أمثولة الكهف لأفلاطون

أمثولة الكهف لأفلاطون، بريشة يان سنردام، حسب كورنليس ڤان هارلم، 1604، ألبرتينا، ڤيينا
Plato-raphael.jpg
جزء من سلسلة عن
الافلاطونية
مثالية افلاطونية
واقعية افلاطونية
افلاطونية وسيطة
افلاطونية محدثة
مقالات في الافلاطونية المحدثة
نظرية المعرفة الافلاطونية
Socratic method
حوار سقراطي
Theory of forms
Platonic doctrine of recollection
Form of the Good
أشخاص
افلاطون
سقراط
ألقبيادس
پروتاگوراس
پرمنيدس
مناقشات لأعمال افلاطون
محاورات افلاطون
مجازية الشمس
تناظر الخط المقسـَّم
مجازية الكهف
جدال الرجل الثالث
Quis custodiet ipsos custodes?
 ع  ن  ت

أمثولة الكهف Allegory of the Cave (وتُسمى أيضاً كهف أفلاطون أو حكاية الكهف) عرضها الفيلسوف اليوناني أفلاطون في عمله الجمهورية (514a–520a) لمقارنة "...أثر التعليم (παιδεία) وانعدامه على طبيعتنا". وهي مكتوبة كحوار بين أفلاطون وگلوكون ومعلمه سقراط، ويرويها الأخير. الأمثولة معروضة بعد أمثولة الشمس (508b–509c) و أمثولة الخط المقسم (509d–513e). الأمثولات الثلاث هم سمات تتعلق بالجدلية في نهاية الكتابين السابع والثامن (531d–534e).

وصف أفلاطون وسقراط لتجمهر للناس الذين كانوا يعيشون مربوطين إلى جدار كهف، طيلة حياتهم، مواجهين حائطاً خالي من السمات. الناس تشاهد ظلال تسقط على الجدار بسبب أشياء تمر أمام نار خلفهم، ويبدؤوا في إطلاق أسماء على تلك الظلال. وتلك الظلال تشبه نظرة السجناء للواقع، ثم يشرح أفلاطون أن الفيلسوف مثل السجين الذي يتم تحريره من السجن ليفهم أن الظلال على الحائط لا تمثِّل الواقع على الإطلاق حيث يمكنه إدراك الواقع الحقيقي بدلاً من مجرَّد الظلال التي يراها السجناء.

قد يكون الرمز مرتبطاً بنظرية الأشكال لأفلاطون والتي بموجبها تمتلك الأشكال أو الأفكار بالمعنى الصريح أعلى وأهم نوع من الواقع، وليس العالم المادي المعروف لنا من خلال الإحساس. فقط معرفة الأفكار تشكِّل معرفة حقيقية. يُبلغ أفلاطون گلوكون أن الأكثر تميُّزاً يجب أن يتعلَّموا جميع العلوم وبأعلى مستوى وهو الشئ الجيِّد، ومع ذلك يجب على أولائك الذين صعدوا إلى هذا المستوى الأعلى ألَّا يبقوا هناك ولكن يجب عليهم أن يعودوا إلى الكهف وأن يتخالطوا مع السجناء ليشاركوهم العلم والمعرفة.

يحتوى عمل الجمهورية لأفلاطون على صور مماثلة لتلك التي من رمزيَّة الكهف، يعترف فيها الأفلاطون أنه قبل الفلسفة كانت روحه سجيناً حقيقيَّاً مرتبطة بجسده وأنه بدلاً من التحقيق في الواقع بشكل منضبط وصحيح ييضطر إلى النظر من خلال قضبان السجن.[1]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الأمثولة

سقراط: تخيل رجالا قبعوا في مسكن تحت الأرض على شكل كهف، تطل فتحته على النور، ويليها ممر يوصل إلى الكهف. هناك ظل هؤلاء الناس منذ نعومة أظفارهم، وقد قيدت أرجلهم وأعناقهم بأغلال، بحيث لا يستطيعون التحرك من أماكنهم، و لا رؤية أي شيء سوى ما يقع أمام أنظارهم، إذ تعوقهم الأغلال عن التلفت حولهم برؤوسهم. و من ورائهم تضيء نار اشتعلت عن بعد في موضع عال، وبين النار والسجناء طريق مرتفع. ولتتخيل على طول هذا الطريق جدارا صغيرا، مشابها لتلك الحواجز التي نجدها في مسرج العرائس المتحركة، و التي تخفي اللاعبين وهم يعرضون ألعابهم.

گلوكون : إني لأتخيل ذلك.

سقراط: ولتتصور الآن، على طول الجدار الصغير، رجالا يحملون شتى أنوا ع الأدوات الصناعية، التي تعلو على الجدار. وتشمل أشكالا للناس والحيوانات وغيرها، صنعت من الحجر أو الخشب أو غيرها من المواد. و طبيعي أن يكون بين جملة هذه الأشكال من يتكلم ومن لا يقول شيئا.

گلوكون : إنها حقا لصورة عجيبة، تصف نوعا غريبا من السجناء.

سقراط: إنهم ليشبهوننا. ذلك أولا لأن السجناء في موقعهم هذا لا يرون من أنفسهم ومن جيرانهم شيئا غير الظلال التي تلقيها النار على الجدار المواجه لهم من الكهف، أليس كذلك ؟

گلوكون : وكيف يكون الأمر على خلاف ذلك ما داموا عاجزين طوال حياتهم عن تحريك رؤوسهم ؟

سقراط: كذلك فإنهم لا يرون من الأشياء التي تمر أمامهم إلا القليل.

گلوكون : بلا جدال.

سقراط: وعلى ذلك، فإذا أمكنهم أن يتخاطبوا، ألا تظنهم يعتقدون أن كلماتهم لا تشير إلا إلى ما يرونه من الظلال ؟

گلوكون : هذا ضروري.

سقراط: و إن كان هناك أيضا صدى يتردد من الجدار المواجه لهم، فهلا يظنون، كلما تكلم أحد الذين يمرون من ورائهم، أن الصوت آت من الظل البادي أمامهم ؟

گلوكون : بلا شك.

سقراط: فهؤلاء السجناء إذن لا يعرفون من الحقيقة في كل شيء إلا الأشياء المصنوعة.

گلوكون : لا مفر من ذلك.

سقراط: فلتتأمل الآن ما الذي سيحدث بالطبيعة إذا رفعنا عنهم قيودهم و شفيناهم من جهلهم. فلنفرض أننا أطلقنا سراح واحد من هؤلاء السجناء، وأرغمناه على أن ينهض فجأة، ويدير رأسه، ويسير رافعا عينيه نحو النور.

عندئذ تكون كل حركة من هذه الحركات مؤلمة له، وسوف ينبهر إلى حد يعجز معه عن رؤية الأشياء التي كان يرى ظلا لها من قبل. فما الذي تظنه سيقول، إذا أنبأه أحد بأن ما كان يراه من قبل وهم باطل، وأن رؤيته الآن أدق، لأنه أقرب إلى الحقيقة، ومتجه صوب أشياء أكثر حقيقة ؟ ولنفرض أيضا أننا أريناه مختلف الأشياء التي تمر أمامه، ودفعناه تحت إلحاح أسئلتنا إلى أن يذكر لنا ما هي. ألا تظنه سيشعر بالحيرة، ويعتقد أن الأشياء التي كان يراها من قبل أقرب إلى الحقيقة من تلك التي نريها له الآن ؟

گلوكون : إنها ستبدو أقرب كثيرا إلى الحقيقة.

سقراط: وإذا أرغمناه على أن ينظر إلى نفس الضوء المنبعث عن النار، ألا تظن أن عينيه ستؤلمانه، وأنه سيحاول الهرب و العودة إلى الأشياء التي يمكنه رؤيتها بسهولة. والتي يظن أنها أوضح بالفعل من تلك التي نريه إياها الآن ؟

گلوكون : أعتقد ذلك.

سقراط: و إذا ما اقتدناه رغما عنه و مضينا به في الطريق الصاعد الوعر، فلا نتركه حتى يواجه ضوء الشمس، ألا تظنه سيتألم و سيثور لأنه اقتيد على هذا النحو، بحيث أنه حالما يصل إلى النور تنبهر عيناه من وهجه إلى حد لا يستطيع معه أن يرى أي شيء مما تسميه الآن أشياء حقيقية ؟

گلوكون : إنه لن يستطيع ذلك، على الأقل في بداية الأمر. فاستطردت قائلا: إنه يحتاج، في الواقع، إلى التعود تدريجيا قبل أن يرى الأشياء في ذلك العالم الأعلى. ففي البداية يكون أسهل الأمور أن يرى الظلال، ثم صور الناس و بقية الأشياء منعكسة على صفحة الماء، ثم الأشياء ذاتها. وبعد ذلك يستطيع أن يرفع عينيه إلى نور النجوم و القمر، فيكون تأمل الأجرام السماوية وقبة السماء ذاتها في الليل أيسر له من تأمل الشمس و وهجها في النهار.

گلوكون : بلا شك.

سقراط: وآخر ما يستطيع أن يتطلع إليه هو الشمس، لا منعكسة على صفحة الماء، أو على جسم آخر، بل كما هي ذاتها، وفي موضعها الخاص.

گلوكون : هذا ضروري.

سقراط: وبعد ذلك، سيبدأ في استنتاج أن الشمس هي أصل الفصول والسنين، وأنها تتحكم في كل ما في العالم المنظور، وأنها، بمعنى ما، علة كل ما كان يراه هو ورفاقه في الكهف.

گلوكون : الواقع أن هذا ما سينتهي إليه بعد كل هذه التجارب. سقراط: فإذا ما عاد بذاكرته بعد ذلك إلى مسكنه القديم، وما كان فيه من حكمة، وإلى رفاقه السجناء، ألا تظنه سيغتبط لذلك التغير الذي طرأ عليه، و يرثي لحالهم ؟

گلوكون : بكل تأكيد.

سقراط: فإذا ما كانت لديهم عادة إضفاء مظاهر الشرف و التكرم على بعضهم البعض، و منح جوائز لصاحب أقوى عينين ترى الظلال العابرة، و أقوى ذاكرة تستعيد الترتيب الذي تتعاقب به أو تقترن في ظهورها، بحيث يكون تبعا لذلك أقدرهم على أن يستنتج أيها القادم، أتظن أن صاحبنا هذا تتملكه رغبة في هذه الجوائز، أو أنه سيحسد من اكتملت لهم ألقاب الشرف و مظاهر القوة بين أولئك السجناء ؟ ألن يشعر بما شعر به أخيل عند هوميروس، من أنه يّفضل ألف مرة أن يكون على الأرض مجرد خادم أجير عند فلاج فقير و أن يتحمل كل الشرور الممكنة، و لا يعود إلى أوهامه القديمة أو العيش كما كان يعيش من قبل ؟

گلوكون : إني أوافقك على رأيك هذا، فخير له أن يتحمل أي شيء من أن يعود إلى تلك الحياة.

سقراط: فلتتصور أيضا ماذا يحدث لو عاد صاحبنا واحتل مكانه القديم في الكهف، ألن تنطفئ عيناه من الظلمة حين يعود فجأة من الشمس.

گلوكون : بالتأكيد.

سقراط: فإذا كان عليه أن يحكم على هذه الظلال من جديد، و أن ينافس السجناء الذين لم يتحرروا من أغلالهم قط، في الوقت الذي تكون عيناه فيه مازالت معتمة زائغة، وقبل أن تعتاد الظلمة، وهو أمر يحتاج إلى بعض الوقت، ألن يسخروا منه، و يقولوا إنه لم يصعد إلى أعلى إلا لكي يفسد أبصاره، وإن الصعود أمر لا يستحق منا عناء التفكير فيه ؟ فإذا ما حاول أحد أن يحررهم من أغلالهم. ويقودهم إلى أعلى، واستطاعوا أن يضعوا أيديهم عليه، ألن يجهروا عليه بالفعل ؟

گلوكون : أجل بالتأكيد.

والآن، فعلينا، يا عزيزي گلوكون ، أن نطبق جميع تفاصيل هذه الصورة على تحليلنا السابق. فالسجن يقابل العالم المنظور، ووهج النار الذي كان ينير السجن يناظر ضوء الشمس، أما رحلة الصعود لرؤية الأشياء في العالم الأعلى فتمثل صعود النفس إلى العالم المعقول. فإذا تصورت هذا فلن تخطى فهم فكرتي، مادام هذا ما تريد أن تعرفه. ولست أدري إن كانت فكرتي هذه صحيحة أم لا، ولكن هذا ما يبدو لي على أية حال، فاخرما يدرك في العالم المعقول بعد عناء شديد هو مثال الخير، ولكن المرء ما أن يدركه، حتى يستنتج حتما انه علة كل ما هو خير وجميل في الأشياء جميعا، وأنه في العالم المنظور هو خالق النور وموزعه، وفي العالم المعقول هو مصدر الحقيقة و العقل. فبدون تأمل هذا المثال لا يستطيع أحد أن يسلك بحكمة، لا في حياته الخاصة ولا في شؤون الدولة.

عن كتابه: " الجمهورية " - الكتاب السابع


تأثيرها

  • Evolutionary biologist Jeremy Griffith's book A Species In Denial includes the chapter Deciphering Plato’s Cave Allegory.[2]
  • Journalist Chris Hedges' book Empire of Illusion: The End of Literacy and the Triumph of Spectacle refers to Plato's analogy in the chapter "The Illusion of Literacy".

انظر أيضاً

الهامش

  1. ^ Elliott, R. K. (1967). "Socrates and Plato's Cave". Kant-Studien. 58 (2): 138.
  2. ^ Griffith, Jeremy (2003). A Species In Denial. Sydney: WTM Publishing & Communications. p. 83. ISBN 1-74129-000-7.

وصلات خارجية

قالب:Wikisource2


الكلمات الدالة: