المخطوطات العربية في تركيا
مقال للدكتور محمود محمد الطناحي
زرت تركيا مرتين: الأولى في شتاء عام 1971، والثانية في صيف هذا العام، ويا بُعد ما بين اليومين في حياة الكاتب، وفي عالم المخطوطات. ففي المرة الأولى كنت عضواً صغيراً في بعثة معهد المخطوطات التابع للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم غداة إنشائها، وكان هذا المعهد من قبل تابعاً للأمانة العامة لجامعة الدول العربية منذ قيامها سنة 1945م.
وفي هذه المرة الثانية كنت مدعواً من قبل مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، التي يرعاها ويدعمها معالي الشيخ أحمد زكي يماني، وزير البترول والثرورة المعدنية السابق بالمملكة العربية السعودية، وذلك لإلقاء محاضرات عملية في الدورة التدريبية الثانية على تصنيف وفهرسة المخطوطات الإسلامية . وقد دُعي إلى حضور هذه الدورة نفر من الشباب المشتغلين بالمكتبات والاستشراق، من تركيا وألبانيا وبلغاريا وزغرب البوسنة والهرسك، وكاشغر ( الصين الشعبية)، وبعض جمهوريات آسيا الوسطى : أذربيجان وأوزبكستان، وقازقستان وطاجكستان، وشارك في إلقاء المحاضرات طائفة من العلماء المشتغلين بعلم المخطوطات، كان منهم من مصر: الدكتور عبد الستار الحلوجي، والأستاذ نصر الله مبشر الطرازي. وكذلك اختلف حال المخطوطات اليوم عن حالها بالأمس اختلافاً كبيراً، وبخاصة في ديارنا المصرية، ففي ذلك الزمان كانت المخطوطات في مصر مصونة متاحة، وكان القائمون عليها والمتصرفون فيها أولي علم وبصر، يعرفون أسماء المخطوطات في كل علم وفن، كما يعرف الناس آباءهم، وكانت لديهم القدرة على قراءة العَسِر المُعمَّى من المخطوطات، وتمييز الصحيح من الزائف، والعتيق من المحدث، إلى معارف أخرى تتصل بهذا العلم، كالمخطوط النادر، ومقاييس هذه الندرة: من خطوط المؤلفين أنفسهم، وحظوظ بعد الكتب من كثرة مخطوطاتها أو قلتها، ومعرفة مظان المخطوطات وأماكن وجودها، وقد ذهب هذا كله، إلا بقية خافتة الصوت ضعيفة الأثر.
ويشتد بي العجب – وقد قضيت مع هذا العلم خمسة وثلاثين عاماً: ناسخاً ومفهرساً ومحققاً ودارساً – حيث أقرأ لبعض الناس الآن كلاماً أخَّاذاً برَّاقاً عالي النبرة عن المخطوطات وسرقتها والغيرة عليها، مع يقيني الذي لا يداخله الشك أنهم لم يعانوا هذا العلم ولم يعرفوا شيئاً عن أسراره وخباياه، فضلاً عن أنهم لم يجالسوا شيوخه وأعلامه، أساس العلم التلقي والمشافهة، فهي حماسة كاذبة، وولاء مدخول:
وكلٌّ يدًّعي وصلاً بليلى
- وليلى لاتقرُّ لهم بذاكا
وهذ الحديث مما يطول جداً فلنتركه إلى حين، ولنعد إلى تركيا هذا الجزء العزيز من العالم الإسلامي، وحديث المخطوطات فيها، وهو حديث غريب عجيب.
وقبل أن نتكلم على فضل الأتراك العثمانيين على هذا التراث الإسلامي، بجمعه وحفظه وصيانته، لا بد من التذكير بفضلهم في نشر الإسلام بأوروبا، لأن هذا من ذاك، ومعلوم أن كلمة ( تركي) كانت في وقت من الأوقات مرادفة لكلمة ( مسلم) في أذهان الأوروبيين الغربيين، وكان زحف الأتراك العثمانيين على بلاد البلقان وتوغلهم فيها، ثم اتجاههم إلى قلب أوروبا، ودخول محمد الفاتح القسطنطينية وفتحها سنة 757هـ=1453م، كان ذلك كله بمثابة الضربة الثانية للمسلمين في أوروبا، وكانت الأولى يوم أن عبر المسلمون بقيادة طارق بن زياد بوغاز جبل طارق سنة 92هـ-710م. يقول الدكتور عبد العزيز الشناوي في كتابه القيم ( الدولة العثمانية دولة إسلامية مفترى عليها) ص 43: ( وقد نظرت أوروبا إلى الفتوح العثمانية على أنها فتوح إسلامية، وكان الأتراك العثمانيون – في تقدير أوروبا – هم الرمز الحي المجسد للإسلام، واختلط الأمر على الأوروبيين في ذلك الوقت، فكانوا يطلقون على المسلم لفظ ( تركي). وانظر بقية كلامه، فإنه عال نفيس، ثم انظر الدوي الهائل الذي أحدثه فتح السلطان محمد الفاتح للقسطنطينية في كتاب شيخنا أبي فهر محمود محمد شاكر ( رسالة في الطريق إلى ثقافتنا)، واقرأ أيضاً ما كتبه المستشرق الروسي كراتشكوفسكي في كتابه ( تاريخ الأدب الجغرافي العربي) ص 451، عن أثر فتح السلطان سليم العثماني لمصر سنة 923هـ، وأن استانبول أخذت منذ ذلك الحين تجتذب إليها بشكل مطرد أنظار العرب الذين أخذت أوطانهم تدور في فلك الدولة العثمانية بطريق مباشر أو غير مباشر، وفي ذلك الوقت بالتحديد بحث البابا ليو العاشر الإيطالي مع فرنسوا الأول ملك فرنسا، في عام 1515م، مشروع حملة صليبية ضد الترك العثمانيين لوقف زحفهم وتوغلهم.
ثم اقرأ أيضاً ما قاله المؤرخ ابن العماد الحنبلي، في كتابه شذرات الذهب 8/143، في ترجمة السلطان سليم العثماني هذا، يقول : ( هو من بيت رفع الله على قواعده فسطاط السلطنة الإسلامية، ومن قوم أبرز الله تعالى لهم ما ادخره من الاستيلاء على المدائن الإيمانية، رفعوا عماد الإسلام وأعلوا مناره، وتواصوا باتباع السنة المطهرة، وعرفوا للشرع مقداره)- ويلاحظ أن ابن العماد قائل هذا الكلام توفي سنة 1089هـ، فهو قريب العهد بأحداث زمان دخول السلطان سليم مصر، وأنه ولد بدمشق وأقام بالقاهرة مدة طويلة، ومات بمكة، فلم يكن عثمانياً يميل بهواه إلى أبناء جلدته، ولم يدخل بلاد الروم – استانبول وما حولها – حتى يكون له فيها حظ من جاه، أو نصيب من نفع، يحملانه على الثناء والمدح- فاقرأ هذا كله وتدبره، ودع عنك ما يقال عن الغزو العثماني لمصر أو الاحتلال العثماني لمصر، فهذا كله من حديث السياسة، وللسياسة دروب ومضايق، يضيع فيها الحق، ويضل معها الحكيم، وهذه كلها من آفات المتابعة وعدم التحري، على ما قال الجاحظ: ( وإنما يؤتى الناس من ترك التثبت وقلة المحاسبة).
ولقد قال الناس وأكثروا عن أخذ السلطان سليم للصناع والمهرة من مصر، وسلب المخطوطات، ولقد - والله- رأيت هذه المخطوطات يعيني بالمكتبة السليمية الوطنية في ( أدرنة) بشمال تركيا، حيث مات ودفن السلطان سليم، فرأيتها محفوظة مصونة ، لم تمس بسوء.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
نشاط علمي وثقافي
ومهما يكن من أمر فقد واكب نشاط سلاطين آل عثمان في الجهاد والفتوح نشاط آخر في العلم والكتب، وآية ذلك أن كل سلطان أو صدر أعظم كان يحرص على أن يبني بجوار المسجد مدرسة ومكتبة تابعتين له وملحقتين به، ولما كان الناس على دين ملموكهم، فقد اقتدى بالسلاطين في ذلك الوزراء ومشايخ الإسلام، وعلى ذلك، فمجموعات المخطوطات في تركيا تنسب إلى ثلاث طوائف: السلاطين، مثل مكتبة السلطان سليم الأول – وهي المكتبة السليمية بأدرنه التي حدثتك عنها- ومكتبات السلطان محمد الفاتح، والسلطان بايزيد، والسلطان أحمد الثالث، والمكتبة السليمانية نسبة إلى السلطان سليمان القانوني – أو المشرع- وكلها باستانبول. والطائفة الثانية: الوزراء ، مثل: راغب باشا، وشهيد علي باشا، وكوبريلي باشا. والمكتبات الثلاث باستانبول، وكوبريلي باشا هذا، هو الوزير الفاضل أحمد بن محمد، وهو من كبار الرجال في الدولة العثمانية، يقول عنه المحبي في خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر 1/353: (ولم يكن في الوزراء من يحفظ أمر الدين وقانون الشريعة مثله، صعباً شديداً في أمور الشرع، سهلاً في أمور الدنيا، وكان حاذقاً مدبراً للملك، قائماً بضبطه، وملك من نفائس الكتب وعجائب الذخائر ما لايدخل الحصر، ولا يضبط بالإحصاء). قلت: وممن اتصل به من العلماء: العلامة عبد القادر بن عمر البغدادي، صاحب ( خزانة الأدب) فأكرمه وحظي عنده بمكانة رفيعة، وقد أهدى له البغدادي مؤلفه ( حاشية على شرح بانت سعاد). والطائفة الثالثة: مشايخ الإسلام، مثل أسعد أفندي، وعاشر أفندي، وولي الدين أفندي، وعاطف أفندي، وفيض الله أفندي، وعلي أميري أفندي، ووهبي أفندي، وشيخ مراد أفندي – ومكتبته غير مكتبة مراد ملا - وكل هذه المكتبات باستانبول، وإسماعيل صائب أفندي ومكتبته بأنقرة. ومع هذه الطوائف الثلاث ظهرت طائفة النساء اللائي عنين بجمع المخطوطات، فأنشأن لها مكتبات نسبت إليهن، مثل مكتبة طرخان، وصالحة خاتون، وأسما خان، وجلنوش، وبرتونيال، وكثير من المكتبات التي تسمى ( والدة باشا ) ثم يضاف إلى ابنها السلطان.
حفظ العلم
ولعل هذا التنافس في جمع المخطوطات وإنشاء المكتبات بهذا الحشد الكبير في استانبول كان مبعثه رغبة سلاطين آل عثمان والوزراء ومشايخ الإسلام والوجهاء، أن يكون لاستانبول تلك المكانة التي كانت لدمشق عاصمة الأموميين، وبغداد عاصمة العباسيين، ومصر عاصمة الفاطميين والأيوبيين والمماليك. هكذا يقول بعض الدارسين والمحللين، أما أنا فإني أرى أن هذا كله من تسخير الله بعض عباده لحفظ العلم وبقاء الكتب، ولعل كثيراً من الذين جمعوا المخطوطات وأنشأوا لها الخزائن والمكتبات لم يخطر ببالهم عاصمة كذا، وهل نظن أن أمرأة تركية من الفضليات اللائي جمعن المخطوطات وأنشأن المكتبات كانت تفكر في مثل هذ الذي يذكره المحللون؟ إنها عناية الله وتسخير الله، وكل ميسر لما خلق له، ألست ترى بعض الكتاب الآن يكتبون في موضوعات غاية في الخصوصية، ويعكفون على تحقيقات وبحوث، لا تحقق شهرة ، ولا تجلب مالاً، ولكنه التسخير الإلهي، ولله في خلقه شؤون.
على أن اللافت للنظر حقاً أن المخطوطات العربية ليست توجد في استانبول وحدها – العاصمة القديمة لتركيا – كما هو الشأن في المخطوطات التي تقتنيها الدول، أن تكون في عواصمها فقط، فإنك واجد مخطوطات كثيرة في غير استانبول، من أنحاء تركيا كلها شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، وقد أورد الأستاذ أحمد آتش في مقالة له بمجلة معهد المخطوطات العربية ( المجلد الرابع – الجزء الأول) بعنوان: ( المخطوطات العربية في مكتبات الأناضول) أورد إحصائية عن المكتبات الكائنة خارج استانبول، قال بعد أن أشار إلى المؤسسات العلمية في أنحاء تركيا: ( ولما اضطرت الدولة العثمانية بعد القرن السابع عشر الميلادي إلى مدافعة قسم كبير من العالم الإسلامي ضد عدوان أوروبا، طرأ على هذه المؤسسات العلمية نوع من الإهمال، ومع ذلك فإنه قد بذل بعد منتصف القرن الماضي على عهد السلطان عبد الحميد ( 1876-1909) مجهود عظيم لإحياء هذه المؤسسات العلمية، وحسب إحصاء سنة (1311-1312) المطبوع في استانبول من قبل وزارة المعارف، في سنة 1318، فقد ثبت أنه كان موجوداً في المملكة العثمانية ما عدا استانبول 272 مكتبة ، تحتوي على 76.773 نسخة مخطوطة)، ثم ذكر أسماء هذه المكتبات ومكانها من بلدان تركيا، وعدد المخطوطات بها، ثم ذكر أنه يوجد الآن في الأناضول وضواحيها 59 مكتبة، أوردها بأسمائها وبلدانها وعدد المخطوطات بها.
وقد زرت أنا من هذه المدن ورأيت مخطوطاتها : أدرنه – بورسة – أسكي شهر – كوتاهية- أماسية – قيسارية – سمسون – قونية، وهي بلد الصوفي الكبير جلال الدين الرومي، صاحب (المثنوي) وبها قبره، وبها أيضاً قبرصدر الدين القونوي الفقيه الشافعي الصوفي.
وعلى ذلك فَقَلّ أن تجد مدينة من بلاد تركيا المتراحبة الواسعة ليس بها مكتبة مخطوطات، وهذا فرق ما بين تركيا وبين سائر الدول التي تضم مخطوطات في عواصمها فقط، أو مدنها الشهيرة، كما ذكرت من قبل . وتستطيع أن تقول باطمئنان إن تركيا تعد أول دولة، من حيث تجميع المخطوطات وعددها، ولئن كان كثير من المشتغلين بعلم المخطوطات يقدرون عدد المخطوطات في مكتبات العالم بنحو ثلاثة ملايين مخطوط، فإني أرجح أن ما تضمه تركيا يبلغ نحو ثلث هذا العدد.
ومن بين مدن تركيا على امتدادها واتساعها تنفرد مدينة استانبول بثلثي التراث المخطوط في تركيا، فهي بحق مدينة المآذن والمخطوطات، وقد حدثتك من قبل عن مكتباتها المنسوبة، مثل طوبقبوسراي، ونور عثمانية ، ومراد ملا، والبلدية، وجامعة استانبول، وملت كتبخانه، وسليم أغا بأسكودار، في البر الأسيوي من استانبول، ويوصل إليها بالباخرة من أمينون في قلب استانبول، أمام مسجد ( يني جامع ) ، إلى مكتبات أخرى ضمت إلى المكتبة السليمانية، وتعد هذه المكتبة أضخم مكتبات استانبول، وقد أمر بإنشائها السلطان سليمان القانوني – أو المشرع – ابن السلطان سليم الأول فاتح مصر، وقد قام بتصميمها وبنائها ( معمار سنان ) وهو ذلك المعماري الشهير الذي بنى عشرات المساجد والتكايا والحمامات، وقد انتهى من بناء المكتبة سنة 964هـ-1557م، وتقع هذه المكتبة العريقة بالقرب من مسجد السليمانية، وتتوسط المكتبة حديقة صغيرة مزدانة بالورد والزنابق، وتظلها شجرة صنوبر ضخمة تغطي الحديقة كلها بأغصانها المتناسقة.
وفي جانب من المكتبة – وفي القسم الثاني منها – كتبت لوحة تقول : ( أنشأ هذه المكتبة المعمار سنان بين 1549-1557 ميلادي، بأمر السلطان سليمان القانوني ابن السطان سليم الأول، يوجد اليوم في مكتبتنا 101 خزانة كتب. أما المخطوطات المخطوطات في مكتبتنا فهي 63947 مجلداً، والمطبوع 38500 مجلداً فقط، منها المخطوطات التركية 11451 مجلداً- المخطوطات العربية 48854 مجلداً- المخطوطات الفارسية 3641 مجلداً، وبلغ مجموع عدد المخطوطات الموجودة في المكتبة أكثر من 100.000 كتاب ورسالة) .
وتضم المكتبة أقسام التصوير والفهرسة، وتعقيم المخطوطات وترميمها وتجليدها، ثم تسجيلها على الكمبيوتر. ويشيع في هذه المكتبة جو من السكينة والجلال لم أحسهما في مكتبة من مكتبات المخطوطات شرقاً وغرباً. أما الخدمة المكتبية في هذه المكتبة فشيء معجب حقاً، تطلب المخطوط فتأتيك به الموظفة تحمله بين يديها في حنو وحدب وإشفاق، وكأنه وليد طال انتظاره، على ما قال ساعدة بن جَؤيَّة الهذلي: أتاها على هون وقد شاب رأسها وحين تصدى للهوان عشيرها
ثم تظل عيناها معلقة بك وبه، فإذا رأت منك جفاء مع المخطوط، كاتكاء بيدك عليه، أو بلِّ إصبعك لتقليب صفحة من صفحاته، أو اتخاذه سناداً لما تكتب ردَّتك عن ذلك رداً جميلاً، ولهذا ترى كثيراً من المخطوطات محتفظة بروائها وجمالها، وكأنها خرجت من يد النساخ للتو واللحظة. وتوشك هذه المكتبة السليمانبة أن تكون المكتبة المركزية العامة للمخطوطات، فإن وزارة الثقافة التركية تعمل على نقل المخطوطات إليها من الأقاليم البعيدة لتكون قريبة من الباحثين. وإذا كانت تركيا تملك أكبر قدر من المخطوطات في العالم، فإنها كذلك تحتفظ بأكبر قدر من النفائس والنوادر، وللنفاسة والندرة في عالم المخطوطات معايير كثيرة، من أبرزها وأظهرها: قدم المخطوط، ونجد في مخطوطات تركيا كتباً ذوات عدد يرجع تاريخ نسخها إلى القرون المتقدمة: كالثالث والرابع والخامس والسادس، فضلاً عن المخطوطات التي كتبت بأقلام مؤلفيها أو تلاميذهم، والمخطوطات الفريدة التي لا تُعرف لها نسخ أخرى في مكتبات العالم، كل ذلك وأشباهه مما تغص به مكتبات تركيا، فمن نماذج القدم والعتاقة هذه المخطوطات:
المأثور عن أبي العميثل الأعرابي، في اللغة، المتوفى سنة 240، نسخ سنة 280، بخط نسخ مشكول بالحركات شكلاً جيداً، وهذا يفيد في معرفة تاريخ الشكل بالحركات، كيف كان في ذلك الزمان المتقدم. والنسخة بمكتبة ولي الدين باستونبول – دستور ثابت بن قرة المتوفى سنة 288- وهو كتاب في آلات الساعات – نسخ سنة 370، مكتبة كوبريلي باستونبول – رسالة مدح الكتب والحث على جمعها للجاحظ المتوفى سنة 255، بخط علي ابن البواب الخطاط الشهير، سنة 413، متحف الأوقاف باستونبول – تحديد نهايات الأماكن لتصحيح مسافات المساكن، للبيروني المتوفى سنة 440، نسخ سنة 416، ( أي في حياة المؤلف) مكتبة الفاتح باستونبول – شرح كتاب أرسطوطاليس للفارابي المتوفى سنة 339، نسخ سنة 538- مكتبة أحمد الثالث باستونبول.
وليست النفائس والنوادر في مكتبات استانبول وحدها، بل هي في سائر المكتبات التركية ، ومما رأيته بعيني من تلك النفائس : نسخة من ( جامع معمر بن راشد) المتوفى سنة 153، وكتابه هذا في الحديث، وهو أقدم من( موطأ مالك) كما يقول ابن سمرة في طبقات فقهاء اليمن ص 66، والنسخة بخط مغربي على رق غزال سنة 364، وقد رأيتها في مجموعة إسماعيل صائب أفندي بمكتبة كلية الآداب بجامعة أنقرة، ومجموعة إسماعيل صائب هذه تحتوي على كثير من النفائس، لأن جامعها هذا كان يعمل مديراً لمكتبة بايزيد باستونبول، وقد جمع هذه المكتبة لنفسه خاصة لتحمل اسمه، وقد ظلت هذه المجموعة حبيسة الصناديق نحو عشرين عاماً، ولهذا لم تتضمنها موسوعة ( تاريخ الأدب العربي) للمستشرق الألماني كارك بروكلمان ، ومن نفائسها أيضاً كتاب ( حلية الفقهاء) لابن فارس المتوفى سنة 395، الوحيدة في العالم إلى الآن. وعنها كانت نشرة الدكتور عبدالله بن عبد المحسن التركي وزير الدعوة والشؤون الإسلامية بالممكلة العربية السعودية.
ومن النفائس التي رأيتها بمكتبة قونية: نسخة من ( المقصور والممدود) لابن ولاّد المتوفى سنة 332، ونسخة من ( المذكر والمؤنث) لأبي حاتم السجستاني المتوفى سنة 255، وكلتا النسختين من خطوط القرن الرابع . ثم رأيت في قونية أيضاً نسخة من ( غريب القرآن) لابن قتيبة المتوفى سنة 276، من خطوط القرن السادس ولم ير أستاذنا السيد أحمد صقر رحمه الله، هذه النسخة عند نشر للكتاب سنة 1778هـ=1958، وإنما كان تعويله على نسخة وحيدة كانت صورتها في مكتبة المحدث الجليل الشيخ أحمد محمد شاكر. ومما رأيت من النفائس مجموعة شعرية كتبت بخط نسخي جيد من خطوط القرن السابع تقديراً، تشتمل على أشعار بشر بن أبي خازم، وتميم بن أُبَيّ بن مقبل، والطرمّاح بن حكيم . وهذه المجموعة الشعرية محفوظة في مدينة صغيرة تسمى (جوروم) تقع في هضاب الأناضول في الوسط، إلى الشمال الشرقي من أنقرة العاصمة، وعن هذه المجموعة نشر الدكتور عزة حسن دواوين الشعراء الثلاثة بدمشق.
أما نسخ المصاحف القرآنية، والمخطوطات الخزائنية – وهي التي جودت وزينت لخزائن السلاطين والملوك، والمخطوطات المزوَّقة، فشيء بالغ الكثرة. وهكذا امتلأت خزائن تركيا بالمخطوطات العربية التي تنافس في جمعها السلاطين والوزراء ومشايخ الإسلام، ووجهاء الناس حتى النساء، جمعوها من البلاد التي طالها حكمهم ثم حفظوها وصانوها، كما يصون كرام الأبناء ودائع الآباء، وهذا الحفظ وتلك الصيانة قامت بهما تركيا العثمانية (الخلافة) وتركيا العلمانية (الجمهورية) سواء بسواء.
وليس فضل الأتراك العثمانيين على اللسان العربي، وعلى الفكر العربي محصوراً فقط في هذا القدر الكبير من المخطوطات العربية التي جمعوها وحفظوها، بل قد جاءنا منهم خير كثير : جاءنا منهم أعظم وأجمع ما كتب في علم أحوال الكتب، أو قوائم الكتب (الببليوغرافيا العربية)، وهو كتاب كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، لمصطفى بن عبدالله، كاتب جلبي، المعروف بالحاج خليفة، أو: حاجي خليفة، المولود باستانبول سنة 1017هـ= 1609م، والمتوفى بها سنة 1067هـ=1657م، وهذ الكتاب ( من أوسع ما بأيدي الباحثين اليوم من الكتب المؤلفة في استقصاء ذكر المؤلفات في الإسلام، وأنفعها في بيان أحوال الكتب، كما يقول بلديه العلامة الشيخ محمد زاهد الكوثري، وكيل المشيخة الإسلامية في دار الخلافة العثمانية، والمتوفى بمصر سنة 1371هـ - في كتابه مقالات الكوثري ص 478. ولهذا الكتاب – كشف الظنون – قيمة كبرى في رصد حركة التأليف العربي، وتتبع مساره منذ بداية التدوين حتى القرن الحادي عشر الهجري. ومادته العلمية غزيرة جداً، فقد ذكر نحو (200) علم وفن، ونحو ( 15000) عنوان كتاب، ونحو (9500) مؤلف.
وجاءنا من تركيا العثمانية أيضاً ( الخط العربي)، هذا الفن الجميل الذي يعد معلماً بارزاًَ من معالم الإبداع الفني عند المسلمين، وخاصية حضارية ينفردون بها عن سائر الشعوب. وإذا كان تاريخنا يذكر أسماء عظيمة كان لها أثر واضح في تزيين الخط العربي والإبداع فيه، مثل ابن مقلة الوزير الشاعر البغدادي ( 328هـ)، وابن البواب البغدادي (423هـ) وقد هذّب طريقة ابن مقلة، وكساها رونقاً وبهاء، ويقال : إنه كتب القرآن بيده 64 مرة، ومن حسن حظنا أن يبقى من خطه أثر، وهو ( شعر سلامة بن جندل) في مخطوطة كتبها بقلمه الجميل سنة (408)، وهي محفوظة بمكتبة بغداد كشك باستانبول. وكذلك بقي من خطه رسالة ( مدح الكتب والحث على جمعها ) للجاحظ، وقد ذكرتها من قبل. وياقوت المستعصمي الرومي (689هـ) وآثار هذا الخطاط كثيرة، في تركيا وفي غيرها، وبخاصة المصاحف الشريفة. وفي مكتبة السليمانية وحدها نسختان من المصحف الشريف بخطه.
أقول: إذا كان تاريخنا قد سجل هذه الأسماء التي أبدعت وجوَّدت في الخط العربي، فإن الخطاطين الأتراك العثمانين قد ارتقوا بهذا الفن إلى أعلى درجاته، وتألقت أقلامهم وأبدعت تشكيلات هي الغابة والمنتهى، وسيظل تاريخ الخط العربي يردد أسماء الخطاطين الأتراك العثمانيين، مثل الحافظ عثمان، وأسعد اليساري، وقاضي العسكر مصطفى عزت، والحاج حسن رضا، وحقي، وسامي، وخلوصي، وعثمان أوزجاي، ومحمد أوزجاي، وقنوي، وحمد الله المعروف بابن الشيخ، وأحمد كامل المعروف برئيس الخطاطين، ثم العلم الكبير: حامد الآمدي. وقلَّ أن تجد واحداً من هؤلاء لم يكتب المصحف الشريف، فكان كلام ربنا عزَّ وجلّ مجلى فن هؤلاء الخطاطين الذين أجادوا في كتابته غاية الإجادة، ما بين كتابته كاملاً، أو كتابة بعض آياته، حتى قيل بحق: ( إن القرآن الكريم نزل بمكة، وقرىء في مصر، وكتب في استانبول).
وهذا الإبداع في فن الخط العربي ليس في المسطور بين دفتي كتاب فقط، فأنت تراه أيضاً يزين جدران وقباب المساجد كلها صغارها وكبارها، بأقلام الخط الستة المعروفة، وإن كان أكثر ما رأيته في المساجد: الثلث والفارسي، ومن المألوف في أكثر المساجد أن تجد مكتوباً: الله جل جلاله- محمد - الصحابة الأربعة الراشدين، ثم الحسن والحسين، وأحياناً الصحابة الستة الذين تتم بهم العشرة المبشرون بالجنة.
ومن أنفس وأبدع المجموعات الخطية ما رأيته في مسجد السليمانية باستانبول، والمسجد الكبير بمدينة بورسة، وهو المسمى (أولوجامع)، فالخطوط في هذين المسجدين من وراء الوصف، فهي من الأشياء التي تحيط بها المعرفة ولا تدركها الصفة. ولست أدري كيف كتب ذلك الخطاط التركي العظيم تلك القافات الثلث في مدخل جامع بورسة، فقد كتب بها سورة العلق: ( قافات كبيرة جداً على شكل دائرة ثم وصل بينها ببقية الآيات بالحرف الصغير، وكذلك صنع بالسينات التي تتنهي بها سورة الناس). لفظ الجلالة: على أن أبدع وأجمل ما رأيته في كتابة لفظ الجلالة (الله) و( محمد صلى الله عليه وسلم ) ، ما رأيته في صدر كنيسة آيا صوفيا التي حولها السلطان محمد الفاتح إلى مسجد، وقد تحوَّل هذا المسجد الآن إلى متحف، وقد راعني ما رأيت: قباب عالية تملؤها خطوط تخطف البصر بجمالها، وعلى جانبي الكنيسة آثار إسلامية، مستحدثة على هذا البناء الكنسي العتيق، وفي مكان الهيكل وبعيداً عنه شيئاً ما أقيم المحراب، وعلى يمينه نهض منبر فخم، ومن وراء المحراب بقيت صورة السيدة مريم عليها السلام في صدر الهيكل. ومما يلفت النظر في هذه الكنيسة أن الآثار المسيحية لم تمح فبقيت كما هي، ثم استحدثت أبنية كبعض الإيوانات ومصلى النساء.
ومما ينبغي التنبه له والتنبيه عليه أن عناية الأتراك بالخط العربي وتحسينه لازالت باقية إلى الآن في تركيا ( الجمهورية)، ومن الخطاطين الأتراك المعاصرين: داود بكتاش، وإيدين أركون، وعثمان أونال، وأفضل الدين فيلج، وعلي طوى، وتحسين قورت، وآي تكين أرسلان، ثم يتقدم هؤلاء كبيرهم الأستاذ حسن جلبي خطاط الجمهورية . فما برح النهر يجري متدفقاًُ زخاراً.
ورغم أن لمصر تاريخاً في فن الخط العربي، فإن أثر الخطاطين الأتراك كان واضحاً على هذا الفن في مصر، وحين أنشأ الملك فؤاد مدرسة تحسين الخطوط الملكية عام 1920م – ومقرها كان لا يزال بمدرسة خليل آغا الثانوية بشارع الجيش – قام بالتدريس فيها الخطاطون المصريون المعروفون آنذاك : الشيخ علي بدوي، والشيخ محمود رضوان، ومحمد إبراهيم، ونجيب هواويني، وهو سوري عاش ومات في القاهرة، ثم استقدم الملك فؤاد خطاطاً تركيّاً كبيراً من استانبول هو ( الشيخ محمد عبد العزيز الرفاعي) الذي يوقع أحياناً على خطوطه باسم (عزيز)، وهو من تلاميذ الخطاط الحاج أحمد العارف الفلبوي، والخطاط حسن حسني القرين آبادي، كما ذكر هو في بعض لوحاته. وقد أثر الشيخ عبد العزيز تأثيراً كبيراً في تلاميذه الذين درسوا على يديه وارتقى به فن الخط في مصر ارتقاءً عظيماً، وظهر أثره واضحاً في سيد إبراهيم، وبخاصة في خط الثلث، وفي محمد حسني، وبخاصة في الخط الفارسي.
وقد جمعت روائع الشيخ عبد العزيز الرفاعي في كتالوج فخم جداً، وفيه ترجمة لحياته وأسفاره، وطبع هذا الكتالوج في استانبول سنة 1988، وفيه صورة رسالة بخط الشيخ عبد العزيز الرفاعي إلى شيخ الأزهر، وهي وثيقة مفيدة، في تاريخ نزوله بمصر ومحل إقامته.
وهذه صورة الويثقة: ( حضرة صاحب الفضيلة شيخ الجامع الأزهر الشريف. أعرض لفضيلتكم أني دعيت من الآستانة العلية لكتابة المصحف الشريف لحضرة مولانا صاحب الجلالة الملك فؤاد الأول، وقد كتبت نموذجاً لطلبة المدارس والأزهر، وهاهو مرفق طيّه للاطلاع عليه حتى إذا حاز القبول يكرم باعتماد تقريره بالأزهر، وإني مستعد لتقديم الكمية اللازمة، وفي الختام تفضلوا بقبول فائق الاحترام – في 23 أكتوبر 1923 الشيخ محمد عبد العزيز الرفاعي الخطاط المقيم المولوية بشارع السيوفية نمرة 31 قسم الخليفة). توفي الشيخ عبد العزيز ودفن في استانبول يوم 16 من أغسطس سنة 1934م وقبره قريب من مسجد الفاتح، وهو أكبر خطاط في هذا الجيل، وترى نماذج من خطه في عنوانات بعض الكتب التي طبعتها دار الكتب المصرية: الأغاني للأصفهاني، وذيل الأمالي والنوادر لأبي علي القالي، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي، ونهاية الأرب للنويري. ورأيت في الستينات بعض لوحات بخطه في قاعة المعارض بدار الكتب المصرية، لا أعرف مصيرها الآن.
وإلى جانب هذا الكتالوج الخاص بالشيخ عبد العزيز الرفاعي، رأينا عملاً رائعاً آخر أصدره مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية، التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وهو كتاب ( فن الخط) وهو ثمرة جهود طويلة قام بها فريق من الباحثين تحت إشراف الدكتور أكمل الدين إحسان أوغلي مدير عام المركز، ويضم الكتاب مقدمة تاريخية حول نشأة الكتابة العربية وأعلام الخطاطين القدامى، إلى أن يصل إلى الخطاطين العثمانيين، ويحتوي الكتاب على 192 لوحة وصورة بالألوان.
ويقوم هذا المركز بجهود عظيمة في مجال التاريخ والفنون الإسلامية، ومن صور نشاطه إقامة مسابقات دولية لفن الخط العربي توجه منها الدعوة لخطاطي العالم كله. ومن إصداراته الجيدة ( فهرس مخطوطات مكتبة كوبريلي) في ثلاثة مجلدات ضخام – استانبول 1406هـ =1986م، وفهرس مخطوطات الطب الإسلامي باللغات العربية والتركية والفارسية في مكتبات تركيا، 1404هـ= 1984م، ويدير هذا المركز ويوجه نشاطه شاب مثقف، ويتوقد ذكاء، ويتوهج حماسة، هو الأستاذ الدكتور ( أكمل الدين إحسان أوغلي) وهو تركي، ولكنه مصري المولد والنشأة والتعليم، تخرج في كلية العلوم وعين معيداً بجامعة الأزهر في أول سني التطوير، ثم أكمل تعليمه العالي في لندن، وعاد إلى موطنه تركيا. ووالده الشيخ (إحسان) من علماء الأتراك الذين نزلوا مصر، واتخذوها داراً ومقاماً، وكان رئيس قسم الفهارس الشرقية بدار الكتب المصرية إلى أوائل الستينات. رأيته شيخاً مهيب الطلعة، حسن السمت، صالح الوجه.
ولا يبقى إلا أن نلتفت التفاتة جادة إلى تجربة الأتراك في حفظ المخوطات وصيانتها، وأن ننقلها إلى ديارنا، فالحكمة ضالة المؤمن يأخذها أنى وجدها. وكذلك ينبغي أن نستفيد من جهودهم في فن الخط العربي، جمعاً لروائعه ونشراً لها، وإني أدعو ورثة الخطاطين المصريين الكبار، من أمثال سيد إبراهيم ومحمد حسني ومحمد إبراهيم ويوسف أحمد، والخطاطين الأحياء أمثال محمد عبد القادر وحسين أمين، ومن إليهما، أدعو هؤلاء جمعياً إلى جمع ما لديهم من خطوط، ونشرها بين دفتي كتاب يحفظها، وأثراً يبقى نموذجاً يحتذى، بل إننا لو جمعنا فقط عنوانات الكتب التي خطها سيد إبراهيم ومحمد حسني لأظهرنا كنزاً من الفن العالي، ولأحيينا تاريخاً عزيزاً كاد يضيع بتأثير الكمبيوتر وتشكيلاته المستحدثة التي لا تقوم على قواعد، ولا تستند إلى أصول، كما ذكر الأستاذ حامد العويضي في مقالته الجيدة ( جماليات الخط العربي أمام مخاطر الكمبيوتر) – عدد أكتوبر الماضي من الهلال.
والحق أن هذا الذي نراه من الكمبيوتر الآن من تخليط واضطراب إنما سبقه ومهد له، وأغرى به ما قام به بعض الرسامين وخريجي الفنون الجميلة منذ زمن، من اللعب بقواعد الخط العربي وتجاوزها، في هذه الخطوط الصاعدة والهابطة، والمنتصبة والمضطجعة، وقد قالوا وقتها: إنه الخط الحر، على مثال الشعر الحر، وكلها فتن ومصائب يأخذ بعضها برقاب بعض، ولا ننتبه لها في بدايتها ونتركها حتى تعظم ويتطاير شررها، على ما قال الحارث بن وَعْلة الذهلي: والقول تحقِرُه وقد يَنمي وبالله نستدفع البلايا
قد نشر هذا المقال في مجلة الهلال، ديسمبر 1994م، وانظر مقالات الدكتور محمود محمد الطناحي القسم الأول ص 321 ، من منشورات دار البشائر الإسلامية.