الأدب المصري القديم -سليم حسن
الأدب المصري القديم تأليف عالم الاثار سليم حسن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
نبذة عن الكاتب
سليم حسن: أحد أعلام المصريين في عِلم الآثار، قدَّم العديد من الدراسات الرائدة في هذا المجال، كان منها عملُه الأبرز «موسوعة مصر القديمة»، ذلك العمل الذي يتكوَّن من ثمانية عشر جزءًا، كما كان له العديد من الاكتشافات الأثرية في المنطقة المحيطة بأهرامات الجيزة، ويُلقَّب بعميد الأثريين المصريين. وُلد سليم حسن عام ١٨٩٣م بقريةِ ميت ناجي التابعة لمركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية بمصر
نبذة عن الكتاب
الكتاب يتكون من جزئين من موسوعة - مصر القديمة - الجزء 17 و 18 هم للأدب والشعر في مصر القديمة
تاريخ الكتابة هو عام 1940
مقدمة المؤلف الجزء الأول
لقد ظل كثيرون ممَّن لم يدرسوا العلوم المصرية القديمة لا يعرفون عن مصرإلا أنها بلد الموميات » ،« توت عنخ آمون » والأهرام، و ،« وأبو الهول » ، فعندما ظهر كتاب الأستاذ ماكس بيبر
عن الأدب المصري القديم دهشوا عندما قرءوا عنوانه، وسأله بعضهم بشيء من الدهشة «!؟ أيوجد لمصرالقديمة أدب قومي كذلك الأدب اليوناني واللاتيني والألماني » : وقد كان رده عليهم كتابه المختصرفي الأدب المصري القديم
أقتباسات
قصص الدولة الوسطى
قصة سنوهیت
ألفت هذه القصة الطريفة في أوائل الأسرة الثانية عشرة حوالي سنة ۲۰۰۰ق.م، وقد ذاع صيتها ولقيت رواجا عظيما، وظلت تنسخ وتقرأ نحو ۵۰۰ سنة في المدارس المصرية.
(أ) ملخص القصة
روی «سنوهیت» هذه القصة بصيغة المتحدث عن نفسه، وملخصها: أنه كان عائدا من غزو ضد اللوبيين بقيادة ولي العهد «سنوسرت الأول»، فحدث في تلك الأثناء أن مات الملك
أمنمحات» الأول، ونعاه الناعي إلى «سنوسرت» فترك الجيش، وخف مسرعا إلى العاصمة ليطمئن إلى عرشه الذي آل إليه، ولكن أمر الوفاة كان قد ذاع بين الأمراء المرافقين للحملة،
وسمع به «سنوهیت» خلسة، فما كان منه إلا أن فر هاربا إلى سوريا لأسباب غامضة لم يستطع هو أن يجد لها تعليلا مقبولا، وقد أحسن استقباله هناك أحد رؤساء القبائل، وزوجه؛ فأصبح رب أسرة، وصارع أحد رؤساء العشائر السورية المعادية فصرعه وجد له، وبعد فترة طويلة عاوده الحنين إلى وطنه، وتاقت نفسه للرجوع إلى مصر ليكون في خدمة مولاه الملك الذي ظل مخلصا له طول حياته، وليلقى ربه، ويدفن في البلد الذي ولد فيه وترعرع، ولما سمع الملك بآلامه وأحلامه عفا عنه، وأعاده إلى منصبه في الحكومة، وسمح له أن يعود إلى وطنه معا مكرما ليقضي ما بقي له من أيام تحت سمائه
قصة الفلاح الفصيح
ملخص القصة
ترجع حوادث هذه القصة إلى عهد الملك « خيتي » أحد ملوك هيراكليوبوليس أهناس المدينة—في نهاية الألفالثالثة قبل الميلاد، والاسم الذي أطلق عليه العلماء تجوزً « الفلاح » حقيقته في اللغة المصرية ساكن الحقل » أي بطل هذه القصة أحد سكان الملح » وهو وادي النطرون » وقد أطلق عليه في العهد المسيحي صحراء النطرون وكان هذا الفلاح يسكن في مجاهل هذه البقعة، وكان يسافر من حين لآخَر إلى مصر ليبيع محصول أرضه محمَّلًا على حمير له، ولما وصل في مرة إلى مصر اعترضه أحد الموظفين المسمَّى تحوت نخت واغتصب منه حميره وما عليها بحيلة دنيئة، فذهب الفلاح على إثر ذلك إلى عاصمة المقاطعة ليشكو أمره إلى رنزي رئيس تحوت نخت المغتصِب فجمع « « رنزي مجلسالأشرافليفصل في هذه القضية، غير أن أعضاءه لم يعلنوا حكمهم لأسباب لم تُذكَر في القصة، فصاغ الفلاح شكايته لرنزي في أسلوب فصيح بهره وأعجب به، فرأى أن الأمر جدير بأن يُعرَض على جلالة مولاه الملك؛ نظرًا لذلك الأسلوب الأخَّاذ، وتلك البلاغة النادرة التي لم يعهد لها مثيلًا من قبلُ، ولقد أمر جلالة الملك ألَّا يبتَّ في أمر ذلك الفلاح الفصيح حتى يكرِّر الشكوى؛ فيكون ذلك مصدرَ خطبٍ بليغة أخرى يغتني بها الأدب، ويكتسب مادة وإمتاعًا، وهذا ما كان؛ إذ ألقى الفلاح تسع خطب رائعة في موضوع هذه الشكوى
.دراسة القصة
ترجع هذه القصة إلى العهد الأهناسي، وهو عهد سادت فيه الفوضى، وعم الاضطهاد؛ فالقصة مظهر لما يحتدم في نفوس الناس، ولما يشكون منه في ذلك العهد، وهي من أبلغ وأروع ما كُتِب في الأدب المصري القديم، حتى إنها كانت تُعَدُّ نموذجًا يحتذى ويقتبس منه عهد الدولة الحديثة
الحكم والتعاليم
أهم ما وصل إلينا من هذا اللون من الأدب ثماني وثائق، وهي حسب ترتيبها التاريخي: حِكَم وأمثال بتاح حتب » وتعاليم « كاجمني » وهما من الدولة القديمة؛
وتعاليم ،« مربكارع من العهد الإقطاعي، ووصايا أمنمحات لابنه سنوسرت وتعاليم سحتب أب-رع وتعاليم خيتي من الدولة الوسطى، وتعاليم أني وتعاليم أمنموبي من
الدولة الحديثة، ويرى القارئ من ذلك أن لدينا سلسلة متصلة الحلقات من هذا اللون من الأدب تمثِّل كل عصرمن عصور التاريخ المصر
نصيحة ونعاليم بتاح حتب لأبن الملك
لا تكونن متكبرًا بسبب معرفتك، ولا تكونن منتفخ الأوداج لأنك رجل عالم، فشاوِر الجاهل والعاقل؛ لأن نهاية العلم لا يمكن الوصول إليها، وليس هناك عالم مسيطر على فنه تمامًا، وإن الكلام الحَسَن أكثر اختفاءً من الحجرالأخضر الكريم، ومع ذلك فإنه يوجد مع الإماء اللائي يعملن في إدارة أحجار .« الطواحين »يقصد افقر الفقراء
-- ذا اتفق أنك كنتَ من بين الجالسين على مائدة أكبر منك (مقامًا)، فخذ ما يقدم لك حينما يُوضَع أمامك، ولا تنظرنَّ إلَّا إلى ما وُضِع أمامك،
ولا تصوبن لحظات كثيرة إليه ولا تعيدن قطُّ كلمات حمقاء خرجت من غيرك في ساعة غضب. التزم الصمت؛ فإن هذا
أحسن من أزهار (تفتف)، وتكلَّمْ فقط إذا كنتَ تعلم بأنك ستحل المعضلات، وإن الذي يتكلم في المحفل لمفتن (يعني في الكلام)، وصناعة الكلام أصعب من
أي حرفة أخرى
أما الرجل الحكيم فإن روحه تنعم باستمرار بقاءفضيلته على الأرض، والرجل العاقل يُعرَف بعمله، وقلبه ميزان لسانه، وشفتاه
تصيبان القول عندما يتكلم، وعيناه تبصران عندما ينظر، وأذناه تسمعان ما
يفيد ابنه الذي يقيم العدل ويبرأ من الكذب.
نصائح وتعاليم كاجمني
--والمتواضع يبقى صحيحًا، ومَن يستقِمْ في معاملته يُمدَح، وتفتح الخيمة للمتواضع، والحَذِر في كلامه يُفسح له مكان رَحْب، ولكن السكين ترهف لمَن
يحيد عن الصراط …
--فإن ضبط النفس لا يكلِّف الإنسان أكثر من لحظة، وإنه لَمِن العار أن يكون الإنسان شرهًا، فقدح ماء يروي الغُلَّة، وإن كان الفم مفعمًا
فإن ذلك مما يقوي القلب، والشيء الطيب يحل محل الطيب (إن لونًا بسيطًا جيدًا يغنيك عما هو أحسن منه)، كما أن القليل يحل محل الكثير، وإن الرجل
الشره تعس لداعي جسمه … وإذا جلست مع إنسان شره فلا تأكلنَّ إلا بعد أن يفرغ من وجبته
--لا تكونن فخورًا بقوتك بين مَن هم في سنك، واحذر من أي فرد يغالبك (؟)؛ لأن الإنسان لا يعرف ماذا يكون حظه، وما يفعله لله عندما ينزل العقاب
التعاليم المنسوبة إلى أمنمحات الاول(أميني)
أول ملوك الأسرة الثانية عشرة ( ٢٠٠٠ -١٩٧٠ ق.م).
--تدل الشواهد على أن تعاليم الملك أمنمحات لابنه سنوسرت الاول كانت تحتل مكانة عظيمة بين الوثائق الأدبية التي خلَّفتها لنا الدولة الوسطى كُتِبت بعد وفاته؛ لتكون بمثابة دعاية سياسية لابنه سنوسرت الاول الذي تولَّى الحكم بعده مباشرةً
-
--هذا في نقش كُتبَ على باب مزار قبره ما يأتي
لا توجد بنت مواطن قد عبثت بها، ولا أرملة عذبتها، ولا فلاح طردته، ولا راعٍ أقصيته، ولا رئيس خمسة سلبته رجاله مقابلضرائب (يعني لم تسدد)، ولا يوجد بائس بين عشيرتي، ولا جائع في زمني. وعندما كانت تحل بالبلاد سنون يعني مقاطعته) إلى حدودها ) « الغزال » مجدبة كنت أحرث كل حقول مقاطعة الجنوبية وإلى حدودها الشمالية، محافظًا بذلك على حياة أهلها ومقدمًا لهم
الطعام، حتى إنه لم يوجد بها جائع قط. وقد أعطيت الأرملة مثل ذات البعل، وإني لم أرفع الرجل العظيم فوق الرجل الحقير في أي شيء أعطيته. ثم أقبل بعد ذلك الفيضان العظيم بالغلال الغنية والخيرات الكثيرة، ولكني مع ذلك لم أجمع المتأخر على الحقول (يعني من الضرائب).( ص 207 كتاب فجر الضمير )
تعاليم خيتي بن دواوف لابنه بيبي
ويرجع عهدها إلى أوائل الأسرة الثامنة عشرة، وقد كُتِبت على لوح من الخشب بقي لنا بعض أجزاء منه، وهي بلا شك ترجع إلى عهد العصر الإقطاعي كغيرها من قطع الأدب، ولا غرابة فإنه هو العصرالذي ازدهر فيه الأدب بدرجة عظيمة
وهذا النوع من التعاليم الذي سنسوقه للقارئ كان محبَّبًا بصفة خاصة عند مدارس الدولة الحديثة؛ ولذلك نال مكانةً ممتازة، غير أن الطريقة التي عبث بها التلاميذ
في المتون كانت معيبة لدرجة يقصرأمامها كل وصف، فلا يكاد القارئ يتم قراءة فقرات منها حتى يتساءل بيأس عمَّا كان مكتوبًا في الأصل..
تعالم او نصائح خيتي
-- لقد رأيتَ مَن ضُرِب، فعليك أن توجِّه قلبك لقراءة الكتب، ولقد شاهدت مَن أعُتِق من الأشغال الشاقة. تأمَّلْ! لا شيء يفوق الكتب
--والحلَّاق يحلق متأخرًا إلى الغروب … ويجول من شارع إلى شارع ليبحث عمَّ يحلق له، ويُنهِك ذراعيه لأجل ملء بطنه، كالنحلة التي تأكل وهي تكد
-- والتاجر (؟) يسيح إلى الدلتا ليحصل على ثمن سلعته، ويكد فوق طاقة ساعديه، والبعوض يقتله
-- أما البستاني فيحضر أثقالًا وذراعه ورقبته تتألمان من تحتها، وفي الصباح يروي الكراث، وفي المساء الكروم (لأن ذلك أحسن وقت لريها عندما تكون
محملة بالفاكهة) … فحرفته أسوأ من أية حرفة
--أما الفلاح فحسابه مستمر (أي إن صاحب الأرضيطالبه دائمًا بتأدية ما عليه من الديون إلى الأبد وصوته أعلى من صوت الطائر … « آبو » ) دائمًا يشكو)
--وهو كذلك أكثر تعبًا ممَّن يمكن التحدُّث به، وحالته كحال الذي يعيش بين الأسود، وهو في غالب الأوقات مريض (؟)، وعندما يعود إلى بيته في الغروب،
فإن المشي يكون قد مزَّقه إربًا إربًا (أي إن طول الطريق يجهده إجهادًا كبيرًا فوق ما لاقى من التعب خلال اليوم)
-- وحال الناسج داخل مصنعه أتعس من حال المرأة، فركبتاه تكونان في بطنه، وهو لا يمكنه أن يستنشق الهواء، وإذا أمضىيومًا دون عمل انتُزِع (من مكان
راحته) مثل ما تُنتزَع زهرة السوسن (في رواية أخرى فإنه يُضرَب بسوط ذي ٥٠ شعبة) أو (فإنه يُضرَب كسائمة الضحية ٥١ سوطًا)، وهو يقدِّم لحارس
الباب خبزًا ليسمح له بالخروج في ضوء النهار
--لا توجد حرفة من غير رئيس لها إلا صناعة الكاتب فهو رئيس نفس
-- إذا دخلت ورب البيت في داره مشغول بآخَر قبلك، فعليك أن تجلس ويدك في فمك، ولا تسألن عن أي شيء، وفضلًا عن ذلك لا تتكلمنَّ بكلمات غامضة،
ولا تنطق بلفظة وقحة … ثم إذا حضرت من المدرسة وقد أعلن وقت الظهر لك وأنت سائر تصيح فرحًا في الطرقات، فحينئذٍ … وإذا أرسلك رجل عظيم
برسالة فأدِّها كما ألُقِيَتْ عليك، ولا تُنقِص منها ولا تزد
-- كُنْ قنوعًا بطعامك، إذا كان يكفيك ثلاثة رغفان وشرب قدحين من الجعة، فإذا لم يكن بطنك قد اكتفى بعدُ فحارِبْه
تعاليم سحتب أبرع
كانت نوعًا من الدعاية للملكية في ذلك العهد، ولكنها دعاية فريدة وحاذقة في بابها، ومن الجائز أنها كانت عادية منتشرة وقتها، غير أنه لم
يصلنا نحن منها إلا هذه الوثيقة وصيغتها
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
نصائح آني
الحكيم آنى عاش فى قصر أحد ملوك الأسرة الثامنة
يفتتح هذا الحكيم كتابه معدِّدًا لابنه ما تحمله نصائحه من فوائد، وما سيعود عليه منها لو اتبعها؛ فيقول: إني مخبرك بكل فاضل، وبما يجب أن تعيه في لبك، فاعمل به، وبذلك تكون محمودًا، ويبتعد عنك كل شر … وسيقال عنك (إذا اتبعت ما أقول) إنه على وإذا تقبَّلْتَ كلماتي فإن كل «. إنه قد أتلف وإنه بليد » : خلق عظيم، ولن يقال
شر سيبتعد عنك
-- اتَّخِذْ لنفسك زوجة وأنت لا تزال شابٍّا؛ لتنجِب لك ولدًا، ويجب أن تنتجه لك وأنت لا تزال صغير السن، ويجب أن تعيش لتراه قد صار رجلًا (؟)، فما
أسعد الرجل الكثير النسل! فهو يُحترَم بسبب أولاده
-- احتفِلْ بعيد إلهك … وإن لله يغضب على مَن يستخفُّ به، واجعل شهودًا يقفون عند قربانك (التي تقربها لله) فإنه لأحسن شيء لمَن يؤديه (؟)، وإن
الغناء والرقصوالبخور لَمتعلقة بخدمته (؟)، أما تقبله الاحترام فمن حقوقه فقدمها للإله حتى تعظِّم اسمه.
-- لا تدخلن بيت غيرك … ولا تمعنن في النظر إلى الشيء المنتقد في بيته؛ إذ يمكن لعينك أن تراه، ولكن الزم الصمت، ولا تتحدثنَّ عنه لآخَر في الخارج؛ حتى لا
تصبح جريمة كبرى تستحق الإعدام عندما تُسمَع (؟).
-- وبهذه المناسبة يحذره الزنا ويذكره بأن المرأة لغز ملتوٍ؛ فلا ينخدع بإغرائها، وبأن
ارتكاب الفاحشة يُعاقَب عليه بالقتل أمام القانون، فيقول:
خذ حذرك من المرأة الأجنبية تلك التي ليست معروفة في بلدتها، ولا تغمزنَّ لها بعينك … ولا تبغ معها (؟)، فهي ماء عميق لا يعرف الرجال التواءاته
ولذلك «. إني جميلة » : (تياراته)، والمرأة البعيدة عن زوجها تقول لك كل يوم عندما تكون بعيدة عن أعين الرقباء، تقف أمامك لتوقعك في حبائلها … وإن
ذلك (الزنا) لجرم عظيم يستحق الإعدام عندما يرتكبه الإنسان، ثم يعلم بذلك الملأ؛ لأن الإنسان يسهل عليه بعدَ ارتكابِ تلك الخطيئة أن يرتكب كل ذن
-- إن بيت لله يمقت الهرج، فصلِّ بقلب محب ولا تجهر بصلاتك، وبذلك ستُقضَى كل حوائجك، وسيسمع (لله) ما تقول ويتقبَّل قربانك.
-- قرِّبِ الماءَ لأبيك وأمك اللذين يسكنان في وادي الصحراء (الجبَّانة) … ولا تنسَ أن تؤدي هذا حتى يعمل لك ابنك بالمثل
-- لا تُلزِمنَّ نفسك (من باب الفخر) بأنك تستطيع أن تشرب إبريقًا من الجعة، فإنك (بعد ذلك) تتكلم ويخرج من فيك قول لا معنى له، وإذا سقطت وكُسِرت
ساقك فلن تجد أحدًا يمد يده إليك (ليساعدك)، أما إخوانك في الشراب فيقفون وإذا حضر إنسان ليبحث عنك ليستجوبك ،« أبعدوا هذا الأحمق » : قائلين
فستكون طريح الثرى، ومثلك (في هذا) كالطفل الصغير
--لا تخرج من بيتك إلى بيت لا تعرفه (؟)، واجعل كل بيت تحبه معروفًا (حتى لا يرتاب أحد في سلوكك
-- أعِدَّ لنفسك مأوًى جميلًا في وادي الصحراء، وهي الحفرة التي ستواري جثمانك، فاصنعه أمام عينيك في مشاغلك … مثل السلف العِظَام الراقدين
في مدافنهم (؟)، وإن الذي يبني القبر لنفسه لن يقابل باللوم (على ذلك)، وإنه لجميل أن تعدَّ لنفسك كذلك على هذا النحو (قبرًا)، وسيأتي إليك
إني لا زلت صغيرًا جدٍّا » : الرسول (الموت) وسينصب نفسه أمامك، فلا تقول لأنك لا تعرف حتفك، والموت يأتي ويختطف الطفل الذي لا يزال «. لتختطفني
يرضع ثدي أمه، كما يختطف الرجل عندما يصبح مُسِنٍّا
-- ثم يحض حكيمنا ابنه على احترام غيره فيقول:
لا تقعدن إذا كان غيرك أكبر سنٍّا واقفًا، أو آخَر يشتغل في مهنة (معك) زمنًا أقدم منك.
--إذا كنتَ ماهرًا في الكتابة، فإن الناسأجمع يفعلون كل ما تقوله، إذن خصِّصْ نفسك للكتب وضَعْها في لبك، وبذلك يكون كل ما تقوله ممتازًا. كل وظيفة
يعين فيها الكاتب فإنه (لا بد) يستشير فيها الكتب (وبذلك يلازمه النجاح)، فليس هناك ولد لملاحظ الخزانة ولا وارث لملاحظة الحصن … الوظائف لا
أولاد لها … (وفي هذه الحالة يحصل عليها الأكفاء الذين تعلموا كثيرًا).
-- لا تفضين بما في قلبك إلى … رجل … فإن كلمة خاطئة خرجت من فيك إذا أعادها مَن سَمِعَها تجعل لك أعداء، وإن الإنسان ينزل به الخراب من جرَّاء
لسانه، وإن بطن الإنسان أوسع من مخزن الغلال، فهو مفعم بكل أنواع الأجوبة، وعليك أن تنتخب خير الكلام وتتحدث به، واجعل القبيح سجينًا في
بطنك، وفي الحق ستكون دائمًا معي، وستجاوِب مَن يضرني بقول الكذب، ومع ذلك فإن لله يحكم في صالح المحق، وعندئذٍ سيأتي عقابه ويلحق به
(يظهر أن المؤلف يشير إلى عدوٍّ قد ألحق به ضررًا قد ذُكِر في الجزء المفقود من نصائحه في أول الكتاب
-- ضاعِف مقدار الخبز الذي تعطيه والدتك، واحملها كما حملتك، ولقد كان عبؤها ثقيلًا في حملك ولم تتركه لي قطُّ أبدًا، وحينما ولدت حملتك كذلك
ثانية بعد شهور حملك حول رقبتها، وقد أعطتك ثديها ثلاث سنوات، ولم ولقد ألحقتك «؟ ماذا أفعل أنا » : تشمئز من برازك، ولم تكن متبرمة، ولم تقل
بالمدرسة عندما تعلَّمْتَ الكتابة، وقد وقفت هناك يوميٍّا (خارج المدرسة) … بالخبز والجعة من بيتها، وحينما تصبح شابٍّا، وتتخذ لنفسك زوجة، وتستقر
في بيتك، اجعل نصب عينيك كيف وضعتك أمك، وكيف ربَّتْك بكل الوسائل. فليتها لا تضرك بألا ترفع أكُفَّ الضراعة إلى لله، وليته لا يسمع عويلها
-- لا تأكلن الخبز إذا كان هناك آخَر يتألم من عدمه دون أن تمد يدك إليه بالخبز، فواحد غني وواحد فقير … ومَن كان غنيٍّا في السنين الخوالي قد أصبح هذا
العام سائسًا، ولا تكن شَرِهًا فيما يختص بملء بطنك، وإن مجرى الماء الذي كان يجري فيه الماء في السنة الماضية قد يتحوَّل هذا العام إلى مكان آخَر، وقد
أصبحت البحار العظيمة أماكن جافة وأصبحت الشواطئ هوات (أي بحارًا)
-- لا تذهبن إلى بيت إنسان بحرية، بل ادخله فقط عندما يُؤْذَن لك، وحينما يقول هو لك (أي رب البيت أهلًا بك
بفمه … (وتأتي بعد ذلك جملة مبهمة) أعطه الإله وأعطه يومًا ثانيًا للإله والغد مثل اليوم، وسترى ما يفعله الإله إذا لُطِّخَ اسم الذي لطخك
--لا تدخلن في زحام إذا رأيت أنهم مستعدون للضرب … حتى لا تُلَام في المحكمة أمام القضاة بعد تأدية الشهادة (؟) ابتعد عن أهل الشر
-- دع كل مكان تحبه نفسك معروفًا عند الناس ( انظر كتاب فجر الضمير ص (311)
تعاليم أمنموبي) أمينيموبي)
تنوية التعاليم منقولة من كتاب فجر الضمير
وجدت هذه التعاليم مكتوبةً على ورقة بردية محفوظة الآن في المتحف البريطاني، وقد حصل عليها السير ولس بدج عام ١٨٨٨ ومعها ورقة أخرى تشتمل على جزء من كتاب الموتى
وقد اختلف علماء الآثار في تحديد تاريخ هذه الوثيقة، غير أن الرأي الأخير يجعل عصرها ينحصر ما بين الأسرة الحادية والعشرين والثانية والعشرين
تعاليم أمنوبي عبارة عن مقطوعات شعرية
من تعاليمة لابنه الشاب
لا تزحزحنَّ الحد الفاصل الذي يفصل (بين) الحقول.
ولا تكن جشعًا من أجل ذراع من الأرض.
ولا تتعدين على حد أرملة.
وارقب أنت من يفعل ذلك فوق الأرض
فبيته عدو للبلد
وأهراؤه تخرب
وأملاكه تؤخذ من أيدي أطفاله
ومتاعه يعطاه غيره.
لا تطأنَّ حرث الغير
وخير لك أن تبقى بعيدًا عنه.
احرث الحقول حتى تجد حاجتك
وتتسلم خبزك من جرنك الخاص بك.
وإن المكيال الذي يعطيكه لله خير لك
من خمسة آلاف تكسبها بالبغي.
والفقر مع القناعة والرضا عند لله خير
من الثروة (المغصوبة بالعداون) القابعة في الخزائن.
وأرغفة لديك مع قلب فرح خير لك
من الثروة مع التعاسة.
ومن المهم أن نلاحظ أن أمينموبي كان لا يزال يحترم الرأي العام في مثل تلك المواقف؛ لأنه عندما ينصح ابنه بمراعاة الأمانة في السجلات المالية يقول له:
وخير لك المدح (تناله) كفرد يحبه الناس
من الثروة (المجموعة) في الخزائن.
وذلك لأن الغنى مع (الضمير) الشاعر بالذنب لا قيمة له.
وما فائدة الملابس الجميلة
إذا كان الإنسان باغيًا (متعديًا على غيره) أمام لله؟
ولما كان موظفو بيت المال عند المصريين القدماء لهم علاقة كبيرة بالموازين كثيرًا، حيث يقول لابنه: « أمينموبي » والمكاييل، فقد اهتم بها
لا تجعلن إحدى كفتي الميزان تحيد غشٍّا.
ولا تعبث بالموازين.
ولا تنقصنَّ من عدد (أنصبة أو مقادير) مكاييل القمح
ولا ترغبن في مكاييل الحقل (لأنها ربما كانت عظيمة كما في أيامنا).
ولا ترغبن عن مكاييل الخزانة (لأنها كانت بالطبع أنقص من مكاييل الحقل).
فقوة الجرن أكبر
من القَسَم (اليمين الرسمية للحكومة) بالعرش العظيم.
يحتمل أنه يعني به أن قوة « ضرب مثل » وهذه المقارنة المبهمة الواردة في السطر الأخير « يمين الإخلاص الرسمي للعرش » المخزن الملكي الضارة المفسدة أكبر في تأثيرها من
الذي يقسم به الموظف عند تسلمه عمله. والاستقامة في الأعمال الرسمية لا بد من مراعاتها بالدقة في الصغيرة والكبيرة؛ ولذلك يبدأ الحكيم فصلًا آخر بالكلمات الآتية:
لا تطمعن في متاع رجل حقير.
ثم يعقبه مباشرة بابتداء آخر قال فيه:
لا تطمعن في متاع رجل عظيم.
كان يهتم كثيرًا بمحافظة ابنه على الاستقامة التي « أمينموبي » ثم نجد كذلك أن لا تراخي فيها ولا هوادة في المعاملات الشرعية وفي التقاضيأمام المحكمة، حيث يقول:
لا تجبرن رجلًا على الذهاب أمام المحكمة
لأنك لن تجعل العدالة تلتوي.
فلا يتجه وجهك نحو الملابس البراقة (يعني التي يلبسها الخصم)
بينما تطرد من تكون ملابسه قذرة بالية.
لا تأخذن العطايا من القوي.
ولا تضطهدن الضعيف من أجله.
فالعدالة هبة عظيمة من لله يهبها من يشاء.
فقوة من كان مثله (أي مثل لله)
تنجي المكتئب منضرباته (يعنيضربات القاضي).
أعطِ المتاع أصحابه
وبذلك تبغي لنفسك الحياة.
ومع أن قلبك يعمر في بيتهم (يعني في بيت الملاك الذي تحابيهم)
يكون جسمك مصيره لمقصلة الجلاد
وإن الكلام الرزين والأخلاق السلسة تعتبران من الأمور الهامة في نظر حكيمنا،
كما أن التهديدات الصاخبة الجوفاء لا يقوم لها وزن أمام تدابير لله ضد أعدائنا:
ولا تقولن: لقد وجدت رئيسًا قويٍّا
والآن يمكنني أن أهاجم رجلًا في مدينتك.
ولا تقولن: لقد وجدت حاميًا
والآن يمكنني أن أهاجم الرجل الممقوت.
فالحقيقة أنك لا تعلم تدبير لله
وأنك لا تدرك الغد.
ضع نفسك بين يدي لله
إلى أن يهزمهم صمتك (أي إلى أن يهزم لله أعداءك بسبب صمتك). في نصائحه حاضٍّا ابنه على التباعد عن الصراحة الخارجة « أمينموبي » ثم يستمر عن الحد، بل إنه يعود كثيرًا فيحذره من هذه العادة الخطرة في كل مقاله، فمن ذلك
قوله:
إذا سمعت خيرًا أو شرٍّا
فاتركه وراءك غير مسموع.
وضع الكلام الحسن على لسانك.
وأما الكلام السيئ فأبقِهِ مخفيٍّا في جوفك.
وبنفس هذه الفكرة التي تجول في ذهن الحكيم نراه ينصح ابنه بألا يسترق السمع في البيوت العظيمة، وأخذ يحثه بهذه المناسبة على مراعاة التواضع في مسلكه إذا كان على مائدة رجل عظيم. وقد قدمت مثل هذه النصيحة وببعض تعبيراتها قبل مقال على « بتاح حتب » بنحو ثمانية عشر قرنًا، وهي تلك الحكم التي ألقاها « أمينموبي » ابنه في عهد الأسرة الخامسة، ولأنها حكمة بالغة في السلوك الواجب نحو الرؤساء، ظل المصريون القدماء يحترمونها مدة تنوف على ألفي سنة، فقد وجدت سبيلها إلى الحياة العبرانية، وهي تعد من غير شك أقدم قطعة جاءت في التوراة
ونجده كذلك يحذر ابنه الشاب من المراءاة والمعاملة ذات الوجهين في كل علاقاته
مع العظماء، حيث يقول:
لا تطلقن قلبك من لسانك
فإنك بذلك تحظى بنجاح كل مقاصدك.
وسينجم عن ذلك أنك تكون رجلًا ذا وزن أمام الجمهور
ومقبولًا بين يدي لله.
لأن لله يمقت الرجل صاحب القول الكاذب.
وأكبر ما يمقته الرجل ذو القلبين.
وإذا كانت مصاحبة العظيم تغري بالنفاق، فإن مصاحبة المتسرع والأحمق خطرة أيضًا؛ لأنها تؤدي بالإنسان إلى فحش القول وهجره:
لا تؤاخينَّ الرجل الأحمق
ولا تلحفنَّ عليه في المحادثة
نشأت في الغابة ولا يتعهدها أحد، والأخرى تزدان بها الحديقة، وفي ذلك يقول:
إن الرجل الأحمق، الذي يخدم في المعبد
مثله كمثل شجرة نامية في الغابة.
ففي لحظة يفقد أغصانه
ويكون مصيره إلى مرفأ الأخشاب
وينقل بعيدًا عن مكانه
والنار مثواه.
وأما الرجل الحازم حقٍّا! الذي يضع نفسه جانبًا (حيث يجب)
فمثله كمثل شجرة باسقة في الحديقة
يفلح وتتضاعف ثمرته
ويثمر في حضرة سيده
فظله وارف وثمرته أكلها حلو
ويجد في الحديقة مصيره
كما ذكَّر أمينموبي ابنه بأن:
لله يحب الذي يدخل السرور على الرجل المتواضع
أكثر من الذي يحترم الرجل العظيم
وهذه الروح الرقيقة العطوفة هي التي تنصح بأن الفقير والمحزون لا يعاملان
بالقسوة، كما يقول الحكيم:
لا تضحكن من رجل أعمى ولا تهزأن بقزم.
ولا تؤذين زمِنًا (يعني مقعدًا).
ولا تستهزئن برجل يكون في يد لله (يعني بين يدي لله).
ولا تقسون عليه عندما يبغي (يعني يجور أو يذنب).
وأما البشر فهم من طين وقش (يعني اللبن المصنوع من الطين مخلوطًا بالتبن)
ولله هو بانيهم.
فهو يهدم ويبني ثانية كل يوم
فيخفض ألفًا كما يشاء
وألفًا يجعلهم مشرفين
ما داموا في الحياة الدنيا.
وإنه لسعيد من يصل إلى الغرب (يعني الدار الآخرة)
وهو ناجٍ في يد لله
---وإن عدم ثبات أحوال الإنسان، وتوقفها على مشيئة لله تعالى، قد حدا إلى تحذير ابنه من الاعتزاز بالثروة الزائلة: حيث قال له:
لا تدعن قلبك يجري وراء الثروة
ولا تجهدن نفسك في طلب المزيد
عندما تكون قد حصلت (بالفعل) على حاجتك.
وإذا جاءت إليك الثروة من طريق السرقة
فإنها لا تمكث عندك زمن الليل.
فحينما ينبلج الصباح فإنها لم تكن في بيتك بعد
لأنها تكون قد صنعت لنفسها أجنحة مثل الإوز وصعدت إلى السماء.
إله الشمس عندما يشرق « آتوم » اعبد
وقل امنحني سلامة وصحة
وسيمنحك ما تحتاجه مدى الحياة
وتأمن من الخوف
-- وعلى ذلك نجد هذا الحكيم المصري القديم يقول في أنبل فقرة من نصائحه لابنه:
لا تنم في الليل وأنت خائف من الغد
لأننا لا ندري عندما ينبثق الفجر ماذا يكون عليه الحال في الغد!
فالإنسان لا يعلم ما سيكون عليه الغد.
لله في كماله
والإنسان في عجزه
والكلمات التي يتكلمها الناس تختلف في اتجاهها
على حين أن أعمال لله مختلفة الاتجاه. 8
لا تقولن: لست أحمل خطيئة
ولا تجهدن نفسك في إثارة النزاع.
أما الخطيئة فأمرها عند لله
وهو الذي يختمها بأصبعه.
وليس في يد لله إنسان كامل
ولا يقف العجز حائلًا أمامه
فإذا أجهد الإنسان نفسه ليصل إلى الكمال
فإنه في لحظة يهدمه (بنفسه).
كن رزينًا في عقلك، وثبت قلبك
ولا تجعلن من لسانك سكانًا
فإن كان لسان الإنسان كسكان السفينة
فإن رب الجميع هو ربانها.
تعاليم وشكوي خعخبر رع سنب
الوثيقة رغم أنها تُنسَب إلى الدولة الوسطى، فإنها كغيرها وصلت إلينا مكتوبة على لوحة تلميذ من عهد الأسرة الثامنة عشر
الوثيقة
ليتني كنت أعرف صيغًا للكلام لا يعلمها أحد، وأمثالًا غير معروفة أو أحاديث جديدة لم تُذكَر (يعني من قبلُ) خالية من التكرار، لا الكلام الذي تُحدِّث به
من زمن بعيد مضى، وهو ما تكلَّمَ به الأجداد … لقد تحدَّثت بحسب ما رأيت، مبتدئًا بأقدم الناس إلى أولئك الذين سيأتون بعدُ …
إن العدالة قد نُبِذت في حين أن الظلم قد أخذ مكانه في وسط قاعة المجلس
… وخُطَط الآلهة قد انتُهِكت حرمتها، وأهُمِلت نظمها، والبلاد صارت في همٍّ، والحزن عمَّ كل مكان، وصارت المدن والأقاليم في عويل، وكل الناس صاروا على السواء يرزحون تحت عبء الظلم …
أما الاحترام فإن أجله قد انتهى …
وعندما أريد أن أتحدَّث عن كل ذلك تنوء أعضاء جسمي بحمله، وإني من أجل قلبي لمحزون، وإنه لألم أن أهُدِّئ روعي من جهته؛ إذ لو كان قلب آخَر لانثنى (ولكن) القلب الشجاع في الملمات يكون رفيقًا لسيده، ليت لي قلبًا يتحمل الألم، فعندئذٍ كنت أطمئن إليه …
تعالَ إذن لأتكلم إليك يا قلبي؛ لتجيبني عن كلامي، ولتفسِّر لي ما هو كائن في الأرض… لأني أفكر فيما قد حدث. إن المصائب تقع اليوم، ومصائب الغد لم تأتِ بعدُ، فكل الناس لاهون عن الغد مع أن كل البلاد في اضطراب عظيم، وليس إنسان خاليًا من الضر، فإنه يصيب جميع الناسعلى السواء، والقلوب بالحزن مفعمة، فالآمر والمأمور
صارَا سواسيةً، وقلب كل منهما راضٍ، والناس عليه (يعني الضر) يستيقظون في صباح كل يوم، ولكن القلوب لا تنبذه، ولا تزال اليوم على ما فعلته بالأمس،
ولا يوجد إنسان عاقل يدرك، ولا إنسان غاضب يتكلم، والناس تستيقظ في الصباح كل يوم لتتألم، وإن مرضي لثقيل وطويل، والرجل الفقير ليس له
حول لنفسه ولا قوة؛ ليتخلَّص ممَّن هو أشد منه بأسًا. وإنه لمؤلم أن يستمر الإنسان صامتًا عن الأشياء التي يسمعها، وإنه لمؤلم أيضًا أن يجيب الإنسانُ الرجلَ الجاهِل
الحكيم إبور
كان في الأسرة السادسة و آخِذتها التدهور شيئًا فشيئًا
جزء من مقالة
فلا عجب إذن من وجود ذلك البؤس الشامل: وفي الحق قد مات السرور ولم يَعُدْ يُحتفَل به بعدُ، ولا يوجد في الأرض إلا
الأنين الممزوج بالعويل. حقٍّا فقد أصبح كلٌّ من العظيم والحقير يقول: ليتني كنت ميتًا؟ والأطفال الصغار يقولون كان يجب عليه ألا يجعلني على قيد الحياة. حقٍّا، فإن قلوب كل الماشية صارت تبكي، والقطعان تندب حالة البلاد.
على أنه لم يكن في مقدور ذلك الحكيم أن يشاهد كل ذلك دون أن تثور عواطفه؛ إذ كان بدوره متأثِّرًا تأثُّرًا عميقًا لتلك الكارثة العامة. فنراه يطلب من لله أن يجعل لتلك الحالة نهاية! إذ يقول:
ليت آخِر الناس يكون قد حلَّ فلا حمل ولا ولادة، ليت العالم يتخلص من الغوغاء وتنفضُّ المشاحنات. على أن ذلك الحكيم كان يقرِّع نفسه؛ لأنه لم يسعَ من جهته لإنقاذ ذلك الموقف من قبلُ،
فيقول أيضًا:
ليتني رفعت صوتي في ذلك الوقت؛ حتى كنت أنقذ نفسي من الألم الذي أنا فيه الآن، فالويل لي؛ لأن البؤس عمَّ في هذا الزمان.
-- إن المتحلي بالفضائل يسير وهو محزون لما حدث في البلاد لو كنت أعلم أين يوجد الإله لقدمت له قربانًا، وفي الحق أن [العدالة] موجودة في البلاد باسمها فقط (قال ذلك لتفشي الفساد في البلاد في عصرة انظر كتاب فجر الضمير ص 192)
المدارس واللغة
ومما يُؤسَف له أنه لم تصل إلينا معلومات معينة عن المدرسة ونظامها في الدولة القديمة ولا في الدولة الوسطى أما في عهد الدولة الوسطى فقد أخبرنا خيتي صراحةً أن المدرسة كانت في مقر الملك.
وتدل معظم النسخ الخطية المدرسية بوضوح على الأغراض الحقيقية من التعليم عندهم، فكان الغرض منه أولًا التربية، وثانيًا التمرين على الأعمال التجارية وحسن
الخط، والواقع أن موضوع الإملاء لم يكن بالأمر الهين كما ذكرنا؛ إذ إن نظام الكتابة الهيروغليفية أكثر استعدادًا لقبول الأغلاط، ولا يعدله في ذلك نظام آخَر في العالم؛ لذلك
كانت العناية بهذا الموضوع عظيمة جدٍّا، ولدينا كتاب يدلنا على عناية القوم وحرصهم على كتابة الكلمات الفردية كتابةً صحيحةً، ولا بد أن هذا الكتاب كان شائع الاستعمال
في المدارس، وقد وضعه كاتب كتاب الإله في بيت الحياة ،« أمنموبي » بن « أمنموبي » وقد عُثِر منه على ثلاث نسخ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الرسائل
كان لكل عصر أسلوبًا منفردًا وذوقًا خاصٍّا، هذا إلى أن رسائل كل عصر كانت تتأثر بسابقتها، ويظهر ذلك جليٍّا في رسائل الدولة الحديثة التي ورثت كثيرًا من خصائص رسائل الدولة الوسطى
--والرسالة الحقيقية كانت تتألف من العناصرالتالية: ( ١) الصيغة الافتتاحية وتشمل اسم المرسل، ثم اسم المرسل إليه. ( ٢) الديباجة، ومن الجائز أن تكون مطولة مملة لدرجة يضيع معها الغرض الأصلي من الرسالة. ( ٣) موضوع الخطاب. ( ٤) الصيغة الختامية. ( ٥) عنوان الرسالة
--كانت العادة المتبعة أن تكتب على ورق البردي الرسائل الرسمية