داود الأنطاكي
داود بن عمر الأنطاكي (1534-1592 م) طبيب وصيدلي وفلكي، ولد في قرية الفوعة، وعاش معظم حياته في أنطاكية، ونسب إليها. أتقن اليونانية، إضافة إلى العربية، واهتم بخصائص النباتات الطبية والأعشاب وكيفية التداوي بها. وتنقل بين دمشق والقاهرة وبلاد الأناضول طالبا للعلم، واستقر به المقام في مكة إلى حين وفاته. ولو نظرنا لسيرته الذاتية نجد أنه داود بن عمر الأنطاكي ضريرا كسيحا وبعد سنوات عافاه الله من مرض الكساح ولكنه بقى ضريرا إلى أن توفاه الله في عام 1008هـ. بعد مجاورته بمكة المكرمة لمدة سنة واحدة ، ودفن قريبا من بيت الله الحرام لتنتهي حياته التي قضاها في مجال الطب دارسا ومدرسا وممارسا ومؤلفا. هو أحد الأطباء المحققين العظام الذين تركوا إرثا عمليا شاهدا على عمق معارفهم ويعد أحد مؤلفاته وهو "التذكرة" موسوعة في الطب. يقول الزركلي في ترجمته للأنطاكي أنه كان عالما بالطب والأدب وإنتهت إليه رئاسة الأطباء في زمانه وفي أنطاكية بعد ولادته بسنوات قليلة حفظ القرآن الكريم وفي شبابه قرأ المنطق والرياضيات وشيئا من الطبيعيات ثم أتقن اللغة اليونانية وهاجر إلى القاهرة فأقام عدة أشهر بها ورحل إلى مكة فأقام سنة توفي في آخرها. عرف عنه الجد والنشاط وعلو الهمة في طلب العلم على الرغم من كونه ضريرا ولم تمنعه علته من هذه من دراسة الطب والتفوق فيه على أقراته وسافر في طلبه إلى حلب ودمشق والقاهرة وآسيا الصغرى. وفي مصر كانت له حجرة في المدرسة الظاهرية يجمتع فيها بالناس لمداواة المرضى منهم. له عدد كبير من المؤلفات صنفها أثناء تواجده في مصر تجاوز عدددها ستة وعشرين تذكرة أولى الألباب و الجامع العجيب و كتاب البهجة و الدرة المنتخبة فيما صح من الأدوية المجربة وفي هذه الكتابين عدد كبر من أسماء النباتات ومصادرها وأهميتها في علاج الأمراض. يرجع تعلمه اللغة اليونانية إلى نصيحة أحد الأطباء المشهورين له من أجل الإتصال بأصول العلم فأتقنها قراء وفهمها وخااصة أنه كان رحالة في طلب العلم. كما أنه كان مدرسا لم يضن على طلابه بعلمه ومثلا للصالحين من العلماء المسلمين وإنساني النزعة لا يعرف عنه التعصب لأهل بلده ووطنه وكان رغم علته بفقد بصره لا يسأم من إستقبال المرضى بترحاب ولذلك عرفته الديار الشامية والحجازية والمصرية مدرسا كما عرفته طبيبا. كان يتميز بموهبته الإبداعية في العلاج وصناعته للأدوية ومن أشهر مؤلفاته في ذلك تذكرة أولى الألباب الذي عرف بتذكرة داود. كان يتميز أيضا بنقده العلمي للمؤلفات التي سبقته ومن أبرز ما يلاحظ في شخصية الأنطاكي سعة أفقه العلمي وغزارة معلوماته وفي ميدان الإستطباب كان يلتزم بقاعدتين هما أن الزمن جزء من العلاج وهذا يعني أن مرور فترة من الزمن لسراية العلاج وتمام تأثيره أمر لابد من ملاحظته في ميادين التطبيب والقاعدة الثانية معالجة كل مريض بنباتات أرضه وبلده وهذا من القواعد التي قررها أبقراط وقال في ذلك "عالجوا كل مريض بعقاقير أرضه فإنه انفع لصحته" ، وقال عنه صاحب شذرات الذهب كان فيه دعابة وكرم وخوف من الميعاد وخشية من الله. وكان يقوم اللييل إلا قليلا ويتبتل إلى الله تبتيلا وكان إذا سئل عن شئ من العلوم الحكيمة والطبيعية والرياضية أملى ما يدهش العقل بحيث يجيب عن السؤال الواحد في حدود كراسة. من مؤلفاته: تذكرة أولي الالباب والجامع للعجب العجاب (تذكرة داود).