المعرفة:مقالة اليوم المختارة/12-05-2023
معركة ساحة الدم، هي معركة وقعت في 28 يونيو 1119، هزم فيها روجر دي سالرنو أمير أنطاكية قائد الجيوش الصليبية على يد إيلغازي بن أرتق من مردين. وسميت بهذا الاسم لكثرة عدد القتلى والسبايا والغنائم التي حصلت عليها المسلمون بعد انتصارهم.
كانت حلب ذات أهمية بالغة لمن يريد مجابهة الصليبيين وإيقاف خطرهم؛ بسبب موقعها الحيوي، فهي تقع في مركز حصين بين إمارتين صليبيتين هما الرها وأنطاكية، بالإضافة إلى ما تتمتع به من مزايا بشرية واقتصادية وخطوط مواصلات، تسمح بالاتصال بالقوى الإسلامية المنتشرة في الجزيرة والفرات والأناضول وشمالي الشام وأوسطه مما يعد أساسيا لاستمرار حركة الجهاد، ولم تكن كل هذه الأمور خافية على قادة الأمراء الصليبيين الذين كانوا يتابعون أحوالها عن كثب وينتظرون الفرصة للاستيلاء عليها.
وكانت أحوال حلب في هذه الفترة غير مستقرة، وبدأ الضعف يدب فيها بعد وفاة حاكمها رضوان بن تتش سنة 1113 وخلفه في حكمها أبناؤه، وكانوا ضعافا غير قادرين على تسيير شئون البلاد، فتحكم فيهم أوصياؤهم، وصارت حلب سهلة المنال، فتحالف روجر أمير أنطاكية مع كبار مسئوليها كي يمنع إيلغازي صاحب مردين من الاستيلاء عليها وضمها إلى دولته، ووصل الأمر بحلب أن أصبح المسئولون عنها يعتمدون على روجر الصليبي في رد الطامعين في الاستيلاء عليها من أمراء المسلمين. ولم تأت سنة 1118 حتى صارت حلب تحت رحمة أنطاكية، وهو ما جعل أهلها يستنجدون بإيلغازي بن أرتق، وكان واحدا من أبرز المجاهدين ضد الوجود الصليبي في بلاد الشام، وقامت سياسته على أساس التحالف مع الأمراء المسلمين ضد الصليبيين.
وبعد المعركة نزل إيلغازي في خيمة روجر وحمل إليه المسلمون ما غنموه فلم يأخذ منهم إلا سلاحا يهديه لملوك الإسلام، ورد عليهم ما حملوه بأسره، وكتب إلى سائر أمراء المسلمين يبشرهم بهذا النصر العظيم. واكتفى إيلغازي بهذا النصر، ولو توجه إلى أنطاكية لما استعصى عليه فتحها لأنها كانت خالية من الجند، ولاحتل مكانة أرسخ وأكثر شهرة في الحروب الصليبية، ولكن قدر لهذه المدينة أن تبقى بعد ذلك حوالي قرنين من الزمان حتى فتحها السلطان الظاهر بيبرس.