والحماية للمجتمع الأهلي وحمايته، لناحية أية أمور تكون ضرورية لتشكيل أو توجيه أو دعم القوات الوطنية.
ونظرًا لدرجة الاختلال الذي ثبت بأن الكونفدرالية الحالية تعاني منه، يبدو أن هذا المبدأ جرى الاعتراف به بالكامل من جانب واضعي نصوصه، على الرغم من أنهم لم يحددوا أحكامًا ملائمة أو كافية لممارسته. يملك الكونغرس سلطة اختيارية غير محدودة ليقوم بتجنيد الرجال وتأمين الأموال، وبأن يقوم بحكم الجيوش والقوات البحرية، وتوجيه عملياتهما. ونظرًا لأن هذه المتطلبات جُعلت ملزمة دستوريًا للولايات التي هي في الواقع ملزمة بتنفيذ واجباتها الأكثر قدسية لناحية لتزويده التجهيزات المطلوبة منها، فقد كانت النية الواضحة بأنه ينبغي على الولايات المتحدة التمكن من السيطرة على أية موارد تعتبرها لازمة "للدفاع المشترك والرفاه العام". لقد جرى الافتراض بأن فهم مصالحها الحقيقية، والاعتبار لضرورة وجود حسن النية، سوف يكونان تعهدين كافيين للأداء السريع لواجبات الأعضاء للرئاسة الفدرالية. لكن التجربة أظهرت أن هذا التوقع في غير محله وخيالي، وأن الملاحظات التي وردت تحت العنوان الأخير سوف تكون، كما أتصور، كافية لإقناع أولئك الناس غير المتحيزين والسليمي الإدراك بأن هناك ضرورة مطلقة لإجراء تغيير كامل في المبادئ الأولى للنظام، وبأنه إذا كنا حريصين بالنسبة لمنح الاتحاد السلطة والاستمرارية، ينبغي علينا أن نتخلى عن المشروع غير المجدي بالتشريع على الولايات بقدراتها الجماعية، وينبغي علينا أن نمدد قوانين الحكومة الفيدرالية لكي تنطبق على المواطنين الفرديين في أميركا، وينبغي علينا أن نطرح جانبًا النظام الزائف لتحديد الحصص والمتطلبات على الولايات لكونها في نفس الوقت غير قابلة للتطبيق وغير عادلة. أما النتيجة المحققة من كل ذلك فهي أنه ينبغي تفويض الاتحاد بالسلطة الكاملة لتجنيد الجيوش، وبناء وتجهيز الأساطيل، وجمع الواردات المطلوبة لتشكيل ودعم الجيش وسلاح البحرية، وفق نفس الأساليب التقليدية والعادية التي تمارسها الحكومات الأخرى. فإذا كانت ظروف بلدنا تتطلب حكومة مركبة بدلاً من حكومة بسيطة، أي كونفدرالية بدلاً من حكومة واحدة، فإن النقطة الأساسية التي ينبغي تعديلها هي التمييز بين الأهداف، وذلك بأقصى قدر ممكن للقيام بذلك، وسيعود قرار القيام به إلى الولايات أو دوائر السلطة المختلفة بشكل يمنح كل منهم سلطة واسعة بأكبر شكل لتلبية الأهداف التي عهد إليهم تنفيذها. فهل يجب تشكيل الاتحاد كحارس للسلامة المشتركة؟ هل أن الأساطيل والجيوش والإيرادات ضرورية لهذا الغرض؟ يجب أن تملك حكومة الاتحاد سلطة كافية لتمرير جميع القوانين، ولوضع جميع التنظيمات المتعلقة بتنفيذها. ويجب إتباع نفس الشيء فيما يتعلق بالتجارة، وفي جميع المسائل الأخرى التي تسمح بتوسيع سلطاتها عليها. فهل أن إقامة العدل بين المواطنين في نفس الولاية هو الواجب الملائم للحكومات المحلية؟ يجب أن تمتلك هذه الأخيرة جميع السلطات المرتبطة بهذا الهدف، وبأي هدف آخر قد يخصص لها ولإدارتها الخاصة. إن عدم إعطاء قدر من السلطة في كل حالة يتناسب مع النتيجة النهائية، قد يشكل انتهاكًا لقواعد الحكمة والنجاح الأكثر وضوحًا، وقد يكون من سوء حسن التدبير ائتمان المصالح الكبرى للدول إلى أيدٍ مكبلة لا تتمكن من إدارتها بنشاط ونجاح.
ومن الذي يحتمل أن يضع أحكام ملائمة للدفاع العام، مثل تلك الهيئة التي ائتُمنت بحراسة السلامة العامة، والتي، بصفتها مركز للمعلومات، سوف تتمكن من أن تفهم بشكل أفضل مدى ودرجة إلحاحية الأخطار المهددة، وبصفتها ممثلة للكل سوف تشعر في أعمق أعماقها أنها تهتم بالمحافظة على كل جزء من الكل، والتي، استنادًا إلى المسؤولية المضمنة في المهمة الموكولة إليها، سوف تتأثر بأكبر قدر بضرورة قيامها بالجهود المناسبة، والتي تستطيع، بمفردها، من خلال تمديد سلطتها إلى جميع الولايات، وضع الانتظام والتوافق في الخطط والإجراءات التي يتم بموجبها تأمين السلامة المشتركة؟ ألا يوجد أي تباين صريح في إعطاء الحكومة الفدرالية سلطة الاهتمام بالدفاع العام، وترك السلطات فعالة بين أيدي حكومات الولايات لكي تتمكن من خلالها توفير ذلك؟ وهل أن غياب التعاون سوف يشكل النتيجة الحتمية لمثل هذا النظام؟ وهل أن الضعف، والفوضى، والتوزيع غير الضروري لأعباء وويلات الحرب، والتحمل غير الضروري للتكاليف التي يمكن تحملها، سوف تشكل الظروف المرافقة لتلك التي لا يمكن تجنبها؟ ألم تتيح لنا التجربة التي لا لبس فيها حول تأثير ذلك خلال الثورة التي شهدناها للتو؟ إن كل وجهة نظر قد نتخذها حول الموضوع، بصفتنا باحثين صريحين عن الحقيقة، سوف تخدم لإقناعنا بأنه ليس من الحكمة ومن الخطر حرمان الحكومة الفدرالية من السلطة غير المقيدة بالنسبة لجميع تلك الأهداف المؤتمنة على إدارتها. سوف يستحق هذا بالتأكيد أكبر درجات اليقظة والاهتمام لدى الشعب، لكي يروا بأنه جرى تشكيله بطريقة بحيث يتم الاعتراف بأنه التفويض الآمن للسلطات الضرورية للحكومة الفدرالية. وفي حال وجدت أية خطة قُدمت، أو قد تقدم، لندرسها، بأنها لا تتوافق مع هذا الوصف بعد دراستها غير المتحيزة، فينبغي عندئذ رفضها. فالحكومة التي يجعل منها دستورها مؤهلة للوثوق بتسليمها جميع السلطات التي يتوجب على شعب حر أن يفوضها إلى أية حكومة، سوف تكون مستودعًا غير آمن وغير ملائم للمصالح القومية. ففي أي مكان يمكن ائتمان هذه السلطات بصورة ملائمة، فمن الممكن أن تترافق معها بشكل آمن السلطات المتطابقة. وهذه هي النتيجة الحقيقية لجميع الاستنتاجات المنطقية والعادلة حول الموضوع. كان ينبغي على مناهضي الخطة التي نشرها المؤتمر أن يحصروا أنفسهم في الإظهار بأن الهيكلية الداخلية للحكومة المقترحة كانت حقًا تجعلها غير جديرة بثقة الشعب. كان ينبغي عليهم عدم الطواف على غير هدى في خطابات تحريضية واعتراضات لا معنى لها حول نطاق هذه السلطات. فالسلطات ليست واسعة جدًا لأجل تنفيذ الأهداف التي تسعى الحكومة الفدرالية إلى تحقيقها، أو، وبعبارات أخرى، لإدارة مصالحنا القومية، كما لا يمكن تقديم أي حجة مرضية تؤكد بأنها مفوضة بمثل هذه السلطات المفرطة. فإذا كان من الصحيح، كما ألمح إليه بعض الكتاب من الجانب الآخر، بأن الصعوبة تنتج عن طبيعة الشيء، وأن امتداد مساحة البلد لن يسمح لنا بتشكيل حكومة يمكن تفويضها بأمان بمثل هذه السلطات الواسعة، فقد يثبت ذلك بأن علينا تقليص وجهات نظرنا، واللجوء إلى ذريعة الكونفدراليات المنفصلة، وهذا ما سوف يتحرك ضمن مجالات عملية أكثر. إذ أن هذه السخافة تفرض علينا التحديق باستمرار في وجه تفويض إدارة المصالح القومية الأكثر ضرورة إلى حكومة دون التجرؤ على ائتمانها سلطات لا يمكن الاستغناء عنها لتقوم بإدارتها الصحيحة والكفوءة. دعونا لا نحاول تحقيق التوافق بين التناقضات بل أن نتبنى بشكل ثابت بديلاً عقلانيًا.
بيد أنني على ثقة بأنه لا يمكن إظهار عدم القدرة العملية لتعذر إقامة نظام عام واحد. سوف أكون مخطئًا إلى حد كبير في حال تم تقديم أي شيء يملك ثقلاً مقنعًا حول هذا الاتجاه، وإنني أهنئ نفسي بأن الملاحظة التي تمّ تقديمها في سياق هذه الأوراق خدمت في وضع عكس ذلك الموقف بطريقة واضحة مثل وضوح أية مسألة لا زالت في رحم الزمن والتجربة التي لا تزال قادرة على تحقيقها. وفي جميع الأحوال، ينبغي أن يكون هذا واضحًا، بأن هذه الصعوبة الكبيرة نفسها، المستمدة من امتداد مساحة البلاد، تشكل الحجة الأقوى لصالح وجود حكومة نشطة، لأن أي حكومة أخرى لن تستطيع مطلقًا المحافظة على اتحاد هذه الإمبراطورية الواسعة الأرجاء. فإذا تبنينا معتقدات الذين يعارضون تبني الدستور المقترح، بصفته المعيار القياسي لمعتقدنا السياسي، فلا يمكن أن نفشل في التحقق من المبادئ المتشائمة التي تتكهن بعدم قابلية تطبيق نظام قومي ينتشر عبر الحدود الكاملة للكونفدرالية الحالية.
الهوامش
- ^ "كيف أقنعت الأوراق الفدرالية البلاد". الموقع الإلكتروني للسفارة الأمريكية. 2008-09-01. Retrieved 2013-07-17.
المصادر
- Hamilton, Alexander; Madison, James; and Jay, John. The Federalist. Edited by Jacob E. Cooke. Middletown, Conn.: Wesleyan University Press, 1961.
- Storing, Herbert J., ed. The Complete Anti-Federalist. Chicago: University of Chicago Press, 1981.
وصلات خارجية