إلكترونيات
الإلكترونيات فرع من الفيزياء والهندسة يتناول التحكم في انسياب الشحنات الكهربائية في نبائط معينة لتحقيق أغراض مفيدة. وتستخدم المكوِّنات (الأجزاء) الإلكترونية في مدى واسع من المنتجات، مثل أجهزة الراديو والتلفاز والحواسيب وحاكيات مسجلات الفيديو والمعينات السمعية والأجهزة الطبية والعديد من المنتجات الأخرى. وقد ازداد الاعتماد على المنتجات الإلكترونية في عصرنا الحالي إلى درجة أن هذا العصر يطلق عليه في الكثير من الأحيان العصر الإلكتروني.
كانت الإلكترونيات تُعنى أصلاً بوصف سلوك الإلكترونات الحرة في الأوعية المفرغة من الهواء، ثم استعمل هذا المصطلح فيما بعد ليشمل سلوك هذه الإلكترونات في الغازات والسوائل والمواد الصلبة. وغدا في النهاية، فرعاً خاصاً من الهندسة الكهربائية. ويمكن القول إن الهندسة الكهربائية التي تهتم بدراسة حركة الإلكترونات في النواقل، هي فرع من الإلكترونيات التي تعنى بدراسة حركة الإلكترونات أينما ظهرت. والحقيقة في كل هذا أن مفهوم الإلكترون عام جداً وأساسي جداً حتى ليستحيل معها ظاهرياً الحد من مجال هذا الموضوع أو تطبيقاته الصناعية.
والإلكترونيات جزء من مجال أوسع، أي مجال الكهرباء. ويشتمل الكهرباء على عنصرين مهمين هما 1- التيار الكهربائي 2- الفولتية الكهربائية. والتيار الكهربائي هو انسياب الشحنات الكهربائية، بينما تمثل الفولتية الكهربائية نوعًا من "الضغط" (أو القوة) الذي يسبب حركة الشحنات في اتجاه واحد. ومن الاستخدامات المعتادة للكهرباء تزويد المنازل والمؤسسات بالطاقة المستخدمة في توفير الضوء والحرارة، وفي قيادة المحركات.
وتتعامل الإلكترونيات أساسًا مع استخدام التيار والفولتية لحمل الإشارات الكهربائية. والإشارة الكهربائية تيار كهربائي (أو فولتية كهربائية) محور بطريقة ما لتمثيل معلومات. فهي قد تمثل أصواتًا أو صورًا أو أرقامًا أو حروفًا أو تعليمات حاسوبية أو أي معلومات أخرى. ويمكن استخدام الإشارات أيضًا لعد الأجسام، وقياس درجة الحرارة والوقت، والكشف عن المواد الكيميائية المشعة.
وتعتمد الإلكترونيات على مكونات معينة، فائقة التخصص، مثل الترانزستور، والدوائر المتكاملة، التي تشكل جزءًا من كل المعدات الإلكترونية تقريبًا. وتكمن قيمة مثل هذه النبائط في قدرتها على معالجة الإشارات بسرعة هائلة. فبعض المكونات تستطيع الاستجابة للإشارات ملايين المرات في الثانية.
ويهتم مجال الإلكترونيات الدقيقة بتصميم وإنتاج المكونات الدقيقة ـ وخاصة الدوائر المتكاملة ـ والمعدات الإلكترونية التي تستخدم مثل هذه المكونات. فالمصنعون يمكنهم إنتاج ملايين المكونات الإلكترونية المجهرية، على قطعة من مادة تسمى الرقاقة، لا يزيد حجمها عن حجم ظفر الأصبع.
وتبحث الإلكترونيات في سلوك العناصر التي تطلق سيلاً من الإلكترونات في فراغ أو في غاز أو في أنبوب أو صمام أو تستعمل جريان إلكترونات في نصف ناقل semiconductor كما تبحث في تطبيقاتها. وتقوم الأجهزة الإلكترونية بعملها من دون الحاجة إلى حركة ميكانيكية، وهي تنجز بذلك مهام كثيرة بسرعة واقتصاد أكبر مما في الأجهزة الميكانيكية.
وقد نما مجال الإلكترونيات واتسع اتساعاً كبيراً، فلم تعد التعريفات القديمة كافية على الإطلاق، وما هو اليوم جديد يصبح في الغد في عداد القديم بسبب التطور المتسارع في هذا الميدان الذي غزا مجالات الحياة كافة، وغدت الأجهزة الإلكترونية البحتة كالتلفاز والراديو والهاتف، وكذلك الأجهزة التي تتحكم في عمل مكنات أخرى كأجهزة تصنيع الآلات الميكانيكية والمحركات الكهربائية والطائرات والمركبات الفضائية والأسلحة، عصب الحياة في العالم المعاصر.
تشمل الإلكترونيات مجالات واسعة كاللاسلكي والرادار والتلفزة، والأجهزة الملاحية، وأنظمة التحكم الصناعي والحواسيب والاتصالات وأجهزة التسجيل والاستعادة وأجهزة القياس والاختبار والأجهزة الطبية والأجهزة الأخرى التي تستعمل الأنابيب أو الصمامات الإلكترونية والعناصر نصف الناقلة. وبالمقابل يشمل مجال الكهرباء توليد الطاقة ونقلها والإضاءة والتجهيزات الأخرى التي ينحصر سريان الإلكترونات فيها في النواقل المعدنية. ولكن الأجهزة الكهربائية والإلكترونية غالباً ما يؤثر بعضها في بعض، ويرتبط بعضها ببعض، فعلى سبيل المثال يمكن أن يكون للمحرك تحكم إلكتروني في سرعة دورانه وأن تُشَغَّل «حاكمة» relay ما بوساطة خلية كهرضوئية، وأن يُشَغَّل جرس كهربائي بحساس sensor للموجات فوق الصوتية.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
استخدام الإلكترونيات
غيرت الإلكترونيات طريقة حياة الناس، حيث أصبحوا يعتمدون على المنتجات الإلكترونية في كل مناحي حياتهم تقريبًا.
في الاتصالات
تربط نظم الاتصال الإلكترونية بين الناس في كل أرجاء العالم. فبإمكان الراديو نقل الصوت إلى أي مكان في العالم في جزء من الثانية. ويستطيع الناس في مختلف دول العالم الاتصال فوريًا عبر الهواتف والحواسيب. كذلك يستطيع مشاهد التلفاز متابعة حدث في قارة أخرى، أثناء حدوثه. ويمكِّن الهاتف الخلوي ـ الذي يسمى الهاتف الجوال أو النقّال ـ الشخص، من الاتصال بشخص آخر، وهما في الطريق، أو في سيارة، أو في أي مكان آخر. وترسل أجهزة الفاكس نسخ الوثائق، عبر خطوط الهاتف، في دقائق، وتستقبلها.
معالجة المعلومات
تستخدم الحواسيب الإلكترونية في الأعمال التجارية والمدارس والدوائر الحكومية والمؤسسات الصناعية والمعامل العلمية والمنازل. ويعتمد الناس على الحواسيب في معالجة الكميات الضخمة من المعلومات في زمن وجيز، وفي حل المسائل الرياضية المعقدة في جزء من الثانية. وتتيح الخدمات الفورية عبر الهاتف، لمستخدمي الحواسيب، سرعة الوصول إلى مجموعة متنوعة من المعلومات والأشكال.
الطب والبحوث
يستخدم الأطباء الأجهزة والماكينات الإلكترونية لتشخيص الاضطرابات ومعالجتها، فعلى سبيل المثال، تستخدم أجهزة الأشعة السينية الإشعاع الناتج عن نوع خاص من الصمامات الإلكترونية المفرغة، لأخذ صور للعظام والأجهزة الداخلية. ويحلل الأطباء هذه الصور للكشف عن الجروح والأمراض. وفي المعالجة الإشعاعية، أو ما يعرف باسم المداواة بالأشعة، تستخدم الأشعة السينية وأشكال الإشعاع الأخرى، سلاحًا قويًا ضد السرطان. ويعتمد الكثيرون من ضعاف السمع على المعينات السمعية الإلكترونية لتضخيم (تقوية) الموجات الصوتية.
وتمنح الحواسيب والأجهزة الإلكترونية الأخرى العلماء والباحثين فهمًا أوضح للطبيعة. فعلى سبيل المثال، تساعد الحواسيب العلماء على تصميم جزيئات أدوية جديدة، وتتبع النظم الجوية، واختبار النظريات التي تصف كيفية تكوُّن المجرات. وتستطيع المجاهر الإلكترونية تكبير العينات إلى مليون ضعف.
مركز التحكم لمركبات الفضاء التي يقودها ملاَّحون.
الأتمتة
يحسن التحكم الإلكتروني عمل عدد من المعدات المنزلية العادية، مثل الثلاجات وماكينات الخياطة والمحامص والغسالات، حيث يستطيع الناس برمجة أجهزة صنع القهوة ومرشات المروج وغيرها من المنتجات، لتبدأ العمل وتفرغ منه أوتوماتيًا. وتتحكم النبائط الإلكترونية في ألعاب الفيديو. وتسخن أفران المايكرويڤ الطعام بسرعة باختراقها بموجات راديوية قصيرة، ينتجها صمام مفرغ.
وتستخدم الصناعات الحواسيب لضبط الماكينات الأخرى. وتؤدي الروبوتات الإلكترونية مهام متنوعة، قد تكون صعبة على الإنسان، أو مملة له، أو تشكل خطرًا على حياته. فعلى سبيل المثال، تستخدم الروبوتات في طلاء السيارات برش المادة الطلائية، التي تكون سامة للإنسان عند استنشاقه. وتعتمد الرحلات الجوية والبحرية، ورحلات الفضاء، على التوجيه بالرادار والراديو والحواسيب. وتحتوي معظم السيارات على حواكم إلكترونية في محركاتها ونظم وقودها. وتتحكم النبائط الإلكترونية أيضًا في انتفاخ الأكياس الهوائية، وهي نبائط سلامة تنتفخ لحماية سائق السيارة، أو الشخص الجالس في المقعد الأمامي، في حالة وقوع تصادم بالرأس.
كيف يعمل النظام الإلكتروني
يهدف هذا الجزء من المقالة إلى تأسيس قاعدة لفهم الإلكترونيات، بوصف كيفية عمل جهاز شائع الاستخدام، وهو الحاسب الإلكتروني اليدوي (الآلة الحاسبة). يشتمل الحاسب الإلكتروني على لوحة مفاتيح صغيرة تحمل مفاتيح الأرقام والعمليات، وشاشة عرض توضح النتائج. وتحصل معظم الحاسبات على القدرة من بطارية صغيرة أو لوحة خلايا شمسية.
وتحت لوحة المفاتيح توجد دوائر صغيرة لتشغيل الحاسب. والدائرة مجموعة من الأجزاء المترابطة يسري خلالها تيار كهربائي. ويحدث الضغط على المفتاح نبضًا من شحنة كهربائية يمثل الرقم أو العملية، أو ما يسمى الإشارة. وتنتقل الإشارات عبر أسلاك إلى الدوائر.
ولكل دائرة وظيفة. فبعض الدوائر تخزن الإشارات مؤقتًا، في انتظار تعليمات أخرى. وتغير دوائر أخرى الإشارات حسب التعليمات. فعلى سبيل المثال، قد تضرب دائرة ما رقمين، كل منهما في الآخر. وأخيرًا ترسل دوائر معينة الإشارات التي تضيء أو تظلل مناطق معينة في شاشة العرض لتوضيح نتيجة العملية الحسابية.
يمكن تقسيم عمليات الحاسب الآلي، مثل معظم النظم الإلكترونية، إلى ثلاثة مراحل 1- مرحلة الدخل، يمكن تقسيم عمليات الحاسب الآلي، مثل معظم النظم الإلكترونية، إلى ثلاثة مراحل 1- مرحلة الدخل، وفيها تدخل المعلومات إلى النظام في شكل إشارات 2- مرحلة المعالجة، وفيها تعالج الإشارات بطريقة أو أخرى 3- مرحلة الخرج، وفيها تغير الإشارات المعالجة إلى شكل يفهمه المستخدم. وتستخدم النظم أنواعًا مختلفة من نبائط الدخل والخرج التي تنتج الإشارات أو تستجيب لها. فعلى سبيل المثال، يتطلب البث الإذاعي أو التلفازي نبائط مثل الميكروفونات والمجاهير. ومنذ لحظة مغادرتها لنبيطة الدخل وحتى وصولها إلى نبيطة الخرج، تمر الإشارات بعدد من التغييرات التي تحدثها المكوِّنات الإلكترونية العاملة داخل الدوائر.
الأجهزة الإلكترونية والمكونات
- مقالة مفصلة: مكونات إلكترونية
أي نبيطة إلكترونية تحدد دائرة معينة مسار التيار الكهربائي الذي يشغل النبيطة. وللحاسب الآلي دائرة معقدة، تتكون معظم أجزائها من دوائر أصغر، تؤدي وظائف معينة. ولا تعمل كل الدوائر بالضرورة في الوقت نفسه. فهناك مكوِّنات معينة تؤدي وظيفة "المفاتيح" الإلكترونية، التي تعمل على تشغيل الدوائر وإيقافها حسب الحاجة. وتؤدي المفاتيح هذه الوظيفة بالتحكم في التيار المار عبر الدائرة. فعندما يسمح المفتاح بمرور التيار تصبح الدائرة في حالة عمل، وعندما يوقف المفتاح التيار تتوقف الدائرة بدورها عن العمل.
يكوِّن سريان الإلكترونات في اتجاه واحد، في الوقت نفسه، تيارًا كهربائيًا. والفولتية، والتي تسمى أيضًا القوة الدافعة الكهربائية، هي الضغط (أو القوة) الذي يدفع الإلكترونات. والفولتية في الدوائر الكهربائية هي التجاذب الكهربائي الذي يسببه اختلاف الشحنات بين نقطتين في الدائرة، ويوفرها مصدر قدرة كهربائية، حيث تأتي الفولتية السالبة من أحد جانبي مصدر القدرة، بينما تأتي الفولتية الموجبة من الطرف الآخر. وتستخدم البطاريات عادة مصادر قدرة، ولكن النظم التي توصل بمأخذ التيار الكهربائي تتلقى القدرة من محطة قدرة تجارية وتسري الإلكترونات من طرف الفولتية السالبة لدائرة إلى طرف الفولتية الموجبة، حيث تولد هذه الحركة الإكترونية تيارًا كهربائيًا. ولكن العلماء اعتادوا اعتبار أن سريان التيار الكهربائي يكون من الموجب إلى السالب. فحتى أواخر القرن التاسع عشر الميلادي ظل العلماء يعتقدون خطأ أن التيار الكهربائي يسري في ذلك الاتجاه.
وتصنع الأسلاك، وأجزاء معينة أخرى من الدوائر، من مواد تسمى الموصلات، ذات قدرة على حمل التيار الكهربائي. وفي كل ذرة من ذرات الموصلات، والتي تشتمل على الفلزات، إلكترون واحد أو أكثر يمكنه التحرك من ذرة إلى أخرى، وتسمى هذه الإلكترونات الإلكترونات الحرة أو حاملات الشحنة. وتحتوي الدوائر أيضًا على عوازل، وهي مواد توقف التيار، لأنها لاتحتوي على حاملات شحنة متحركة.
وأثناء حركتها عبر الموصل تتصادم الإلكترونات مع ذرات المادة. ويعوق كل تصادم سريان الإلكترونات، ويسبب فقدانها لبعض الطاقة في شكل حرارة. وتسمى إعاقة التيار الكهربائي، والتي تغير الطاقة الكهربائية إلى حرارة، المقاومة.
وقد يحطم تراكم الحرارة الدائرة. ويستخدم الحاسب الإلكتروني كمية قليلة جدًا من التيار الكهربائي، ولذا فإن خطر التسخين المفرط غير وارد. ولكن بعض الحواسيب تولد كمية كبيرة جدًا من الحرارة، مما يستدعي تبريد دوائرها بانتظام. ويأتي الأزيز الصادر عن الحاسوب الشخصي المكتبي من مروحة صغيرة وظيفتها تبريد النظام.
دائرة متكاملة تُستخدم في ساعة إلكترونية. وهي مكبرة بدرجة كبيرة (أعلاه) وبالحجم الحقيقي (أسفله). تحتوي هذه الدائرة على 1,238 ترانزستور ومكونات لا يمكن أن ترى إلا تحت المجهر.
داخل الساعة (أعلى الوسط) تُثَّبت الدائرة المتكاملة خلف مربع صغير من البلاستيك يمكن رؤيته في منتصف الصورة. وتستخدم بلورة بمثابة نبيطة توقيت في الساعة. وتحفظ الدائرة المتكاملة التي تستمد القدرة من بطارية، البلورة في حالة ذبذبة. وهي تقوم بترجمة الذبذب وتمثل المناطق المعالجة المكوِّنات الإلكترونية للرقاقة. وقد تحتوي الرقاقة الواحدة على ملايين الأجزاء المجهرية الموصلة "بخطوط" فلزية رقيقة. وينظم صانعو الرقائق الأجزاء والتوصيلات في أنماط معقدة، ذات طبقات عديدة. وتركب الدوائر المكتملة الصنع داخل أغلفة مثبتة على لوحة دوائر مطبوعة. ولصغر أحجامها، تتفوق الدوائر المتكاملة على الدوائر التقليدية بعدد من الامتيازات. فهي على سبيل المثال، أسرع في عملها، لأن الإشارات تنتقل عبر مسافات قصيرة. وبالإضافة إلى ذلك، تحتاج الدوائر المتكاملة قدرة أقل، وتولد حرارة أقل، وتكلفة تشغيلها أقل، مقارنة بالدوائر التقليدية. والدوائر المتكاملة أيضًا أدق في عملها، لأن التوصيلات المعرضة للفشل فيها قليلة. ولكن التيارات القوية والفولتيات العالية قد تحطم الدوائر المتكاملة، وذلك لصغر أحجامها.
وبإمكان نوع من أنو يسمى المعالج الدقيق، أداء كل الوظائف الرياضية، وبعض وظائف الذاكرة، التي تؤديها الحواسيب الكبيرة. وتتحكم المعالجات الدقيقة في العديد من المنتجات، مثل ألعاب الفيديو وأفران المايكروويف والروبوتات وبعض الهواتف. ويؤدي المعالج الدقيق وظيفة "الدماغ" في كل الحواسيب الشخصية. وتحتوي الحواسيب الكبيرة على معالجات دقيقة عديدة، يعمل بعضها مع بعض، في الوقت نفسه.
وفي النبائط الإلكترونية يستخدم نوعان أساسيان من المكوِّنات داخل الدوائر، للتحكم في الإشارات وتحويرها، وهما 1- الصمامات الإلكترونية و2- نبائط حالة الصلابة.
كيف تعمل الدائرة
كيف تعمل الدائرة. لفهم كيفية عمل الدائرة الإلكترونية نحتاج إلى بعض المعلومات المرتبطة بالذرات. فلكل ذرة إلكترون واحد أو أكثر، يحمل كل منها شحنة كهربائية سالبة. وتحتوي الذرات أيضًا على بروتونات، وهي جسيمات يحمل كل منها شحنة كهربائية موجبة. والشحنات المختلفة تتجاذب، ولكن الشحنات المتشابهة تتنافر (يتباعد بعضها عن بعض). وينبني تشغيل الدائرة على مبدأ التجاذب بين الشحنات المختلفة.
أنواع الدوائر الإلكترونية
ينتج المصنعون نوعين من الدوائر الإلكترونية 1- دوائر تقليدية 2- دوائر متكاملة. وتحتوي معظم النبائط الإلكترونية على كلا النوعين.
الدوائر التقليدية. تتكون من مكوِّنات إلكترونية منفصلة، متصلة بعضها ببعض بأسلاك، ومثبتة على قاعدة. وفي معظم الحالات يثبت المصنعون المكوِّنات إلى لوحة دوائر مطبوعة، وهي قطعة رقيقة من مادة بلاستيكية، أو غيرها، تطبع عليها "الأسلاك" النحاسية بعملية كيميائية، عند صنعها. وفي الحاسب الإلكتروني توصل كل الأجزاء الإلكترونية للدائرة الرئيسية على لوحة دوائر مطبوعة.
الدوائر المتكاملة. تحتوي على مكوِّنات وموصلات توضع داخل رقاقة وفوقها. والرقاقة قطعة صغيرة من مادة شبه موصلة، تصنع عادة من السليكون.
وشبه الموصل مادة توصل التيار الكهربائي أفضل من العازل، ولكن ليس بمستوى جودة توصيل الموصل. ولا تؤدي الرقاقة وظيفة القاعدة فحسب، ولكنها أيضًا جزء أساسي من الدائرة. ولا يتعدى أحجام معظم الرقاقات حجم ظفر الأصبع. وتكوِّن الدوائر المتكاملة في العادة جزءًا من مكوِّنات الدوائر التقليدية.
ولصنع الدائرة المتكاملة يعد التقني تصميمًا رئيسيًا كبيرًا للدائرة بمساعدة حاسوب. وباستخدام التصوير الضوئي يقلل التصميم الرئيسي إلى حجم مجهري. ويعالج مصنعو الرقائق السليكون، لتغيير خواصه التوصيلية، بإضافة كميات صغيرة من مواد تسمى المحورات، مثل البورون والفوسفور.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الدوائر الإليكترونية القياسية
- مقالة مفصلة: الدوائر الإليكترونية القياسية
الدوائر الرقمية
- مقالة مفصلة: الدوائر الرقمية
وحدات البناء:
- البوابات المنطقية
- Adders
- Binary Multipliers
- Flip-Flops
- Counters
- Registers
- Multiplexers
- Schmitt triggers
نباط إليكترونية فائقة الدمج:
- الميكروبروسسور
- الميكروكونترولير
- تطبيق محددة للدوائر المتكاملة (ASIC)
- معالج الاشارات الرقمية (DSP)
- Field-programmable gate array (FPGA)
تبديد الحرارة والتحكم الحراري
- مقالة مفصلة: التحكم الحراري بالأجهزة الإلكترونية والأنظمة
الضوضاء
- مقالة مفصلة: ضجيج الالكترونية
نظرية الإلكترونيات
- مقالة مفصلة: الطرق الرياضية في مجال الالكترونيات
مختبر الإلكترونيات
- مقالة مفصلة: محاكاة مختبر الإلكترونيات
التصميم المدعم بالحاسوب (CAD)
- مقالة مفصلة: أتمتة التصميم الالكتروني
أساليب البناء
- مقالة مفصلة: التغليف الالكتروني
الصمامات الإلكترونية
تتحكم الصمامات الإلكترونية في سريان الإشارات الكهربائية عبر الغازات أو الفراغات. والصمامات المفرغة هي أكثر أنواع الصمامات الإلكترونية استخدامًا، وهي حاويات زجاجية أو فلزية، أزيل عنها معظم الهواء. وتنتج عناصر فلزية متعددة داخل الصمام أحزمة من الإلكترونات، وتتحكم فيها.
وقد استخدمت الصمامات المفرغة في كل الأجهزة الإلكترونية، في الفترة الممتدة بين عشرينيات وخمسينيات القرن العشرين، ولاتزال أنواع خاصة من هذه الصمامات تستخدم في بعض الأجهزة حتى اليوم. فشاشة جهاز التلفاز، على سبيل المثال، هي النهاية الطرفية لصمام مفرغ كبير يسمى صمام الأشعة الكاثودية. وتنتج أنواع أخرى من الصمامات المفرغة الإشارات الراديوية والرادارية، والأشعة السينية، والموجات الدقيقة. وللمزيد من المعلومات عن الأنواع المختلفة للصمامات المفرغة وكيفية عملها انظر: الصمام المفرغ
مكوِّنات حالة الصلابة
تسمى الترانزستورات وبعض المكوِّنات الإلكترونية مكوِّنات حالة الصلابة، وذلك لأن الإشارات تسري عبر شبه موصل صلب بدلاً عن الفراغ. وتستهلك نبائط حالة الصلابة قدرة أقل، وتدوم لفترة أطول، وتحتل مساحة أقل، مقارنة بالصمامات المفرغة. وقد أنتج المهندسون أولى نبائط حالة الصلابة خلال أربعينيات القرن العشرين. ومنذ ذلك التاريخ حلت أشباه الموصلات محل الصمامات المفرغة في معظم الاستخدامات.
وتصنع مكوِّنات حالة الصلابة من السليكون، الذي ينتمي إلى أشباه الموصلات. والسليكون وغيره من أشباه الموصلات مفيدة، لأن العلماء يستطيعون ضبط مقاومتها بدقة، وبالتالي التحكم في سريان التيار عبرها.
ولاستخدامها في النبائط الإلكترونية يجب أن تشكل أشباه الموصلات تركيبًا بلوريًا. وفي هذه البلورات، يزدوج كل إلكترون من الإلكترونات الخارجية لذرة مع إلكترون خارجي آخر لذرة مجاورة لتكوين روابط تسمى الروابط الإلكترونية أو الروابط التساهمية. وتكون الإلكترونات الخارجية في العادة مرتبطة بإحكام بذرات البلورة، وتعمل المادة عازلاً يقاوم سريان الشحنات.
ويحور العلماء بلورات السليكون النقية بكميات قليلة جدًا من محورات، لتحسين قدرة السليكون على توصيل التيار. وهناك نوعان من أشباه الموصلات المحورة: 1- نوع م، ويحتوي على حاملات شحنات موجبة 2- نوع س، ويحتوي على حاملات شحنات سالبة.
ولإنتاج شبه موصل من النوع م يضيف العلماء محورات ذات ذرات محتوية على عدد من الإلكترونات الخارجية يقل عن عدد الإلكترونات الخارجية للسليكون بإلكترون واحد، ومن هذه المحورات الألومنيوم والبورون والإنديوم والجاليوم. وتكوِّن كل ذرة غير نقية فجوة ـ أي منطقة تنعدم فيها الرابطة الإلكترونية ـ في التركيب البلوري. وتؤدي الفجوة وظيفة الشحنة الموجبة، حيث تجذب إليها الإلكترونات من الذرات المجاورة. وهكذا تستطيع الفجوة التنقل من ذرة إلى أخرى.
ولإنتاج شبه موصل من النوع س يضيف العلماء محورات ذات ذرات محتوية على عدد من الإلكترونات الخارجية يزيد عن عدد الإلكترونات الخارجية للسليكون بإلكترون واحد أو أكثر، ومن هذه المحورات الزرنيخ والفوسفور والأنتيمون. وفي درجات الحرارة العادية يكون الإلكترون الإضافي حر الحركة داخل البلورة، ويؤدي وظيفة حامل الشحنة السالبة.
وينتج المصنعون نبائط إلكترونية متنوعة بتكوين توليفات مختلفة من النوع م والنوع س داخل البلورة. ويسمى المكان الذي يلتقي فيه نوعا شبه الموصل الوصلة م س. ويحدد عدد الوصلات وطريقة ترتيبها، ونوع المحورات وكمياتها، كيفية عمل أي نبيطة.
الثنائي يحتوي على وصلة م س واحدة يمكنها توصيل التيار أو إيقافه حسب انحياز (اتجاه) الفولتية المطبقة على طرفيه. فالثنائي المنحاز أماميًا (إلى اليسار) يوصل التيار لأن حاملات الشحنات تنجذب نحو الوصلة، بينما يوقف الثنائي المنحاز عكسيًا (إلى اليمين) . الثنائيات. مكوِّنات إلكترونية تمنع سريان التيار في اتجاه واحد، ولكن ليس الاتجاه الآخر. ويتكون ثنائي شبه الموصل من قطعة من شبه موصل، نوع م، متصلة بقطعة من شبه موصل، نوع س. وللثنائي طرفان (جزءان فلزيان يكوِّنان وصلتين كهربائتين). ويوصل الطرفان نهايتي كل نوع من نوعي شبه الموصل إلى الدائرة. ويمكن بناء الثنائي داخل الدائرة المتكاملة، وقد تكون قطعة متمايزة (منفصلة) في دائرة تقليدية. ويوضع الثنائي المتمايز داخل غلاف واق.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كيف يعمل الثنائي
الثنائي نبيطة تسمح بسريان التيار في اتجاه واحد فقط. وينقل التيار بسريان الفجوات والإلكترونات. ويحدد انحياز (اتجاه) الفولتية المطبقة احتمال إيقاف الوصلة م س للتيار، أو سماحها بمروره.
ويسمح الانحياز الأمامي بمرور التيار عبر الوصلة. ولتوليد الانحياز الأمامي تطبق البطارية، أو مصدر الفولتية المستخدم، فولتية سالبة على مادة النوع س وفولتية موجبة على مادة النوع م. وتطرد الفولتية السالبة الإلكترونات الحرة في مادة النوع س في اتجاه الوصلة م س. وبنفس الطريقة تطرد الفولتية الموجبة الفجوات في مادة النوع م في اتجاه الوصلة. وتتحرك الإلكترونات عبر الوصلة إلى مادة النوع م. وعند مرور أي إلكترون يضخ مصدر الفولتية إلكترونًا واحدًا إلى مادة النوع س، ويجذب إلكترونًا واحدًا من مادة النوع م، ونتيجة لذلك تسري الإلكترونات عبر الدائرة. ويؤدي الازدياد الطفيف في قوة الفولتية إلى ازدياد كبير في التيار المار عبر الثنائي. ويتوقف سريان الإلكترونات عند إزالة الفولتية.
ويمنع الانحياز العكسي معظم التيار من المرور عبر الوصلة م س، بالرغم من مرور تيار تسرب صغير. ولتوليد الانحياز العكسي يطبق مصدر الفولتية فولتية سالبة على مادة النوع م وفولتية موجبة على مادة النوع س، ونتيجة لذلك تتنافر الفجوات والإلكترونات بعيدًا عن الوصلة. ويؤدي ذلك إلى تكوُّن منطقة خالية من حاملات الشحنات المتحركة على كل من جانبي الوصلة، تعمل عازلاً للتيار.
الاستخدامات
تستخدم الثنائيات مفاتيح أو مقوِّمات. وبإمكان دوائر المقومات تغيير التيار المتناوب إلى تيار مستمر. والتيار المتناوب يغير اتجاهه عدة مرات في كل ثانية، بينما يسري التيار المستمر في نفس الاتجاه دائمًا. ويتلقى الطرف المتصل بمصدر تيار متناوب فولتية تتغير باستمرار من الموجب إلى السالب أو العكس. وفي حالة إرسال تيار متناوب إلى ثنائي، تمرر النبيطة التيار عندما تكون مادة النوع س ذات فولتية سالبة. وهكذا يسري التيار عبر الثنائي في اتجاه واحد فقط.
تنتج وحدات القدرة التجارية كلها تقريبًا تيارًا متناوبًا. ولكن معظم المعدات الإلكترونية تتطلب تيارًا مستمرًا، ولذا تستخدم النبائط التي تدار بالقدرة التجارية الثنائيات لتقويم التيار. ولا تحتاج النبائط التي تستمد القدرة من البطاريات تقويم التيار، لأن البطاريات تنتج تيارًا مستمرًا.
دائرة الترانزستور المضخِّمة
ترتيبات من الوصلات م س يمكن استخدامها في تضخيم الإشارات، أو فتح وغلق التيار. فبنفس طريقة عمل المفتاح الميكانيكي الصغير، الذي يؤدي تحركه إلى تشغيل محرك قوي، أو إيقافه، يستخدم الترانزستور إشارة دخلية صغيرة للتحكم في سريان تيار قوي، حيث يمكنه قطع التيار كليًا، أو السماح بسريانه كليًا، أو السماح بسريانه جزئيًا. والترانزستورات هي أهم مكونات الدوائر المتكاملة.
كيف يعمل الترانزستور
هناك أنواع عديدة من الترانزستورات، تعمل بطرق مختلفة. ومن أهم أنواعه الترانزستور الوصلي ثنائي القطب، أو الترانزستور ثنائي القطب، الذي يتكون من طبقة رقيقة جدًا من نوع من أشباه الموصلات، محشوة بين طبقتين سميكتين من النوع المقابل. فإذا كانت الطبقة الوسطى، على سبيل المثال، من النوع س، تكون الطبقتان الخارجيتان من النوع م. وتسمى المنطقة الوسطى القاعدة، والمنطقتان الخارجيتان الباعث والمجمِّع.
وللترانزستور ثنائي القطب وصلتا م س وثلاثة أطراف. ويربط طرفان من هذه الأطراف، في العادة، الباعث والمجمِّع إلى دائرة خرجية، بينما يصل الطرف الثالث القاعدة بدائرة دخلية. ولكل دائرة مصدر قدرة. وتترتب مصادر القدرة بحيث تكون إحدى الوصلات م س منحازة أماميًا والوصلة الأخرى منحازة خلفيًا.
وفي العادة، يمنع الترانزستور التيار من المرور عبر الدائرة الخرجية، ولكن رفع الفولتية المطبقة على القاعدة قليلاً يؤدي إلى دخول عدد كبير من الإلكترونات إلى القاعدة عبر الوصلة المنحازة أماميًا، ويتفاوت هذا العدد حسب قوة الفولتية. ولأن منطقة القاعدة رقيقة جدًا، يستطيع مصدر الفولتية في الدائرة الخرجية جذب الإلكترونات عبر الوصلة المنحازة عكسيًا. ونتيجة لذلك يسري تيار قوي عبر الترانزستور، وعبر الدائرة الخرجية. وبهذه الطريقة يمكن التحكم في سريان تيار قوي عبر الدائرة الخرجية، بتزويد القاعدة بإشارة صغيرة.
ومن الأنواع الرئيسية للترانزستور ترانزستور التأثير المجالي، والذي يعمل بطريقة تختلف عن طريقة عمل الترانزستور ثنائي القطب.
الاستخدامات
تؤدي الترانزستورات ثلاث وظائف إلكترونية رئيسية: 1- التضخيم 2- القطع والوصل 3- الذبذبة.
والتضخيم هو تقوية إشارة ضعيفة متراوحة. والتيار الذي يسري عبر الترانزستور والدائرة الخرجية نسخة طبق الأصل من الإشارة الدخلية ـ ولكنه أقوى بكثير. وبإمكان الترانزستور التجاوب مع تراوحات الإشارة بلايين المرات في كل ثانية.
وتعمل معظم المعدات الإلكترونية بالتضخيم. وتستخدم المضخمات في المعدات المصممة لنقل الإشارات السمعية والبصرية. ولابد من تضخيم معظم الإشارات لتتمكن من إدارة نبيطة خرجية، مثل المجهار أو جهاز التلفاز أو طابعة الحاسوب.
وتستخدم المضخمات أيضًا للكشف عن المعلومات. فعلى سبيل المثال، تسجل أجهزة خاصة الإشارات الكهربائية الضعيفة الصادرة عن قلب الإنسان ودماغه، وتضخمها. ويدرس الأطباء هذه الإشارات لتشخيص جروح وأمراض معينة.
والقطع والوصل أيضًا من أهم وظائف الترانزستورات. فالترانزستورات ـ بوصفها مفاتيح ـ تقطع الدوائر وتوصلها وتوجه مسار الإشارات. ولتؤدي الترانزستورات هذه الوظائف لابد أن تكون قوة الإشارات الدخلية متفاوتة بشدة، ليتمكن الترانزستور من قطع أو وصل الإمداد الرئيسي.
وتحول الذبذبة إشارة التيار المستمر إلى إشارة تيار متناوب، ذات تردد (عدد الاهتزازات في الثانية) مرغوب. وتسمى الدوائر الترانزستورية التي تقوم بهذا العمل المذبذبات. والمذبذب في الواقع نوع من المضخمات يقوي الإشارة، ويحتفظ بجزء من الإشارة المضخمة، لإنتاج دخلها الخاص. وتمكن ترتيبات متنوعة من الدوائر الترانزستور من أداء عمل المذبذب.
وتخدم المذبذبات عدة أغراض. فهي على سبيل المثال، تنتج الموجات الراديوية التي تحمل الصوت والصورة عبر الفضاء. وهي تنتج أيضًا إشارات التوقيت التي تتحكم في العمليات الداخلية للحواسيب، والتي تدير بعض أنواع المعدات الأوتوماتية. وفي الطب ينتج مذبذب يسمى الناظمة القلبية دفعات كهربائية مؤقتة بدقة، شبيهة بالدفعات الطبيعية التي تجعل القلب ينبض بانتظام. ويزرع الجراحون الناظمات القلبية في صدور بعض المرضى لتقويم عدم انتظام نبض القلب.
المكونات السلبية
يمكن تقسيم المكوِّنات الإلكترونية إلى مجموعتين 1- مكوِّنات إيجابية 2- مكوِّنات سلبية. والمكوِّنات الإيجابية هي المكوِّنات التي تضخم الإشارات، أو تصلها وتقطعها، أو تذبذبها. ويصنف معظم خبراء الإلكترونات الصمامات الإلكترونية والترانزستورات وبعض الثنائيات ضمن المكوِّنات الإيجابية.
أما المكوِّنات السلبية فتغير الطاقة الكهربائية إلى حرارة، أو تخزن الطاقة الكهربائية داخليًا. وتشتمل المكوِّنات السلبية على المقاومات والمكثفات والمحاثات.
والمقاومات نبائط تغير الطاقة الكهربائية إلى حرارة، وتستخدم في تقليل كمية التيار المنساب عبر دائرة. وكلما كبر حجم المقاوم قلت كمية الكهرباء التي تمر عبره.
وتستخدم المكثفات والمحاثات في تخزين الطاقة الكهربائية. فالمكثفات تستخدم في الدوائر الكهربائية لتخزين المعلومات في شكل وجود أو إنعدام شحنة، كما تستخدم أيضًا لإيقاف سريان التيار المستمر. أما المحاثات فتوقف سريان التيار المتناوب، ولكنه يسمح بمرور التيار المستمر.
وفي الدوائر المتكاملة يستطيع المصنعون ضبط رقاقة شبه الموصل لتكوين مناطق تؤدي عمل المقاومات والمكثفات، ولكن ليس المحاثات، حيث لايمكن تكوين المحاثات إلا عبر دوائر معقدة. ويمكن أيضًا وصل المحاثات إلى الدوائر المتكاملة في شكل مكوِّنات منفصلة.
الإلكترونيات والضوء
في معظم النبائط الإلكترونية يستفيد المصنعون من قدرة الإلكترونات على امتصاص الطاقة وإطلاقها في شكل ضوء. وتشتمل هذه النبائط الإلكترونية البصرية على النبائط الحساسة للضوء والنبائط الباعثة للضوء والعارضات البلورية السائلة.
النبائط الحساسة للضوء
تسمى أيضًا العيون الكهربائية، وهي نبائط تستخدم الطاقة الضوئية لإنتاج التيار الكهربائي أو التحكم فيه. ويتكون قلب النبيطة من ثنائي حساس للضوء يسمى الثنائي الضوئي، ويصنع عادة من السليكون. ويشبه الثنائي الضوئي الثنائي العادي، ولكنه يحتوي على نافذة أو عدسة تسمح بسقوط الضوء على الوصلة م س. ويدفع هذا الضوء بعض الإلكترونات خارج روابطها البلورية، حيث تنتج عن ذلك إلكترونات حرة وفجوات يمكنها السريان. وتولد بعض الثنائيات الضوئية، مثل الخلايا الشمسية، تيارًا كهربائيًا، حيث تزود ألواح من الخلايا الشمسية معظم الأقمار الصناعية، والعديد من النبائط الإلكترونية الصغيرة مثل الحاسبات الآلية، بالقدرة. وتستخدم ثنائيات ضوئية أخرى في قطع ووصل إمداد القدرة الخارجي.
النبائط الباعثة للضوء
تستخدم التيار الكهربائي لإنتاج الضوء. وتصنع معظم الثنائيات الباعثة للضوء من زرنيخيد الجاليوم أو أي مركب شبه موصل آخر يطلق الطاقة في شكل ضوء، بدلاً عن الحرارة. وعندما يمر التيار عبر الثنائي الباعث للضوء تتحد الإلكترونات الحرة والفجوات الموجودة بالقرب من الوصلة م س. وعندما "يسقط" إلكترون حر داخل فجوة، تنطلق حزمة صغيرة من الطاقة الضوئية يسمى الفوتون. وبإمرار تيار قوي مناسب تتوهج منطقة الوصلة في الرقاقة بشدة. وتستخدم مجموعات من الثنائيات الباعثة للضوء في العديد من العارضات.
وليزرات شبه الموصل ثنائيات خاصة تنتج حزمة رقيقة جدًا وقوية من الضوء. ولليزرات استخدامات عديدة في الاتصالات والصناعة والطب والعلوم. ففي الاتصال البصري الليفي، على سبيل المثال، تحول حزمة ليزرية الإشارات الكهربائية لمكالمة هاتفية أو صورة تلفازية إلى نبضات فوتونية. وتنتقل الإشارات الفوتونية بسرعات عالية على خيوط زجاجية شعرية دقيقة تسمى الألياف البصرية، دون فقدان الكثير من قوتها أو وضوحها.
العارضات البلورية السائلة
تستخدم عادة في الحاسبات الآلية والساعات الرقمية والحواسيب. وفيها توضع طبقة رقيقة من بلورة سائلة بين شريحتين زجاجيتين. ويعكس العارض الضوء عادة، ولكن الإشارة الفولتية تسبب إظلام أجزاء منه، وهذه الأجزاء المظلمة هي التي تشكل الرقم أو الحرف.
كيف تعالج الدائرة الإلكترونية المعلومات
تعالج الدوائر المعلومات بتجميع الإشارات الدخلية لإنتاج معلومات جديدة حسب التعليمات. وتعتمد الطريقة التي تعالج بها الدائرة المعلومات على نوع الإشارات التي تعمل فيها.
تعالج الدوائر الإلكترونية نوعين من الإشارات: 1- إشارات رقمية 2- إشارات قياسية. وتمثل الإشارات الرقمية بعدد محدود من الإشارات الفولتية، لكل منها قيمة مميزة. أما الإشارات القياسية فتتفاوت باستمرار في الفولتية والتيار حسب المعلومات الدخلية. ويمكن أن تمثل فولتية متراوحة تغييرات الضوء والصوت ودرجة الحرارة والضغط وموضع الجسم.
الدوائر الرقمية
تعالج الدوائر الرقمية المعلومات بعدِّ الإشارات أو المقارنة بينها. والعديد منها تعالج المعلومات أسرع بكثير من الدوائر القياسية، ولذا تؤدي معظم المعالجات بالدوائر الرقمية.
وفي المعالجة الرقمية تترجم كل البيانات الدخلية ـ الكلمات والأرقام وغيرها من المعلومات ـ إلى أرقام ثنائية، وهي مجموعات من واحدات وأصفار. وتطلق كلمة ثنائي (مكون من اثنين) على الشفرة لأن المعالجة تستخدم رقمين فقط. ويمكن تمثيل أي رقم ثنائي بتوليفة من الدوائر أو النبائط التي تكون في إحدى حالتين. فعلى سبيل المثال، يمكن أن تكون الدائرة موصولة أو مقطوعة. وتمثل إحدى الحالتين بالرقم 1، والآخر بالرقم صفر، ويسمى كل 1 أو صفر البت. وتعمل العديد من النظم ببتات في مجموعات تسمى الكلمات، وتسمى الكلمة التي تتكون من 8 بتات البايت.
وتتطلب المعالجة الرقمية ثلاثة عناصر أساسية 1- دوائر الذاكرة، ووظيفتها تخزين البيانات 2- الدوائر المنطقية، ووظيفتها تغيير البيانات 3- دوائر التحكم، ووظيفتها توجيه عمليات النظام. وتربط قنوات سلكية تسمى الناقلات العناصر، بعضها ببعض، وبالدائرة كلها. ويجمع معالج دقيق هذه العناصر على رقاقة واحدة.
دوائر الذاكرة. تخزن البتات بصفة دائمة أو مؤقتة. ويحوي نوع شائع من دوائر الذاكرة آلاف المكثفات مرتبة في صفوف. وتمسك هذه المكثفات البتات في شكل شحنة كهربائية أو في شكل انعدام الشحنة الكهربائية. ويوصل موصل فلزي كل مكثف إلى النظام، بينما تعمل ترانزستورات وثنائيات مفاتيح بين المكثفات والثنائيات. وعندما تفتح إشارة ما مفتاحًا تنتقل البتات عبر الموصل، وعندئذ تعيد دوائر أخرى تخزين البتات بإعادة شحن المكثفات بسلسلة الشحنات نفسها.
وهناك نوعان أساسيان من دوائر الذاكرة ـ ذاكرة الوصول العشوائي (الرام) و ذاكرة القراء فقط (الروم). وفي ذاكرة الوصول العشوائي يمكن محو المعلومات أو الإضافة إليها، حيث تخزن الدوائر المعلومات أثناء تزويدها بالقدرة، وعند قطع القدرة تزول كل الشحنات المخزنة. وتستخدم دوائر ذاكرة الوصول العشوائي في نبائط مثل الحواسيب وبعض الحاسبات، التي تحتاج تخزين كميات كبيرة من المعلومات لفترات قصيرة.
وتخزن ذاكرة القراءة فقط المعلومات التي توضع فيها عند الصنع بصفة دائمة. وهذه المعلومات لايمكن محوها أو الإضافة إليها. وتحتوي ذاكرة القراءة فقط بصفة عامة على تعليمات أو برامج لتشغيل النظام.
ولا تخزن كل الذاكرات في دوائر. فالحواسيب، على سبيل المثال، تستخدم أيضًا نبائط ذاكرة خارجية، مثل الأقراص الممغنطة أو الشرائط الممغنطة، يدخلها المستخدمون في النظام. ومن أنواع الذاكرة أيضًا القرص المدمج (سي دي)، والذي يخزن المعلومات على أسطوانة بلاستيكية. وبإمكان ذاكرة القراءة فقط ـ القرص المدمج (سي دي ـ روم) تخزين البيانات والصور والأصوات والبرامج.
الدوائر المنطقية
وتسمى أيضًا المعالجات. تعالج هذه الدوائر البيانات حسب التعليمات. وفيها تمر البتات عبر سلسلة من المفاتيح التي تغيرها بطريقة أو أخرى. فقد تضيف مجموعة من المفاتيح عددًا معينًا إلى عدد آخر، وتسمى مثل هذه المجموعة الجامع، وقد يتكون من مئات المفاتيح. وفي أثناء المعالجة تخزن البتات مؤقتًا في مناطق تسمى السجلات، في انتظار التعليمة التالية.
وبإمكان توليفة أخرى من المفاتيح المقارنة بين بتين، وتوليد خرج خاص على أساس مجموعة من القوانين مصممة بصفة خاصة للمعالج. وتستخدم هذه الدوائر أرقامًا ثنائية لتمثيل أفكار مثل "صواب" أو "خطأ"، عوضًا عن 1 أو صفر.
ويولد المصممون مناطق في الرقاقة يمكنها عد الإشارات، أو المقارنة بينها، بالجمع بين مجموعات صغيرة من الدوائر، تحدث تغييرات طفيفة في بت واحد أو بتين. وتسمى هذه المجموعات عادة البوابات المنطقية. وهناك ثلاث بوابات أساسية هي : 1- البوابة لا 2- البوابة و 3- البوابة أو. وعند توليفها بأعداد كبيرة تستطيع هذه البوابات حل المسائل الرياضية أو المنطقية المعقدة.
وتغير البوابة لا، والتي تسمى أيضًا العاكس البت من واحد إلى صفر، أو من صفر إلى واحد. ولهذه الوظيفة عدة استخدامات، حيث يشتمل الجمع، على سبيل المثال، على تغيير الأصفار إلى واحدات، والواحدات إلى أصفار.
ويولد كل من البوابة و والبوابة أو إشارة خرجية واحدة من إشارتين دخليتين أو أكثر. وتتطلب البوابة و أن تكون كل الإشارات الدخلية صحيحة ـ وتمثل عادة بالرقم 1 ـ لإنتاج إشارة خرجية صحيحة أو 1، بينما تتطلب البوابة أو إشارة دخلية صحيحة واحدة فقط لإنتاج إشارة خرجية صحيحة.
دوائر التحكم. توجه وتنسق عمل كل أجزاء النظام الأخرى حسب التعليمات المخزنة في دوائر الذاكرة. ومن المهام الرئيسية لدائرة التحكم ضبط حركة البتات عبر النظام. ولأداء هذه المهمة يولد مذبذب يسمى الساعة دفعات مستمرة. وتتحرك البتات عبر الدائرة حسب إيقاع الساعة.
الدوائر القياسية
تحل المسائل بقياس كميات متغيرة باستمرار، مثل درجة الحرارة والسرعة والضغط. وتعمل العديد من النبائط الشائعة الاستخدام، مثل مقاييس السرعة والترمومترات، بوصفها حواسيب قياسية. وتدخل دوائر قياسية صغيرة في تركيب عدد من النظم الإلكترونية التي تتحكم في أعمال ماكينات أخرى، كما تستخدم الدوائر القياسية في معدات الملاحة.
التحويل الرقمي القياسي
تستطيع بعض الدوائر تحويل الإشارات القياسية إلى إشارات رقمية، والإشارات الرقمية إلى إشارات قياسية. فعند تسجيل الصوت رقميًا، على سبيل المثال، يقاس اتساع (قوة) الموجة الصوتية آلاف المرات في كل ثانية، ويحوَّل إلى إشارة شفرية رقمية مكونة من دفعات تيار صغيرة. ولسماع الإشارات الرقمية الناتجة، يحولها نظام صوتي مرة أخرى إلى إشارات قياسية تدير مجهارًا. وتنتج الإشارات الرقمية نوعية صوتية أجود، ذات ضجيج وتشوه أقل، مقارنة بالإشارات القياسية.
صناعة الإلكترونيات
تمثل تنمية المنتجات الإلكترونية، وإنتاجها ومبيعاتها، إحدى كبرى الصناعات وأهمها وأسرعها تطورًا في العالم.
الصناعة الإلكترونية تقوم بتصنيع الحواسيب، وأنظمة الإستيريو، وأجهزة الراديو والتلفاز، ومعدات الأشعة السينية ومنتجات عديدة أخرى. وفي الصورة، يقوم موظفو المصنع بتشغيل أجهزة التلفاز على خط تجميع. البحوث والتطوير. يعمل المهندسون والعلماء في المعامل البحثية لإضافة معارف جديدة إلى الإلكترونيات، وابتكار نبائط إلكترونية جديدة. وللعديد من الجامعات وشركات الإلكترونيات معاملها البحثية الخاصة، كما تتبنى الحكومات البحوث الإلكترونية عبر وكالات مثل مركز سيرن الأوروبي بالقرب من جنيف في سويسرا والإدارة الوطنية للطيران والفضاء في الولايات المتحدة. وتتبنى العديد من الحكومات أيضًا بحوث الإلكترونيات عبر الفروع العسكرية.
التصنيع والمبيعات
الولايات المتحدة واليابان هما أكبر دولتين منتجتين للمكونات الإلكترونية والمنتجات الإلكترونية المجمعة. وفي أوائل تسعينيات القرن العشرين كان عدد العاملين في الشركات الإلكترونية في الولايات المتحدة يزيد عن 1,5 مليون عامل، وبلغ إجمالي مبيعات شركات الإلكترونيات في الولايات المتحدة حوالي 300 بليون دولار أمريكي سنويًا. وخلال الفترة نفسها كان عدد العاملين في شركات الإلكترونيات في اليابان حوالي 2 مليون عامل، وبلغ إجمالي مبيعات الشركات اليابانية حوالي 190 بليون دولار أمريكي. ومن الدول الرائدة في إنتاج المعدات الإلكترونية ]]كندا]] و]]ألمانيا]] وهولندا وسنغافورة وكوريا الجنوبية وتايوان والمملكة المتحدة.
لمحة تاريخية
تمتد جذور الإلكترونيات إلى الكشوف الكهربائية التي تحققت في القرون السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر. ومن الرجال الذين كان لهم السبق في هذه الكشوف وليم جلبرت William Gilbert ونيوتن Newton في القرن السادس عشر، وكولومب Coulomb وگلڤاني Galvani في القرن الثامن عشر، وأمبير Ampere وفارادي Faraday وأوم Ohm ومورس Morse وأديسون Adison وماركوني Marconi في القرن التاسع عشر، وغيرهم كثيرون.
أما أصل كلمة إلكترون فموغل في القدم، وقد اشتقت من التسمية اليونانية للكهرمان الذي لاحظ الإغريق أنه يجذب الأجسام الخفيفة عندما يدلك. وقد لاحظ أديسون في السنوات الأولى من القرن العشرين ظهور ألق أزرق اللون في المصباح الكهربائي تحت شروط معينة من الفراغ والجهد، وفسر ذلك بسريان الإلكترونات السالبة من الطرف السالب (المهبط) إلى الطرف الموجب (المصعد) لفتيل المصباح، وسمى أحد طلاب أديسون هذه الظاهرة بالإصدار الحراري thermionic emission. وتوصل الباحث البريطاني فليمنغ إلى فكرة استخدام أثر أديسون هذا في استقبال الموجات الراديوية. فجهز صماماً مفرغاً بلوحين معدنيين، وسخن القطب السالب منه إلى درجة التوهج بوساطة بطارية فانبعثت الإلكترونات متجهة إلى القطب الموجب (المصعد). وعندما وضع الصمّام في دارة مستقبل راديوي، أصبح المصعد موجباً وسالباً بالتناوب بحسب تغيرات الموجات الراديوية القادمة، فكانت الإلكترونات تنجذب إلى المصعد عندما يكون موجباً وتصدر عنه عندما يكون سالباً، وقد سمح ذلك للتيار بالمرور باتجاه واحد. لقد أنتجت عملية التقويم هذه، التي سميت «كشفاً» detection أو «كشف التعديل» demodulation تيار خرج مقوم من الممكن استعماله لتشغيل مستقبل هاتفي أو أي جهاز تسجيل آخر، ولكن هذه الإشارات كانت ضعيفة جداً. وفي عام 1907 حسّن دي فورست De Forest صمام فليمينگ تحسيناً جذرياً بإدخال قطب ثالث بين المهبط والمصعد، له شكل المشواة، سمي «الشبكة». وقد أتاحت هذه الشبكة للصمام إعطاء الطاقة من دون استهلاكها في الدخل، وأصبح بالإمكان استعمال هذا الصمام الثلاثي مضخماً للإشارات الكهربائية. ثم طوِّر الصّمام الثلاثي بإضافة أقطاب أخرى فنتجت الصمامات المتعددة الشبكات التي استعملت لاحقاً على نطاق واسع في أجهزة التضخيم والتحكم والإرسال والاستقبال. وقد لوحظ تطور كبير في البث اللاسلكي الراديوي منذ عام 1920 وفي الوقت نفسه حصل تطور رئيسي في الأجهزة الإلكترونية الأخرى فاخترع المهندس الأمريكي الجنسية الروسي الأصل [ڤلاديمير زڤوريكين]] Vladimir Zworykin الإيكونوسكوب» iconoscope وهو جهاز مبني على ظاهرة الأثر الكهرضوئي photoelectric effect أي إطلاق الإلكترونات من المعادن بفعل الضوء، الأمر الذي جعل مسح الصور وتحويلها إلى تيارات كهربائية ممكناً، وهذا هو أساس التلفزة.
خلال أواسط القرن التاسع عشر أجرى العلماء الاختبارات على أنابيب الغاز المفرغ، أي الأنابيب التي أزيل عنها جزء من الهواء، بحيث تبقى خليط رقيق من الغازات. وقد احتوت معظم هذه الأنابيب أخلاطًا من غازات مثل الهيدروجين والنيتروجين، عند ضغط منخفض. واكتشف العلماء أن التيار الكهربائي يمكن أن يمر عبر الغاز من قطب (طرف) فلزي إلى آخر. فعند توصيل بطارية إلى القطبين توهج الأنبوب بألوان براقة، فاعتقد العلماء أن الكاثود (القطب السالب) يطلق أشعة غير مرئية تنتج الألوان، وأطلقوا على الأشعة اسم الكاثود. وبإزالة مزيد من الغازات من الأنابيب، لإجراء التجارب، تحولت هذه الأنابيب إلى أنابيب مفرغة، سميت أيضًا الصمامات المفرغة.
وفي عام 1879 صنع العالم البريطاني السير وليم كروكس أنبوبًا لدراسة أشعة الكاثود، وكانت أنابيب كروكس أوائل أنابيب الصور التلفازية.
وفي عام 1895 اكتشف الفيزيائي الألماني ڤيلهلم رونتجن الأشعة السينية أثناء دراسته أشعة الكاثود في أنبوب كروكس. وبحلول نهاية القرن التاسع عشر كان الكثيرون من الأطباء يستخدمون صور الأشعة السينية لتشخيص الأمراض والجروح الداخلية.
وفي عام 1897 أثبت الفيزيائي البريطاني جوزيڤ طومسون أن أشعة الكاثود تتكون من جسيمات سالبة الشحنة، سميت فيما بعد الإلكترونات، وقاد هذا الاكتشاف إلى صنع النبائط الإلكترونية الأولى.
وفي أثناء أوائل القرن العشرين أنتج المهندسون الكهربائيون صمامات مفرغة بإمكانها كشف الإشارات الراديوية وتضخيمها وتوليدها. وفي عام 1907 سجل المخترع الأمريكي لي ديفورست براءة اختراع صمام مفرغ ثلاثي الأقطاب، وهو ما عرف باسم الثلاثي. وأصبح هذا الصمام عنصرًا أساسيًا في البث والاستقبال الإذاعي لقدرته على تضخيم الإشارات. وقد بدأ البث الإذاعي التجاري في عام 1920، ومعه ولدت صناعة الإلكترونيات.
عصر الصمام المفرغ
امتد هذا العصر بين عشرينيات وخمسينيات القرن العشرين. وخلال هذه الفترة جعلت معرفة الصمامات المفرغة اختراعات إلكترونية مثل الرادار والتلفاز والحاسوب، ممكنة.
وفي وقت مبكر، أي في عام 1875، بنى العالم الأمريكي ج. ر. كاري خلية كهروضوئية، وهي نبيطة تنتج تيارًا كهربائيًا عندما يسطع عليها الضوء. وقد كان اختراع كاري يعمل بنفس مبدأ آلة التصوير التلفازية، ولكنه لم يدخل حيز الاستخدام الفعلي حتى أوائل عشرينيات القرن العشرين. وفي عام 1923 صنع العالم الأمريكي الروسي المولد ڤلاديمير زوريكين أول صمام آلة تصوير تلفازية ناجح. وباستخدام صمام أشعة كاثود نموذجًا أنتج زوريكين أيضًا صمام صورة تلفازية عمليًا خلال عشرينيات القرن العشرين. وقد بدأ البث التلفازي التجريبي في أواخر عشرينيات القرن العشرين، ولكن البث الفعلي لم يبدأ على نطاق واسع إلا في أواخر أربعينيات القرن العشرين.
وفي عام 1921 اخترع المهندس الأمريكي ألبرت هل مذبذب صمام مفرغ سمي الماجنترون، وكان هذا المذبذب أول نبيطة تنتج الموجات الدقيقة بكفاءة. وقد أتاح الرادار، الذي طور بالتدريج خلال عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين، أول استخدام واسع النطاق للموجات الدقيقة.
وصل عصر الصمام المفرغ أوجه باكتمال صناعة أول حاسوب إلكتروني عام الأغراض في عام 1946. وقد صنع هذه الماكينة الضخمة، التي سميت الإنياك، مهندسان من جامعة بنسلفانيا بالولايات المتحدة، هما جي بربسبر إيكرت الابن وجون وليم موشلي. واحتوى الحاسوب على حوالي 18,000 صمام مفرغ، واحتل مساحة قدرها حوالي 170 مترًا مربعًا، وكان أسرع في عمله من أسرع الحواسيب الغير إلكترونية، التي كانت معروفة آنذاك، بألف مرة.
ثورة نبائط الحالة الصلبة
اخترع ثلاثة فيزيائيين أمريكيين هم جون باردين ووالتر براتين ووليم شوكلي الترانزستور في عام 1947. وقد أحدثت الترانزستورات ثورة في صناعة الإلكترونيات، بتقليلها أحجام الحواسيب والمعدات الأخرى إلى أحجام بالغة الصغر. واستخدمت الترانزستورات مضخمات في المعينات السمعية وأجهزة المذياع الجيبية الحجم في أوائل خمسينيات القرن العشرين. وبحلول ستينيات القرن العشرين كانت ثنائيات شبه الموصل والتزنزستورات قد حلت محل الصمامات المفرغة في الكثير من المعدات.
تطورت الدوائر المتكاملة عن تقنية الترانزستور عندما حاول العلماء بحث طرق بناء مزيد من الترانزستورات داخل الدائرة. وقد سجلت براءة اختراع أولى الدوائر المتكاملة عام 1959 باسم عالمين أمريكيين هما المهندس جاك كيلبي والفيزيائي روبرت نويس، واللذان عملا منفصلين. وأحدثت الدوائر المتكاملة ثورة في الإلكترونيات في ستينيات القرن العشرين تساوي الثورة التي أحدثتها الترانزستورات في الخمسينيات، واستخدمت في بادئ الأمر في المعدات العسكرية والمركبات الفضائية، وساعدت في إنجاز أولى الرحلات الفضائية المأهولة في ستينيات القرن العشرين.
وأنتجت أولى المعالجات الدقيقة في عام 1971 لاستخدامها في الحاسبات المكتبية. وبحلول أواسط سبعينيات القرن العشرين أصبحت المعالجات الدقيقة تستخدم في الحاسبات اليدوية وألعاب الفيديو وعدد متزايد من الأجهزة المنزلية. وبدأ أصحاب الأعمال والمصنعون استخدام المعالجات الدقيقة للتحكم في الأنواع المختلفة من الأجهزة المكتبية ومعدات المصانع وغيرها من النبائط.
أجهزة الطيران المبينة في الصورة هنا تحتوي على أجهزة استشعار إلكترونية وآلات تشغيل وحواسيب تقوم بتوليد حركات وصور تعطي الطيارين انطباعًا بطيران حقيقي وهم يجلسون في مقصورة على سطح الأرض.
الإلكترونيات اليوم. يوالي المهندسون والعلماء البحث لجعل الدوائر الإلكترونية أصغر وأسرع وأكثر تعقيدًا. وتشتمل التقنيات المتطورة على الموصلات الفائقة والفوتونيات.
والموصلات الفائقة مواد عديمة المقاومة لسريان التيار الكهربائي في درجات الحرارة المنخفضة. وتعمل نبائط الموصلات الفائقة بسرعة عالية، ولا تنتج عنها أي حرارة. ويجري العلماء الاختبارات على نبائط القطع والوصل الفائقة التوصيل للتحكم في الدوائر الحاسوبية.
والفوتونيات هو علم بناء الدوائر التي تستخدم الإشارات الفوتونية (الفوتونات حزم دقيقة من الطاقة الضوئية) عوضًا عن الإلكترونات، حيث تستخدم حزمًا من الفوتونات المنبضة لنقل البيانات والأوامر عبر ألياف بصرية. وتستطيع الدوائر الفوتونية حمل كميات ضخمة من المعلومات، ولا تنتج أي حرارة. ويبشر استخدام الألياف البصرية ذات القدرة الفائقة على حمل المعلومات بمولد عصر جديد في مجالات الترفيه المنزلي والاتصالات وتقنية الحواسيب.
أنبوب أشعة الكاثود يستخدم شعاعًا من الإلكترونات لكي يتتبع نموذجًا أو صورة على شاشة زجاجية. وأنبوب الصورة في جهاز تلفاز، (أعلاه) هو أنبوب أشعة كاثود.
وتشهد تقنيات العرض الإلكترونية أيضًا تغيرات سريعة. فالمصنعون الآن يحاولون تطوير ألواح عرض أكثر تسطحًا، لتحل محل أنابيب الأشعة الكاثودية الضخمة، المستخدمة الآن في التلفاز والعديد من شاشات الحواسيب.
ويستخدم تصميم أُنتج في عام 1993 آلاف الأنابيب الدقيقة جنبًا إلى جنب لتشكيل الصورة، حيث يقل عرض الشاشة عن 10 سنتيمترات. وتعتمد تقنية أخرى على ألواح عرض بلورية سائلية أكثر تسطحًا من ذلك، حيث يمكن تعليق هذه الشاشات الخفيفة الوزن، الموفرة للطاقة، على الجدار، مثل الصورة. واليوم تستخدم الحواسيب المحمولة، مثل حواسيب المفكرات، شاشات عرض بلوري سائلي مسطحة.
وفي أوائل تسعينيات القرن العشرين بدأ المصنعون استخدام نوع جديد من العارضات البلورية السائلية يسمى العارض البلوري السائلي ذا المصفوفة الفعالة في الحواسيب المحمولة وألعاب الفيديو والمنتجات الإلكترونية الأخرى. وفي هذا النوع من العارضات تتحكم آلاف الترانزستورات الموضوعة على السطح الداخلي للزجاج في الإشارات التي تنشط البلورة السائلة.
تطور صناعة الإلكترونيات
دخلت صناعة الإلكترونيات في الحرب العالمية الثانية مرحلة تطور رئيسة، فقد حرضت هذه الحرب علماء الدول المحاربة ومهندسيها على الابتكار والإبداع. ولم تكد الحرب تقترب من نهايتها حتى كانت هذه الدول ولاسيما بريطانية والولايات المتحدة قد أقامت منشآت صناعية ضخمة لإنتاج الأجهزة الإلكترونية. وقد وفر اختراع الترانزستور عام 1948 بديلاً صغيراً وسهل التركيب للصمام المفرغ أعطى دفعاً جديداً للصناعة الإلكترونية، وسهل تطور الحاسوب خاصة فاتحاً بذلك المجال لإمكانات جديدة في الأتمتة. ومع طرح الدارات الميكروية microcircuits أولاً، ثم الدارات المتكاملة integrated circuits في أوائل الستينات، فتحت الإلكترونيات آفاقاً جديدة في الفضاء والمخابر والصناعة.
وفي السبعينات من القرن العشرين وأوائل الثمانينات كانت الإلكترونيات واحدة من أكبر الصناعات في أمريكة، وكانت صناعة رئيسة في دول أخرى منها اليابان وألمانية الغربية وبريطانيا وروسيا. وفي نهاية عام 1990 احتلت هذه الصناعة مكانة رئيسة في الميزان التجاري بين دول كبرى مثل أمريكا واليابان، وقد تغدو هذه الصناعة قريباً الصناعة الكبرى في العالم أجمع.
أثر الإلكترونيات في تطور المعرفة والمجتمع
بدأ تطبيق الإلكترونيات في مجال الاتصالات البرقية في بداية القرن العشرين ثم ما لبث أن اتسع ليشمل الهاتف والإذاعة المسموعة (الراديو) ومن ثم الإذاعة المرئية (التلفزة). ودخلت الإلكترونيات المجال العسكري من الباب العريض في الحربين العالميتين الأولى والثانية على وجه الخصوص، وتلا ذلك دخول الإلكترونيات في تصنيع جميع الأدوات المنزلية والصناعية والتحكم في وظائف عملها بعد اختراع أنصاف النواقل. ومع دخول الدارات المتكاملة صَغُر حجم الأجهزة الإلكترونية وارتفعت كفايتها فأصبح بالإمكان، على سبيل المثال، صنع حاسوب الجيب وتصنيع تلفاز أو راديو في حجم ساعة اليد، وتصنيع الإنسان الآلي (الروبوت) القادر على الكلام وغير ذلك. وتدل التقديرات أنه سيمكن في مدد قريبة صنع حاسوب الجيب الفائق، والمسجل نصف الناقل أي الذي يعمل من دون أشرطة مغنطيسية إضافة إلى الكثير من التطبيقات التي لم تكن في الماضي القريب إلا حلماً.
1ـ حقبة الأنابيب أو الصمامات: كانت الإلكترونيات في بداية القرن العشرين تقتصر أساساً على البرق اللاسلكي wireless telegraphy للاتصال بين السفن والمحطات الموجودة على الشواطئ وكذلك بين بعض المجربين الهواة الذين لم يكونوا يتجاوزون أصابع اليد. ومع حلول عام 1910 نجح بعض الطليعيين في هذا المجال، ومنهم دي فورست، في إخراج الهاتف اللاسلكي radio-telegraphy إلى حيز الوجود، كما أدى اختراعه الصمّام الثلاثي إلى تسريع تطوير الهاتف اللاسلكي، كذلك خضع البرق والهاتف اللاسلكيين لتحسين أكبر من ذي قبل، استجابة لطلب القوات المسلحة في الحرب العالمية الأولى.
ومع حلول عام 1920 كانت الاتصالات اللاسلكية متوافرة على نطاق واسع في دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبينها وبين الدول الأخرى عبر البحار، وكانت هذه الاتصالات تستعمل خاصة في الخدمات الملاحية البحرية. كما كان بعض المجربين يمارسونها هواية.
أ ـ البث الإذاعي: بدأ البث الإذاعي يربط الناس بالإلكترونيات منذ أوائل العشرينات من القرن العشرين، ففي ذلك الوقت بدأ فرانك كونراد Frank Conrad، الذي كان يعمل في شركة ويستينجهاوس الأمريكية، ببث الأخبار وموسيقى الحاكي phonograph عن طريق إذاعة تعمل بالتعديل المطالي AM في مدينة بتسبورگ Pitsburg في ولاية بنسلفانية الأمريكية، وقد استمع إلى هذه الإذاعة هواة قليلون عن طريق أجهزة استقبال (راديو) مصنوعة يدوياً. وكانت تلك أول محطة إرسال KDKA وبداية متواضعة لصناعة البث الراديوي. وفي عام 1935 ظهر مصدر ثانٍ للإذاعة باختراع التعديل الترددي FM على يد المخترع إدوين أرمسترون Edwin H.Armstrong.
وكانت برامج التسلية والمعلومات والبرامج التعليمية هي المواد الإذاعية السائدة في حقبة الثلاثينات، واستمر ذلك حتى الأربعينات حين بدأت التلفزة تنافس الإذاعة منذ عام 1947.
ب ـ الراشدات: في عام 1912، حصلت شركة ماركوني Marconi على براءة اختراع لجهاز الإرشاد (معيّن الاتجاه) direction finder الذي اصطلح على تسميته (الراشدة) وهو جهاز يحدد اتجاه محطة إرسال بعيدة. وبحلول عام 1918 كانت الراشدات قد دخلت الخدمة في الملاحة البحرية، ثم أصبحت تقدم مساعدة قيمة للملاحة الجوية منذ أوائل الثلاثينات إضافة إلى استعمالاتها العسكرية المختلفة.
جـ ـ الرادار: يعتمد الرادار على ارتداد الموجات اللاسلكية عن الأجسام (الأهداف) التي تصطدم بها مثل السفن والطائرات. وتم التوصل إلى صنع الرادار بالملاحظة، والاستفادة من الأصداء الراديوية من قبل روبرت واطسون وات (1892-1973)Robert Watson Watt وآخرين في الثلاثينات والأربعينات من القرن العشرين، ومن التجارب المكثفة على الإرسال النبضي في المدة بين 1936 و1940. وقد دخلت أجهزة الرادار مرحلة التصنيع بالجملة في بريطانية والولايات المتحدة عام 1941. وكان لها شأن مهم في الحرب العالمية الثانية إذ كانت تقنية فعالة للغاية في الملاحة والكشف والمراقبة والتحكم في نيران المدفعية المضادة للطائرات. وفي نهاية تلك الحرب، كان الرادار جاهزاً لأداء الكثير من المهمات السلمية مثل تقديم الخدمات الملاحية للسفن والطائرات والتحكم في حركة مرور الطائرات في الجو والمركبات في البر. والأكثر أهمية من ذلك هو أن تطوير دارات الرادار في زمن الحرب وتحسينها فتحا المجال كاملاً للتقنيات النبضية والمرئية والاتصالات الميكروية التي جعلت التلفاز في خاتمة المطاف قابلاً للتصنيع.
د ـ ظهور التلفاز: خرج التلفاز من المخبر في منتصف العشرينات من القرن العشرين بعد سنوات طويلة من العمل. وكان جون بيرد John Bird وآخرون يختبرون أجهزة إرسال واستقبال تلفازية بدائية تعتمد على أقراص نيبكو Nipkow الماسحة الكهرميكانيكية. وفي عام 1927 تم عرض نظام تلفازي من هذا النوع بنجاح من محطة نيويورك للبث الإذاعي. وفي العام التالي 1928، تم التوصل في إنكلترة إلى محطة بث بعيدة المدى تغطي منطقة واسعة، ولكن الرغبة المستمرة في التخلص من أقراص نيبكو الكهرميكانيكية الضخمة وجعل التلفاز إلكترونياً بالكامل دفع كثيراً من المجربين مثل ڤلاديمير زڤوريكين ودي فورست وآخرين إلى تجريب أنابيب الأشعة المهبطية في كل من المرسل والمستقبل. وعرضت شركة أمريكا للراديو RCA في معرض نيويورك الدولي عام 1939 تلفازاً يعمل على أنبوب الأشعة المهبطية، شبيهاً بتلفازات اليوم. لكن العمل المكثف لتطوير الرادار الذي أنجز في الحرب العالمية الثانية هو الذي جعل هذا النوع من التلفازات ملائماً للاستعمال المنزلي. ولم يمض على انتهاء هذه الحرب أكثر من سنتين حتى غدت أجهزة الاستقبال التلفازي متوافرة للناس كافة وغدت محطات التلفزة تبث برامجها على الهواء. وكان من نتائج دمج الصوت في الصورة بالأسود والأبيض إزاحة البث الإذاعي AM إلى المكان الثاني بين وسائل الترفيه، كما خفض كثيراً عدد مرتادي المسارح والسينما.
2ـ حقبة الترانزستور والدارات المتكاملة: بقي الصمام المفرغ من الهواء أساس الإلكترونيات بلا منازع أكثر من أربعين عاماً. لكن تطوير ثنائيات أنصاف النواقل في زمن الحرب، أدى في عام 1948 إلى اختراع الترانزستور من قبل جون باردين John Bardeen ووالتر براتين Walter Brattain ووليم شوكلي William Shockly. والترانزستور نصف ناقل ثلاثي الأقطاب صغير الحجم خفيف الوزن ويتطلب طاقة قليلة ولا يحتاج إلى تحمية، وقد تفوق الترانزستور بهذه المعايير على الصمام المفرغ لبساطته وكفايته وتحمله للصدمات وحياته غير المحدودة. وقد حل هذا العنصر محل الصمام تماماً في أكثر التطبيقات الإلكترونية وكان منافساً خطيراً له في تطبيقات أخرى. وفي السبعينات من القرن العشرين توافرت أجهزة استقبال رخيصة الثمن بحجوم صغيرة جداً، كما أدخل الترانزستور في هذه الحقبة (السبعينات) على أجهزة التلفزة جزئياً لتصغير حجمها فغدت سهلة النقل وتعمل «بالبطارية»، ثم ظهرت التلفازات الملونة التي استعملت الترانزستور وداراته استعمالاً كاملاً.
وكانت الترانزستورات التي تستعمل لتضخيم الإشارات الصوتية ذات استطاعة منخفضة أول الأمر، وكان عملها مرضياً في مضخمات الستيريو وغيرها. ولم تلبث الترانزستورات ذات القدرة (الاستطاعة) العالية أن توافرت تجارياً منذ عام 1952 وأصبحت أنظمة الصوت تعمل بالترانزستور فقط.
كذلك أدت الترانزستورات في هذه الحقبة إلى تقليص حجم الحاسوب الرقمي الكبير تقليصاً مثيراً للدهشة. فبعد أن كان الحاسوب جهازاً ضخماً جداً ويحتل قاعة فسيحة ويحتوي مئات الصمامات والثنائيات المفرغة وينتج كمية كبيرة جداً من الحرارة، غدا الحاسوب المكتبي في حجم آلة كاتبة سهلة النقل تحتوي أكثر من 500 ترانزستور وأكثر من 1000 ثنائي نصف ناقل.
وقد استعمل الترانزستور استعمالاً واسعاً في المركبات الفضائية وفي الرادارات والساعات الإلكترونية، وضوابط نبضات القلب، والأجهزة المساعدة للسمع وأجهزة الإشعال في السيارات والمركبات.
ومع ظهور الدارات المتكاملة المتوسطة التجميع MSI والعالية التجميع LSI، تسارع تطور الأجهزة الإلكترونية واتسعت مجالات استعمالها حتى بلغت مبيعات الصناعة الإلكترونية في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها 25 مليار دولار في عام 1970.
وفيما يلي بعض المنتجات الإلكترونية التي ظهرت منذ السبعينات من القرن العشرين:
أـ المنتجات الاستهلاكية: وتشمل أجهزة الإنذار من السرقة والمكيفات والأدوات المطبخية المتحكم فيها بدقة، والأفران الميكروية، وأجهزة تعقيم الطعام، والأجهزة الذاتية الحركة، والمعتمات الإلكترونية dimmers وأجهزة الاتصال الداخلية والميقاتيات وغيرها.
ب ـ المنتجات التجارية والصناعية: وتشمل الحاسبات، والحواسيب، ومعالجات المعطيات، وأجهزة التحكم في المكنات، وأجهزة النسخ، ومعالجات المواد الأولية، وأجهزة القياس والاختبار، وأجهزة الأمان ومنظومات الجدولة وغيرها.
جـ ـ المنتجات العسكرية: ومنها الرادار، والمناظير الكاشفة، ومنظومات التحكم وقيادة النيران، ومنظومات الصواريخ الموجهة، وأجهزة الكشف تحت المياه (السونار sonar)، وأجهزة تصنيع القذائف الصاروخية وغيرها.
د ـ منتجات البحث العلمي: ومنها أجهزة القياس والاختبار والأجهزة النووية ومعالجات المعطيات ومسجلاتها والحاسبات والحواسيب ومولدات الإشارة وغيرها.
هـ ـ منتجات الإلكترونيات الطبية: ومنها أجهزة التشخيص مثل أجهزة أشعة X وأجهزة التصوير والتخطيط القلبيين الإلكترونيين والراسمات العضلية وأجهزة التصوير الطبقي المحوري الإلكترونية والمرنان المغنطيسي، وأجهزة المعالجة الفيزيائية والطب النووي، وأجهزة الموجات فوق الصوتية، وضوابط نبضات القلب، وأجهزة الصدم الكهربائي، ومساعدات السمع، والأجهزة المساعدة مثل الدارات التلفازية المغلقة في المستشفيات وغيرها.
3 ـ أثر الدارات المتكاملة العالية التجميع جداً: عندما استعملت الدارات المتكاملة العالية التجميع جداً VLSI أي التي تجمع أكثر من دارة متكاملة عالية التجميع LSI في دارة متكاملة واحدة، أخذ حجم الأجهزة الإلكترونية يزداد صغراً، وارتفعت كفايتها واتسعت إمكاناتها وظهرت أجهزة كثيرة، لم تكن ممكنة التحقيق، من تقنيات الدارات العالية التجميع فقد كانت أصغر منظومة حاسوبية مثلاً هي الحاسب الصغير minicomputer، وكانت ذاكرته من نوع RAM من المرتبة 64 كيلو بايت فقط، وبعد استعمال تقنية الدارات المتكاملة العالية التجميع جداً ظهرت الحواسيب الشخصية في أوائل الثمانينات وأصبحت ذاكرتها من مرتبة 640 كيلو بايت على الأقل، وتابعت الأجهزة الإلكترونية الأخرى تطورها على هذا النحو، وفيما يلي بعض منها:
أ ـ الحواسيب الرقمية: كان من نتائج استعمال الدارات المتكاملة العالية التجميع جداً ظهور الحواسيب الشخصية ذات الإمكانات الجيدة بذاكرتها الكبيرة وسرعة عملها وأسعارها المعتدلة، فكثر استعمالها في مختلف الدوائر والجامعات والمدارس في الدول المتطورة ثم عمت المكاتب والشركات والمعامل ووسائل النقل وغيرها. وأصبحت جميع الأعمال تدار بمساعدة الحواسيب الشخصية، وظهر ما يسمى «أتمتة المكاتب» office automation التي تشمل أعمالاً إدارية وحسابية مثل حفظ البيانات والمعطيات وترتيبها وتنسيقها وإدارة الأعمال بمساعدة الحاسوب ليمكن تحديث المعطيات واستدعاؤها وقراءتها وطباعتها بسرعة عالية جداً. إضافة إلى استقبال المعلومات وإرسالها إلى أي مكان في العالم، حتى غدا إدخال الحواسيب في نظم التعليم في المدارس والجامعات أمراً ملحاً وإلزامياً.
ومن أهم المزايا الأساسية التي يحققها تخزين المعلومات ومعالجتها بالحاسوب الحجمُ الصغير اللازم للتخزين، إذ يمكن لقرص ضوئي واحد أن يخزن أسماء سكان سورية جميعهم مع عناوينهم.
كذلك مكنت تقنية الدارات المتكاملة العالية التجميع جداً من صنع حواسيب الجيب بإمكانات متواضعة في البداية، وتوجد اليوم حواسيب جيب تسع ذاكرتها RAM 32 كيلو بايت ويمكن أن تستخدم معها بطاقات RAM إضافية سعة الواحدة 64 كيلو بايت وأقراص مرنة (قياس 3.5 إنش) سعة تخزين كل منها 320 كيلو بايت، كما يمكن وصل حاسوب الجيب هذا مع طابعة، وبرمجته بلغات كثيرة معروفة مثل لغة بيزيك basic وبرولوگ prolog. وفي نطاق الحواسيب العملاقة، ظهرت حواسيب تعمل بتردد واحد جيجا هيرتز، ويمكنها أن تنجز عملية منطقية في جزء واحد من ألف مليون جزء من الثانية.
وكان لانتشار الحواسيب الواسع هذا واستعمالاتها آثارهما في المجتمع. فبرزت الحاجة إلى المبرمجين والفنيين وأدى ذلك إلى ضرورة تعليم معظم الناس البرمجة. وقد أظهرت دراسة في اليابان أن اليابانيين جميعهم يجب أن يكونوا قادرين على البرمجة في عام 2000.
ب ـ الآلات الحاسبة الصغيرة: بعد أن ظهرت الآلات الحاسبة الصغيرة التي تعمل بالمصابيح المتوهجة في منتصف السبعينات من القرن العشرين تلتها الحاسبات الصغيرة المزودة بلوحات الإظهار التي تعمل بالكريستال السائل LCD، وهذه تستهلك من الطاقة قدراً أقل بكثير من غيرها، وتُمكِّن من صنع أحجام أصغر بكثير. وقد أتاحت لوحات الإظهار هذه، مع الإمكانات التي قدمتها الدارات المتكاملة العالية التجميع جداً في بداية الثمانينات من القرن العشرين من صنع ساعات اليد التي تحتوي آلات حاسبة وساعات اليد التي تحتوي على جهاز الراديو. وتلا ذلك في عام 1983ظهور ساعة اليد التي تحتوي (مستقبلاً تلفازياً بشاشة إظهار من نوع LCD من تصنيع شركة يابانية).
وعلى هذا الصعيد أيضاً انخفض حجم الحاسبات الصغيرة كثيراً فأصبحت بمساحة البطاقة الشخصية الصغيرة، وتعمل بالطاقة الضوئية وحتى بضوء الشمعة. كما ظهرت حاسبات جيب متخصصة كثيرة منها الحاسبة المالية التي تحتوي برامج جاهزة لحل جميع المسائل المالية، والحاسبة الرياضية التي تحتوي برامج لحل العشرات من المعادلات الرياضية المعقدة. وعلى الصعيد نفسه ظهرت مفكرة الجيب الرقمية التي يشغلها حاسوب صغير، وتستطيع تسجيل مئات أسماء الأشخاص وعناوينهم وأرقام هواتفهم، واستدعاء أي من هذه المعلومات عند الحاجة. كما يمكن أن يخزن في مثل هذه المفكرات المواعيد المهمة لتذكر حاملها بحلول الموعد، إضافة إلى مزايا أخرى كثيرة. ويحتوي مثل هذه المفكرات كلمة سر تمنع الآخرين من الوصول إلى المعلومات الشخصية الموجودة فيها. ويمكن وصل هذه المفكرة بطابعة قلمية تستطيع طبع اسم الشخص وعنوانه على مغلف الرسالة.
كما ظهرت مفكرات تستطيع طلب رقم الهاتف آلياً بلمسة واحدة بعد اختيار الرقم المرغوب فيه.
جـ ـ الأقراص المدمجة: ظهرت الأقراص المدمجة compact disc (CD) التي تقرأ بالليزر في مجال الصوت العالي النقاوة ولا تتغير مواصفاتها مع الزمن إذا لم تتعرض لصدمات أو سوء استعمال إذ لا يوجد تماس مباشر بين الجهاز القارئ والقرص. وإضافة إلى ذلك، فإن هذه الأقراص توفر تسهيلات كبيرة في الاستعمال، إذ يمكن الانتقال من مقطع إلى آخر في أي مكان من القرص آنياً تقريباً بحسب رغبة المستمع. وقد استعملت هذه الأقراص نفسها في بعض أجهزة الفيديو وهي توفر صوراً عالية الجودة، كما تستعمل اليوم لتخزين برامج أو معلومات كثيرة جداً في حجم صغير، واسترجاعها في الحاسوب.
د ـ الشريط الصوتي الرقمي: ظهر ما يسمى الشريط الصوتي الرقمي digital audio tape (DAT) في مجال أشرطة التسجيل الممغنطة (الكاسيت) ويمتاز هذا الشريط من غيره بسعته الكبيرة ونسبة الإشارة العالية إلى الضجيج والمجال الدينامي الكبير جداً بالموازنة بينه وبين أشرطة «الكاسيت» العادية. وقد أحدث إعلان اليابانيين ظهور هذا الشريط ضجة في الأسواق الأوربية لأنه تهديد لصناعة الصوتيات «الكلاسيكية» فيها، ولقي معارضة كبيرة جداً. ومع ذلك فإن هذا النوع من الأشرطة لم يصبح شائعاً إلى اليوم لارتفاع ثمنه.
هـ ـ جهاز التسجيل المرئي (الفيديو): ظهرت في هذا المجال أجهزة الفيديو المنزلية الصغيرة الحجم وهي تعمل بالأنظمة العالمية الأساسية كافة: PAL وSECAM وNTSC والفرعية التي تبلغ 16 نظاماً، بكفاية عالية. ودخلت تقنية الإلكترونيات الرقمية في وظائف التحكم في هذه الأجهزة، فهي تتحكم بسرعة العرض بمرونة كبيرة، وتُمكِّن من استعمال كلمة سر لحماية التسجيلات الخاصة، وتتحكم في عمل الجهاز عن طريق «مؤقت» لسنوات كثيرة، كما تتدخل في معالجة الصورة رقمياً فتحول الصورة في مدخل الفيديو إلى صورة رقمية ومن ثم تتعامل معها بمرونة أكبر مما في غيرها، إذ يمكن إظهار الصورة ثابتة أو بطيئة الحركة من دون ضجيج، ولم يكن ذلك ممكناً في أجهزة الفيديو العادية. كما مكنت تقنية الصور الرقمية من إظهار عدة صور على الشاشة نفسها في آن واحد أو إظهار صورة من التلفاز وصورة من الفيديو في آن واحد على شاشة التلفاز. واستخدمت تقنيات معالجة الصورة الرقمية في تحسين الألوان وتحسين نوعية الصورة إضافة إلى الكثير من المزايا الأخرى. وقد تجهز بعض المجموعات بدارات تُمكِّنها من الاستقبال من السواتل (الأقمار الصناعية) إذا زودت بالهوائي المناسب، كما تُمكِّن من إجراء المكالمات الهاتفية باستعمال هاتف لاسلكي مصمم ليعمل معها عن بعد.
و ـ التلفاز العالي الدقة: في أواخر الثمانينات من القرن العشرين أنهت اليابان تجارب صنع النماذج الأولية للتلفاز العالي الدقة high definition television (HDTV) الذي له مواصفات أعلى بكثير من التلفاز العادي. ولهذه المنظومة أهمية كبيرة في تطبيقات منظومات الشاشات الكبيرة.
زـ الشاشات العملاقة: وهي شاشات تلفازية ضخمة تغطي جانب شاحنة أو حائط بناية أو لوحة كبيرة في الملاعب والساحات العامة والحدائق وتستعمل لعرض البرامج التلفازية العامة والاحتفالات والإعلانات المعدة للدعاية.
حـ ـ الكاميرات ذاتية التعديل البؤري: دخلت الإلكترونيات مجال صناعة آلات التصوير الضوئي، فغدت الكاميرات الحديثة ذاتية التعديل البؤري autofocus. إذ تتحسس الدارات الإلكترونية في الكاميرا المنظر المراد تصويره وتضبط سرعة المغلاق وفتحة العدسة تلقائياً للحصول على أفضل صورة، كما يمكنها طبع تاريخ التصوير على الصورة نفسها من ساعة إلكترونية موجودة في الكاميرا. وفي أواخر الثمانينات 1989 ظهرت كاميرات التصوير الصغيرة القابلة للتحكم عن بعد في جهاز تحكم صغير.
ط ـ كاميرات الأقراص المرنة: في أواخر عام 1991 طرحت في الأسواق كاميرات التصوير ذات الأقراص المرنة floppy discs، وهذه الكاميرات صغيرة الحجم ولا تحتوي على أفلام تصوير ضوئية وإنما تحتوي على قرص ذاكرة مرن يتسع لـ 50 صورة تخزن إلكترونياً، وتستطيع الكاميرا تصوير خمس صور في ثانية واحدة. ويمكن للمصور أن يمحو الصورة إذا لم تعجبه بعد التقاطها ويصور أخرى محلها. ويمكن ربط هذه الكاميرا مباشرة إلى مدخل التلفاز ليرى صاحب الكاميرا صوره على شاشته. ويبين الشكل 4 إحدى هذه الكاميرات ذات الأقراص المرنة.
ي ـ معالج الصور المرئية الثابتة: على الصعيد نفسه ظهر معالج الصور المرئية الثابتة still video processor الذي يستطيع تسجيل صور مأخوذة من مخرج جهاز فيديو أو تلفاز، ويعرضها على شاشة التلفاز ويعالجها فيمكن إظهار 4 أو 9 أو 16 أو 49 صورة في آن واحد على الشاشة الواحدة. كما يستطيع عكس الصورة و«تزويمها» أي تقريبها أو إبعادها إلكترونياً، إضافة إلى وظائف معالجة أخرى كثيرة.
ك ـ الأجهزة المنزلية: ساعد إدخال الإلكترونيات ولاسيما الدارات المتكاملة العالية التجميع في تطوير الأجهزة المنزلية المختلفة فزادت كفايتها وصغر حجمها وتنوعت وظائفها. ففي الثمانينات من القرن العشرين بدأ تزويد الأجهزة الكهربائية والإلكترونية بأجهزة التحكم عن بعد التي تعمل بالأشعة تحت الحمراء، فزودت بها أجهزة الستيريو والتلفاز والفيديو وتعدى ذلك إلى الأجهزة الكهربائية كالمكيفات والمراوح ويتم التحكم فيها من جهاز تحكم يرسل الأوامر بالأشعة تحت الحمراء فيستقبلها الجهاز الكهربائي المعني بمستقبل خاص ويترجمها حاسوب صغير موجود في داخله وينفذ الأمر بحسب رغبة المستثمر.
ل ـ التحكم الآلي والروبوت: دخلت الحواسيب أجهزة التحكم في المركبات وأصبحت تتحكم في الكثير من وظائفها وتزيد في كفايتها، كما دخل الروبوت robot الذي يقوم مقام الإنسان في خطوط الإنتاج في الكثير من المصانع، حتى إن بعض مصانع السيارات تعمل عملاً مؤتمتاً مئة بالمئة، ما خلا بضعة فنيين يعملون للمراقبة فقط.
ومن الطريف في هذا المجال استعمال الروبوت في بعض المطاعم ليقوم بإيصال الوجبات إلى الزبائن وخدمتهم من دون الحاجة إلى عامل الخدمة في المطعم.
م ـ مجال الاتصالات: تعد أجهزة «الفاكس» facsimile التي تمكِّن من إرسال الرسائل على خطوط الهاتف واستقبالها آنياً ابتكاراً متقدماً في مجال الاتصال، ويحتوي جهاز الفاكس على وحدة لقراءة الرسالة وتحويلها إلى إشارات إلكترونية ترسل عبر خط الهاتف فتستقبلها طابعة تطبع الرسالة المستقبلة.
وفي مجال الاستقبال اللاسلكي، ظهرت في أواخر الثمانينات من القرن العشرين تجهيزات رخيصة الثمن نسبياً يمكن ربطها بأجهزة التلفاز أو الفيديو المنزلية لاستقبال البث الذي تبثه محطات من أنحاء العالم عن طريق السواتل. كما ظهرت أيضاً الكبلات التلفازية التي توفر للمشاهد إمكانية مشاهدة عشرات القنوات التلفازية، وهي تقدم له مختلف الخدمات وترضي كل ذوق في مقابل اشتراك شهري فكل قناة مخصصة لموضوع معين تبث معطياته على مدى 24 ساعة.
ن ـ آلات التصوير الناسخة: لقد ظهرت آلات تصوير ناسخة حديثة photocopy machines تعطي صوراً غاية في الدقة وتضمن وظائف كثيرة مثل تكبير الصورة وتصغيرها، كما ظهرت آلات من هذا النوع قادرة على التصوير بالألوان. وعلى هذا الصعيد ظهرت آلات التصوير الصغيرة التي يمكن أن تنقل باليد أو توضع في الجيب. وآلة الجيب، يكفي إمرارها على الورقة المراد تصويرها ثم إمرارها ثانية على ورقة بيضاء لتعطي الصورة المطلوبة. كما ظهرت طابعات بحجم قلم كبير يمكن أن تستعمل للنسخ وللطباعة. ومن أجل الطباعة يمكن ربطها بالآلة الحاسبة الصغيرة (أو المفكرة الرقمية) لتمكّن من طباعة المعلومات المطلوبة.
س ـ مجال الجاسوسية الإلكترونية: وهو يشمل الميكروفون الجاسوس وميكروفون الخرسانة:
ـ الميكروفون الجاسوس: على صعيد استراق السمع صنعت ميكروفونات للتنصت لا تتجاوز مساحتها سنتيمتراً مربعاً واحداً (أصغر من زر السِّترة)، وتستطيع التقاط الكلام ضمن دائرة يتجاوز قطرها 15 متراً، وإرساله إلى مناطق تبعد مئات الأمتار حيث يمكن تسجيله آلياً بوساطة أجهزة مستقبلة متوافقة معها. ويعرف هذا النوع من الميكروفونات بالميكروفون الجاسوس spy microphone.
ـ ميكروفون الخرسانة: هو ميكروفون صغير يلصق بالجدار ويقدر على التقاط الأحاديث التي تدور داخل البناء ولو كانت سماكة جدرانه 40 سم، ويبث هذه الأحاديث إلى جهاز استقبال متوافق يسجل ما يجري. وقد صنعت مئات النماذج من هذه العناصر بأشكال مختلفة لا تلفت النظر كأن تكون كمأخذ كهربائي أو قلم حبر أو آلة حاسبة أو غير ذلك. كما أن هناك أنماطاً أخرى من هذه العناصر تستطيع اقتباس الأحاديث من جهاز الهاتف وبثها، وهي ذات أشكال مختلفة كأن تكون على هيئة فاصمة كهربائية أو غيرها ويبين الشكل 7 قابساً جاسوساً بشكل فاصمة توضع ضمن جهاز الهاتف. وقد كان لليابانيين دائماً قصب السبق في هذا المجال. وطبيعي أن يقوم المصنعون أنفسهم بتصنيع أجهزة تكشف أماكن وجود عناصر استراق السمع وتعمل على مبدأ الراشدات، ولكن تكلفة جهاز الكشف تبلغ مئة ضعف قيمة الميكروفون الجاسوس. ولهذه الأجهزة مساوئ كثيرة إذا أسيء استعمالها في كشف أسرار الناس من قبل الفضوليين. وثمة عدة شركات يابانية تصنع عناصر من هذا النوع.
عصر حواسيب الجيل الخامس
إن أي مقالة تتعرض للتطبيقات الإلكترونية ستكون ناقصة إذا لم تأت على ذكر الجيل الخامس.
تصنف الحواسيب الإلكترونية الرقمية عادة في أربعة أجيال، هي جيل الصمامات وجيل الترانزستورات وجيل الدارات المتكاملة العالية التجميع LSI وجيل الدارات العالية التجميع جداً VLSI، وثمة جيل خامس لا تأتي تسميته من تقنية الإلكترونيات المستعملة فيه وإنما من آلية عمله. إنه الحاسوب الاستدلالي inference computer، القادر على التفاهم مع الإنسان بيسر.
لقد طرحت اليابان فكرة هذا الجيل عام 1978، وبعد بحث استمر أكثر من عامين قررت اليابان المضي في هذا المشروع منذ عام 1982 وقدر له أن ينتهي عام 1992. وهذا المشروع ضخم جداً وقد أثار طرحه قلقاً في أوربا وأمريكا وردود فعل كثيرة ويعد حاسوب الجيل الخامس حاسوب التسعينات من القرن العشرين، فهو حاسوب مجتمع المعلومات information society. والمتفوق في مجال صناعة أجهزة المعلومات سيسيطر على السوق في بداية القرن الواحد والعشرين. ولقد نشَّط هذا المشروع البحث في موضوعات الذكاء الصنعي artificial intelligence وفروعه مثل الرؤية بمساعدة الحاسوب computer vision وتعرّف الأشكال pattern recognition، والنظم الخبيرة expert systems، وغيرها. ذلك لأن حاسوب الجيل الخامس يستطيع الاتصال بالمستثمر بالصوت والصورة إضافة إلى لوحات المفاتيح. ومن مفرزات هذا المشروع الكثير من الأجهزة التي ظهرت مؤخراً مثل:
أ ـ الروبوت القادر على السمع والكلام: لقد عرض عام 1989 في معرض ناغويا الدولي للتصميم في اليابان روبوت طليق الحركة في إحدى ساحات المعرض، وهو يستطيع فهم الكثير من الأسئلة غير المعقدة مثل ما اسمك؟ ماذا تحب؟ والإجابة عنها. كما أُنتج مؤخراً روبوتات ذات إمكانات أكبر من ذلك.
ب ـ الحاسوب المتكلم المترجم: أنتجت شركة يابانية أول جهاز مخبري يستطيع الترجمة من لغة إلى أخرى باستعمال الكلام المسموع. ثم تبعتها شركات عالمية أخرى في هذا المجال.
ويمكن استعمال هذا الجهاز في المشافي ولأغراض السياحة، فيترجم العبارة التي يلفظها المريض أو السائح بلغة بلده إلى لغة البلد الأجنبي الذي فيه فيسهل التعامل بين الناس.
جـ ـ مترجم السَّفَر: وهو آلة توضع في الجيب يمكنها الترجمة بين لغات متعددة ولها شكل الآلات الحاسبة. ولكن الترجمة في هذه الحالة تظهر مكتوبة على شاشة الآلة الصغيرة بعد إدخال العبارة المراد ترجمتها عن طريق المفاتيح واختيار اللغة المراد الترجمة منها واللغة المراد الترجمة إليها. ومترجم سفر صغير الحجم ويستطيع الترجمة إلى ثلاث لغات ويحفظ 2700 كلمة و900 جملة.
د ـ آلات قراءة النصوص المكتوبة: وهي آلات تسير بالحاسوب عن طريق برامج خاصة تستطيع تعرف النصوص المطبوعة وقراءتها تلقائياً وتسمى هذه العملية تعرف الأحرف والأرقام character recognition.
هـ ـ الدليل السياحي: زود بعض نماذج السيارات بأجهزة تقوم بإرشاد سائق السيارة إلى الطريق الذي يجب أن يسلكه للوصول إلى المكان الذي يقصده. وهذا الجهاز هو حاسوب يخزن في ذاكرته خريطة المدينة (أو عدة مدن) وعلى السائق أن يحدد المدينة والحي والمكان الذي يقصده ليدله الحاسوب على أقصر طريق ويريه إياه على الشاشة.
و ـ آلات التوثيق الأتماتية: وهي آلات تمكن المرضى والمراجعين في المستشفيات والمؤسسات المصرفية والمزودين ببطاقات شخصية خاصة من حجز أدوارهم أتماتياً من دون المرور على مكتب الاستعلامات أو الحجز. وتقوم الآلة بحفظ سجل كامل بتاريخ زيارات المراجع. وتخفف هذه الآلات الكثير من عناء المراجعين في المؤسسات الضخمة. ويستخدم هذا النظام فعلياً في مشفى جامعة ناگويا اليابانية منذ أواخر الثمانينات من القرن العشرين.
ملاحظات ختامية
لقد أشير إلى أمثلة كثيرة عن التقنيات الإلكترونية المتطورة، وقد أظهرت حرب الخليج مدى التطور الذي طرأ على الأسلحة الحديثة المتناهية الدقة في إصابة الهدف باستخدام التوجيه الليزري كما أظهرت صواريخ «كروز» الأمريكية مدى التطور في التعامل مع الصورة بوساطة الحاسوب. وكانت تلك الحرب تدار من أمريكا عن طريق السواتل التي توفر الاتصال بين مقرات القيادة في أمريكا والعناصر المنفذة في منطقة الخليج وتزودها بالمعلومات اللازمة آنياً تقريباً. ومن مظاهر التطور الإلكتروني التي استخدمت في تلك الحرب جهاز بحجم اللاسلكي الصغير ومزود بساعة، يمكن للمحارب بوساطته أن يرسل رمزاً إلى مقسم القيادة العام في أمريكة فيحدد الحاسوب المركزي هناك مكان وجوده ويُرسل إليه صورة للمنطقة المحيطة به ضمن دائرة نصف قطرها ثلاثة كيلومترات. وكل هذا يتم عن طريق السواتل التي تقدر على تصوير تفاصيل الأرض بدقة كبيرة.
لقد تركت صناعة الإلكترونيات آثارها على مظاهر الحياة فوفرت الرفاهية ويسرت أمور الحياة وأثرت في نفسية البشر في الدول المتطورة. كما أثرت في العلاقات الدولية أيضاً. فصارت الدول تخطب ود دولة ما من أجل الحصول على تقنياتها الإلكترونية المتطورة، وسيستمر تطور صناعة الإلكترونيات ومنتجاتها مع تطور البحث العلمي ومع السعي لحل المسائل المعقدة التي لم يكن بالإمكان حلها قبل ظهور الحواسيب. وستعزز نتائج البحوث تطور الصناعة وتزيد في إمكاناتها مع أن وتيرة التطور التقني لم تكن ذات سرعة ثابتة بل كانت متسارعة. ولو افترضنا جدلاً أن التقدم التقني تباطأ أو توقف، فإن الصناعة لن تعدم الوسيلة، في سبيل المحافظة على معدل مبيعاتها، لإنتاج تصاميم جديدة أفضل ولو كانت سوية التقنية المستعملة هي نفسها إذ يلاحظ دائماً أنه يطرح كل عام طراز جديد لجهاز ما بمميزات أفضل ليبقى الطلب على شراء هذه الأجهزة قائماً. ولم يكن مشروع الجيل الخامس إلا نموذجاً للتنافس التقني للسيطرة على السوق العالمية، بغض النظر عن الهدف الذي طرح هذا المشروع من أجله، وقد وضع العالم أمام منافسة قسرية في البحث والتطوير، وستكون البشرية بأجمعها هي الرابح إذا ما أحسن استخدام التقنيات الناتجة من أجل الأمور السلمية.[1]
انظر أيضاً
|
المصادر
- ^ معن عمار. "الإلكترونيات". الموسوعة العربية.
قراءات أخرى
- The Art of Electronics ISBN 978-0-521-37095-0
- Online course on Computational Electronics on Nanohub.org
وصلات خارجية
- Electrical and electronics web portal
- Electronics tutorials, projects and software
- Navy 1998 Navy Electricity and Electronics Training Series (NEETS)
- DOE 1998 Electrical Science, Fundamentals Handbook, 4 vols.
- Electronics at the Open Directory Project