علي بن زيد البيهقي
ظهير الدين علي بن زيد البيهقي (493-565هـ/1099-1169م) مؤرّخ وأديب ولد في مدينة سَبزَوار بإقليم بيهق، ويعود نسبه إلى الصحابي خُزيمة بن ثابت ذي الشهادتين، الأوسي وكنيته "ابن فُندُق" نسبة إلى أحد أجداده. رحل البيهقي بصحبة أسرته إلى مدينة شُشسمند، وهناك درس اللغة والأدب والتاريخ والفقه والأصول وعلم الكلام، وأخذ يتنقل من مدينة إلى أخرى طلباً للعلم. أوكل والي الرَيّ محمد بن مسعود إلى البيهقي منصب القضاء في بيهق، لكنه ترك هذه الوظيفة بعد أشهر وهو يردد قول القاضي شُريح: «أصبحت ونصف الناس عليّ غضبان». وذهب إلى الري وظل فيها حتى سنة 527هـ، ورحل منها إلى خراسان واشتغل بالحساب والجبر والمقابلة مدة سنتين، قصد بعدها مدينة سرخس ليدرس الحكمة، فأخذ عن القطب محمد المَروزي الطبسي، وأقام هناك سنتين، أنفق فيهما ما عنده من المال ثم عاد إلى نيسابور بصحبة أستاذه سنة 532هـ، وظلّ فيها أربع سنوات رحل بعدها إلى بيهق ثم عاد ثانية إلى نيسابور فاستقبله أهلها استقبالاً حسناً لما عرفوا عنه من ذكاء وفطنة وخلق، فكان يعقد المجالس ويلقي المحاضرات فيجتمع عليه خلق كثير.
كان للبيهقي صلات مع بعض رجال السياسة في الدولة السلجوقية، منهم محمد بن عاصم، وهو ابن أخت الطُغرائي الشاعر، ومنهم والد العماد الكاتب الأصفهاني، وكان يتردد عليه في مدينة الريّ.
انقطع البيهقي للتأليف، وقدم أعماله إلى بعض رجال نيسابور، وأورد العماد في الخريدة شعراً للبيهقي، ولكنه شعر ضعيف. كان البيهقي يفخر بنسبه إلى الصحابي خزيمة بن ثابت، ولهذا أولى علم النسب وحفظ مشجرات الأسر العربية عناية كبيرة ولا سيما الأسر النازحة إلى خراسان وبلاد ما وراء النهر، وكذلك أنساب الهاشميين من علويين وعباسيين.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كتبه
ترك البيهقي أكثر من سبعين كتاباً، لم يبق منها إلا القليل، نشر بعضها ومازال بعضها الآخر مخطوطاً، وأهم هذه الكتب:
- «تاريخ بيهق»: وضعه بالفارسية، تناول فيه تاريخ مدينة بيهق بدءاً بالعصر الإسلامي دون النظر إلى تاريخها قبل الفتح، ثم تطرق إلى تواريخ المدن، وقد سعى البيهقي، على عادة مؤرخي المدن، إلى ذكر أحاديث نبوية في فضل مدينته بيهق، وذكر أشهر الصحابة والتابعين الذين سكنوا هذه المدينة أو مرّوا بها، ثم ذكر الأسر العربية النازلة بإقليم بيهق. ثم ترجم لشخصيات أدبية وعلمية كانت تسكن بيهق، وختم الكتاب ببعض الحوادث التي نزلت بالمدينة، وقد اعتمد على تاريخ البيهقي كثير من المؤرخين وإن لم يذكروه صراحة، فهو الكتاب الوحيد الذي ترجم لهذه المدينة. وتعد المنتخبات الشعرية التي حفظها ذات قيمة تاريخية لتلك الحقبة، ولولا كتابه لفُقدت مادة علمية غنية عن أعلام المناطق الشرقية من العالم الإسلامي وشعرائها، فقد ذكر البيهقي 168 أديباً وشاعراً، وكل من أتى بعده اعتمد عليه.
- «لباب الأنساب»: ألفه بالعربية لنقيب النقباء أبي الحسن علي بن محمد بن يحيى العلوي، بدأ البيهقي بتأليف كتابه سنة 558هـ، وأشار إلى فتنة عمت نيسابور حينئذٍ ولم يوضح ذلك، ثم ذكر أوائل الذين اهتموا بعلم الأنساب، وكان مما دعاه إلى التأليف في الأنساب كشف ادعاء بعضهم الانتماء إلى الرسول (ص) زوراً. والكتاب كله في نسب العلويين، وقد وضع له مشجرات بأسمائهم. وقد ضاع من الكتاب قسمه الثاني، وطبع القسم الأول في إيران 1990.
- «تاريخ حكماء الإسلام»: أتم فيه كتاب «صوان الحكمة» لأبي سليمان محمد بن طاهر السجستاني المنطقي، وترجم البيهقي في كتابه لأحد عشر ومئة عالم وفيلسوف ورياضي وفلكي وطبيب ومهندس، ويعدّ الكتاب في الكتب التي تترجم لهذا النوع من الرجال ذوي الاختصاص العلمي، وقد نقل عنه المؤرخون الذين جاؤوا بعده. نُشر الكتاب في لاهور سنة1351هـ، ثم في مجمع اللغة العربية بدمشق غير مرة، بعنوان «تاريخ حكماء الإسلام».
وأشهر كتب البيهقي الباقية:
- «غرر الأمثال»، ألفه على غرار مجمع الأمثال للميداني،
- «وشاح الدمية» وهو تتمة لكتاب «دمية القصر» للباخرزي،
- «أزهار الرياض المريعة» وهو كتاب لغوي،
- «جوامع الأحكام» وهو كتاب في النجوم،
- «معارج نهج البلاغة» شرح فيه نهج البلاغة،
- «مشارب التجارب»، وهو كتاب في التاريخ ألفه على حوادث السنين وجعله ذيلاً لكتاب العتبي.
المصادر
- عدنان محمد آل طعمة. "البيهقي (علي بن زيد ـ)". الموسوعة العربية.
للاستزادة
- ياقوت الحموي، إرشاد الأريب (معجم الأدباء)، تحقيق: طه أحمد فريد الرفاعي ( دار المأمون 1928م).
- علي بن زيد البيهقي، مقدمة تاريخ بيهق، تحقيق أحمد بهمينار ( طهران 1361هـ).