أخبار:استئناف التحقيق مع بنك خلق بنيويورك
كان المدعي العام الفدرالي في مانهاتن، جفري برمان، قد سافر إلى واشنطن في يونيو 2019 لمناقشة قضية خلق بنك، مع المدعي العام وليام بار وبعض كبار مساعديه.
حاول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لشهور الضغط على الرئيس الأمريكي دونالد ترمپ لإلغاء التحقق، والذي لا يهدد البنك فقط، بل يهدد أفراد من عائلة أردوغان وحزبه الحاكم. عندما اجتمع برمان مع بار، تفاجأ عندما قدم له الآخير تسوية من شأنها أن تحقق مطالب أردوغاتن.
ضغط بار على برمان للسماح للبنك بتجنب لائحة الاتهام بدفع غرامة والاعتراف ببعض المخالفات. بالإضافة إلى ذلك، ستوافق وزارة العدل على إنهاء التحقيقات والقضايا الجنائية التي تتعلق بمسؤولين أتراك وبنوك متحالفة مع أردوغان ويشتبه في مشاركتها في خطة خرق العقوبات. لكن برمان لم يوافق.
كان للبنك الحق في محاولة التفاوض على تسوية. لكن المدعين لا يزالون يحققون مع أفراد رئيسيين في القضية، بما في ذلك بعض الذين لهم صلات بأردوغان، ويعتقدون أن المخطط ساعد في تمويل برنامج الأسلحة النووية الإيراني. قال برمان لاحقاً للمحامين في وزارة العدل: "هذا خطأ تماماً". "أنت لا تمنح حصانة للأفراد ما لم تحصل على شيء منهم - ولن نفعل ذلك."
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يتصدى فيها برمان، مدعي عام جنوب نيويورك، لمحاولات كبار المسئولين السياسيين في وزارة العدل لتعطيل تحقيق بنك خلق.
قبل ستة أشهر، رفض ماثيو ويتاكر، القائم بأعمال النائب العام الذي أدار القسم من نوفمبر 2018 حتى وصول بار في فبراير 2019، طلباً من برمان للحصول على إذن بتوجيه اتهامات جنائية ضد البنك، وحسب ويتكار، فقد منع محاميان مشاركان في التحقيق هذه الخطوة بعد فترة وجيزة من ضغط أردوغان على ترمپ عبر سلسلة من المحادثات في نوفمبر وديسمبر 2018 لحل مسألة بنك خلق.
إن حرص الرئيس الواضح على إرضاء أردوغان قد خضع للتدقيق لسنوات. وكذلك حجم وكثافة جهود الضغوط التي تبذلها تركيا بشأن القضية، مثل مطالبتها بتسليم أحد المنافسين السياسيين لأردوغان، فتح الله گولن. كان لأردوغان مصلحة سياسية كبيرة في النتيجة، لأن القضية أصبحت مصدر إحراج كبير له في تركيا.
في البيت الأبيض، أصبح تعامل ترمپ مع الأمر مقلقاً، حتى لبعض كبار المسؤولين في ذلك الوقت.
كان الرئيس الأمريكي يناقش قضية جنائية مفتوحة مع أردوغان، والذي تواردت تقارير تفيد بأنه تلقى ما لا يقل عن 2.6 مليون دولار من صافي دخل العمليات في تركيا من عام 2015 حتى عام 2018، وفقاً لسجلات الضرائب التي حصلت عليها صحيفة نيويورك تايمز.
وكان رد ترمپ المتعاطف مع أردوغان متناقضاً بشكل خاص لأنه تضمن اتهامات بأن البنك قد قوض سياسة ترمپ بعزل إيران اقتصادياً، وهي حجر الزاوية في خطته للشرق الأوسط.
قال مسؤولون سابقون في البيت الأبيض إنهم أصبحوا يخشون أن يكون للرئيس توجهات للتأثير على نظام العدالة الجنائية لدفع أجندة خاصة بالمعاملات وغير محددة المعالم.
وقال جون بلتون، مستشار الأمن القومي السابق لترمپ، في مقابلة أجريت معه مؤخراً: "إنه سيتدخل في العملية الحكومية الاعتيادية لفعل شيء ما لزعيم أجنبي". "تحسباً لماذا؟ تحسباً لخدمة أخرى من هذا الشخص؟".
في حالة بنك خلق، لم تبدأ الولايات المتحدة في توجيه اتهامات ضد البنك إلا بعد صدام حاد في السياسة الخارجية بين ترمپ وأردوغان بشأن سوريا في خريف 2019. ومع ذلك، فإن حنق الإدارة بشأن عدم رغبة برمان في قبول اقتراح بار ستظل باقية، وستسهم في نهاية المطاف في إقالة برمان.
تستند هذه الرواية إلى مقابلات مع أكثر من عشرين من المسؤولين الحكوميين الأتراك والأمريكيين الحاليين والسابقين وجماعات الضغط والمحامين الذين لديهم معرفة مباشرة بالتفاعلات. وامتنع ممثلون عن الحكومة التركية وبنك خلق ووزارة العدل والبيت الأبيض عن التعليق.
شنت تركيا حملة تأثير مدروسة في واشنطن للتعامل مع بنك خلق. بالإضافة للرئيس ترمپ، شملت الشخصيات المرشحة للذلك، عمدة نيويورك السابق رودي جولياني، مايكل فلن مستشار الأمن القومي الأول لترمپ، وبريان بالارد، عضو جماعة الضغط وجامع تبرعات الحملة الرئاسية لترمپ.
بعد ضغط كبار المسؤولين الأتراك على وزير الخزانة ستيڤن منوتشن والرئيس ترمپ، ضغط منوتشن على وزارة العدل لعدم فرض غرامة كبيرة للغاية على بنك خلق لأن تركيا لا تستطيع تحملها، على حد قول اثنين من المسؤولين الفدراليين. ورفض مكتب منوتشن التعليق على قضية بنك خلق لكنه أضاف أن وزارتي الخزانة والعدل "تتشاور وتنسق بشكل روتيني" بشأن قضايا العقوبات والغرامات.
قال بلتون وآخرون إنهم لا يستطيعون تقديم شرح كامل لسبب تصميم الرئيس ترمپ على إرضاء أردوغان.
قالت فيونا هيل، التي أشرفت على السياسة الخاصة بتركيا وأوروپا بمجلس الأمن القومي في عهد ترمپ: "كانت هذه علاقة مهمة حقاً للولايات المتحدة يجب التعامل معها". "وفي كل منعطف، استمر الرئيس في القفز، ولم يكن يتبع الخيوط الاستراتيجية للعلاقة".
بدأت حملة الضغط التركية قبل أن يتولى الرئيس ترمپ منصبه. خلال زيارة قام بها نائب الرئيس جو بايدن إلى تركيا في أغسطس 2016، أجرى الرئيس التركي مع بايدن محادثة خاصة، وفقاً لما ذكره مساعد بايدن.
زعم أردوغان أن التحقيق مع بنك خلق كان "مؤامرة كبرى" حرض عليها منافسه فتح الله گولن. غادر گولن تركيا في أواخر التسعينيات وانتقل إلى ولاية پنسلڤانيا، حيث تآمر، كما روى أردوغان، للقيام بمحاولة انقلاب فاشلة قبل شهر واحد فقط، وفقاً لملخص المحادثة التي قدمها مساعد بايدن لصحيفة التايمز.
طلب أردوغان من بايدن إقالة پريت برارا، المدعي العام لجنوب نيويورك. كان وكان برارا قد وجه في المراحل الأولى من التحقيق في قضية بنك خلق لائحة اتهام لرضا ضراب، للمساعدة في تنظيم خطة التهرب من العقوبات. وقال مساعد بايدن إن أردوغان أراد أيضاً أن تقوم إدارة أوباما بإقالة القاضي المشرف على قضية ضراب في منهاتن. وأراد الإفراج عن ضراب والسماح له بالعودة إلى تركيا.
وفقًا لرواية مساعد بايدن، قال أردوغان إنه إذا كانت الولايات المتحدة تعني حقاً ما قالته حول إصلاح العلاقات، فيجب أن تختفي القضية.
في حديثه إلى المراسلين الصحفيين قبل مغادرته تركيا، أوضح بايدن أن هناك حدوداً لما يمكن للولايات المتحدة أو ينبغي لها أن تفعله لمعالجة طلبات أردوغان، بما في ذلك أي مسعى لتسليم گولن. قال بايدن، وأردوغان إلى جانبه: "إذا تولى الرئيس هذا الأمر بنفسه، فإن ما سيحدث هو أنه سيُحاكم لانتهاكه قانون الفصل بين السلطات".
ولم يستسلم أردوغان، حيث أثار القضية في لقاء آخر مع بايدن أثناء زيارته نيويورك لحضور اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومرتين أخريين في مكالمة مع الرئيس أوباما خلال الأسابيع التي سبقت تركه الرئاسة في يناير 2017، حسب ما قاله مساعدي أوباما وبايدن.
في مقابلة، قال برارا إنه لم يسمع تساؤلات حول تحقيق بنك خلق من أي شخص في البيت الأبيض في أوباما أو مكتب المدعي العام. أدى انتخاب ترمپ إلى تحول فوري في جهود التواصل التركية.
ساعدت عائلة ترمپ في بناء أبراج ترمپ بإسطنبول، وهو مجمع سكني وتجاري ناجح افتتحه أردوغان عام 2012. وقال ترمپ في 2015: "لقد تعرفت على تركيا جيداً. إنهم أناس رائعون، إنهم أناس رائعون. لديهم قائد قوي". في تركيا، كانت هناك ثقة في أن جدول أعمال أردوغان سوف يحظى الآن بالاهتمام والدعم على أعلى المستويات في الإدارة الأمريكية.
يتذكر روبرت أمستردام، أحد أعضاء جماعات الضغط لصالح تركيا، قائلاً: "شعرت القيادة العليا في تركيا أن ترمپ سيكون رجل أعمال عنيد، لكنه رجل أعمال يمكنهم العمل معه".
بمجرد تولى ترمپ الرئاسة، كانت هناك تلميحات مبكرة إلى أن رسالة أردوغان كانت تصل إلى البيت الأبيض.
سأل مجلس الأمن القومي وزارة التعليم عن شبكة من المدارس المستقلة، الممولة جزئياً من الأموال الفدرالية، والتي قيل إنها مرتبطة بفتح الله گولن. قال مسؤول مشارك في المحادثات إن الوزارة سُئلت بعد ذلك عما إذا كان من الممكن حظر التمويلات الفدرالية. لكن مسؤولي وزارة التعليم قاوموا، قائلين إنهم لا يملكون السلطة القانونية لوقف التمويل.
واجه البيت الأبيض نقصاً مشابهاً في الحماس من قبل وزارة الأمن الداخلي ومكتب التحقيقات الفدرالي، اللذان تلقيا طلبات للتحقيق مع گولن والبحث عن طرق لإجباره على الخروج من الولايات المتحدة، حسبما قال المسؤولون المشاركون في تلك الجهود. ورفض مكتب التحقيقات الفدرالي. في غضون ذلك، تكثفت جهود تركيا لحل قضية بنك خلق.
تظهر السجلات أن البنك والحكومة التركية دفعوا لشركة الضغط التابعة لبالارد 4.6 مليون دولار على مدى عامين للعمل على قضية بنك خلق ومسائل أخرى، بما في ذلك الاجتماعات والمكالمات الهاتفية مع مكتب نائب الرئيس ووزارة الخارجية وأعضاء الكونگرس وجاي سيكولو، أحد محامي السيد ترمپ الشخصيين.
جادل فريق بالارد بأن قضية بنك خلق هي مسألة تتعلق بالسياسة الخارجية، وأن الحاجة إلى الحفاظ على علاقات وثيقة مع تركيا، العضو في الناتو، يجب أن تؤخذ في الاعتبار. لكن التحقيق الذي أجراه المدعون الفدراليون في منهاتن يمضي قدماً. بحلول أوائل عام 2018، أدى ذلك إلى توجيه لوائح اتهام إلى تسعة متهمين، بمن فيهم وزير الاقتصاد التركي السابق وثلاثة من مسؤولي بنك خلق، بتهم تتضمن الاحتيال المصرفي وغسيل الأموال المتعلقة بخطة التهرب من العقوبات. حوكم أحد المدعى عليهم، محمد خاقان أتيلا، نائب المدير العام للبنك للخدمات المصرفية الدولية، وأدين في يناير 2018.
اعترف رضا ضراب بالذنب وأدلى بشهادته حول كيفية اعتماد المخطط على مستندات مزورة وشركات واجهة، وكيف دفع ملايين الدولارات كرشاوى لوزير الاقتصاد والمدير العام لبنك خلق. كما شهد أن العملية تمت بدراية وموافقة أردوغان، وكذلك معرفة براءة البيرق، صهر أردوغان، الذي يشغل منصب وزير المالية التركي.
عندما تم تعيين برمان مدعياً عاماً للولايات المتحدة في يناير 2018، كان المدعون العامون يحولون تركيزهم إلى البنك نفسه وإمكانية تحميل الآخرين المتورطين في المخطط.
في 2018، أجرى محامو بنك خلق عدة محادثات مع مكتب برمان حول ما إذا كان يمكن التوصل إلى "تسوية عالمية". لكن لم يتوصل الطرفان لاتفاق. قال المدعون إنهم مستعدون للسماح بعد توجيه الاتهامات للبنك إذا وافق على دفع غرامة كبيرة وإصلاح عملياته وتقديم سلسلة من الاعترافات بشأن سلوكه. لكن محامي البنك جادلوا بأن بنك خلق ومسؤوليه التنفيذيين لم يرتكبوا أي خطأ، وأن ضراب خدعهم، وأن شهادته غير صحيحة. قالوا إن البنك لن يقوم يقدم الاعترافات المطلوبة. بحلول ذلك الوقت، كانت هناك مؤشرات على أن حجج تركيا كانت مسموعة في واشنطن.
في وزارة الخزانة، اعتبر منوتشن الانتهاكات التي اتهم بنك خلق بارتكابها خطيرة - وكان يعتقد أن الحكومة الأمريكية كانت محقة في مطالبة البنك بالاعتراف بارتكاب مخالفات، وفقاً لمسؤول في البيت الأبيض شارك في المفاوضات.
لكن منوتشن أثار مخاوف بشأن حجم الغرامة التي يمكن فرضها على بنك خلق. في العام نفسه، وافق العملاق المصرفي الفرنسي سوسيتيه جنرال على دفع أكثر من ملياري دولار للسلطات الأمريكية لتسوية تهم انتهاك العقوبات الأمريكية ضد كوبا ورشوة المسؤولين في ليبيا، واتهامات أخرى.
وقال أعضاء جماعة الضغط ومحامو البنك إن فرض غرامة بهذا الحجم من شأنه أن يهدد مستقبل بنك خلق، كما فعل كبار المسؤولين الأتراك في محادثاتهم مع أعضاء إدارة ترمپ. كما ناشد براءة البيرق، صهر أردوغان، السيد منوتشن بطريقة مباشرة.
في عام 2018، تواصل منوتشين بشأن حجم الغرامة المحتملة على جف سشنز، المدعي العام الأمريكي في ذلك الوقت. ثم سأل مسؤولو وزارة العدل مدعي المقاطعة الجنوبية عما إذا كان حجم الغرامة التي طلبوها قابلاً للتفاوض، على حد قول أحد المحامين المشاركين في تلك الجهود. كان الرد بالإيجاب: كان المبلغ أقل أهمية من ضمان الاعتراف بارتكاب مخالفة.
في اليوم الثاني من رحلته إلى بوينس آيرس في أواخر 2018 لحضور الاجتماع السنوي لمجموعة العشرين، التقى الرئيس ترمپ بأردوغان لإجراء محادثات تهدف إلى التركيز على قضايا مثل التوترات المستمرة بشأن عمليات داعش في سوريا. لكن المحادثة سرعان ما خرجت عن مسارها. في هذا اللقاء أوضح أردوغان أنه محبط من استمرار المضايقات من قبل مدعي عموم المقاطعة الجنوبية بشأن بنك خلق، وأنه يريد من ترمپ التدخل للمساعدة في إنهاء التحقيق.
قام أردوغان بتسليم ترمپ نسخة من مذكرة كتبها محامو بنك خلق يشرحون فيها سبب اعتقاد تركيا أن وزارة العدل أساءت فهم قانون العقوبات الأمريكي. وجادل بأن تعاملات بنك خلق مع إيران لم تكن غير قانونية، لأنها كانت تعتمد إلى حد كبير على تجارة الذهب والمواد الغذائية التي لم تكن بالدولار ولم تشارك فيها البنوك الأمريكية، وسرعان ما طوى ترمپ المذكرة. قال ترمپ: "حسناً، يبدو الأمر مقنعاً بالنسبة لي"، ووفقاً لبولتون، والذي حكى أيضاً عن الاجتماع في كتابه الأخير.
وفقاً لرواية بولتون، أخبر ترمپ أيضاً أردوغان أنه يريد استبدال المدعين العامين في مكتب برمان في منهاتن، والذين اعتبرهم ترمپ من بقايا عهد أوباما. بعد أسبوعين، في منتصف ديسمبر 2018، تحدث ترمپ وأردوغان هاتفياً. بدأ الرئيس بالتأكيد لأردوغان أن الحكومة وبنك خلق على وشك التوصل لتسوية، وأعرب أردوغان عن تقديره.
في تركيا في هذا الوقت تقريباً، أخبر أردوغان الصحفيين أن ترمپ، في محادثة سابقة حول بنك خلق، أكد له أنه "سيوجه الوزراء المعنيين على الفور" للاهتمام بهذه المسألة. أعرب بولتون، عندما استمع إلى هذه المحادثات، كان أن تركيا وبنك خلق الآن "لديهما قناة مباشرة في المكتب البيضاوي - لن يتفاوضوا بحسن نية" مع المدعين العامين.
طلب ترمپ من بولتون التحدث مع ويتاكر، القائم بأعمال النائب العام في ذلك الوقت، حول القضية - وهي خطوة قال بولتون أنه لم يتخذها، على الرغم من أنه أضاف أنه لا يعرف ما إذا كان شخص آخر من البيت الأبيض قد فعل ذلك.
في 14 ديسمبر، يوم المحادثة الهاتفية بين ترمپ وأردوغان، أخطرت وزارة العدل المقاطعة الجنوبية بأن منوتشين ووزير الخارجية مايك پومپيو ومكتب المدعي العام سيتدخلون بشكل أكبر في قضية بنك خلق، بحسب مسئولين بوزارة العدل. قال محاميان إن المدعين العامين في منهاتن قد صاغوا للتو مذكرة لويتاكر ورود روزنشتاين، نائب المدعي العام، توضح بالتفصيل لماذا يجب أن تمنحهم وزارة العدل سلطة توجيه تهم جنائية ضد البنك. وقال محامون مطلعون على التحقيق إن روزنشتاين كان مقتنعاً بأن الأدلة مقنعة، وربما أكثر من ذلك في قضايا التهرب من العقوبات الأخرى التي اتهمت فيها الولايات المتحدة البنوك. كما أشارت المذكرة الصادرة عن المدعين العامين إلى أن المعاملات التي اتُهم بنك خلق بارتكابها كانت تساعد في دعم الاقتصاد الإيراني، وهو ما يتعارض مع هدف السياسة الخارجية لترمپ المتمثل في تشديد الضغط الاقتصادي على إيران.
حث روزنشتاين برمان على القدوم إلى واشنطن لتقديم حجة المقاطعة الجنوبية لويتاكر. لم يكن الهدف توجيه اتهامات ضد البنك على الفور. بدلاً من ذلك، كانت الخطة تهدف إلى منح المقاطعة الجنوبية مزيداً من النفوذ للضغط على بنك خلق لقبول اتفاق مقاضاة مؤجل يتضمن الاعتراف بارتكاب مخالفات. لكن ويتاكر، الذي رفض طلبات التعليق، كان لديه تحفظ قديم على المقاطعة الجنوبية، والتي تسمى المنطقة السيادية للطريقة التي تحمي بها استقلالها عن واشنطن. في كتاب نُشر في 2020، كتب ويتاكر أن المقاطعة الجنوبية "تحلم دائماً بطرق جديدة لتعذيب الرئيس ترمپ طوال فترة ولايتي في وزارة العدل".
وصل برمان إلى مقر وزارة العدل وأبلغ مكتب روزنشتاين. ولكن قبل وقت قصير من بدء الاجتماع، تم استدعاء روزنشتاين إلى مكتب ويتاكر دون دعوة بيرمان. وقال ويتاكر لروزنشتاين إنه لا يريد للقضية أن تمضي قدماً، وأنه يريد إغلاقها، وفقاً للمحامين المشاركين في التحقيق. وأشار ويتاكر إلى القلق من أن تؤدي التهم الموجهة إلى البنك إلى تهديد القوات الأمريكية في سوريا، وهو اقتراح قال آخرون في الوزارة إنهم وجدوا صعوبة في فهمه.
قرر مسؤولو وزارة العدل تجاهل مرسوم ويتاكر، وخلصوا إلى أنه من المرجح أن يستمر ويتاكر في الوزارة، لأنه كان يعمل على أساس نيابي. ولم يروا في استرضاء أردوغان مبرراً كافياً لإغلاق التحقيق. تم التصدي على تعيين بار كمدعي عام جديد في منتصف فبراير 2019، بعد بضعة أشهر من دفع ويتاكر لإنهاء القضية. تم تشجيع المدعين العامين في منهاتن على أنهم قد يحصلون الآن على سلطة الاتهام التي يريدونها. لكن أردوغان وكبار مستشاريه استمروا في الضغط على ترمپ وأعضاء حكومته، بمن فيهم منوتشين والآن بار.
جاءت إحدى المناشدات من محمد علي يالجينداغ، صديق عائلة ترمپ الذي شارك عن كثب في تطوير أبراج ترمپ في تركيا والذي يترأس حالياً مجموعة تجارية أمريكية تركية. في رحلة قام بها إلى واشنطن في أبريل، ضغط يالجينداغ على مسؤولي الإدارة بشأن البنك.
واستمرت المناقشات بين بنك خلق والمقاطعة الجنوبية، بحسب المحامين المشاركين في القضية. لكن البنك أصر على رفضه الاعتراف بارتكاب مخالفات وأصر على صفقة من شأنها إنهاء التحقيقات وإسقاط التهم الحالية. في بعض الأحيان، كان لدى المدعين انطباع بأن مسؤولي البنك كانوا يشعرو أن لديهم اليد العليا بسبب العلاقة بين ترمپ وأردوغان.
في منتصف يونيو 2019، عندما التقى برمان وبار في واشنطن، دفع المدعي العام بيرمان للموافقة على السماح لوزارة العدل بإسقاط التهم الموجهة ضد المتهمين وإنهاء التحقيقات مع المتآمرين الآخرين المشتبه بهم. ومن بين المتهمين الذين ما زالت تهمهم معلقة المدير العام السابق لبنك خلق، سليمان أصلان، ووزير الاقتصاد التركي السابق محمد ظافر كاجلايان. جادل السيد برمان بأن اقتراح أن توفر وزارة العدل للمسؤولين الأتراك الحماية من التهم الجنائية، حتى دون موافقتهم على المساعدة في التحقيق، أمر غير مقبول وغير أخلاقي، وفقاً لمحامين قريبين من التحقيق. تنص سياسة وزارة العدل على وجه التحديد على أن السلوك الإجرامي للأفراد لا يتم حله عندما تعترف الشركة بارتكاب خطأ. قال السيد برمان لبار: "ليست هذه هي الطريقة التي نؤدي بها الأمور في المقاطعة الجنوبية"، مضيفاً أنه لن يوافق على مثل هذه الخطوة وأن مكتبه لن يكون جزءاً منها. سعى بار إلى إقناع بيرمان بأن ما يسمى بالتسوية العالمية من شأنه أن يفرض قانون العقوبات الأمريكي ويتجنب حدوث خلاف مع حليف في جزء مضطرب من العالم.
قال أيكان إردمير، وهو عضو سابق في البرلمان التركي ومنتقد لسياسات أردوغان، والذي لم يكن جزءاً من المفاوضات، إن مثل هذا الاقتراح من قبل بار سيكون بمثابة هدية لأردوغان وسيكون حاسماً لمكانته السياسية في تركيا من خلال إلغاء التهم الجنائية المحتملة ضد المقربين منه. قال السيد إردمير: "هذه هي أكبر جائزة يمكن أن يحصل عليها أردوغان على الإطلاق". أردوغان لم يكن يحاول إنقاذ البنك. كان يحاول إنقاذ وزرائه وإنقاذ نفسه".
وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود. كان لدى بار سلطة إيقاف أي تهم جنائية جديدة. ولكن لرفض أي قضايا قائمة، سيحتاج المدعون الفدراليون في منهاتن إلى الحصول على موافقة قضائية. تولى محامون في قسم الأمن القومي بوزارة العدل المفاوضات، لكنهم انتهى بهم الأمر بالإحباط، حسبما أفاد أشخاص مطلعون. في كتابه الأخير، قال بولتون إنه حذر السيد بار في أبريل 2019 من ميل ترمپ إلى "تقديم خدمات شخصية للطغاة".
في مقابلة مع صحيفة التايمز، قال بولتون إنه لا يعرف تفاصيل تدخل بار في مفاوضات بنك خلق. لكنه قال إنه منزعج من فحوى التفاعل بين ترمپ وأردوغان فيما يتعلق ببنك خلق. قال بولتون: "كان الأمر شديد الخصوصية، وشخصياً للغاية بالنسبة لترمپ في السعي وراء العلاقات الشخصية، لدرجة أنه أمراً كان خطيراً للغاية، ويبدو أنه يعيق سير العدالة".
وأصبحت الأمور أكثر وضوحاً في أكتوبر 2019، عندما أرسل أردوغان قواته إلى سوريا. الرئيس ترمپ، الذي أعطى أردوغان في البداية الضوء الأخضر للقيام بذلك، واجه بعد ذلك رد فعل عنيف من الحزبين، مما دفعه في غضون أيام إلى اتخاذ موقف أكثر صرامة مع تركيا، مهددًا بالعقوبات الاقتصادية. كتب ترمپ إلى أردوغان في 9 أكتوبر 2019، "لا تريد أن تكون مسؤولاً عن ذبح آلاف الأشخاص، ولا أريد أن أكون مسؤولاً عن تدمير الاقتصاد التركي - وسأفعل" دون الخوض في التفاصيل.
في 15 أكتوبر، منحت وزارة العدل المدعين العامين في منهاتن الموافقة على توجيه اتهامات ضد بنك خلق، وهي صفعة مباشرة لأردوغان. سارع المدعون العامون لتقديم أدلة أمام هيئة محلفين كبرى وحصلوا على لائحة اتهام من ستة تهم في نفس اليوم بتهمة غسيل الأموال والاحتيال المصرفي والتآمر لخرق العقوبات الإيرانية. حتى الآن، لم يتم توجيه أي تهم إلى أفراد آخرين. عندما تم الإعلان عن التهم الموجهة إلى البنك، حسب بيان أدلى بيه برمان، فإن: "سلوك البنك الجريء كان مدعوماً ومحمياً من قبل مسؤولين حكوميين أتراك رفيعي المستوى، بعضهم تلقى ملايين الدولارات في شكل رشاوى للترويج للمخطط وحمايته". في يونيو 2020، بعد ثمانية أشهر من إعادة لائحة الاتهام، أقال ترمپ برمان. استشهد مسؤولو وزارة العدل بتعامله مع قضية بنك خلق، بما في ذلك منعه للتسوية العالمية المقترحة، كسبب رئيسي لإقالته.
المصادر
- ^ "Turkish Bank Case Showed Erdogan's Influence With Trump". نيويورك تايمز. 2020-10-29. Retrieved 2020-10-29.