أبو القاسم الشابي

(تم التحويل من ابو القاسم الشابي)
لورا ماينو
ساهم بشكل رئيسي في تحرير هذا المقال
أبو القاسم الشابي

أبو القاسم الشابي (24 فبراير 1909 - 9 أكتوبر 1934م) شاعر تونسي من العصر الحديث ولد في بلدة توزر في تونس .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

حياته

أبو القاسم الشابي هو شاعر الخضراء، وهو القائل في مطلع قصيدته 'إرادة الحياة' (من بحر المتقارب):

إذا الشعب يوماً أراد الحيـاة فلا بدّ أن يستجيب القدر
ولا بدّ للــــيل أن ينجلـــي ولا بدّ للقيد أن ينكسـر
ومن لم يُعانــقه شوق الحيــاة تبخّر في جوّهـا واندثــر
فويلٌ لمن لم تشُقْه الحيـــاة من صفعة العدم المنتصــر
كذلك قالـت لي الكائنـــــات وحدّثني روحهـا المستتــر

بدأ تعلّمه في المدارس التقليدية "الكتاتيب" وهو في الخامسة من عمره، وأتمّ حفظ القرآن بكامله في سنّ التاسعة. ثم أخذ والده يعلّمه بنفسه أصول العربية ومبادئ العلوم الأخرى حتى بلغ الحادية عشرة. التحق بالكلية الزيتونية في 1920.10.11 وتخرّج سنة 1928 نائلاً شهادة "التطويع" وهي أرفع شهاداتها الممنوحة في ذلك الحين. ثم التحق بمدرسة الحقوق التونسية وتخرج منها سنة 1930.


حياته

أبو القاسم الشابّي هو ابن محمد الشابي الذي ولد عام 1269 هـ ( 1879 ) وفي سنة 1319 هـ ( 1901 ) ذهب إلى مصر وهو في الثانية والعشرين من عمره ليتلقى العلم في الجامع الأزهر في القاهرة. ومكث محمد الشابي في مصر سبع سنوات عاد بعدها إلى تونس يحمل إجازة الأزهر.

ويبدو أن الشيخ محمد الشابي قد تزوج إثر عودته من مصر ثم رزق ابنه البكر أبا القاسم الشابي ، قضى الشيخ محمد الشابي حياته المسلكية في القضاء بالآفاق ، ففي سنة 1328 هـ / 1910 م عين قاضيا في سليانه ثم في قفصه في العام التالي ثم في قابس 1332 هـ / 1914 م ثم في جبال تالة 1335 هـ 1917 م ثم في مجاز الباب 1337 هـ / 1918 م ثم في رأس الجبل 1343 هـ 1924 م ثم انه نقل إلى بلدة زغوان 1345 هـ 1927م ومن المنتظر أن يكون الشيخ محمد نقل أسرته معه وفيها ابنه البكر أبو القاسم وهو يتنقل بين هذه البلدان ، ويبدو أن الشابي الكبير قد بقي في زغوان إلى صفر من سنة 1348 هـ – أو آخر تموز 1929 حينما مرض مرضه الأخير ورغب في العودة إلى توزر ، ولم يعش الشيخ محمد الشابي طويلاً بعد رجوعه إلى توزر فقد توفي في الثامن من أيلول – سبتمبر 1929 الموافق للثالث من ربيع الثاني 1348 هـ.

كان الشيخ محمد الشابي رجلاً صالحاً تقياً يقضي يومه بين المسجد والمحكمة والمنزل وفي هذا الجو نشأ أبو القاسم الشابي ومن المعروف أن للشابي أخوان هما محمد الأمين وعبد الحميد أما محمد الأمين فقد ولد في عام 1917 في قابس ثم مات عنه أبوه وهو في الحادية عشر من عمره ولكنه أتم تعليمه في المدرسة الصادقية أقدم المدارس في القطر التونسي لتعليم العلوم العصرية واللغات الأجنبية وقد أصبح الأمين مدير فرع خزنة دار المدرسة الصادقية نفسها وكان الأمين الشابي أول وزير للتعليم في الوزارة الدستورية الأولى في عهد الاستقلال فتولى المنصب من عام 1956 إلى عام 1958م.

وعرف عن الأمين أنه كان مثقفاً واسع الأفق سريع البديهة حاضر النكتة وذا اتجاه واقعي كثير التفاؤل مختلفاً في هذا عن أخيه أبي القاسم الشابي. والأخ الآخر عبد الحميد وهو لم تتوفر لدي معلومات عن حياته.

يبدو بوضوح أن الشابي كان يعلم على أثر تخرجه في الزيتونة أو قبلها بقليل أن قلبه مريض ولكن أعراض الداء لم تظهر عليه واضحة إلا في عام 1929 وكان والده يريده أن يتزوج فلم يجد أبو القاسم الشابي للتوفيق بين رغبة والده وبين مقتضيات حالته الصحية بداً من أن يستشير طبيباً في ذلك وذهب الشابي برفقة صديقة زين العابدين السنوسي لاستشارة الدكتور محمود الماطري وهو من نطس الأطباء ، ولم يكن قد مضى على ممارسته الطب يومذاك سوى عامين وبسط الدكتور الماطري للشابي حالة مرضه وحقيقة أمر ذلك المرض غير أن الدكتور الماطري حذر الشابي على أية حال من عواقب الإجهاد الفكري والبدني وبناء على رأي الدكتور الماطري وامتثالاً لرغبة والده عزم الشاي على الزواج وعقد قرانه.

يبدو أن الشابي كان مصاباً بالقلاب منذ نشأته وأنه كان يشكو انتفاخاً وتفتحاً في قلبه ولكن حالته ازدادت سوءاً فيما بعد بعوامل متعددة منها التطور الطبيعي للمرض بعامل الزمن والشابي كان في الأصل ضعيف البنية ومنها أحوال الحياة التي تقلّب فيها طفلاً ومنها الأحوال السيئة التي كانت تحيط بالطلاب عامة في مدارس السكنى التابعة للزيتونة. ومنها الصدمة التي تلقاها بموت محبوبتة الصغيرة ومنها فوق ذلك إهماله لنصيحة الأطباء في الاعتدال في حياته البدنية والفكرية ومنها أيضاً زواجه فيما بعد.لم يأتمر الشابي من نصيحة الأطباء إلا بترك الجري والقفز وتسلق الجبال والسياحة ولعل الألم النفساني الذي كان يدخل عليه من الإضراب عن ذلك كان أشد عليه مما لو مارس بعض أنواع الرياضة باعتدال. يقول بإحدى يومياته الخميس 16 جانفي 1930 وقد مر ببعض الضواحي : " ها هنا صبية يلعبون بين الحقول وهناك طائفة من الشباب الزيتوني والمدرسي يرتاضون في الهواء الطلق والسهل الجميل ومن لي بأن أكون مثلهم ؟ ولكن أنى لي ذلك والطبيب يحذر علي ذلك لأن بقلبي ضعفاً ! آه يا قلبي ! أنت مبعث آلامي ومستودع أحزاني وأنت ظلمة الأسى التي تطغى على حياتي المعنوية والخارجية ".

وقد وصف الدكتور محمد فريد غازي مرض الشابي فقال: " إن صدقنا أطباؤه وخاصة الحكيم الماطري قلنا إن الشابي كان يألم من ضيق الأذنية القلبية أي أن دوران دمه الرئوي لم يكن كافياً وضيق الأذنية القلبية هو ضيق أو تعب يصيب مدخل الأذنية فيجعل سيلان الدم من الشرايين من الأذنية اليسرى نحو البطينة اليسرى سيلاناً صعباً أو أمراً معترضاً ( سبيله ) وضيق القلب هذا كثيرا ما يكون وراثياً وكثيراً ما ينشأ عن برد ويصيب الأعصاب والمفاصل وهو يظهر في الأغلب عند الأطفال والشباب مابين العاشرة والثلاثين وخاصة عند الأحداث على وشك البلوغ ". وقد عالج الشابي الكثير من الأطباء منهم الطبيب التونسي الدكتور محمود الماطري ومنهم الطبيب الفرنسي الدكتور كالو والظاهر من حياة الشابي أن الأطباء كانوا يصفون له الإقامة في الأماكن المعتدلة المناخ. قضى الشابي صيف عام 1932 في عين دراهم مستشفياً وكان يصحبه أخوه محمد الأمين ويظهر أنه زار في ذلك الحين بلدة طبرقة برغم ما كان يعانيه من الألم ، ثم أنه عاد بعد ذلك إلى توزر وفي العام التالي اصطاف في المشروحة إحدى ضواحي قسنطينة من أرض القطر الجزائري وهي منطقة مرتفعة عن سطح البحر تشرف على مساحات مترامية وفيها من المناظر الخلابة ومن البساتين ما يجعلها متعة الحياة الدنيا وقد شهد الشابي بنفسه بذلك ومع مجيء الخريف عاد الشابي إلى تونس الحاضرة ليأخذ طريقة منها إلى توزر لقضاء الشتاء فيها. غير أن هذا التنقل بين المصايف والمشاتي لم يجد الشابي نفعاً فقد ساءت حاله في آخر عام 1933 واشتدت عليه الآلام فاضطر إلى ملازمة الفراش مدة. حتى إذا مر الشتاء ببرده وجاء الربيع ذهب الشابي إلى الحمّة أو الحامه ( حامة توزر ) طالباً الراحة والشفاء من مرضه المجهول وحجز الأطباء الاشتغال بالكتابة والمطالعة. وأخيراً أعيا الداء على التمريض المنزلي في الآفاق فغادر الشابي توزر إلى العاصمة في 26 أوت 1934 وبعد أن مكث بضعة أيام في أحد فنادقها وزار حمام الأنف ، أحد أماكن الاستجمام شرق مدينة تونس نصح له الأطباء بأن يذهب إلى أريانة وكان ذلك في أيلول واريانة ضاحية تقع على نحو خمس كيلومترات إلى الشمال الشرقي من مدينة تونس وهي موصوفة بجفاف الهواء. ولكن حال الشابي ظلت تسوء وظل مرضه عند سواد الناس مجهولاً أو كالمجهول وكان الناس لا يزالون يتساءلون عن مرضه هذا : أداء السل هو أم مرض القلب؟.

ثم أعيا مرض الشابي على عناية وتدبير فرديين فدخل مستشفى الطليان في العاصمة التونسية في اليوم الثالث من شهر أكتوبر قبل وفاته بستة أيام ويظهر من سجل المستشفى أن أبا القاسم الشابي كان مصاباً بمرض القلب.

توفي أبو القاسم الشابي في المستشفى في التاسع من أكتوبر من عام 1934 فجراً في الساعة الرابعة من صباح يوم الأثنين الموافق لليوم الأول من رجب سنة 1353 هـ.

نقل جثمان الشابي في أصيل اليوم الذي توفي فيه إلى توزر ودفن فيها ، وقد نال الشابي بعد موته عناية كبيرة ففي عام 1946 تألفت في تونس لجنة لإقامة ضريح له نقل إليه باحتفال جرى يوم الجمعة في السادس عشر من جماد الثانية عام 1365هـ.

أسلوبه الأدبي

نجد أن شعر الشابي منبثق من قوة إحساسه، أنه أسلوب محسوس لأن الروح التي تسري فيه تسد عليك طريقك وتحاصرك فلا تعرف تحديد موضع القوة فيه، وقوة الإحساس هي كل شيء في فنه وشعره، وقد وجهته هذه القوة توجيها خطابيا فلم يستطع التحرر من تلك الصفة التي أخذها على الشعر العربي وهناك أمثلة كثيرة من شعره التي يشعرك فيها بأنه واقف بين قومه يلقنهم تعاليمه أو يصب عليهم جام غضبه ونقمته.

أيها الشعب! ليتني كنت حطا با فأهوي على الجذوع بفأسي! أنت روح غبية، تكره النو ر،وتقضي الدهور في ليل ملس

الوطنية

نلاحظ أن ما أثار وطنية الشابي بالدرجة الأولى هي اصطدامه بالرجعية، ووطنيته وطنية جد صارخة ذات هجمات نارية عاتية مدمرة، ولكن لم تكن موجهة للاستعمار بقدر ما هي موجهة لسلاحه الرجعية التي حبست أنفاس الشعب والتي تقيد طموح الشعب فمنعه من التحرر والانطلاق أرجعته بقوة للماضي البالي الذي فقد معناه في نفوس الشباب المتفهم لرسالته في الحياة.

الطبيعة

حين نتأمل شعر الشابي في ذكره للطبيعة نستطيع وصف حالته بأنه يصفها وصف المعبود وينظر إليها بعاطفة رفيعة تنبعث من مشاركته لظواهرها والاندماج معها. وتصل به هذه العبادة إلى حد الموت الفاني في جمالها وهنا ندرك مدى شدة تركيب شعوره، لأنه لم يتذوقها إلا بعميق إحساسه حتى أنه يبعث من الطبيعة دفئا وحنانا، وهو يظهرها أمامك في كامل بهائها بما تملكه عباراته من قدرة على الإحياء.

المرأة

من خلال شعر الشابي الذي يتشوق فيه إلى المثالية المرضية لطموحه ويشبع روحه و الشعر الذي قاله في المرأة لا نستطيع أن نجد فيه على أمراه معينة، لها شخصيتها و طبائعها و مزاياها التي تتفرد بها، ونحن نلاحظ أن شعر الشابي صادر عن نفسه المحرومة وكان يتغنى في المرأة كمثل أعلى.

اّثاره

وصلة إضافية متعلقة بمقالة الشاعر

المصادر