أبان بن سعيد
أبان بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي الأموي.
وأمه: هند بنت المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وقيل: صفية بنت المغيرة عمة خالد بن الوليد بن المغيرة.
يجتمع هو ورسول الله صلى الله عليه وسلم في عبد مناف، أسلم بعد أخويه خالد وعمر وقال لما أسلما: "الطويل"
ألا ليت ميتاً بالظـريبة شـاهـد ** لما يفتري في الدين عمرو وخالد
أطاعا معاً أمر النساء فأصبـحـا ** يعينان من أعدائنا مـن يكـابـد
فأجابه عمرو: "الطويل"
أخي ما أخي لا شاتم أنا عرضـه ** ولا هو عن بعض المقالة مقصر
يقول: إذا اشتدت علـيه أمـوره ** ألا ليت ميتاً بالظـريبة ينـشـر
فدع عنك ميتاً قد مضى لسبـيلـه ** وأقبل على الحي الذي هو أقفر
يعني بالميت على الظريبة: أباه أبا أحيحة سعيد بن العاص بن أمية، دفن به وهو جبل يشرف على الطائف.
قال أبو عمر بن عبد البر: أسلم أبان بين الحديبية وخيبر، وكانت الحديبية في ذي القعدة من سنة ست، وكانت غزوة خيبر في المحرم سنة سبع. وقال أبو نعيم: أسلم قبل خيبر وشهدها، وهو الصحيح؛ لأنه قد ثبت عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبان بن سعيد بن العاص في سرية من المدينة، فقدم أبان وأصحابه على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد فتح خيبر، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بها.
وقال ابن منده: تقدم إسلام أخيه عمرو؛ يعني أخا أبان. قال: وخرجا جميعاً إلى أرض الحبشة مهاجرين، وأبان بن سعيد تأخر إسلامه، هذا كلام ابن منده، وهو متناقض، وهو وهم؛ فإن مهاجرة الحبشة هم السابقون إلى الإسلام، ولم يهاجر أبان إلى الحبشة، وكان أبان شديداً على رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين.
وكان سبب إسلامه أنه خرج تاجراً إلى الشام، فلقي راهباً فسأله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: إني رجل من قريش، وإن رجلاً منا خرج فينا يزعم أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسله مثل ما أرسل موسى وعيسى، فقال ما اسم صاحبكم؟ قال: محمد، قال الراهب: إني أصفه لك، فذكر صفة النبي صلى الله عليه وسلم وسنه ونسبه، فقال أبان: هو كذلك، فقال الراهب: والله، ليظهرن على العرب، ثم ليظهرن على الأرض، وقال لأبان: اقرأ على الرجل الصالح السلام، فلما عاد إلى مكة سأل عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يقل عنه وعن أصحابه كما كان يقول، وكان ذلك قبيل الحديبية.
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سار إلى الحديبية، فلما عاد عنها تبعه أبان فأسلم وحسن إسلامه.
وقيل إنه هو الذي أجار عثمان لما أرسله النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية إلى مكة وحمله على فرسه، وقال: "اسلك من مكة حيث شئت آمناً".
أخبرنا أبو أحمد بن أبي داود، أخبرنا سعيد بن منصور، أخبرنا إسماعيل بن عياش، عن محمد بن الوليد الزبيدي، عن الزهري أن عبد الله بن سعيد بن العاص أخبره أنه سمع أبا هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبان بن سعيد بن العاص على سرية من المدينة قبل نجد، فقدم أبان وأصحابه على رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر بعد أن فتحها، وإن حزم خيلهم ليف فقال أبان اقسم لنا يا رسول الله؛ قال أبو هريرة: فقلت: لا تقسم لهم يا رسول الله. فقال أبان: وأنت بها يا وبر تحدر من رأس ضال، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اجلس يا أبان" ولم يقسم لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
واستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على البحرين لما عزل عنها العلاء بن الحضرمي، فلم يزل عليها إلى أن توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع إلى المدينة، فأراد أبو بكر أن يرده إليها فقال: "لا أعمل لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل: بل عمل لأبي بكر على بعض اليمن، والله أعلم.
وكان أبوه يكنى أبا أحيحة بولد له اسمه أحيحة، قتل يوم الفجار، والعاصي قتل ببدر كافراً؛ قتله علي وعبيدة قتل ببدر أيضاً كافراً، قتله الزبير، وأسلم خمسة بنين وصحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عقب لواحد منهم إلا العاصي بن سعيد فجاء العقب منه حسب. ومن ولده سعيد بن العاصي بن سعيد بن العاصي بن أمية استعمله معاوية على المدينة، وسيرد ذكره، إن شاء الله تعالى، وهو والد عمرو الأشدق، الذي قتله عبد الملك بن مروان.
وكان أبان أحد من تخلف عن بيعة أبي بكر لينظر ما يصنع بنو هاشم، فلما بايعوه بايع. وقد اختلف في وقت وفاته، فقال ابن إسحاق: قتل أبان وعمرو ابنا سعيد يوم اليرموك، ولم يتابع عليه، وكانت اليرموك بالشام لخمس مضين من رجب سنة خمس عشرة في خلافة عمر.
وقال موسى بن عقبة: قتل أبان يوم أجنادين، وهو قول مصعب والزبير، وأكثر أهل النسب وقيل: إنه قتل يوم مرج الصفر عند دمشق. وكانت وقعة أجنادين في جمادى الأولى سنة اثنتي عشرة في خلافة أبي بكر قبل وفاته بقليل، وكان يوم مرج الصفر سنة أربع عشرة في صدر خلافة عمر، وقيل كانت الصفر ثم اليرموك ثم أجنادين، وسبب هذا الاختلاف قرب هذه الأيام بعضها من بعض.
وقال الزهري: إن أبان بن سعيد بن العاصي أملى مصحف عثمان على زيد بن ثابت بأمر عثمان، ويؤيد هذا قول من زعم أنه توفي سنة تسع وعشرين، روي عنه أنه خطب فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وضع كل دم في الجاهلية.
أخرجه ثلاثتهم.
الظريبة بضم الظاء المعجمة، وفتح الراء، قاله الحموي ياقوت. وقد رأيته في بعض الكتب: الصريمة: بضم الصادر المهملة، وفتح الراء، وآخره ميم.