إبراهيم بن حمد الشثري
الشيخ ابراهيم بن حمد بن محمد الشثري هو أحد العلماء والوجهاء عاش في القرن الثاني عشر والثالث عشر واشتهر بالشجاعة والكرم واعانة الملهوفين وكان من اهل الدين والمال والتجارة، وكان له دور في التعليم وتوجيه العامة.
اسمه ونسبه
إبراهيم بن حمد بن محمد بن حمد بن محمد بن مفلح بن فهد بن غانم بن محمد بن سيف بن حماد بن محمد بن رشيد بن مؤمل بن محمد بن شثر بن محمد بن مؤمل من بني زياد من عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.[1]
حياته
ولد بعد منتصف القرن الثاني عشر الهجري ونشأ في بلده، ودرس القرآن ومبادئ الأصول على علماء البلد، ومن أبرزهم في ذاك الوقت الشيخ سعید بن حجي، والشيخ سعد بن محمد العجيري، والشيخ رشيد السردي والشيخ عیسی بن محمد ال سهل الشثري الشافعي ثم الحنبلي.
ثم رحل إلى الدرعية فدرس على الشيخ عبد الرحمن بن حسن ال الشيخ وغيره من المشايخ، ومن أشهرهم في ذاك الوقت الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، والشيخ حمد بن ناصر بن معمر.[1]
وله مع الشيخ عبدالرحمن بن حسن ال الشيخ مراسلات علمية أثناء تلقيه العلم، منها رسالة في مسألة إرث الجد مع الإخوة فبعث له الشيخ عبدالرحمن رسالة جوابا على مسألته جاء فيها ما نصه:
"بسم الرحمن الرحيم من عبدالرحمن بن حسن إلى الأخ إبراهيم الشثري سلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد وصل الخط أوصلك الله ما يرضيه وما ذكرت من المصيبة بمحمد وسعد فالحمد لله على كل حال ... ومن طرف مسألة الإرث فمذهب جمهور الصحابة وكثير من المحققين الجد يحجب الإخوة ... والسلام وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم"
وممن زاملة في الطلب إبان دراسته على يد الشيخ عبد الرحمن بن حسن ال الشيخ، الشيخ عبدالرحمن بن عدوان الرزيني، وكانت بينه وبين الشيخ ابراهيم صحبة ومودة، ثم حصل أن رجع الشيخ إبراهيم إلى مقر إقامته في الحوطة فصار الانقطاع فأرسل له ابن عدوان رسالة أخوية جاء فيها بعد البسملة:
"الحمد لله وكفى وصلى الله وسلم على نبيه المصطفى من أفقر العباد وأحوجهم إلى التوفيق والسداد عبد الرحمن بن عدوان الرزيني إلى من حفظه الله ووقاه وجعله ممن آمن به واتقاه ومن كل شر نجاه و أتحفه بقربه وأحظاه وأصلح به القول والعمل وبلغه القصد والأمل وفسح له في الأجل وأسعده في الأزل إبراهيم بن حمد الشثري حرسه الله من حوادث الأزمان وجعله مباركا أين ما كان وكفاه ما أهمه وشمله بالإحسان وعمه ووفقه الإسلام وجنبه طريق الغضب والانتقام وأواه وهداه ومن كل سوء أنجاه سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومغفرته وجناته ومرضاته سلام أحلى من معانقة خود الأبكار وألذ من ماء قلت بذرى أحجار سلام محب قد جفاه حبيبه المفضال ما طلعت شمس ولدى هلال وبعد موجب الخط إبلاغك جزيل السلام والسؤال عن حالك ..."
فلما رجع إلى الحوطة صار له دور في التعليم وتوجيه العامة، وعرف عنه رساخة في العلم وتعليمه والصدع بالحق ونصرة المظلوم وكان مشهورا بالشجاعة، وقد ورد ذكر له في عدة رسائل، منها رسالة للشيخ عبدالرحمن بن حسن إلى الشيخ عيد بن حمد جاء في آخرها:
"... هذا وبلغ الإخوان من الطلبة والأولاد والأمراء وإبراهيم الشثري ..."
وفي رسالة الشيخ محمد بن محمود إلى محمد بن خميس جاء في آخرها:
"... ومن لدينا الشيخ علي بن حسين وعياله ومن ذكرت من إخوانك إبراهيم الشثري وعياله..."
وكان له اهتمام بجمع الكتب وتملكها في زمن قل فيه المتعلم و كانت الكتب شحيحة ونادرة وباهضة الثمن، ومما تملكه (عارضة الأحوذي بشرح سنن الترمذي) للقاضي أبي بكر بن العربي
وجاء على طرة المخطوطة:
«في ملك الفقير المقر بالذنب والتقصير راجي عفو ربه الصمد إبراهيم بن حمد، ملكه سنة 1241هـ في جمادی ثاني يوم الأحد»
وجاء بخط آخر: «في ملك إبراهيم ابن حمد الشثري سنة 1242هـ».
وكان من ختمه: «الواثق بالكريم الشثري إبراهيم».[1]
اسرته
زوجته: وضحى بنت محمد بن سليمان ال عائذ من الحريق
اما أبناؤه فله من الأولاد
سليمان: له من الأبناء إبراهيم وسعد وعبدالعزيز ومحمد
عيسى: له من الأبناء عبدالله وإبراهيم وعبدالعزيز ومحمد
علي: له من الأبناء محمد وعبدالله
حمد: له من الأبناء محمد وعبدالله
وأما بناته فهن: نورة وفاطمة ولطيفة
شجاعته في ملحمة الحلوة ضد الاتراك
معركة الحلوة (ملحمة نجد الكبرى) كما وصفها ابن بشر في تاريخه بأنها التي أذلت الترك الغزاة هي معركة حدثت في عام1253هـ بين الحوطة وقوات الجيش التركي.[2]
فتحالف أهالي الحوطة والحلوة والحريق ونعام والقرى الأخرى للتصدي على العدوان وفي مقدمتهم أمراء بني تميم وال هزان وجميع القبائل والأهالي وشارك الشثور بقيادة الشيخ إبراهيم بن حمد الشثري وكان اهل الباطن بقيادة إبراهيم ال سعود ال حسين التميمي الملقب بـ "هداد" واهل الفرعة بقيادة فواز ال مرشد التميمي واهل الحلوة بقيادة محمد بن خريّف التميمي وأهل لحريق بقيادة تركي الهزاني واهل نعام بقيادة زيد ال هلال. وقد خرج الشيخ إبراهيم للأتراك لما أقبلوا على الحوطة وعرض عليهم المال وكان ذا مال ليكفوا عن البلدة فأبوا إلا الاستسلام أو الدمار؛ فعاد للحوطة وقد جعل غترته على عصاه كالراية وجعل يهتف بالأشعار الحماسية يستثير الهمم للقتال؛ فجهز الشباب أمام المسجد وأحضر قفافاً مملوؤةً ذهباً لمؤونة الحرب فأخذ الشيخ يصنع البارود بنفسه ويرتجز أراجيز الحرب هو وجميع الامراء والقادة. وقد سلح الشيخ إبراهيم 150 رجلا، منهم 70 مسلحون بالبنادق والباقون بالسلاح الأبيض. وقد بقيت هذه البنادق يتوارثها ذرية الشيخ إبراهيم حتى أمنت الأحوال في عهد الملك عبدالعزيز.[3]
وكان ممن خرج سليمان بن إبراهيم أكبر أبناء الشيخ وهو من من المجموعة الابطال من اهل الحوطة وعددهم سبعون رجلا شجاعا يتقدمهم الأمير إبراهيم ال حسين التميمي الملقب (هداد) والذين وصلوا الى المدافع وألقوا بها مع أصحابها من رأس الجبل، ودخل اصبع سليمان بن إبراهيم الشثري في ماسورة المدفع فكسر اصبعه وصار معيبا حتى مات رحمه الله. وممن خرج أيضا ابنه الشيخ عيسى بن إبراهيم وقد استأجر رجالا ليقوموا بسقاية الجيش. ودارت رحى المعركة وانتصر اهل هذا الوادي الشجعان على الأتراك الغزاة.[3]
بلاد بني عامر بن صعصعة
قد سادت قبائل بنو عامرعلى نجد واليمامة والاحقاف قبل البعثة وفي صدر الإسلام وكان من اهم معاقل القبيلة في تلك الفترة الفُلج او فلج اليمامة (الافلاج حاليا) وهي من مساكن بني عامر منذ العصر الجاهلي. وقد وصفها أبو محمد الحسن الهمداني في كتابة صفة جزيرة العرب فقال:
" الفلج من العروض على حد تأليف الساكن، وهو بلد أربابه جعدة وقشير والحريش بنو كعب والحريش أقل الفرق، ويسمى فلجاً لانفلاجه بالماء أي انفتاحه، والفلجان جبلان بمأرب بينهما مسلك، ومن ذلك قيل للثغر ذي الثنايا الشتات مُفلج وأفلج، وفَلجْتُ بحجتي بنت بها واقتطعت بها حقي ومثل الفلجين بمأرب المأزمان بجمع بين منى وعرفات وهما جبلان بينهما مضيق ولذلك قيل للعض أزم والسنة الأزوم العاضة للمال وهي الأزمة والأزم الحصر وإطباق الفم على المضّار، فالحريش في واد من الفلج يقال له الهدار فيه نخل وزرع على آبار وسوان من الإبل وقد قلت الحريش به وتفرقت وجاور كثير منها باليمن، وبالهدار حصن موسى بن نمير الحرشي وحصن أبي سمرة وحصن زل عني اسمه.
وأما قشير فهي بالمذارع وبه الحصون والنخل والزرع والسَّيح يجري تحت النخل والآبار أيضاً، فأول حصون بني قشير بالمذراع حصن العقيدة من بني فراش وأهله جفنة الفلج كرماء وجوه ذوو العدد وحصن السَّمريين وهم بنو أبي سمرة من جعدة، وحصن الفراشيين من بني فراش، وحصن بني عياض، وعياض من الحريش بصداء من المذارع، وحصن بني نبيت من بني قرة بصداء من المذارع وحصن العادية بالصافية لبني سوادة من قشير وهم طوالع الأحساب. وحصن آل شبل بالصافية أيضاً من بني هريم، وحصن بني النجوى من بني هريم، وحصن أم الحجاف الهريمي، وحصن الحجاف بن العنبر هريمي، وحصن آل ضرار من بني هريم، وحصون بني ثور، وحصن بني صهيب باكمة، وحصن بني قرط من قشير، وبالمذارع وغيرها قصب دون الحصون لطاف تسمى الثنية منها قصبة يقاتل عليها ومنها قصبة الشآمي وقصبة آل ركيز وحصن بني عبد الله من آل حيّان وقصبة عُميثل، وهذا كله بالمذارع.
وأما بلد جعدة بن كعب فإن منها عن جانب حصن الأحابشة من قشير والهيصمية لبني صهيب من بني قشير وهي مدينة حصينة يركض على جدارها أربع من الخيل، وجهد الغالي بالسهم أن ينال رأسها، وأما الحاصل من دار جعدة فسوق الفلج الذي تسوقه نزار واليمن وهو لبني أبي سمرة من جعدة ثم على أثرها من سيحي جعدة حصن يقال له مرغم أي يرغم العدو بامتناعه دونه وهو لبني أبي سمرة والقصر العادي بالأثل من عهد طسم وجديس وصفته أن بانيه بنى حصناً من طين ثلاثين ذراعاً دكّه ثم بنى عليه الحصن وحوله منازل الحاشية للرئيس الذي يكون فيه والأثل والنخل وساكنه اليوم بنو أبي شمسة، وسوق الفلج عليها أبواب الحديد وسمك سورها ثلاثون ذراعاً ومحيط به الخندق وهو مُنَطّقٌ بالقضاض والحجارة والصاروق قامة وبسطة فرقاً أن يُحْصَرَ أو يرسل للعدو السيوح عليه وفي جوف السوق مائتان وستون بئراً ماؤها عذب فرات يشاكل ماء السماء ولا يغيض وأربعمئة حانوت، ولبني جعدة سيحان يقال لأحدهما الرَّقادي والآخر الأطلس، وأما سيح قشير فاسمه سيح إسحق، فأما الرقادي فإن مخرجه من عين يقال لها عين ابن أصمع ومن عين يقال لها عين الزبّاء مختلطتين، وأما الأطلس فإن مخرجه من عين يقال لها عين الناقة ويقول أهل الفلج في اشتقاق هذا الاسم إن امرأة مرت بها على ناقة لها فتقحَّمت بها الناقة في جوف العين فخرج بعد سوارها بنهر محلِّم بهجر البحرين ومحلم نهر عظيم يقال إن تُبعاً نزل عليه فهاله ويقال إنه في أرض العرب بمنزلة نهر بَلخ في أرض العجم، وسائر بين بني جعدة ببلد يقال له أكمة به النخل والزروع والآبار والحصون وباقي بني جعدة ببلد يقال له الغيل به الزرع والآبار والحصون وبغلغل والثُّجَّة بأرض نجد قد ذكرها الرَّداعيُّ والثّجّة بالسحول من اليمن، وبحراضة ثم وراء ذلك مسالك وبلاد مثل برك وبريك بلا ألف ولام وفي حرَّة كنانة من تهامة البرك والبريك قال الراجز:
اذهب إليك قد قطعت البلدا ** البرك والبريك والمُعَقَّدا ".[4]
الافلاج كما وصفها خسرو
زار بلاد الفلج (الافلاج) الرحالة الفارسي ناصر خسرو ومكث فيها اربعة أشهر فقال:
" ومن مكة إليها ثمانون ومائة فرسخ وتقع فلج هذه وسط الصحراء وهي ناحية كبيرة ولكنها خربت بالتعصب وكان العمران حين زرناها قاصرا على نصف فرسخ في ميل عرضا وفي هذه المسافة أربع عشرة قلعة للصوص والمفسدين والجهلة وهي مقسمة بين فريقين بينهما خصومة وعداوة دائمة وقد قالوا نحن من أصحاب الرسيم الذين ذكروا في القرآن الكريم وهناك أربع قنوات يسقى منها النخيل أما زرعهم ففي أرض عالية يرفع إليها معظم الماء من الآبار وهم يستخدمون في زراعتهم الجمال لا الثيران ولم أرها هناك وزراعتهم قليلة واجر الرجل في اليوم عشرة سيرات من غلة يخبزها أرغفة ولا يأكلون إلا قليلا من صلاة المغرب حتى صلاة المغرب التالية كما في رمضان ويأكلون التمر أثناء النهار وقد رأيت هناك تمرا طيبا جدا أحسن مما في البصرة وغيرها والسكان هناك فقراء جدا وبؤساء ومع فقرهم فإنهم كل يوم في حرب وعداء وسفك دماء وهناك تمر يسمونه ميدون تزن الواحدة منه عشرة دراهم ولا يزيدون وزن النوى به عن دانق ونصف ويقال انه لا يفسد ولو بقي عشرين سنة ومعاملتهم بالذهب النيشابوري وقد لبثت بفلج هذه أربعة أشهر في حالة ليس أصعب منها لم يكن معي من شؤون الدنيا سوى سلتين من الكتب والناس جياع وعراة وجهلاء ويلتزمون حمل الترس والسيف إذا ذهبوا للصلاة ولا يشترون الكتب وكان هناك مسجدا نزلنا فيه وكان معي قليل من اللونين القرمزي واللازورد فكتبت على ائط المسجد بيت شعر ووضعت في وسطه ورق الشجر فرأوه وتعجبوا وتجمع أهل القلعة كلها ليتفرجوا عليه وقالوا لي إذا تنقش محراب هذا المسجد نعطيك مائة من تمرا ومائة من تمرا عندهم شيء كثير فقد أتى وأنا هناك جيش من العرب وطلب منهم خمسمائة من تمرا فلم يقبلوا وحاربوا وقتل من أهل القلعة عشرة رجال وقلعت ألف نخلة ولم يعطوهم عشرة أمنان تمرا وقد نقشت المحراب كما اتفقوا معي وكان لنا في المائة من من التمر عون كبير إذ لم يكن ميسورا أن نجد غذاء ولم يكن لدينا أمل في الحياة ولم نكن نستطيع أن نتصور خروجنا من هذه البادية إذ كان ينبغي للخروج منها عن أي طريق اجتياز مائتي فرسخ من الصحراء كلها مخاوف ومهالك ولم أر في الأشهر الأربعة التي أقمتها بفلج خمسة أمنان من القمح في أي مكان وأخيرا أتت قافلة من اليمامة لأخذ الأديم وحمله إلى الحسا فإنه يحصر من اليمن إلى فلج حيث يباع للتجار قال لي أعرابي أنا أحملك إلى البصرة ولم يكن معي شيء قط لأعطيه أجرا والمسافة مائتا فرسخ وأجرة الجمل دينار ويباع الجمل العظيم هناك بدينارين أو ثلاثة ولكني رحلت نسيئة إذ لم يكن معي نقود فقال الأعرابي أحملك إلى البصرة على أن تأجرني ثلاثين دينارا فقبلت مضطرا ولم أكن قد رأيت البصرة قط فوضع هؤلاء الأعراب كتبي على جمل أركبوا عليه أخي وسرت أنا راجلا وتوجهنا في اتجاه مطلع بنات النعش (الدب الأكبر) كان الطريق مستويا لا جبال فيه ولا مرتفعات وكان ماء المطر متجمعا حيثما كانت الأرض أشد صلابة ومضت ليال وأيام ولم يبد في أي جهة أثر الطريق إلا أنهم كانوا يسيرون بالغريزة (بالسمع) ومن العجيب أنهم كانوا يبلغون فجاة بئر ماء مع عدم وجود أي علامة اليمامة ".[5]
امارة الافلاج
كانت نجد تعاني من القحط والفقر والجوع وانعدام الامن وكثرت الغارات بين القبائل، وتزامن معها الفتوحات الإسلامية وانتقال العاصمة الإسلامية من المدينة المنورة الى خارج الجزيرة العربية، فهذه الأسباب شجعت على هجرة معظم قبائل العرب ومنها قبيلة بني عامر القيسية. وعندما خرجت معظم القبائل العامرية بقي قليل منهم في الافلاج وخربت ديار الهيصمية وخلت من السكان لانعدام الامن وتعطل الزراعة وطرق التجارة. فتهيأت الظروف للأمير محمد بن شثر الزيادي العامري وأقام مدينة ليلى على أنقاض الهيصمية واتخذها عاصمة له وسماها (ليلى محمد) وحصن مدينته بالقلاع والقصور وتوالت الامارة في ذريته. وبعد ان استوطن الشثور مدينة ليلى، وعمروها، وأصلحوا فلاجها، واجروا ماءها، وتوسعوا في المدينة بإقامتهم لبلدة النقية بجانبها وبلدة اوسيلة شمالها، فأصبحت ليلى حاضرت الفلج في ذاك الزمان وممرا للتجارة وعندها بدأت القبائل بالقدوم والاستيطان حولهم وقريبا منهم.[6]
وقد وصف الجرموزي امارة الشثور في كتابه تحفة الاسماع عندما ذهب الشيخ غنام بن رشود الجميلي وهو امير نصف البديع (الهدار) الى امام الدولة المتوكلية يشتكي ظلم الشثور امراء ليلى، فبعث الامام مع الشيخ غنام الفقيه شمس الدين احمد بن ناصر الحيمي ليتفقد الأحوال وحقائقها ويتأكد مما ادعى به الشيخ غنام بن رشود الجميلي على مشايخ الشثور. فلما وصل وجدهم أسد حالا وأحسن استقامة ولما سألهم مبعوث الامام عما حصل بينهم وبين الشيخ الجميلي اجابوه بأننا لم نتعرض له بأذية الا لأنه اباح المحرمات واعتدى على ضعفاء اهل الروضة بالنهب وهذا الذي كلفنا بمعاداته فاذا أراد منا الامام الكف فالسمع والطاعة على ان يحفظ استقرار المنقطة ويحافظ على امنها من العدوان. [7]
وصيته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين
هذا ما أوصى به إبراهيم بن حمد الشثري بأنه يشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله وان عيسى عبد الله ورسوله وكلمته القاها الى مريم وروح منه وان الجنة حق والنار حق والساعة اتيه لا ريب فيها وان الله يبعث من في القبور وأوصى من خلفه من اهله وأولاده ان يتقوا الله ويصلحوا ذات بينهم وان يطيعوا الله ورسوله ان كانوا مؤمنين وولى على أولاده الذكور والاناث ابنه سليمان الله يجعله صالحا في دينه ودنياه وأن ابن عمه صالح ناظر عليه فان بان من سليمان خمال فصالح الولي وأوصى لأولاد ابنه حمد رحمه الله بنصيب ابيهم لو كان حيا على حسب ارثهم لا يستحق احد نصيبه الا اذا ارشد فمن بلغ الرشد منهم استحق نصيب من لم يرشد فالرشد صفة للاستحقاق فمن لم يتصف بالصفة لم يستحق شيئا ويرجع نصيبه على اخوته وولي على عيال حمد رحمه الله خالهم صالح وعمهم سليمان وفاطمة ابنتي وليت اختيها نورة ولطيفة في نفقة وموالات ويتبعونها ان كانت وحدها والقديرات الخمسة الاسبال وليتها فاطمة واولادي احق بها من غيرهم وهم منها في حل كذلك سليمان وفاطمة ينفقون من مال الشركة مادامت الشركة على عادتهم في حياتي من ضيف وقهوة وصدقة، والصحفة الكبيرة والعتلتين ومسحاتين والعوقدة والحسي العلا والطالعة الجميع وقف على اولادي لا يردون عنها احد اذا جاهم برهانه وكروة الاراض على اولادي ثم على أولاد البنين من اولادي بطنا بعد بطن لا يستحقون أولاد البنات ما إن سلوا شيئا ويؤخذ لي من الكروة اضحية ولأبي اضحية ولوالدتي اضحية وسط وينفقون من باقيها على الصوام في رمضان فان رأو التمر اصلح من البسر فيشترون بها تمر ولا يجعلونها سنة واحدة لان بعض السنين قد لا تزرع فيبقى لها شيء من السنة المزروعة وانا مرخص لأولادي واولاد اخي يأكلون منها في رمضان الغني منهم والفقير ووليها ابني سليمان وعيسى ثم الصالح من اخوتهم ثم الصالح من أولاد اخي محمد وأوصى لمحمد بن بدر بخمسة وعشرين ريال ولهيا بنت فرحان بن مفلح بخمسة اريل وانت يا سليمان يا ولدي الله الله في اخوتك تراهم صغار وانتي يا فاطمة كذلك والله خليفتي فيكم وفيهم والضحايا يأكلون منها ويهدون ويتصدقون على العادة وصلى الله على محمد واله وصحبه وسلم
عاشورا سنة 1255 هـ
شهد على ذلك كاتبها صالح بن محمد الشثري
شهد على ذلك كاتب شهادته سليمان بن ابراهيم الشثري
وصلى الله على محمد
ختم: الواثق بالكريم الشثري إبراهيم
ختم: الواثق بالله العلي صالح الشثري [1]
اوقافه
وللشيخ أوقاف خيرية منها حائط نخل في القويع يسمى الطالعة، وأوقف بئرا في سوق البتيري في الحوطة، وارض الحسي في الفرعة وجميعها في قرى الحوطة.[1]
وفاته
توفي الشيخ رحمه الله يوم الجمعة في شهر جمادى سنة 1255هـ.[1]
مصادر
- ^ أ ب ت ث ج ح "علماء وقضاة حوطة بني تميم والحريق وقراهما". www.goodreads.com. Retrieved 2020-08-03.
- ^ "عنوان المجد في تاريخ نجد - الجزء الأول". www.goodreads.com. Retrieved 2020-08-03.
- ^ أ ب "إتحاف اللبيب في سيرة الشيخ عبدالعزيز أبو حبيب (PDF)". www.alukah.net. 2018-12-18. Retrieved 2020-08-03.
- ^ "الهمداني صفة جزيرة العرب". www.goodreads.com. Retrieved 2020-08-07.
- ^ "سفر نامه • الموقع الرسمي للمكتبة الشاملة". shamela.ws. Retrieved 2020-08-03.
- ^ جذالين، عبدالله بن عبدالعزيز آل (1992). تأريخ الأفلاج وحضاراتها. ع.أ.ب.ع.الع.أ.م. الجذالين،.
- ^ جرموزي، المطهر بن (2002). تحفة الأسماع والأبصار بما في الدولة المتوكلية من غرائب الأخبار: سيرة الامام المتوكل على الله إسماعيل بن القاسم، 1019-1087هـ. مؤسسة الامام زيد بن علي الثقافية،.