تشخيص طبي

(تم التحويل من التشخيص الطبي)

التشخيص الطبي medical diagnosis يقصد به تعرُّف طبيعة الآفة التي أصيب بها أحد الأشخاص. ويعد التشخيص المرحلة الأولى الضرورية التي يعتمد عليها في تدبير الحالة المرضية ووضع الإنذار. يستند التشخيص إلى مجموع المعلومات المتعلقة بالحالة المرضية والتي يحصل عليها الطبيب من المصادر التالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

استجواب المريض

يتناول استجواب المريض النواحي التالية: 1ـ الشكاية الحالية للمريض والأعراض التي دفعته إلى استشارة الطبيب. والألم هو أهم الأعراض المرضية وأكثرها انتشاراً، ويختلف مكانه من مرض لآخر، وتتفاوت شدته من حالة لأخرى. ومنها أيضاً الحمى والزلة التنفسية والإقياء والإسهال وغيرها. كثيراً ما تكون القصة المرضية وحدها كافية لوضع التشخيص الصحيح، إلا أن بعض المرضى يعجزون عن وصف أعراضهم بوضوح مما يدعو الطبيب إلى مساعدتهم عن طريق توجيه بعض الأسئلة إليهم. كما أن مرضى آخرين يعلقون أهمية كبيرة على الأعراض المرضية التي تبدو لهم مزعجة بينما يمرون عابرين على بعض الأعراض التي تبدو لهم بسيطة في ظاهرها إلا أنها قد تكون بالغة الأهمية بالنسبة للطبيب وفيها يكمن مفتاح التشخيص، ومن الأمور المهمة التي يجب أن يتناولها الاستجواب تاريخ بدء الأعراض وكيفية بدئها، إن كان مفاجئاً أم متدرجاً أم مخاتلاً، وهل الأعراض مستمرة أم متقطعة، وهل هناك أسباب معينة تدعو لظهور الأعراض، وما هي الحالات التي تخفف الأعراض أو تزيدها شدة، إضافة إلى ذلك يستفسر الطبيب عن الأعراض الأخرى التي ترافق الشكوى والتي كثيراً ما يهمل المريض ذكرها مركزاً اهتمامه على العرض الرئيسي الذي دعاه لاستشارة الطبيب.

2ـ السوابق المرضية للمصاب: ويقصد بذلك معرفة الحالات المرضية التي أصابت المريض فيما تقدم من حياته، والتي قد تكون ذات صلة بمرضه الحالي أو أسهمت في إحداثه. مثال ذلك الأعراض القلبية التي يشكو منها المريض في الوقت الحاضر قد تكون ناجمة عن آفة في أحد دسامات القلب تلت إصابته بالحمى الرثوية في مطلع شبابه.

3ـ السوابق المرضية العائلية: إن معرفة الحالات المرضية التي حدثت عند أفراد العائلة المقربين كثيراً ما تفيد في وضع التشخيص. فإصابة أحد أفراد العائلة بمرض معدٍ كالتدرن قد يكون مفيداً في توجيه التشخيص.

4ـ الأحوال الاجتماعية: ويتضمن ذلك الحياة الزوجية والعلاقات الجنسية والعادات الطعامية ولاسيما تناول الكحول والتدخين، والأدوية التي يستعملها المريض ولاسيما الأدوية العصبية النفسية التي كثيراً ما تسبب الاعتياد. كما أن معرفة مهنة المريض أمر مهم إذ إن بعض الصناعات تعرض عمالها لأنواع مختلفة من المواد الكيمياوية أو العوامل الفيزيائية (أشعة، اهتزازات، ضجيج) قد يكون لها علاقة بمرضه.


الفحص الفيزيائي

يهدف الفحص الفيزيائي physical examination إلى تحري العلامات المختلفة التي يحدثها المرض في جسم المصاب. يبدأ الطبيب عادة بفحص العضو أو الجهاز المصاب حسبما توحي به القصة المرضية، ثم ينتقل إلى فحص بقية الأعضاء بانتظام لا يهمل أي جزء من الجسم. ويشمل الفحص الفيزيائي أيضاً التبدلات التي يكشفها الطبيب مستعيناً ببعض الأدوات البسيطة كالسماعة والمطرقة (التي تستخدم لفحص المنعكسات العصبية) ومقياس الضغط الشرياني ومنظار قعر العين. ويتضمن الفحص الخطوات التالية: 1ـ التأمل العام للجسم الذي يكشف وجود العلامات الظاهرة للمرض كاليرقان وفقر الدم وغيرها. كما يفيد التأمل في معرفة الحالة التغذوية للمريض وتقدير طوله ووزنه ومدى ابتعادهما عن الحدود السوية.

2ـ الجس: يتم بالوجه الراحي لليد المبسوطة على نواحي الجسم التي يراد فحصها وتحسس الأعضاء وأجزاء الجسم التي توجد في تلك النواحي. يعد جس البطن جزءاً مهماً من الفحص الفيزيائي للمريض وبوساطته يمكن كشف الإيلام في إحدى مناطق البطن والدفاع العضلي أو الصمل فيها، كما يكشف جس البطن وجود ضخامة في أحد الأحشاء كالكبد والطحال أو الكتل الورمية التي قد تنشأ في أحد الأعضاء البطنية. يفيد جس الصدر في تحري الاهتزازات الصوتية التي تنتقل في الحالة السوية من الحنجرة إلى جدار الصدر حيث تشعر بها اليد الجاسة بوضوح، كما يفيد جس ناحية القلب في تعيين موقع قمة القلب مما يساعد على تعيين حجمه.

3ـ القرع: يقصد بالقرع إحداث اهتزازات صنعية في أحد أنسجة الجسم، عن طريق النقر بالإصبع. ولتحقيق ذلك توضع الإصبع الوسطى لليد اليسرى فوق العضو أو النسيج المراد قرعه وتُنقر السلامية الوسطى لهذه الإصبع بوساطة الإصبع الوسطى لليد اليمنى مما يؤدي لحدوث اهتزازات في العضو المفحوص تختلف باختلاف كمية الهواء الموجودة فيه.

4ـ التسمع[ر] auscultation: ويقصد بذلك الاستماع إلى الأصوات التي تحدثها حركة الهواء في المجاري التنفسية أو حركة الدم في الجملة الدورانية. يتم التسمع بتطبيق أذن الطبيب مباشرة على بعض النواحي من جسم المريض، إلا أن الأمر الشائع هو التسمع بوساطة آلة بسيطة هي السماعة التي تقوم بنقل الأصوات من سطح الجسم إلى أذن الطبيب. يتيح التسمع للطبيب الاستماع إلى الأصوات السوية التي تصدر عن الجهاز التنفسي أو الدوراني وتمييزها من الأصوات الشاذة التي تحدث في حالة إصابة هذه الأجهزة ببعض الآفات المرضية مثل أمراض الدسامات القلبية والآفات الرئوية.

5ـ فحص الجملة العصبية يتضمن فحص الأعصاب القحفية وما ينجم عن إصابتها من خلل في الحواس (الرؤية، السمع، الشم والذوق) أو في حركة وحس الأجزاء المختلفة من الجسم (شلل الأعصاب المحركة للعين، شلل العصب الوجهي). يُشَكل تحري المنعكسات جزءاً رئيساً من فحص الجملة العصبية ويستعين الطبيب على ذلك ببعض الأدوات البسيطة كالمطرقة لفحص المنعكسات الوترية والدبوس العادي لتحري المنعكسات الجلدية وحس الألم في مناطق الجسم المختلفة. كما يقوم الطبيب بتقدير القوة العضلية للأجزاء المختلفة من الجسم ولاسيما الأطراف. يتضمن الفحص الفيزيائي أيضاً قياس حرارة المريض وسرعة النبض والتنفس وقياس الضغط الشرياني كما يَعُد أكثر الأطباء فحص قعر العين باستعمال المنظار الخاص بذلك جزءاً من الفحص الفيزيائي. قد تكون الأعراض التي يشكو منها المريض المفتاح الرئيسي لتشخيص المرض كما هي الحال في خناق الصدر أو الصرع، بينما لا يكشف الفحص الفيزيائي الذي يتم بين النوب علامات تشير إلى إصابة القلب أو الدماغ على الرغم من أن الأعراض تؤكد وجود الآفة في هذه الأعضاء. ومع ذلك يجب إجراء الفحص الفيزيائي الكامل في كل الحالات المرضية لأنه كثيراً ما يكشف علامات تؤكد التشخيص المبدئي المبني على الأعراض أو تدعو إلى تعديله.

الفحوص المتممة

لا تكفي الأعراض المرضية والعلامات التي يكشفها الفحص الفيزيائي في كثير من الحالات لوضع تشخيص مؤكد للحالة المرضية، ولكنها توحي للطبيب بإصابة عضو معين أو بإصابة مجموعية systemic (آفة تتناول عدة أجهزة أو أعضاء من جسم المريض) مما يتطلب الاستعانة ببعض الفحوص المتممة التي تساعد الطبيب على التوصل إلى التشخيص الجازم. تأخذ الفحوص المتممة أشكالاً متعددة هي:

1ـ الاختبارات الكيمياوية الحيوية والتحريات الجرثومية والطفيلية[ر.التحليل الطبي المخبري].

2ـ التصويرالطبي[ر]: ويلجأ إليه الطبيب لتأكيد التشخيص السريري، ويتم بطرق عدة منها: التصوير بالأشعة السينية والتصوير بالأمواج فوق الصوتية (تخطيط الصدى) والتصوير الطبقي المحوري المحوسب الإلكتروني والتصوير بالرنين المغنطيسي.

3ـ التنظير الطبي[ر] endoscopy: كثيراً ما يخفق الفحص السريري والفحوص المتممة آنفة الذكر في كشف كثير من الآفات المرضية ولاسيما تلك التي تصيب الأعضاء المجوفة كالأنبوب الهضمي والطرق البولية والطرق التنفسية. ويصبح من الضروري في هذه الحالات الوصول إلى هذه الأعضاء وفحصها بالعين مباشرة لوضع التشخيص، الأمر الذي يتم تحقيقه عن طريق التنظير الطبي.

4ـ التخطيط الكهربائي: تترافق فاعلية بعض الأعضاء (القلب والدماغ مثلاً) بانبعاث تيارات كهربائية يمكن كشفها بوساطة أجهزة خاصة تقوم بتسجيل هذه التيارات الكهربائية التي يأخذ مخططها في الحالات السوية نموذجاً خاصاً مميزاً. يتم تسجيل هذه التيارات الكهربائية على شرائط خاصة من الورق بعد وضع مسار كهربائية على الناحية التي يوجد فيها العضو المراد فحصه. إذا حدث اضطراب في فاعلية الأعضاء المفحوصة اختلف المخطط الكهربائي عن النمط السوي المألوف في العضو المفحوص. ويدل شكل الشذوذات الحاصلة في المخطط الكهربائي على نوع الاضطراب الحاصل في هذه الأعضاء ويساعد على تشخيص الآفة المرضية. يستخدم تخطيط كهربائية القلب على نطاق واسع في تشخيص آفات القلب. كما يستخدم تخطيط كهربائية الدماغ في تشخيص آفات الجملة العصبية المركزية ولاسيما الحالات الصرعية، كما يفيد تخطيط الأعصاب المحيطية والعضلات في تشخيص أمراض هذه الأعضاء.

5ـ الفحص النسيجي: ويلجأ إليه لتحديد نوع بعض الآفات المشتبه بطبيعتها الخبيثة سواء كانت ظاهرة للعيان أو ظهرت للطبيب في أثناء التنظير الحشوي، وقد تؤخذ الخزعات من الأحشاء المختلفة التي لا تصل إليها المناظير عن طريق إدخال إبرة خاصة إلى هذه الأحشاء عبر الجلد، كما هي الحال في الخزعات التي تؤخذ من الكبد أو الكلية أو الغدة الدرقية أو العقد اللمفاوية، حيث توجه الإبرة بوساطة أجهزة الصدى أو التصوير الطبقي المحوري المحوسب.

كيف يتم التشخيص

إن وضع التشخيص عملية ذهنية تنطوي على طرح للفرضيات واختبار وتقييم البراهين على صحتها. توجه الأعراض التي يشكو منها المريض ونتائج فحصه السريري ذهن الطبيب نحو إصابة أحد الأعضاء بمرض معين أو إصابة جهاز محدد من أجهزة الجسم، ويحاول تفسير المشكلات التي تطرحها شكوى المريض وفحصه السريري في ضوء الحقائق المعروفة في التشريح والفيزيولوجية والكيمياء الحيوية. يتضمن التشخيص الكامل تحديد العضو المصاب (التشخيص التشريحي) وآلية حدوث الآفة (التشخيص الفيزيولوجي المرضي) وسببها (التشخيص السببي). وكثيراً ما يجد الطبيب نفسه أمام عدة أجوبة ممكنة لهذه التساؤلات وعليه في هذه الحالة أن يصنفها بحسب أرجحيتها ويبين الأسباب التي تدعوه لقبول بعضها ورفض بعضها الآخر (التشخيص التفريقي)، ويلجأ للفحوص المتممة المختلفة التي يراها ضرورية لوضع التشخيص النهائي.

أنظر أيضاً

قوائم

المصادر

الموسوعة العربية

وصلات خارجية

الكلمات الدالة: