الحركات الإسلامية الإستقلالية في القرن التاسع عشر

الحركات المستقلة

الحركة المهدية

مؤسسها

تنسب إلى محمد أحمد بن عبدالله الذى ولد في السودان في قرية قرب دنقلة في 27 رجب من عام 1260هـ، وأعلن في عام (1299هـ) في جزيرة "أبا" في النيل الأبيض أنه المهدى المنتظر لبعث هذه الأمة من جديد وتلقب بالمهدى . عندما أطلق المهدى صيحته الأولى "لااله إلا الله، والله أكبر ولله الحمد" تجاوب معه الكثير، وهاجر هو وصاحبه عبد الله التعايشى إلى غرب السودان لجمع الأنصار وتبيان الهدف، فالتف حولهما الرجال وحاولت قوات مصرية القبض عليه فتمكن من هزيمتها، وجاءته أخرى ففتك بها. وعظم أمره في كردفان واستسلمت له عاصمتها الأبيض ووقع في يده ستة آلاف جندى أسرى، واستولى بعدها على دارفور بعد أن استسلم له حاكمها سلاطين باشا النمساوى وأعلن إسلامه، ثم دخل المهدى منطقة بلاد النوبة وأباد حملة "هيكس باشا" أعظم قواد الإمبراطورية البريطانية في "موقعة شيكان" ثم أباد "حملة بيكر" بعدها بشهر ونصف في عام (1302هـ) وتحرك جيش المهدى نحو الخرطوم. عهد نوبار باشا الأرمنى رئيس وزراء مصر إلى غوردن بمنصب الحاكم العام للسودان ليشرف على انسحاب القوات المصرية من السودان والذى رفضه رؤساء الوزاء السابقين، ولكن غوردن فشل في مهمته وقتل ودخل المهدى الخرطوم سنة (1303هـ) وتوفى المهدى في أواخر عام (1303هـ) وخلفه عبدالله التعايشى الذى كان أضعف من المهدى، وقد ساءت الأوضاع الاقتصادية في السودان في عهده إذ جاءت سنوات عجاف. وفى عام (1314هـ) تشكل جيش مصرى بقيادة إنجليزية لإعادة الدخول إلى السودان، وقد تمكن من دخول أم درمان عاصمة المهديين عام (1316هـ) بعد "معركة كررى" وفر التعايشى ولكنه قتل في معركة أم ديبيكرات عام (1317هـ).

الحركة الوهابية

مؤسسها

هو الشيخ محمد بن عبد الوهاب . ولد في بلدة العيينة إلى الشمال من الرياض عام (1115هـ) وكان أبوه عالمًا، وعمل في القضاء في العيينة وحريملاء، كما كان جده مفتى نجد إمامًا في الفقه وكذلك كان عمه. رأى الشيخ محمد عبدالوهاب الناس يجهلون أبسط القواعد الإسلامية، وقد انتشرت بينهم البدع والخرفات فأصبحوا يعتقدون في الأحجار والأشجار أنها قد تكون سببًا للنفع، ووجدهم يتعاملون بالربا ويقدسون القبور ويرتكبون الفواحش، وصار الناس لايحسون بالأمان بسبب غارات البدو ووجود الصرعات تسود بين القبائل، بل بين القبيلة الواحدة والأسرة الواحدة، فبدأ مسيرة الإصلاح ودعا إلى العودة للعقيدة الإسلامية الصحيحة والالتزام بأوامر الإسلام فخافه بعض الأمراء، فكتب حاكم الأحساء سليمان بن محمد بن عزيز إلى أمير العيينة الواقع تحت سلطان عثمان بن معمر أن يترك نصرة الشيخ وأن يقتله، فطلب ابن معمر من الشيخ أن يغادر العيينة. انتقل الشيخ إلى الدرعية عام (1157هـ) فاستقبله أميرها محمد بن سعود ووعده أن يمنعه، فأصبحت الدرعية مركزًا دينيًا ومقرًا للنشاط. والتزمت الدولة السعودية بالمبادئ الوهابية وأخذت تنشرها وتفتح الإمارات لنشر الدعوة. وتوفى الشيخ محمد بن عبدالوهاب عام (1206 هـ)، واستمرت دعوته منتشرة حتى بعد القضاء على الدولة السعودية.

السنوسية

السنوسية: حركة فكرية ثقافية كالحركة الإصلاحية بنجد، وكحركة جمال الدين ومحمد عبده ، وكالحركات الصوفية بشمال إفريقيا ، ولكنها في الحقيقة ذات طابع خاص فهى تشترك مع ما تقدم في البعث الثقافى ولكن لها وسائلها الخاصة، وأهدافها الأكثر عمقًا وفعالية.

مؤسسها

هو محمد بن على السنوسى بن العربى، وهو من سلالة الأدراسة الذين يتصل نسبهم بعلى بن أبى طالب و فاطمة الزهراء ، وتنسب السنوسة إلى (السنوسى) جد مؤسس هذا التنظيم، ومؤسس السنوسية يعرف بالسنوسي الكبير، وقد ولد في الجزائر (1798م). مبادىء السنوسية "خطة الإصلاح":

  • 1- ليست هناك حدود تقسم العالم الإسلامى، فالحركة الإصلاحية يلزم أن تكون شاملة لكل أقطاره أو أكثرها بدقة.
  • 2- الحركات الإصلاحية يلزم أن تكون سياسية وفكرية في نفس الوقت، أما إصلاح جانب دون الآخر فذلك نقص في الحركة، فالإسلام دين ودولة، عبادة وعمل.
  • 3- العالم الإسلامى يواجه حركة التبشير المسيحية، ولذلك يلزم أن تعنى الحركة الإصلاحية بنشر الإسلام وبخاصة بين اللادينيين قبل أن تسبقه المسيحية في هذا الميدان.
  • 4- العودة إلى يسر الدين الإسلامى، والاعتماد على الكتاب والسنة، والانتفاع بالمذاهب المختلفة فيما يناسب المسلمين وييسر حياتهم، وتنقية الإسلام من البدع والضلالات.

5*- الزهد والخمول والاستجداء الذى كان طابع أغلب الطرق الصوفية ليس من الإسلام في شىء.

وسيلة السنوسى: هى إنشاء الزوايا، والزاوية مركز دينى وثقافى واجتماعى وعسكرى، فكان يرسل أحد أتباعه إلى جهة ما، أو يطلب سكان الجهة منه أن يرسل لهم أحد أتباعه لنفس الغرض، ويتم إنشاء الزاوية في الجهة، وتنشأ الزوايا في مكان حصين، على جبل أو نحوه لتكون أشبه بالقلعة إذا احتاج الأمر للدفاع عنها، ويختار مكانها في مفارق الطرق حتى تكون على صلة بالزوايا الأخرى، ولتكون معها شبكة ضخمة، ويقوم على الزاوية (مقدم) هو شيخها والقائم عليها، وهو يتولى أمور القبيلة أو الناحية، وله وكيل يتولى (الدخل والخرج)، وينظر في زراعة الأراضى، وجميع الشئون الاقتصادية. ولكل زاوية شيخ يقيم الصلاة، ويعلم الأولاد، ويباشر عقود النكاح، والصلاة على الجنائز، وتشجع السنوسية الإخوان على الزراعة والتجارة، وتدعو إلى إتقان الرماية. وهناك جماعة صغيرة يسمون (الخواص) وهم الذين بلغوا درجة عالية في العلم والمعرفة، وهم أشبه بمجلس يشرف على إدارة الزوايا كلها، وكان مركز دعوته في الجبل الأخضر، ثم انتقلت إلى واحة الجغبوب وانتشرت الزوايا في نواحى برقة وطرابلس.

زعماء السنوسية

توفى السنوس الكبير عام (1859م) في الجغبوب ، وخلفه ابنه السيد المهدى حتى عام (1902م) الذى نقل مركز الدعوة من الجغبوب إلى الكفرة سنة (1895م). وعند وفاته كانت للسنوسية 136 زاوية موزعة كالآتي: (برقة 45 ـ مصر 21 ـ طرابلس 18 ـ الجزيرة العربية 17 ـ فزان 15 ـ السودان 14 ـ الكفرة 6). وعند وفاة السيد المهدى خلفه ابن عمه السيد أحمد الشريف، وفى عهده خاضت السنوسية غمار حرب ضد الفرنسيين في سباق السيطرة على قلب إفريقيا ، وفى عهده أيضًا جاء الزحف الإيطالى على ليبيا ، وقد تصدى السيد أحمد الشريف للعدو الزاحف، وألقت تركيا بمقاليد الأمور للسنوسية، وأصبحت قوة دولية معترفًا بها. وفى سنة (1918م) اعتزل السيد أحمد الشريف زعامة السنوسية إثر الهجوم على مصر ، وبعد ذلك آلت زعامة السنوسية إلى السيد إدريس الذى تولى ملك ليبيا حتى عزلته ثورة الفاتح سنة (1969م).

انظر أيضا


المصادر

موسوعة الحضارة الأسلامية