حركة القوميين العرب
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
نشأة حركة القوميين العرب
حركة القوميين العرب تنظيم سياسي ارتبط بتأسيسه عضوياً بنكبة الشعب الفلسطيني والأمة العربية في فلسطين عام 1948، وقد أصدر هذا التنظيم في بداية نشاطه نشرة "الثأر" وبعد ذلك أصدر مجلة الرأي، ثم مجلة الحرية، ومن خلال هذه الأدبيات الثلاث يستطيع الباحث أن يقرأ فكر هذا التنظيم السياسي ومواقفه وأهم نشاطاته.
- رفع في بدايات نضاله ثلاثة شعارات هي (الوحدة، والتحرر والثأر) "أي الثأر من الصهيونية التي تسببت في نكبة الشعب العربي الفلسطيني ونكبة الأمة العربية، تلك النكبة التي لم يكن لها في نظر المؤسسين مثيلاً في التاريخ الإنساني".
- بقيت حركة القوميين العرب ترفع هذه الشعارات وتناضل تحت رايتها حتى عام 1959 حيث أضافت لها شعار الاشتراكية، واستبدلت شعار "الثأر" بشعار استرداد فلسطين، وبالتالي أصبحت الحركة تستهدف تعبئة جماهير الأمة العربية في كافة الأقطار العربية لتحقيق الوحدة العربية، وتحرر كافة الأقطار العربية من الاستعمار وتحقيق الاشتراكية، واسترداد فلسطين.
- لقد اسست حركة القوميين العرب مجموعة من الشباب العربي الذي تواجد في عام 1948 في الجامعة الأمريكية في بيروت، وكان من أبرز المؤسسين: الدكتور جورج حبس والدكتور وديع حداد من فلسطين وهاني الهندي من سوريا والدكتور أحمد الخطيب من الكويت.
- وبعد أن انتشرت الحركة وأصبح لها فروع نشطة في أكثر من بلد عربي أصبح الصف القيادي في حركة القوميين العرب يضم عدداً آخر من القياديين المعروفين على الصعيد العربي بشكل عام أو على الصعيد المحلي، منهم: محسن إبراهيم من لبنان، أحمد اليماني من فلسطين، باسل كبيسي وسلام أحمد من العراق، نايف حواتمة من الأردن، عبد الفتاح إسماعيل مؤسس الحزب الاشتراكي اليمني وقحطان الشعبي أول رئيس لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بعد جلاء القوات البريطانية من الجنوب اليمني وغيرهم.
- ومن الصعب إعطاء تاريخ محدد لبدء عمل ونشاط حركة القوميين العرب، إذ أن المجموعة المؤسسة قد بدأت العمل تحت أسماء مختلفة منها (الشباب القومي العربي) وغيرها من الأسماء إلى أن استقر رأيها على العمل باسم حركة القوميين العرب في المؤتمر الأول الذي دعت له المجموعة المؤسسة والذي عقد في عمان عام 1956.
- إن النواة المؤسسة كانت تدرك أنها ليست التنظيم السياسي الوحيد في الوطن العربي الذي يقوم على أساس الإيمان بالقومية العربية، إذ أنه إلى جانب الحركة كان هناك حزب البعث العربي الاشتراكي الذي كان ينطلق من الإيمان بالأمة العربية وضرورة وحدتها وتحررها وتطبيق الاشتراكية في مجتمعها الموحد، وكان حزب البعث قد تأسس في عام 1947، وكان قائماً قبل نكبة عام 1948، إلا أن المجموعة المؤسسة في ذلك الوقت كانت ترى ضرورة انعكاس النكبة في الشعارات التي تناضل من أجلها جماهير الأمة العربية وفي أساليب الكفاح وطبيعة مبادئ التنظيم، فكانت ترى ضرورة الإعداد للكفاح المسلح طريقاً لاسترداد فلسطين إلى جانب تركيزها على أهمية وضرورة وجود تنظيم سياسي حديدي مسلح يطلب من الأعضاء أن يهبوا أنفسهم للنضال ويكونوا على أتم الاستعداد ليعلملوا وفق مجموعة مبادئ تنظيمية على رأسها مبدأ المركزية المرنة ومبدأ "نفذ ثم ناقش".
- ولقد حرصت النواة المؤسسة ألا تأخذ على عاتقها إعلان تنظيم سياسي قومي عربي جديد إلا بعد أن تتأكد أنها ستكون قادرة على تجسيد المبادئ التنظيمية والمسلكية بشكل خاص، وبالتالي لم تتجرأ على إعلان العمل باسم حركة قومية عربية جديدة إلا في عام 1956 بعد أن رأت أنه من الممكن أن تأخذ على عاتقها مثل هذه المسؤولية التاريخية.
- قبل انعقاد المؤتمر الأول لحركة القوميين العرب كانت النواة المؤسسة قد نجحت في تأسيس فروع لها في لبنان وسوريا والعراق والأردن الذي كان يشمل الضفة الغربية في ذلك الوقت، وكذلك تنظيم بعض الطلاب العرب الذين يدرسون في الجامعات المصرية من مختلف الأقطار العربية وفي عام 1959 وعن طريق تخرج مجموعات من أعضاء الحركة تدرس في جامعات مصر أصبحت الحركة تعمل في ليبيا والسودان واليمن الشمالي واليمن الجنوبي والبحرين.
- لقد تحددت في المؤتمر الأول عام (1956) مجموعة من المبادئ التنظيمية التي قام على أساسها تنظيم الحركة ومن أهمها: مبدأ (القيادة الجماعية – القيادة للأكفأ – القيادة في صفوف القاعدة – المركزية المرنة – النقد والنقد الذاتي – ونفذ ثم ناقش) وعلى ضوء الظرف السياسي الذي كانت تعيشه معظم الأقطار العربية فإن القيادات لم تتحدد من خلال مؤتمرات تنتخبها قواعد الحركة وإنما من خلال مؤتمرات تحدد بالتعيين وبالتفاعل بين الصف القيادي الأول والصفوف الكادرية الثانية، وعلى ضوء التقييم النشاطي والتنظيمي ومقياس الانضباط والكفاءة كما تراها القيادة المركزية.
- لقد حاولت حركة القوميين العرب في بداية نشاطاتها أن تركز على العمل العسكري عن طريق إرسال مجموعات فدائية تتسلل إلى فلسطين المغتصبة، ولكن مثل هذا النشاط كان يصطدم بالجيش العربي الأردني بزعامة البريطاني كلوب باشا في ذلك الوقت الذي جعل من الجيش العربي الأردني حامياً وحارساً لحدود "إسرائيل" مما عمق القناعة في ذلك الوقت بأن عملية تحرير فلسطين مرتبطة بالمتغيرات العربية التي تمكن الشعب الفلسطيني والعربي من النضال المسلح ضد الكيان الصهيوني، وبالتالي بدأ نشاط الحركة بخاصة في الأردن ولبنان وبقية أقطار المشرق العربي يتركز على العمل الجماهيري والسياسي الذي يستهدف إحباط مخططات الإمبريالية ومشاريع أحلافها في المنطقة في ذلك الوقت بهدف تحرر هذه البلدان من النفوذ الاستعماري لكي تتمكن الحركة من تصويب نيرانها ضد العدو الصهيوني، من هنا أصبحت الحركة في ذلك الوقت جزء لا يتجزأ من حركة التحرر الوطني العربي في الأردن ولبنان وبقية مناطق المشرق. وأصبحت تعتبر – رغم نشأتها الحديثة – فصيل فاعل ومعترف به من قبل كافة فصائل حركة التحرر الوطني العربي في المنطقة.
- وفي هذه الأثناء كانت تتبلور القيادة الناصرية والتي بدأت تتصدى بقوة لمشاريع الاحتلال والمخططات الإمبريالية في مصر والساحة العربية، وسنة بعد سنة كانت تتبلور الناصرية كحركة قومية عربية تستحوذ على عواطف كافة الجماهير العربية مما جعل حركة القوميين العرب حليفاً طبيعياً للحركة الناصرية.
- ومع قيام الوحدة بين سوريا ومصر بزعامة عبد الناصر ذلك الحدث الكبير والنوعي في تاريخ النضال القومي العربي التحرري والوحدوي، وبعد ثورة 14 تموز في العراق، تلك الثورة التي حدثت إلى حدٍ ما بتأثير الموجة التحررية التي عمت المنطقة بقيادة عبد الناصر، وبتأثير الخطوة الوحدوية التي تمت بين سوريا ومصر طرحت بعض الكوادر في صفوف الحركة أن تحل الحركة نفسها، ولكن قيادة الحركة التي اعتبرت أن عبد الناصر أصبح هو القيادة الرسمية لحركة القومية العربية رفضت أن تحل نفسها استناداً إلى حاجة الناصرية كقيادة رسمية إلى تنظيم سياسي فاعل ومتين يعمل في صفوف الجماهير لكي يعبئها للنضال من أجل نفس الأهداف التي يطرحها القائد عبد الناصر، وذلك لعدم قناعتها بالصيغ التنظيمية التي كانت تطرحها القيادة الناصرية لتعبئة الجماهير. لقد تصورت قيادة الحركة أن قيام الوحدة بين سوريا ومصر يقربها إلى حدٍ كبير من تحقيق كافة أهدافها في الوحدة والتحرر والاشتراكية واسترداد فلسطين، وبالتالي فعندما حصل الانفصال في سبتمبر/1961 شكل ذلك صدمة كبيرة بالنسبة للحركة قيادة وقاعدة، كما شكل صدمة كبيرة بالنسبة للجماهير العربية كلها، وبالتالي تركز نشاط الحركة بعد الانفصال على استرداد الوحدة بين سوريا ومصر مع ضرورة معالجة الأخطاء التي وقعت بها تجربة الوحدة التي اتخذتها القوى الانفصالية في سوريا ذريعة للانقلاب الانفصالي، وفي هذه الفترة حققت حركة القوميين العرب مداً تنظيمياً وجماهيرياً في ساحتي سوريا والعراق، بحيث نما وتفوق فرعا الحركة في هذين البلدين.
وفي هذه الفترة – فترة ما بعد الانفصال – أوجدت الحركة الصلة المباشرة بينها وبين القائد عبد الناصر شخصياً بعد أن كانت تقوم صلتها مع القيادة الناصرية من خلال أشخاص قياديين في الجمهورية العربية المتحدة، ولكن ليس مع شخص عبد الناصر مباشرة. ومنذ ذلك الوقت وجدت علاقة حميمة بين عبد الناصر وقيادة الحركة على كافة الأصعدة الأيديولوجية والسياسية والشخصية.
- وقد وقفت الحركة في الساحة العراقية بعد ثورة 14 تموز موقفاً يدعو إلى وحدة العراق مع الجمهورية العربية المتحدة، واعتبرت قيادة عبد الكريم قاسم في ذلك الوقت التي كان يسندها الحزب الشيوعي العراقي قيادة انفصالية وغير وحدوية، وخاضت معركة أيديولوجية سياسية ضد الحزب الشيوعي العراقي على هذا الأساس، وعندما حصلت ثورة رمضان عام 1963 في العراق ضد نظام عبد الكريم قاسم، وثورة ثمانية آذار في سوريا عام 1963 ضد الحكم الانفصالي انتعشت آمال الحركة وآمال الجماهير العربية بتحقيق الوحدة العربية من جديد بين مصر وسوريا والعراق، بحكم أن حزب البعث الذي أصبح القوة المسيطرة في سوريا بعد القضاء على الحكم الانفصالي وفي العراق بعد القضاء على نظام عبد الكريم قاسم هو حزب وحدوي وبالتالي اعتبرت حركة القوميين العرب أن هناك فرصة لتحقيق وحدة ثلاثية بين مصر وسوريا والعراق تعوض عن الخسارة الكبيرة التي حصلت نتيجة الانفصال عام 1961 وتنعش آمال الجماهير كلها بقرب تحقيق أهدافها القومية.
وأثناء الحوارات التي عقدت في القاهرة لإنشاء وتأسيس مثل هذه الوحدة الثلاثية كانت حركة القوميين العرب تتبنى وجهة نظر الرئيس عبد الناصر بشأن الأسس التي تقيم عليها مثل هذه الوحدة.
وبعد أن اتضحت صعوبة قيام الوحدة الثلاثية بين مصر وسوريا والعراق بحثت قيادة الحركة مع عبد الناصر ضرورة استعادة زخم القومية العربية من خلال التصدي بالسلاح للوجود الاستعماري البريطاني في اليمن الجنوبي والتصدي كذلك للوجود الاستعماري الصهيوني في فلسطين، وكان فرعا الحركة في هذين البلدين يمكناها من التصدي لمثل هذه المهمات، ولقد حصل الاتفاق بين عبد الناصر وقيادة الحركة على بدء الثورة المسلحة في الجنوب اليمني والتي انتهت بطرد الوجود البريطاني ونيل الاستقلال، ذلك الإنجاز الذي تعتبره قيادة الحركة من أهم إنجازاتها التاريخية، وبالنسبة للكفاح المسلح ضد الاستعمار الاستيطاني في فلسطين فقد اتفق على بدء الإعداد وضبط عملية الممارسة بالظروف المناسبة واللحظة السياسية المناسبة نظراً لتعقيدات موضوع الصراع العربي الصهيوني، وقد انهمكت قيادة الحركة في هاتين المهمتين خلال أعوام (1964، 1965، 1966).
وفي هذه الفترة بالذات انتقلت العلاقة ما بين قيادة الحركة وعبد الناصر من مستوى التعاطف إلى مستوى التلاحم، وكانت الصيغة التي تجسد كيفية التلاحم مع القيادة الناصرية موضوع خلاف في صفوف الحركة كاد يؤدي إلى انقسام، ولكن قيادة الحركة استطاعت ان تتغلب على هذه الخلافات وتوحيد وجهة نظرها حول الكيفية التي يتم بها هذا التلاحم بحيث لا يؤدي إلى حل الحركة، بل يؤدي إلى تقوية دور الحركة في تنظيم التيار الناصري العريض الذي كانت تلتف حوله الجماهير العربية في كافة أجزاء الوطن.
وفي عام 1967 حصلت هزيمة حزيران وهذه الهزيمة تركت تأثيراتها الكبيرة على حركة القوميين العرب، فقد تبنت الحركة تحليلاً للهزيمة يقوم على أساس أنها هزيمة سببها طبيعة البنية الطبقية والأيديولوجية للأنظمة العربية البرجوازية الصغيرة التي خاضت هذه الحرب ومن ضمنها نظام عبد الناصر رغم المحبة والاحترام الشديد الذي كانت تكنه الحركة لشخص عبد الناصر – وعلى ضوء ذلك عادت الحركة لتؤكد مجدداً أن الجماهير المنظمة هي الأساس في عملية المواجهة مع إسرائيل، وتعززت قناعتها من جديد بالكفاح المسلح وحرب التحرير الشعبية وعدم الاكتفاء بحرب الجيوش العربية الكلاسيكية، وتبنت "نظرية الطبقة العاملة" كأيديولوجية واضحة وصريحة ورسمية لها وأصدرت وثيقة هامة عام 1967 إثر هزيمة حزيران يتضح من خلالها ما تركته الهزيمة على الحركة أيديولوجياً – سياسياً – وتنظيمياً.
لقد عاشت الحركة منذ بداية عام 1964 تناقضات بين خطين ومجموعتين، مجموعة تعتبر الفريق المؤسس بأنه يميني، ومجموعة الفريق المؤسس تعتبر المجموعة الأولى بأنها يسارية مراهقة ومع الهزة الكبيرة التي أحدثتها هزيمة حزيران من ناحية ومع تفاقم التناقضات بين المجموعتين المشار لهما من ناحية ثانية، ثم بداية التركيز وإعطاء الثقل للعمل القطري بشكلٍ عام والعمل القطري الفلسطيني بشكلٍ خاص، أصبح من الصعب المحافظة على وحدة الحركة وبقائها كتنظيم سياسي قومي يمركز نشاطات كافة فروعه في الوطن العربي. ودون أن تعلن حركة القوميين العرب عن انتهاء عملها كحركة قومية إلا أن ذلك قد حصل فعلاً، ولقد بقي من الحركة فروعها التي تعمل في عدد من الأقطار العربية دون أن تجمعها علاقة تنظيمية مركزية موحدة. فحركة القوميين العرب الآن موجودة من خلال تفرعاتها القطرية: الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الحزب الاشتراكي اليمني – حزب الوحدة الشعبية في شمال اليمن – التجمع الديمقراطي في الكويت – الجبهة الشعبية لتحرير عُمان سابقاً – الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين – الجبهة الشعبية لتحرير البحرين – منظمة العمل الشيوعي في لبنان – وغيرها من التجمعات الأخرى.
لقد مثلت حركة القوميين العرب تجربة خاصة من حيث قدرتها على التحول من تنظيم برجوازي إلى مواقع الطبقة العاملة والاشتراكية العلمية، فإن كافة الأحزاب أو المنظمات المذكورة أعلاه والتي تفرعت عن حركة القوميين العرب هي أحزاب ومنظمات يسارية عندما نقرأ الخريطة السياسية في هذه البلدان.
حركة القوميين العرب وتجربتها في العمل المسلح
مر العمل العسكري لتنظيم حركة القوميين العرب في فلسطين بعدة مراحل:
المرحلة الأولى: ما قبل حرب 1967
وقد اتخذ العمل التوجهات التالية:- - الاهتمام بالتدريب العسكري والإعداد وذلك منذ عام 1962. عن طريق دفع شباب الحركة للالتحاق بالكليات الحربية في كل من مصر، سوريا، العراق، اليمن وعن طريق الاتفاق مع مصر على تنفيذ عدة دورات تدريب لعناصر من الحركة لبناء الجهاز النضالي للحركة، وقد اشرف على مسئولية الدورة الأولى الشهيد القائد د. وديع حداد عام 1962 في أنشاص بمصر كما اشرف الشهيد القائد أبو علي مصطفى على دورة اخرى عام 1963. وكانت النتيجة تخريج عدة مجموعات من الكادرات العسكرية والمتخصصة. ضمت شباب من فلسطين البحرين، اليمن، سوريا، ولبنان.
- تشكيل قيادة للجهاز النضالي على راسها الشهيد وديع حداد، وبمسؤولية النقيب محمد السهلي وهو ضابط فلسطيني في سوريا. وضمن هذا التوجه قام وديع حداد بزيارة قطاع غزة أوائل 1966. - بدا النشاط العسكري للحركة نهاية عام 1964 عبر مجموعات طلائع العودة وشباب الثار، حيث سقط أول الشهداء خالد أبو عيشة (12/11/1964) وعلى نفس الدرب سقط الشهداء محمد اليماني، رفيق عساف، سعيد العبد سعيد، واسر المناضل سكران واستمر ذلك حتى عام 1966. - كان العمل العسكري في هذه الفترة يجري تحت شعار "فوق الصفر وتحت التوريط" والذي يعني القيام بعمليات عسكرية محدودة بدون جر الدول العربية (مصر وسوريا) الى حرب مع إسرائيل ليستا مستعدتين لها.
المرحلة الثانية بعد حرب 1967
بينما كانت الهزيمة العربية الثقيلة تسيطر على الأجواء والنفوس وقوات الاحتلال تتمدد من جبل الشيخ حتى قناة السويس اثر حرب حزيران 1967، في هذه الحالة بدأ الأعضاء والكادرات الشباب الفلسطيني المناضلين التحرك رغم تشتت قيادات الحركة في غزة ووجود قيادات الضفة في معتقلات الاردن. تداعى المتواجدين وكان السؤال هو ما العمل؟ وكان القرار الطبيعي والمنطقي والضروري هو المقاومة واستنهاض الجهد. تم هذا داخل الوطن المحتل وفي خارجه.
في الخارج:
عقد مؤتمر لقيادة الحركة في تموز 1967 أي بعد الحرب مباشرة، وتميز بالجدال والحوار في أوساط الحركة حول هزيمة 1967 وأسبابها. وأسفر عن:
1- تشكيل قيادة عليا للإشراف على النشاط الفلسطيني بمسؤولية د. جورج حبش وعضوية القادة هاني الهندي، ووديع حداد، وتم توزيع المسؤوليات وفق ما يلي:
أ- الجهاز التنظيمي بمسئولية د.جورج حبش. ب- الجهاز الخاص، وديع حداد، وهاني الهندي.
2- إقامة قيادة مساندة في الأردن بقيادة الرفيق أبوعلي مصطفى، وضمت عدد من القيادات والكادرات من الأردن وكادرات وصلت من بيروت والقاهرة. 3- التوجه نحو إرسال كادرات عسكرية وقيادية إلى الأرض المحتلة، وبدا ذلك من نهاية 7/1067. 4- رفع شعار وراء العدو في كل مكان. حتى تشرين أول 1967 تم إنشاء 5 قيادات محلية في الضفة الغربية مرتبطة بقيادة ميدانية في رام الله على رأسها القائد أبو علي مصطفى.
في قطاع غزة:
باشر الجهاز النضالي بعد توقف الحرب مباشرة بجمع السلاح والاتصال و تشكيل المجموعات المسلحة في مختلف المناطق وبنفس الوقت انطلقت أولى العمليات العسكرية منذ نهاية 7/67 وأوائل آب 1967. والتي بدأت على عبر وضع الألغام في طرق مجنزرات العدو وكانت الأولى ما بين بني سهيلا وعبسان الصغيرة حيث دمرت نصف مجنزرة ليتبعها عمليات أخرى استمرت تتمدد في كافة مناطق قطاع غزة من الشمال إلى الجنوب وبنفس الوقت جرى تشكيل قيادة لقطاع غزة وقيادات عسكرية محلية في مناطق (الجنوب –الوسطى –غزة والشمال).
تبلور العمل بعد الفترة الأولى تقريباً في منتصف شهر 10/1967 في إطار طلائع المقاومة الشعبية كذراع عسكرية سياسية للحركة في القطاع، وبدأ العمل العسكري تحت لواءها في منتصف 10/1067 كما بدأت بإصدار نشرتها الإعلامية والتي أصدرت منها 13 عدد حتى أواخر 1/1998. إلى أن تم العمل تحت اسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بعد إعلانها 11/12/1967.
في أيلول 1967 عقدت قيادة العمل الفلسطيني مؤتمرا في بيروت لوضع أساس للاستراتيجيات في الأرض المحتلة، وكان التوجه آنئذ هو القيام بعمليات فدائية مختارة ومنتقاة، مع التقدير العام أن الفلسطينيين غير قادرين بمفردهم على تحرير الأرض المحتلة.
التوجه الوحدوي الوطني
- دخل الجهاز الفلسطيني للحركة بحوار مع المنظمات الفدائية الأخرى لتوحيد الجهد الفدائي، وتم ذلك مع جبهة التحرير الفلسطينية بقيادة أحمد جبريل + إبطال العودة، وناصريون أردنيون برئاسة الضابط احمد زعرور. وتقرر إنشاء قيادة عسكرية جديدة امامية في الضفة الغربية بقيادة الر. أبوعلي مصطفى وقيادة خلفية يقودها احمد زعرور. اما الهدف المباشر والعاجل فكان عدم السماح للاحتلال بخلق حالة تعايش مع شروط الاحتلال عبر ما سمي آنئذ سياسة "الجسور المفتوحة" التي اتخذها. - في قطاع غزة تم تشكيل قيادة موحدة بمشاركة مع قوات التحرير الشعبية "عناصر وكادرات من جيش التحرير الفلسطيني".
حركة القوميين العرب و م.ت.ف قبل هزيمة حزيران 1967
بالنسبة لموقف حركة القوميين العرب من منظمة التحرير الفلسطينية بعد إعلان تشكيلها عام 1964، فقد كان موقفاً انتقادياً بالمعنى السلبي ، "عبرت عنه مجلة الحرية رغم مشاركة الحركة في المجلس الوطني يومها بقولها: إن هذه المبادرة الجديدة (أي تشكيل م.ت.ف) بعيدة كل البعد عن كونها البديل الثوري الذي انتظره الشعب الفلسطيني طويلاً . وفي أيار / مايو 1965 انعقد المجلس الوطني الفلسطيني الثاني في القاهرة، و قد أعدت حركة القوميين العرب مذكرة طالبت فيها بتحويل منظمة التحرير الفلسطينية إلى منظمة ثورية تقوم على تنظيم شعبي يجمع كل المنظمات الثورية الفلسطينية ، و يكون له جيش نظامي و جيش شعبي ، و تقود هذه المنظمة قيادة تنبثق عن طريق الانتخابات، ودعت حركة القوميين العرب الممثلة بقيادة العمل الفلسطيني في الحركة إلى تنظيم كل فلسطيني غير منظم ، و ساند الحركة بالتوقيع على مذكرتها –آنذاك- ثمانية تشكيلات وتنظيمات وقوى وطنية فلسطينية ما عدا حركة فتح ".
أثر هزيمة 5 حزيران 67 على حركة القوميين العرب
وقعت هزيمة حزيران كالصاعقة المدمرة على نفوس ومعنويات شعوب أمتنا العربية التي لم تفترض أو تتوقع هذه الهزيمة بل على العكس من ذلك ، كانت معَّبأة عبر وسائل الإعلام بالتفاؤل الواثق بعفويته الصادقة، وإمكانيات تحيق الانتصار على العدو الإسرائيلي وتحقيق حلم التحرير والعودة، لكن الهزيمة جاءت على النقيض من تلك التعبئة الإعلامية من ناحية ، وعلى النقيض من الحد الأدنى المتوقع لصمود ومقاومة الجيوش العربية عموماً والجيش العربي المصري خصوصاً ، حيث استطاع جيش العدو الإسرائيلي تحقيق انتصاره خلال ستة أيام ، ومن ثم انهيار الجبهات العربية وسقوط سيناء وقطاع غزة والضفة الغربية والجولان تحت الاحتلال الإسرائيلي، لكن هذه الهزيمة رغم قساوتها ومراراتها وظلالها السوداء، فشلت في تحيق حالة الاستسلام واليأس في أوساط شعوبنا العربية التي سرعان ما أفاقت من صدمتها واستعادت روحها وإرادتها عبر التمسك بقيادة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لاستكمال مسيرة النضال من اجل مقاومة العدو الصهيوني ودحره من بلادنا ، أما بالنسبة لشعبنا الفلسطيني فبعد أقل من أسبوع على هزيمة حزيران وبعد أن انتهى من دفن شهدائه بدأ في إضاءة شموع المقاومة . لقد بلورت هزيمة حزيران في ذهن قيادة الجبهة عموماً ، وامينها العام جورج حبش خصوصاً "أهمية النضال القطري ضمن الاطار القومي ، واهمية بلورة الأداه التنظيمية التي تعبئ الجماهير ، كما بلورة بوضوح اعمق اهمية المسالة الطبقية، وكل هذا مهد الطريق لتأسيس الجبهة الشعبية وإعلان تبنيها لنظرية الطبقة العاملة ، الماركسية اللينينية ".
في هذه الظروف ، إلى جانب الطبيعة الفاقعة لمرارة هزيمة حزيران 1967 بادرت قيادة حركة القوميين العرب،إلى إعداد خطة المواجهة المطلوبة لإخراج الجماهير من حالة الصدمة وخيبة الأمل لكي تتحمل مسئوليتها في مقاومة الاحتلال، حيث تداعت اللجنة التنفيذية القومية أو ما سمي آنذاك بالقيادة القومية إلى عقد اجتماعها الموسع في أواخر تموز 1967 ، الذي ناقشت فيه مقدمات ونتائج الهزيمة وأسس المواجهة المطلوبة، وصدر عن ذلك الاجتماع أول وثيقة رسمية (عرفت باسم تقرير تموز 1967) تتضمن تحليلاً طبقياً للنكسة، حمل عنوان "الثورة العربية أمام معركة المصير" وعرفت اشكالياته باسم "موضوعات/5/حزيران"، وقد قام بصياغتها الر. جورج حبش.
ناقشت هذه الوثيقة /تقرير تموز ، ما سمته بـ النكسة العسكرية في حرب الأيام الستة، ورأت أن النكسة لا تكمن في الهزيمة العسكرية بقدر ما تكمن في اضطرار حركة الثورة العربية إلى إيقاف الحرب مع إسرائيل عند حدود جولة الأيام الستة، كما فسرت الوثيقة عجز قيادة الثورة العربية بسبب تكوينها الطبقي والأيديولوجي والسياسي البرجوازي الصغير، واستنتجت نظرياً في ضوء تحليلها الطبقي للنكسة، "أنه إذا كانت البرجوازية الصغيرة، قد أدت دورها إبان مواجهة الاستعمار القديم، فإنها "لم تُعد مؤهلة لممارسة دور القيادة على رأس الحركة الثورية العربية في هذه المرحلة الجديدة من نضالها".
وهذا يتطلب – حسب نص الوثيقة- "ضرورة انتقال مقاليد القيادة إلى الطبقات والفئات الاجتماعية الكادحة الأكثر جذرية والملتزمة بـ الاشتراكية العلمية ، وإتباع أسلوب الكفاح الشعبي المسلح والعنف الثوري المنظم وتحقيق وحدة القوى الثورية العربية قطرياً وقومياً".
لقد شكلت وثيقة / تقرير تموز، الأساس النظري لإعادة بناء حركة القوميين العرب وتجذيرها يسارياً الأمر الذي ترك أثراً واضحاً في أدبيات الجبهة الشعبية بُعَيد تأسيسها ، بمثل ما ترك في تزايد الخلافات واحتدامها في قيادة الحركة ، الأمر الذي أدى إلى الانقسام في الهيئات القيادية ومن ثم انسلاخ العديد من فروع الحركة عن الجسم الأم " في اليمن والخليج والجزيرة العربية، وتحول فرع الحركة في العراق للعمل تحت اسم الحركة الاشتراكية العربية بقيادة عبد الإله نصراوي ".
وفي ظل هذه الحالة الانقسامية ، عقدت فروع الحركة مؤتمرات إقليمية أو قطرية أدت إلى مزيد من المشاهد الانقسامية ومن ثم تراجع وتفكك حركة القوميين وتصفيتها شكلاً ومحتوى واسماً" ، أما بالنسبة للفرع الفلسطيني للحركة وبعد خروج جبهة التحرير الفلسطينية وبعض الضباط الناصريين منها، " فقد أصبحت الصورة الجديدة، صورة تطابق شبه تام بين الحركة من ناحية وبين الجبهة من ناحية ثانية، ففكر الجبهة السياسي هو فكر الحركة كاملاً دون أي نقصان، وتكوينها إلى حد بعيد هو تكوين الحركة... وإذا كان التطابق حاصلاً بين الفكر من ناحية والتكوين من ناحية ثانية، فان أي تمييز استراتيجي محدد بين الحركة والجبهة لا يعود قائماً" وبالتالي لا يبقى هناك أي أساس للتمييز ما بين "الحركة" و"الجبهة"، من هنا تبنى مؤتمر شباط 1969 خط "انصهار تنظيم الحركة في الساحة الفلسطينية ضمن تنظيم الجبهة" وفق شعار "الحركة في خدمة الجبهة وليس الجبهة في خدمة الحركة" وبهذا المعنى أصبحت "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" حزباً يمثل الفرع الفلسطيني وفق الإستراتيجية السياسية والتنظيمية التي أقرها مؤتمر شباط"، لكن هذا المؤتمر لم يقطع سياسياً أو فكرياً مع حركة القوميين العرب بل على العكس أكد – حسب وثائقه – على اعتبار الجبهة الشعبية استمراراً للحركة " ، وقد كانت هذه الخطوة بمثابة إسدال الستار على حركة القوميين العرب وإنهاء وجودها التنظيمي والسياسي في الساحة الفلسطينية، وتحول فروعها إلى حركات أو منظمات أو مجمعات قطرية أو إقليمية متباينة فكرياً من حيث الموقف تجاه الماركسية أو التمسك بالفكر القومي، مثل "التجمع الوطني الناصري" بقيادة جاسم القطامي ، والحركة التقدمية والديمقراطية " بقيادة أحمد الخطيب في الكويت ، والحركة الثورية الشعبية في عُمان والخليج العربي، لكن القائد الراحل جورج حبش، قرر مواجهة حالة التفكك والانهيار التي أصابت حركة القوميين العرب ، فقام بتأسيس "حزب العمل الاشتراكي العربي" في محاولة منه استعادة فكرة وجوهر العمل القومي برؤية تقدمية جديدة ؛ حيث نلاحظ تمسك الحزب بمركزية العمل القومي العربي لكافة الفروع المنضوية في إطاره في لبنان وسوريا وفلسطين والأردن والعراق والسعودية وإلى حد أدنى مصر"، ففي دفاعه عن مبرر قيام هذا الحزب ، كتب المؤسس الراحل الرفيق جورج حبش في افتتاحية العدد الأول من مجلة طريق الثورة "إن هزيمة حزيران ، مثل كل هزيمة قومية ، أوجدت ظروفاً موضوعية جديدة ... وإن تنظيم "حركة القوميين العرب" بتفاعله العملي مع هذه الظروف وهذه الرؤية ، يتحول اليوم إلى تنظيم سياسي جديد هو : حزب العمل الاشتراكي العربي ، ليكون هذا الاسم مُعَبِّراً عن حقيقة التغير الجذري في البنية النظرية والطبقية لحركة القوميين العرب".
وفي هذا الجانب يقول الحكيم " لقد انتهت حركة القوميين العرب كحركة ثورية في الاقطار التي عملت فيها. اما الفروع القطرية فلم تنته. ان المؤسسة التي اسمها حركة القوميين العرب لم تعد قائمة كحركة مركزية وتنظيم مركزي في مختلف اجزاء الوطن العربي، وتحولت إلى حركات ثورية موجودة قطرياً بافق قومي. وهي اجمالاً تشكل قوة اساسية من الحركة الوطنية في بعض الساحات العربية. وعلى سبيل المثال ان فرع الحركة في اليمن الديمقراطي ساهم بقوة في تأسيس الجبهة القومية التي قادت الثورة، وفي اليمن الشمالي أصبح فرع الحركة يعمل باسم الحزب الديمقراطي الثوري، وهناك عدد من الرفاق يعملون الآن في اليمن الشمالي ايضاً باسم المقاومين الثوريين . وفي الكويت أصبح فرع الحركة عبارة عن مجموعة من الشبان الديمقراطيين على رأسهم الدكتور احمد الخطيب احد افراد القيادة المؤسسة. وفي الخليج اصبحت الجبهة الشعبية لتحرير الخليج هي البديل لفرع حركة القوميين العرب ، وهذه الجبهة التي أصبح اسمها الجبهة الشعبية لتحرير عُمان لها فروع في معظم مناطق الخليج، وبدأ فرع الجبهة في البحرين يصبح قوة أساسية عاملة، وفي الساحة الفلسطينية انتهى فرع حركة القوميين العرب إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين . وفي لبنان أفرز فرع الحركة ما يسمى منظمة العمل الشيوعي".
أمابالنسبة لتقييم القائد المؤسس لتجربة حركة القوميين العرب ، فهو يرى أن هنالك نقاط أساسية علمية وعملية يجب تسجيلها في معرض تقويم الحركة ، وهي:
ان حركة القوميين العرب كانت فصيلاً من فصائل حركة التحرر الوطني العربي. كانت في المشرق بالذات الحركة الجماهيرية التي تصدت للاحلاف وساندت القيادة الناصرية ووقفت في وجه الإمبريالية بشجاعة. ان الحركة عاشت عملية تطور متصلة في اتجاه اليسار، بدأت الحركة بطرح شعار "وحدة، تحرر ، ثأر" وتصاعد التطور إلى حد وضع وثيقة تموز 1967 التي هي في تقديري وثيقة نظرية وضعتنا على أبواب تنظيم ثوري جذري اجمالاً على رغم ما يقال في موضوع التناقض الذي شهدته حركة القوميين العرب.
وعلى هذا الأساس ، فإن الجبهة الشعبية – حتى اللحظة الراهنة- تعتبر أن تجربتها التنظيمية والسياسية ، وتجربة حركة القوميين العرب هي تجربة واحدة متصلة وموحدة ، وبهذا القول فإن الجبهة تتبنى رأياً محل إقرار رسمي وهو أن التاريخ السليم للجبهة بكل ما مثلته لابد وأن يبدأ من وضع حركة القوميين العرب ليس لناحية ما انتهت إليه فحسب، بل في ما انطلقت منه أصلا، على أرضية ما تقدم يمكن فهم مكانة الجبهة الشعبية في التاريخ، الذي لم يحتفظ عبثا بهذه التجربة الوطنية الفلسطينية ولحوالي ستين عاماً من الزمن، غطت مرحلتين عاصفتين، تشكلان كامل التاريخ الفلسطيني بعد سنة 1948، أي ستون عاماً من "الحصيلة الإجمالية" و "الخبرة التاريخية" و "الاستمرارية التاريخية" وهذا مكسب وثروة وطنية، وهو بالنسبة للجبهة الشعبية شرف بمقدار ما هو عبء ومسئولية عن الماضي بمقدار ما هو مسئولية نحو المستقبل.
إن حركة القوميين العرب هي وبإمتياز كانت أقرب إلى تقاطع طرق ومخزن تجمعت فيه مرحلة ما قبل 1948 بمرحلة ما بعد 1948 ، الحضور العملي بالحضور الضميري والأخلاقي والسياسي .
إن أي مؤرخ ، أو باحث ، أو مناضل، يسعى إلى تعريف حركة القوميين العرب، فإن أكثر الصيغ قرباً من الحقيقة، هي أنها كانت تعبيراً عن أولوية ومكانة الإنسان_ الوجدان في صنع التجربة، على أي اعتبار آخر في نشأة الحركة كطفل شرعي لخزين التاريخ وليس طفلاً لقيطاً وجد على قارعة الطريق مجهول المصدر والتكوين والمستقبل، وبهذا المعنى فإن "حركة القوميين العرب" كحالة اجتماعية نتاج وملك هذا الشعب.
إن البحث في "فلسطينية" حركة القوميين العرب خارج قوميتها نوع من العبث لا يوازيه إلا البحث في قومية الحركة خارج "فلسطينيتها" أو البحث في فلسطين خارج المكان والزمان العربي وخارج سايكس- بيكو الذي أنتج وعد بلفور، الذي أعاد إنتاج تجسيد لسايكس – بيكو، وبموازاة ما يبدو لقصيري النظر التباساً، فإن تفسير مؤسس الحركة القائد الراحل جورج حبش يبقى عصياً إذا لم تستوعب المسافة بين الفرد والزمن، فهو القائل: "حين يكون العرب بخير تكون فلسطين بخير" هذه المقولة ليست مجرد وجهة نظر، بل تعبير عن حقيقة موضوعية وتجد صدقيتها في جردة حساب تاريخية طويلة كامنة ليحكم في ضوئها.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الخلاصة
يتضح مما سبق ان جهاز حركة القوميين العرب تحرك بشكل سريع وجريء في مرحلة صعبة، ونظم صفوفه وعمل على أكثر من مستوى رغم التفتت بين المناطق، واستطاع إقامة جهاز قوي يغطي مختلف المواقع في الأراضي المحتلة، وفي هذه المرحلة لعب ضباط وجنود جيش التحرير وقيادات الحركة على الأرض الدور الرئيسي. بدأت العمليات في قطاع غزة، وأعلن قيام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لتوحيد كل الجهد في الداخل والخارج، وجرت عملية للهجوم على مطار اللد، وفي هذه الفترة اكتشف العدو وجود نشاط تسليمي لحركة فتح في الضفة الغربية، مما نبه إلى وجود عسكري فعال للمقاومة فكان رده قوياً، وبدأت عملية اعتقالات ومطاردات شديدة أسفر عنها جرف معظم التشكيلات والهياكل التي أقيمت في تلك الفترة بدءاً بفتح ومروراً بالجبهة الشعبية وقوات التحرير الشعبية وبعد هذه الفترة أصبحت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين هي العنوان الوحيد القائم كجهاز للحركة في مواجهة العدو الصهيوني في الوطن والشتات.
المصادر
- كتاب المسيرة التاريخية للجبهة الشعبية – إصدار الدائرة الثقافية المركزية – آب 2010
- قطاع غزة
- رام الله
- جمال عبد الناصر
- الضفة الغربية
- حزب البعث العربي الاشتراكي
- الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
- القاهرة
- منظمة التحرير الفلسطينية
- البحرين
- قناة السويس
- عبد الكريم قاسم
- أبو علي مصطفى
- عبد الفتاح إسماعيل
- الحزب الشيوعي العراقي
- جبل الشيخ
- أحمد جبريل
- نايف حواتمة
- جيش التحرير الفلسطيني
- محسن إبراهيم
- الحزب الاشتراكي اليمني
- الجامعة الأمريكية في بيروت
- جاسم القطامي