أربعة قرون من تاريخ العراق الحديث
المؤلف | ستيفن همسلي لونگريگ |
---|---|
المترجم | جعفر الخياط |
البلد | المملكة المتحدة |
اللغة | الإنگليزية |
الموضوع | تاريخ العراق |
الصنف | تاريخ |
نـُشـِر | 1941 |
الناشر | الرافدين للطباعة والنشر-بيروت |
الصفحات | 474 |
أربعة قرون من تاريخ العراق الحديث هذا الكتاب للاداري الاستعماري البريطاني ستيفن همسلي لونگريگ، وقد كتبه سنة 1925 حين كان موظفا وضابطا استعماريا برتبة عميد في العراق أتيحت له فرصة واسعة للحصول على كمية كبيرة من المراجع والوثائق القديمة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
نبذة عن الكتاب
قراءة هذا الكتاب ستكون مفيدة غاية الفائدة، إنما سيكون من الأفيد أن تكون قراءة حذرة جدا؛ فالمؤلف، وإنْ كان يزود قراءه بمعلومات غنية وثمينة كثيرة، ولكنه يخلطها غالبا باستنتاجاته الشخصية الاستعمارية أو بمعلومات ثانوية ويعطيها الأولية، وهو في ذلك يصدر عن عقليته الأورومركزية والاستشراقية الغربية، وإنْ كان يفعل ذلك بطريقة أخف وطأة من كتاب غربيين كثر وحتى من توابعهم العراقيين لأنه يحافظ على بعض السوية الموضوعية في السرد التاريخي الموثق في مواضع كثيرة من الكتاب.
أعتقد أن الفصل الأول من الكتاب الذي يحمل عنوان "العراق والفتح التركي - البلاد في 1500: العروق والمجتمع" من أهم فصول الكتاب من الناحية المعلوماتية. إنه وصف جغرافي ومجتمعي وعمراني مفصل ونادر المثيل لعراق القرن السادس عشر، حين لم يبق من العراق العباسي الزاهر - حين كان المسافر المنطلق من جنوب العراق إلى بلاد الشام، كما تخبرنا كتب التراث القديم، لا يكاد يحتاج إلى زوادة طعام يحملها معه لأنه يحصل على طعامه وشرابه من القرى المتصلة على امتداد الفرات وصولا إلى الشام - لم يبق منه الشيء الكثير. فالمدينة الوحيدة التي مُصِّرت على نهر الغراف في قلب السهل الرسوبي السومري القديم هي مدينة الحي، وكان هذا النهر يسمى باسمها أحيانا "شط الحي"، أما القرى والبلدات الصغيرة التي تظهر وتختفي فكان السهل يكتظ بها، وربما كانت تؤوي غالبية سكان البلاد. وغربا، باتجاه بلاد الشام، فلم تكن هناك من مدن جنوبا سوى مدينتي البصرة والحلة التي يصفها بالبلدة العظيمة الآهلة بالسكان / ص23، ومدينة الرمادي شمالها الغربي وعانة "عنت" القديمة في هيئة قرية صغيرة وقد غمرت بالمياه وزالت من الوجود في القرن العشرين خلال إنشاء سد حديثة وبنيت مدينة أخرى جديدة تحمل اسمها الآن.
أما شرقا، باتجاه الشمال، وعلى امتداد دجلة، فالوضع أكثر مأساوية وخواءً سكانيا، ويكتب لونكريك (ومن قبتي الكاظم وأبي حنيفة - ببغداد - وإلى حمام العليل، ينبوع الموصل، لم يكن المسافر ليمر ببلدات كثيرة سوى السميكة، الواقعة على نهر الدجيل، وسامراء وتكريت... ص15). ويؤكد المؤلف أن هذا الواقع السكاني والمجتمعي ظل قائما "حتى آخر القرن التاسع عشر / ص 23".
وبخصوص ما يسميه لونكريك "العروق والمجتمع" قد يتفاجأ بعض المتأثرين بالقراءات الاستشراقية الغربية المشككة بالهوية الحضارية العربية للعراق من الحقيقة التالية التي ينقلها المؤلف عن وثائقه القديمة ومشاهداته الشخصية في بداية القرن العشرين عن التركيبة المجتمعية السكانية العراقية فهو يقول (كانت سهول العراق محفوفة، على هذه الشاكلة ببلدان تختلف عنها كل الاختلاف بوجه أرضها وسكانها. ونظرة واحدة ننظرها إلى العرب الخلص من بدو بادية الشام وسكان شواطئ الخليج، وإلى اللر والكور - لا أدري إن كان يقصد بالكور جمع كورة أي قرية أم يقصد الكرد التي لم تكن تكتب بالواو في بدايات القرن العشرين بتاتا، ولكني أرجح أنه يقصد الكرد لأنه استعمل عبارة "النواحي الكردية واللرية/ص59" ع.ل- في الشرق والشمال، تؤكد لنا بوضوح سيادة اللغة الواحدة وتناسق الطبيعة في العراق الأصلي. فكانت العربية، في الحقيقة، ينطق بها الجميع من الموصل إلى الكارون (نلاحظ هنا أن لونكريك يعتبر نهر الكارون والأراضي التي يمر بها عراقية. وهو لا يجافي الحقيقة التاريخية التي يؤكدها المثل الشعبي العراقي الحي وذائع الصيت "ماكو ورا عبادان قرية" بمعنى، أن حدود العراق الجنوبية قبل القرن العشرين كانت في الوعي الشعبي تمتد إلى عبادان التابعة هي والكارون لإيران اليوم. ع.ل). وكانت الأنهار تربط الشمال بالجنوب. غير أن التناسق الظاهري في الدم والديانة ووحدة المجتمع كان يضم اختلافات مفعمة بالمعنى. ص20). ورغم هذه المعطيات والمعلومات التي تؤكد الهوية الحضارية للعراق بلدا ومجتمعا وكونها عربية إسلامية، ولكن المؤلف يعود ليطرح استنتاجا يعاكس مقدماته فيقول (فلم يكن العراق بلدا واحدا من الوجهة العنصرية)، علماً، أن الوحدة العرقية أو الصفاء العنصري لم يقل به أحد، ولم يدافع عنه مدافع، فهو مجرد وهم لا طائل تحته في العصر الحديث. ولكن الهوية العربية للعراق لا ينفيها وجود أقليات قومية من الكرد والتركمان والكلدان والآشوريين والهنود والإيرانيين الذين لا تصل نسبتهم مجتمعين وحتى اليوم إلى أكثر من 15 بالمائة بعد أن اندمجت أو رحلت بعض هذه الجاليات وخصوصا الهنود والإيرانيين. فلماذا يحاول لونكريك وتلامذته المعاصرون والمشتغلون في مؤسسات الاحتلال الأميركي كمجموعة كروكر سيئة الصيت، الشطب على هذه الهوية العراقية العربية وتشويهها والترويج لعراق ثنائي القومية أو متعدد القوميات؟
لقد نجح، الحليف الأقرب والأخطر للاحتلال الأميركي، زعيم مليشيات "الاتحاد الوطني الكردستاني" جلال الطالباني، وبدعم أميركي، في فرض هذه المقولة سياسيا ودستوريا على حلفائه الساسة الشيعة العرب أيام كتابة الدستور العراقي الاحتلالي في عهد الحاكم الأميركي بول بريمر، ولكن ذلك النجاح لن يكون الكلمة الفصل والأخيرة لأنها كلمة متغلبين بقوة الاحتلال الأجنبي وستزول بزوالها وزوال نظام حكمهم المكوناتي التابع. ونتساءل في هذا السياق: هل كفت إيران عن أن تكون فارسية الهوية علما أن النسبة السكانية للفرس لا تزيد عن النصف إلا قليلا ومثلها دولة تركيا التي لا تزيد نسبة الترك الطورانيين فيها عن الستين بالمائة، والقائمة طويلة وتشمل فرنسا الرومانية الكاثوليكية رغم وجود عشرات الملايين من غير الرومان.[1]