الدون الهادئ-رواية
الدون الهادئ-روايةللكاتب الحائز علي نوبل ميخائيل شولوخوڤ
ترجمة للعربية-علي الشوك/أمجد حسن /غانم حمدون
مراجعة-غائب طعمة فرحان
الناشر-دار المدي المجمع الثقافي أبوظبي
الطبعة الاولي - 1998
الرواية تضم أكثر من 600 شخصية كتبت في الفترة ما بين 1928 ـ 1940 فقد صدر الجزء الأول من الرواية عام 1928 وانتظر القراء 12 عاما ليكمل شولوخوف روايته الملحمية.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أحداث الرواية
الدون الهادیه و سرد قصصي يبين لنا كيف تستحوذ عملية الثورة بشكل لامرد له على الانسان مهما كان موقفه من الثورة ذاتها معقدا ومتناقضا . ومع السنين تكشف رواية شولوخوف أمام عالم القراء المزيد والمزيد من طبقاتها الجديدة ذات الدلالة ، والمواضيع والصراعات ، والمشاكل الاجتماعية والمعاشية المحضة التي لم يلحظها النقد من قبل . ولا يخلو من دلالة أن الجدل الإبداعي الواسع الذي يدور حول « الدون الهادیه » منذ عام 1928 لا ينقطع ، فالكتاب هو نفس الكتاب ، ولكن الأسئلة التي تبرز في مجرى النقاش ، في العقود المختلفة ، تبدو مختلفة . يتصور البعض أن « الدون الهادی » » يظهر بشكل شامل ومقنع اصطفاف القوى الطبقية في الثورة والحرب الاهلية ، وأن المؤلف يجيب ، بالدرجة الأولى ، عن هذا السؤال : كيف تصرف الفلاحون المتوسط الحال ، والذين ترتبط بهم دائما احدى اللحظات في أية ثورة شعبية . وبالطبع ليس من الصعب إيجاد الأسس لمثل هذا الرأي في المعيار العام للرواية وفي تفاصيلها ، فان « الانقسام به الطبقي لأبطال مالدون الهادىء » واضح جدا .. في أحد الطرفين يقف أفقر القوزاق ( « ولد » ، کریستونيا ، بروخور زيكوف ، كوشيفوي ) وفي الطرف الاخر المستغلون الريفيون « ذوو الأيدي البيضه ( موخوف ، کورشونوف ، ليستلسکی ) وبينهما إلى غريغوري میليخوف الذي يمثلون الوسط في أكثر مظاهره الاجتماعية والخلقية تعبيرا وآخرون في التزامهم والضيق » للطريق السيوسيالوجي يجدون في الرواية ، دون عناء ، المادة اللازمة لان يستنتجوا : لقد كان من المهم الشولوخوف أن يظهر أن الجماهير الكبيرة ، القسم الكبير من الشعب وليس فقط المشاركين الأفراد في الثورة يمكن أن يتعرضوا ، دون وعي ، إلى الضلال التأريخي ، ويجدوا أنفسهم منجرين الى قضية غير صحيحة مناقضة المصالحهم ، كما حدث ذلك في تمرد فیشیئسكويه . أن تتبع طريق البطل باعتباره « ضلالا » من جانبه يعارض في البحث الأدبي اعتبار هذا الطريق جريرة ثابتة لغريغوري إزاء الثورة والشعب ، جريرة شخص وحيد لم يرغب في الإصغاء إلى حقيقة الشعب المعذبة ، التي قادت أغلبية القوزاق إلى الطريق الثوري الصحيح الوحيد . وفي رأيي إن الكثير جدا من الأدلة المقنعة سيجد ، في عمل شولوخوف هذا ، اصحاب الرأي القائل بان الجوهري ، بالنسبة للدون الهاديء » هو دحر الفكرة الكاذبة عن إمكانية وجود طريق ثالث للثورة . وفي حقيقة الأمر الماذا ترك غريغوري معسكر الحمر ، على الرغم من أنه كان يكره البيض وذوي الايدي البيض » بكل قوة روحه المتمردة ؟
فهو ليس أنانية ، على الاطلاق ، ولا مالكا صغيرا ، بل على العكس ، إنه في إلقائه نفسه في الاتون ، غير باخل بها ، كان يريد أن يجد أفضل نصيب لشعبه الذي يتعرض غريغوري في سبيله لجميع العذابات التي وصفها المؤلف ذلك الوصف البليغ . ومع ذلك فإن مصيبة غريغوري هي أنه كان يعتبر الشعب كله يتجسد كلية في القوزاق ، ولا يرى شعبا خارج الدون ، ولا يفهم عذابات » « روسيا هنا ، ولم يكن متعطشا أبدا للقتال مع « روسيا » هذه . يكفيه أن يكون للقوزاق برنامج بسيط بما فيه الكفاية : وليتحارب البيض مع الحمر ، أما نحن فسنجد طريقنا الى الثورة ، الطريق الذي لا يؤدي إلى هؤلاء ، ولا الى اولئك .. وكل التاريخ الحياتي لبطل الرواية الرئيسي ، وتاريخ الكثيرين الذين كانوا مرتبطين به يخبرنا أيضا إلى أين تؤدي بالناس مثل هذه الفلسفة في ظروف الانقسامات الثورية العظيمة في كل ثورة ، في كل عاصفة اجتماعية يوجد دائما أناس يحاولون
خداع انفسهم بهذه الفكرة البريئة من الوهلة الأولى ، فكرة الحياد السياسي . ولكن كم من الناس قادت الى حافة الهاوية ، وكم من الناس دفعت الى دوامة مصائب وعذابات لا حصر لها . وقد أظهرت رواية « الدون الهادیه » كل ما ينطوي عليه هذا الموقف ال « بین بین » من تهلكة في الصراع بين القوى المقاتلة من أجل الحياة أو الموت ، وفشل البحث عن طريق ثالث » بين الحق والباطل ، الخير والشر ، النور والظلمة ، الثورة والعداء للثورة ، الأيديولوجية التقدمية ، والايديولوجية الرجعية . وفي هذا المنحى يمكن أن تضاف ميزة اخرى الى الميزات الكثيرة لرواية شولوخوف الرائعة هذه وهي أن هذا العمل يصف كيف أن الأفكار الاجتماعية السياسية تأسر الناس ، جماهير غفيرة من الناس ، ويكشف أهمية هذه الأفكار بالنسبة الناس أحياء ، بالنسبة لعائلة بعينها او هذه القرية المعنية , أن الثمن الفعلي الفكرة و الطريق الثالث في الثورة هو حياة غريغوري المريرة ، وموت جميع المحيطين به على وجه التقريب . بالطبع ، إن مثل هذا التفسير وللدون الهادی ، ه ليس إلا واحدة من التفسيرات العديدة ، ولا يستوعب مطلقا كل الغني الفكري للرواية ، ومهما كان عدد التفسيرات التي تظهر يجب أن نفهم دائما ، مثلما لاحظ الأكاديمي السوفييتي خرابتشنكو ، أن السمة الحقيقية لفن شولوخوف وتتمثل في أنه اعطى للشخصيات التي أبدعها عمقا مذهلا ، وملأها بمحتوی ذي أهمية انسانية شاملة . في « الدون الهادی » » لوحة تاريخية محددة هائلة ، وأمام نظر القارىء تندلع عاصفة الثورة النارية ، وتجري الأحداث على مساحة هائلة - من بطرسبورغ الثورية وخنادق غاليتسيا الي قرية على الدون ، وسهوب الكوبان ، التي صارت مسرحا لواحدة من أخطر معارك الثورة ، ومع كل هذه السعة توجد عناية دقيقة ومتفحمة بشكل مذهل تكاد تشمل كل الذين يقعون في مدي نظر المؤلف ، عناية بالتحولات المفاجئة للمصائر ، وباليومي الاعتيادي المعيشي الصغير ويجب بشكل خاص أن يبرز في مهارة شولوخوف فن النفاذ السيكولوجي الى حياة البطل الداخلية الروحية ، فالقاری ، يعيش شيئا فشيئا ودون أن يدري أحاسيس البطل ، وينظر بعينيه الي ما يحيطه إن العبارة التي ألقاها شولوخوف ذات مرة في حديث مع ادباء فرنسيين تجعلنا اكثر فهما لما يقلق شولوخوف أكثر من غيره في حياة الإنسانية وفي مصير كل فرد محدد . لقد قال شولوخوف ؛ لا يهمني الناس الذين تستحوذ عليهم الفورات الاجتماعية والوطنية . إذ يبدو لي أن شخصياتهم تتبلور في هذه اللحظات . ويمكن للمرء أن يسمع من صفحات والدون الهادی » ذلك النداء الداعي إلى تذكر الإنسان دائما في كل الأزمنة ، وفي اية هزات وتغيرات اجتماعية عالمية . إن ذلك ما يؤكده الفنان الذي رسم شخصيات غريغوري
يريد 6 واکسینیا ، وبودتلكوف ، وبونتشوك ، وايلينشنا ، وداريا ميليخوفا . ومع ذلك فان من القليل على شولوخوف الرضي بالتجاوب الخير مع مصيبة انسان ، وقليل عليه أن يفهم الناس ويتعاطف معهم . بل ان الكاتب كان أن تثير الشخصيات التي أبدعها النشاط ، وتدعو بفعالية إلى مساعدة الانسان يشترط میثاق جائزة نوبل أن يلقي الحائز عليها كلمة تعطي بشكل موجز تصورا عن نظرات الكاتب إلى الحياة والفن ، والی واجب الفنان . وقد قال شولوخوف عن نفسه ما يلي : « أود أن تساعد كتبي الناس ليكونوا أحسن ، وأنقى روحا ، وتوقظ الحب نحو الانسان ، والسعي إلى النضال الناشط في سبيل مثل الروح الانسانية وتقدم البشرية » واعتقد أن ذلك أهم شيء لفهم مؤلف « الدون الهادىء » كفنان وكانساني .
ليتفينوف
اقتباسات
*
مصادر
مقدمة الرواية