إبراهيم مالك سامبا
و لد إبراهيم مالك سامبا في غامبيا لأب فقير ، و كان كل شيء يبشر بمستقبل غير مرموق ، لولا أن كسرت ذراعه في سن الرابعة عشر، و في المستشفى تعرف طبيبا إسكتلنديا لطيفا علمه أن يحب الطب، هذه كانت البداية الموفقة التي قادته إلى الطريق الصحيح.
هو ذلك الرجل الأفريقي العظيم ، هو من مكافحي المرض في القارة السمراء و خاصة مرض عمى الأنهار، بالإضافة إلى جهوده الكبيرة في مكافحة البيروقراطية و الفساد و الرشوة في الأجهزة الحكومية.
رشح هذا الرجل العظيم لرئاسة منظمة الصحة العالمية عام 1998م لكن النرويجية جرو هارلم فازت بالمنصب.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تعليمه
قرر "سامبا" أن يتعلم ، و إلتحق بإحدى مدارس الإرساليات قسرا .. و سرعان ما تخرج و صار مؤهلا لدراسة الطب في لندن ، لكن فقره جعله يلتحق بجامعة غانا و هو ما إضطر أمه لبيع مصاغها كي تؤمن نفقات دراسته هناك ..
في عام 1953م تخرج "سامبا" طبيبا ، و سافر للدراسة في ايرلندا في مستشفى "برسكوت" قرب ليفربول، و هناك تزوج من ممرضو جامبية و رزق بثلاث أطفال ..
عاد إلى وطنه في أواخر الستينات ليفتتح عيادة خاصة ناجحة ، و يدير مصلحة الخدمات الطبية في جامبيا.
مشروع مكافحة عمى الأنهار
في عام 1980م تطلب منه منظمة الصحة العالمية أن يسافر إلى بوركينا فاسو لتولي إدارة مشروع مكافحة عمى الأنهار هناك .. و هو مشروع لم يكف عن الفشل من عام 1974م حتى لحظتها و لأسباب عديدة.
إن منظمة الصحة العالمية تكافح هذا المرض بأساليب هي أقرب إلى الحرب الحقيقية و بتكاليف لايمكن و صفها .. إن الموازنة السنوية للمكافحة في بداية التسعينيات كانت 30 مليون دولار، إنه مبلغ يسمح بكل شيء ، لكن "سامبا" يختلف عن أي رجل آخر ، وهو يعرف جيدا كيف يوظف كل مليم لديه من أجل المكافحة. و لو لم تكن الموازنة في يد رجل صلب صارم مستقيم مثله ، لإختفت الأموال دون أن يعرف أحد أين ذهبت كما يحدث دائما في تلك الظروف ..
يقول أستاذ الحشرات الأسكتلندي "دوجلاس مار" : " مع إبراهيم سامبا يمكن لمنظمة الصحة العالمية أن تطمئن على نقودها كأنما أودعتها في مصرف."
إن مشروع مكافحة عمى الأنهار تشترك فيه عدة دول .. هي : غينيا – غينيا بيساو – السنغال – سيراليون – غانا – توغو – بنين – ساحل العاج ... لكن بوركينا فاسو هي مقر الرأس .. كل تلك الدول المتشاحنة و المتنافرة حزمت أمرها و وحدته تحت إمرة رجل واحد هو "مالك سامبا" ...
و تكون المفاجأة هي أن جهود "سامبا" تؤتي أكلها بسرعة غير مسبوقة .. لقد كان الرجل آلة بشرية أسطورية لا تتعب و لا تهمد و لا ترتشي.
العلاج
لكن معركة المعارك لم تكن قد بدأت بعد و هي العثور على دواء فعال ضد دودة كلابية الذنب المتلوية التي تنقلها الذبابة السوداء تسمى "سيموليام دامنوسام" في جنوب إفريقيا ، يختلف عن الأدوية القديمة ، التي برهنت بسرعة فائقة على دفع المريض للقبر !
بدأت المعركة إذ تبارت شركات الأدوية في العالم تفتش في معاملها عن عقار صالح، و كان أن توصلت شركة (ميرك شارب آند دوم) في (نيوجيرسي) –بفريق عمل ممتاز-لعقار إيفرمكتين الذي استطاع القضاء على "الميكروفيلاريا" خلال ثلاثة أيام.
و سافر "سامبا" إلى هناك متوجسا متوقعا للأسوأ، لقد إستغرقت البحوث سبعة أعوام ، و تكلفت ملايين الدولارات ، و حان أوان دفع الثمن، الثمن الذي لا تقدر إفريقيا على دفعه بالتأكيد، لكن رئيس مجلس إدارة الشركة روي فاجلوس في بادرة كرم لم يستطع أحد تصديقها قرر أن تنتج الشركة الدواء مجانا لكل من يحتاج إليه.
و يعود الطبيب الإفريقي مبهور الأنفاس إلى القارة السوداء ، ليخبر قومه بما توصل إليه، و من يومها بدأ إعطاء العقار للأفارقة ، و تم علاج الآلاف منهم على حساب الشركة، و دبت الحياة في قرى بأكملها ، و أمكن توطين 17 مليون من الفلاحين في قراهم ، كما تم إستصلاح نحو 16 مليونا من الفدادين .. و من جديد بدأ المكفوفون يبصرون قليلا ، و هذا كاف جدا بالنسبة لهم.
من أقواله
من كلمة "إبراهيم مالك سامبا" أمام منظمة الصحة العالمية عام 1989م
"إن مفهوم العمى يختلف من بلد لآخر، ففي العالم الغربي يطلق على المرء أعمى إذا لم يستطع القراءة، أما في إفريقيا فالأعمى هو من لا يقدر على رؤية بقرته!
مصادر
- د.أحمد خالد توفيق (دكتوراة في طب المناطق الحارة – أستاذ في جامعة طنطا) ، روايات مصرية للجيب – سلسلة سافاري – العدد العاشر (رواية العاشر) .