الحديث الموضوع
الأحاديث الموضوعة هي الأحاديث التي نسبها الناس ألى محمد صلى الله عليه وسلم كـحديث نبوي, في حين أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يذكرها, وقد دخلت العديد من الأحاديث الموضوعة إلى الأحاديث النبوية فكان على العلماء المسلمين تمحيصها والرد عليها, واشتهر مسلم والبخاري بحهودهما من أجل جمع الأحاديث وفرز الصحيح منها بغير الصحيح.
واعلم أن الحديث الموضوع شر الأحاديث الضعيفة، ولا تحل روايته لأحد علم حاله في أي معنى كان، إلا مقروناً ببيان وضعه. بخلاف غيره من الأحاديث الضعيفة التي يحتمل صدقها في الباطن، حيث جاز روايتها في الترغيب والترهيب. على ما نبينه قريباً إن شاء الله تعالى.
وإنما يعرف كون الحديث بإقرار واضعه،أو ما يتنزل منزلة إقراره. وقد يفهمون الوضع من قرينة حال الراوي أو المروي، فقد وضعت أحاديث طويلة يشهد بوضعها ركاكة ألفاظها.
ولقد أكثر الذي جمع في هذا العصر الموضوعات في نحو مجلدين، فأودع فيها كثيراً مما لا دليل على وضعه، وإنما حقه أن يذكر في مطلق الأحاديث الضعيفة.
والواضعون للحديث أصناف، وأعظمهم ضرراً قوم من النسوبين إلى الزهد، وضعوا الحديث احتساباً فيما زعموا، فتقبل الناس موضوعاتهم ثقة منهم بهم وركوناً إليهم. ثم نهضت جهابذة الحديث بكشف عوارها ومحو عارها، والحمد لله. وفيما رويناه عن الإمام أبي بكر السمعاني: أن بعض الكرامية ذهب إلى جواز وضع الحديث في باب الترغيب والترهيب.
ثمأن الواضع: رمبا صنع كلاماً من عند نفسه فرواه، ورما أخذ كلاماً لبعض الحكماء أو غيرهم، فوضعه على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
مثال: روينا عن أبي عصمة - وهو نوح بن أبي مريم - أنه قيل له: من أين لك عن عكرمة، عن أبي عباس في فضائل القرآن سورة سورة؟ فقال: إني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن، واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي محمد بن اسحاق، فوضعت هذه الأحاديث حسبة.
وهكذا حال الحديث الطويل الذي يروي عن أبي كعب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل القرآن سورة فسورة. بحث باحث عن مخرجه، حتى انتهىإلىمن اعترف بأنه وجماعة وضعوه، وإن أثر الوضع لبين عليه. ولقد أخطأ الواحدي المفسر، ومن ذكره من المفسرين، في إبداعه تفاسيرهم، والله أعلم.
من أمثلة الأحاديث التي يشك في صحتها ويراد بها الشتم العنصري ما ذكره زكرياء بن محمد بن محمود القزويني فيكتابه: آثار البلاد وأخبار العباد عن الأمازيغ ، الحديث التالي:
- عن أنس بن مالك قال: جئت إلى رسول الله عليه السلام ومعي وصيف فقال صلى الله عليه وسلم: يا أنس ما جنس هذا الغلام قلت: بربري يا رسول الله! فقال: بعه ولو بدينار ! قلت: ولم يا رسول الله قال: إنهم أمة بعث الله إليهم رسولاً فذبحوه وطبخوه وأكلوا لحمه وبعثوا مرقه إلى نسائهم! قال الله تعالى: لا اتخذت منكم نبياً ولا بعثت إليكم رسولاً. آثار البلاد وأخبار العباد.
للأشارة فإن الأحاديث قدسية ونبوية, ومن حيث صحتها تنقسم إلى صحيحة وحسنة وضعيفة وموضوعة, وذلك اعتمادا على الشروط التي وضعها المدققون.