التنتالوم في مصر
تـُقدر احتياطيات التنتالوم في مصر بنحو 40 مليون طن في منطقة أبو ضباب في سيناء، 98 مليون طن في جبال نويبع.[1] التنتالوم عنصر يتواجد طبيعيا بشكل أساسي في معادن التنتاليت [(الحديد، Mn) Ta2O6]، وميكرولايت ويوكسنايت وهناك المعادن الأخرى مثل سمرسكايت وفرگسونايت حيث يتواجد بها ولكن بشكل أقل كثافة من التنتاليت، ومعدن التنتاليت يتواجد مختلطا مع الكلومبيت في خام الكولتان 6 ومن الجدير بالذكر أن التنتالوم يمكن إيجاده صناعيا بفعل نشاطات الإنسان حيث ينتج كناتج جانبي من صهر القصدير.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
التنتالوم
كان هنالك ملك اسمه تنتالوس أراد الترحيب بالآلهه فأطعمهم من لحم ابنه. غضبت عليه الآلهه وعاقبته عقابا عجيباً. كان الماء يصل إلى ذقنه فإذا أراد أن يشرب غار الماء، وكان شجر التفاح قريبا منه فإذا أراد أن يلتقط تفاحة، هبت الريح فأصلح الغصن عاليا في السماء بعيد المنال. والطريف في الأمر أن الفعل tantalise مأخوذ من هذه القصة. وهذا ما تعرض له بالضبط مكتشف التنتالوم، فكلما شعر أنه على وشك أن يصل إلى عزل الفلز، ضاع الفلز في الشوائب.... وبعد فترة طويلة من العناء تمكن من عزل الفلز فأسماه تنتالوم على غرار ما حدث مع تنتالوس. واكتشفه العالم الكيميائي السويدي أندرس إكبرگ (1767-1813) وتمثل صناعة الالكترونيات نحو 50 % من الطلب على التنتالوم لاستخدامه في اجهزة التليفون المحمول والكومبيوتر المحمول وأجهزة محمولة أخرى. التنتالوم معدن صار أكثر قيمة من الذهب في عالم اليوم. لكننا لا ندرك قيمته. ولا دواعي استعماله. ونتعامل معه تعاملنا مع أي معدن لا يكون «ذهب». إن التنتالوم، الذي ينتشر بكميات مهولة في جبال صحراء مصر الشرقية، معدن ساعدت خصائصه الفيزيائية، وأبسطها احتماله لدرجات الحرارة العالية، في أن يصبح عنصرا أساسيا في صناعة الهواتف المحمولة، والكمبيوتر المحمول أو اللاب توب، والالكترونيات، وعنصرا لا يمكن الاستغناء عنه عند انشاء أي بنية تحتية للاتصالات متعددة الوسائط في العالم الحديث، ويصفونه بأنه واحد من أصلب المعادن التي عرفها تاريخ الإنسان، مما جعله يدخل في تصنيع محركات الطائرات والسيارات وغيرها.[2]
تعتبر أستراليا المنتج الرئيس للتنتالوم، حيث تدير أكبر شركة منتجة لهذه المادة، وإسمها أبناء گواليا منجمين، كما ينقب عن التنتالوم في دول أخرى مثل كندا والبرازيل والصين وجمهورية الكونغو الديمقراطية (والتي تحوي على 80% من احتياطي العالم المكتشف).
ومن الدول الأخرى التي تنتج هذه المادة تايلندا وماليزيا حيث يحصل عليه كمنتج ثانوي من استخراج وصهر خام القصدير. وكما ورد، فإن جمهورية الكونغو الديمقراطية تحتوي على أكبر مخزون من هذه المادة، والتي تنتج أيضا في أجزاء أخرى من أفريقيا مثل إثيوبيا ونيجيريا وزمبابوي وموزمبيق وناميبيا وجنوب أفريقيا ومصر التي تعتبر بلداً واعداً لما تحتويه أراضيها من هذه المادة.
استخراج التنتالوم في مصر
باختصار فإن التنتالوم الذي نلقيه باهمال تحت اقدامنا، هو أحد الأعمدة التي تقوم عليها كل الصناعات العالمية الحديثة التي يستخدمها كل مواطن في العالم كله. بينما نكتفي نحن بالاستهلاك، دون ان نفكر -مجرد تفكير- في الاستفادة منه. من هذه الزاوية تعالوا بنا نتحدث عن عالم التنقيب عن المعادن في مصر وتحديدا في سيناء. هذا العالم المتشابك يحتاج منا لوقفة طويلة. إن هذه الأرض غنية بثروات يسيل لها لعاب العالم كله. لكننا لا نعرف قيمتها. ونكتفي باستفادة تقليدية منها تتمثل، علي أقصي تقدير، في الحصول علي 50% من قيمة المعادن التي يتم استخراجها، دون أن ندرك حتي ما الذي يفعله، أو يمثله النصف الآخر الذي تحصل عليه أي شركة أجنبية تنجح في العثور علي معادن، في قلب صحراء سيناء أو غيرها.
نحن نحتاج إلي الشركات الأجنبية في عمليات التعدين. هذه حقيقة لا يمكن انكارها..... فعمليات التنقيب عن المعادن ليست عملية سهلة بل هى عملية شديدة التعقيد، وتحتاج إلي أجهزة ومعدات تصل قيمتها إلي ملايين الجنيهات، كما انها عملية لا تخلو من المخاطر. تتمثل في إهدار كم كبير من الوقت والجهد (والمال) أحيانا بلا جدوي قبل أن يتم العثور علي ثروة معدنية حقيقية وذات قيمة سوقية. وحتي سوق التنقيب العالمية تعرف حقيقة ان شركات التعدين فيه تنقسم إلي قسمين: قسم «يدعي» قدرته علي العثور علي المعادن دون أن ينجح في ذلك فيتحول إلي مجرد ذكري. والقسم الثاني هو ذلك الذي ينجح في العثور علي هذه المعادن فعلا، فينتقل بذلك من مجرد شركة صغيرة إلي قوة ضاربة في الاقتصاد العالمي. قوة قادرة علي تحريك مؤشرات البورصات العالمية في الاتجاه الذي تريده. يبلغ سعر السهم الواحد فيها مبلغا وقدره. بينما يصبح أصحابها من القلائل الذين يتمتعون بالثراء الحقيقي والنفوذ الاقتصادى.
مصر طرف في هذه المعادلة. وثروات سيناء تحديدا، صارت تلعب دورا في تحديد اللاعبين الكبار الجدد في سوق التنقيب، لذلك سنتحدث عن منطقة لم يسمع بها أحد في مصر، لتظهر كيف تستفيد شركات التنقيب الكبرى من ثروة مصر دون ان نستفيد من ثروات وخير مصر مثل الملك الاغريقي «تنتالوس» الذى عاقبته الآلهة بعقاب فريد من نوعه. هو أن يري فواكه الدنيا كلها أمامه وتجري أعذب الانهار تحت قدميه طيلة الوقت. لكنه كلما مد يده ليقطف ثمرة أو يشرب قطرة، ابتعدت الفواكه عن يده، وتراجعت المياه بعيدا عن قدميه. ليظل طيلة عمره ينظر إلي الخير يجري أمام عينيه دون أن يستفيد منه. وهذه القصة الاغريقية الخالدة هى التى تمثل وبصدق حال الشعب المصرى قبل وبعد الثورة. لقد نشرت صحيفة «الإندبندنت» البريطانية تقريرا عن منطقة لم يسمع بها أحد في مصر، لتظهر كيف تستفيد بها شركة تنقيب يسمع عنها العالم كله..لذلك سانقل تفاصيل تلك الصفقة التي نشرتها «الإندبندنت» البريطانية، من زاوية شركة التنقيب الاسترالية العالمية «جيبسلاند». ليس هجوماً علي الشركة فهي تستحق ما ستحصل عليه باجتهادها وذكائها وليس حقدا علي كم المكاسب التي ستحصل عليها - فنحن الذين لا نعرف كيف نحصل علي مكاسب مماثلة - وانما لمجرد طرح المشكلة حتى نرى تصرف حكومة شرف. وكذلك لفهم كيف يستفيد الآخرون منا، إذا قررنا يوما ما، أن نستفيد من أنفسنا بأنفسنا.
الشركة الأسترالية العالمية، التي جاءت للتنقيب عن المعادن في سيناء، هي شركة «جيپسلاند Gippsland» العريقة في سوق التنقيب العالمية، والتى تمتلك 50% من أصل 40 مليون طن من معدن «التنتالوم» الذي يتم استخراجه من منطقة «أبو ضباب» غرب البحر الأحمر في سيناء، إضافة إلي نفس النسبة من أصل 98 مليون طن من نفس المعدن في جبال نويبع. فهي تمتلك نسبة مماثلة من مناجم الذهب في منطقة وادي علاقي، ومناجم النيكل في منطقة أبو سوايل، و50% من مناجم ذهب في منطقة «أم الجرايات» ومنطقة «كلية أم الهريات» ومنطقة «وادي سيجا» ومنطقة «جبل حيمور» ومنطقة «أم شاشوبة». والمثير أن معظم هذه المناطق عرفت التنقيب عن الثروات فيها منذ الفراعنة. وكل ما فعلته هذه الشركات هو أن بدأت من حيث انتهي الفراعنة، لتضيف إلي التاريخ مستقبلا من الدراسات الجادة والأبحاث العلمية الدقيقة، التي لم يبدى «أحفاد الفراعنة» الاهتمام الكامل بها من اجل استخراج خيرات بلدهم.
«الإندبندنت» تقول: إن مناجم أبو ضباب ضمنت للشركة الاسترالية صفقة العمر؟ خاصة بعد ان كشفت كل الدراسات العالمية التي أجريت حول هذا الموضوع، أن مناجم أبو ضباب ونويبع سوف تكون هي المصدر الرئيس للتنتالوم، في الفترة المقبلة. تقدر كمية التنتالوم الموجودة في مناجم «أبو ضباب» بـ40 مليون طن. تمتلك جيپسلاند الاسترالية 50% منها، وبهذه النسبة وقفت الشركة لتطلب من اثنين من أكبر البنوك في ألمانيا تمويل مشروعها في المنطقة، والذي تصل قيمته إلي نحو 30 مليون جنيه استرليني (ما يزيد علي 300 مليون جنيه مصري) ومن الواضح ان عدة مؤسسات اقتصادية أصدرت تقارير تؤيد موقف قوة الشركة التي تضمن لمموليها أرباحا مؤكدة في فترة قصيرة، نظرا لتنامي سوق التنتالوم في العالم، وتزايد اعتماد الصناعات الحديثة عليه يوما بعد يوم.
لذلك طلبت جيبسلاند الدعم المناسب للشركة من بنكى «كي اف دبليو» وبنك «دي ايه جي» المملوكان للحكومة الألمانية لكي تواصل التنقيب عن التنتالوم في مناجم نويبع وأبو ضباب، وكلها ثقة في أن تمويلهما سيعود عليهما بأضعاف مضاعفة، عندما تنتهي الشركة من عمليات التنقيب، لتصبح مناجم «أبو ضباب» خاوية علي عروشها.
رئيس مجلس إدارة شركة جيبسلاند يري ان هذا التمويل سيعطي للشركة دفعة قوية لكي تواصل أعمالها، وامتدادها في مناجم أخري «ستكون علي الأرجح في مصر التي يبدو أن الشركة مغرمة بها» وهو ما يجعل المستقبل مشرقا أمام جيبسلاند التي تشعر بأنها فتحت مغارة علي بابا في جبال سيناء.
أهمية عنصر التانتالوم بينة وواضحة وخصوصا في القرن الماضي نتيجة الثورة الحياتية في مجالات عديدة أهمها التكنولوجيا العصرية من الإلكترونيات و الدوائر الكهربائية وفي مجال الطب وصناعة السبائك و المقدوفات وغيرها. وأهم استخدام له يتمثل في صناعة المكثفات لما له من مقدرة عالية على مقاومة التآكل والتوصيل مما أدى إلى زيادة الطلب على هذه المادة الحيوية ، فجعل هـذه المادة مطلبا للدول الصناعية وتجارة مربحة للدول المصدرة لها فأدت لنشوء الحروب والنزاع بين الدول المجاورة لامتلاك هـذه الثروة الحياتية، وكل هـذه الأسباب مجتمعة أدت لزيادة أسعار خام الكولتان الذي يعد المصدر الرئيسي لاستخراج التنتالوم.
انظر أيضاً
المصادر
- ^ [1]
- ^ حمدي السعيد سالم (2011-08-09). "خيرنا لغيرنا ... مصر هى مغارة على بابا لشركات التعدين". الحوار المتمدن.