الفوائد الجمة في منتخبات مرشد الأمة
الفوائد الجمة في منتخبات مرشد الأمة هو كتاب من تأليف الصحفي والمناضل التونسي سليمان الجادوي، من الحجم الكبير يحوي 784 صفحة ، نادر، لم يعد في متناول القراء إذ لم تطبع منه منذ سنة 1925 إلا طبعة واحدة على نفقة المؤلف. جمع فيه أهم المقالات التي كتبها في جريدتي "المرشد" و "مرشد الأمة" وبعض المقالات لمفكرين سياسيين وصحافيين في تلك الفترة. وقد ضم هذا الكتاب 190 مقالا بقلمه. يقول علي بالحاج يحيى في تقييمه الكتاب " يعتبر اليوم مرجعا تاريخيا نادرا في الحركة الوطنية التونسية على المستويين السياسي والاجتماعي والصحفي الثقافي[2]" لأنه وثق من خلال مقالاته كل الأحداث السياسية والاجتماعية والاقتصادية في تونس ونفس الأمر ينطبق على القطر الجزائري من خلال الرحلة التي قام بها سنة 1907. ولقد اخترنا نصوصا تصور هذه الرحلة وتعكس الوضع الذي كان تعيشه الجزائر تحت الاستعمار الفرنسي. فما هي الصورة التي نقلها الجادوي؟ وما هو موقفه منها؟[1]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
صورة الجزائر من خلال كتاب "مرشد الأمة"
زار الجادوي الجزائر سنة 1905 في الزمن الذي كانت فيه تحت وطأة الاستعمار الفرنسي وما أحدثه هذا الاستعمار من تغيرات على مستوى المجتمع والسياسة والاقتصاد ومن ثمة فإن هذه النصوص كانت تقوم على المقارنة بين وضع الجزائر قديما وحديثا.
وقد رأى الجادوي أن الجزائر قد عرفت ازدهارا على جميع المستويات فقد "كان أهلها الأصليون في دعة وهناء، وسعة و ثراء، وبسطة وعناء، ونعمة ورخاء، جوامع عامرة، وسماء ممطرة، وأرض عاشبة، وأحياء متقابلة، وأمصار متقاربة، وخيول صاهلة، وسيوف لامعة." [3]
وفي استحضار الجادوي الماضي المجيد الذي يميز تاريخ الجزائر إحالة على الفترة الزيانية التي عرفت فيها البلاد توسعا جغرافيا وازدهارا اقتصاديا وإشعاعا معرفيا، يقول محمد الطمار في كتابه تاريخ الأدب الجزائري " فإن تلمسان أصبحت في عهد بني زيان حاضرة من أعظم حواضر العلم و السياسة بالعالم الإسلامي و نبغ فيها عدد كبير من الأدباء و الشعراء الذين استقلوا بملكة التعليم العربي، و الفنون عرفت كذلك تقدما كبيرا ووصلت إلى الذروة و من دلائل تقدمها أيام "أبي حمو" صناعة الساعة المشهورة بالمنجانة".[2] وفترة الدايات التي مكنت من دخول عديد الصنائع المشرقية والتركية وساهمت في تشييد القصور وبناء الجوامع.[3]
رغم إجماع الباحثين على سياسة التهميش التي سلكتها الدولة العثمانية تجاه الجزائر والمغرب العربي عموما وتركيزها المطلق على المشرق الذي تعتبره القلب النابض للسلطنة آنذاك فإن الفترة الأولى من حكم العثمانيين في الجزائر قد تميزت بشيوع العمران وتطور الزراعة نتيجة الظروف الملائمة والمتمثلة في أرباح الجهاد البحري التي مكنت الأتراك من حيازة الأراضي خارج مدينة الجزائر والانتقال إليها واستغلالها وهو ما ساهم في إعمار المناطق النائية .
كما ساهم نشاط المهاجرين الأندلسيين في ازدهار فحص الجزائر حيث قاموا باستصلاح الأراضي وغرس الأشجار المثمرة بعد أن قاموا بمد شبكات الماء وقنوات الري [6]. لكن هذه الصورة المشعة بهتت فقد تغير الوضع بعد دخول فرنسا الجزائر سنة 1830 حيث عمل الاستعمار على تدمير البلاد على جميع الأصعدة ونصوص الجادوي تصور الوضع الذي آلت إليه الجزائر بعد سبعة وسبعين سنة من الاحتلال الفرنسي فتحدث عن القطاعات التي عانت بسبب سياسة الاستعمار ونقد المستعمر وسياسة الاستعمار و ردود أفعال السياسيين المحليين والموالين لفرنسا.
التعليم
رغم إهمال العثمانيين لقطاع التعليم في الجزائر فإن هذا القطاع ظل ناشطا بفضل المؤسسات التعليمية التقليدية التي كانت تعمل على ترسيخ اللغة العربية والعلوم القرآنية وقد كان تطور المدن الجزائرية لا بعدد سكانها فقط ولكن أيضا بعدد مؤسساتها التعليمية ومدارسها ومساجدها التي كانت تهتم بالتعليم وذلك مثل تلمسان و قسنطينة وبجاية ومازونة ووهران والجزائر وعنابة وبسكرة وفي كل مدينة من هذه المدن الأخيرة ظهرت عائلات اهتمت بنشر العلم والحفاظ علي مؤسساته التقليدية المعروفة : المسجد والزاوية والكتاتيب القرآنية التي كانت غالبا فروعا للمساجد والزوايا.[4]
لكن الأمر ساء بعد دخول الفرنسيين الأراضي الجزائرية فقد عمل الاستعمار على نشر الجهل والأمية وسعى إلى محو اللغة العربي التي تعد لغة الحضارة الإسلامية التي ساهمت فيها الجزائر طيلة خمسة عشر قرنا بقسط وافر محاولة منها لضرب الهوية العربية الإسلامية والهوية الجزائرية ، خاصة أن اللغة العربية كانت قريبة إلى اللسان العامي المستعمل في العديد من الجهات الجزائرية سواء منه ما يعرف باللهجات الجزائرية سواء منه ما يعرف باللهجات العربية العامية أو اللهجات البربرية التي تعايشت معها وتفاعلت.[8]
وقد تمكن الفرنسيون من غلق المدارس وإبدال التعليم العربي بالتعليم الفرنسي خاصة بعد ضم الأوقاف إلى أملاك الدولة لتفقد المؤسسات الدينية والتعليمية السند المالي لأن الأوقاف كانت تمثل المصدر الوحيد لتمويلها. ومصدر هذا القرار وعي بقيمة العلم فقد اعتبر المستوطنون أن خطورة الجزائري سياسيا ووطنيا تقاس بدرجة تعليمه وتثقيفه لذلك منعوا تعليم اللغة العربية باعتبارها لغة أجنبية ولم يسمحوا لأي شخص أن يمارس تعليمها أو يتولى إدارة مدرسة للعربية أو كتاب لتحفيظ القرآن الكريم إلا بترخيص خاص لا يمنح إلا في حالات استثنائية كما نص على ذلك قانون أكتوبر1894[9] .
نتج عن منع التعليم في بداية القرن العشرين في القطر الجزائري انتشار الجهل والأمية وقد عبر الجادوي عن هذا الوضع بقوله "أما معاهدة العلم فلا يكاد يوجد لها أثر في تلك الربوع الآهلة إلا ما هو خاص بالدخلاء وسواء ذلك شرقها وغربها وجنوبها وشمالها" [10] . وقد حمل الجادوي الجزائريين واقع الجهل الذي يعيشونه خاصة أنهم يملكون من الفطنة والكياسة والقدرة ما يؤهلهم لدرء الأمية والرقي بالمجتمع الجزائري. و كان حادا في نقده الوضع التعليمي وحالة الجمود التي عرفها المجتمع كمحاولة منه لاستنهاض الهمم التي كبلها الاستعمار. يقول: "فأي عار أغزر وشنار أكثر من ركوسهم لشوكة الاستكانة وصبرهم على الضيم الطويل وفي مقدرتهم إماطة غشاوة الجهل عن أبصارهم ورفع براقع الخمول عن أعينهم ودفع طارق الوبال والزوال إما بمطالبة ولاة أمورهم بتشييد المدارس لتعليم أبنائهم وإما باستبعاض كيسهم في جدوى ذلك وإما بمعاضدة الطرفين كما هو المتعارف عند تكوين المشاريع المفيدة لدى الشعوب الناشدة أسباب السعادة و الرقي. خاصة أن "طبيعة طقسهم تقضي على أذهانهم بالفطنة المفرطة والفراسة المبهتة والنباهة العجيبة وكم فيهم من ألمعي عزيز النظير. وكم بينهم من لوذعي كبير. ناهيك بمنثورات علمائهم رقة. ومنظومات أدبائهم كياسة" .
إن تخصيص الجادوي أغلب نصوص رحلته للحديث عن التعليم وضرورة الإشراف عليه يعكس قيمة التعليم و وعي المؤلف بدوره الفعال في الوصول إلى مراتب متقدمة في العلوم والأخذ بأسباب الحضارة والتطور، لذا نجده يحث الجزائريين على التعلم ويدعوهم إلى تشييد المدارس وإحيائها لأن في إحياء المدارس إحياء للشعوب و رقي للمجتمع ومحافظة على اللغة العربية التي اكتسحتها اللغة الفرنسية. يقول :
"وأنه من العار على الحكومة الجزائرية أن تصغي لوساوس أعداء العلم وانتشاره وأن لا تعين أهل الولاية على نشر التعليم الابتدائي الحر. فتقف في سبيلهم بحاجز المنع والإلغاء حتى أصبحت الجزائر الآهلة بنحو خمس ملايين وطنيين وليس بها مدرسة حرة من الحد إلى الحد وراية الجمهورية تقابلك فوق كل واجهة . وهي راية التمدن والعلم كما يقولون حتى كادت اللغة العربية أن تكون غريبة في ذلك الفضاء المتسع العامر وصاحب التاريخ العظيم[11].
انتشار الإسلام الطرقي
ساعد انتشار الجهل والقضاء على التعليم انتشار الطرقية والإسلام الشعبي فتحولت الزوايا التي كانت تضطلع بدور تعليمي و سياسي يتمثل في المقاومة وقيادة المظاهرات إلى زوايا تنشر الشعوذة والجهل ومنابر تدعو إلى التخاذل والكسل وأصبحت الطبقة العالمة شبيهة بعلماء الديانات في الأمم القديمة أو في النصرانية تعيش من جهل الشعب وتستثمره لتكسب قوتها على مرأى ومسمع أعيان البلاد .
وقد حذر الجادوي من خطورة هذا الوضع ونتائجه السلبية على المجتمع الجزائري خاصة أن هؤلاء الدجالين يقودون الرأي العام ويروجون لمقولات تزهد المسلم في الدنيا وتصور له أهوال يوم القيامة . ومن ثمة فهي تقتل بداخله الخلق وتبعث في نفسه التواكل و تبعده عن التفكير والعمل حتى يتمكن من الخروج من حالة الجمود الفكري التي يعانيها والسعي للحاق بركب الحضارة الغربية والوعي بحالة التخلف التي يعيشها. يقول الجادوي "فويل ثم ويل من المشعوذين الذين اتخذوا تنشيط المهج ذريعة لتنفيذ أغراضهم وتتميم مآربهم ولأعيان الجزائر النصيب الأول من هذه التعنية لاشتغالهم باقتناء الجياد المسومة والسروج المزركشة والبساتين النضرة ". وقد نبه الجادوي إلى السلطة الروحية التي يتمتع بها رجال الدين وكيفيه تحكمهم في مصائر الناس وانسياق الناس لهم وجعلهم في مرتبة الإله ينفذون أوامره ويأتمرون بأمره . يقول متحدثا عن إحدى الزوايا " فإذا بقاعاتها غاصة بوفود الزائرين من العرب ورئيس تلك الزاوية أو المفسدة متجليا في ثياب العزة تلوح على محياه بوارق الهيمنة و الوقار يأمر بالجلد والتنكيل ويبرم العفو و تخلية السبيل ويغضب على هذا ويرضى على ذاك والناس من حوله يكاد أن يسجدوا له من دون الله حتى خيل لي أنهم يعتقدون أن لو شاء صعق الثقلين لفعل[12]"
وقد رأى الجادوي أن انجراف أهل القطر الجزائري وراء الشعوذة والخرافات وإهمالهم العلوم يحول دون مجاراة الأوروبيين و يساهم في تعميق التخلف . فقد كان السكان في جهالةمهلكة على حد تعبير الجادوي مقابل حضور فعال للأجانب حيث أنهم سيطروا على الإدارة والتجارة والفلاحة . وقد كان وصف الجادوي دقيقا للحالة التي آلت إليها الجزائر سنة 1905 يقول: "فلا تجارة تذكر ولا زراعة تؤثر ولا أرض تحرث وتعمر. ولا معارف تنشر بين أولائك الأقوام الكثيرين حتى أن المتجول في أنحائهم والمستكشف لأرجائهم لا يرى إلا رواج البضاعة الأجنبية وبوار المهناة الوطنية"[13]
ملكية العقارات
انتبه الجادوي في رحلته إلى ملكية الأجانب للأراضي الجزائرية. فأغلب الأراضي الصالحة للزراعة كانت على ملك الفرنسيين واليهود وبقية الأقليات الأوروبية التي استوطنت الجزائر في حين أن السكان الأصليين يشتغلون في هذه الأراضي بمقابل . يقول الجادوي : "أماكن البذر مساجة بأعواد مقامة فوقها ألواح منقوشة بأحرف دائرة بين البارون والكونت وقاقو ....[14]"
فقد عملت فرنسا منذ دخولها الجزائر على توسيع ملكيتها للأراضي وأصدرت قانون 1863 ثم قانون 1873قارنيه ثم عدلته مرتين سنة 1887 و سنة 1897 وقد مكن هذا القانون الإدارة الفرنسية من مصادرة أراضي الجزائريين بكيفية شرعية في الظاهر وذلك بتسهيل الخروج من الملكية العائلية المشاعة. يكفي أن يتحيل الأوروبي على صاحب سهم في ذلك الملك مهما صغر ليرغم الآخرين على البيع في ظروف غير ملائمة ويستطيع بمساعدة المحكمة الفرنسية أن يستولي على المجموع بثمن بخس. إضافة إلى أن الوضع الاجتماعي المتردي فرض على أصحاب الأراضي بيع أراضيهم من أجل لقمة العيش. ولم تسلم الأراضي العمومية التي كانت تزيد على حساب الأراضي الخاصة من السلب لتصل ملكية المعمرين 687000 هكتارا في عشرين سنة بين 1871 و 1890 ونصف مليون هكتار انتقل في ظروف غير واضحة من أيدي الجزائريين إلى ملكية الأوروبيين.[5]
وقد كان الجادوي على وعي بالمشروع الاستعماري الذي كان يسعى إلى تجريد الجزائريين من عقاراتهم يحاول تعزيز حضوره في الجزائر من خلال سلب الأراضي وتشجيع الأوروبيين على الاستيطان في هذا القطر و تقديم الامتيازات حتى ترسخ فيه أقدامها وتستنزف ما تبقى من خيراته. ولم تقتصر هذه الملكية على الأراضي الفلاحية بل تجاوزته إلى الجوامع والمدارس التي تحولت إلى كنائس و إدارات فرنسية.
التجنيس
بادرت فرنسا بتشجيع الأوروبين على الإقامة في الجزائر و قدمت امتيازات في سبيل انجاح مشروعها الاستيطاني . وقد خصت فرنسا اليهود بامتياز التجنيس وحينما نقول تجنيس نقول اكتساب اليهود لنفس الحقوق التي يتميز بها المواطن الفرنسي سواء في الأحوال الشخصية أو في المعاملات أو في العقود والالتزامات، ويلتزم في المقابل بكل القوانين التي تعمل بها الدولة التي انتسب إليها. ورغم العداوة المفرطة بين اليهود والمسلمين فإن فرنسا مكنتهم من الجنسية دون غيرهم يقول الجادوي: "على أن فرنسا قد أنالت مجاوريهم اليهود امتياز الجنسية دون غيرهم وناموس إنصاف ينادي بأحقية الجزائريين و آثرتهم على الإسرائيليين إذ لا منفعة في هؤلاء سوى المزاحمة والمضايقة على عكس الأولين أولئك الذين يستعذبون طعم الحمام وراء صيانة شرف قلية ويرون مناصرتها من أجل الفروض علاوة أن جدهم مختط البلاد وواضع اليد"[16]
وتفطن الجادوي إلى تعمد المستعمر استفزاز مشاعر المسلمين الجزائريين من خلال حادثة مد طريق عمومي بقرب مقبرة إسلامية في تبسة وقد دعت الضرورة إلى أخذ شيء من حافة المقبرة لكن عند الحفر عثر على أثار رومانية وتبين فيما بعد أنها تمتد على مساحة المقبرة . ومن ثمة وجب استكمال الحفر نظرا للقيمة التاريخية لهذه الآثار ومن بين الحفريات عثر على مقبرة رومانية يقول الجادوي : "و أعجب من هذا كله (و البقاء لله وحده) أن اكتشف على مقابر رومانية تحت الأجداث الإسلامية و عاينت بنفسي قبور الرومان تحت لحود المسلمين في الحفائر العميقة بحيث إذا جاء النظر من جهة الحفر تقابله اللحود كبناء ذي طاقين بين اللحد و اللحد نحو ثلاثة أذرع من التراب"[17]
لكن عملية الحفر لم تحترم الجثث المدفونة حيث لم يتم تحويلها إلى مقابر أخرى وإنما تواصل الحفر وهو ما أدى إلى اختلاطها . وقد تألم الجادوي من مشاهدة العظام البشرية الناخرة و الجماجم الإنسانية و الوجوه الآدمية و القوائم من جسد الإنسان المكرم مبعثرة مهانة و مداسة و مختلطة ببعضها خاصة أن الدين الإسلامي يحترم الإنسان حيا كان أم ميتا. وهذا الأمر يجرح مشاعر المسلمين في الجزائر وفي العالم الإسلامي عموما ولم يكتف الفرنسيون بهذا الأمر وإنما اتهموا المسلمين بكونهم اعتدوا على المقبرة الرومانية واتخذوها مقبرة لهم. وقد اعتبر الجادوي أن هذه التهمة باطلة ولا أساس لها من الصحة لأن الدين الإسلامي يحرم دفن الأموات المسلمين في مقابر غير إسلامية كما يحرم دفن المسيحيين واليهود في مقابر إسلامية.
نلاحظ من خلال ما سبق عرضه الحس النقدي الذي تميز به الجادوي في نقل ما شاهده في رحلته إلى الجزائر وهذا يدل على وعي هذا المؤلف بمشروع فرنسا الذي عمل على إفراغ المجتمع من كل ما يساعده على المقاومة والتطور و سعى إلى بث الجهل الشعوذة وسلب الأراضي والتحكم في التجارة والإدارة . لذلك نجد الجادوي يحاول من خلال خطابه الحاد أن يستنهض الهمم وأن يحث أهل القطر على نشر التعليم وتعميمه لأن العلم فقط يمكنه من مجاراة الدول الأوروبية فيما وصلت إليه من تطور ومعرفة ، فبفضل العلم سيطرت على العالم واستعبدت الشعوب .
و كان الجادوي في كل كتاباته يعارض السياسة الاستعمارية وكل من يواليهم وهو ما زج به في صراعات متواصلة معهم. ولقد كانت رحلته إلى الجزائر رحلة توثيقية كشفت عن الواقع المرير الذي عرفته الجزائر في بداية القرن العشرين ( 1905 ) خاصة أن الإنتاج الفكري في تلك الحقبة التاريخية كان قليلا وهو ما يكسب نصوصه قيمة تاريخية.
الهامش
- ^ هادية مشيخي. "التعريف بالجادوي وكتاب "الفوائد الجمة "". جامعة قاصدي مرباح، ورقلة.
- ^ محمد الطمار. تاريخ الأدب الجزائري (ط 1 ed.). الجزائر: الشركة الوطنية للنشر والتوزيع. pp. ص 109.
- ^ عثمان الكعاك. موجز التاريخ العام للجزائر من العصر الحجري إلى الاحتلال الفرنسي (ط 1 ed.). بيروت: دار الغرب الإسلامي. pp. ص.310.
- ^ عمار هلال. التعليم في الجزائر: أبحاث و دراسات في تاريخ الجزائر المعاصرة ( 1830 – 1962 ) (ط 1 ed.). الجزائر: ديوان المطبوعات الجامعية. pp. ص 102 – 103.
- ^ عبد الله العروي. مجمل تاريخ المغرب. Vol. 3 (ط 1 ed.). الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي. pp. ص 163.