النانو درايف
سبق أن اعترت العديد من المهندسين حالة من الإثارة التي تنجم عن تصميم منتج جديد يدخل لاحقا حيز الإنتاج الواسع وينتشر في جميع أرجاء العالم. فنحن نأمل ـ لا بل في الحقيقة نراهن باحتمال أعلى من %50 ـ أننا خلال ثلاث سنوات سوف نشعر بالبهجة النادرة الناجمة عن إطلاق طائفة جديدة تماما من الآلات.
- مقالة مفصلة: ميليپيد
لقد ازداد النقاش كثيرا هذه الأيام عن التقانة النانوية على أنها مجال علمي رائد مازال في طور الظهور، وعالم تعمل فيه الآلات عند مقاييس تقدر بأجزاء من البليون من المتر. وبشكل مشابه، فإن الأبحاث الجارية على الأنظمة الكهرميكانيكية الميكروية (الصغرية) microelectromechanical systems MEMS ـ وهي أجهزة لها أجزاء مجهرية متحركة تصنع باستخدام تقنيات صناعة شيپات chip الحواسيب ـ قد رافقها حتى الآن الكثير من الدعاية المفرطة رغم ضآلة عدد منتجاتها التجارية نسبيا. ولكن كما لاحظنا، بعد أن أمضينا حتى الآن ست سنوات في العمل في أول المشروعات المركزة الهادفة إلى ابتكار أداة ميكانيكية نانوية ملائمة للإنتاج الواسع، فإن الهندسة تصبح عند تلك المقاييس البالغة الصغر منصهرة مع البحث العلمي على نحو لا فكاك منه. فتظهر هنا وهناك عقبات غير متوقعة بدءا من تجربة إثبات المبادئ إلى إنتاج نموذج بدئي (أولي) مناسب وانتهاء بالخروج بمنتج يلقى رواجا في الأسواق.
لقد أطلقنا هنا في الشركة IBM على مشروعنا اسم «ميليپيد» Millepede (أي «الحشرة» ذات الألف رجل). وإذا ما استمررنا على نفس المنوال، يصبح بإمكانك مع حلول العام 2005 تقريبا أن تشتري لكاميرتك أو لمسجلتك المحمولة MP3 بطاقة ذاكرة لا يزيد حجمها على حجم طابع البريد. وهذه البطاقة لا تستطيع أن تخزن عشرات الميگابايتات(1) من التسجيلات الڤيديوية أو الصوتية فحسب، مثلما تفعل بطاقات الذاكرة الومضية(2) flash memory التقليدية، بل عدة جيگابايتات (بلايين من البايتات) ـ كافية لتخزين مجموعة كاملة من الأقراص المدمجة الموسيقية أو عددٍ من الأفلام السينمائية. وسوف تكون أيضا قادرا على محو البيانات من على البطاقة وإعادة الكتابة عليها. كما أنها ستكون بطاقة سريعة جدا تستهلك كمية معتدلة من الطاقة. وقد تُطلِق عليها اسم السوّاقة النانوية nanodrive.
قد يبدو هذا التطبيق الأولي مثيرا للاهتمام، لكنه أبعد من أن يكون ذا شأن عظيم. ومع ذلك فبطاقات الذاكرة الومضية ذات سعة الجيگابايت متوافرة فعلا في الأسواق. والجزء المثير في الأمر هو أن السواقة «ميليپيد» تقوم بتخزين البيانات الرقمية بشكل مختلف كليا عن الأقراص الصلبة (الثابتة) المغنطيسية وعن الأقراص المدمجة الضوئية وعن شيپات الذاكرة المعتمدة على الترانزستور. فبعد عقود من التقدم المذهل، وصلت هذه التقانات المكتملة النضج إلى نهاية المطاف، وما زال أمامها قيود فيزيائية رهيبة.
في المقابل، مازالت المحركات النانوية الأولى في بداية إمكاناتها المتوقعة، ومازال أمامها عقود من الصقل والتحسين. ومن حيث المبدأ، فإن البتات bit 3 الرقمية، التي ستعمل الأجيال المستقبلية من الأجهزة المشابهة للسواقة ميليپيد على كتابتها وقراءتها ومحوها، قد تستمر في الانكماش (التضاؤل) حتى تغدو جزيئات أو حتى ذرات منفردة. وبقدر ما تغدو الأجزاء المتحركة من السواقات النانوية أصغر، بقدر ما يصبح عملها أسرع واستهلاكها للطاقة أكثر مردودا. إن أول المنتجات التي تستخدم تقانة السواقة «ميليپيد» ستكون على الأرجح بطاقات تخزين البيانات ذات السعة الكبيرة في الكاميرات وأجهزة الهاتف المحمولة والأجهزة المحمولة الأخرى. وستعمل بطاقات السوّاقات النانوية بشكل يشبه إلى حد كبير طريقة بطاقات الذاكرة الومضية في هذه الأجهزة، لكنها ستوفّر سعة من عدة جيگابايتات بكلفة أقل. وقد تكون التقانة نفسها بمثابة نعمة لأبحاث علوم المواد والتقانة الحيوية، أو حتى لتطبيقات لا يمكن التنبؤ بها في وقتنا الحاضر.
كان هذا الأمل الطويل الأجل هو الذي أثارنا كثيرا منذ نحو ست سنوات. وقد تعلمنا خلال مسيرتنا أن الأسلوب الوحيد أحيانا للتغلب (الالتفاف) على حاجز ما يكون عن طريق الاكتشاف بطريق المصادفة. ولحسن الحظ، فإلى جانب العقبات غير المتوقعة توجد أيضا الهِبات غير المتوقعة. ويبدو أنه غالبا ما يكون هناك مكافأة من الطبيعة إذا ما تجرأ المرء على الخوض في مجالات جديدة. ومن جهة أخرى، ليست الطبيعة دائما بهذا السخاء، وعليك أن تتغلب على العقبة بنفسك. لقد عملنا بجد على هذا النوع من المشكلات، لكن ليس بالقدر الكافي. وإذا كنا في مرحلة ما غير قادرين على التصدى لمسألة ما، فلعلنا نستطيع أن نجد لها حلا بعد عام. وتتطلب مثل هذه الحالات حدسا جيدا يجعلك تتوقع إمكانية حل المسألة دون أن تعلم بعد كيفية القيام بذلك.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فكرة مفتونة(**)
يمكن القول إن مشروع السواقة «ميليپيد» انطلق من ملعب لكرة القدم. فقد كنا ننتمي نحن الاثنان إلى فريق كرة القدم نفسه التابع لمختبر أبحاث IBM في زوريخ حيث كنا نعمل. وقام عضو آخر في الفريق هو <H.رُورَرْ> بتعريف أحدنا إلى الآخر. وكان <رُورَرْ> قد بدأ عمله في مختبر زوريخ في العام 1963، وهو العام نفسه الذي باشر فيه أحدنا (ڤيتيگر) العمل. وكان <رُورَر>ْقد تعاون مع <بينيگ> في اختراع مجهر المسح النفقي scanning tunneling microscope STM عام 1981، وهي تقانة أدت إلى تحقيق إمكانية طال البحث عنها، ألا وهي إمكانية مشاهدة الذرات الإفرادية ومنابلتها.
في عام 1996 كنا نبحث معا عن مشروع جديد في بيئة مختلفة إلى حد بعيد. وقد كانت السنوات الأولى من التسعينات صعبة بالنسبة إلى الشركة IBM، وكانت الشركة قد باعت مجهوداتها العلمية في مجال الليزر، وهي التقانة التي كان <ڤيتيگر> يدير جزءا منها. وكان <بينيگ> قد أغلق مختبره التابع لهذه الشركة في ميونيخ وعاد إلى زوريخ. فبدأنا مع <رُورَرْ> بتطبيق تقانة مجهر المسح النفقي أو تقنيات المسح المسبري الأخرى، وتحديدا مجهر القوة الذرية atomic force microscope AFM .
كان المجهر AFM، الذي اخترعه <بينيگ> وطوره كل من <C.گربر> [من مختبر زوريخ] و<.Cكويت> [من جامعة ستانفورد] عبارة عن تقنية السبر المحلي الأكثر استخداما. ومثل المجهر STM، كان المجهر AFM ينحو منحى جديدا تماما في استعمال المجاهر. فعوضا عن تكبير الأشياء باستخدام عدسات لتوجيه أشعة الضوء أو بتنشيط إلكترونات لكي ترتد بعيدا عن الجسم، يقوم المجهر AFM بجر ظفر(3) صغير أو بنقره بشكل بطيء فوق سطح الجسم. ويجثم عند نهاية الظفر رأس حاد مستدق (متناقص تدريجيا) يقل عرضه عن 20 نانومترا ـ أي بضع مئات من الذرات. وفيما يمر الطرف المستدق للظفر فوق انخفاضات السطح وارتفاعاته (إما عن طريق التلامس معه أو الاقتراب الشديد منه) يترجم حاسوب انحراف الظفر إلى صورة، مُظهرا، في أحسن الحالات، كل ذرة تمر أمام الظفر.
وبينما كان <بينيگ> يصنع أول صور لذرات سيليكون إفرادية في منتصف الثمانينات، أخذ يرطم رأس المجهر بالسطح بشكل غير متعمد مخلفا نقرا dents صغيرة في السيليكون. كانت إمكانية استخدام المجهر STM أو المجهر AFM كجهاز تخزين للبيانات بالمقياس الذري بادية للعيان: فوجود نقرة يدل على الرقم 1، ويدل عدم وجودها على الرقم 0. غير أن الصعوبات لم تكن خافية أيضا. فقد كان يجب على الرأس أن يتبع خطوط السطح الكفافية بشكل ميكانيكي، لذا كان عليه أن يقوم بمسح بطيء جدا مقارنة بسرعة الدوران الكبيرة لقرص التخزين الصلب hard disk platterأو بزمن الابتدال switching time في الترانزستورات والذي تقدر قيمته بوحدات النانوثانية.
وما لبث أن ظهرت لاحقا نقاط إيجابية وأخرى سلبية. فبسبب الكتلة المتناهية الصغر للأظفار، يكون عمل المجهر AFM عندما يكون الرأس في تلامس مباشر مع الوسط أسرع بكثير من عمل المجهر STM أو من عمل المجهر AFM غير الملامس للوسط، رغم أنه لايزال بعيدا عن سرعة التخزين المغنطيسي. ومن ناحية أخرى فإن رؤوس المجاهر AFM الملامسة للوسط تهترئ بسرعة عند استخدامها في مسح السطوح المعدنية. فضلا على أنه ـ ولعل هذا هو الشيء الأهم ـ بمجرد ما يقوم الرأس بإحداث نقرة، لا تعود هناك طريقة واضحة «لمحوها» (إزالتها).
وكان فريق من مركز أبحاث ألمادن التابع للشركة IBM [في سان هوزيه بكاليفورنيا] بقيادة <D.روگار> قد حاول إطلاق نبضات ليزرية على الرأس بغية تسخينه، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى تليين الپلاستيك بحيث يتمكن الرأس من إحداث نقر فيه. وقد تمكّن الفريق من عمل تسجيلات شبيهة بتسجيلات الأقراص المدمجة خزنت فيها البيانات بشكل أكثر كثافة مما تستطيع القيام به أقراص الڤيديو الرقمية (DVD) الحالية. وقد خضعت أيضا لاختبار بلى (اهتراء) wear test مكثف وحققت نتائج واعدة للغاية. غير أن النظام كان بطيئا جدا وظل يفتقر إلى وسيلة تقنية تسمح بمحو البيانات وإعادة كتابتها.
لقد قام فريقنا بوضع مخطط تصميمي شعرنا أنه يمكن أن يعوض عن هذه المقومات الناقصة. فعوضا عن استخدام ظفر واحد فقط، لِمَ لا نستغل براعة صانعي الشيپات من أجل صنع آلاف أو حتى ملايين القطع المجهرية المتماثلة على شريحة سيليكونية لا تزيد على حجم ظفر الإبهام؟ وبالعمل معا على التوازي ـ كأرجل ذات الألف رجل ـ يمكن لجيش من رؤوس المجهر AFM البطيئة أن يقرأ أو يكتب البيانات بسرعة كبيرة إلى حد ما.
هنا كان الأمر بحاجة إلى مزيد من الخيال لتصور فرصة للنجاح، أكثر من حاجته إلى إيجاد الفكرة بحد ذاتها. وعلى الرغم من أن تشغيل مجهر AFM واحد أمر صعب أحيانا، فقد كنا واثقين بأن جهازا متوازيا بشكل واسع النطاق ويتضمن رؤوسا عديدة سوف تتوافر له فرصة حقيقية للعمل بشكل موثوق.
في البداية، كنا نحتاج إلى طريقة واحدة على الأقل للمحو، سواء أكانت هذه الطريقة محكمة التصميم أم لا. وقد تصورنا أنه قد تظهر في المستقبل بدائل أخرى. فقمنا بتطوير طريقة لمحو حقول كبيرة من البتات. وسخّنّاها إلى درجة حرارة أعلى من درجة الحرارة التي يبدأ عندها الپوليمر بالتليّن، بشكل يشابه إلى حد بعيد الطريقة التي يصبح فيها سطح الشمع ناعما عندما يسخن بوساطة مدفعة حرارية. وعلى الرغم من أن هذه التقنية عملت كما يجب، فقد كانت معقدة نوعا ما؛ لأنه قبل القيام بمسح حقل ما كان لا بد من نقل جميع البيانات التي يجب الاحتفاظ بها إلى حقل آخر. (سنشرح لاحقا كيف أن الطبيعة قدمت لنا طريقة أفضل بكثير).
بهذه المفاهيم التقريبية في أذهاننا بدأنا رحلتنا إلى مشروع متداخل الاختصاصات. وقد أتاح لنا عملنا نحن الاثنين ضمن فريق واحد تغطية قسمين من أقسام الشركة IBM، قسم الفيزياء وقسم الأجهزة. (تم دمجهما في النهاية في قسم واحد هو قسم العلوم والتقانة). كما انضم إلينا أيضا <E.إليفثيريو> وفريقه من قسم نظم الاتصالات التابع لمختبرنا. وحاليا تتعاون معنا مجموعات أخرى متعددة من ضمن الشركة IBM ومن الجامعات.
عندما تتلاقى ثقافات مختلفة، يصعب، في بداية الأمر على الأقل، منع حصول بعض من سوء التفاهم. غير أننا جنينا منافع ضخمة من جرّاء مزج وجهات نظر متباينة.
[[صورة:
مثابرة بنسبة 99 في المئة(***)
لم نكن نعد من خبراء النظم الكهرميكانيكية الميكروية، وكان الباحثون العاملون في النظم الكهرميكانيكية الميكروية والجماعات المتخصصة في تقانة مسابر المسح قد صرفوا النظر حتى ذلك الحين عن مشروعنا بحجة أنه مشروع يتسم بالرعونة. وعلى الرغم من أن آخرين، مثل مجموعة <كويت> في جامعة ستانفورد، كانوا يعملون في تلك الأثناء على تخزين البيانات اعتمادا على مجهر المسح النفقي STM ـ أو مجهر القوة الذرية AFM ـ فقد كان مشروعنا هو المشروع الوحيد الذي وضع نصب عينيه إيجاد تكامل واسع المقياس لمسابر عديدة. وكنا نأمل أن تُبرّأ ساحتنا إذا استطعنا أن نعرض نموذجا بدئيا (أوليا) prototype تطبيقيا في الشهر 1/1998 خلال انعقاد ورشة العمل الدولية الحادية عشرة للجمعية الدولية للمهندسين الإلكترونيين والكهربائيين (IEEE) حول النظم الكهرميكانيكية الميكروية في هايدلبرگ بألمانيا. ولكننا عوضا عن ذلك لم نتمكن إلا من عرض نموذج بدئي (أولي) يعمل بالكاد. فقد عرضنا مصفوفة رؤوس tips أبعادها خمسة في خمسة وتبلغ مساحتها 25 مليمترا مربعا.
المشروع «ميليپيد»/ نظرة إجمالية(****)
- ▪ تقترب أجهزة التخزين الرقمية في يومنا هذا من الحدود الفيزيائية التي ستعوق أي سعة إضافية. إن إمكانات السواقة النانوية «ميليپيد» ـ وهي جهاز ميكانيكي ميكروي (صغري) له مكونات ذات قياسات نانوية ـ قد تبدأ حيث تنتهي التقانات الحالية.
- ▪ تستخدم السواقة «ميليپيد» شبكة من أظفار صغيرة جدا لقراءة وكتابة ومحو البيانات على وسط پوليمري. تُحِدث رؤوس الأظفار انخفاضات (نقرا) في الپلاستيك لصنع الأرقام 1؛ أما عدم وجود نقرة فيعني الرقم 0 (الأصفار).
- ▪ في غضون ثلاث سنوات، قد تتوافر أول منتجات المشروع «ميليپيد»، وهي على الأغلب بطاقات ذاكرة بحجم طابع بريدي من أجل الأجهزة الإلكترونية المحمولة.
كان هذا النموذج قادرا على إظهار تداول متواز للصور parallel imaging، غير أن الكتابة المتوازية بوساطته أخفقت. فقد أغفلنا تفصيلا تافها لكنه أساسي؛ إذ إن الأسلاك التي تؤدي إلى عناصر التسخين كانت معدنية ورفيعة بدرجة لا تمكّنها من تحمل التيار الذي يمر خلالها. ولذلك انصهرت في الحال مثلما تنصهر الصهيرات fuses المحمّلة بإفراط بسبب ظاهرة الهجرة الكهربائية electromigration التي تبديها الأغشية المعدنية الرقيقة. وكانت ظاهرة الهجرة الكهربائية قد وُصفت بشكل جيد في الأدبيات، وكان الأحرى بنا أن نعرف شيئا عنها. ولم تكن تلك الغلطة هي الوحيدة التي ارتكبناها، لكن، في مجموعتنا، من السهل ارتكاب الأخطاء وتصحيحها بسرعة.
كيف تعمل السواقة النانوية(*****)
يعمل النموذج البدئي (الأولي) للسواقة النانوية «ميليپيد» مثل فونوگراف (حاكٍ) صغير جدا ويستخدم رؤوسا حادة من أظفار سيليكونية صغيرة جدا لقراءة بيانات محفورة في وسط من الپوليمر. ويتكون من مصفوفة مكوّنة من 4096 ظفرا، منسقة في صفوف ورؤوسها موجهة نحو الأعلى، توصّل لضبط مجموعة الدارات الميكروية التي تحول المعلومات المكودة في الحفر التماثلية (غير الرقمية) analog إلى دفق من البتات الرقمية digital. يُعلق الپوليمر على منضدة مسح بوساطة نوابض ورقية سيليكونية تسمح لمغانط صغيرة جدا (لا تظهر في الشكل) ولملفات كهرمغنطيسية بتدوير وسط التخزين في سطح مستو، في حين تبقى مستوية فوق الرؤوس. تلامس الرؤوس الپلاستيك لأن الأظفار تنثني نحو الأعلى بأقل من ميكرون واحد.
كتابة بتة
باستخدام الحرارة والقوة الميكانيكية، تصنع الرؤوس حفرا مخروطية في مسالك خطية تمثل سلاسل من الأرقام 1. لصنع حفرة، ينتقل التيار الكهربائي عبر الظفر، مسخنا عند طرفه منطقة من السيليكون عالية الإشابة، إلى 400 درجة مئوية، الأمر الذي يسمح لبنية الظفر مسبقة الإجهاد بالانثناء في الپوليمر. إن غياب الحفرة يعني الرقم 0.
محو بتة
يقوم أحدث نموذج بدئي (أولي) للسواقة «ميليپيد» بمحو بتة موجودة عن طريق تسخين الرأس إلى درجة حرارة 400 مئوية ثم تشكيل حفرة أخرى إلى جوار الحفرة السابقة تماما، وبالتالي ملؤها [كما في الشكل]. تتضمن طريقة بديلة للمحو إدخال الرأس الساخن إلى حفرة ما، الأمر الذي يجعل الپلاستيك يرتد من جديد كنابض إلى شكله الأصلي المستوي.
قراءة بتّ
لقراءة البيانات، تسخن الرؤوس في البداية إلى درجة حرارة 300 مئوية. عندما يواجه رأس ماسح حفرة ويدخلها (في الأسفل) ينقل الحرارة إلى الپلاستيك. تنخفض تبعا لذلك درجة حرارته ومقاومته الكهربائية، لكن المقاومة الكهربائية تنخفض فقط بمقدار ضئيل، أي بجزء واحد من ألف. يقوم معالج إشارة رقمي بتحويل إشارة الخرج هذه، أو غياب هذه الإشارة، إلى دفق بيانات [أقصى اليسار].
وعلى الرغم من تلك النكسات التي تعرضنا لها، فقد أحس مديرو مختبرنا بحصول تقدم فعلي، وسمحوا لنا بزيادة حجم فريقنا إلى ثمانية أشخاص. وكنا قد تعلمنا من مصفوفة الخمسة والعشرين رأسا أنه يتعين علينا الاستعاضة عن تمديدات أسلاك الألمنيوم ـ وهو ما قمنا به فعلا حيث استعضنا عنها بأظفار سيليكونية عالية الإشابة highly doped. كما تبين لنا أيضا أنه يمكن تسوية مصفوفة الرؤوس تحت وسط التخزين بدرجة عالية من الدقة ضمن مساحة واسعة نسبيا، وهذا منحنا ثقة كافية للانتقال في الحال إلى مصفوفة أكبر.
وبينما كان <ڤيتيگر> يلقي محاضرة في مختبر ألمادن التابع للشركة IBM في الشهر 5/1998تنبّه إلى وجود مشكلة خطرة واحدة. ولقد كان بصدد وصف الكيفية التي تترتب بها الأظفار في صفوف وأعمدة منتظمة تتصل جميعها بشبكة من الأسلاك الكهربائية. إلا أنه خلال شرحه لكيفية عمل هذا النظام، لاحظ فجأة أنه لن يعمل؛ إذ لا شيء سيحول دون وصول التيار الكهربائي في اللحظة ذاتها إلى جميع الأمكنة، ومن ثم لن تكون هناك طريقة لإرسال إشارة إلى ظفر إفرادي معين بشكل موثوق.
رفض الباحثون في النظم الكهرميكانيكية الميكروية وجماعات تقانة
مسابر المسح مشروعنا بحجة أنه مشروع يتسم بالرعونة.
والواقع إن السريان غير القابل للتحكم لتيار كهربائي هو ظاهرة معروفة جدا عند توجيه عناصر إحدى المصفوفات من خلال الأعمدة والصفوف. ويتمثل أحد الحلول الشائعة في إلحاق مفتاح ترانزستوري بكل عنصر. غير أن وضع الترانزستورات على الشيپة نفسها عند مواضع الرؤوس لم يكن خيارا ممكنا، نظرا إلى أن شحذ الرؤوس يجب أن يتم تحت حرارة شديدة قادرة على إتلاف الترانزستورات الصغيرة. لذلك عدنا إلى المختبر وجربنا جميع أصناف الحيل لتحسين درجة التحكم في سريان التيار. لم تعجب أي منها <ڤيتيگر>؛ إذ إنه كلما كانت المصفوفة أكبر، كان هذا الخلل أكثر خطورة. وقد أظهرت الحسابات والمحاكاة السريعة التي قام بها <.دوريگ> [التابع لفريقنا] أنه إذا أخذنا مصفوفة تحتوي على 1000 عنصر، فإن توجيه بعض الأظفار الإفرادية بهدف الكتابة سيظل أمرا ممكنا، غير أن قراءة الإشارات الصغيرة الصادرة عن الأظفار الفردية لن يكتب لها النجاح.
مزيد من الرؤوس في حيّز صغير(******)
تطوّر النموذج البدئي (الأولي): بينما كان الجيل الأول من شيپة «ميليپيد» يحتوي على مصفوفة من 25 ظفرا في مربع طول ضلعه خمسة مليمترات (في الأسفل)، تضمن النموذج التالي (في اليسار) 1024 ظفرا في مربع أصغر طول ضلعه ثلاثة مليمترات.
في تلك الليلة نام <ڤيتيگر> نوما سيئا وكان مغتاظا جدا. وكان فريقه على وشك إكمال تصميم شيپة لمصفوفة من 1024 رأسا، فطلب <ڤيتيگر> إليهم التريث. وقد عانى الفريق من هذه المشكلة عذابا شديدا دام عدة أيام إلى أن وجد <ڤيتيگر> و<M.ديسپونت> حلا عمليا لها، يتمثل بوضع ديود (صمام ثنائي) شوتكي Schottky (ممر كهربائي باتجاه واحد) إلى جانب كل ظفر؛ إذ إن هذه الأداة اللاخطية سوف توقف إلى حد بعيد سريان التيارات غير المرغوب فيها نحو الأظفار الأخرى. بعدها أعدنا التصميم وسرعان ما حصلنا على مصفوفة رؤوس أبعادها 32 x 32، وكان هذا هو نموذجنا البدئي الثاني(4).
كان هذا النموذج البدئي بمثابة دليل على نجاح العديد من أفكارنا. وقد خرجت جميع أظفار المصفوفة البالغ عددها 1024 سليمة وانحنت بالمقدار الصحيح بالضبط بحيث أعطت الكمية الصحيحة من القوة عند مزاوجتها مع وسط پوليمري لين يدعى PMMA، جرى تركيبه على شيپة مستقلة تدعى منضدة المسح. وقد استطاعت الملفات coils النحاسية الكهرمغنطيسية الموضوعة خلف منضدة المسح أن تمنع سطح مادة PMMA من أن يميل كثيرا أثناء دورانه إلى اليسار وإلى اليمين وإلى الخلف وإلى الأمام فوق رؤوس الظفر. (منذ ذلك الحين تمكّن جهاز مسح جديد للوسط صممه كل من <M.لانتز> و<H.روثيزن> من تخفيض الحساسية للاهتزاز التي كانت تعتبر مشكلة حينذاك). وكان لكل ظفر يبلغ طوله 50 ميكرونا مقاوم صغير في طرفه. كما أن نبضة كهربائية ترسل خلال الرأس كانت تسخنه حتى درجة 400 مئوية لبضعة ميكروثوان(5).
كانت النتائج الأولية لنموذجنا البدئي الثاني مشجّعة. فقد عمل أكثر من 80 في المئة من الأظفار البالغ عددها 1024 بشكل ملائم منذ المحاولة الأولى، وكانت هناك منطقة «مظلمة» ضيقة واحدة فقط تعبر مركز حقل التخزين، نتجت من التواء twisting الشيپة أثناء تركيبها. لم نتوقع مثل هذا النجاح في هذه المرحلة المبكرة من المشروع حتى في أكثر أحلامنا تطرفا.
من البحث إلى التطوير(*******)
في الأداة 5 5x مليمترات، كان كل ظفر مزودا عند قاعدته بمجس كهرضغطي piezoresistive sensor يحوِّل الانفعال strain أو التشوه الميكانيكي إلى تغير في المقاومة، مما يسمح للمنظومة بتحديد اللحظة التي يسقط أثناءها الرأس في حفرة ـ وهذا يقابل الرقم 1. وباشرنا في تقصي طرق لكشف الحُفر بشكل أكثر تحديدا. فأجرينا اختبارات كانت فيها ديودات شوتكي مدموجة في الأظفار، آملين أن يعمل التشوه على تغيير مقاومتها. ولسبب من الأسباب، لم تُبد الديودات الخصائص المتوقعة. غير أننا لاحظنا وجود إشارة قوية عند استشعار إحدى البتات. وبعد تفكير عميق، عثرنا على السبب المذهل وتبين لنا أنه ظاهرة حرارية. فإذا ما سخّن الظفر تسخينا مسبقا إلى درجة حرارة 300 مئوية، وهي درجة غير كافية تماما لإحداث نقرة، تنخفض مقاومته الكهربائية بشكل ملحوظ عندما يسقط الرأس في الحفرة (انظر الشكل في الصفحة 65). لم يكن يخطر ببالنا قط أن نستخدم المفعول الحراري لقياس حركة أو انحراف أو موضع. فالقيام بذلك على المقاييس الضخمة macro scales سيكون بطيئا جدا وغير موثوق بسبب الحَمل الحراري convection ـ أي الحركة الدورانية التي تحصل في وسط مائع، هو في هذه الحالة الهواء ـ الذي يحدث عندما تنتقل الحرارة بين جسمين في درجتي حرارة مختلفتين. غير أن هذا الاضطراب لا يوجد على المقياس الصغير micro scale، لأن الأجسام الحارة والباردة تصل إلى حالة التوازن خلال بضعة ميكروثوان.
كانت هذه النتيجة مفيدة جدا على الرغم من عدم توقعها. فقد صار باستطاعتنا الآن أن نستخدم عنصر التسخين نفسه على كل ظفر لقراءة البتات وكتابتها على حد سواء. وعوضا عن ثلاثة أو أربعة أسلاك للظفر الواحد، لن نحتاج هنا إلا إلى سلكين فقط.
لقد عرضنا هذا النموذج البدئي الثاني في مؤتمر جمعية المهندسين الكهربائيين والإلكترونيين IEEE حول النظم الكهرميكانيكية الميكروية عام 1999. وهذه المرة، كان الباحثون الآخرون الحاضرون أكثر اقتناعا. لكن الأمر الذي أثار فعلا الإدارة العليا في الشركة IBM كان صور صفوف الحُفر المنتظمة التي قامت أظفار السواقة «ميليپيد» بكتابتها على الپوليمر. فقد كانت المسافات التي تفصل بين الحفر تساوي 40 نانومترا فقط ـ أي إن كثافة الحفر كانت أكبر بثلاثين مرة من كثافتها في أفضل سوّاقة أقراص ثابتة متوافرة في الأسواق.
مع أننا نحن العلماء لم نعد نعتبر هذا المشروع مشروعا عالي الخطورة،
فمازلنا نبتهج عندما يعمل بنجاح نموذج بدئي (أولي) جديد.
بعد ذلك بوقت قصير، أي في أوائل العام 2000، غيّر مشروع «ميليپيد» توجهه. فقد بدأنا نركز أكثر على إنتاج نموذج بدئي (أولي) لنظام التخزين. وقد كبر الفريق ووصل عدد أفراده إلى نحو 12 باحثا. وللمرة الثانية دمجنا قسمين معا، كما انضم إلينا <إلفثيريو> وفريقه. وقد أسهم هؤلاء بخبرتهم الفريدة في تقانة قنوات التسجيل recording channel التي كانوا يطبقونها بنجاح كبير في التسجيل المغنطيسي، فباشروا في تطوير الجزء الإلكتروني من نظام وظيفي كامل لنموذج بدئي (أولي) ـ ابتداء بالمعالجة الأساسية للإشارة وتكويد تصحيح الأخطاء error-correction coding وانتهاء بالهندسة الكاملة للنظام والتحكم فيه.
وكنا قد اكتشفنا للتو طريقة لمحو رقعة صغيرة. وبالتعاون مع <إلفثيريو> تمكنا حتى من تحويلها إلى نظام لا يكون المحو مطلوبا فيه قبل بدء الإحلال (الكتابة الفوقية) overwriting. ففي طريقة المحو الموضعي الجديدة، عندما تكون درجة حرارة الرأس عالية بما يكفي لتليين المادة، فإن التوتر السطحي للپوليمر ونابضيته springiness يجعلان الحفرة ترتفع من جديد. وعوضا عن تلدين annealing حقل أكبر باستخدام سخان مدمج في ركازة التخزين storage substrate ـ كما هي الحال في طريقة المحو الشاملة التي سبق وصفها ـ فإن الرأس هنا يقوم بتسخين الوسط تسخينا موضعيا. ونظرا إلى وجود قوى كهربائية ساكنة (إلكتروستاتية)، يصعب تحاشي حدوث قوة تحميل معينة على الرأس. ولذلك فعندما يتم تسخين الرأس إلى درجة حرارة عالية بقدر كاف وتنشأ من جراء ذلك نقرة جديدة، تمحى البتات القديمة الموجودة في جوار الرأس في الوقت نفسه. فإذا ما كتب سطر من الحفر بشكل مكثف، فسوف تقوم كل بتة أنشئت حديثا بإزالة البتة السابقة لها، فلا يتبقى إلا البتة الأخيرة في السطر. يمكن استخدام هذه الطريقة حتى في كتابة رمز جديد فوق بيانات قديمة من دون معرفة نوع تلك البيانات القديمة. إن مزاوجة خبرتنا في الفيزياء مع خبرة <إلفثيريو> في قنوات التسجيل سمحت لنا بتطوير شكل خاص من التكويد المقيّد constrained coding لمثل هذه الكتابة الفوقية المباشرة.
عند هذا الحد، بدا واضحا أن الفريق يحتاج إلى أن يركز جهوده على زيادة كفاءة السواقة «مليپيد» من حيث السرعة والقدرة. كان علينا أن نبدأ بقياس نسبة الإشارة إلى الضجيج signal-to-noise ratio، ومعدلات أخطاء البتات bit error rates، ومؤشرات أخرى عن مدى جودة السوّاقة النانوية في تسجيل البيانات الرقمية. وكان علينا أن نختار للسواقة النانوية حجما وشكلا معينين. فقد يكون لـ «عامل الشكل» أهمية كبرى في الأسواق الاستهلاكية الإلكترونية، وبخاصة في مجال أجهزة الهاتف المحمولة التي قررنا أن نبدأ عملنا بها.
الطريق قُدُما إلى الأمام(********)
خلال الأشهر الأخيرة من عام 2002، تمكن فريقنا من وضع اللمسات الأخيرة على النموذج البدئي (الأولي) للجيل الثالث، الذي يحتوي على 4096 ظفرا مرتّبة في مصفوفة x 64 64 يبلغ طول ضلعها 6.4 مليمتر. والجدير بالذكر أن تكديس عدد أكبر من الأظفار على الشيپة يعتبر تحديا بحد ذاته لكنه ظل قابلا للتحقيق. وبإمكاننا اليوم أن نصنع شيپات تحتوي على مليون ظفر، كما يمكننا أن نصنع 250 من هذه المصفوفات من رقيقة سيليكون قياسية بقياس 200 مليمتر. وتكمن المهمة الرئيسية الآن في الوصول إلى توازن صحيح بين أمنيتين. أولا، يجب على تصميمنا لمنظومة السوّاقة النانوية الكاملة ـ ليس المصفوفة ومنضدة المسح فحسب وإنما أيضا الأجهزة الإلكترونية الميكروية المدمجة بها والتي تتحكم فيهما ـ أن تكون رخيصة الثمن إلى حد يجعلها جاهزة للمنافسة الفورية، وأن تكون قابلة للعمل على طاقة منخفضة، وبخاصة الأجهزة المحمولة باليد. ولكن من الضروري بمكان أن تتمكن هذه السواقة من العمل بشكل يمكن الاعتماد عليه على الرغم من التلف الذي يصيبها خلال سنوات من الاستخدام المتواصل.
لقد وجدنا پوليمرات تعمل بشكل أفضل حتى من الپوليمر PMMA. ففي هذا النوع من اللدائن، تبدو الحفر مستقرة لمدة ثلاث سنوات على الأقل، ويمكن أن نكتب على بقعة مفردة في المصفوفة ونمحوها 000 100مرة أو أكثر. لكننا لسنا واثقين جدا من مدى تحمّل الرؤوس بعد أن تحفر 100 بليون نقرة خلال عدة سنوات من التشغيل. وحاليا يعمل <D.گوتسمان> و <.B گوتسمان> [من فريقنا] مع زملاء في مختبر «ألمادن» التابع للشركة IBM على تطوير الپوليمرات الحالية أو إيجاد پوليمرات جديدة تتناسب مع متطلبات تطبيقنا الخاص بخزن البيانات.
وعلى الرغم من أن عين الإنسان المجردة التي تمسح صورة لوسط تخزين السواقة «ميليپيد» تستطيع أن تتبين بسهولة مواضع الحفر في الشبكة والمواضع التي تخلو منها، فإن تصميم دارات إلكترونية بسيطة تقوم بنفس الوظيفة بدقة شبه كاملة ليس بالأمر الهيّن. ذلك أن كشف البتات التي تمثل 0 (الأصفار) والبتات التي تمثل 1 (الآحاد) يكون أسهل بكثير إذا كان عمق جميع الحفر متساويا وكانت المسافة بينها متساوية على مسالك مستقيمة. ومعنى ذلك أنه يجب أن تكون منضدة المسح مسطحة، وأن تبقى موازية للرؤوس، وأن تُدار بسرعة ثابتة في حركة خطية ـ وكل ذلك ضمن دقة لا تتعدى بضعة نانومترات. وقد تعلمنا في الآونة الأخيرة أننا إذا علَّقنا طاولة المسح بوساطة نوابض ورقية(6) رفيعة مصنوعة من السيليكون، فإننا نحصل على تحكم أفضل بكثير في حركتها. ومع ذلك، فسوف نضيف نظام تغذية مرتدة (تلقيم راجع) فعالا يكون حساسا جدا لوضعية قسمي السواقة أحدهما بالنسبة إلى الآخر لكي يستوعب التفاوتات النانونية المسموحة فيما لو اصطدم الجهاز المركب على حزام شخص مهرول بكل ما يوجد حوله.
يجب على أي نظام ميكانيكي يولِّد حرارة كنظام السواقة «ميليپيد» أن يتأقلم مع التمدد الحراري. وإذا ما اختلفت درجة حرارة وسط الپوليمر عن درجة حرارة الأظفار السيليكونية بما يزيد على درجة مئوية واحدة، فإن محاذاة البتات لن تبقى متلائمة مع تلك العائدة للرؤوس. إن أي نظام تغذية مرتدة هدفه تصحيح سوء المحاذاة سيزيد من تعقيد الجهاز وبالتالي تكلفته. ونحن لسنا متأكدين حتى الآن من طبيعة الحل الأفضل لهذه المشكلة. ولحسن الحظ، فقد مدّت لنا الطبيعة مرة أخرى يد المساعدة. فكل من السواقة «ميليپيد» وركازة التخزين الحاملة لغشاء الپوليمر مصنوعة من السيليكون، وبالتالي سوف تتمددان بنفس المقدار إذا كانت درجتا حرارتيهما متساويتين. إضافة إلى ذلك، فإن الفجوة بين مصفوفة الرؤوس والركازة صغيرة جدا بحيث يلعب الهواء المحصور بينهما دور ناقل ممتاز للحرارة، مما يحول دون حدوث فرق حراري بينهما.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروعات الذاكرة ذات الكثافة العالية(*********)
يعد المشروع «مليپيد» العائد للشركة IBM واحدا فحسب من عدة جهود تبذل لإيصال الذاكرات الحاسوبية المدمجة ذات الكثافة العالية إلى السوق.
الشركة تقانة الجهاز سعة الذاكرة التسويق التجاري
Hewlett-Packard
پالو ألتو، كاليفورنيا جهاز يعتمد على مجهر القوة الذرية AFM بحجم ظفر الإبهام يستخدم أشعة إلكترونات في قراءة البيانات وكتابتها في منطقة التسجيل في البداية، جيگابايت واحد (GB) على الأقل نهاية العقد
Hitachi
طوكيو جهاز يعتمد على مجهر القوة الذرية AFM، لم تكشف تفاصيله لم يكشف النقاب عنها لم يكشف النقاب عنه
Nanochip
أوكلاند، كاليفورنيا Seagate Technology سكوتس ڤالي، كاليفورنيا مصفوفة أظفار تعتمد على رؤوس مجهر القوة الذرية AFM تخزن بيانات في شيپّة سيليكونية
نصف جيگابايت في البداية، هناك إمكانية ل50 جيگابايت في المستقبل متوقع في عام 2004
Royal Philips Electronics أيندهوڤن، هولندة
نظام ضوئي شبيه بالأقراص المدمجة CD القابلة لإعادة التسجيل، يستخدم ليزرا أزرق في تسجيل البيانات وقراءتها على قرص عرضه ثلاثة سنتيمترات لغاية جيگابايت واحد لكل وجه، ربما 4 جيگابايت GB ككل متوقع في عام 2004
نظام قابل للإحلال (الكتابة مجددا) باستخدام مجهر القوة الذرية AFM أو طريقة أخرى يعمل على شيپة حجمها سنتيمتر واحد
ما يصل إلى 10 جيگابايت على شيبة من أجل الأجهزة المحمولة
متوقع في عام 2006 أو بعد هذا التاريخ
وبما أن المشروع قد نضج الآن إلى درجة تمكننا من مباشرة الخطوات الأولى نحو تطوير المنتج، فقد انضم إلى فريقنا <R.T.ألبرخت>، وهو خبير بتقانة تخزين البيانات من مختبر «ألمادن» التابع للشركة IBM، وكان قد أسهم في رعاية السوّاقة الميكروية Microdrive التي أنتجتها الشركة IBM حتى بلوغها الأسواق؛ ذلك أن إيصال السواقة الميكروية من المختبر إلى المستهلك كانت رحلة أشبه بما سيواجهه مشروع «ميليپيد» في السنوات القليلة القادمة. وبالنسبة إلى أعضاء مجموعتنا، فإن الانتقال إلى مرحلة تطوير المنتج يعني أننا سوف نعهد بمشروع ميليپيد أكثر فأكثر إلى أيدي الآخرين. لا شك أن التنحي يشكل الجزء الأصعب من العملية، إلا أنه في الوقت نفسه الجزء الأكثر أهمية لنجاح المشروع. في الحقيقة، لسنا حتى الآن متأكدين من أن برنامج السواقة ميليپيد سيتمخض عن جهاز تجاري. وعلى الرغم من أننا ـ نحن العلماء ـ لم نعد نعتبر هذا المشروع مشروعا عالي الخطورة، لكننا مازلنا نفرح عندما يعمل نموذج بدئي (أولي) جديد بنجاح. وإذا ما حالفنا الحظ، فإن أحدث نماذجنا البدئية (الأولى) ستعاني مشكلات يعرف فريقنا كيف يصلحها.
وعلى أي حال، فإننا سعيدون جدا لأن هذه التقانة الميكانيكية النانوية قد تسمح على الأقل للباحثين، ولأول مرة، بمسح سنتيمتر مربع واحد من مادة بميز resolution يقارب الميز الذري. لقد تمخض المشروع حتى الآن عما يقارب 30 براءة اختراع أساسية. ولا أحد يعلم ما إذا كانت السواقات النانوية ستنجح في السوق؛ لكنها ستكون طائفة جديدة من الآلات التي تصلح لعمل ما، وهذا ما يشكل بالنسبة إلينا مكافأة عظيمة.
المؤلفان
Peter Vettiger - Gerd Binning
تعاونا بشكل واسع لصقل تقانات مفهوم السواقة النانوية «ميليپيد». ڤيتيگر له سيرة مهنية طويلة كخبير في تقانة التصنيع الميكروي والتصنيع النانوي. وكان قد انضم إلى مختبر أبحاث IBM في زوريخ عام 1963، وتخرج عام 1965 بحصوله على شهادة في تقانة الاتصالات وهندسة الإلكترونيات من جامعة زوريخ للعلوم التطبيقية. وتوجت مسيرته الأكاديمية بمنحه الدكتوراه الفخرية عام 2001 من جامعة بازل. أما بينيگ فقد حصل على الدكتوراه في الفيزياء من جامعة يوهان ولفگانگ غوته في فرانكفورت بألمانيا عام 1978، وانضم إلى مختبر زوريخ في العام نفسه. ومن أبرز الجوائز التي حصل عليها لإنجازاته العلمية جائزة نوبل في الفيزياء عام 1986، وقد حصل عليها مناصفة مع <H.رورر> بسبب اختراع مجهر المسح النفقي.
مراجع للاستزادة
In Touch with Atoms. Gerd Binnig and Heinrich Rohrer in Reviews of Modern Physics, Vol. 71, No. 2, pages 5324-5330; March 1999.
The "Millipede"-Nanotechnology Entering Data Storage. P. Vettiger, G. Cross, M. Despont, U. Drechsler, U. Durig, B. Gotsmann, W. Haberle, M. A. Lantz, H. E. Rothuizen, R. Stutz and G. Binnig in IEEE Transactions on Nanotechnology, Vol. 1, No. 1, pages 39-55; March 2002.
For more about nanotechnology in IBM Research and elsewhere, see
www.research.ibm.com/pics/nanotech/
Scientific American, January 2003
(*) THE NANODRIVE PROJECT
(**)A Crazy Idea
(***) Percent Perspiration… 99
(****) overview/millipede project
(*****)How The Nanodrive Works
(******) Form R to D
(*******) More Tips in a Smaller Space
(********) The Road Ahead
(*********) High-Density Memory Projects
(1) مليون بايت، البايت مختصر binary term، وحدة معلومات تتألف من 8 بتات في معظم الأحيان.
(2) نوع من الذاكرات غير المتلاشية nonvolatile. وتستخدم عموما مكملا أو بديلا من الأقراص الثابتة (الصلبة) في الحواسيب المحمولة.
(3) ج: بتة bit، وهذه مختصر binary digit، أصغر وحدة معلومات يعالجها الحاسوب. تعبِّر البتة عن الرقم 1 أو 0 في العدد الثنائي، أو عن الصواب أو الخطأ في الحالة المنطقية. (التحرير)
(4)ظفر أي كابول cantilever.
(5) second prototype
(6) الميكروثانية microsecond تساوي جزءا من مليون من الثانية. (التحرير)
(7) leaf springs