الحسين بن الضحاك
الحسين بن الضَحّاك الباهلي البصري (150-250 هـ / 767-864م) شاعر عباسي، مولى لباهلة، وهو بصري المولد والمنشأ ، وهو من ندماء الخلفاء، من بني هاشم. شاعر أديب ظريف، مطبوع حسن التصرف في الشعر حلو المذهب. وكان أبو نواس يأخذ معانيه في الخمر فيغير عليها. عمر طويلا قارب المئة سنة، ومات في خلافة المستعين أو المنتصر. له شعر في كتاب شعراء عباسيون منسيون.
عم إن له شعر في المذكر، ولكنه ليس كأبي نواس في مجونه وخلاعته. وتسميته بالخليع يبدوا أنه كانت على زمنه، فيقول في أحد قصائده: أنا الخليع فقوموا … إلى شراب الخليع
أغلب شعره ضاع، ويقول المحقق د.جليل العطية، إن له قرابة الستة آلاف بيت ولم نجد إلا السدس تقريباً.. كنت أقرأ وأعلّم عند الابيات التي تشدني أو تلفت انتباهي.. وسأضعها بين يديكم.. ولتُغفِلوا ماكان فيها من خلاعة إن وجدتم..
قال وقد سمع فارسياً يغني: وصوت لبني الأحرا…..ر أهل السيرة الحسنى شجيّ يأكل الأوتا…..ر حتى كلها يفنى فما أدري اليد اليسرى…. به أشقى أم اليمنى وما أفهم مايعني….. مغنينا إذا غنى سوى أني من حبي…. له أستحسن المعنى
كأني إذا فارقت شخصك ساعة……. لفقدك بين العالمين غريب
أغرك صفحي عن ذنوب كثيرة…… وغضّي على أشياء منك تريب كأن لم يكن في الناس قبل متيّم…… ولم يك في الدنيا سواك حبيب إلى الله أشكو إذ ذُكرت فلم يكن….. لشكواي من عطف الحبيب نصيب
ليبلغ بنا هجر الحبيب مرامه…. هل الحب إلا عبرة ونحيب كأنك لم تسمع بفرقة أُلفة…. وغيبة وصل لا تراه يؤوب
ولك أرَ في الدنيا كخلوة عاشق…. وبذلة معشوقٍ ونوم رقيب
وعدّي ساعات النهار ورِقبتي…. إلى الشمس لما آذنت بمغيب
بنفسي حبيب لا يمل التعتّبا…. إذا زدته في العذر زاد تعصبا
يطيل ضراري بامتحان صبابتي… وقد علم المكنون منها المغيّبا
أصبحتُ معتصماً بمعتصم… أثنى الإله عليه في كتبه
قال في قبيح الوجه:
“سابور” ويحك ما أخسّك بل أخصّك بالعيوب
وجه قبيحٌ في التبسّم كيف يَحسن في القطوب
وفي الهجاء:
خَلِّ اللعين وما اكتسب…. لا زال منقطع السبب
يا عُرّة الثقلين لا …. ديناً رعيتَ ولا حسب
وماذا يفيدك طيف الخيا….ل والهجر حظك ممن تحب
قسم الزمان على المحب بهجره….. وببعده وجفائه أثلاثا
لله في اللوح شيء لست ماحيه…. إن شاء أثبته أو لم يشأه محا
فليتك حين تهجره ضرارا…. تمنّ عليه بالقتل المريح
بحسنك كان أول حسن ظني…. أما ينهاك حسنك عن قبيح
يارُبِ ملتمس الجنون بنومة…. نبهته بالراح حين أراحا
وأفرح بيومك إنما…. عمر الفتى يوم الفرح
سقى الله عيشاً لم أبت فيه ليلة…. من الدهر إلا من حبيب على وعد
مؤزرة السربال ممكورة الحشا… غلامية التقطيع شاطرة القد
هويتكم جهدي وزدت على الجهد… ولم أرَ فيكم من يقيم على العهد
فإن أُمس فيكم زاهداً بعد رغبة… فبعد اختيارٍ كان في وصلكم زهدي
تعزّوا بيأسٍ عن هواي فإنني… إذا انصرفت نفسي فهيهات من ردّي
أرى الغدر ضِداً للوفاء وإنني… لأعلمُ أن الضدّ ينبو عن الضد
صِلوا وافعلوا فعل المدِلِّ بوصله… وإلا، فصدوا وافعلوا فعل ذي الصد
أضحت يمينك من جودٍ مصورة… لا بل يمينك منها صورة الجودِ
من لم يكن لله متهما…. لم يُمسِ محتاجاً إلى أحدِ
يامن شُغلت بهجره ووصاله… همم المنى ونسيت يوم معادي
والله ما التقت الجُفون بطرفة… إلا وذكرك خاطِرٌ بفؤادي
إن يوماً أراك فيه ليومٌ… أطلعت شمسه بسعدِ السعودِ
كأنما لسانه… شُدّ بحبل من مسد
له وجنة ماتحمل العين رقة…. جوانبها بيض وأوساطها حمر
شكوت الهوى يوماً إليه فقال لي… “مسيلمة الكذاب” جاء من القبر
ألا لا أرى في العيش للمرء متعة… إذا ماشباب المرء ولّى وأدبرا
أصبحت من أُسراء الله محتبساً…. في الأرض نحو قضاء الله والقدر
إن الثمانين إذ وفّيت عدتها…. لم تُبقِ باقية مني ولم تذر
وفضلُ كأسك يأتيني فأشربه…. جهراً وتشرب كأسي غير مستتر
وكيف أُشمله لثمي وأُلزمه…. نحري وترفعه كفي إلى بصري
إذا لم يُصلحِ الخيرُ امـ….ـرءاً أصلحه الشر
صِل بخدّي خدّيك تلق عجيباً…. من معانٍ يحار فيها الضّميرُ
فبخدّيك للربيع رياضٌ…. وبخدّيَّ للدموع غدير
وما للحسودِ وأشياعه…. ومن جحدَ الحقّ إلا الحجر
كأنما الريش على خَدّه…. طَلٌّ على تفاحة غَضّه
صفاته فاتنة كلها…. فبعضه يذكرني بعضَه
ياليتني زوّدني قُبلةً…. أو لا فمن وجنته عضّه
وزائرة ماضمّخت قط ثوبها…. بمسك ومن أثوابها المسك يسطع
ينمُّ عليها ريقها وحُليُّها…. وغُرتها في الليل والليل أدرع
وقال في غلام ينتف لحيته:
خلِّ الذي عنك لا تسطيع تدفعه…. يامن يصارع من لاشك يصرعه
جاءت طرائق شَعرٍ أنت ناتفها…. فكيف تصنع لو قد جاء أجمعه
الله أكبر لاأنفكُّ من عجبٍ…. أأنت تحصد ماذو العرش يزرعه
تبّاً لسعيك بل تباً لأمك إذ…. ترعى حِمى خالقُ الأحماء يمنعه
ياصاحبيَّ دعا الملامة إنما…. شرُّ الملامة أن يلام الموجع
أألام في طلب الأحبة بعدما…. حنّت من الطرب الحمام النُزّعُ
وأقسم لولا خشية الله وحده…. ومن لا أسمّي كنتُ أول عاشقِ
ولو كنت شكلاً للصبا لاتبعته…. ولكنّ سني بالصبا غير لائقِ
وجدت ألذّ العيشِ فيما بلوته…. ترقّبَ مشتاقٍ زيارة شائقِ
بعضي بنار الهجر مات حريقا…. والبعض أضحى بالدموع غريقا
لم يشكُ عشقاً عاشقٌ فسمعته…. إلا ظننتك ذلك المعشوقا
أراك بعين قلبٍ لا تراها…. عيون الناس من حذري عليكا
فأنت الحُسنُ لاصفةً لحُسنٍ…. وأنت الخمرُ لا مافي يديكا
فإذا مالثمت لثمك فيه… فكأنّي بذاك قبّلت فاكا
حبذا حبك رُشداً… كان أو كان ضلالا
ومسترقٍ للحظ لم يظهر الجوى…. يريد يناجيني فيمنعه الخجل
شكوت بطرفي ما أقاسي من الهوى…. إليه فأوما بالسلام على وجَل
تخبِّرني عيناه عمّا بقلبه…. وقد مات من وجدٍ وليس له حِيل
فعين إلى وجه الرقيب لخوفه…. وعينٌ إلى وجه الحبيب إذا غفل
وإني لآرجوا أن أموت وتنقضي…. حياتي وما عندي يدُ للئيم
أطيبُ الطيبات أمر ونهي… لايردّان في الأمور الجسام
سترنا بظهر الغيب ماكان بيننا…. ونحفظ عهدينا على رغم من كتم
إن من اطول ليلٍ أمداً…. ليل مشتاق تصابى فكتم
ربَّ فظّ القلب لا لين له…. لو رأى مابك منه لرحم
إنما الدنيا كوهم… أو كأحلام منام
كلّ شيء يتوفى… نقصه عند التمام
إن الليالي لم تحسن إلى أحدٍ… إلا أسائت إليه بعد إحسان أما رأيتَ خطوب الدهر ما فعلت… بالهاشميِّ وبالفتح بن خاقانِ
سيبقى فيك ما يُهدي لساني… إذا فنيت هدايا المهرجانِ
قصائد تملأ الآفاق ممّا…. أحلّ الله من بسط اللسان
إن بقلبي روعة كلما… أضمر لي قلبك هجرانا
ياليت ظني أبداً كاذبٌ… فإنه يصدق احيانا
سألونا أن كيف نحن فقلنا… من هوى نجمه فكيف يكون
نحن قوم أصابنا حدث الدهـ…ـر فظلنا لريبه نستكين
جمع الله شهوة الناس فيه… فهو في الحسن غاية المتمني
أمِنَ العدلِ أن أرقَّ ويجفو… ني وأشتاقه ويصبر عني
لا تلمني على فِتن… إنها كاسمها فِتَن
فإذا لم اهِم بها… فبمن؟ لا بمن إذن
خذوا بدمي محاسنه وخُصّوا…. مقبَّله وبَردَ ثنيتيه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .