الحزب الاتحادي الديمقراطي (السودان)
| ||||||||||||||||||||||||||||
|
الحزب الاتحادي الديمقراطي، هو أقدم حزب سياسي في السودان. يتزعمه محمد عثمان الميرغني.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
التاريخ
تأسس الحزب بعد اندماج الحركة الاتحادية السودانية بأحزابها التي تكونت في فترة النضال ضد الاستعمار وكان لها الدور الأكبر في استقلال السودان عام 1956، حينما استطاعات أن تعلن استقلال السودان من داخل البرلمان عام 1955 حيث كانت لها الأغلبية بعد اكتساحها لانتخابات عام 1953.
وكان عصارة ذلك هو الاتحاد بين حزبين سياسيين كبيرين هما الحزب الوطني الاتحادي برئاسة إسماعيل الأزهري وحزب الشعب الديمقراطي برئاسة الشيخ علي عبد الرحمن وكان ذلك عام 1968. واختار الحزبين السيد إسماعيل الأزهري رئيساً للحزب آنذاك. فقد كان الرئيس إسماعيل الأزهري أول رئيس لجمهوريةالسودان بعد الاستقلال في أول يناير 1956 وهو الذي رفع علم السودان.
كانت اتفاقية السلام التي وقعها الحزب مع الحركة الشعبية لتحرير السودان في نوفمبر عام 1988 والتي تعرف باتفاقية الميرغني/ قرنق، هي السبب الرئيسي في قيام انقلاب 30 يونيو 1989 بعد رفض تنظيم الجبهة الاسلامية لهذه الاتفاقية فخططوا لاستلام الحكم قبل إنفاذ بنود هذه الاتفاقية في العهد الديمقراطي.
يرأس الحزب السيد محمد عثمان الميرغني وهو مرشد الطريقة الختمية الصوفية. وهو أيضاً رئيس التجمع الوطني الديمقراطي المعارض الذي يضم تحت لوائه أحد عشر تنظيماً وحزباً سياسياً سودانياً من بينها الحركة الشعبية لتحرير السودان والحزب الشيوعي السوداني . وقد عادت جميع هذه التنظيمات والأحزاب للعمل السياسي العلني داخل السودان من بينها الحزب الاتحادي الديمقراطي، وذلك بعد توقيعهم اتفاق القاهرة مع الحكومة السودانية برعاية مصرية في عام 2005.
اختارت قيادة الحزب بعد إعلانها عودة نشاطها الداخلي أن يضاف لاسم الحزب كلمة (الأصل) وذلك بغرض عدم الخلط بين الحزب الاتحادي الديمقراطي المعارض والحزب الاتحادي الديمقراطي المسجل الذي أنشئته مجموعة منشقة من الحزب وتحالفت مع سلطة الانقاذ منذ بداياتها وكان يترأسها المرحوم الشريف زين العابدين الهندي.
عاني ويعاني الحزب الاتحادي الديمقراطي من الانشقاقات والتيارات في داخله، ولكنها جميعاً تعبر عن خلاف في أطر العمل التنظيمي وليس خلاف في المنهج الفكري الأيديولوجي فمعروف أن الحركة الاتحادية لديها ثوابت فكرية نبعت من ضمير الشعب السوداني وجماهير الحركة الوطنية إبان النضال ضد المستعمر في معركة الاستقلال.
أبرز قيادات الحزب
من قيادات الحزب الاتحادي الديمقراطي الحالية:
- محمد عثمان الميرغني - رئيس الحزب
- ابراهيم الميرغني - المتحدث الرسمي باسم الحزب
- علي محمود حسنين - عضو الهيئة القيادية
- سيد أحمد الحسين - عضو الهيئة القيادية
- ميرغني عبدالرحمن الحاج سليمان - عضو الهيئة القيادية
- حاتم السر علي - الناطق الرسمي
- عثمان عمر الشريف - أمين القطاع التنظيمي
جدل
محمد عثمان إبراهيم ساهم بشكل رئيسي في تحرير هذا المقال
|
يصيب الكثيرون حين ينظرون الى الحزب الإتحادي الديمقراطي (الأصل) بإعتباره منظومة ذات طبيعة خاصة أكثر منها حزباً سياسياً وفق أكثر تعريفات الأحزاب السياسية تسامحاً، لأن أول ملمح للتعريف بالحزب السياسي هو أنه منظومة تلتف حول مجموعة من الأهداف أو الأفكار. الإتحادي الديمقراطي زاهد في النظم، والأهداف، والأفكار، لكنه يظل مجموعة قوية ذات تأثير وحضور ونفوذ بالغ على صعيد السياسة والإقتصاد وتوجهات المجتمع.
يقترب الحزب من القبيلة شبهاً بإعتباره تأسس على مجموعة من العشائر السياسية ذات الملامح المشتركة والتي كان الجامع الأكبر بينها الولاء لمرشد الختمية والصلة الحميمة مع مصر في عهد ما قبل الدولة الوطنية. خلال رحلة الإستقلال وبناء الدولة الوطنية حاول الحزب (مثل أي قبيلة) التواؤم مع مقتضيات الحال السياسي، واكتسب خطابات وأدبيات متنوعة، وفي كثير من الأحيان متباينة ومتناقضة دون أن يشعر المنتمون للحزب بأهمية ذلك فالإنتماء للحزب هو الأساس ولا يهم بعده إن تبنت العشيرة ذات النفوذ هذا الخطاب أو ذاك. هكذا نجد الحزب يحمل مرة شعار وحدة وادي النيل، ومرة ينادي بالإستقلال، وتارة يطرح برنامج الجمهورية الإسلامية فيما ينفذ تارات أخرى أو يؤيد برامج ذات سمت علماني غير مستتر.
الشيء الثابت في الإتحادي هو وجود عائلة السيد الميرغني على سدة رئاسته، وإذا وجدت جماعة سياسية تحمل هذا الإسم برئاسة فرد من خارج تلك العائلة فهذه حتماً جماعة منشقة تحتفظ بالإسم كعلامة (تجارية سياسية) تقدمها للجمهور وتلوح بها للتيار الرئيسي للحزب أملاً في العودة. في النصف الثاني من الستينات اتحد حزبا الشعب الديمقراطي (الجناح السياسي للطريقة الختمية) والحزب الوطني الإتحادي (الذي يمثل النخب الحضرية المناوئة لطائفة الأنصار وغير المنتمية لأيديولوجيات اليمين واليسار) تحت مظلة الحزب الإتحادي الديمقراطي دون التوافق على مواثيق، أو برامج، أو مؤسسات، أو أفكار سوى التحالف من أجل وضع أصوات الناخبين الهائلة في سلة واحدة تضمن لهم السيطرة على البرلمان في أي انتخابات حرة ونزيهة. لم يتحقق هذا بطبيعة الحال وكان أحد المخاطر الكبيرة على التجارب الانتخابية ومحاولات تطبيق نموذج الديمقراطية الغربية في البلاد إذ كان ولا يزال عدم الإنضباط داخل المؤسسة هو الحاكم، ولا زالت العشائر السياسية تتحرك بين التيارات المتشاكسة بسهولة ويسر.
في الفترة ما بين سقوط نظام الرئيس السابق وحتى توقيع اتفاق القاهرة بين حكومة السودان والتجمع الوطني المعارض وهو التحالف الذي سيطر عليه الحزب، تحكم رئيس الحزب السيد محمد عثمان الميرغني في كافة مفاصل الحزب وأنشطته في الداخل وعضويته خارج البلاد ببراعة وصرامة وحسم، واضطر غالبية التيارات (العشائر الحزبية) لحل تنظيماتها والتسليم بقيادته المطلقة لكن إحدى العشائر الكبرى انشقت بقيادة الشريف زين العابدين الهندي وتحالفت مع حكومة الإنقاذ ثم سقطت معها في خط النهاية.
في مرحلة ما بعد اتفاقالقاهرة فوض زعيم الحزب العديد من مهامه لأبنائه ومساعديه وقد انطبع أداء الحزب وفقاً للطبيعة الشخصية لصاحب الوقت من أبناء الزعيم على سدة الزعامة. يعتمد السيد الميرغني في ممارسة القيادة على مزايا متنوعة أهمها الحفاوة بالإختلافات، والإستماع للأصوات المتشاكسة في دوائر الشورى المختلفة، والتمهل في اتخاذ القرارات والحرص على صورته الرمزية أمام الجماهير، وتحمل مسئولية اتخاذ القرارات النهائية، وقد قسم هذه الصفات على أبنائه بشكل عادل فبينما يميل السيد الحسن الى الحسم والتنظيم الديواني، والتدوين، والإقتراب من النخب المدينية، والإنفتاح على الإعلام، ينحو السيد جعفر نائب رئيس الحزب الحالي الى التمهل في اتخاذ القرارات، والقيادة من داخل هيئات فضفاضة وغير رسمية، والتواصل مع القوى التقليدية، والزهد في التعاطي مع وسائل الإعلام.
يبدو المشهد الآن في الحزب بعيداً عن الإنتصارات ولعل اختلاف مدرستي السيد الحسن والسيد جعفر في القيادة قد أثر على حيوية الحزب، في ظل ابتعاد رئيس الحزب عن مهامه اليومية، وهو ما يجعل فرص كوادر الحزب الطامحة الى لعب دور في قيادة المرحلة الإنتقالية محدوداً لكن مصائب هؤلاء عند التجمع الإتحادي (بابكر فيصل وآخرون) فوائد إذ سيلتف حوله هؤلاء بإنتظار عودة الحيوية للتيار الرئيسي.
هناك حديث كثير خارج وسائل الإعلام عن خلافات حادة بين السيدين الحسن وجعفر وهو أمر محتمل بطبيعة الحال في الشأن السياسي لكنه في تقدير الكثيرين من القريبين من البيت الميرغني حديث فيه مبالغات وتضخيم، وسواء صح الحديث عن الخلاف أم لا فإن احتمالات خروجه للعلن معدومة، واحتمالات حدوث انشقاق جديد مستحيلة إذ تدار الشئون الخاصة (إتفاقاً وخلافاً) داخل بيت السيد الميرغني بالصمت والكتمان، فيما يعتبر الحصول على رضا الأب السقف الذي ينبغي أن يمر من تحته الجميع، وهو ما سيلزم التيارين المختلفين الآن على التوافق على صيغة مشتركة لقيادة الحزب تضمن الوحدة وإبقاء العائلات السياسية المتشاكسة تحت ذات السقف. ستفوت الحزب المشاركة في هذه الفترة الإنتقالية كما يبدو وهو ما يجعل حكومتها حكومة أقلية معزولة من السند الجماهيري ولن يعصمها من السقوط سوى تحقيق إنجازات كبيرة.