أخبار:الجمارك🇫🇷 تضبط حاكم مصرف لبنان يهرب 90.000€
- الجمارك الفرنسية تضبط حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، يهرب 90.000 يورو بحقيبته إلى فرنسا، في يوليو.
في 30 أغسطس 2021، ذكرت صحيفة الأخبار اللبنانية أن "الجمارك الفرنسية أوقفت في يوليو الفائت حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في مطار لوبورجيه، وبحوزته أكثر من 83 ألف يورو في حقيبة لم يصرح عنها". وقالت الصحيفة إنه "يوم 16 يوليو، غادر سلامة مطار بيروت، على متن طائرة خاصة، متوجهاً إلى فرنسا. حطت طائرته، التابعة لشركة طيران الشرق الأوسط، في مطار لوبورجيه، شمالي العاصمة الفرنسية باريس. كانت أموره تسير كالمعتاد، لجهة ترتيبات الخروج من المطار، إلى أن سأله موظفو الجمارك الفرنسيون عما إذا كان في حقائبه ما يوجب التصريح عنه. رد سلامة بالنفي. ثم سأله الموظفون عما إذا كان يحمل المال نقداً، فأجاب بأن في حوزته 15 ألف يورو، وهو المبلغ الأقصى الذي يسمح بإدخاله نقداً إلى فرنسا، من دون التصريح عنه".[1]
وأضافت: "عندها، طلب موظفو الجمارك تفتيش حقائب سلامة. فوجئ هؤلاء بوجود مبلغ مالي باليورو، وآخر بالدولار. بعد "عدّ" الأموال، تبيّن أن ما في حقيبة سلامة يبلغ 83 ألف يورو، إضافة إلى ما قيمته نحو 7 آلاف يورو، بالدولار الأمريكي و50 سيجارا". وتابعت: "على الأثر، أدخل سلامة إلى غرفة التحقيق لفتح محضر رسمي، وردة فعله الأولى كانت أنه لا يعلم كيف وصلت تلك الأموال إلى حقيبته، قبل أن يعود ويقرّ بملكيته لها، معرفا عن نفسه بأنه حاكم مصرف لبنان. وأبرز للمحققين جواز سفر دبلوماسيا لبنانيا. وعندما سئل عن السيجار، أجاب بأنه للاستخدام الشخصي". وتابعت:"نتيجة التحقيق الجمركي، أجبر سلامة على دفع غرامة مالية قدرها 2700 يورو نتيجة محاولته إدخال مبلغ من المال من دون التصريح عنه. أما الخمسون سيجارا، فلم يغرم بسببها".[2]
في الحسابات اللبنانية، يُعدّ المبلغ المذكور ضئيلاً جداً، قياساً بما هو معروف عن ثروة رياض سلامة، كما عن أسلوب عمله منذ تولّيه حاكمية مصرف لبنان. لكن ما جرى له الكثير من الدلالات، ويمكن اعتباره عيّنة عن أحد أوجه أداء الحاكم في المركزي:
- أولاً، فيما اللبنانيون وعموم المودعين ممنوعون من الحصول على دولار واحد، أو يورو واحد، من المصارف اللبنانية التي أفلست في ظل حاكمية سلامة (رأي السلطة الناظمة للقطاع المصرفي)، يحمل الأخير في رحلته من بيروت إلى باريس نحو 90 ألف يورو نقداً.
- ثانياً، خالف رياض سلامة القانون بعدم التصريح عن المبلغ في مطار بيروت، كما بعدم التصريح عنه في المطار الفرنسي.
- ثالثاً، كذب رياض سلامة على موظفي الجمارك الفرنسيين الذين سألوه عما إذا كان يحمل ما يوجب التصريح عنه، ثم كذب عليهم بإجابته الأولى عندما نفى معرفته بكيفية وصول الأموال إلى حقيبته الشخصية.
وفيما لا يمكن الجزم بعدد المرات التي نقل فيها سلامة أموالاً نقدية بعد انهيار القطاع المصرفي في خريف عام 2019، لا يمكن فصل تعامل موظفي الجمارك في مطار لوبورجيه معه عن التوجّه السياسي الفرنسي إزاءه. فباريس لا تُخفي أنها تريد إطاحة رياض سلامة، ولديها كتيبة من المرشحين البدلاء، على رأسهم سمير عساف. لكن ما يحول دون تحقيق إمانويل ماكرون لمبتغاه، هو الحماية الأمريكية التي لا يزال يحظى بها حاكم مصرف لبنان، إضافة إلى مظلة داخلية سياسية ومالية واحتكارية وطائفية وإعلامية. هذه الحماية الأمريكية لا تزال، على ما تشير مصادر متابعة لملفات سلامة القضائية المفتوحة في أكثر من دولة أوروبية، تحول دون أن تخطو السلطات القضائية الغربية خطوة إضافية ضد الحاكم. فالسلطات السويسرية، على سبيل المثال لا الحصر، لا تزال تمتنع عن تنفيذ الطلب الذي بعثت به النيابة العامة التمييزية إلى نظيرتها السويسرية في 26 مايو 2021، والرامي إلى الحجز على أموال سلامة وممتلكاته، لمصلحة الدولة اللبنانية. كذلك لم تُنفّذ الطلب اللبناني سلطات فرنسا وألمانيا، علماً بأن أجهزة الأمن في برلين تُقدّر ثروة سلامة في لبنان والعالم بنحو مليارَي دولار أميركي! وهي ترى أن الاشتباه في كون سلامة اختلس، بين عامَي 2001 و2015 نحو 330 مليون دولار من مصرف لبنان، بالشراكة مع شقيقه رجا، هو «اشتباه قاصر، لأن المؤشرات الموجودة في حوزتنا تشير إلى احتمال اختلاس مبالغ تفوق ذلك بكثير».
يُضاف إلى ما تقدّم أن النيابة العامة السويسرية لم تزوّد نظيرتها اللبنانية بَعد بنسخة عن العقد الموقّع بين مصرف لبنان وشركة «فوري» التي يُشتبه في أنها واجهة احتيالية لسلامة وشقيقه. فهذا العقد هو الذي يُشتبه في أنه أدى إلى اختلاس مبلغ 330 مليون دولار لحساب الشقيقين سلامة. والمفارقة أن نسخته الموقّعة بين مصرف لبنان و«فوري» في بيروت، لا تأتي على ذكر رجا سلامة. أما النسخة المودعة في سويسرا، فهي تحمل توقيع رجا سلامة، بحسب ما تشير مصادر النيابة العامة الاتحادية في بِرن.أجهزة الأمن الألمانيّة تقدّر ثروة سلامة بنحو مليارَي دولار.
بصرف النظر عن الحماية التي يحظى بها، فإن شهر يوليو لن يحمل الهدوء لرياض سلامة. المدّعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون مستمرة بملاحقته. وفي الجزء الثالث من الشهر، سيجتمع في مدينة لاهاي الهولندية ممثلو الادعاء العام في 7 دول أوروبية، لتوحيد آليات العمل على ملف سلامة. لكن يبقى أن أهم ما سيواجهه، هو موعد جلسة التحقيق الثانية مع المحامي العام التمييزي، بالتكليف، القاضي جان طنّوس. هذه الجلسة التي ستُجرى بإشراف النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، ينبغي لها أن تشكّل منعطفاً في حياة سلامة. فالتحقيقات المستمرة منذ شهر شباط 2021 في قضية اختلاس أموال من مصرف لبنان وقضايا أخرى، آن لها أن تصل إلى نهايتها. وصحيح أن الادعاء العام لا يجوز له أن يعمل تحت الضغط، ومن واجبه جمع أكبر قدر ممكن من الأدلّة التي «تسهّل» مهمة قاضي التحقيق في ملف بهذه الخطورة (وتصعّب على قاضي التحقيق اللجوء إلى «لفلفة» القضية)، لكن لا بد من رفع الصوت للضغط على النيابة العامة من أجل الادعاء على سلامة وتوقيفه. فهذا الرجل لم يترك مخالفة لم يرتكبها: من تبديد عشرات مليارات الدولارات (بالشراكة مع آخرين في المصارف)، والتسبب بكارثة اقتصادية ومالية (بالشراكة مع آخرين في السلطة والمصارف)، والاستمرار في تعميق الانهيار... وصولاً إلى تهريب الأموال بحقيبته الشخصية عبر المطارات! إبقاؤه من دون تحريك دعوى الحق العام ضدّه، ليس سوى تشجيعٍ له على الاستمرار في ارتكاب الجرائم.
انظر أيضاً
المصادر
- ^ "الجمارك الفرنسيّة تضبطه بالجرم المشهود: سلامة يهرّب الأموال بـ«الشنطة»". جريدة النهار اللبنانية. 2021-08-30. Retrieved 2021-08-30.
- ^ "صحيفة: "الجمارك الفرنسية ضبطت حاكم مصرف لبنان يهرّب أموالا بحقيبة". روسيا اليوم. 2021-08-30. Retrieved 2021-08-30.