العلاقات المالية الموريتانية
مالي |
موريتانيا |
---|
تعتبر العلاقات الموريتانية المالية حساسة جدا نظرا لتشابك المصالح والروابط الأخوية التي تربط بي مالي وموريتانيا، والتي تتسم تاريخيا بالإحترام المتبادل وحسن الجوار بين الشعوب التي تعايشت في المنطقة بسلام ووئام منذ فجر التاريخ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
التاريخ
في فترة حكم إمبراطورية غانا (750م - 1073م) كانت أجزاء كبيرة مما يعرف حاليا بموريتانيا تابعة لمملكة غانا كولاتة وتيشيت وتاودني وأوداغوست، إلخ، حيث جاءت الطلائع الأولى للإسلام عن طريق التجار مستفيدين من الحرية والأمن اللذان طبعا الإمبراطورية، فقد اعتمد الإمبراطور اللغة العربية لغة للكتابة في دواوين الدولة والمسلمين ككتاب، فقد كانت العاصمة كومبي صالح تنقسم إلى مدينتين، المدينة الشمالية المعروفة بمساجدها الإثنى عشر ويقطنها المسلمون، بينما تعتبر المدينة الجنوبية مدينة وثنية تضم القصر الملكي ومنازل كبار موظفي الدولة مجسدة بذلك أروع مثال للتعايش السلمي بين الديانات.
أفل نجم إمبراطورية غانا عندما زحفت جيوش دولة المرابطين (1040م - 1147م) على عاصمتها السياسية مدينة كمبي صالح (60 كم جنوب تمبدغة، على طريق بوصطيلة) حافظ المرابطون بدورهم على التعايش السلمي بين شعوب المنطقة ، ولا أدل على ذلك من ألوان علم دولتهم (الأسود، الأحمر، الأبيض). تأسست إمبراطورية مالي (الماندينگ) (1230م - 1600م) على أنقاض دولة المرابطين وحافظت على نفس مستوى التعايش السلمي طيلة أربعة قرون تقريبا.
قامت إمارة أولاد إمبارك (1600م - 1850م) على أنقاض إمبراطورية مالي بعد أن زحفت قبائل بني حسان على المنطقة مع مطلع القرن السادس عشر ، حيث كانت الحدود السياسية للإمارة تشمل منطقة الحوض وشمال مالي (باقنه) الذي تقطنه قبائل السونونكي والفلان والبمبارا وقد كانت هذه الإثنيات المختلفة، التي تشكل مجتمعة، إمارة أولاد إمبارك تتعايش في سلام وأمان.
قامت إمارة مشظوف (1850م -1960م) على أنقاض إمارة أولاد إمبارك وأول أمير حكم مشظوف هو أحمد محمود ولد لمحيميد .. وفي سنة 1898م تم توقيع اتفاقية “إنيور” بين الأمير محمد المخطار ولد محمد محمود وحاكم السودان الفرنسي (مالي) وبموجب هذه الإتفاقية دخل الإستعمار الفرنسي إلى منطقة الحوض .
كل هذه الإمبراطوريات والإمارات اتسمت فترات حكمها بالتعايش السلمي بين مختلف الأعراق.
بعد مجئ الإستعمار الفرنسي كان الحوض (الشرقي و الغربي) تابعا لدائرة السودان الفرنسي (مالي) وبعد الإستقلال فضلت فصائل من مشظوف الإنضمام إلى جمهورية مالي وهو مايعرف ب”عَامْ إِتْمَوْلِيَّ” تحت قيادة أول عمدة لمدينة تمبدغة ، الراجل ولد المخطار ، الذي كان ناشطا في حزب النهضة حيث كون ميليشيا مسلحة دخلت في اشتباك مع الجيش الموريتاني الناشئ.. توسط حينها رئيس البرلمان الموريتاني آنذاك حمود ولد أحمدو لإنهاء التمرد.
ومع مطلع تسعينيات القرن الماضي تشكلت الجبهة العربية لتحرير أزواد (1989م) وشنت عدة هجمات على مالي إنطلاقا من الأراضي الموريتانية وكان ذلك بداية نواة الملف الأمني الموريتاني المالي.
في خريف 1992م شنت الجبهة العربية لتحرير أزواد هجوما على قرية “متنغه” المالية وسلبت بعض الممتلكات وأرعبت الأهالي وعادت أدراجها داخل التراب الموريتاني، وكردة فعل على ذلك توجهت مفرزة من الجيش المالي إلى القرية المنكوبة وفي طريقها تصادفت مع رجلين من قبيلة لقلال - أبناء أسرة أهل يب - فقتلتهم غرقا في بحيرة القرية وحاولت دفنهم في القرية (متنغه) فاحتج زعيم القرية على الفعلة قائلا إن الجيش المالي جاء ليوفر الأمن فعمق الأزمة، بعدها شكل لقلال سرية من 300 مقاتل ،مسلحين بأسلحة أوتوماتيكية، تسللوا إلى ضواحي “متنغة” حوالي الساعة الثالثة صباحا إلا أن ظروفا طارئة حالت دون تنفيذ الهجوم ، بعد ذلك حصل توتر شديد بين البلدين دفعت إثره موريتانيا بكتيبة من الجيش الوطني لترابط جنوب مركز بوصطيلة الإداري ووضعت مالي بالمقابل كتيبة شمال “متنغه”.
العلاقات السياسية
الأزمة السياسية 1997
في سنة 1997م حصل خلاف بين أفراد من قبيلة أولاد إمبارك وإبن زعيم منطقة “باقنه” المالية -التي تضم 107 قرية- بينما تضم قرية أولاد إمبارك 12 عريش. فعندما بدأ سكان “باقنه” يعدون العدة للهجوم على أولاد إمبارك أرسل أحد زعماء آدوابه رسولا إلى أولاد إمبارك ليشعرهم فتخندقوا حول قريتهم. زحف الماليون على قرية أولاد إمبارك و في اليوم الأول من الإشتباكات انهزمت “باقنه” ومات الكثيرون منهم وفي اليوم الثاني أعادوا الكرة بعد أن انضمت إليهم تعزيزات جديدة حيث انهزموا في منتصف النهار وكانت فرقة درك مقاطعة جكني في عين المكان ترقب إشتباكات اليوم الثاني إلا أنه نظرا لحساسية الحدود فإن أفراد الدرك لايملكون صلاحيات إطلاق النار عند الحدود من دون أوامر عليا مما جعلهم خارج الإشتباك.
عندما انهزم الماليون ظهيرة اليوم الثاني تدخلت عناصر من الجيش المالي في أزياء مدنية واشتبكوا مع رجال أولاد إمبارك تكبد إثرها الطرفان خسائر بشرية فادحة حيث انسحبت عناصر الجيش المالي من عين المكان ورحل سكان قرية أولاد إمبارك من المنطقة
كان هذا بداية أزمة سياسية بين البلدين أدت إلى تأثر المنمين الموريتانيين الذين دأبوا على الإنتجاع في مالي ثلاثة فصول من السنة ومن الجدير بالذكر أن هؤلاء المنمين لو خيروا بين الجنسية الموريتانية والمالية لاختاروا الأخيرة. هذه الحقيقة ولدت ضغطا على الحكومة الموريتانية للدخول في مفاوضات طويلة وشاقة كان بعضها في عيون العتروس والبعض الآخر في إنيور وجيكني والنوارة .. كانت هذه المفاوضات بين ولات وحكام المناطق الحدودية إضافة إلى القادة العسكريين ووزيري الداخلية في كل من البلدين، تمخضت عن أحسن اتفاقية أمنية في تاريخ موريتانيا. بموجبها منعت موريتانيا استخدام أراضيها من قبل الجبهة العربية لتحرير أزواد مما جعل مالي وموريتانيا يتنفسان الصعداء ، فمالي أصبحت أكثر أمنا وموريتانيا أعادت أكثر من ثلثي مواشيها إلى جنان المراعي المالية الخصبة، كما تم الإتفاق على فتح مدارس ومراكز صحية مشتركة على الحدود كي يستفيد منها الطرفان كما اتفقا على ترسيم الحدود إلا أن فرنسا رفضت تزويدهم بخرائط الحدود ، يذكر أنه من ضمن بنود الإتفاقية تسليم المطلوبين لدى كل من البلدين.
استدعاء السفير الموريتاني في 2010
في 23 فبراير 2010 دخلت العلاقات السياسية والأمنية بين موريتانيا ومالي في أزمة جديدة، بعد استدعاء موريتانيا مساء لسفيرها في العاصمة المالية بامكو للتشاور، احتجاجا على إطلاق مالي سراح مواطن موريتاني ناشط في تنظيم القاعدة ومطلوب لدى العدالة الموريتانية. وصدرت وزارة الخارجية الموريتانية بيانا شديد اللهجة انتقدت فيه بقوة قرار السلطات المالية بالإفراج عن الناشط السلفي بران ولد نافع، وقالت إنه يمثل خروجا على كل الأعراف والاتفاقيات الموقعة بين البلدين سواء في المجال السياسي، أو في المجالين القضائي والأمني. وصرح السفير والناطق باسم وزارة الخارجية الموريتانية باباه سيدي عبد الله أن موريتانيا ترفض وتستنكر هذه الخطوة، وتعتبر أن على مالي أن تحترم واجب حسن الجوار، وأيضا واجب الالتزام بالاتفاقيات التي وقعتها هي نفسها مع دولة موريتانيا.
ورفض ولد سيدي عبد الله الكشف عن الخطوة القادمة التي ستتخذها موريتانيا تجاه مالي بعد استدعائها لسفيرها، قائلا إن مثل هذه القضايا لها قنواتها الخاصة التي تبحث وتناقش فيها، بعيدا عن وسائل الإعلام العمومية.
انظر أيضا
المصادر
- "أزمة جديدة بين موريتانيا ومالي". الجزيرة نت. 2010-02-23.
- سيدي عبد الله ولد صدفي (2010-03-05). "العلاقات الموريتانية المالية: البعد التاريخي والإستراتيجي". Le Quotidien de Timbedra. Retrieved 2010-08-06.