أنشودة المشنوقين
المؤلف | فرانسوا ڤيون |
---|---|
العنوان الأصلي | Ballade des pendus |
البلد | فرنسا |
اللغة | اللغة الفرنسية الوسيطة |
الصنف | شعر |
تاريخ النشر | 1489 |
أنشودة المشنوقين Ballade des pendus، وتعرف أيضاً بإسم نقش على ضريح ڤيون Epitaphe Villon أو إخوان في البشرية Frères humains، هو أشهر قصائد فرانسوا ڤيون. ويشيع الاعتراف بأن ڤيون هو من كتبه أثناء حبسه في انتظار اعدامه شنقاً عقب قضية فـِربوك، التي أصيب فيها موثق بابوي أثناء شجار. وقد نشرها بعد وفاته في 1489 أنطوان ڤيرار.
تقول الحكاية أن فرنسوا فيّون كتب «أنشودة المشنوقين» بوحي من فترة حكم عليه فيها بالإعدام بعد أن أُودع السجن من جديد في العام 1462. وهو كتبها وسط تأمله لحاله كما لحال رفاقه في السجن من البائسين الذين رأى فيّون مبكراً في ذلك الزمن أن أحوال المجتمع هي التي قادتهم الى الجريمة، لا رغبة الأقدار وحدها. ومن هنا انطبعت القصيدة بدرجة عالية من الحزن والواقعية، وبكونها - من ناحية الموضوع - تتجاوز كثيراً، الحكي عن السجن والحكم بالإعدام، لتطاول الشرط الانساني في صميمه، ويأس الانسان وعجزه، أمام ذلك الشرط.[1]
في الأصل كان فيّون جعل عنوان قصيدته «شاهدة قبر ڤيّون»، غير ان ناشري القصيدة بعد ذلك غيروا العنوان الى «أنشودة المشنوقين» لأنهم رأوا ان هذا يناسبها اكثر، فعرفت به. وقد اشتهرت هذه الأنشودة الى حد كبير، وقلّدت كثيراً، وهي تعتبر من اجمل ما كتب فيّون خارج اطار القصائد التي تشغل «وصيتيه» (الكبيرة والصغيرة) وتشكل آثاره الأساسية. في القصيدة/الأنشودة هذه، يحدثنا فيّون عن وجوده في السجن ويصف كيف انه رأى نفسه، مسبقاً، مشنوقاً تنفيذاً لحكم المحكمة، مع عدد من رفاق بؤسه، وقد غسلتهم أمطار الشتاء، وجففتهم قوة الشمس ومزقتهم العقبان وغيرها من طيور الموت، ثم عبثت الرياح بهم. غير ان هذا كله لا يدفع ڤيّون الى القول انه ظلم في ذلك الحكم الذي صدر عليه. كان حكماً عادلاً وكان هو يستحقه، حتى وإن لم يكن واثقاً بأن الآخرين يستحقون ما أُنزل بهم من أحكام. وهو، اذ يعترف بهذا، يطلب الرحمة وأن يُرأف به ويبعد عنه ذلك المصير الذي أخذ يتصوره وينزل به الرعب، دافعاً إياه الى التوبة. كان خلاصة ما يطلبه فيّون في قصيدته طلب رحمة الباري به وبأمثاله: «لقد اخطأنا وخطايانا كبيرة، ولكن هل نحن حقاً مسؤولون عن اخطائنا؟». كانت تلك واحدة من المرات الأولى التي يدين، فيها، شاعر، المجتمع وليس أعداء معينين، على ما لحق به وما اصابه وجعله يرتكب، هو بدوره، الشر في حق المجتمع وفي حق الآخرين، ولعل تلك الإدانة اتت في هذه القصيدة جديدة على الذهنيات العامة ولا سيما من طرف شاعر كان بدوره معروفاً بنزوعه الى الشرّ كما الى التمرّد، فكان في ذلك اشبه بالصعاليك الذين يضعون انفسهم على هامش المجتمعات، ولكن فقط لكي يبدأوا على تلك المجتمعات هجوماً يحمّلها عبء الشرور بعيداً من مفاهيم مثل القدرية ومثل مبادئ النزعات الاستسلامية التي طويلاً ما وفّرت على المجتمعات والقوى المتسلطة والمتحكمة فيها مغبة ان يُنحى باللائمة عليها في ما يحيق بالناس من شرور وأذى، ولعل هذا البعد في قصيدة فيّون هذه كما في أشعاره الأخرى هو الذي جعل لشعره كل تلك الشعبية وكل ذلك الانتشار.
مهما يكن من أمر، وعلى رغم جمال القصيدة/ الأنشودة وما ينضح منها من صدق ورغبة حقيقية في التوبة، ثمة ما يشبه الإجماع لدى النقاد والمؤرخين، على ان فرنسوا فيّون لم يكتبها في السجن وتحت ضغط التهديد بإعدامه شنقاً، بل كتبها بعد ذلك. فالواقع ان الإعدام لم يتم في ذلك الحين، بل إن فيّون سومح في نهاية الأمر من جانب «برلمان باريس»، لكنه منع من دخول المدينة اعتباراً من يوم الخامس من كانون الثاني (يناير) 1463. وهو امتنع بالفعل عن دخولها منذ ذلك اليوم. غير انه في الوقت نفسه سرعان ما اختفى تماماً، ولم يعد احد يراه، بعد ان نشر قصيدته تلك. وكان اختفاؤه وانتشار القصيدة في وقت واحد، كما يمكننا ان نتصوّر، مدعاة لتضخّم أسطورته وتحوّله الى حكاية غريبة يتناقلها الشعراء والرواة، كما لا يزالون يفعلون حتى اليوم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مقطع
في عام 1462 عاد إلى گيوم دي ڤيون وأروقة الدين، وابتهجت به أمه. ولكن القانون لم يغفل عنه. وطلبت كلية نافار أن يقبض عليه، ووافقت على إخلاء سبيله يشرط أن يدفع نصيبه من السرقة، منذ ست سنوات-أي أن يدفع أربعين كراون سنوياً لمدة ثلاث سنوات. وكان سيء الطالع في ليلة إخلاء سبيله. لوجوده مع اثنين من رفاقه المجرمين القدامى، عندما دفعهم السكر إلى شغب طعن فيه أحد القساوسة. ويبدو أن فيون كان لا مؤاخذة عليه في هذا الأمر، فانسحب إلى غرفته، وصلى ينشد الطمأنينة، ومع ذلك فقد فبض عليه مرة أخرى، فعذب بصب الماء في حلقه حتى كاد ينفجر، ومما أدهشه أن يحكم عليه بالإعدام شنقاً. ولبث في سجن ضيق، أسابيع، بين اليأس والرجاء وتوقع الموت لنفسه ولصاحبيه فأنشأ وداعاً مؤثراً للعالم:
|
Frères humains, qui après nous vivez, Si frères vous clamons, pas n'en devez La pluie nous a débués et lavés, Prince Jésus, qui sur tous a maistrie,
|
|
وكان لا يزال عنده بصيص من الأمل، فألح فيون على سجانه أن يحمل رسالة إلى أبيه الذي تبناه، ليحمل إلى محكمة البرلمان استئنافاً لحكم واضح الظلم. وتدخل گيوم دي ڤيون من أجل الشاعر مرة أخرى، وهو الذي يستطيع أن يغفر للناس مرات ومرات، فلا بد أن تكون للشاعر بعض الفضائل تشجع على حبه. وفي الثالث من يناير عام 1463، نطقت المحكمة بحكمها وأمرت بالآتي: .. يلغى الحكم السابق، وبعد أن وضعت في الاعتبار سوء خلق فيون المذكور-ينفى عشر سنوات من المدينة.. وكونتية وباريس. فشكر فرانسوا المحكمة في نشيد مرح، والتمس مهلة ثلاثة أيام "للإعداد لرحلتي ووداع قومي". فسمح له بذلك، وأغلب الظن أنه رأى أباه وأمه للمرة الأخيرة. وجمع أمتعته، وأخذ زجاجة النبيذ وكيس النقود اللذين أعطاهما إياه گيوم الطيب، وتلقى بركاته وخرج من باريس ومن التاريخ. ولم نعد نسمع عنه شيئاً بعد ذلك.
الهامش
- ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.