إعادة بناء الهرم الغذائي
إعادة بناء الهرم الغذائي(*)
<C.W.ويليت> ـ <J.M.ستامفير>
في عام 1992 نشرت وزارة الزراعة الأمريكية رسميا الهرم الغذائي، وهدفت إلى مساعدة الأمريكيين على اختيار غذائهم الذي يحفظ لهم صحة جيدة ويخفف من مخاطر الأمراض المزمنة. ولم تلبث التوصيات التي يتضمنها الهرم أن صارت معروفة تماما، ومنها أن على الناس أن يخفضوا من استهلاك الدهون والزيوت إلى الحد الأدنى، وعليهم تناول6-11 حصة في اليوم من الأغذية الغنية بالكربوهيدرات المعقدة(1) الموجودة في الخبز والحبوب والرز والمعجنات وخلافها. ويوصي الهرم الغذائي أيضا بتناول كميات وفيرة من الخَضراوات (ومن ضمنها البطاطا، التي تحتوي على كمية كبيرة من الكربوهيدرات المعقدة) والفواكه ومنتجات الألبان، مع تناول حصتين على الأقل في اليوم من مجموعة اللحوم والبقول، التي ضمت اللحوم الحمراء والدواجن والأسماك والمكسرات والبقول والبيض.
ويَعْرف خبراء التغذية ـ منذ مدة طويلة، عندما كان الهرم الغذائي قيد التطوير ـ أن بعض أنواع الدهون أساسية للصحة ويمكنها أن تخفف من مخاطر الأمراض القلبية الوعائية cardiovascular. كما أن العلماء لم يجدوا إلا دليلا ضعيفا على فائدة المدخول العالي من الكربوهيدرات. ومنذ عام 1992 وما بعده، بينت الأبحاث أن هرم وزارة الزراعة الأمريكية فيه عيوب كبيرة، لأنه يشجع على استهلاك جميع الكربوهيدرات المعقدة ويتحاشى جميع الدهون والزيوت؛ فهو هرم يعطي نصيحة مضللة. باختصار، ليست جميع الدهون سيئة للإنسان، وبالطبع ليست جميع الكربوهيدرات المعقدة جيدة. ويقوم الآن "مركز وضع وتطوير سياسات التغذية" التابع لوزارة الزراعة الأمريكية بإعادة تقييم الهرم الغذائي، غير أنه لا يُتوقع لهذا الجهد أن يتكامل قبل عام 2004. وإلى أن يحين ذلك، فقد رسمنا هرما غذائيا جديدا يعكس بصورة أفضل المفاهيم الحالية للعلاقة بين الغذاء والصحة. وتشير الدراسات إلى أن الالتزام بالتوصيات الموجودة في الهرم الغذائي الحديث تؤدي إلى تخفيف حقيقي لمخاطر الأمراض القلبية الوعائية عند الرجال والنساء.
استعراض مُجْمَل للهرم الغذائي
■ قدمت وزارة الزراعة الأمريكية الهرم الغذائي في عام 1992، فأوصت الناس بتجنب الدهون وبتناول الكثير من الأغذية الغنية بالكربوهيدرات، كالخبز والحبوب والرز والمعجنات. وهدفت إلى تخفيف استهلاك الدهون المشبعة التي ترفع مستويات الكولستيرول. ■وجد الباحثون أن المدخول العالي من الكربوهيدرات المكرَّرة (مثل: الخبز الأبيض والرز الأبيض) يمكن أن يشيع الفوضى في مستويات الگلوكوز والإنسولين في الجسم. وإن الاستعاضة عن هذه الكربوهيدرات بالدهون المفيدة للصحة (أحادية اللاتشبع أو عديدة اللاتشبع) تخفض في الواقع من مخاطر إصابة المرء بأمراض القلب. ■ ويقترح خبراء التغذية الآن هرما غذائيا جديدا يشجع على استهلاك الدهون المفيدة للصحة والأغذية المعدة من الحبوب الكاملة وتجنب الكربوهيدرات المكرَّرة والزبدة واللحوم الحمراء. |
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
استعراض مُجْمَل للهرم الغذائي
كيف انحرف الهرم الغذائي الأصلي لوزارة الزراعة الأمريكية نحو الخطأ؟ يعود ذلك جزئيا إلى أن خبراء التغذية وقعوا ضحية الرغبة في تبسيط توصياتهم التغذوية. لقد عرف الباحثون منذ عقود أن الدهون المشبعة، التي توجد بوفرة في اللحوم الحمراء ومنتجات الألبان، ترفع مستويات الكولستيرول في الدم. وارتفاع مستويات الكولستيرول بدوره يترافق مع ارتفاع مخاطر أمراض القلب التاجية(2) (وهي الهجمات القلبية وغيرها من الاعتلالات التي يسببها انسداد الشرايين القلبية). ففي الستينات من القرن العشرين، أُجريت دراسات دقيقة، طبق على الخاضعين لها نظام غذائي معد بعناية استمر عدة أسابيع. لقد أكدت تلك الدراسات أن الدهون المشبعة ترفع مستويات الكولستيرول. ولكن تلك الدراسات أوضحت أيضا أن الدهون العديدة اللاتشبع polyunsaturated fats، التي توجد في الزيوت النباتية والأسماك، تخفض من نسبة الكولستيرول. وهكذا فالنصيحة التغذوية خلال الستينات والسبعينات من القرن العشرين تؤكد الاستعاضة عن الدهون المشبعة بالدهون العديدة اللاتشبع، وليس تخفيض الدهون الكلية total fat. ويحتمل أن قيام الأمريكيين بمضاعفة استهلاك الدهون العديدة اللاتشبع قد أسهم بقوة في خفض معدلات أمراض القلب التاجية إلى النصف في الولايات المتحدة خلال السبعينات والثمانينات من القرن العشرين.
إن فكرة تجنب الدهون عامة نشأت أساسا من المشاهدات التي تشير إلى أن الدول الغربية الغنية تستهلك كميات كبيرة من الدهون ولديها معدلات مرتفعة من أمراض القلب التاجية؛ ولكن هذا الترابط يقتصر فقط على الدهون المشبعة. فالمجتمعات التي يتناول أفرادها كميات مرتفعة نسبيا من الدهون الأحادية اللاتشبع والعديدة اللاتشبع تكون فيهم معدلات أمراض القلب منخفضة [انظر التوضيح في الصفحة 8]. وكمثال على ذلك جزيرة كريت في اليونان، حيث يضم الغذاء التقليدي الكثير من زيت الزيتون (وهو مصدر غني بالدهون الأحادية اللاتشبع)، والسمك (وهو مصدر غني بالدهون العديدة اللاتشبع). فمع أن الدهون تشكل 40 في المئة من الكالوريات (3) في هذا الغذاء، فإن معدل أمراض القلب لدى الأفراد الذين يتناولونه كان أقل من مثيله لدى اليابانيين الذين يتناولون أغذية تقليدية يابانية نسبة الدهون فيها تراوح بين 8 و 10 في المئة فقط من الكالوريات. ونضيف أيضا بأن المقارنات على النطاق العالمي قد تكون مضللة؛ لأن الكثير من المؤثرات السلبية في الصحة، كالتدخين وقلة النشاط البدني (الفيزيائي) واكتناز الجسم بالدهون، مترابط أيضا بالبلاد الغربية الغنية.
ولسوء الحظ فإن الكثير من خبراء التغذية قرروا أنه من الصعب تثقيف عامة الناس حول هذه الملاحظات الدقيقة، وبدلا من ذلك وضعوا رسالة بسيطة واضحة هي "الدهون سيئة". ولأن الدهون المشبعة تمثل نحو 40 في المئة من مجموع الدهون المستهلكة في الولايات المتحدة، فالمنطق الذي تبنته وزارة الزراعة الأمريكية هو أن تناول الغذاء المنخفض الدهون يؤدي طبيعيا إلى خفض نسبة الدهون المشبعة. وسرعان ما دعمت صناعة الغذاء هذه التوصية، وبدأت في بيع الكعك المُحلَّى cookies والرقائق ومنتجات أخرى منخفضة الدهون، ولكنها كانت غالبا غنية بالكربوهيدرات، مثل شراب syrup الذرة الغني بالفركتوز.
عندما كان الهرم الغذائي قيد التطوير، كان الأمريكي العادي يحصل على نحو 40 في المئة من احتياجاته من الطاقة من الدهون، ونحو 15 في المئة منها من الپروتين، ونحو 45 في المئة من الكربوهيدرات. ولم يرغب خبراء التغذية في اقتراح تناول مزيد من الپروتين، لأن معظم مصادره (كاللحم الأحمر) غني بالدهون المشبعة. ولذلك أنشدوا أن "الدهون سيئة"، مما قاد إلى نتيجة طبيعية: "الكربوهيدرات جيدة". فنشرات الإرشادات الغذائية الصادرة عن جمعية القلب الأمريكية ومجموعات أخرى توصي الناس بأن يتناولوا نصف احتياجاتهم من الكالوريات على الأقل من الكربوهيدرات وألا يتجاوز ما تعطيه الدهون من الكالوريات 30 في المئة. وقد ترسخ حد الـ 30 في المئة هذا بين خبراء التغذية لدرجة أن الملاحِظ الحاذق قد يُغفر له تفكيره بأن العديد من الدراسات ينبغي لها أن تبين أن الأفراد الذين يتناولون ذلك المستوى من الدهون يتمتعون بصحة أفضل من أولئك الذين يتناولون مستويات أعلى منها. وفي الحقيقة لا توجد دراسة واحدة تبرهن على منافع صحية على الأمد الطويل يمكن أن نعزوها بصورة مباشرة إلى تناول حِمْيات منخفضة الدهون، وهذا يدفع إلى القول بأن وضع حد للدهون بنسبة 30 في المئة ليس له أساس علمي.
وغدت حكمة هذا الاتجاه عرضة لمزيد من الشكوك بعد أن وجد باحثون أن الفئتين الأساسيتين من المواد الكيماوية الحاملة للكولستيرول ـ LDL (وهو ليپوپروتين منخفض الكثافة(4)، ومعروف شعبيا باسم "الكولستيرول السيئ")، وHDL (وهو ليپوپروتين مرتفع الكثافة، ومعروف باسم "الكولستيرول الجيد") ـ لهما تأثيرات مختلفة جدا في مخاطر الإصابة بأمراض القلب التاجية؛ فارتفاع نسبة الليپوپروتين LDL إلى الليپوپروتين HDL في الدم تعزز المخاطر، في حين أن تناقصها يخفض المخاطر. وأظهرت دراسات تغذوية محكمة أجريت في بداية التسعينات من القرن العشرين، أن الاستعاضة عن الكالوريات الآتية من الدهون المشبعة بكمية مساوية من الكالوريات الآتية من الكربوهيدرات يؤدي إلى انخفاض مستويات الليپوپروتين LDL والكولستيرول الكلي، كما ينخفض مستوى الليپوپروتين HDL. ونظرا لعدم تغير نسبة الليپوپروتين LDL إلى الليپوپروتين HDL فإن مخاطر أمراض القلب لا تنخفض إلا قليلا. وزيادة على ذلك، فإن تغير الحِمْية إلى الكربوهيدرات يرفع مستويات ثلاثي الگلسيريد triglycerides TG في الدم، وهي جزيئات مكوّنة للدهون، ويحتمل أن يكون سببها التأثيرات في نظام الغدد الصم في البدن. ويترافق أيضا ارتفاع مستويات ثلاثي الگلسيريد مع المخاطر العالية لأمراض القلب.
وتزداد التأثيرات سوءا عندما يتحول الإنسان من الدهون الأحادية اللاتشبع أو الدهون العديدة اللاتشبع إلى تناول الكربوهيدرات، إذ ترتفع مستويات الليپوپروتين LDL وتنخفض مستويات الليپوپروتين HDL، مما يؤدي إلى أن تكون نسبة الكولستيرول أسوأ. وعلى العكس فإن الاستعاضة عن الدهون المشبعة بالدهون الأحادية اللاتشبع أو الدهون العديدة اللاتشبع يؤدي إلى تحسين نسبة الكولستيرول ويُتوقع أن تخفض من مخاطر أمراض القلب. والدهون الوحيدة التي لها تأثير مخرب أعلى بكثير من تأثير الكربوهيدرات هي الحموض الدهنية غير المشبعة المفروقة trans، التي تَنتج من الهدرجة الجزئية للزيوت النباتية، مما يسبب تحولها إلى الحالة الصلبة. إن هذه الدهون المفروقة، الموجودة في المرگرين (السمن النباتي) ومنتجات المخابز والأغذية المقلية، تضر بالإنسان على نحو خاص، لأنها ترفع الليپوپروتين LDL والثلاثي الگلسيريد وتخفض الليپوپروتين HDL.
الدهون وأمراض القلب
أظهرت المقارنة الدولية أن مدخول الدهون الكلية هو دليل ضعيف على مخاطر الإصابة بأمراض القلب؛ والمهم هو نوع الدهون المستهلكة. ففي المناطق التي تشكل فيها الدهون المشبعة نسبة عالية من الغذاء (مثل شرقي فنلندا) فإن معدلات الإصابة بأمراض القلب أعلى بكثير منها في المناطق التي يسود تناول الدهون أحادية اللاتشبع (مثل جزيرة كريت في اليونان). إن حمية كريت (التي تنتمي إلى البحر المتوسط والتي تعتمد على زيت الزيتون) هي أفضل للقلب، حتى من الحمية اليابانية التقليدية المنخفضة الدهون.
الصورة الشاملة
لإجراء تقييمٍ كامل لتأثير الغذاء في الصحة يجب على المرء أن ينظر إلى ما وراء مستويات نسب الكولستيرول والثلاثي الگلسيريد. فالغذاء الذي نتناوله يمكن أن يسبب أمراض القلب من خلال مسارات عدة، منها رفع ضغط الدم أو تعزيز ميل الدم إلى التجلط؛ في حين أن أغذية أخرى يمكنها أن تمنع أمراض القلب بطرق مدهشة. وعلى سبيل المثال، فإن الحموض الدهنية أوميگا 3 omega-3 (التي توجد في السمك وبعض الزيوت النباتية) تخفف من احتمال حدوث الرجفان البطيني، وهو اضطراب في إيقاع القلب يسبب الموت المفاجئ.
والطريقة المثالية لتقييم جميع التأثيرات المفيدة والضارة هو القيام بتجارب على نطاق واسع يخصص فيها للأفراد عشوائيا نُظم غذائية متباينة، وتُتابع لعدد من السنين. ولا يوجد إلا بضع دراسات من هذا النمط، لأسباب تعود إلى الصعوبات العملية وكلفتها، إلا أن معظمها يرتكز على المرضى الذين عانوا أمراض القلب فعلا. وهذه الدراسات، على الرغم من محدوديتها، تدعم فوائد الاستعاضة عن الدهون المشبعة بالدهون العديدة اللاتشبع، وليس الاستعاضة عنها بالكربوهيدرات.
إن البديل الأمثل هو القيام بدراسات وبائية epidemiological واسعة يتم فيها تقييم دوري لِحِمْيات أشخاص كثيرين، ومتابعة تطور أمراض القلب والظروف الأخرى لديهم. وأحد أفضل الأمثلة المعروفة لهذه الأبحاث هي الدراسة التي يُطلق عليها "الدراسة الصحية عن الممرضات" Nursés Health Study، التي بدأت عام 1976 لتقييم تأثيرات حبوب منع الحمل التي تؤخذ بالفم. وسرعان ما توسعت تلك الدراسة لتشمل التغذية أيضا. وقد تابع فريقنا في جامعة هارڤرد نحو000 90 امرأة في هذه الدراسة، كنّ قد أكملن الإجابة عن استبيانات مفصلة عن الحميات عام 1980؛ كما تابع الفريق، في عام 1986، أكثر من 000 50 رجل انضموا إلى دراسة أُطلق عليها«دراسة المتابعة لمهنيي الصحة».
وقد وجدنا ـ بعد إجراء تعديل في التحليل، آخذين بالحسبان التدخين والنشاط البدني وعوامل الخطر المعروفة ـ أن مخاطر إصابة الفرد بأمراض القلب تتأثر بشدة بنمط الدهن الغذائي المستهلَك. فتناول الدهون المفروقة trans fat يزيد المخاطر بدرجة كبيرة، في حين أن تناول الدهون المشبعة لا يزيد المخاطر إلا قليلا. وعلى العكس من ذلك يقلل تناول الدهون الأحادية اللاتشبع والدهون العديدة اللاتشبع من المخاطر. وهي نتيجة تتطابق تماما مع ما تنبأت به دراسات التغذية المحكمة. ولأن هذين التأثيرين يوازن أحدهما الآخر، فالاستهلاك العالي للدهون الكلية لم يؤد إلى معدلات مرتفعة من الإصابة بأمراض القلب التاجية. وهذه النتيجة تدعم تقريرا صدر عام 1989 عن الأكاديمية الوطنية للعلوم، خلص إلى أن استهلاك الدهون الكلية وحده لا يترافق مع مخاطر الإصابة بأمراض القلب.
ولكن ماذا عن الأمراض الأخرى بجانب أمراض القلب التاجية؟ لقد قاد وجود معدلات عالية من سرطانات الثدي والقولون والپروستاته (الموثة) في الدول الغربية الغنية إلى الاعتقاد بأن استهلاك الدهون، وبخاصة الحيوانية منها، قد يكون عامل خطورة. ولكن الدراسات الوبائية الواسعة لم تقدم دليلا يذكر على أن استهلاك الدهون الكلية أو أنواع محددة من الدهون خلال الفترة المتوسطة من عمر الفرد midlife يؤثر في مخاطر الإصابة بسرطانات الثدي والقولون. ودلت بعض الدراسات على أن سرطان الپروستاته واستهلاك الدهون الحيوانية قد يكون لهما ارتباط، ولكنها أكدت عدم وجود ما يشير إلى أن الزيوت النباتية تزيد من مخاطر حدوث أي سرطان. وفي الحقيقة، تشير بعض الدراسات إلى أن الزيوت النباتية قد تخفف قليلا من تلك المخاطر. وهكذا فمن المنطقي اتخاذ قرارات حول دهون الغذاء على أساس تأثيراتها في الأمراض القلبية الوعائية وليس في السرطان.
إن أفضل طريقة لتجنب السمنة هي تقييد الكالوريات
الكلية وليس فقط الحد من الكالوريات الآتية من الدهون.
وأخيرا على المرء أن ينظر في أثر استهلاك الدهون في السُّمنة، وهي أخطر المشكلات التغذوية في الولايات المتحدة، إن السُّمنة عامل خطر رئيسي لعدد من الأمراض، من ضمنها الداء السكري من النمط الثاني (ويسمى أيضا السكري البادئ في البالغين)(5)، وأمراض القلب التاجية وسرطانات الثدي والقولون والكلية والمريء. ويعتقد كثير من خبراء التغذية أن تناول الدهون يسهم في زيادة الوزن، لأن الدهون تحتوي على كالوريات (في كل غرام) أعلى مما تحتوي عليه الپروتينات أو الكربوهيدرات. يضاف إلى ذلك أن عملية تخزين الدهون الغذائية في البدن قد تكون أكثر كفاءة من تحويل الكربوهيدرات إلى دهون. ولكن دراسات تغذوية حديثة ودقيقة أوضحت أن هذه الاعتبارات غير مهمة عمليا، وأن أفضل طريقة لتجنب السمنة هو الحد من مدخول الكالوريات الكلية للفرد، وليس فقط الحد من الكالوريات الآتية من الدهون. وعليه فالمشكلة الحاسمة هي معرفة تأثير تركيب دهون الغذاء في قابلية الفرد للتحكم في مدخوله من الكالوريات. وفي كلمات أخرى، هل تناول الدهون يترك الفرد أكثر ـ أو أقل ـ جوعا من تناوله الپروتينات أو الكربوهيدرات؟ توجد نظريات مختلفة حول أفضلية غذاء على الآخر، ولكن الدراسات الطويلة الأمد حول هذه النقطة قليلة. ففي تجارب عشوائية خضع أفراد لِحِميات منخفضة الدهون ففقدوا بضعة أرطال خلال الأشهر الأولى، ولكنهم استعادوا وزنهم بعدها. وفي دراسات استغرقت سنة أو أكثر، فإن اتباع حميات منخفضة الدهون لم يؤد ـ على نحو ثابت ـ إلى خفض أكبر في الوزن.
حمولة الكربوهيدرات
دعونا الآن ننظر إلى التأثيرات الصحية للكربوهيدرات. إن الكربوهيدرات المعقدة مكونة من سلاسل طويلة من وحدات السكر كالگلوكوز والفركتوز، أما أنواع السكر sugars فلا تحتوي إلا على وحدة أو وحدتين. ولما كان السكر لا يقدم شيئا من الڤيتامينات أو المعادن أو المغذيات الأخرى، فإنه ليس سوى "كالوريات فارغة" empty calories، لذلك وضعت الكربوهيدرات المعقدة في قاعدة الهرم الغذائي لوزارة الزراعة الأمريكية. ولكن الكربوهيدرات المكرَّرة refined، مثل الخبز الأبيض والرز الأبيض، تتحول بسرعة إلى گلوكوز وهو الوقود الأولي للبدن. إن عملية التكرير تنتج نوعا من النشا السهل الامتصاص (يعرّف بأنه جزيئات گلوكوز مرتبطة بعضها ببعض)؛ كما يزيل التكرير الكثير من الڤيتامينات والمعادن والألياف. وهكذا ترفع هذه الكربوهيدرات مستويات الگلوكوز في الدم أكثر مما تفعله الحبوب الكاملة whole grains.
ولنأخذ بالحسبان البطاطا؛ فإن تناول حبة بطاطا مسلوقة يرفع سكر الدم إلى مستوى أعلى مما يحدثه تناول نفس المقدار من الكالوريات الآتية من سكر المائدة. والسبب هو أن البطاطا تتكون في معظمها من النشا، الذي يتحول بسرعة إلى گلوكوز. أما سكر المائدة (السكروز)، فهو ثنائي سكريد مكون من جزيء گلوكوز واحد وجزيء فركتوز واحد. ولما كان الفركتوز يحتاج إلى زمن أطول حتى يتحول إلى گلوكوز، فإن هذا ينعكس في ارتفاع أبطأ في مستويات گلوكوز الدم.
إن زيادة سريعة في سكر الدم تشجع على تحرير كمية كبيرة من الإنسولين، وهو الهرمون الذي يوجه الگلوكوز نحو العضلات والكبد. ونتيجة لذلك يهوي سكر الدم إلى ما دون الخط القاعدي base line أحيانا. إن المستويات المرتفعة من الگلوكوز والإنسولين لها تأثير سلبي في صحة القلب والأوعية، لأنها ترفع ثلاثي الگلسيريد وتخفض الليپوپروتين HDL (الكولستيرول الجيد). كما يؤدي هبوط الگلوكوز السريع إلى تعزيز الشعور بالجوع بعد وجبة غنية بالكربوهيدرات، مسهما بذلك في فرط الأكل ثم السمنة.
التأثيرات الصحية لتوصيات الهرم الغذائي الجديد
قيست التأثيرات الصحية لتوصيات الهرم الغذائي المنقح بدراسة معدلات الأمراض لدى 67 271 امرأة في "الدراسة الصحية عن المُمَرِّضَات" و38 615 رجل في "دراسة المتابعة لمهنيي الصحة". فالرجال والنساء ضمن الخُمس الخامس (ال20 في المئة الذين كان غذاؤهم الأقرب إلى توصيات الهرم) كانت معدلات الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية لديهم أخفض كثيرا مما عند الموجودين في الخُمس الأول (ال20 في المئة الذين كان غذاؤهم الأبعد عن توصيات الهرم). ومع ذلك، لم تُظهر التوصيات الغذائية أي تأثير ملحوظ في مخاطر الإصابة بالسرطان.
وفي دراساتنا الوبائية وجدنا أن تناول كميات كبيرة من النشا في صورة حبوب مكررة وبطاطا يترافق مع مخاطر عالية للإصابة بالداء السكري من النمط الثاني وأمراض القلب التاجية. وبالعكس يؤدي تناول كميات أكبر من الألياف إلى انخفاض مخاطر الأمراض السابقة. ومن المثير للانتباه أن استهلاك الألياف لم يؤدِّ إلى خفض مخاطر سرطان القولون، كما كان يُعتقد سابقا.
إن الأفراد الذين يعانون فرط الوزن وانعدام النشاط البدني قد تحدث لديهم مقاومة لتأثيرات الإنسولين، ولذلك يحتاجون إلى مقدار إضافي من الهرمون للتحكم في سكر الدم. وتشير الدراسات الحديثة إلى أن الاستجابة غير المواتية لاستقلاب الكربوهيدرات هي أسوأ بكثير لدى أولئك الذين يعانون مقاومة الإنسولين. وهذه النتيجة يمكن أن تفسر قدرة المزارعين الفقراء في آسيا وغيرها، الذين يتصفون بنشاطهم الشديد مع النحافة، على استهلاك كميات كبيرة من الكربوهيدرات المكرَّرة من دون أن يصابوا بالداء السكري أو بأمراض القلب، في حين يؤدي تناول جماعاتٍ قَعُودة sedentary الحميةَ الغذائية نفسها إلى تأثيرات مهلكة.
تناول خضراواتك
لعل أقل الأشياء عرضة للخلاف في الهرم الغذائي هو تناول مدخولٍ عالٍ من الفواكه والخضراوات. لقد جرى الترويج بصورة واسعة لأثر ذلك في خفض مخاطر الإصابة بالسرطان. وأتت معظم الدلالات على هذا الأثر من دراسات ضبط الإصابة المرضية case-control. وفيها يوضع المصابون بالسرطان مع آخرين مختارين يشكلون مجموعة ضابطة (شاهدة) ويسألون عن غذائهم السابق. وهذه الدراسات التي تعتمد على الرجوع إلى الماضي retrospective عرضة إلى كثرة من الانحيازات، في حين قدمت دراسات تستشرف المستقبل prospective (ومنها دراستنا) نتائج تميل إلى أن تُظهر علاقة ضعيفة بين الاستهلاك الإجمالي للفواكه والخضراوات وحدوث السرطان. (قد تكون مغذيات بعينها موجودة في الفواكه والخضراوات ذات منافع، منها مثلا حمض الفوليك في الخضراوات الورقية الذي قد يخفض مخاطر سرطان القولون، والليكوپين في الطماطم (البندورة) الذي قد يخفض مخاطر سرطان الپروستاته).
وربما تنصب الفائدة الحقيقية من تناول الفواكه والخضراوات في خفض مخاطر الأمراض القلبية الوعائية. ويبدو أن حمض الفوليك والپوتاسيوم يسهمان في هذا التأثير، وفقا لما أوضحته بعض الدراسات الوبائية. يضاف إلى ذلك أن استهلاك كمية غير كافية من حمض الفوليك مسؤول عن المخاطر العالية لإصابات خطرة بعيوب ولادية؛ في حين يترافق المدخول الضعيف من اللوتين (وهو صباغ في الخضراوات الورقية) مع تفاقم مخاطر الإصابة بالسادّ (وهو إعتام عدسة العين) وتدهور الشبكية. كما تعد الفواكه والخضراوات مصدرا أوليا لكثير من الڤيتامينات التي يحتاج إليها الجسم للتمتع بصحة جيدة. وهكذا، فهناك أسباب وجيهة تدعو للحرص على استهلاك الحصص الخمس الموصى بها كل يوم، حتى إن لم يؤثر ذلك في مخاطر الإصابة بالسرطان. وإن إدخال البطاطا كإحدى الخضراوات في هرم وزارة الزراعة الأمريكية له القليل من المبررات، لأن البطاطا تتكون في معظمها من النشا ولا تعطي المنافع التي تقدمها الخضراوات الأخرى.
وثمة عيب آخر في هرم وزارة الزراعة الأمريكية هو فشله في تمييز أهمية الفروق الصحية بين اللحوم الحمراء (لحميْ العجل والضأن) والأغذية الأخرى ضمن مجموعة اللحوم والبقول (الدواجن والسمك والبقول والمكسرات والبيض). لقد ترافق الاستهلاك العالي للحوم الحمراء مع زيادة مخاطر أمراض القلب التاجية، ولربما يرجع السبب إلى ارتفاع محتواها من الدهون المشبعة والكولستيرول. كما ترفع اللحوم الحمراء أيضا مخاطر سرطان القولون والداء السكري من النمط الثاني. وقد يتعلق جزئيا ارتفاع مخاطر الإصابة بسرطان القولون بالمُسَرْطِنات التي تنتج خلال الطبخ وبالكيماويات الموجودة في اللحوم المصنعة مثل السلامي(6) salami والبولونيا(7) bologna.
وبالمقارنة، فإن الدواجن والأسماك تحتوي على دهون مشبعة أقل ودهونا غير مشبعة أكثر من اللحوم الحمراء. والأسماك مصدر غني أيضا بالحموض الدهنية الضرورية من النوع أوميگا 3. ولذلك لا نستغرب عندما نرى أن الدراسات بينت أن الناس الذين استعاضوا عن اللحوم الحمراء بالدجاج، يتعرضون لمخاطر أقل لأمراض القلب التاجية وسرطان القولون. أما البيض فهو مرتفع بالكولستيرول، ويبدو أن استهلاك ما لا يزيد عن بيضة واحدة في اليوم ليس له تأثيرات غير مواتية في أمراض القلب (ماعدا مرضى السكري)؛ وربما يُردّ ذلك إلى أن الفوائد الغذائية الأخرى التي يقدمها البيض توازن تأثير المستوى المرتفع قليلا من الكولستيرول. لقد تجنب العديد من الناس المكسرات لارتفاع محتواها من الدهون، إلا أن دهونها (ومن ضمنها دهون الفستق السوداني) في معظمها دهون غير مشبعة، وبخاصة الجوز الذي يعد مصدرا جيدا للحموض الدهنية من النوع أوميگا 3. وتبين الدراسات التغذوية المحكمة أن المكسرات تحسن نسب كولستيرول الدم؛ كما تشير الدراسات الوبائية إلى أنها تخفض مخاطر الإصابة بأمراض القلب والداء السكري. يضاف إلى ذلك أن الناس الذين يتناولون المكسرات أقل عرضة للبدانة، ولربما يعود السبب إلى أن المكسرات ترضي الشهية، ولذا فتناولها يقلل بدرجة كبيرة من تناول الأغذية الأخرى.
وثمة أمر آخر يدعو للقلق بشأن هرم وزارة الزراعة الأمريكية، وهو أنه يروج لزيادة مفرطة في استهلاك منتجات الألبان؛ إذ يوصي بتناول ما يعادل2-3 أكواب من الحليب في اليوم. وعادة ما تبرَّر هذه التوصية لاحتواء الألبان على الكالسيوم، الذي يعتقد أنه يمنع هشاشة العظام وكسورها. ولكن وجد أن أعلى معدلات كسور العظام هي في البلدان التي تستهلك معدلات عالية من الألبان، ولم تبين دراسات واسعة تستشرف المستقبل انخفاض مخاطر الكسور عند الذين يتناولون كميات كبيرة من منتجات الألبان. إن الكالسيوم ضروري، ولكن ربما بولغ في تأكيد الاحتياجات المطلوبة منه لصحة العظام. ونضيف إلى ذلك بأننا لا نستطيع الادعاء بأن الاستهلاك العالي للألبان هو أمر آمن؛ لأن دراسات متعددة بينت أن الرجال الذين يستهلكون كميات كبيرة من منتجات الألبان يتعرضون إلى زيادة في مخاطر الإصابة بسرطان الپروستاته. وفي دراسات أخرى تعرضت النساء اللاتي تناولن كميات كبيرة من منتجات الألبان إلى ارتفاع معدلات الإصابة بسرطان المبيض. وقد افترض بداية أن الدهون هي العامل المسؤول عن المخاطر السابقة، إلا أن التحاليل المفصلة لم تدعم هذا الرأي. وبدا أن تناول كميات كبيرة من الكالسيوم، بحد ذاته، يرتبط بوضوح بمخاطر الإصابة بسرطان الپروستاته.
لقد تَعرَّضَ الرجال والنساء الذين يأكلون وفق الهرم الجديد لمخاطر
أقل من حيث الإصابة بالأمراض المزمنة الرئيسية.
إننا نحتاج إلى مزيد من الدراسات لتحديد التأثيرات الصحية لمنتجات الألبان، ولكن يبدو حاليا أنه من الحماقة التوصية بالاستهلاك العالي منها؛ لأن معظم البالغين الذين يتابعون نظاما غذائيا جيدا يحصلون على الكمية الضرورية من الكالسيوم عند استهلاك ما يعادل كوبا واحدا من الحليب في اليوم. ولكن النساء في ظروف خاصة بعد الإياس (سن اليأس) يحتجن إلى قدر من الكالسيوم أكبر من المعتاد، وهذا ما يمكن الحصول عليه من دون دهون مشبعة أو كالوريات بتناول إضافات مكملة(8).
هرم أفضل للصحة
مع أن الهرم الغذائي لوزارة الزراعة الأمريكية غدا أيقونة تغذوية سادت طوال السنوات العشر الماضية، فليس هناك حتى الآن أبحاث استهدفت دراسة وتقييم صحة الأفراد الذين يتابعون إرشاداته العامة. ومن المرجح جدا أن يكون لهذا الهرم بعض الفوائد، وبخاصة توصيته بتناول كميات كبيرة من الخضراوات والفواكه؛ كما أن دعوته إلى خفض كميات الدهون الكلية ينزع إلى خفض استهلاك الدهون الضارة، سواء المشبعة منها أو المفروقة. ولكن هذا الهرم الغذائي قد يدفع الناس إلى تناول كميات أقل من الدهون اللامشبعة وتناول مزيد من النشا المكرَّر، ولذلك فإن الأضرار قد تلغي الفوائد.
لتقييم وضع التأثيرات الكلية استخدمنا«دليل الأكل الصحي» HEI)) 9)، وهو رقم يمثل مجموع النقاط المحرزة score، طورته وزارة الزراعة الأمريكية لقياس مدى التزام البرامج التغذوية الفدرالية بالهرم الغذائي وبالإرشادات التغذوية المرافقة. واستنادا إلى البيانات التي تم جمعها من دراساتنا الوبائية الواسعة، قمنا بحساب نقاط الدليل HEI التي أحرزها كل مشارك، ثم نظرنا في علاقة هذه النقاط بمخاطر الإصابة لاحقا بأمراض مزمنة رئيسية (حددناها على أنها الهجمة القلبية أو السكتة الدماغية أو السرطان أو الموت اللارضحي nontraumatic من أي سبب كان). وعندما قارنا الناس ضمن الفئة العمرية نفسها، تبين أن الرجال والنساء الذين حازوا أعلى نقاط في الدليل HEI تنخفض عندهم مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة الرئيسية. ولكن هؤلاء الأفراد كانوا أيضا أقل تدخينا وأكثر نشاطا، واتبعوا نمط حياة أكثر مدعاة للصحة من سائر المشاركين. وبعد إجراء تعديلات تأخذ في الحسبان هذه المتغيرات، وجدنا أن المشاركين أصحاب أعلى نقاط الدليل HEI لم يكونوا في وضع صحي عام أفضل كثيرا من غيرهم. وهكذا صدقت التنبؤات، فقد تبين أن للهرم الغذائي مساوئ تعادل محاسنه.
ولأن الهرم الغذائي كان له هدف نبيل، وهو تشجيع الاختيارات الغذائية السليمة، فقد حاولنا تطوير هرم بديل مستقى من أفضل المعلومات المتاحة. وهرمنا المعدل [انظر الشكل في الصفحة 7] يؤكد ضرورة ضبط الوزن من خلال التمارين اليومية وتجنب تناول كميات زائدة من الكالوريات الكلية. ويوصي هذا الهرم بأن تحتوي كمية الغذاء التي يتناولها الفرد على دهون صحية (الزيوت النباتية السائلة، مثل: زيت الزيتون والكانولا (زيت اللفت) والصويا والذرة وعباد الشمس والفستق السوداني) والكربوهيدرات الصحية (كالأغذية المحتوية على الحبوب الكاملة، مثل: خبز القمح (الأسمر) ودقيق الشوفان والرز البني). فإذا كانت الدهون والكربوهيدرات في غذائك مفيدة للصحة، فربما يجب ألا تقلق من النسب المئوية لإسهامات كل منها في الكالوريات الكلية. أما الخضراوات والفواكه فيجب تناولهما بوفرة، مع التشجيع على تناول كميات معتدلة من مصادر الپروتين (المكسرات والبقول والأسماك والدواجن والبيض)، والحد من استهلاك منتجات الألبان إلى معدل حصة أو حصتين في اليوم. كما يوصي الهرم المعدَّلُ بتخفيف استهلاك اللحوم الحمراء والزبدة والحبوب المكرَّرة (ويدخل فيها الخبز الأبيض والرز الأبيض والمعجنات البيضاء) والبطاطا والسكر.
هذا ولا تظهر الدهون المفروقة على الإطلاق في الهرم الغذائي، لعدم وجود موضع لها في غذاء صحي. ونقترح على معظم الناس تناول الڤيتامينات المتعددة multiple vitamin.
هل يمكن أن نبين أن هرمنا الغذائي أفضل للصحة من هرم وزارة الزراعة الأمريكية؟ لهذا الغرض أوجدنا دليل أكل صحيا جديدا يقيس مدى قرب غذاء الفرد من اتباع توصياتنا. وبتطبيق هذا الدليل المعدل على دراساتنا الوبائية وجدنا أن الرجال والنساء الذين يتبعون الهرم الجديد انخفضت عندهم مخاطر الأمراض المزمنة الرئيسية [انظر الشكل في الصفحة 10]. وهذه الفائدة ناتجة بكاملها تقريبا من الانخفاض الكبير في مخاطر الأمراض القلبية الوعائية، بنسبة بلغت 30 في المئة لدى النساء و40 في المئة لدى الرجال. ولكن اتباع إرشادات الهرم الجديد لم تخفض مخاطر الإصابة بالسرطان؛ لأن ضبط الوزن والنشاط البدني، وليس الاختيار النوعي للغذاء، لهما علاقة بانخفاض مخاطر الكثير من السرطانات.
وبالطبع لايزال ثمة ارتياب في فهمنا للعلاقة بين الصحة والغذاء. ونحتاج إلى مزيد من البحث لفحص دور منتجات الألبان، والتأثيرات الصحية لأنواع معينة من الفواكه والخضراوات، ومخاطر التدعيم بالڤيتامينات وفوائده، والتأثيرات الطويلة الأمد للغذاء خلال مرحلة الطفولة والمرحلة المبكرة من البلوغ. يضاف إلى ذلك أن علينا البحث في تآثر عوامل الغذاء مع التأهب الجيني genetic predisposition، مع أن أهميته مازالت بحاجة إلى تحديد.
وثمة تحدٍّ آخر، وهو التأكد من أن المعلومات المعطاة لعامة الناس حول التغذية تستند بصرامة إلى أدلة علمية. ولعل وزارة الزراعة الأمريكية ليست أفضل جهة حكومية تقوم بتطوير إرشادات تغذوية موضوعية، وذلك نظرا لعلاقتها القوية مع الصناعة الزراعية. ولذا يجب إعادة بناء الهرم الغذائي في محيط معزول تماما عن المصالح السياسية والاقتصادية.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
المؤلفان
Walter C. Willett - Meir J. Stampfer
أستاذان في مدرسة هارڤرد للصحة العامة. يرأس ويليت قسم التغذية في المدرسة، كما يرأس ستامفير قسم علم الوبائيات. ويليت و ستامفير أستاذان أيضا في الطب بمدرسة هارڤرد الطبية. وكل منهما يمارس ما يدعو إليه، فيأكلان جيدا ويمارسان الرياضة البدنية بانتظام.