الخوف السائل - كتاب
الخوف السائل كتاب من تأليف زيگمونت باومان
الكتاب ترجمة حجاج ابو جبر
تقديم الكتاب د هبة رءوف عزت
الشبكة العربية للبحث والنشر الطبعة الاولي بيروت 2017
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مقطتف من المترجم
ولكن بعد خمسة قرون من « التهذيب الحضاري » ، ما زلنا نتحدث عن « التأخر الأخلاقي » ، بل وعن « العمى الأخلاقي » ، فلم تستأصل الدولة الخوف من العدوان البشري ، بل استخدمت التكنولوجيا المتقدمة وأجهزتها البيروقراطية وأسلحتها المتطورة والتها الإعلامية وعلماءها وقضاتها وشيوخها ومثقفيها في تبرير القتل الجماعي ، ونزع إنسانية الإنسان ، وشيطنة كل من يخالفها . وظل الأمل يراود الحداثة الغربية بعد الحرب العالمية الثانية بالتخلص من آثار الدولة الشمولية ونزعاتها المتطرفة ، وتأسيس دولة الرعاية الاجتماعية ، من أجل استئصال الخوف من المستقبل ، وتحقيق الأمن الاجتماعي ، لكن ذلك لم يدم طويلاً ، وتوغلت الخصخصة ، وانسحبت الدولة من أدوارها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ، وأفسحت الطريق أمام عولمة الاقتصاد وعولمة الجريمة وعولمة الإرهاب ، وتحولت إلى « الدولة السجانة » و « الدولة الأمنية » ، التي تستثمر في « رأس مال الخوف » ، حتى تضمن شرعية وجودها بعدما تخلت عن كل الأدوار التي كانت تكتسب منها شرعيتها .
مقتطف من الكتاب د هبه رءوف عزت
كان وعد الحداثة تحرير الإنسان من الخوف ، فالجماعة التي تمارس سيطرتها عليه سيواجهها بالفردية ، والدين الذي يحذره من عواقب أفعاله سيتم مواجهته بفصل الغيب عن الحياة وإعلان العلمانية ( الجزئية أو الشاملة ) ، وضربات الطبيعة والمرض والموت سيتم التعامل معها بالعلم .
نبوءة الحداثة كانت تحرير العقل وإخضاع الطبيعة ، والسيطرة والهيمنة والتحكم .
ولا يكفي أن نقول إن الوعد لم يتحقق ، بل السؤال الأهم هو كيف استطاعت الحداثة الخروج من مأزق الفشل في تحقيق وعودها بانتقالها من الحداثة الصلبة إلى الحداثة السائلة ، وكيف استطاعت توزيع المخاوف الكبرى على تفاصيل الحياة اليومية ، وإشعار الفرد أن مواجهة التهديدات هي مهمته هو ، وأن توفير الأمن لم يعد من واجبات الدولة بل هو مسؤولية الأفراد ، وكيف أدارت فشلها لصالحها ، بل وحققت أدواتها الاقتصادية المكاسب من هذا الوضع ، بدءاً من صناعة أجهزة المراقبة والحراسة إلى صناعة السلاح وتجارة الحروب الدولية
. يحدثنا هذا الكتاب عن تحولات تجريد الأفراد عبر أدوات الحداثة من كل شبكات التضامن ومهارات مواجهة المخاوف والمخاطر كافة ، وبعد « تأميم الخوف » في ظل النظم الاشتراكية التي وعدت بتأمين خدمات التوظيف والصحة والتعليم والسلامة والاستقلال والسيادة ، انتقلت الحداثة في طورها الجاري السائل إلى « خصخصة الخوف » ، ليصبح الأمان مهمة الفرد ، وبدلاً من رعاية الدولة ظهر السوق ليقدم خدمات الأمن والأبواب الآمنة والسيارات المصفحة والأسوار العالية وكاميرات المراقبة ؛ ومن لا يملك تكلفة ذلك كله كان عليه أن يتعلم كيف يدافع عن نفسه بطرائق أقل تعقيداً . . وربما أكثر وحشية .
في هذا الكتاب ينتقل بنا باومان من الحديث عن طبيعة الحداثة وأثرها على عالم الأفكار والأشخاص إلى الوجه الأكثر قبحاً للحياة التي نحياها في ظل العولمة ، ليبين السمات النفسية للمرحلة التاريخية الراهنة ، إذ تنفك ممارسة السلطة عن هياكل السياسة ، وتجتاح القوى الخارجية مساحات السيادة ، وتتحكم توازنات الاقتصاد الدولي في مسارات المجتمعات ؛ إنها الرأسمالية في ثوبها الجديد ، حيث يسكن الخوف النفوس ، وتدار الحياة بشكل لا يمنح الأمن ولا يحقق السعادة .
عن الكتاب المؤلف
والكتاب الذي بين أيدينا هو قائمة ( غير كاملة ، وابتدائية للغاية ) بالمخاوف الحديثة السائلة ، كما أنه محاولة ( ابتدائية للغاية ، وأكثر ثراء في الأسئلة عن الإجابات ) للبحث عن المصادر المشتركة والعوائق التي تتراكم على طريق اكتشافها ، ولإيجاد طرائق لإزالتها أو درء ضررها ؛ فهذا الكتاب دعوة للتفكير في الفعل ، ودعوة للفعل ، بتفكير وتدبر ، وليس كتاباً يقدم وصفات جاهزة ، فغرضه الوحيد هو تنبيهنا إلى جسامة المهمة التي نحن على يقين بمواجهتها في أغلب القرن الحادي والعشرين ( شئنا أم أبينا ، علمنا أم جهلنا ) ، وذلك حتى تستمر البشرية في مسيرتها العصيبة إلى آخرها ، وتخرج في النهاية وهي تشعر أنها أكثر أماناً وثقة بالنفس مما كانت عليه في بدايتها .
إقتباسات
فإننا ابتكرنا بسبب الاصطدامات المختلفة المتكررة كلمة القدر الذي نكيل له الاتهامات - جورج كريستوف ليشتنبرغ عالم وشاعر وكاتب ألماني.