أبو الفرج معافا بن زكريا النهرواني
المعافى بن زكريا هو أبو الفرج المعافى بن زكريا بن يحيى الجريرى النهرواني ويقال له (ابن طرار)، (303 هـ - 390 هـ / 916 - 1000 م)، قاض، من الادباء الفقهاء، له شعر حسن. ولد وتوفي في النهروان بالعراق، ولي بالنيابة القضاء في بغداد.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حياته وعلمه
قيل له الجريرى لأنه كان على مذهب ابن جرير الطبري. له تصانيف ممتعة في الأدب وغيره، منها (تفسير) في ستة مجلدات، لعله (البيان الموجز عن علوم القرآن المعجز) و (الجليس والأنيس - خ) وللأستاذ محمد محمد مرسى الخولى بالقاهرة (رسالة دكتوراه) في صاحب الترجمة وكتابه (الجليس والأنيس) وعمله في تحقيقه.[1][2]
قال عنه الخطيب البغدادي[3]: "كان من أعلم الناس في وقته بالفقه والنحو واللغة وأصناف الأدب"، ونقل عن أبي محمد الباقي قوله: "إذا حضر القاضي بثلث ماله أن يدفع إلى أعلم الناس لوجب أن يدفع إلى المعافى بن زكريا".
قصر المعافى حياته على العلم والأدب، فلم يرغب في منصب ولم تستبد به محبة الجاه والسلطان، بل ربما كان يدفع المراتب عن نفسه عملاً بحديث رسول الله، وما أكثر ما حذر من السعي إلى أمارة وأنذر الساعي بسوء العاقبة ووبال المصير[4]، وربما من أجل ذلك أحبه معاصروه، وصدقوا في وصفه بما هو أهله، قال الخطيب البغدادي: "سألت البرقاني عن المعافى فقال: كان أعلم الناس"[3]. وهذه العبارة يقولها البرقاني تدلنا على المكانة الكبيرة التي كان يحتلها المعافى في نفوس تلامذته ومعاصريه.
وتحدثنا أخباره أنه ولي القضاء بباب الطاق في الجانب الشرقي من بغداد نيابة عن القاضي ابن صير، ولا ندري متى كان ذلك ولاشك أن مدة توليه هذا المنصب لم تطل، وظل شغله الشاغل في حياته التفسير والحديث والأدب وكل ما يمت إلى اللغة والدين بصلة، فلم يصب حظاً من الدنيا لأنه ما كان يهتم بأن يصيب. قال الذهبي[5]: "وقيل: كان قليل الشيء متعففاً". وأظن أن قارئ الجليس والأنيس يحس بما كان يتمتع به صاحبه في ثروة علمية وخلقية عالية تعبر عنها تلك التعليقات الكثيرة المتناثرة عقب الأخبار.
كان المعافى أحد اثنين في القرن الرابع، فهو صنو أبي حيان التوحيدي معاصره، يذكرنا به في روعة الأسلوب وإشراق البيان وفصاحة المنطق، وقد نسرع إلى تفضيله على أبي حيان إذا كنا نميل إلى الأدب واللغة والفقه ولا نحب أن نضيع في متاهات التصوف والفلسفة.
ويخيل إلي أن نوعاً من التعاطف كان يربط بين الرجلين، ربما كان ذلك بسبب القاسم المشترك الذي ألف بينهما ألا وهو الفقر، حدثنا ياقوت قال [6]: "قال أبو حيان التوحيدي: رأيته –أي المعافى- في جامع الرصافة وقد نام مستدير الشمس في يوم شات وبه من أثر الفقر والبؤس والضر أمر عظيم، مع غزارة علمه، واتساع أدبه، وفضله المشهور ومعرفته بأصناف العلوم ولا سيما علم الأثر والأخبار وسير العرب وأيامها، فقلت له: مهلاً أيها الشيخ وصبراً فإنك بعين من الله ومرأى منه ومسمع"، هذه العبارات التي نقلها ياقوت، وأعادها الذهبي[7] بإيجاز، توحي لنا بشيء من الود كان يربط الأديبين الكبيرين، كما أنها تلقي ظلالاً شاحبة من البؤس على حياة المعافى.
وكأن حظه من الدنيا لم يكن أحسن من حظ أبي حيان، ولكنه لم ير شاكياً، ولا برماً ساخطاً، كان ذا نفس كريمة وروح راضية، إذا غضب لا يغضب لنفسه ولكنه يغضب لواقع يريد إصلاحه وأمور يراها معوجة فيسعى إلى تقويمها[8]، ومن هنا يختلف طريقه عن طريق أبي حيان ذاك الذي أحس بمرارة الواقع، ونظر إلى مفاسد عصره فلم يأخذها ككل ولكنه صب سياط غضبه على أفراد استثاروا غضبه، وحركوا نيران نقمته.
وحكى أبو الفرج معافا بن زكريا النهرواني في كتاب الجليس والأنيس عن محمد السعدي قال وجه إلى القاضي يحي بن أكثم قاضي المأمون رحمهما الله فصرت إليه فإذا عن يمينه قمطرة مجلدة فجلست فقال افتح هذه القمطرة ففتحها فإذا بشيء قد خرج منها رأسه رأس إنسان وهو من أسفله إلى سرته زاغ في صدره سلعتان فكبرت وهللت وفزعت ويحي يضحك فقال بلسان فصيح زلق
أنا الزاغ أبو عجوه | أنا ابن الليث واللبوة |
أحب الراح والريحا | ن والنشوة والقهوة |
فلا غدري بدا يخشى | ولا يحذر لي سطوة |
ولي أشياء تستظرف | يوم العرس والدعوة |
فمنها سلعة في الظه | ر لا تسترها الفروه |
وأما السلعة الأخرى | فلو كان لها عروه |
فلو كان لها عروه | س فيها أنها ركوة |
ثم قال يا كهل أنشدني شعرا غزلا فقال يحيى قد أنشدك فأنشده فأنشدته:
أغرك أن أذنبت ثم تتابعت | ذنوب فلم أهجرك ثم ذنوب |
وأكثرت حتى قلت ليس بصارمي | وقد يصرم الإنسان وهو حبيب |
فصاح زاغ زاغ ثم طار وسقط في القمطر فقلت ليحي أعز الله القاضي وعاشق أيضا فقلت أيها القاضي ما هذا قال هو ما ترى وجه به صاحب اليمن إلى أمير المؤمنين وما رآه بعد وكتب كتابا لم أفضضه وأظنه ذكر فيه شأنه وحاله [9].
وفاته
امتدت حياة المعافى على القسم الأكبر من القرن الرابع فقد ولد سنة 305 على أصح الروايات التي نقلت عنه وتوفي بإجماع المراجع في النهروان سنة 390هـ.
كتبه
- ذكرت المصادر أنه ألف كثيراً من الكتب، وذكر له كل من ابن النديم والذهبي تفسيراً في ستة مجلدات[10]
- الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي[11] وهو الوحيد الذي وصلنا من كتبه.
مراجع
- ^ المكتبة الشاملة - المعافى بن زكريا Archived 2017-07-14 at the Wayback Machine
- ^ الأعلام للزركلي
- ^ أ ب انظر تاريخ بغداد 13/230.
- ^ انظر المجلس الخمسين من كتابه "الصالح" ورقة 14 ب
- ^ انظر تذكرة الحفاظ 3/204.
- ^ انظر معجم الأدباء 19/151.
- ^ انظر سير الأعلام النبلاء 10/567.
- ^ انظر الجليس والأنيس المجلس 5 ورقة 14 ب.
- ^ ابن العماد. شذرات الذهب في أخبار من ذهب.
- ^ انظر الفهرست 236 وتذكرة الحفّاظ 3/151.
- ^ المكتبة الشاملة - الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي Archived 2017-07-14 at the Wayback Machine
معظم المعلومات مستقاة من موضوع نشر على هذا الرابط