الروس في مصر
الروس في مصر، هي الجالية الروسية في مصر. يتناول هذا المقال الدور الذي لعبه الروس في مصر، سواء من الناحية الثقافية أو السياسية، أو الاجتماعية.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
التاريخ
لعبت مدينة الاسكندرية، وبالتحديد ميناؤها، نقطة عبور لمطبوعات الثوار الروس، ومن بينها صحيفة ايسكرا اللينينية، في طريقها السري الذي يستكشفه گينادي گرياتشكين في كتاب بعنوان الاسكندرية الروسية.
لطالما أظهر ممثلو حركة المعارضة الروسية في العهد القيصر بوضوح اهتمامًا باستخدام الإسكندرية في ممارستهم للسياسة. هذا الاهتمام كان مرتبطاً بقرب هذه المدينة التي تقع على مفترق ثلاث قارات إلى الساحل الروسي، حيث يسهل الوصول إليه والانسحاب منه في حالة الضرورة.
بالإضافة إلى ذلك كانت المدينة مرتبطة بالاتصالات مع كثير من بلدان كل القارات.
علاوة على ما سبق، فإن وضع مصر كان مواتياً جِداً، فمن ناحية كانت تعتبر صورياً إحدى ولايات الإمبراطورية العثمانية، ومن ناحية أخرى مستعمرة فعلية لإنگلترا بعد احتلالها في العام 1887.
هذه الازدواجية سمحت باختيار المدينة المصرية الساحلية لنشاط مختلف الأحزاب الجماعات، بينما كانت إنكلترا تغض الطرف، إلى حد كبير، عن جهودها الموجهة ضد الأنظمة الحاكمة في بلادها. وعلى سبيل المثال أرسلت السلطات العثمانية مذكرات وإنذارات للسلطات الاستعمارية والمصرية للمطالبة بإغلاق فروع الأحزاب التركية المعارضة التي كانت تقوم بدعاية مضادة لنظام السلطان عبد الحميد في الإسكندرية وتنشر مطبوعات ممنوعة.
وبطبيعة الحال، كانت هذه البيئة المواتية هي الأمثل بالنسبة للثوار الروس، وقد استفادت من ذلك هيئة تحرير جريدة “إيسكرا” اللينينية، عندما كانت في وضع، صعب، حيث كانت كل إمكانيات إصدار “إيسكرا” في روسيا قد صفيت بواسطة عقيد الدرك سيء السمعة زوباتوڤ، كما فشلت أيضًا طرق توصيل “إيسكرا” من خارج الحدود.
تم تنظيم إرسال مطبوعات “إيسكرا” عن طريق الإسكندرية في ربيع عام 1902، حيث تم تجهيز مركز استقبال في هذه المدينة، وكان يجرى نقل المطبوعات على متن سفن الشركة الروسية للملاحة والتجارة إلى روسيا، وكان مخزن المطبوعات غير القانونية في مطعم “سيفاستوبول” في الإسكندرية، حيث كانت تصل إليه بالبريد عن طريق المدينة الساحلية برينديزي (إيطاليا). وكان يعتني بالمطعم المواطن الروسي يوزيڤوڤيتش الذي عاش في الإسكندرية قبل ذلك الوقت لمدة 70 سنة وكان مرتبطا بالمنظمة الخيرسونية “بوندا”.
وعلى ما يبدو، لم تكن قراءة الكتب الممنوعة تتم فقط في مطعم سيفاستوبول، بالرغم من أنه كان بالطبع مركزاً للدعاية الثورية بالنسبة للبحارة الروس، وقد لا يكون بالنسبة لهم فقط في هذه المدينة، فبعد ذلك بقليل أرسل القنصل العام الروسي في مصر أ. أ. سميرنوڤ تقريراً إلى وزارة الشؤون الخارجية يقول: “منذ بعض الوقت لاحظت قنصليتنا عدة مرات خرقاً للانضباط من قبل بحارة شركة الشركة الروسية للملاحة والتجارة، وبناء على ملاحظة القادة، يمكن افتراض أنه بمجرد الوصول إلى ميناء الإسكندرية، يدخل البحارة في نطاق تأثيرات ضارة”.
لم تكن أوامر قادة السفن التجارية وحدهم تقع ضمن معنى تعبير “تأثير ضار”، ولكن أيضاً البحارة الحربيون؛ وقد لفت مسؤولو القنصلية مرارًا نظر وكلاء الشركات الروسية للملاحة وقادة السفن الحربية إلى هذه الحقيقة، وعلى وجه الخصوص أشاروا إلى مطعم “سيفاستوبول”. وفي المقابل أصبح قادة السفن يمنعون أطقمهم من زيارة مؤسسة يوزيفوفيتش. وبالإضافة إلى ذلك فإن الممثلين الدبلوماسيين الروس قد حاولوا جذب انتباه السلطات البريطانية والمصرية إلى النشاط “التخريبي” لصاحب مطعم “سيفاستوبول”، ولكن محاولاتهم لم تحقق النتائج المرجوة.
ووفقا لكلمات رئيس الممثلية الدبلوماسية الروسية في القاهرة أ أ. كوياندير: “كان الاتصال بالحكومة المحلية غير مُجدٍ، نظراً للحماية الصريحة التي يوفرها الانكليز لشباب الأتراك الذين يقومون هنا بالدعاية المعارضة للسلطان، وهم لا يتحرجون في أن يمتد ذلك إلى أنشطة ثوارنا!”.
عاش طريق “إيسكرا” المصري بأمان حتى عام 1902. وبالرغم من قصر مدة وجوده، إلا أنه يحتل مكانة مهمة في “البريد الروسي الاشتراكي”، فبواسطته تم، في أثناء واحدة من أكثر فتراتها دراماتيكية، إرسال حوالي ١١ بوداً (البود وحدة وزن تساوي 16,78 كيلوغراماً) من مطبوعات” إيسكرا”، وصل الجزء الأكبر منها إلى روسيا. كانت المواد غير القانونية التي وصلت بواسطة “الطريق المصري” تحتوي على مطبوعات مهمة في وقتها: جريدة “إيسكرا”، مجلة ‘زاريا”، ومؤلف لينين “ما العمل؟”.
نتيجة للخيانة، عثر في سبتمبر عام 1902 على بالات مطبوعات غير قانونية في بضع سفن روسية في الميناء السكندري، وعلى عدة نشرات ممنوعة في حانة يوزيفوفيتش، والتي تم إغلاقها بناء على إصرار السلطات القنصلية في الإسكندرية.
على الرغم من الإخفاق في سبتمبر عام 1902، فإن الاشتراكيين الديمقراطيين الروس استمروا لأكثر من مرة يعودون إلى فكرة استخدام الإسكندرية من أجل إرسال المطبوعات غير المشروعة.
لم يكن مطعم “سيفاستوبول” مجرد نقطة لإعادة شحن المطبوعات غير القانونية إلى روسيا، حيث إنه كان يتم في مؤسسة يوزوفيتش، القريبة من هيئة جمرك الميناء، والذى طبقاً لقول القنصل الروسى في الإسكندرية: “كان يزورها البحارة الروس فقط على وجه الحصر… وكانت تتم فيها قراءة المطبوعات المحظورة!”.[1]
المصادر
- ^ "الاسكندرية… طريق "ايسكرا" السري". المسكوبية. 2021-01-19. Retrieved 2021-01-22.