الأعراق في إيران
غالبية سكان إيران (ما يقارب 67-80%) يتألفون من الشعوب الإيرانية.[1] [2] [3][4] وتتضمن أكبر الجماعات العرقية في هذا التصنيف الفرس (الذين يشكلون الغالبية المطلقة من السكان الإيرانيين) والأكراد، وتجمعات أصغر تشمل الگلكيون، المزندرانيون، اللور، التات، التاليش والبلوش.
تشكل الجماعات التروكية أقلية كبيرة تبغ ما يقارب 18-27%، ويعتبر الأذريون هم أكبر الجماعات العرقية، والذين يشكلون الآن ثاني أكبر عرقية في إيران وكذلك أكبر جماعة أقلية.[5] الجماعات التوركية الأقلية تشمل الشعوب التركمانية والقشقية.
تُعزى حالة عدم التأكد بشكل رئيسي في هذه الأرقام من التقديرات المتبانية لهاتين الجماعتين الكبرتين، حسب كتاب الحقائق العالمي تبلغ نسبة الفرس 61% لكن حسب تقديرات غيساري تبلغ 51% (2009)، ويقدر الأزريون ب16% حسب كتاب الحقائق العالمي، بينما تصل تقديرات غيساري إلى 24% (2009).
يشكل العرب 2% تقريباً من السكان الإيرانيين.
البقية، ما يقارب 1% من السكان الإيرانيين، يتألفون من أقليات متعددة، تشمل الآشوريون، الأرمن، الجورجيون، الشركس،[6] و المندائيون،[7] إلى جانب مختلف الطوائف من المهاجرين الجدد.
عند بداية القرن 20، كان إجمالي سكان إيران أقل من 10 مليون نسمة، وكان التركيب العرقي: 6 مليون من الفرس (60%)، 2.5 مليون من الأزريين (25%)، 0.3 مليون من المزنداريين والگلكيين (2% لكل منهم).[8]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الشعوب الناطقة بالإيرانية
- مقالات مفصلة: شعوب إيرانية
- شعوب فارسية
الفرس
تشكل القومية الفارسية من مجمل مواطني الدولة الإيرانية نسبة 51%، وتعد القومية الأولى في إيران. وعلى الرغم من وجود قوميات أخرى في إيران، إلا أن القومية الفارسية هي التي تتحكم بمفاصل الحياة السياسية والاجتماعية للدولة في إيران. وتعتبر اللغة الفارسية وفق المادة 15 من الدستور الإيراني هي اللغة الرسمية في الدولة الإيرانية، وبموجبها تكون الوثائق والمراسلات والنصوص الرسمية والكتب الدراسية بهذه اللغة، مما يعني رفض التعليم والكتابة والثقافة والآداب بلغات القوميات الأخرى، وفي مناطق القوميات غير الفارسية فان لغة التخاطب في الدوائر الحكومية وحتى المنظمات غير الحكومية هي اللغة الفارسية. ورغم أن الجزء الثاني من هذه المادة تؤكد على وجود حيز يجيز استعمال اللغات المحلية والقومية الأخرى في مجال الصحافة ووسائل الاعلام وتدريس آدابها إلى جنب اللغة الفارسية، إلا أن تلك الفقرة بقيت من قبل الدولة الإيرانية نصاً دستورياً أصماً.[9]
وفي هذا السياق، يوجد بإيران تيار قومي متمثل في الجبهة القومية وحزب الأمة الإيراني وحزب بان إيرانيست، يتبنى خطاباً قومياً فارسياً متشدداً وإقصائياً للقوميات الأخرى. يحظى بدعم الحكومة الإيرانية. كما أنه –أي الخطاب- لا يقتصر على قوى المجتمع الإيراني فقط، وإنما أيضاً على شخصيات كانت في يوم ما تحتل منصباً رفيعاً في الدولة الإيرانية. ففي 17 يونيو عام 2004 عُقد ندوة في طهران، تحت عنوان "الفكر الجماعي الفارسي" تحدث الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي 1997-2005 بالقول أن اللغة والأدبيات الفارسية، غيرت الهُوية الإيرانية ويجب أن نروج بعمق واهتمام لهذه اللغة. وأن اللغة والأدبيات الفارسية، كانت هي الحارس لهويتنا، فيجب علينا أن نكون الحراس عليها…..”. فالرئيس الإيراني الأسبق بدل أن يكون شخصية جامعة للهوية الإيرانية بمكوناتها المتنوعة، أضحى شخصية تعمل على تفتيتها بتغليب قومية على حساب القوميات الأخرى.
وهذا الأمر ينسحب أيضاً على الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجادي 2005-2013 حينما أصدر قراراً رئاسياً في أغسطس عام 2007، أكد فيه على ضرورة تفريس الحياة الثقافية والعلمية والأدبية وسائر نواحي الحياة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية. ومما لا شك فيه، أن المواقف المشار إليها آنفا، سواء الصادرة عن قوى المجتمع المدني أو من الرئيسين السابقين من شأنه أن يخلق مجتمعاً عنصرياً ضد أبناء القوميات الأخرى، لا تُحترم فيه خصوصيات (الأدب، واللغة، والثقافة) للقوميات الأخرى إيران.
التات
الأكراد
الأكراد هم شعب هندوإيراني يتركزون في المناطق الجبلية وتخومها القريبة في جنوب غرب آسيا المعروفة بجبال كردستان، وتتوزع جغرافيتهم البشرية في تركيا والعراق وايران وسوريا وإلى حد ما في لبنان وأرمينيا وآسيا الوسطى. والأكراد هم واحدة من الجماعات الإثنية الرئيسة في إيران. حيث تحتل المرتبة الثالثة فيها بعد القومية الفارسية. ويتركز الأكراد في إيران بالجزء الشمالي الغربي منها وهو ما يطلق عليه بكردستان الشرقية. ويتوزعون في أربع محافظات، هي: كردستان وكرمنشاه وإيلام وأذربيجان الغربية. وتقدر نسبة الأكراد في إيران ما يقارب 7% من المواطنين الإيرانيون. وبعد الفتوحات الإسلامية اعتنق الأكراد الدين الإسلامي، وتتبع الغالبية منهم المذهب السني الشافعي، وقلّة منهم لزم المذهب الشيعي، مع وجود عدد قليل غير مسلم يقطن ضواحي كرمانشاه، من أمثال “الكيهلير” و”السنجاب”.
اتسمت علاقة الأكراد بالدولة الإيرانية بالعداء في المرحلة التي سبقت قيام الجمهورية في عام 1979، ويعود سبب ذلك العداء لحدثين مهمين الأول، خلال المدة الواقعة ما بين عام 1920-1925، قاد الزعيم الكردي “إسماعيل آغا سيمكو” ثورة مسلحة هدفها الإستقلال والتخلص من الحكم الإيراني. إلا أن هذه الثورة لم يكتب لها النجاح نتيجة القمع الذي تعرضت له. أما السبب الثاني، فيتمثل عندما احتلت القوات السوڤيتية في عهد جوزريف ستالين (1924-1953) شمالي إيران عقاباً على موقف الشاه “رضا بهلوي” الذي كان متعاطفاً مع أدولف هتلر 1933-1945، في الحرب العالمية الثانية، ففي هذه الأثناء استغل القاضي الكردي محمد والزعيم الكردي مصطفى برزاني، هذا التحرك الروسي ليعلنا في 22 يناير 1946، عن قيام جمهورية ”مهاباد” الكردية.
ونظراً لكون الأكراد الحلقة الأضعف في التوازنات الإقليمية والدولية –آنذاك-، وعدم وجود دولة عظمى في ذلك الوقت تؤيد حقوقهم بالاستقلال، فضلا عن دور إيران المهم في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط، فقد أثمرت الضغوط التي مارسها الشاه محمد رضا بهلوي (1946-1979) على الولايات المتحدة الأمريكية سحب القوات السوفيتية قواتها من شمالي إيران، الأمر الذي مكنه –فيما بعد- من إسقاط جمهورية مهاباد في ديسمبر 1946. وقد عمّق هذا الإسقاط وإعدام رئيس الجمهورية القاضي محمد من حالة السخط الكردي حيال الشاه محمد رضا بهلوي طيلة حكمه.
لذا لم يختلف الموقف الكردي عن الموقف الأذري من الثورة الإسلامية في إيران، فقد كان للاكراد دور كبير بها، وهذا ما أكد عليه زعيمهم –آنذاك- آية الله” عز الدين الحسيني” عندما قال” لقد حاربنا مع الثورة ليس انطلاقاً من إيماننا الديني، بل طموحاً لتحقيق أهدافنا السياسية، في الحكم الذاتي، في إقامة برلماننا وتعليم لغتنا ونشر ثقافتنا……”
وعلى الرغم من أن الأكراد استبشروا خيراً بنجاح الثورة الإسلامية واستبشروا أكثر بصدور دستور الثورة في الأول من إبريل 1979، كونه أشار في مواقع مختلفة منه إلى حقوق القوميات غير فارسية في إيران. إلأ أن النص الدستوري شيء والواقع المعاش شيء آخر، ففي الواقع حاربت الثورة الإسلامية حقوق الأكراد القومية، فعلى مستوى التعليم حرموا من الدراسة بلغتهم الكردية في المدارس، وعلى مستوى الثقافة أخضعت أي مصنف أدبي كردي لإشراف المخابرات العامة الإيرانية، وعلى مستوى الحريات السياسية، منعتهم من التعبير عن مواقفهم السياسية، وضيقت الخناق عليهم في مجال تشكيل الأحزاب. اما على المستوى الإجتماعي مورس ضدهم تمييزاً على أساس القبول في الجامعات، ولم يتوقف هذا التمييز عند هذا الحد، بل أن الحكومة الإيرانية كانت تستثني الأكراد من شغل المناصب العليا في محافظاتهم.
وأما على المستوي الاقتصادي، فعلى الرغم من الثروات الطبيعية والأراضي الواسعة التي تتمتع بها منطقة كردستان، إلا أن المحافظات الكردية في ايران تعد من أسوأ المحافظات وأقلها تنمية وأكثرها تدهوراً. وعليه فإن الشعب الكردي من أفقر القوميات في إيران بالنظر إلى دخل الفرد المنخفض. ومن الأمور التي تركت تأثيراً سلبياً على الأكراد: الفقر والقضايا البيئية، وهو ما يشمل سوء التغذية والملبس والمسكن والصحة والتعليم، ويبلغ متوسط عدد أفراد الأسرة الكردية ما بين ستة إلى سبعة أشخاص. وقد انتشر وبشكل متزايد وملحوظ معدل البطالة المقنعة وعمليات تهريب المخدرات وخاصة في المناطق الكردية المجاورة للحدود مع الدول الأخرى.
وأمام هذا الإنسداد الدولتي في إيران تجاه حقوق أكراد، فلم يكن بوسعهم سوى حمل السلاح ضد الدولة الإيرانية، حيث قامت بعض الجماعات الكردية المسلحة بمواجهة حكومات الثورة الإسلامية، لجهة التعبيرعن رفضهم لسياساتها تجاههم وإجبارها على تغييرها، ولجهة إيصال صوتهم للمؤسسات الدولية في مجال حقوق الإنسان، والرأي العام العالمي بأن هناك جماعية قومية تعاني من الإضطهاد المنهجي من قبل الدولة الإيرانية. ومع تقلد محمد خاتمي منصب رئيس الجمهورية ما بين عامي”1997-2005” حصل نوع من الإنفراج في علاقة الدولة من القومية الكردية في إيران، فالرئيس الأسبق انصبت شعاراته على تعزيز التنمية السياسية، والتي كانت وسيلة عملية لمشاركة أكبر من شرائح الشعب الإيراني بما فيهم الأكراد. وشهدت هذه المدة انخفاضاً كبيراً في أعمال الشغب والاضطرابات، والتي كانت تؤدي إلى المواجهات العسكرية، حتى إن الميول الكردية المطالبة بالانفصال والحكم الذاتي والاستقلالية من قبل بعض الجماعات الكردية أظهرت انخفاضاً ملحوظاً.
ولعل مرد ذلك يعود إلى تحقيق وتلبية بعض المطالب الكردية، فقد قامت الحكومة الإيرانية بتعيين مجموعة من الأكراد من المذهب الشيعي في مناصب حكومية في الدولة منهم على سبيل المثال عبدالله رمضان زاده، الذي عُين محافظاً لمحافظة كردستان. الذي يعتبر أحد تلاميذ “مهدوي كني” رئيس مجلس الخبراء الذي من مهامه-أي المجلس- اختيار مرشد الثورة في إيران.
جاء ذلك جنباً إلى جنب مع ارتفاع نسبة الحريات في كتابة المقالات والصحف باللغة الكردية، بالإضافة إلى رفع حرية الصحافة في المطبوعات الكردية، والسماح لهم بتأسيس جماعات أدبية ومهنية وأجتماعية من قبل الدولة الإيرانية.
جاء ذلك أيضاً مع زيادة الأحزاب والمراكز الثقافية الكردية. ومن هنا، يمكن أن نلحظ عن كثب ارتقاء المشاركة السياسية للقومية الكردية في رسم السياسات.
وهنا تجدر الإشارة إذا ما نظرنا إلى قضية المشاركة السياسية؛ وذلك من خلال المشاركة في عمليات الانتخابات، نلحظ أن المناطق الكردية والتي تُشكل الطائفة السنية النسبة الغالبة فيها تسجل مشاركة قليلة جداً. بينما ينخرط الاكراد الشيعية على نحو واسع في الانتخابات، والتي تشمل انتخابات الرئاسة وانتخابات المجلس الشورى، وكذلك الانتخابات المحلية في المحافظات والأرياف، بسبب الدافع المذهبي؛ حيث إن القومية الكردية من الطائفة الشيعية لا تشعر بإحساس الإبعاد والتأزم بينها وبين الحكومة كالذي يسود في المناطق السنية.
ولكن هذه السياسة لم تستمر في عهد الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد”2005-2013”؛ مما أدى إلى تقلص مشاركة الأكراد في عمليات الانتخابات وشجع بدوره مطالبتهم بالاستقلال والانفصال عن الدولة. وفي عهده أيضاً زادت عمليات الاعتقال في الأوساط الكردية، وشملت أئمة المساجد وعلماء الدين. واتسع نطاق العنف ضد الأكراد في مناسبتين، الأولى عندما تم تشكيل مجلس الحكم في العراق عام 2004، على خلفية الاحتلال الأمريكي للبلاد والاعتراف بحقوق الأكراد بشكل رسمي، هذا ما دفع أكراد إيران للخروج بالشوارع للتعبير عن فرحتهم لما تحقق لأكراد العراق، هذه الفرحة التي تحولت إلى مواجهات مع الشرطة الإيرانية وأسفرت عن إصابات في صفوف الأكراد.
أما المناسبة الثانية فقد وقعت في عام 2005، حينما كانت الجماهير الكردية تتظاهر في الذكرى السنوية لاغتيال رئيس الحزب الديمقراطي الكردي”عبدالرحمن قاسملو” الذي أغتيل من قبل المخابرات الإيرانية في النمسا في عام 1989م، وقد تحولت المظاهرات إلى اشتباكات عنيفة مع الأمن الإيراني، أسفرت عن مقتل العديد من الأكراد في منطقة “سقز وسنندج” وسائر المدن التي يعتبرها الأكراد جزءاً من كردستان الكبرى.
أما عن واقع الأكراد في عهد الرئيس الإيراني الحالي حسن روحاني، فقد أشار إليه “تيمور الياسي” مدير جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان في كردستان إيران بمؤتمر جنيف الذي عقد في 19 مارس 2015، بمقر الأمم المتحدة بشأن قضية القوميات غير الفارسية والأقليات الدينية في إيران. بالقول” أن الشعب الكردي يتعرض لاضطهاد في إيران، وأن أكبر نسبة الاعدامات السياسية خلال حقبة رئاسة روحاني كانت ضد النشطاء الأكراد”(.
اللور
التاليش
البلوش
تنقسم اليوم الأراضي البلوشية "بلوشستان" بين ثلاث دول: باكستان وإيران وأفغانستان، ثلثا مساحتها في باكستان ويطلق عليها بلوشستنان الشرقية والثلث الآخر في إيران وتسمى أيضاً بلوشستنان الغربية. وتبلغ مساحة بلوشستنان الايرانية 70ألف ميل مربع. أكثر تاريخ البلوش القديم ضبابي وغير يقيني ويستند إلى روايات أسطورية، ولكن الدراسات الغربية الحديثة تقرر أن البلوش مزيج عرقي من عدة شعوب وطبقات. وأن اللغة البلوشية تشكل جزءاً من المجموعة الإيرانية في عائلة اللغات الهندو أوروبية، ويعتقد بعض الباحثين البلوش أن البلوش سكان مكران القدماء. وهي البلاد التي تمتد في جنوبي شيرقي إيران وغربي باكستنان وتطل على بحر العرب.
ويشكل البلوش الإيرانيين ما نسبة 2 إلى 3% من إجمالي مواطني الدولة الإيرانية. ويعتنق معظم البلوش المذهب السُني الحنفي بينما هناك أقلية تعتنق المذهب الشيعي. ويتركز البلوش في إيران في الجنوبي الشرقي على حدود دولتي باكستان وأفغانستان. وتشمل بلوشستنان الغربية الإيرانية أقاليم سيستان “زهدان” ومكران.
وتاريخياً استطاع البلوش من تأسيس دول مستقلة في القرنين السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر قائمة على الزعامات الأرستقراطية والإقطاعية، واستمرت قائمة حتى الإحتلال البريطاني لهم في عام 1839. الذي قام بدوره إلى تقسيم دول البلوش بين أفغانستنان عام 1787، وايران عام 1928، وباكستنان عام 1948.
رفض بلوش هذا الضم القسري للدولة الإيرانية البهلوية، وخاضوا نضالاً مريراً لأجل إستقلالهم أو لأجل الحكم الذاتي وللحفاظ على هويتهم وثقافتهم في المقابل نهج البهلوي سياسة حديدية تمثلت بقمع جميع مظاهر الشعور القومي الناشئ لدى البلوش في ثلاثينيات القرن العشرين إلى خمسينياته، واتُخذت إجراءات قاسية لقمع البلوش وإجبارهم على الاندماج، وحُظرت اللغة والأسماء والموسيقى البلوشية واتبعوا سياسات فارسية شاملة على الثقافة والهوية البلوشية، ولكن البلوش الإيرانيين واصلوا النظر إلى أنفسهم كأمة مستقلة من الناحية الثقافية. ولأن لكل فعل ردة دخل البلوش في سلسلة من الانتفاضات المسلحة ضد إيران كان أشدها ضراوة الانتفاضة التي وقعت بين عامي 1973-1977.
وبعد سقوط نظام الشاه عام 1979 بدأ البلوش تحركًا فوريًا للتعبير عن هويتهم المميزة، ولكن البلوش وجدوا أنفسهم مرة أخرى في مواجهة نظام سياسي إسلامييمارس ضدهم سياسات عنصرية وطائفية على مختلف المستويات. فعلى مستوى التعليم رفض الثورة الإيرانية السماح بتعليم اللغة البلوشية في المدارس التابعة للإقليم، وتراجع نسب التعليم في الإقليم نظراً لتدني الخدمات الواجب توفرها في هذا المجال، وعلى مستوى التعليم الجامعي كانت هناك سياسة تضييق الخناق على قبول البلوشيين في الجامعات، لك أن تتخيل عمق السياسية العنصرية والطائفية في هذا المجال، إذا ما علمنا أن عدد الطلاب الجامعين منهم لا يتجاوز 2000 طالب من أصل 3.3 مليون طالب إيراني في الجامعات. وعلى المستوى الإداري، فإن موظفي الدولة وأفراد الشرطة كلهم من خارج إقليم بلوشستان. وفي محاولة الإنفتاح الشكلي على المسألة البلوشية في ايران تم في المدة الرئاسية للرئيس محمد خاتمي، تعيين محافظاً واحداً فقط لإقليم بلوشستنان أما على الصعيد المحلي فلم يكن هناك حتى منصب واحد لأبناء البلوش ولأهل السنة.
أما في عهد الرئيس السابق أحمدي نجاد فقد استحدث –ولأول مرة- حاكم لمحافظة سيستان وخمسة محافظين ومدير عام تم اختيارهم من بين القومية البلوشية والطائفة السنية. ويمكن فهم هذه التعيينات في إطار محاولة إظهار الرئيس السابق المتشدد للقومية الفارسية على أنه منفتح على حقوق القوميات غير فارسية، ومحاولة أيضاً من قبله لاحتواء غضب أهالي إقليم بلوشستان من سياسات العنصرية للدولة الإيرانية تجاههم. وعلى الجانب الإقتصادي والاجتماعي، فعلى الرغم من إمتلاك إقليم بلوشستان كميات كبيرة من الغاز والنفط والذهب والنحاس واليورانيوم، إلا أنه من أكثر الأقاليم في إيران تدهورا من الناحية الاقتصادية، حيث يعتبر انخفاض معدل النمو الاقتصادي والحرمان والفقر الشديد وارتفاع نسبة البطالة وانتشار ظاهرة التهريب والاتجار بالمخدرات من أهم انجازات الثورة الإسلامية الإيرانية في إقليم بلوشستان.
واجتماعيا، تتعرض الشخصيات الوطنية والثقافية والاجتماعية من القومية البلوشية للإهانات والتحقير من قبل الجنود العاديين دون أن يجري توبيخ هؤلاء الجنود بل يشجعون ويحرضون على مواصلة مثل تلك الأعمال المهينة بحقهم.
وأخيراً فعلى الجانب الأمني يعتبر إقليم بلوشستان من أكثر الأقاليم خطورة في إيران لافتقاره لعناصر الأمن والاستقرار، ويرجع غياب الأمن إلى انتشار المخدرات بشكل واسع النطاق وهو ما حوّله لإقليم غير آمن. وقد تشكّل في ذلك الإقليم مجموعات إجرامية وإرهابية وعصابات مافيا متخصصة في التهريب، والمصدر والمنبع المالي الرئيسي لتلك الجماعات يتم تأمينه من خلال المتاجرة بالمخدرات.
وقد أدى هذا المناخ اللإنساني في إقليم بلوشستان إلى تأسيس حركة “جند الله” على يد عبدالملك ريغي في عام 2002، وهي حركة إسلامية مسلحة معظم عناصرها من القومية البلوشية السنية. وتتلخص أهدافها في الدفاع عن حقوق السنة عامة والشعب البلوشي خاصة، وإجبار النظام الإيراني على التعاطي معها كحزب سياسي رسمي، كما طالبت بتقسيم الثروة تقسيمًا عادلاً، وأن يكون للسنة الحرية في بناء المساجد والمدارس، حيث تتهم الحركة حكومة طهران باضطهاد السنة، وقتل علمائهم، وهدم المساجد وإغلاق المدارس. وعسكريا، نفذت الحركة عدد من العمليات المسلحة ضد مسؤولين ومنشآت في الدولة الإيرانية. وإزاء هذه الأحداث وسعت الحكومة الإيرانية من نطاق العنف وتنفيذ أحكام الإعدام ضد أبناء إقليم بلوشستان حتى تمكنت في النهاية، من اعتقال عبدالملك ريغي وإعدامه في 20 فبراير 2010.
ولغاية اليوم، لا تتوقف الحكومة الإيرانيىة عن ممارسة سياسة الاضطهاد ضد القومية البلوشية، وهذا ما أكدت عليه منيرة سليماني في مؤتمر الأقليات الإيرانية والذي عقد برعاية الأمم المتحدة بالقول” إن هذا الشعب –بلوشستاني- يتعرض للاضطهاد المركب، حيث لا يتمتع بحقوقه القومية ولا بحقوقه الدينية، حيث لا يحق لأبنائه الترشح للمناصب العليا كونهم من أهل السنة، وذلك لأن الدستور الإيراني يعتبر المذهب الشيعي هو المذهب الرسمي للدولة وبالتالي يتم إقصاء وتهميش السنة”.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
التورك
- مقالة مفصلة: شعوب توركية
الأذريون
تشكل القومية الأذرية ما نسبة 24% من مواطني الدولة الإيرانية، ويسكن الأذريون منطقة أذربيجان، ويتكلمون لغة مشتقة من اللغة التركية، وتعد مدينة تبريز العاصمة القومية للأذريين، وتأتي القومية الأذرية في المرتبة الثانية بعد الفارسية من حيث العدد، ومن الناحية المذهبية يعتنق الأذريون المذهب الشيعي وهو المذهب الرسمي للدولة.
وقد استغل الأذريون النتائج المباشرة للحرب العالمية الثانية والمتمثلة إحداها ببروز الاتحاد السوڤيتي كإحدى القوتين العظمتيين، ونظراً لارتباط قائدهم جعفر بيشوري فكرياً به، ففي 12 ديسمبر 1945، تم تشكيل حكومة ذاتية في إيران برئاسته. ولكن هذه الحكومة لم تستمر كثيراً، ففي 25 ديسمبر 1946، قام الجيش الإيراني بإسقاطها ليهرب بيشوري إلى الاتحاد السوفييتي السابق، ما أفضى إلى معاداة الشاه محمد رضا بهلوي لطموحات إقليم أذربيجان القومية.
لذلك لم يكن مستغرباً حينما قامت الثورة الإسلامية في إيران، كان الأذريون من صناعها ومشاركين فيها. فقد شهدت مدينة تبريز أولى الأحداث التي نمت عن سقوط حكم الشاه، كما شهد إقليم أذربيجان أول حالة تصدع للجيش الإيراني، عندما انضمت وحداته للثورة الإيرانية.علاوة على أن الأذريين يشعرون بوحدة المذهب مع القومية الفارسية، وأن زعيمهم آية الله” شريعة مداري” كان له دور كبير في الثورة لا يفوقه فيه إلا آية الله الخميني.
أما عن وضع الأذريون في عهد الجمهورية الإسلامية، يمكن القول بأن لهم ثقل مجتمعي لا يستهان به، فهم متواجدون في الحياة السياسية وبوظائف الدولة العامة وبنسب كبيرة في مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية، كما أن لهم نفوذ قوي في الحوزات الدينية، ويسيطرون على سوق طهران.
ولعل هناك مثال ساطع على أهميتهم في الدولة والمجتمع الإيراني. فآية الله “علي خامئني” مرشد الثورة الإيرانية، والذي سبق وأن شغل منصب رئيس الجمهورية ما بين عامي (1981-1989) ينحدر من القومية الإذربيجانية. وعلى هذا النحو المبين لا يشكو الأذريون من أي تهميش في إيران.
وعلى الرغم من الحضور الأذري القوي في المجمتع الإيراني، إلا أن هناك ما يعكر صفو العلاقة بين القومية الأذرية والفارسية، ويتمثل ذلك بالطموح القومي الأذري الذي كان -ولايزال- يهدف إلى الانفصال عن الجمهورية الإيرانية الإسلامية والانضمام للدولة الأذربجانية “الأم” والتي ظهرت إلى حيز الوجود بعد تفكك الإتحاد السوفييتي بشكل رسمي في 24 ديسمبر 1991.
وبعد قيام دولة أذربيجان، شهدت العلاقات الإيرانية الأذربيجانية توتراً، عندما قامت الحكومة الأذربيجانية بنشر خارطة لأربيجان الكبرى، تضم المحافظات الآذرية الإيرانية ومناطق أخرى من شمالي إيران يقطنها أذريون إيرانيون. وبالمقابل ينظر الأذريون في إيران باستياء للموقف الإيراني من النزاع بين أرمينيا وأذربيجان على إقليم ناگورنو قرةباخ ومن تنامي العلاقات بين إيران وأرمينيا على حساب العلاقة مع أذربيجان.
التركمان
الجماعات القبلية التوركية
الشعوب السامية
العرب
تسكن القومية العربية الأجزاء الجنوبية الغربية وسواحل الخليج العربي ويطلق على هذه الأجزاء تسمية الأحواز، وقد أطلق على هذه المنطقة في العهد الساساني اسم: خوزستان (أي بلاد القلاع والحصون)، نسبةً إلى ما بناه العرب المسلمون في هذا الإقليم من قلاعٍ وحصونٍ في معركة القادسية “15هجري/636ميلادي”. وقد جاء ذكرها – أي الأحواز- في كتاب لسان العرب لابن منظور بمعنى ” الأحواز هي سبع كور بين البصرة وفارس، لكل واحد منها اسم، وجميها الأحواز أيضاً” كما تعني أيضاً “الأرض المملوكة ذات الحدود المعلومة”، وقد استمر هذا الاسم يطلق على المناطق العربية حتى عهد إسماعيل الصفويّ عام 1501م. إذ أطلق الفرس على الأحواز تسمية “عربستان”: أي بلاد العرب. مع وجود نسبة قليلة من الفرس تسكن الأحواز قدموا إليها ضمن حملة التفريس التي قامت بها الدولة الإيرانية عبر مراحل تاريخية مختلفة.
واليوم، تشكل القومية العربية في الدولة الإيرانية ما نسبة 4% من مجمل مواطني الدولة الإيرانية، ويعتنقون الدين الإسلامي، ويتمايزون عن بعضهم طائفياً، فالشيعة وهم الأغلبية يقطنون الاجزاء الجنوبية الغربية، أما السنة الأقل عدداً يقطنون سواحل الخليج العربي.
ووفق أدقّ الدراسات، تبلغ مساحة الأحواز العربية (348) ألف كيلو مترٍ مربّع، أي أكثر من مساحة بلاد الشام كلها” سويا وفلسطين والأردن ولبنان”. وأهم إماراتها هي: المحمّرة التي تعد عاصمة الأحواز والقواسم والمنصور والعبادلة وآل علي والمرازيق. وعدد مدنها أربع وعشرون مدينة، فيما يبلغ عدد قراها أكثر من ثلاثة آلاف قرية.
يسجّل التاريخ أنّ الوجود العربيّ في الأحواز بدأ مع ظهور هذه البقعة من الأرض على خريطة العالَم، منذ الألف الثالثة قبل الميلاد، على شكل مجموعاتٍ بشريةٍ قادمةٍ من اليمن والجزيرة العربية، وأنّ هذا الوجود العربيّ هناك سبق أيَّ وجودٍ إنسانيّ، ولم ينقطع منذ ذلك الوقت، إلى أن أقامت في هذه المنطقة القبائلُ العربيةُ القادمةُ من العراق والجزيرة العربية، أهمها: “بني طرف” و”بني كعب” و”بني تميم” و”آلكثير” و”آل سيد نعمة” ومطير والدواسر وشمر وعنزة وظفير وسبيع وعتيبة وقبائل أخرى كثيرة وكلها قبائل عربية لها امتدادها بالجزيرة العربية ولها أمراء وشيوخ يحكمونها.
ومنذ انتصار المسلمين على الإمبراطورية الفارسية في معركة القادسية، وإقليم الأحواز تحت الحكم الإسلامي، واستمر يتبع لولاية البصرة حتى الإحتلال المغولي لبغداد عاصمة الدولة العباسية في 1258. وبعد انتهاء مرحلة الإحتلال تلك. خضع إقليم الأحواز لدولتين عربيتين قبل خضوعه للإحتلال الفارسي وهما: الدولة المشعشعية “1436-1724” واعترفت بها الدولة الصفوية والدولة العثمانية كدولة مستقلة، والدولة الكعبية التي استطاعت أن تحافظ على استقلالها حتى تاريخ 25 ابريل عام 1925.
ولعل هناك دافعين رئيسيين دفعا شاه إيران رضا بهلوي لاحتلال الأحواز، الأول يمكن في رغبة شاه إيران في الوصول إلى سواحل الخليج العربي، فإيران لم تكن لها أي إطلالة على سواحل ذلك الخليج بسبب امتداد حدود الدولة الكعبية عليه. أما الدافع الثاني فيعود إلى عام 1908، ففي هذا العام تم اكتشاف وبكميات كبيرة من النفط في الأحواز. وهنا التقت المصالح الاستعمارية البريطانية مع الإيرانية عندما وقع آخر أمرائها الشيخ خزعل الكعبي ضحية مكيدةٍ بريطانيةٍ-إيرانية ، حين دُعي إلى حفلٍ على متن يخت بريطاني في شط العرب، حيث تم اعتقاله مع مرافقيه من قبل مجموعةٍ من الضباط البريطانيين والايرانيين، واقتيد إلى معتقل في طهران، ودخل الجيش الإيراني بمساعدة البريطانيين الأحواز وباحتلال مدينة المحمرة -عاصمتها- سقطت الدولة الكعبية.
ولأن المقاومة المسلحة لشعب ما ضد المحتل تعد شكلاً من أشكال الممارسة الثقافية للتعبير عن الهوية الجامعة، والتي لا تظهر إلا في الوقت المحن كالاحتلال مثلاً، فقد خاض الشعب العربي في الأحواز العديد من الإنتفاضات طيلة حكم الأب رضا بهلوي”1925-1946” وإبنه محمد بهلوي”1946-1979” اللذين قاما بقمع تلك الإنتفاضات بوحشية بالغة، باتباعهما سياسة الأرض المحروقة التي كان اتبعها الاستعمار الأوروبي في المشرق والمغرب العربي في ذلك الوقت، إذ قاما بتدمير القرى والمدن العربية، وتم إعدام الشباب الأحوازي دون أي محاكمة أو فرصة للدفاع عن أنفسهم من أجل إرهاب باقي الأهالي. وحتى الآثار لم تسلم من التدمير والتخريب من أجل طمس هوية الأحواز العربية، وإنهاء ارتباطها التاريخي بعروبتها وربطها بالتاريخ الفارسي.
لذا عندما قامت الثورة الإسلامية في إيران شارك الأحوازيون بها، حيث سيطروا على المنشآت النفطية والاقتصادية في إقليهم، مما عجل بسقوط حكم محمد رضا بهلوي في 11 فبراير 1979. ومع نجاح الثورة ظن الأحوازيون بأن المظالم التي وقعت عليهم في العهدين السابقين ستزول عنهم، لاسيما وأن الثورة اتخذت من مبادىء الشريعة الإسلامية! منطلقاً لحكمها، فسارعوا بتأسيس مؤسسات المجتمع المدني ومنها على سبيل المثال أنشئوا مراكز ثقافية في مختلف المدن الأحوازية، إلا أن ردّة فعل النظام الإيراني الجديد بقيادة آية الله الخميني قد اتسمت بمداهمة جميع هذه المراكز وقتل المتواجدين فيها.
واعتقالهم، كما ارتكب “احمد مدني” أول وزير دفاع في عهد الجمهورية الإسلامية والذي قال عنه الخميني: بأنه “عيني اليمنى” في 15 إبريل 1979، مجزرة دموية بمدينة المحمّرة وعبادان راح ضحيّـتها أكثر من 500 قتيل والمزيد من الجرحى والمعتقلين. وفي سياق متصل تبنى مسؤولي الثورة الإسلامية الإيرانية خطاباً عنصرياً تجاه القوميات في إيران ولا سيما القومية العربية، فقد وصف الرئيس الإيراني الأسبق هاشم رفسنجاني ”1989-1997” والرئيس الحالي لمجلس تشخيص مصلحة النظام في مايو 1985، قبائل الأحواز العربية بأنها مجاميع من”الغجر”. مما شكّل حالة من الاستياء العام لدى عرب الأحواز، وقاموا بانتفاضة شعبية عارمة قوبلت بالقمع والاستخدام المفرط من قبل الحكومة الإيرانية.
وقد زادت معاناة القومية العربية الأحوازية جراء السياسات العنصرية التي اتبعتها الحكومات المتعاقبة للثورة الإسلامية ضد تلك القومية وعلى مختلف المستويات، فعلى مستوى التعليم والثقافة كانت –ولاتزال- الحكومة الايرانية تفرض حظراً شاملاً على تعليم اللغة العربية، حتى في مدارس القطاع الخاص ورياض الاطفال في المناطق العربية الاحوازية، وتجبرهم على تعلم باللغة الفارسية ومصادرة كل الكتب العربية، وكذلك فرض اللغة الفارسية على المحاكم الأحوازية ومنع التحدث باللغة العربية داخل هذه المحاكم.
كما منع النواب العرب الأحوازيين من الخطابة باللغة العربية في المجلس النيابي الإيراني، وعلى المستوى الأمني فرض الحكم العسكري على إقليم الأحواز، وعلى المستوى السياسي عدم الاعتراف بحق تقرير المصير للأحواز وحرمانه وعلى المستوى الحريات كانت الصحافة الأحوازية العربية- مع هامش الحرية في عهد خاتمي- تعاني من ضغوط مختلفة وشحة الامكانيات قياساً بالصحافة الفارسية التي تشمل نحو 95 % من الصحف الايرانية وتتمتع بإمكانيات واسعة.
وعلى المستوى الاجتماعي تمثل تفريس الأحواز بتغيير أسماء المدن العربية إلى فارسية، ولم يعد من حق أي أسرة أن تسمي أولادها إلا بأسماء فارسية، ومن يرفض ذلك يمنع من إصدار أي إثبات له ولا يتم الاعتراف به. ولم تكتف الحكومات الإيرانية بذلك بل سعت لعملية التهجير للقبائل العربية المقيمة في الأحواز إلى مناطق الشمال الإيراني، واستجلاب سكان هذه المناطق إلى الأحواز وإسكانهم فيها. واقتصاديا تعاني القومية العربية من تردي الأوضاع المعيشية، فهو بالنسبة للحكومة الايرانية يعد الإقليم المنسي الذي غابت عنه سياسات التنمية الاقتصادية. فالأحواز تسجل فيها أعلى مستويات الفقر في ايران، وفيه تنعدم فرص العمل على الرغم من أنه يمثل شريان الاقتصاد الايراني، فمنه تستخرج ما نسبة 85% من النفط الايراني، وما نسبة 90 % من الغاز الطبيعي، ومن الأحواز تنتج الطاقة الكهربائية الايرانية فيتم إنتاج 74 % منها، من المصادر الطبيعية الأحوازية. كما تشتهر الأحواز بوفرة مياهها، إذ يمر فيها خمسة أنهارٍ كبيرة، أهمها أنهار: الكارون والكرخة والجراحي، وتمثّل مياهها نصف المخزون المائيّ لإيران، المستهلك لمياه الشرب والريّ. ونظراً لخصوبة أراضيها، فقد اشتهرت الأحواز بزراعة القمح والأرز وقصب السكر والحمضيات والنخيل، ويمثّل إنتاجها من القمح 50 % من مجمل الإنتاج الإيراني ومن الحبوب عامةً 40 % من الإنتاج الإيراني. ومن التمور 90 %من الانتاج الايراني تنتجها أكثر من أربعة عشر مليون نخلةٍ أحوازية.
قد يختلف قطبا السياسة الإيرانية “التيار الإصلاحي وتيار المحافظين” فيما يتعلق بالسياسات الداخلية والخارجية للدولة، لكنهما يتفقان على اضطهاد وتنكيل القومية العربية في الأحواز، فالرئيس “الاصلاحي” محمد خاتمي الذي تفاءلت القوميات غير فارسية ومنها العربية لقدومه لشغل منصب رئيس الجمهورية على أمل أن يرفع الظلم الذي لحق بالأحواز، إذ هو يعمل على تكريس ذلك الظلم، وذلك عندما سربت وثيقة سرية صادرة عن مكتبه دعت إلى تهجير عرب الأحواز من مدنهم واستبدالهم بمئات الآلاف من الإيرانيين الفرس. هذا الأمر دفع الأحوازيون في 15 ابريل 2005، لينتفضوا من جديد ضد سياسات التمييز العنصرية التي تمارسها الدولة الإيرانية عبر حكومة الرئيس صاحب حوار الحضارات، وقد سقط أثر تلك الانتفاضة العديد من القتلى والجرحى كما اعتقلت الحكومة الايرانية ما لايقل عن ثلاث ألاف أحوازي.
وقد زادت سوء أوضاع القومية العربية الأحوازية في عهد الرئيس السابق محمود أحمد نجاد والرئيس الحالي حسن روحاني، وقد أشار إلى ذلك، الدكتور كريم عبديان بني سعيد، رئيس منظمة حقوق الإنسان الأحوازية كلمة قال فيها إن “منطقة الأحواز عانت من الاضطهاد السياسي والثقافي والاقتصادي من قبل نظامي الشاه والجمهورية الاسلامية في إيران، ويعاني السكان الأصليون من التمييز العنصري وانتهاكات حقوق الإنسان إلى درجة جعلت منهم الحكومات الإيرانية المعاقبة مواطنين من الدرجة الثانية أو الثالثة”.
آشوريون
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
اليهود
المندائيون
مجموعة القوقاز المشتقة
الأرمن
الجورجيون
الشركس
الأقليات الدينية
- مقالة مفصلة: الدين في إيران
تعتبر إيران دولة ذات تركيبة ديموغرافية متنوعة، فهي تتكون من عدة قوميات كما أشرنا سابقاً، ولكل قومية منها لها خصوصيتها القومية وغايتها السياسية المتمثلة منها بالانفصال والإستقلال عن الدولة الإيرانية كالاذريين والكرد والعرب والبلوش. وبالإضافة إلى التنوع القومي في إيران. فإن أقليات دينية تعتبر واحدة من أهم التقسيمات الاجتماعية في أي مجتمع، وتتشكل الأقليات وفقاً لأمور مختلفة، وأهم أقلية في إيران هي التي تشكلت وفقاً للمذهب. ويمكن تقسيم الأقليات فيها إلى أقليات مسلمة وأخرى غير مسلمة؛ وتتكون الأقلية المسلمة من الجماعة السنية والجماعة الإسماعيلية والجماعات الصوفية؛ أما الأقليات غير المسلمة فتضم المسيحية، والزرادشتية، والبهائية وطوائف أخرى.
وتعتبر الطائفة السنية من أكبر الأقليات المذهبية الدينية في إيران حيث إنها تُشكّل 10% من مكونات الشعب الإيراني، ومما يجعل الأقلية السنية أكثر تفاوتاً من غيرها التنوع القومي التي تتميز به حيث إنها تتكون من قوميات أخرى، هي البلوشية والكردية وهما من الأقليات الكبيرة نسبياً. فعقب الثورة الإيرانية الإسلامية، اشتدت معاناة أهل السنة في إيران، وذلك جراء سياسة التمييز الطائفي التي تمارس ضدهم على الأصعدة الدينية، والسياسية والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، وقد تركت هذه السياسة آثارها عليهم، فالنظرة الدستورية للسُنة في إيران تمييزية عنصرية من حيث المذهب والعرق؛ فالدستور الإيراني ينص صراحة على التمييز بين السنة والشيعة في الدولة الإيرانية، فبحسب الدستور فإن رئيس الجمهورية يجب أن يكون من المذهب الرسمي للدولة، وبذلك يحرم السنة من ترشيح أنفسهم لهذا المنصب.
كما يحرم أهل السنة من حصتهم في المناصب السياسية، والإدارية العليا، وحتى في المناطق ذات الأغلبية السنية لم تراع فيها العدالة في توزريع المناصب، فالغلبة فيها دائما للشيعة، وفي الكثير من المناطق السنية يتعامل مسؤولو الدوائر الحكومية وفق مزاجهم، ضاربين بالقوانين والقرارات عرض الحائط، ما تسبب في سلب الحقوق القانونية لأهل السنة.
أما على المستوى الاقتصادي فمناطق أهل السنة في إيران تعتبر من أشد المناطق فقراً وترديًا مقارنة بالمناطق الأخرى. كما أن نسبة البطالة في هذه المناطق مقارنة أيضاً بالمناطق الأخرى تعتبر الأعلى نسبة، ومعدل التنمية الاقتصادية هو الأدنى بالنسبة لبقية المناطق الإيرانية. يضاف إلى ذلك أن سياسة الدولة الإيرانية في تلك المناطق أكثر تشددًا؛ مما يدفع تلك الأقليات إلى تشكيل مقاومة تدافع من خلالها عن هويتها. وقد زادت هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة حتى وصلت لمواجهة أمنية مع تلك الأقليات في مناطقهم.
ومما يميز هذه الأقلية بالاضافة إلى اختلافها المذهبي والقومي أن هذه الأقلية تجمعها الحدود مع دول أجنبية أخرى. وهو ما يجعل النظرة الرسمية للأقلية المختلفة من الناحية المذهبية والقومية تتمحور حول كونها تُمثل تهديداً لنظام الحكم. وبهذا الفهم فإن الدولة هنا تعاملت مع الطائفة السنية من منظور أمني -حتى لو لم تكن تجاور من الناحية الجغرافية شعوب دول يعتنقون نفس المذهب،- ليس كمواطنين ينتمون إلى طائفة دينية أخرى لهم على الدولة حقوق سياسية واقتصادية واجتماعية يجب مراعاتها في التعامل معهم، فالدولة الإيرانية هنا اقتصرت ادراكها لأهل السنة على الجانب الأمني. فالتقصير في هذه الحالة يقع على عاتق العقل السياسي الحاكم في طهران وليس على أبناء الطائفة السُنية.
فبعيداً عن تواجد أهل السنة على حدود الدول المجاورة، ولنلق نظرة سريعة على وضع أهل السنة في طهران، ففي طهران يقطن أكثر من ثلاث مليون سني ولا يوجد فيها مسجداً واحداً لهم لممارسة عباداتهم، في حين نجد مقاماً لأبو لؤلؤ المجوسي قاتل الخليفة الثاني عمر بن الخطاب فيها، فطهران هنا تتسع جداً للتراث المجوسي وتغلق أبوابها لأتباع المذهب السني.
واتساقاً مع هذه السياسية الطائفية، فحين يُسألوا الباحثون والأكاديميون عن سبب عدم وجود مسجداً واحداً للمسلمين السنة في طهران، يجيبوا بكل هدوء، بأن لا داع لذلك، فالحسينيات منتشرة في أنحاء طهران وبوسع المسلم الُسني أن يصلي فيها، فهي أيضا من بيوت العبادة للمسلمين. فإذا كان الأمر على هذا النحو من التبسيط والاستخفاف بالمشاعر الدينية، فلماذا تطلب الحكومة الإيرانية من بعض الدول العربية ذات الصبغة السنية الكاملة فتح حسينيات في عواصمها أو مدنها، فليصلي المسلم الشيعي في مساجد أهل السنة هناك. أم لهذه الحسينيات أهدافاً –يقيناً- تتجاوز العبادة. كما لا يوجد مسجد سُني واحد في المدن الكبرى التي يمثل الشيعة فيها الأغلبية، مثل: أصفهان، وشيراز، ويزد.
أما الأقليات الأخرى فيمكن تقسيمها إلى مجموعتين: مجموعة قانونية وأخرى غير قانونية؛ فمن الأقليات القانونية التي اعترف بها الدستور الإيراني وفق المادة 13 من الدستور الإيراني، وتعهد لها بالحرية في أداء مراسيم دينها وبحمايتها هي: الزرادشتية، واليهودية، والمسيحية. ولهذه الأقليات أشخاص يمثلونها في البرلمان الإيراني ويدافعون عن قضاياها؛ مما يجعلها أقل مواجهة مع الدولة الإيرانية. ليس من جهة حصولهم تمتعهم بحقوقهم التي نص عليها الدستور الإيراني، وإنما يعود ذلك لوزنهم العددي البسيط جداً في المجتمع الإيراني الذي يضطرهم إلى التزام الصمت تجاه المضايقات التي يتعرضون لها في المجال التعليم اللغوي والديني، إذ تفرض على مدارس الأقليات تعليم أبناؤهم باللغة الفارسية، ويخصص كتاب واحد لتعليم الديانة، وهو كتاب أعدته الحكومة الإيرانية خصيصاً لهذا الغرض.
ولكن الطائفة البهائية تُمثل أهم قضية للأقليات غير القانونية. إذ لا توجد أي سياسة واضحة تجاه هذه الطائفة في إيران، وإن كانت تغلب عليها سياسة الطرد والإبعاد لهذه الطائفة، بالإضافة إلى حرمانهم من التحصيل الدراسي والتوظيف على غرار الطائفة السنُية المسلمة.
الهجرة المؤخرة
انظر أيضاً
المصادر
- ^ "Iran" in Encyclopedia of Islam, Leiden. C.E. Bosworth (editor): Persians (65 percent), Azeri Turks (16 percent), Kurds (7 percent), Lurs (6 percent), Arabs (2 percent), Baluchis (2 percent), Turkmens (1 percent), Turkish tribal groups such as the Qashqai (1 percent), and non-Persian, non-Turkic groups such as Armenians, Assyrians, and Georgians (less than 1 percent). Library of Congress, Library of Congress – Federal Research Division. "Ethnic Groups and Languages of Iran" (PDF). Retrieved 2009-12-02.
- ^ According to the CIA World Factbook, the ethnic breakdown of Iran is as follows: Persian 61%, Azeri 16%, Kurd 10%, Lur 6%, Baloch 2%, Arab 2%, Turkmen and Turkic tribes 2%, other 1%. "The World Factbook – Iran". Retrieved 2008-04-21.
- ^ Ali Gheissari, Contemporary Iran: Economy, Society, Politics, Oxford University Press, 2009, p.300
- ^ Ali Aldosari, Ali Aldosari, Middle East, western Asia, and northern Africa, Marshall Cavendish, p.482
- ^ Brenda Shaffer. The Limits of Culture: Islam and Foreign Policy MIT Press, 2006 ISBN 0262195291 p 229
- ^ Carl Waldman, Catherine Mason, Encyclopedia of European Peoples, pp.175
- ^ http://www.hollandsentinel.com/lifestyle/x1558731033/Saving-the-people-killing-the-faith
- ^ Ervand Abrahimian, "A History of Modern Iran", Cambridge University Press, 2008. Page 18: "Communal Composition of Iran, 1900 Persian 6 million Azeris 2.5 million Mazandaranis 200,000 Gilakis 200,000 Taleshis 20,000 Tatis 20,000"
- ^ "أثر التنوع القومي والديني على الداخل الإيراني". مركز الروابط للبحوث والدراسات الإستراتيجية. 2015-06-28. Retrieved 2015-06-29.