أبو بكر الباقلاني
أبو بكر محمد بن الطيب بن محمد الباقلاّني (و.949 _ ت.1012) البصري ثم البغدادي. الإمام العلاّمة في علم الكلام والفقه وأصوله.
وُلد في البصرة، وانتقل مبكراً إلى بغداد، وحصّل أنواعاً من العلوم، كالحديث، والفقه، وعلم أصول الدين المعروف بعلم الكلام، وأحاط خبراً بالأديان ومذاهب الفرق الإسلامية، وأدلّة أهل الملل والفرق، وتولى منصب القضاء بالبصرة.
برع في أصول الدين والعقائد على طريقة أبي الحسن الأشعري، حتى بلغ في ذلك منزلة الأشعري نفسه، وعدّوه نظيره، لكنه لم يقلده في كل شيء بل أعمل نظره في كل ما كتبه، فخالفه في مسائل دقيقة، وكان في مسألة خلق القرآن أقرب إلى مذهب الإمام أحمد، وقد انتهت إليه رئاسة الأشاعرة في زمنه.
نهج أبو بكر الباقلاني منهج أهل السنة والجماعة في إقامة الحجج والأدلة لمذهبه حتى لقب «سيف السنة» و«لسان الأمة»، وامتاز بأنه كان المتكلم على لسان أهل الحديث، فكانت له في جامع المنصور حلقة عظيمة يقرر فيها كل علومه.
أرسل إليه عضد الدولة وإلى أحد الشيوخ بالبصرة ليعرف أدلّة أهل السنة والجماعة على غيرهم، وهو شاب، فتوجه إليه أبو بكر الباقلاني، وأفادت رحلته هذه إلى شيراز في إظهار نبوغه، وغلبته على مخالفيه وفلجه بالحجة، فقرّبه عضد الدولة، وصحبه معه إلى بغداد لما دخلها، ودفع إليه ابنه صمصام الدولة، ليعلمه مذهب أهل السنة.
اختار عضد الدولة، وقيل الخليفة، الطايع لله (363ـ381هـ) الإمام الباقلاني رسولاً إلى ملك الروم الأعظم باسيل الثاني (366هـ) ليظهر به رفعة الإسلام، وكان لملك الروم رسوم في الدخول عليه أباها الباقلاني، فاحتال ملك الروم ليدخل عليه الباقلاني راكعاً كما يدخل رجال دولة الروم وغيرهم، فأمر أن يدخل عليه من باب صغير يضطر معه إلى الانحناء، ففطن القاضي الباقلاني لهذه الحيلة ودخل بظهره، فلما صار بحضرة الملك استدار إليه، فعجب ملك الروم من فطنته، ووقعت له الهيبة في قلبه، وجرت له في القسطنطينية مناظرات مع رجال الدين الروم.[1]
وبعد وفاة عضد الدولة تولى ابنه صمصام الدولة السلطة، وعرف للباقلاني قدره، فزادت قدم الباقلاني رسوخاً ورفعةً حتى وفاة صمصام الدولة سنة 376هـ .
وكان الإمام الباقلاني أفصح الناس لساناً، وأوضحهم بياناً، وأقواهم حجة وإفحاماً، كثير التعبد، مكباً على الدرس والتحصيل والتأليف، رحل إليه العلماء من أقاصي البلاد ومن الأندلس، لإمامته، فهو الإمامُ العلامة، أوحد المتكلمين في عصره، مُقَدَّم الأصوليين، وكان يُضرب به المَثَل بفهمه وذكائه، ويوم وفاته أمر شيخ الحنابلة أبو الفضل التميمي منادياً يقول بين يدي جنازته: «هذا ناصر السنة والدين، والذابُّ عن الشريعة، هذا الذي صنف سبعين ألف ورقة»، وقد عُد مجدّد المئة الرابعة الهجرية.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مصنفاته
كان أبو بكر الباقلاني كثير التحصيل، غزير التأليف، حسبت تآليفه وإملاءاته على أيام عمره كلها فوقع لكل يوم عشرون ورقة أو نحوها، ويبلغ عدد المؤلفات التي عُرِفت له ثلاثة وخمسين مؤلفاً في الفقه وأصوله، وعلم الكلام، ومن هذه الكتب:
«التمهيد في الرد على الملحدة والمعطّلة والخوارج والمعتزلة» يدل على ذهنية متفتحة واطلاع واسع، ألفه لصمصام الدولة، وهو مطبوع.
«شرح كتاب اللمع» لأبي الحسن الأشعري، وقد قرأت عليه جماعة من الأئمة. وهو مخطوط في المتحف البريطاني. و«الانتصار لنقل القرآن»، وهو بيان لتواتر القرآن وقطعيّته، طبع باختصار الإمام الصيرفي. و«إعجاز القرآن» وهو أشهر كتبه، طار صيته به، وخلد ذكره بسببه. أظهر فيه إعجاز القرآن في بيانه، وعقد موازنات بين أسلوب القرآن وأسلوب أفصح فصحاء العرب، كأشعار المعلقات، وظهر منها تضاؤل فصاحتهم وبلاغتهم أمام فصاحة القرآن وبيانه.
في سبتمبر 2012 أعلن الأزهر عن اكتشاف مخطوط نادر في مصر ينسب إلى الإمام الباقلاني، مؤكدا أن هذا المخطوط يعد من أقدم النصوص الأصولية في مكتبات العالم.
وحسب مصدر بالأزهر فقد عثر الباحث د. أبو بكر عبد الله سعداوي على المخطوط الذي كان مجهول العنوان والمؤلف في قسم رواق الشوام بمكتبة الأزهر. وبعد أن تصفح الباحث المخطوط شك في أنه ربما ينسب إلى الإمام محمد أبي بكر بن الطيب الباقلاني أو الإمام محمد بن خويز المالكي المتوفي سنة 390 هجرية (999م).[2]
المصادر
- ^ الباقلاني، أبو بكر، الموسوعة العربية
- ^ "اكتشاف مخطوطة نادرة للباقلاني بمصر". الجزيرة نت. 2012-09-24. Retrieved 2012-09-25.