الصندوق (كتاب)
محمد صالح ساهم بشكل رئيسي في تحرير هذا المقال
|
الصندوق: كيف جعل شحن الحاويات العالم أصغر والاقتصاد العالمي أكبر هو كتاب غير خيالي، بقلم مارك لڤنسون يرصد البزوغ التاريخي للحاوية متعددة الوسائل (حاوية الشحن) وكيف غيرت شكل الاقتصاد العالمي.[1][2] وقد قالت عنه النيويورك تايمز أنه "كتاب ذكي مشوق".[3]
ألهم الكتاب اسم المشروع "The Box" الذي قام به BBC News من سبتمبر 2008 فصاعداً، والذي فيه قامت البي بي سي بمتابعة حاوية لمدة عام.[4]
فاز الصندوق بالميدالية البرونزية في جوائز ناشري الكتب المستقلين (2007) في قسم "التمويل/الاستثمار/الاقتصاد".[5] كما فاز في 2007 بوسام أندرسون من جمعية الأبحاث البحرية.[6] أختير الصندوق ضمن القائمة القصيرة لـجائزة الفاينانشل تايمز وگولدمان ساكس لكتاب الأعمال للعام (2006).[7]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الترجمة
الفصل الأول
ربما لا تتم طباعة يوم 26 أبريل 1956 باللون الأحمر في التقويم الخاص بك، لكنه يوم مهم في التاريخ الاقتصادي. قبل 50 عاماً حملت "آيديل-إكس" Ideal-X، وهي ناقلة للنفط الفائض عن الحاجة في زمن الحرب ـ لها إطار من الفولاذ مثبت باللحام فوق سطحها ـ شحنة مؤلفة من 58 حاوية من الألمنيوم في رصيف في ميناء نوارك، نيوجرزي. وبعد خمسة أيام أبحرت الباخرة إلى هيوستن، تكساس، حيث تم نقل الصناديق المعدنية في شاحنات إلى الجهة المراد وصولها إليها. كانت تلك هي بداية ثورة الحاويات. فقد أدى النقل عن طريق الحاويات إلى خفض هائل في تكاليف الشحن وإلى إعادة تشكيل الجغرافيا الاقتصادية. فبعض الموانئ الكبرى في العالم، مثل لندن، ليڤرپول، نيويورك، وسان فرانسسكو شاهدت مراسيها تتعرض للصدأ بسبب انتقال حركة النقل البحري إلى أماكن جديدة تتوافر فيها إمكانيات شحن وتفريغ الحاويات، إضافة إلى وسائط نقل لحركة الحاويات داخل وخارج الميناء. والمصانع التي لم تعد ترتبط بالمراسي لخفض تكاليف النقل، انتقلت بعيداً عن وسط المدينة، ما أدى إلى إلحاق أضرار كبيرة بالمناطق الصناعية التقليدية. وأخيراً انتقل الإنتاج إلى أماكن بعيدة، مثل كوريا الجنوبية والصين التي استفادت من تكلفة الشحن المنخفضة، باعتبارها وسيلة نقل يعتمد عليها لإنتاج سلع لم يكن من الممكن تحقيق أرباح من تصديرها قبل عصر استخدام الحاويات في النقل البحري.
إن استخدام الحاويات في النقل البحري يعتبر إنجازاً مشهوداً. وربما يكون أبرز ما في تاريخ هذه الحاويات أن أحداً لم يكن يتخيل كيف يمكن لهذا الصندوق أن يغير كل شيء لامسه، من البواخر والموانئ، إلى أنظمة التجارة العالمية. فاستخدام الحاويات في النقل البحري معلم بارز لأقوى قانون في الاقتصاد، وهو قانون النتائج غير المنظورة. والرجل الذي بدأ فكرة استخدام الحاويات، هو مالكوم ماكلين، أحد أقطاب النقل البري، وهو رجل صنع نفسه بنفسه. وماكلين ليس بأي حال من الأحوال هو الذي اخترع الحاويات؛ فهناك روايات مشكوك في صحتها تشير إلى لحظة تحقيق هذا النجاح، وذلك عندما كان ينتظر تفريغ إحدى الشاحنات في الرصيف، حين فكر في طريقة أفضل. لكن الحقيقة هي أن شركات النقل في ثلاث قارات كانت تستخدم حاويات صغيرة منذ عقود من الزمن. وأي من تلك الجهود لم تؤد إلى خفض أجرة النقل البحري، لأنهم كانوا يتعاملون مع الحاوية باعتبارها مجرد قطعة أخرى من البضائع التي يتعين ترتيب وضعها داخل الباخرة. وأدرك ماكلين الذي لم تكن لديه خلفية في النقل البحري، ما لم يدركه قدامى العاملين في هذا المجال، وهو أن الحاوية لا يمكن أن تؤدي إلى تحسين كفاءة النقل إلا إذا استخدمت في إطار نظام لنقل السلع بالبواخر والشاحنات والقطارات في حركة انسيابية منسقة. ولم يكن هناك من يرى أن فكرة ماكلين التي تتمثل في فصل جسم الشاحنة عن الإطارات وتحميل جسم الشاحنة في بواخر خاصة لهذا الغرض سيؤدي إلى إحداث تحول في عالم النقل البحري. وغاية ما هناك أنهم اعتبروه ابتكاراً صغيراً؛ "وسيلة نافعة" حسب تعبير أحد كبار المهندسين البحريين عام 1958. وكان الخبراء يرون الحاويات ربما يكون لها نصيب محدود في حركة الشحن في الموانئ البحرية الأمريكية التي كانت تشهد تدهوراً. وكان الطريق من حاوية "آيديل- إكس" إلى النظام الحديث للنقل بالحاويات مليئاً بالأخطاء. وقامت بعض الشركات المنافسة لشركة النقل البحري-البري التابعة لماكلين، بشراء حاويات ثبت أنها صغيرة بدرجة لا تصلح أن تستخدم تجارياً على نحو مجد. وقامت شركات أخرى بتصنيع بواخر لحمل حاويات جنباً إلى جنب مع بضائع سائبة، مع عدم إدراكهم الحاجة إلى سرعة دورة الشحن والتفريغ في الميناء وجعل استخدام الحاويات أمراً مجزياً. واختفت عشرات الشركات عن المسرح، وهي شركات كانت من قبل تفخر بأسمائها التجارية في عالم النقل البحري، لكنها كانت ضحية لأخطاء ارتكبتها في حق نفسها عندما حاولت الدخول إلى عصر النقل بالحاويات. وحتى ماكلين نفسه ارتكب خطأً كبيراً، حين اشترى في تشرين الأول (أكتوبر) 1968 أكبر وأسرع بواخر نقل بضائع تم تصنيعها على الإطلاق، معتقداً أن حجم وسرعة تلك البواخر يساعد شركته في الاستفادة من ميزة نقل كميات كبيرة. ولم يضع حساباً لأزمة النفط التي وقعت عام 1973، التي جعلت بواخره التي تستهلك كميات كبيرة من الوقود في عداد الخاسرين. وفي 1982، وكان وقتها مشرفا على شركة مختلفة، هي شركة الخطوط الأمريكية، عكس ماكلين طريقته واشترى أسطولا من السفن الأكبر حجماً، ما يعني الإبحار حول العالم بسرعة بطيئة من أجل الاقتصاد في الوقود. وتبين أن العملاء لا يرغبون في خدمات نقل حول العالم، ثم جاء الانخفاض المفاجئ في أسعار النفط في مصلحة منافسيه الذين يمتلكون بواخر أسرع وتستهلك كميات أقل من الوقود. وهوت شركة الخطوط الأمريكية إلى درك الإفلاس. وحتى الحكومات أخطأت في مسألة استخدام النقل بالحاويات. إذ أنفقت مدينة نيويورك في الفترة 1955 ـ 1966 أكثر من مليار دولار بأسعار اليوم، من أجل إعادة بناء أرصفة الميناء وإيقاف هروب شركات النقل البحري إلى موانئ نيوجرزي في نوارك وإلزابث. وبحلول عام 1970 كانت كل هذه الأرصفة الجديدة مهجورة تقريباً، وغير مناسبة للحاويات. وعلى الجهة المقابلة من الساحل قامت السلطات في سان دييگو بجلب رافعة بسعر مرتفع لتفريغ حمولة السفن من الحاويات، لكن السفن المراد خدمتها لم تأت إلى الميناء على الإطلاق. وأدت الاعتبارات السياسية في تايوان إلى قيام المسؤولين عن التخطيط المركزي ببناء، ليس ميناء واحدا للحاويات، وإنما ثلاثة موانئ، منها اثنان ظلت حركة البواخر فيهما قليلة لعدة سنوات. و كان قادة العمال يخشون من تأثير الحاويات على فرص العمل، وكانوا غير مهيئين للسرعة التي أدت بها الحاويات إلى القضاء على فرص العمل في أرصفة الموانئ. وتكهن تيدي جليسون رئس اتحاد عمال ميناء نيوريورك، بأن يقضي النقل بالحاويات على 30 في المائة من فرص العمل للعمال المنضوين تحت عضوية الاتحاد. وفي واقع الأمر اختفت 75 في المائة من فرص العمل بحلول عام 1976. وعندما احتج قادة اتحاد العمال في لندن ضد استخدام الحاويات في النقل وقاطعوا العمل في الحاويات عام 1968، كانوا يفترضون أن تلك الخطوة ستعود عليهم بمكاسب لأن السفن في حاجة لأن تتوقف عند لندن، ولم يدركوا أن لندن بالنسبة للحاويات ليست ميناءً أساسياً يتم التوقف عنده. ولجأت السفن إلى استخدام الميناء الجديد في فلكستاو، على بعد 100 ميل إلى الشرق، وهو ميناء لا يتبع العمال فيه لاتحاد العمال. وفقد الاتحاد قوته. ودخلت السكك الحديدية الأمريكية في حرب مع الحاويات كانت أشرس من الحرب التي شنتها اتحادات العمال، إذ رفضت شحن الحاويات خشية أن تؤدي إلى القضاء على عربات السكك الحديدية المخصصة لنقل البضائع الصناعية. لكن السكك الحديدية ندمت بعد ذلك على عنادها. ولم تبدأ إلا في عقد التسعينيات، في تعويض حركة النقل التي كان بإمكانها أن تستولي عليها في عقد الستينيات، وهي حركة نقل تقدر اليوم بحمولة 12 مليون عربة سنويا، وتعد من أكثر الأعمال المربحة لخطوط السكك الحديدية. الأكثر إثارةً للدهشة من كل ذلك، أن أحدا لم يستطع على الإطلاق أن يتنبأ بالطريقة التي يمكن أن تؤدي بها الحاوية على المدى البعيد، إلى تنشيط التجارة في سلع كان من النادر أن يتم الاتجار فيها. وعندما أنهى الخبراء الاقتصاديون في جامعة هارڤرد دراسة عن أجور النقل في منطقة نيويورك عام 1959، توصلوا إلى أن استخدام الحاويات لا يكاد يؤثر على المنطقة، لأن منتجاتها ليست لها "حساسية ضد النقل". ولم يتم وضع احتمال أن يؤدي النقل الرخيص في الأجل البعيد إلى القضاء على تجارة الملبوسات، وهي تجارة رائجة في نيويورك. أولئك المستشارون ذوو المقام العالي الذين أدلوا بأفكارهم عام 1967 وقالوا إن خمس من سفن نقل الحاويات يمكن أن تغطي كل الشحنات التي تتم بين بريطانيا وأمريكا، لم يكن لديهم مؤشر يعتمدون عليه في معرفة ما هو مقدار التجارة التي يمكن أن يتم تنشيطها من خلال الحقيقة المتمثلة في انخفاض تكلفة النقل. إن التاريخ يخطئ مؤيدي أساليب الإدارة الحديثة. فأساسيات كليات إدارة العمليات التي تقوم على التخطيط الدقيق والتحليل المتقن، يمكن أن يكون لها مكانتها، لكنها لا تقدم سوى نزر يسير من الإرشادات في وجه التغيرات المدمرة التي تؤدي إلى تغيير أساسيات هذا القطاع. والمرونة هي فضيلة في هذه الحالة. والاستعجال يمكن أن يكون خطيئة. فإذا تطور استخدام الحاويات في النقل كما كان يتخيل كل شخص قبل نصف قرن من الزمان، لكان الكثير من خطوط الشحن البحري التي كانت بالأمس تحظى بالاحترام لا تزال مسيطرة على البحار. وبدلاً من ذلك، فإن الشركات التي تقود عالم النقل بالحاويات اليوم هي شركات دخلت متأخرة في هذه اللعبة وبقيت على قيد الحياة مدة طويلة تكفي للقضاء على الرواد الأوائل في هذا المجال.
النسخ
- Levinson, Marc (2006). The Box: How the Shipping Container Made the World Smaller and the World Economy Bigger. Princeton University Press. ISBN 0-691-12324-1.
- Levison, Marc (2016). The Box: How the Shipping Container Made the World Smaller and the World Economy Bigger (2nd ed.). Princeton University Press. ISBN 978-0-691-17081-7.
المراجع
- ^ Davies, Howard (2006-04-01). "Thinking outside the box". Times Online.
- ^ Krug, Nora (2008-04-13). "Globalization 1.0". Washington Post.
- ^ Nocera, Joe (2006-05-13). "A Revolution That Came In a Box". The New York Times. Retrieved 2009-01-24.
- ^ Hillman, Jeremy (2008-09-08). "The Box takes off on global journey". BBC News.
- ^ "Announcing 2007 Independent Publisher Book Awards Results". Independent Publisher Book Awards. 2007. Retrieved July 20, 2013.
- ^ "Awards". Society for Nautical Research.
- ^ "Award shortlist announced 2006". Financial Times. 18 September 2006. Retrieved 30 May 2012.