الدولة الرسولية
السلطان | فترة الحكم |
---|---|
المنصور عمر الأول | 1229-1250 |
المظفر يوسف الأول | 1250-1295 |
الأشرف عمر الثاني | 1295-1296 |
المؤيد داود | 1296-1322 |
المجاهد علي | 1322-1363 |
الأفضل العباس | 1363-1377 |
الأشرف إسماعيل الأول | 1377-1400 |
الناصر أحمد | 1400-1424 |
المنصور عبد الله | 1424-1427 |
الأشرف إسماعيل الثاني | 1427-1428 |
الظاهر يحيى | 1428-1439 |
الأشرف إسماعيل الثالث | 1439-1442 |
المظفر يوسف الثاني | 1442 |
الدولة الرسولية (حكمت 626- 858 هـ/ 1229- 1454م) هي أسرة حاكمة مسلمة حكمت اليمن وحضرموت، بعد أن ترك الأيوبيون المقاطعات الجنوبية لولايتهم في جزيرة العرب.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
التسمية
يرفع النسابون نسب الرسوليين إلى جبلة بن الأيهم الغساني. والغساسنة فرع من قبيلة الأزد اليمنية التي نزحت إلى شمال الجزيرة بعد تهدم السد وسادوا في بلاد الشام، وفي أزمنة لاحقة سكن أحفاد ابن الأيهم بلاد التركمان وتكلموا لغتهم ومن هنا جاء الوهم عند بعض النسابة فجعلوهم تركماناً. أما الجد القريب للرسوليين فهو محمد بن هارون الذي استوطن العراق ودخل في خدمة أحد خلفاء بني العباس الذي وثق بحكمته وفصاحته فجعله رسوله إلى الشام ومصر حتى غلب عليه لقب رسول فصار علما عليه وعلى أسرته من بعده، ثم انتقل رسول هذا من العراق إلى الشام ومن هناك إلى مصر، فلما استوثق الحكم للأيوبيين في مصر أدخلوا أبناء رسول في خدمتهم ومكنوهم من اليمن ، فكان في اليمن من بني رسول خمسة صحبهم توران شاه أحدهم المؤسس سالف الذكر نور الدين عمر بن علي بن رسول الذي جاهد مع الأيوبيين في اليمن لتوطيد دولتهم حتى آلت إليه الأمور على النحو الذي مر بنا . وتعد دولة الرسوليين التي اتخذت من تعز عاصمةً لها من أطول الدول عمراً في تاريخ اليمن الوسيط إذ استمرت قرنان وثلث القرن ، وحكمها خمسةَ عشرَ ملكاً أولهم: نور الدين عمر الرسولي وآخرهم المسعود وهو أبو القاسم صلاح الدين بن الأشرف الرسولي ، ويجعل بعض المؤرخين من المؤيد وهو منافس المسعود في الحكم آخر الملوك، لكن كليهما انتهى أمره في العام 858 هـ/1454م على يد الطاهريين كما سنرى .
الاستقلال عن الدولة الايوبية
أعلن الرسوليون استقلالهم عن الدولة الأيوبية في مصر في العام 630 هـ/1232م وخطبوا للخليفة العباسي المعاصر لهم بعد أن طلبوا منه أمر نيابة مباشر عنهم في اليمن دون وساطة الأيوبيين، وكانت الخلافة العباسية في نزعها الأخير ولا تملك إلا الموافقة على طلبات من لا يزال يرى في غطائها الروحي أهمية لتوطيد ملكه وهو بالضبط ما احتاج إليه الرسوليون الذين ظلوا على ولاء للخلافة العباسية ويخطبون في مساجدهم لآخر خلفائها المستعصم دهراً طويلاً بعد وفاة دولتهم في بغداد عام 656 هـ/ 1258 م على يد المغول، إذ يذكر الخزرجى مؤرخ بني رسول المعاصر والمتوفى عام 812 هـ/1409م أن المستعصم: " هو الذي يدعى له على سائر المنابر إلى وقتنا هذا من سنة ثمان وتسعين وسبعمئة " أي بعد مائة وستة وخمسين عاماً من انتهاء الخلافة العباسية ، وربما استمر بعد ذلك وإلى بدايات تصدع الدولة .
توحيد اليمن تحت حكمهم
مؤسس الدولة الرسولية في اليمن فهو الملك المنصور نور الدين عمر ثاني أربعة أبناء لشمس الدين علي بن محمد رسول، وكانت لهم شوكة ومكانة عند بني أيوب. وقد اختار الملك المسعود صلاح الدين يوسف بن الملك الكامل، آخر ملوك الأيوبيين في اليمن نور الدين أتابكاً واستنابه على اليمن كله ثم رحل قاصداً مصر، وتوفي في الطريق إليها سنة 626هـ، فاستقل نور الدين بأمر اليمن وتلقب بالملك المنصور، وأخضع صنعاء واتخذ تعز حاضرة له، ثم مد سلطانه إلى أكثر أنحاء البلاد ودانت له حضرموت ومكة المكرمة عام 638هـ، وكانت له وقائع عدة مع أشراف الزيدية وبعض أفراد أسرته من المنشقين تغلب عليهم فيها، ودام حكمه واحداً وعشرين عاماً ومات غيلة سنة 647هـ على يد مماليكه في مدينة جَنَد.[1]
بايع قتلة المنصور عمر، ابن أخيه أسد الدين وساروا به إلى زبيد، غير أن ولد المنصور الملك المظفر شمس الدين يوسف تمكن من استعادة زمام الأمور والثأر لأبيه من قتلته، ومن ثم إعادة فتح البلاد من جديد لتمرد أخوته وأبناء عمومته واستقلالهم بما تحت أيديهم ومناوأة الأشراف، وتمكن بعد ثلاث سنين من الصراع من استرداد صنعاء وتعز وحصن دملوة، ودانت له بقية البلاد، غير أن الأشراف ظلوا يناصبونه العداء حيناً ويحالفونه حيناً آخر مدة حكمه الذي دام سبعاً وأربعين سنة، وكانت وفاته سنة 694هـ. وتولى الحكم من بعده ولده الملك الأشرف عمر بن يوسف (694-696هـ) ثم الملك المؤيد هزبر الدين داوود بن يوسف (696-721هـ) بعد وفاة أخيه. وتوالت في عهد هذا الأخير المناوشات وأعمال التمرد في الجبال والسهول، خاض فيها معارك دامية ومدمرة مع خصومه من الأئمة والأشراف والكرد والمماليك والقرامطة، ولحق بالبلاد دمار غير يسير. توفي المؤيد في آخر سنة 721هـ وجلس على كرسي الحكم بعده ابنه الملك المجاهد سيف الدين علي (721-764هـ)، غير أنه سرعان ما وقع ضحية تمرد قاده عمه وأولاد عمه وبعض أمرائه ومماليكه، وظل رهن الإقامة مدة إلى أن نجح بعض أصدقائه في تخليصه وإعادته إلى عرشه سنة 724هـ، ولكنه لم يستعد كامل سلطاته، واستقل بعض أبناء عمومته بما تحت أيديهم وخرج عليه ثلاثة من أولاده وبعض أقاربهم وتمرد عليه العسكر والمماليك فحاول تأديبهم، وظل الأشراف وبعض الأئمة على عصيانهم ومناوشاتهم كلما سنحت لهم الفرص، وعمت البلاد الفوضى والقلاقل لانعدام القوة الرادعة. ولما خرج المجاهد إلى الحج سنة 751هـ أجبر على الذهاب إلى مصر ولم يتمكن من العودة إلى اليمن إلا بعد عام.
توفي الملك المجاهد في عدن وهو يقود حملة لتأديب ابنه المظفر، وحمل جثمانه إلى تعز حيث دفن وخلفه في الحكم ولده الملك الأفضل ضرغام الدين عباس بن علي (764-778هـ)، وثار عليه أخوه الملك المظفر وانضم إلى الأشراف الذين فرضوا سيطرتهم على مناطق كبيرة من اليمن، واستولى بعض العرب على زبيد.
بعد وفاة الأفضل اختار الأعيان والقضاة ولده الملك الأشرف ممهد الدين إسماعيل سلطاناً (778-803هـ)، ومع أن الأمور ظلت على نحو ما كانت عليه في عهد والده وجده فقد شهد عهد الأشرف سنوات من الهدوء والاستقرار وحسن الإدارة وهيمنة السلطة على سائر البلاد حتى مكة، ونشطت الحياة الدبلوماسية في زمنه وتبادل الرسائل والهدايا مع ملوك الهند والصين والحبشة ومصر، وسار في الرعية سيرة حسنة حتى اشتهر بلقب الملك العادل، وخلفه ولده الملك الناصر صلاح الدين أحمد (803-827هـ) الذي نهج على سياسة أبيه، وحمل خصومه على الاعتراف به وإطاعته، وانتقض عليه أحد إخوته فسمل الناصر عينيه. غير أن دولته سرعان ما تفككت بعد وفاته وتقلص سلطانها. وتوالى على العرش بعده ستة سلاطين من نسله حكموا مدداً قصيرة، لم يكن لبعضهم من الملك إلا الاسم، وهم على التوالي الملك المنصور عبد الله بن أحمد (827-830هـ) فالملك الأشرف إسماعيل بن أحمد (830-831هـ) الذي خلع عن العرش ومات في السجن، ثم الملك الظاهر يحيى بن إسماعيل (831-842هـ) الذي اجتاح الطاعون البلاد في أواخر عهده (سنة 839هـ) وتولى الملك بعده ابنه الملك الأشرف إسماعيل بـن يحيى (842-845هـ) وخلفه ابن عمه الملك المظفر يوسف بن عمر بن إسماعيل (845-854هـ) الذي ثار عليه المماليك وانتهبوا مدينة زبيد، وبايعوا أحد أقربائه فيها، فانتقم منهم السلطان وقتل من أهل المدينة خلقاً كثيراً وتفرق أهلها، فلقب بالخاسر. ولم يطل به المقام في زبيد فأخرج منها هو وأولاده سنة 847هـ فأقام بتعز، وفي عهده اشتدت شوكة بني طاهر في لحج الذين ساندوه في صراعه على السلطة. وقام بالأمر في زبيد الملك المسعود أبو القاسم بن الأشرف إسماعيل (847-858هـ) وتوجه منها إلى عدن ودخل لحج، ثم توجه إلى تعز محاصرا لها فاستعان الملك المظفر ببني طاهر ودارت بين الطرفين وقائع متفرقة وعانى السكان منها معاناة عظيمة وحصلت مجاعة وغلاء شديد، واستقل المماليك والعبيد بأمورهم وولوا عليهم الملك المؤيد حسين بن يحيى في آخر سنة 855هـ، وأخفق الملك المسعود في تأديبهم، واستمرت الحرب بينه وبين بني طاهر سجالاً إلى أن أيقن بعقم محاولاته فخلع نفسه وخرج من عدن وتوجه إلى مكة المكرمة منفياً. واستولى بنو طاهر على الحكم في اليمن.
تمردات
تمكن الرسوليون وبقيادة مؤسس ملكهم الملك المنصور من توحيد اليمن كله تحت حكمهم ، من حضرموت جنوباً وحتى مكة شمالاً، وبسطوا سيادتهم الفعلية على كل جهات اليمن ودخلوا مناطق وحصون لم يستطعها قبلهم الأيوبيون، ودانت لهم القبائل والأسر الحاكمة كالأئمة الزيديين في صعدة وجهاتها وآل حاتم في صنعاء وما حولها. ومع ذلك فقد جابه الرسوليون توثبات قوى مختلفة وأولها تمرد واليهم في صنعاء الأمير أسد الدين لأكثر من مرة رغم العفو المتكرر عنه، ثم جابهوا قوى زيدية بزعامة الإمام المهدي أحمد بن الحسين من جهة ثم بزعامة أبناء وأحفاد الإمام عبد الله بن حمزة وهم من تطلق عليهم المصادر إجمالا لقب الحمزات ، وقد دخل الأئمة الحمزات في حرب تنافسية على السيادة والنفوذ مع الإمام المهدي أحمد بن الحسين وأُذيقوا شر الهزائم وخسروا كثيراً من مواقعهم قبل أن يتدخل المظفر الرسولي إلى جانب الحمزات ويمكنهم من النصر فاعترف الأئمة بسيادة الرسوليين على البلاد، كما جابه الرسوليون تمرداً من سلطان حضرموت سالم بن إدريس فجهزوا له بعد المراسلات والإعذار حملات برية وبحرية انتهت بهزيمته ومقتله، وبعد المظفر يأتي الملك الأشرف الذي يدخل في حرب قصيرة مع أخيه المؤيد غير المعترف بحكم أخيه. لكن الموت يعاجل الأشرف الرسولي بعد ما يزيد قليلاً عن العام ليأتي أخوه المؤيد فيحكم اليمن لخمس وعشرين سنة يتمكن خلالها من ترسيخ هيبة الدولة عبر قضائه على التمردات في المخلاف السليماني بتهامة ومقاومته لوثبات الأئمة الزيديين في الجبال.
المجاهد علي
ويخلف المؤيد ولده المجاهد علي 721 –764هـ/ 1321-1362م الذي يبقى في الحكم ثلاثاً وأربعين سنة يجابه فيها أعنف وأعتى التمردات ضد ملكه من مختلف الأطراف ، من داخل بيته وأعوانه ، من جيشه ومن الطامحين في الاستقلال ، تضطره للاستعانة بقوة مملوكية من مصر، لتنقلب هذه القوة عبئاً جديداً عليه فيعيدها إلى مصر، بل أنه يتعرض للأسر في مكة في واحدة من حجاته، وينقل إلى مصر ليمكث هناك عاماً كاملاً، بعده يكرم السلطان المملوكي وفادته ويرده إلى بلاده مكرماً ليواصل الحكم والتصدي للصعاب، وقد أظهر المجاهد صموداً وعناداً وبطولة وحنكة في مجابهة المستجدات ، تجعله بحق واحداً من عمالقة الرسوليين، وإن كانت سني حكمه المليئة بالاضطرابات قد أحدثت شرخاً في شباب دولتهم وهو الشباب الذي دام قرناً من الزمان احتفظ الرسوليون خلاله باليمن موحداً ومهاباً، أما السنوات الأخيرة من حكم المجاهد فقد شهدت تصدعاً في وحدة اليمن السياسية ، إذ لم يمت الملك المجاهد إلا وقد تمكن جيل جديد من الأئمة الزيديين في القسم الأعلى من اليمن أمثال المتوكل مطهر بن يحيى وابنه محمد بن المطهر ثم المهدي علي بن محمد والناصر صلاح الدين وابنه المنصور علي من بناء قوة جديدة لهم مكنتهم في الثلث الأول من القرن الثامن الهجري من السيطرة على القسم الأعلى من اليمن حتى ذمار وسلخه من جسم الدولة الرسولية لتتقوض من جديد أركان الوحدة اليمنية للمرة الثانية بعد الصليحيين.
خلف المجاهد
وخلف المجاهد ابنه الأفضل العباس وجاء بعده الملك الأشرف الثاني ثم الملك الناصر ليعقبه الأشرف الثالث ثم الأشرف الرابع ثم يأتي الملكان المتنافسان المظفر والمفضل ثم يليهم الملك الناصر الثاني ليُخَلع وليتم تنصيب الملك المسعود آخر ملوك بني رسول ليذهب هو ومنافسه المؤيد.
الامتداد الجغرافي
وفي أزمنة هؤلاء الحكام تميزت فترات حكمهم في المحافظة على مناطق نفوذ الدولة الرسولية وفي القضاء على التمردات المختلفة هنا وهناك في تهامة ومخلاف جعفر (إب) ثم بالقضاء على التمردات داخل البيت الحاكم وهي التي قام بها الإخوان والأعمام ضد بعضهم مستعينين بقوى المماليك والتي حاول الملك الأشرف الثالث التنكيل بهم لإخراجهم من حسابات القوة محرزاً بعض النجاح، كما قامت حرب بين الملك الناصر الرسولي وإمام الزيدية على بن صلاح الدين عندما حاول الأخير غزو بلاد رداع التابعة للرسوليين والمحكومة من قبل ولاتهم آل معوضة جدود المؤسسين لدولة بني طاهر فيما بعد، وهم الذين وفدوا على آل رسول أول الأمر عام 817 هـ/1414م ثم عام 842هـ/1438م ، ليأخذوا بعد ذلك في تقوية أنفسهم في جهاتهم، في وقت أخذت فيه الدولة الرسولية تزداد ضعفاً جراء المنازعات الأسرية على السلطة وهي التي مزقت دولة الرسوليين بين المتنافسين على السلطة. وكانت آخر المنازعات الحربية هي بين الملك المسعود الذي استطاع استعادة التهائم وعدن ليزحف من هناك إلى تعز لطرد الملك المظفر الثاني منها، وقد استغل مماليك تهامة الحرب بين الملكين ليشددوا قبضتهم على تهامة ولينصبوا الأمير حسين بن الملك الظاهر ملكاً ويلقبوه بالمؤيد في العام 855هـ/1451م ، لنجد أنفسنا أمام ثلاثة ملوك رسوليين في وقت واحد يتنازعون الملك والسيادة، وقد شجع هذا التنازع الصريح بين آل رسول ولاتهم وحلفاؤهم من بني طاهر على الطمع في وراثة أسيادهم من بني رسول ، وذلك بدخولهم عدن عام 858هـ/1454م وأسر الملك المؤيد آخر حكام بني رسول ويعتبر البعض أن المسعود هو آخر ملوك بني رسول على أساس أن المؤيد منافس له فقط ومن صنيعة المماليك، لكن المماليك كانوا قد استبدوا بكثير من الأمور وهم الذين خلعوا الملك الناصر الثاني قبل ذلك ونصبوا المسعود ملكاً، وعليه يمكن اعتبار المؤيد آخر ملوك بني رسول .
الانجازات
كان بعض سلاطين بني رسول واسع المعرفة، يقدم الأدباء وأهل العلم ويجاريهم في علومهم، ومال معظمهم إلى العمارة وإنشاء المدارس والمساجد والترب وجاراهم في ذلك نساؤهم وجواريهم ومماليكهم وكبار الأمراء والأئمة وشيوخ القبائل. ودرج السلاطين في أيام العز والقوة على أن تكون تعز حاضرتهم ومستودع خزائنهم، وعلى قضاء بعض أوقاتهم في زبيد وعلى ساحل البحر، وتولى إدارة البلاد في عهدهم ولاة يخضعون للسلطان مباشرة، ويدفعون له الخراج وما يفرضه عليهم من أتاوى، وإلى جانب الوالي في كل مدينة كبيرة ناظر أو زمام على ما جرت عليه العادة في مصر. أما الجيش فكان كبيراً نسبياً ويعد نحو ألف فارس وعشرة آلاف راجل ويتألف من البوابين حراس الأسوار والمماليك من الأكراد والغز، ومن المتطوعة والمجندين من العرب ومن أهل البلاد.
وقد تميز حكم بني رسول الطويل الأمد ـ بغض النظر عن التاريخ السياسي الحربي ـ بكثير من الإنجازات المهمة في ميدان العلم والتجارة والزراعة والطب، فقد بنوا المدارس الكثيرة وأجزلوا العطاء للعلماء وكان كثير من ملوك بني رسول علماء وشعراء وأصحاب رأي ومؤلفي كتب في فروع المعرفة المختلفة، ولا تزال مدينة تعز إلى يومنا هذا تتزين بمنجزاتهم العمرانية كجامع المظفر وجامع الأشرفية و مدرسة الأشرفية وحصن تعز المسمى الآن قاهرة تعز، بالإضافة إلى آثار المدارس الفقهية، وفي زمانهم برز العلماء والشعراء في كل فن، وهو سر الإعجاب المتزايد بالدولة الرسولية، التي أخذت في الآونة الأخيرة تلقى من المؤرخين والدارسين عموماً اهتماماً نرجو أن يكلل بدراسات مستفيضة تليق بمآثر الرسوليين في تاريخ اليمن الوسيط، ولعل أبرز ما يشير إلى سطوع نجم الدولة الرسولية وتبوؤها مكاناً لائقاً بين أمم عصرها تلك الرسالة التي وجهها مسلمو الصين إلى الملك المظفر يشتكون من تعسف ملك الصين ومنعهم من ختان أولادهم كما يطلب منهم الدين الإسلامي، فمجرد توجيه هذه الرسالة إلى الملك المظفر تفيد أن مسلمي العالم كانوا يرون في الملك الرسولي خليفة للمسلمين يتوجهون إليه بالشكوى، وقد تصرف الملك المظفر بما يتفق ومكانته في نفوس مسلمي الصين، إذ بعث إلى ملك الصين برسالة يطلب فيها منه السماح لمسلمي الصين بممارسة واجب الختان لأبنائهم وبعث إليه بهدية تليق بمقامه، فرفع ملك الصين الحضر على ختان المسلمين لأبنائهم، وهو ما يشير إلى تقدير ملك الصين لمكانة الدولة الرسولية خاصة وأن ملوك الصين المعاصرين للدولة الرسولية قد عدوا أنفسهم سادة على العالمين وأن غيرهم من ملك أو سواه إنما هو عبدٌ لهم كما تبين رواية بهذا المعنى تصف مقابلة وفد بلاد الصين للملك الناصر الرسولي .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
المصادر
- ^ محمد وليد الجلاد. "رسول (بنو -)". الموسوعة العربية.
بيبليوگرافيا
- Dresch, P., Tribes, Government, and History in Yemen. Oxford, 1989.